القلبُ يريد إسقاط الحب

175 11 1
                                    

أنا لم أكن أشعرُ بقيمةِ الرحيل إلا عندما قرعَ أبوابَ من أحببت،
هنا أدركتُ أنّ الانطواءَ موتٌ حقيقيٌ متفقٌ عليه،
وهنا عشتُ الوجعَ بتفاصيله.

بعضُ أنواعِ الرحيل لا تعادله مرارة،
وأصعب أنواعُ الرحيلِ هوَ رحيلُ الأحبة

حينَ جلستُ أتاملُ وأفكر،
وسافرتُ بأفكاري إلى مدينةِ الشتات
إلى ذكرياتٍ طُويَت، وإلى أيامٍ هُدمَت، وأحلامٍ تلاشت
وإلى حياةٍ مضَتْ، أدركتُ حينها أنّ القلبَ يأبى النسيان.

رغمَ محاولاتي الكثيرةِ في النسيان،
إلا أنّ النسيانَ يأبى أنْ يأتي
رغم محاولاتي الكثيرةِ
في إسقاطِ الحبّ من القلب،
إلا أنهُ يأبى أنْ يَسقط

رغمَ أني انتشلتكِ من تُربة القلبِ
إلا أنكِ تَنْمِينَ من جديدٍ :
كأظافري، وجلدي وشعري
كأجزائي كلها ..!

لن أُنكر ...
أنكِ كالدمّ في عروقي،
رغم الشوق والحزن القاتل،
وأنكِ منقوشةٌ بالفؤادِ كوشمٍ في يدِ غجرية !

وأن استدارةَ وجهكِ الخمريّ
قمرٌ أختلي به،
وأن السّفرَ في عينيكِ
لا يعرف محطاتِ الوصول،
وأن الغرقَ في شواطئ حبكِ
هو الخلودُ والموتُ الجميل،
وأن تضاريس جسدكِ
هي الملاذ والوطن،

ولن أنكر ...
أنّ صورتكِ مُعلقةٌ على رمشِ العين،
وأنّ غيابكِ، يشعل بداخلي الحنين،
وأنّ مَن ينتظركِ داخلي ليس شوقاً، بل شوقين

ولكنْ ما فائدة أن أتمنى شيئاً، وهو على ساحات الموت ..!
فالهروب منكِ مستحيل، ورجوعكِ إلي أملٌ مقتول،
فكيفَ الرحيلُ، وكل الطرق تؤدي إليكِ ..؟
وكيف الهروب، وأنا إهربُ منكِ إليكِ ..؟؟

أصبحتِ كالظلّ في كلّ الطرقات
وزدتِ قلبي ألماً وحسرات،
ولم تتركي لي سوى الذكريات،
وبقايا عطركِ وصوتكِ والآهات

والآنَ، لا وقت للآن ..
ولأنّ الربيع قادمٌ، سأجزّكِ مراراً وتكراراً داخلي
حتى لا تنمين بشرايين القلب،
رغم أني أعلمُ صعوبة الأمر،

ولكنّ الأحزانَ لم تترك بداخلي مكاناً إلا استوطنته،
وسكنته، واستعمرته، وتسلّطت عليه

وسأخلعكِ كالضرس،
وأنتشلُ ذكرياتكِ،
وأرميها تحت أقدامي وأدفنها ..!

« ليس كلّ وقوعٍ له صوت،
البعضُ يسقط من عينك،
والآخر من قلبك » ..!

ما معنى أن تكون وحيداً؟ حيث تعيش القصص. اكتشف الآن