(١)

44 9 0
                                    

في تلك الأَيام، أيّ في النَصف الأول من القرنِ السابع عشر وفي سنينٍ عجافٌ تأكل الأَرض ومن عليها.

كنتُ سأَروي للجميَع حكايةٍ خياليَة، تَفوقُ عَقُولنَا لكنّ ما إِن رُزقَتُ بطفلةٍ تَشهدُ للحياة بإنَها جميلة وإن جميع من فيَها أُناسٌ من ذهب.

أَخذتني حينَها في مكانٍ خالٍ من الجوعِ والحرب والحُمقِ أيضًا، مكانٍ ليس كأحلامٍ ورديَة كأحلامِ أيّ طفلةٍ عِداهَا في العقد الثانِ من دُنيَا تجهَلهُا.

في منزلٍ يشَهدُ القرنُ الثالث من البَقاء، خطَّ المُشيّدُ طرازهُ بالطراز القِطبي، بارزٌ كَكهفٍ أَسود، ثَقيلُ الرُوحِ والبُنَية، شامخٌ بجبروتٍ يهدَمُ كلّ شموخٍ يقفُ أَمامه.

مِلكٌ بلا مالك وقصّرٌ بدونِ أميَر وأنَا... وحيدٌ.

أَتذكرُ ذلك اليَوم بالتأكيَد، في سُدفة الليَل قُبيَل إِكتمالِ القمر بدقائق، يوم خطيّتُ تلَك الأَوراقُ المشؤومة، يومَ نحتتُ كلَّ جارٍ من جواريرُهَا وكلُّ خطٍ لُونَ بالدِماء.

يومُ مشؤوم كثقيلِ الرُوح الذي أَعيشُ فيه، الخطوطُ ناقصّة والأَوراق سوداءٌ قاتمة، و قلبٌ قُذفَ بعيدًا، شعرٌ مسدُلٌ، مُبعثرٌ مُضرجٌّ بالدماء، نشيجُ ماريَا فاق المكان وتعداهُ.

قِصصٌّ كان لها أنّ تُروى، حكاياتُ حبٍ وهُيَام وقُلوبٍ تختلِجُهَا أَرواحٌ ظلِهُا خفيفٌ، بأحلامٍ ورديَة وذكرى يعتليهَا النسيان، وذاكرةٌ تأبتْ أن تنسى.

برشلونَة.
١٩ شُبَاط ١٨١٧

أزميرالداWhere stories live. Discover now