المشهد الرابع

211 9 0
                                    

سجينة جدران قلبه
مشهد  ٤

يوم جديد يحمل بين طياته نضال جديد،
إنقبض قلبها تشعر بالدماء تهدر بعروقها عندما وصلت الى غرفة الطعام ورأته عند رأس الطاولة يغطي وجهه بالجريدة اليومية تدرك بأنّها تأخرت عليه وكثيراً....

أخذت نفساً عميقاً تستعد له ودخلت عليه يعلن صوت حذائها قدومها، تدرك بأنّه غاضب عندما تجاهلها مبقياً عينيه على جريدته يوليها كامل إهتمامه....

«صباح الخير» همست بهدوء تشغر المقعد عن شماله تجلس بمكانها المعتاد، تتأمّل إختياره لفطورها بإشمئزاز.....
اللعنة عليك
شتمته تحمل شوكتها حائرة من أين تبدأ، بيضتين مسلوقتين، خمس حلقات من اللحم المفروم والمتبل، نصف أفوكادو، قطعة توست أسمر، طبق يحتوي على فاكهة الموسم مقطعة، كوب من حليب اللوز.....

صمته ينهكها، تعلم جيّداً بأنّه يفكّر لها بعقاب تستحقه لتأخرها وجعله ينتظرها....

« لا أجدك تسأليني عن يزن» سألها بعد برهة، يطوي الجريدة كي يتمكن من رؤية ردّة فعلها....
حقير!
يعلم جيّداً حساسية ذلك الموضوع .
يعلم جيّداً بأنّ قلبها يحترق لكل لحظة تمر وهو بعيد عن حضنها.

قبضت على حافّة فستانها تلجم غضبها المستعر بجوفها، رفعت بصرها اليه تبتسم هامسة«أنا متأكدة بأنّه بخير، وبأنّك ستعيده لأحضاني عندما تجد أن الوقت قد حان لعودته» أخبرته تغلي أعماقها حقداً، تقبض على الشوكة بأنامل متصلّبة، تتمنى لو أنّها بقادرة على غرزها بعينيه وإنتزاع تلك النظرة المستفزّة عنهما. 

وبهدوء عادت لتناول طعامها، تشعر بالغثيان يتصاعد مع كل قضمة، إنّها تكره البيض المسلوق، واللحم المفروم المطهي بهذه الطريقة، تكره طعمه الدسم عند الفطور، تشمئز منه، وهو يعلم ذلك، ولكي تقدّم له العرض الذي يرغب به عمدت على البدء به، تتخيّل نظراته المستلذة وهو يتبع الشوكة الى فمها ومنه الى طبقها، ترغب وبشدة بأن تملأ فمها بالفاكهة بعد كل قضمة، علّ ذلك يهدئ روع معدتها التي تحذّرها من أنّها ستقذف كل ما تحتويه بأيّة لحظة........

« لقد كلّمت مدرّبتك الشخصية كي تستأنفي رياضتك الصباحية معها من الغد» أخبرها يردف بنبرة مستنكرة« أنت تفقدين الوزن، وتخسرين مرونتك، هذا الأمر لا يعجبني، على الإطلاق» هتف بإمتعاض يخصّها بنظرة قاتمة هزّت أوصالها.....
التوت شفّته يتأمّل فستانها وساقيها بنظرات مشتعلة يهمس بنبرة متنمّرة «هشاشتك تقف بوجه رغباتي يا عزيزتي، لذا أنصحك بأن تستعيدي صلابتك وسريعاً»    

بلعت طعامها كأنّها تبلع خناجر تمزّق دربها، وبأنامل مرتعشة مسحت فمها بالفوطة، تعمد على إبقاء نظرها موجّهاً الى طبقها، تتفادى مواجهته، لقد توقفت عن رياضتها الصباحية منذ ثلاث أسابيع، بعد معاقبته إيّاها بسبب محاولتها الفاشلة للهرب، لقد كان عقاباً وحشياً وطويل المدى، تسبب بترك أثار وكدمات على جسدها، كدمات ما كان يرغب لأحد بأن يرى أثرها، فأوقف تدريباتها، وبكلا الحالات هي كانت بحالة لا تسمح لها بمزاولة الرياضة، بسبب الآم وتشنّجات مبرحة منتشرة بكل أنحاء جسدها. 

مشاهد سجينة جدران قلبه لكاتبة أمل القادرىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن