الدكتور خالد المصرى

Start from the beginning
                                    

بس عيني جت علي جُملة:
"طول ما أحلامك في طوعك
كمّل وإمشي لـِ قُدام.
مش نهاية الكون وقوعك.
النهاية في الاستسلام."

في الوقت ده افتكرت لما قُلت للمُدرِس:
إني هعالج كل الناس الغلابة ببلاش، وافتكرت كمان أبويا وإنه قد إيه هيفرح لما يشوفني بعمل كدة، وبريح الناس من وجع كان تاعبُه.

فـ طفيت الورقة وخرجت ناحية المدرسة الإعدادي اللي كنت فيها وسألت علي المُدرس اللي كان بيتريق عليا، ولما عرفت إنه في حصة دخلت الفصل اللي موجود فيه من غير إستئذان ووقفت قدامه.

= أنت ليه ما سألتنيش عن السبب اللي خلاني أقولك أنا عاوز أطلع دكتور قلب!!

"فِضِل ساكت ومستغرب مِن الموقف وكلامي".

"فبصيت في عينيه بغضب"

= أبويا اللي كنت بتتريق عليه كان مريض قلب، وبرغم ده كله كان بيخرج كل يوم يشتغل ويشيل فوق طاقتُه علشان يوفرلي رغيف أقدر أعيش منه، يوفرلي فلوس أقدر أتعلم منها، كان بيعلمني إزاي أطلع راجل في وقت الرجالة فيه بقت مُجرد كلمة بتتكتب في البطاقة.
أيوة زي البطاقة اللي في جيب حضرتك دي بالضبط.

أنا موجوع، وجوايا كراهية الدنيا كلها من ناحيتك، ومن ناحية كل واحد مُتنمر بيهد في طموح وشغف غيره، كراهية لكل شخص معدوم الإنسانية كل تفكيره إن ابن الدكتور بيطلع دكتور، والمهندس لازم إبنه يكون زيه، وأي حاجة غير كدة لا.

أنا دلوقتي جايلك مكسور وقلبي موجوع ومليان نار، وبقولك إن من رَحِم الوجع والكلام السلبي بيتولد النجاح والمُعجزات.

أنا جايز ماقدرش في يوم إني أعالج القلوب بـِ الطِب زي ما أنت قولتلي، بس واثق إني هقدر أعالجها حتي لو بكلمة حلوة تطيّب بخاطرها.

في اليوم ده مشيت وسيبته وقررت إني بدل ما بتعلِم وبذاكر الطب بس، لا أنا هشتغل كمان وأصرف علي أمي اللي مابقاش حد ليها غيري..

كنت شوية ببيع مناديل، وشوية بقول عسلية سمسمية وأنا ماشي في القطر، اشتغلت في كل حاجة تقريبًا،
صحيح خسرت كتير من صحتي وطفولتي.
بس كسبت نفسي ورجولتي وفهمت كلام الراجل العجوز لما قال:
- إن الدنيا دانية وفانية، وإن الله مع الصابرين.

وفجأة وفي غمضة عين
عدِت الدنيا وسرقت مني سنين وسنيييين.
ودلوقتي قاعد في جنينة المستشفي
ويبدأ العد التنازُلي قبل ما أتِم مِن عُمري السِتين.

يااااه بقالي ١٠ سنين مسافر برا بلدي!!
وعمال افتكر في ذكريات قديمة ووشوش قديمة، تفاصيل سايبة جوا القلب علامة، بس صدق اللي قال إن الدنيا زي الدوامة.
بنفضل نلف جواها ونعافر ونفكر في بُكره، وبرضو مابنخدش غير رزقنا اللي مكتوبلنا.

ومرة واحدة شوفت كيس عصير بعيد مرمي علي الأرض روحت ناحيته ولسه بوطي علشان أشيلُه:

- لا يا دكتور ماينفعش والله، إيه اللي أنت بتعمله ده بس!!!

قصص وعبر Where stories live. Discover now