٠٩ هَوس| اصطحاب الماضي

200 21 33
                                    

_

_

Oops! This image does not follow our content guidelines. To continue publishing, please remove it or upload a different image.

_

مَضى عامٌ يا ذِكراي، عامٌ وأنتِ مَع التُّراب سواء، عامٌ وأنتِ تستمرّين في كذبتك، اصطحابُ الماضي في لسانِكِ كانَ أسوء ما فعلت، واصطحابُ الماضي الكاهلُ كانَ متعِبًا جدًّا لواهنٍ مثلي.

هل تَعلمين ما جرى بَعد فراقكِ لي وللحيّاة؟ هل تَعلمين كيفَ روحي قَد مُزَّقت وجسدي كيفَ انهار؟ أما تَزالين مصرَّة على الموت شِفاءٌ لروحك؟ إذًا ماذا عَن روحي أنا؟! أنا الَّذي أصيبَ بجلطةٍ من بعدكِ شلَّت أطرافي وأوصالي.

لَم أقف على قَدميَّ مُذ مئتين وخمسةٍ وتسعين يومًا، وهل تَعلمين ما جرى؟
هل تعلمين عَن أمرِ غيبوبتي الَّتي دامت لوقتٍ طويل، وعجزي عَن عدم حضوري لمراسيم تَشيعكِ، أتعلمين عن الجِّراح الِّتي تَسكنني الآن وأنا فقط صامتٌ، ثلاث عقودٍ وتسعةِ سنواتٍ وأنتِ فقط من أودت بحالي لهذه الدرجة، مرِرتُ بألفِ فراق، وأودعتُ ألف وادع، فمَ أنتِ؟!
الوَهنُ الَّذي شَعرتُ به أنت أم الضُّعفُ الَّذي هَدمَ شُموخي فأضحيتُ كَلا شيءٍ في هذه الدّنيا؟!

أجرُّ أطرافي على كُرسيٍّ مُتحرِّكٍ أقرأُ رسائلكِ الَّتي تركتِها، بَعد موتكِ صرتُ أتمنى الكثير ليحصل، لكن التَّمني مجرد تَمنّي، وأنتِ أمنيةٍ لا يُمكنُها العودة لي. فأتَمنّى لو كنتِ وهمًا؛ لَكانَ نسيانُكِ سهلًا، وأتمنى لو كانَ موتكِ حلمًا لكانَ الاستيقاظ هاجِسًا، وأتمنى لو كنتِ كذبة أبريل، لكانَ العفو عنكِ صعبًا، هوسي بكِ يزداد وظِلُّكِ لا يُفارقني، لكنَّكِ أنانية لا تأتين إلى أحلامي أو حتّى أن ألمحكِ بها، فطيفكِ لا يظهر إلّا بينَ صفحاتِ ذاكرتي، وصوتُكِ لا أسمعه إلّا وهو يَبكي، وابتسامتكِ لا أذكُرها إلّا عندَ موتكِ، يا لكِ مِّن قاسيةٍ يا محبوبتي، فما الحبيب مُعذِّبًا حبيبه كما فعلتِ!

شاقَ الشّوقُ في شوقي لعناقكِ، وأشتاقُ إلى ليلةٍ أنامُ فيها بأمانٍ، فتضمحلَّ الرّاحة في حوضِ عينيَّ، غدتِ مِّن غادَّةٍ لاهثةٍ إلى قبرها، عاشقةٌ بأسى لا خيرَ فيه. الهروبُ صعبٌ مِّن الواقع وهو يُلاحقنا، لو أُصيبَت أطرافُ الهروب ألف مرَّة لَن نَتمكَّن من الاختباء عنه، الواقع واقعٌ تحتَ أيِّ ظرفٍ، والهروب منه دائمًا يكون مستحيلًا، أنتِ واقعُ مصِيبتي وعلَّتي وكلُّ سقمٍ بي، حتّى القلبُ عليلٌ بكِ ويكادُ أن يبقى نابضًا طوال هذه الأيام، فأيُّ مصيبةٍ أخرى وسَيفقدُ كلَّ طاقةٍ لنَّبضِ أو العيش، ربَّما الأجل الَّذي يَجعلني ملاقيكِ قريبٌ، ولكنّي أتمنى لو يكون في اللحظة الَّتي غادرتِ فيها هذه الدُّنيا بطواعيتكِ؛ فالعيشُ بوهنٍ هو أسقمُ سقمٍ مِّن بعدكِ!

ذِكرى أبريل Where stories live. Discover now