الفصل الرابع عشر

2.3K 125 3
                                    

الفصل الرابع عشر



"لا" اتسعت عينا آدم بذهول بينما واصلت دموعها بالنزول وهي تقول بصوت هامس "لا يا آدم ،، لن أتزوجك لأنني زوجتك فعلاً ،، لقد زوجتكَ قلبي منذ اللحظة الأولى التي رأيتكَ فيها ،، ملكك أنا منذ ذلك الوقت ،، أنا زوجتك يا حبيبي" ،، حبس آدم أنفاسه ، كان من السهل أن تقرأ ما يجول في خاطره فقد بدا مائجاً بوضوح فوق وجهه حتى تحت ضوء الشموع الخافت لمحت مقدار الحب والرغبة التي كانتا تتصرعان بـ داخله ، ارتجفت داخلياً ، أخيراً بدا أنه اتخذ قراره ،، ضغط على يدها اليسرى المعتقلة في كفه ، ثم أمسك بها أمام شفتيه وقبل أطراف أصابعها الواحد تلو الآخر ، موجات كهربائية لذيذة هزت قلب يافا ، عندما رفع شفتيه عن إبهامها منهياً تقبيلها ضغط راحة يدها على خده ،، زغبات لحية نامية لامست نعومة بشرتها فأغمضت عينيها تستمتع بقوته وخشونته أمام ضعفها ورقتها ، أخرج من جيبه علبة صغيرة حبست أنفاسها بترقب،، عندما فتحها شهقت فقد أطل منها خاتم من الألماس .. يستقر في قلبه حجر لامع بلون البحر .. بلون عينيها تماماً ،، همست "آدم ، إنه جميل جداً" استخرج الخاتم من مخمله الأسود وثبته في إصبع يدها اليسرى وطبع قبلة على الخاتم ثم رفع رأسه إليها قائلاً بلهجته الشامية المحببة "بحبك" قفز قلبها من صدرها إلى صدر الرجل الجاثي أمامها على ركبته .. شعرت أن كم المشاعر هذه سوف تخنقها ، هي لم تختبر يوماً شعوراً أقوى أو أجمل من هذا الذي تشعر به الآن ،، كميات هائلة من الأحاسيس تدفقت مع مجرى الدم إلى قلبها ، كان عليها أن تكسر السحر حتى لا تنفجر رئتيها طلباً للهواء فمالت برأسها إلى اليمين قليلاً ليتساقط شعرها على كتفها ونظرت إلى الخاتم بتركيز وعلقت "أتعلم هذه خطبة بالطريقة الأوربية يا دودي" نظر إليها مصعوقاً "دودي!!!!!" بدا كأنه يتلفظ باسم مبيد حشري كتمت ضحكتها وحاولت أن تبدو جادة فافتعلت عبوساً خفيفاً على وجهها وهي تسأل "ألم يعجبك دودي؟ لقد قررت أن أسميك دودي منذ الآن... دودي ، دودي ... له وقع جميل أليس كذلك؟" كادت أن تنفجر بضحكتها وهي ترى التعبير المرعوب الذي علا وجهه ،، كأنه طفل يتناول دوائاً مرّ الطعم ... راقبته يبتلع حنجرته وهو يقول ببطئ "حسناً .. إنه ... جـ .. جميل" هنا انفجرت يافا ضاحكة وهي تضربه بخفة على كتفه "حقاً؟ ولماذا تبدو مثل شخص يشم رائحة طعام فاسد .. دوووودي حبيبي" نظر إليها وفهم مرماها .. "هل تعلمين حبيبتي يوفي أظن أنه جميل جداً" ذات الملامح التي كانت على وجه آدم عند سماعه اسم التدليل ظهرت على وجه خطيبته وهي تقول باشمئزاز "يوفي؟ أشعر بأنه اسم صحن طائر" أجابها آدم "جميل؟ أليس كذلك" لم تجبه بل خلعت حذاءها ذول العكب العالي .. ونهضت من كرسيها .. و مشت خطوتين إلى الأمام ثم التفت إلى آدم وهي تقول " إذاً أمسك بصحنك الطائر دوووووووووووودي" وركضت باستمتاع بينما صاح بها "سأقتلك لاسم البنات هذا" وركض خلفها .. علمت تماماً أنه لا يركض بأقصى سرعته ولا حتى بنصفها لأنه لو كان يفعل لكانت الآن بين ذراعيه ،، ضحكاتهما السعيدة ترامت في أطراف المكان المظلم الهادئ .. أمسكها أخيراً أحاطها من الخلف بذراعيه وحملها بينما راحت تصرخ بسعادة وتردد "دووووودي ،، دووووووودي" أنزلها قرب شجرة كبيرة ودفعها بلطف لتستند بظهرها على الجذع وقال لها بمرح "الآن حان وقت العقاب يوفي" ضحكت بطفولية "يوفي مقرف مثل دودي تماماً" ثم التقت نظراتهما واختفى فجأة جو الطفولية والعبث وحل محله صمت ثقيل مشحون بالمشاعر ،، مد يده ليعيد خصلات شعرها إلى الخلف ثم تحسس وجهها بأصابعه ،، تسارعت أنفاسها بينما همس لها "بشرتك ناعمة كبشرة طفل ،، عيناكِ بحريتان لوناً واتساعاً ونقاءً ،، أنفك مرسوم بدقة متناهية .. وشفتيكِ" مسَ بطرف أصابعه شفتيها فارتجفت بينما أكمل لاهثاً "لي" ثم انحنى ببطئ فوقها ، أغمضت عينيها تستقبل شفتيه ،، قبلة رقيقة كجناح فراشة ، كخد وردة ، كحركة السنابل في نسيم صيفي .. قبلة رجل عاشق لا قبلة رجل راغب ،، داخلها آلاف الأشياء تلاطمت فوق بعضها وأعيد تشكيلها ، آلاف الأشياء صرخت وضحكت وتأوهت وبكت ، آلاف الأشياء التي تحولت من ملكها إلى ملكه ،، شفتاه بنعومة الحرير وبصلابة الفولاذ .. همس فوق شفتيها "بحبك" فاقتربت منه أحاطها بذراعيه ثم ابتعد عن شفتيها، التقى البحر بالرمل الساحلي .. كلاهما كانا في حالة فوضى مشاعر ،، شفتيه مستا جبينها ، ثم وقبل أن تستفيق من حلاوة عناقه وجدت نفسها محمولة بين ذراعيه "أستطيع أن أمشي" همست في أذنه وهي تتعلق برقبته ،، "أعلم لكنني أحب أن أحملك .. تكادين تكونين بلا وزن" ..
- وهل يعني هذا أنني نحيفة جداً؟
- بل يعني أنكِ جميلة جداً
منحته ابتسامة راضية .. عندما وصلا كان العازف لا يزال يرسل ألحانه الجميلة إلى السماء .. وضعها على الكرسي وتناول أحد مناديل الطعام الموضوعة على الطاولة وركع أمامها وتناول قدمها سحبت قدمها بسرعة وهي تقول "أوه أرجوك لا داعي" كانت تخجل أن ترى رجولته المتدفقة تركع لتمسح قدميها .. لكنه ابتسم لها بحب "طفلتي أنتِ" وعاد يمسك بقدمها ومسح عنها ما علق بها أثناء ركضها حافية في الحديقة .. علق بصوت ساهم "لكِ قدمان صغيرتان .. ودقيقتا التكوين .. كقدمي امرأة لم تمس الأرض يوماً .. " لم تعرف كيف تجيب على غزله الرقيق هذا .. كانت تعاني من كثرة المشاعر التي تعتريها ،، التزمت الصمت ولكن تسارع أنفاسها أخبره الكثير .. ألبسها حذائها ثم استقام واقفاً ماداً يده إليها "هيا حبيبتي .. يجب أن أعيدك إلى البيت .. لا أريد لأبي أن يأكلني حياً" ضحكت "هيا بنا" .. ثم نظرت إليه بشقاوة "دوووووودي" شد شعرها بلطف "خبيثة" ثم سحبها من يدها وتمشيا حتى السيارة ، عندما جلسا وانطلق آدم بهما شكرته قائلة "كانت الليلة كالخيال .. أشكرك آدم .. لقد كنت كريماً في حبك لي جداً" أوقف السيارة فجأة ونظر إليها ، تعابير غريبة أقلقتها لمحت فيها بعض الحزن والغضب أجابها بصوت أجش "كيف يمكنكِ .. كيف؟" اتسعت عيناها "كيف يمكنني ماذا؟" صاح بصوت معذب "أن تشكريني كأني قدمت لكِ العالم وأنا الذي آلمتكِ ، أنا الذي لوثت سمعتكِ أمام الجميع وأخذتكِ إلى بيتي و .. و ... " تهدج صوته في انكسار وأخفض رأسه .. احتضنته بلا تردد وهمست "أيها الأحمق .. لا تذكر هذا وإلا ناديتك دودي حتى تصير عجوزاً في الستين .. كرشك يجري أمامك مترين إلى الأمام .. وفمك خالٍ من الأسنان" ضحك لدعابتها "أوه كلا .. كل شئ إلا دودي هذا ،، أشعر بأني فتاة" طبعت قبلة على خده وهي تؤكد له "أنتَ سيد الرجال .. أنت رجلي أنا" كادت المشاعر أن تشتعل من جديد لكنها دفعته بلطف وعادت إلى مقعدها "أحمد .. أمل .. البيت .." ضحك ثانية وقد اختفى الحزن من على ملامحه لتعود صافية جميلة وقال "أجل أجل" وعاد يقود السيارة ..

على بحر يافا(مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن