الثاني(في كهف عتمتي!)

Começar do início
                                    

★لا حول ولا قوة إلا بالله★

كان عابد يقف أمام الغرفة الطبية التي يقبع بها صديق طفولته، ظهرت على وجهه علامات القلق حينما أخبره الطبيب أن لا وجود للتفسير الطبي لما يشعر به صديقه من مرض!
فاق الآخر من مستقره، وعيناه تسبحان في حَيرة من أمره، أراد كثيرًا إنهاء حياته التي بلا نكهة، لكنه لم يستطع.
قاطع الاثنان دخول صديقة قديمة لهما، فتاهت عين عابد، كاد أن يطردها لكنه تماسك بألا ينبس بما يستقر داخله.
أتت الأخرى بلهفة إلى القابع على الفراش، وهي تطمئن عليه، نظرت إلى عابد بنظرة جامدة فتراجع وهو يقول لصديقه:
- هضطر أمشي يا صاحبي، عندي شغل مهم.
أومأ له صديقه بهدوء بالموافقة.
أكمل عابد سيره، وقبض يده بتوتر وهو يتلفت للمرة الأخيرة، ليرى من كان يحبها منذ صغره لكنها لا تكنّ له في قلبها أي شيء.
نفض كل شيء من عقله، وأكمل سيره، في طريقه لكشف مخطط جديد حتى ينهي تلك القضية.

.....................

وصلت إلى المتحف، أمشي بهدوء وعيني لا تهتم بشيء محدد، كانت غائرة والتيه يحيطها.
طُلب مني أن آخذ جولة بها بعض الأجانب يتجولون داخل المتحف، ودوري كمرشد سياحي، كان يتمثل في قول بعض المعلومات التاريخية الخاصة بالمتحف، وما به إليهم بلغتهم الأجنبية.
قمت بالتجول معهم، وكعادتي كنت أشرح بسلاسة إليهم، نظرات الثقة تلفني، والإعجاب الشديد بقدرتي على الشرح تقفذ من أعينهم.
لكن ثمة تغيرات قد طرأت، وأختل توازني!
فتحت عيني، وأغلقتها الكثير من المرات، وتأكدت أنها حقيقة، هي بكل شيء، هي بكل تفصيلة حزينة ذكرتها من قبل. وقلبي يقول أن هناك أمر جلي لم يتبين بعد...رأيت كل شيء بها إلا عينيها، رأيتها حائرة تتلفت يمينًا ويسارًا بتوتر بالغ، كرياح باردة تأتي في الصيف.كادت المعلومات تسقط من عقلي وأنا أتحدث بين الجموع. ارتشفت قطرات من المياة لعلي أجد ولو خيط بسيط يرشدني في وسط ذاك الضلال. رفعت عيني، وكأنها قد تبخرت! صرت أتجول كالذي أصيب بلوثة في قلبه. ماذا أفعل وكل تلك الجموع تركز على موضعي أنا؟ وتترصد موقفي. كل حركة أتلفتها الآن تُدون وتُحسب عليّ. بات الأمر يشبه الأساطير، وكدت أهرول إليها لأعلم من تكون تلك الغريبة، التي كانت وفي ذات الوقت قريبة بدرجة مريبة!
أريد التفسير الآن وإلا سأجن!
كيف أرى من كنت أحلم وأتمنى أن أرها حينما كنت أصفها إلى أوراقي أمس! أم أن خيالي الواسع جعلها حقيقة متجسدة أمامي؟!

............

بذلك الرداء الأسود أخفيت قلبي الملطخ بالدماء..منطوي داخل خيبات قد أكلت منه حد الشبع!بين جسدي يتخفى عضو قد سرق قطع اللحم من ذات الجسد، حتى يواري الخواء..بين ثنايا محروقة بغبار كثيف إثر جحيم ما قبل المآوا الأخير. جحيم معتق برائحة موت مؤجل قد نهش ذرات الأوكسجين مني..فأصبحت أتنفس ألم! لم يقصّر معي ذلك الألم!!
خرجت من منزلي ارتدي نظارتي السوداء، وأنا خائفة من تلك الخطة التي قد شرحتها إليّ صديقتي آية.
ازدردت ريقي بصعوبة حينما كنت قد اقتربت من المتحف.
ظللت واقفة لبضع ثوانٍ، ثم استعدت ثباتي ثانيًا حتى ولجت إلى المتحف.
وجدت جولة سياحية، فمررت من جانبها، كانت خصلات شعري تتطاير رغم قلة الهواء.
كان التوتر سيد الموقف، أحكمت نظارتي السوداء على عيني، لكني لمحت ذلك المرشد يتتبعني بعينيه.
خفق قلبي، لماذا ينظر هكذا؟ هل علم بمخططي؟
وحينما رأيته يرتشف المياة من زجاجته أسرعت خطواتي حتى وأخيرًا تخفيت جيدًا بعيدًا عن ذلك غريب الأطوار.
نظرت إلى هاتفي فوجدت رسالة من آية بالمكان الذي سأتوجه إليه.
توجهت، وخطواتي ترتعش، حتى وقفت في المكان المراد.
تلففت، فلم أجد من يركز عليّ، حتى مددت يدي لذلك الهاتف. وعلى الجانب الآخر كانت آية تقف مع صاحب الهاتف، وهي تتحدث معه، وتأخد منه معلومات عن ذلك المتحف، وكأنها تسجل معه حوار صحفي سوف تقوم بكتابته.
هرولت سريعًا إلى الواقف في الطرف الآخر، واعطيته الهاتف.
أمسكه، ووضع به بعض الأكواد، ليقوم بعملية الأختراق.
انتهى، وكان الرجل يبحث عن هاتفه.
نظراتي قد توترت وأنا أقف، وأنظر إلى آية التي كانت تقف على أطراف أصابعها من شدة التوتر.
وإذا بفجأة يدلف ذلك المرشد!
كنت سأسقط أرضًا من هول الصدمة، بالطبع هو يعلم شيء ما.
لكنه اقترب من صاحب الهاتف، وظل يهمس في أذنه بشيء، وظل لفترة يتحدث.
شعرت لوهلة أنه يقول بمساعدتي، أو ربما الحظ من حالفني، فسرت بهدوء، ثم وضعت الهاتف سريعًا حينما وقفت آية أمامي.
تنفست الصعداء، وفي ذات الوقت أنهى ذلك المرشد حديثه مع صاحب الهاتف، وحياه ثم رحل بهدوء ونظراته تأكلني.
تحركت نظرات صاحب الهاتف، وتنفس بارتياح حينما وجد هاتفه وحينها قال:
- مش متعود أطلّع موبايلي برا جيبي.
قالها وهو يتأكد أن هاتفه سليم، ثم رحل يكمل باقي جولاته.
نظرت إليّ آية بابتسامة انتصار وهي تقول:
- مش قولتلك الخطة هتنجح.
ضغطت على يديها وأنا أقول بخفوت:
- وطي صوتك، هنروح في داهية.
ابتسمت بمرح، وحينها قمنا بالخروج من المتحف.
كنت أشعر بشيء مريب، حتى وبالفعل استوقفني صوته!
ازدردت ريقي بصعوبة بالغة، وأنا ألتفت لأجد ذلك المرشد الغامض الذي يقترب إليّ بتعجب.
اقترب أكثر وهو يقول:
- أنا شوفتك.
جعلتني تلك الجملة ارتعش، فقلت بتوتر:
- أنتَ مين؟
ابتسم بهدوء وهو يقول:
- المفروض أنا اللي أقولها، أنتِ مين؟
نغزت آية بهدوء، حتى اعتقدت أنها فطنت ما أرمي إليه، بعد أن تأكدت أن ليس هناك وجود لأحد في ذلك الطريق، فقد أحسن الاختيار في الوقوف خارج المتحف ببعض المسافة، فرفعت آية يدها وهي تمسك بحقيبتها لتصدمها بوجهه بعنف العديد من المرات.
توترت كثيرًا مما تفعله، فكنت أقصد أن نقوم بالركض كما اعتدنا في مثل هذه المواقف، لكنها أرادت التجويد!
تجمدت خطواتي فقالت آية:
- أنتِ لسه هتنحي، يلا بسرعة.
قالتها وأمسكت يدي، فركضنا بعيدًا عنه، وهو يتلفت حوله بتعجب، ويضع يده على عينيه بألم ،وكأنه قد صُدم مما فعلته صديقتي به!
كدنا نتعثر من شدة السرعة في ركضنا، وآية تسحبني دون أن تركز في الطريق، وفي حين ذلك اصطدمت آية بشاب كان يمشي سريعًا هو الآخر.
رفعت آية رأسها للأعلى نظرًا لطول ذلك الشاب وهي تقول غاضبة:
- أيه مش تحاسب.
رفع حاجبيه بتعجب وهو يقول:
-انتِ اللي خبطاني!
كنت أقف وأنا ألهث من كثرة ما ركضت، حتى شعرت أنه ربما يكون ذلك الغامض يبحث عنا ثانيًا، فأمسكت بيد آية من جديد وأنا أسحبها، ونركض حتى لا نتعثر في شيء آخر.

تائه في عيون عوراء(مكتملة)Onde histórias criam vida. Descubra agora