الفصل الثاني والعشرين

313K 8.5K 1.5K
                                    

كان زكي جالساً يتطلع بقلق الي رب عمله الذي كان جالساً محني الرأس ينظر امامه باعين محتقنه بشرود فمنذ ان وصلوا الي المشفي اي منذ اكثر من ساعتين و هو علي حالته تلك..
فلأول مره منذ ان عمل لديه يراه بهذه الحاله من الضعف و الضياع فقد كان دائماً ذو شخصيه قويه لا تتأثر بشيئ ...
لكنه الان يبدو ضائعاً..عاجز  بطريقه لم يعهدها به من قبل...
اقترب منه زكي بتردد جالساً بجانبه واضعاً يده فوق كتفه يضغط عليها بقوه
=متقلقش يا باشا ان شاء الله هتبقي كويسه...

لم يجبه داغر حيث ظل محني الرأس بصمت كما لو كان لم غارقاً بعالمه المظلم..لكنه فور ان سمع باب الغرفة التي ادخلت اليها داليدا عند وصولهم الي المشفي تفتح انتفض واقفاً  برغم الارتعاشة التي بقدميه و قصف قلبه الذي يدوي في داخله من الخوف الا انه اتجه سريعاً نحو الطبيب قائلاً بصوت
=داليدا...عامله ايه...

اجابه الطبيب الشاب بصوت يملئه الحزن
=مش عارفه اقولك ايه يا داغر بيه بس للاسف داليدا هانم حصلها ارتخاء شديد في الاعصاب و ده هيتسبب في عجزها في تحريك ايديها و  رجليها...

شحب وجه داغر و قد انسحبت انفاسه من داخل صدره كما لو ان المكان يطبق جدرانه من حوله فور سماعه هذا همس بصوت مختنق مرتجف
=يعني ايه... داليدا اتشلت...؟!

اسرع الطبيب قائلاً
=شوف يا داغر بيه مفيش حاجه هقدر احددها الا لما نتيجة التحاليل و الاشاعه تظهر لان  دول اللي هيحددوا حالتها بالظبط ...
ليكمل بهدوء و هو يتطلع الي الورق الذي بين يده
= و متقلقش الحمد لله لسانها متأثرش حالة السكوت اللي هي فيها دي من اثر الخوف و من الواضح انها تعرضت لصدمه كبيره لما حاولت تتحرك و معرفتش علشان كده لازم تتعرض علي طبيب نفسي بس انا بفضل انك انت اللي تتكلم معها وتخفف عنها و  تطمنها...
ليكمل مغمغماً و هو يغادر
=اول ما تتيجة التحاليل تظهر هبلغ حضرتك.....عن اذنك.

ترنح داغر في مكانه لينهار علي الارض جالساً بين المقاعد يدفن رأسه المحني بين ساقيه و لأول مره بحياته ينفجر باكياً بكاء مرير صامت اهتز له كامل جسده شاعراً بألم يكاد يمزق قلبه و هو لا يصدق ان داليدا قد اصبحت عاجزه.. لا يمكنه تصور مدي الخوف والرعب الذي واجهتهم بمفردها عندما حاولت التحرك و لم تستطع...اين كان هو وقتها..كان يحضر حفلته اللعينه و هو غاضب منها و يتوعدها...
اخذ يضرب رأسه بقبضته  بقسوه و هو يشعر برغبه حارقه بالصراخ باعلي صوت لديه و يحطم كل ما تقع يده عليه فروحه كانت تتلوي علي جمر الحزن و الالم و الغضب من نفسه لا يمكنه روؤيتها تتألم فالموت ارحم له من رؤيتها هكذا....
لكن لا فزوجته تحتاجه...فسوف يكون قوياً من اجلها...من اجلها هي  فقط...
نهض ببطئ علي قدميه المهتزه متجهاً نحو غرفة داليدا لكن اسرع نحوه زكي الذي كان يراقبه بحزن و عجز منذ قليل ممسكاً بذراعه يمنعه من الدخول الي غرفتها قائلاً بتردد و هو يفحص مظهره المبعثر و عينيه المحتقنه...
=داغر بيه مينفعش تخليها تشوفك بمنظرك ده...

قلبه لا يبالىحيث تعيش القصص. اكتشف الآن