الأخير

34.3K 1.1K 67
                                    

لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم 💓

أغمضت عينيها بعد أن احست بسطوع ضوء عالي اربكها... سالت دمعة حارة على وجنتيها الحمراء تدل على عمق حزنها و هلاك روحها... ضغطت على شفتيها بشدة تلملم شتات نفسها المبعثرة بحزن عميق أصبح يطرق جدران قلبها... تسارعت دقات قلبها بشدة كالطبل بصداه العالي عندما عادت ذكريات أيامها الماضية التي تغلفت بالسواد القاتم و الليل المظلم...

Flash back
اطرقت الطبول في قلبها و هي تسير راكضة بين أروقة المشفى تبحث عن اي دليل على وجوده... غير عابئة بثقل بطنها و انقباض ظهرها المؤلم تسارع في ايجاده حتى يطمئن قلبها عليه... فهي لا تعلم ما جرى كل ما تعرفه انه تعرض لطلق ناري نُقل على أثره إلى المشفى... خرجت الآلاف من الدعوات الخالصة من قلبها حتى يكون بخير... توفقت بأعين دامعة عندما رأت ليث و أيهم يقفان معا امام غرفة العمليات و كما بدا لها انهم ينتظرون خبر عنه... خرجت منها حروف متقطعة بألم...
= تميم
انتبه أيهم إليها ليلتفت مسرعا يضمها بين ذراعيه بينما تمسح كفه على شعرها قائلا بصوت حزين يشوبه التفاؤل...
= اهدي يا حبيبتي هيكون كويس ان شاء الله
قبضت على أطراف قميصه بشدة قائلة... انا عايزة تميم يا أيهم هاتهولي انا مقدرش أعيش من غيره
حاول ايهم تهدئتها الا انه لم يستطع بل ظلت تبكي و تشهق بشدة بين ذراعيه و هو كالتائه لا يدري ماذا يفعل...
اما ليث فلم يكن له اي صوت فقط ينظر إلى الفراغ و عينيه تفيض بالدمع كالطفل الذي سمع خبر موت ابيه...

بعد ساعتين...

خرج الطبيب و علامات حزن معبرة ترتسم على وجهه ليهرع كلا من أيهم و ليث اتجاهه ليردف ليث بترجي..
= قول أنه كويس تميم كويس مش كده يا دكتور
ربت الطبيب على كتفه قائلا بأسف بالغ :
= حاولت يا بني والله حاولت بس صاحبك كان أمانة و ربنا خدها البقاء لله وحده
جحظت عيناه بشدة صارخا بقوة
... لاااااااااااااا
في الجهة المقابلة وضعت كارين يدها على بطنها المنتفخ بحماية غير عابئة بكلمات الطبيب قائلة بنبرة حانية تخاطب طفلتيها...
= بابي كويس ما تخافوش هيرجع انا حاسة بكدة
ما هي إلا ثواني حتى احست بحركة قوية على بطنها و صرخت بصوت يمزق القلب..
= تميممممم
هرع أيهم ناحيتها يمكسها قبل ان تفقد وعيها صارخا هو الآخر بقلب مفزوع على شقيقته..
= دكتوررر

End flash back

أفرجت عن زرقة عينيها المتعبة ببطئ شديد و اخذت تدور بمقلتيها حول الغرفة لتظهر الرؤية مشوشة بعض الشيئ... عادت الذكريات تهاجم عقلها بشراسة عندما خطر على بالها... ولادة طفلتيها في شهرها السابع و دخولها في حالة اكتئاب شديدة بعد رحيل زوجها.. كانت في عالم آخر فقد حاول الجميع إخراجها من تلك الحالة التي تملكت روحها قبل جسدها.... لم تسطع النظر في وجه توأمها.. فلذة كبدها.. تلك الأرواح المشتركة بينها وبين تميم... فقدت عبير الحياة و لذتها بمجرد رحيله... تذكرت عندما وضعت الطبيبة طفليتها على صدرها لتأمرها بارضاعهم.. تذكرت كيف كان شعورها حينها... كان قلبها يصرخ من الألم و روحها تنزف من القهر.. فكم تمنت أن يكون بجانبها في تلك اللحظة كم تمنت الشعور براحة يده و هي تضغط على خصرها و تقربها إليه و هما ينظران إلى جمال أطفالهم...
لقد مر شهران على رحليه... شهران و هي تعيش في نار حارقة من الشوق لا تصدق انه لم يعد موجود لا تصدق أنها لن تسطيع سماع صوته... لن تسطيع رؤية ابتسامته الساحرة التي لطالما أخذت لُب قلبها... لن تسطيع ان تشعر بملمس جسده عليها... ربما كان عزائها الأخير طفليتها.... رحمة و لين.. خاصة تلك اللين فهي أخذت معظم صفاته الجسدية... لون شعرها البني و عينيها التي تشبه حبات القهوة... كل ما بها يدل عليه... بخلاف رحمة التي تحمل لون شعرها الكستنائي المائل للحمرة... و لون عينيها الأزرق الذي ورثته منها...
جعدت أنفها بظرافة و لطف عندما غزت أنفها رائحة عطره القوية لتقبض بكفها على قميصه الذي ترتديه دائما... الا انها انتفضت بشدة عند سماعها لهمس واضح يحمل عبير الشوق و العشق الخالص...
= كارين..

تميم بقلمي نور ( مكتملة ) Where stories live. Discover now