اليوم الأخير

3.4K 83 26
                                    

:قبل بضعة أشهر

 وقفت ياسمين، شابة في الواحد والعشرين من العمر، مرتدية بنطال جينز مهترئ وحذاء قد فقد لونه من كثر ارتدائها له، أمام باب معهد الرقص الذي تزوره كل يوم في الساعة الثامنة صباحاً قبل ذهابها إلى العمل. واقفة في الممر الفارغ، كانت تختلس ياسمين النظر إلى جلسة الرقص الباليه الخاصة من خلال نافذة الباب الصغيرة، والتي لا تستطيع تحمل تكاليفها، لتستمتع إلى الموسيقى وتحدّق في الفتيات اللواتي يتراقصن على أنغام أغانيها .  الكلاسيكية المفضلة


ها هي تستمع ياسمين إلى أنغام السمفونية الخامسة لبيتهوفن وتشاهد الرقصة الجماعية التي تعلمها معلمة الرقص، تلاحظ ياسمين خطأ إحدى الفتيات ولكن سرعان ما توبخ المعلمة هذه الفتاة، تطرق الفتاة رأسها وتعض شفّتها السفلى لتوقف نفسها عن البكاء، تبتسم ياسمين ساخرة فإن لم تحتمل هذه الفتاة لحظة توبيخ عابرة كيف لها أن تحتمل عالم الباليه القاسي؟ 

عندما تلتفت المعلمة، تختبئ ياسمين فوراَ خوفاَ من أن تكتشف وجودها، تتنهّد ياسمين. كم تتمنى لو استطاعت تحمّل تكاليف المعهد ومع أنها غير بحاجة إلى التعلم حيث كانت ترقص الباليه منذ صغرها إلا أنها تتمنى لو تستطيع العودة إلى تلك الأيام، كانت ترقص ياسمين الباليه في موطنها قبل انتقالها إلى مدينة موونلايت. فانتقلت عائلتها إلى هذه المدينة رغبة في البحث عن حياة جديدة بعيداَ عن الحرب، والفقر، والأسى، بعيداَ عن صرخات الألم والغضب. رغب والدها بأن تترعرع ياسمين في مدينة تستطيع فيها المشي إلى المدرسة دون الخوف من أن لا يراها مجدداَ. مدينة آمنة سعيدة مليئة بالأمل والأحلام التي تتحقق. ولكن ها هي ياسمين تعيش في مدينة موونلايت، مدينة لا يمكن للفقير أن يحقق أحلامه، مدينة بصورة مزيفة والحقيقة وراءها داكنة وقاتلة. مدينة بُنيت على دماء الأبرياء، وأرواح مظلومة. 

كانت  تقرأ ياسمين وعائلتها عن هذه المدينة وهذه الدولة، حالمين بأن يهاجروا إلى مونلايت بعيداَ عن أصداء الانفجارات، ولكن الأفلام التي شاهدوها والتي تتغنى بهذه المدينة،  المقالات التي قرؤوها، جميعها تسوّق لأكاذيب، يأكل الثري في مدينة موونلايت وتأكل المدينة الفقراء

ولم تكن غاضبة ياسمين بسبب حالتها المادية، بل بسبب ظلم الحياة لها ولعائلتها وللكثيرين هنا

  ها هن بنات العائلات الثرية، اللواتي لا يمتلكن موهبة حقيقية تتراقصن على أنغام الموسيقى وأقدامهن أقسى من الأرضية 


هل ترقصين في هذا المعهد؟ -

صوت شاب يخيف ياسمين التي تتراجع فوراَ وتنظر إليه، هذا الشاب الذي يزور المعهد أحياناَ ورأته سابقاَ

عندما أحببت مجرماَ ..(خطوات قاتلة)Where stories live. Discover now