الفصل السادس والعشرون

Start from the beginning
                                    

_ هي دي الحقيقة روان كانت الضحية في الموضوع ده كله ، وإنت كنت طرف تاني ، ولو مش مصدقني روح وأسأل أمك وشوفها هترد وتقولك إيه . تعرفوا والله أنا فرحانة فيكم وفي اللي حصلكم وبذات إنت يا أُسيد

ثم اندفعت من أمامهم منطلقة إلى خارج المستشفى فأشار أُسيد بعينه إلى أخيه أن يلحق بها ، أما هو ففتح باب غرفة زوجته ودلف إلى الداخل وهو منكب على حزنه وشجنه . وجلب أحد المقاعد ليجلس أمامها ويتأمل وجهها الشاحب والضعيف بأسى ثم يمسك بكفة يدها ويقبلها ويهمس بصوت يغالبه البكاء وهو واضعًا رأسه عليها :
_ ليه عملتي كدا يا ملاك ، ليه يا حبيبتي كنتي عايزة تحرميني منك

استكمل بصوت مبحوح وباكي :
_ أنا آسف سامحيني ، عارف إني ظلمتك ومصدقتكيش

أنكب على وجهه يبكي بكاءًا حارًا لأول مرة في حياته .. يبكي كطفل صغير كان سيفقد أمه ، فهو لم يبكي هكذا عندما فقد زوجته ؛ ربما كان بكائه لشعوره بالندم و أنه تلك المرة كان سيخسرها ؛ بسبب حماقته ؛ وأنه لم يصغى لها عندما قالت أنها بريئة ولم تفعل شيء ، فضل سماع معتقداته الخاطئة ورفض سماع صوت قلبه الذي يلح عليه أن يتأكد قبل أن يظلمها ولكنه تجاهل ذلك الصوت واستمع لعقله الذي استند إلى مسلمات خاطئة وغير صحيحة ، وكانت النتيجة مؤلمة له ! .
دقائق وأحس بيدها التي بين يديه تتحرك العها بتلهف ينتظر أفاقتها وأن تفتح عيناها كاملًا ، وكانت ثوانٍ حتى فتحتها وبمجرد أن أتضحت الرؤية أمامها ورأته ، فنزعت يدها عن يده بعنف وهي تقول بنفور شديد منه :
_ ابعد عني  !

تجاهل جملتها الصارمة ومد يده يملس على شعرها من فوق حجابها وهو يقول بحنان :
_ طيب إنتِ كويسة يا حبيبتي

رمقته شرزًا وقالت بقسوة :
_ هكون كويسة طول ما انت بعيد عني ، قوم من جمبي يا أُسيد

غمغم بصوت نادم ونبرة راجية :
_ أنا آسفة يا ملاك ياسمحيني ، عارف إني غلطت معاكي بس غصب عني دي مهما كانت أمي وكنت لازم هدايق

استفزتها أكثر جملته الأخيرة ، فإذا كانت هي أمه فهي أيضًا زوجته ويجب إن يكون بينهم بعض الثقة ، ولكنه أثبت لها أن ليس هناك ما يدعى الثقة بينهم ! . هتفت بجفاء أشد وهي تشيح بوجهها بعيدًا عنه :
_ قولتلك قوم يا أُسيد مش عايزة أشوفك قدامي

تنهد الصعداء بعدم حيلة ونهض ليتجه ويجلس على مقعد آخر بعيدًا عنها ، ويحدق بها بألم نابع من أعماق قلبه ، فهو كان بحاجة إلى معانقتها وأن يشعر بيدها عليه فلمستها تشعره بالراحة والطمأنينة ! .

                                 ***
كانت تجلس أسمى بجوار أمها وتهتف بسخط بسيط :
_ ماما أوعي يكون ليكي إيد في اللي حصل لملاك ؟!

صاحت بها مندفعة :
_ إيد إيه يابت إنتي مجنونة ماهي كانت قدامك وواضح أنها انتحرت بالحبوب اللي أخدتها ، أنا مالي بقى

رواية ( أشلاء القلوب ) لندى محمود توفيقWhere stories live. Discover now