الفصل السادس والعشرون و الأخير

Start from the beginning
                                    

تم خطبة آلاء على إحدى الشباب بمنطقتها، كما تم عقد قرآن عاصم و سندس في جو أسري اقتصر على العائلة فقط، وكم شعرت باليتم لوجودها بمفردها إلا أن موقف مراد جعلها تبتسم بامتنان وأن الدنيا لا زال الخير يسكن بها حينما وكل نفسه بأن يكون وكيلاً لها ومنذ تلك اللحظة اعتبرته شقيقاً لها.

مريم التي أصبحت بشهرها الأخير من حملها والتي كانت تتدلل على إسلام يومياً و أحياناً تفتعل المشاكل بينهم بدون سبب وهو يتمنى أن يأتي اليوم الذي تضع فيه ذلك المولود ،والذي رفضت أن تعرف نوعه و تركته مفاجأة، ليرتاح قليلاً من العناء الذي تسببت له فيه، فقد أصابه الغيظ والضجر من غيرتها و تقلباتها المزاجية التي ستقوده للجنون.

______________________________________

تلزم فراشها كعادتها، و أصبحت في حالة يرثى لها منذ أن توفت والدتها، سمعت طرقاً على الباب ولكنها لم تعبأ له بل ظلت على حالتها .
دلفت رحيق وهي تنظر لها بشفقة حتى وإن كانت والدتها هي من قتلت أمها، فهي ليس لديها أي ذنب في ذلك الجرم، و لم تكن تتخيل أن فتاة مثلها ستذبل بتلك الطريقة سريعاً.

جلست إلى جوارها على الفراش ولا تعلم من أين تبدأ أو ماذا تفعل، بينما أشاحت شيرين وجهها للجانب الآخر نحو النافذة العريضة التي تتوسط الغرفة قائلة بصوت متحشرج به بعض التهكم :- جاية ليه؟ جاية تشمتي فيا؟ بقلم زكية محمد

هتفت بسرعة :- لا طبعاً، أنا عمري ما هشمت في الموت يا شيري، دي بقت بين أدين ربنا دلوقتي ميجوزش عليها غير الرحمة.

تجمعت العبرات في مقلتيها و سرعان ما تساقطت كالمطر في ليلة شتاء عاصف، نظرت لها بوجع من كلمات حُفِرت في ذهنها حفرتها المغفور لها بآلة حادة فبات من الصعب محوها :- أنتِ جاية ليه ؟ أديكي فزتي بكل حاجة بابا و أخدتيه زي ما مامتك عملت زمان  كرهته فينا .

رسمت ابتسامة باهتة تخفي بها تلك الندوب التي لم تطيب بعد :- ماما الله يرحمها مكانتش بتكره حد وإلا مكانش أتقتلت بالشكل دة، وأنا عمري ما حاولت أكرّه بابا فيكِ يا ريت تشيلي الأوهام دي من دماغك.

صمتت قليلاً لتردف بصدق :- أنا جاية بس أقولك تعالي نبتدي صفحة جديدة من غير كره ولا حقد علشان دة آخرته وحشة أوي.

ثم اغتصبت إبتسامة لترسمها على صفحة وجهها :- أنا هسيبك دلوقتي و فكري كويس ولو عوزتي أي حاجة تعاليلي.

قالت ذلك ثم اقتربت منها و أودعت قبلة حانية على رأسها ثم غادرت لتترك الأخرى تتابع أثرها وهي تعيد حساباتها لآلاف من المرات.

خرجت وهي على أمل في أن تتغير ولو قليلاً فيكفي معاناة في دنيا فانية.
نزلت الدرج لتجد نفسها تصتدم بجدار صلد، فرفعت مقلتيها نحو ماهية هذا الشيء لتجده هو، وسرعان ما تجهم وجهها و ارتدت ثوب الغضب معلنة عن عدم الاستسلام والرضوخ له، فتخطته وهي لا تعيره أي انتباه، لتشتعل النيران بصدره قائلاً وهو يمسك بذراعها :- رايحة فين؟

ذئب يوسفWhere stories live. Discover now