الفصل الخامس

15.5K 535 43
                                    


رسمت على وجوههم الصدمة ، يكادوا يجنوا مما سمعوا ، و تساءل كلاً منهم لما قرر ذلك ، وكيف ؟!

اتسعت عيناه بذهول كمن على رأسه الطير و التمثال المنحوت بدقة ، و أخذ عقله يحلل في محاولة منه لاستيعاب تلك الفاجعة التي داهمته بقوة على حين غرة دون أن تأذن له كالجيوش المحتلة التي اغتصبت الأراضي عنوة من مواطنيها ، نهض ثائراً بغضب قائلاً :- إيه اللي انت بتقوله ده يا بابا ؟ هو علشان تصلح غلطتها تقوم تجبرني على جوازة مش عايزها !

طالعه بغضب قائلاً بحدة :- إسلام ! ألزم حدودك ، متنساش أنك بتكلم أبوك ، و وطي صوتك بلاش فضايح في المنطقة أكتر من كدة.

عض على شفته بغيظ قائلاً :- أنا آسف يا بابا ما أقصدش أعلي صوتي على حضرتك بس اللي أنت بتقوله ما يدخلش العقل .

أردف بحزم :- لا يتعقل يا إسلام و هتسمع كلامي وإلا والله لأغضب عليك ليوم الدين .

كاد أن يهشم فكه من كثرة جزه على أسنانه ، و برزت عروقه حتى كادت أن تنفجر ، لم يستطع التحمل إذ غادر بغضب كالعاصفة.

لمعت الدموع في مقلتيها ، و شعرت برصاصة قوية أصابت قلبها فأردته صريعاً في الحال ، وأن هناك من يسحب روحها ببطئ فيزيد من هلاكها ، ألن يكفي جرحهم ليأتي هو و ينهي حياتها على هذا النحو ! ، أهذا الذي يسكن قلبها و روحها و يسير في عروقها كما تجري الدماء به تتلقى منه طعنة الغدر التي لم تتوقع يوماً أنها ستكون هكذا .
تأوهت بصوت مكتوم ، و كم ودت لو تصرخ بصوتها كله لتخرج تلك الآلام الحبيسة في الأعماق ، حريق هائل مندلع بداخلها ولن تخمده لا مياه البحار ولا المحيطات .

هتف محمود بغضب مكتوم :- كلام إيه دة يا عمي ؟ وماله إسلام كدة طايح في الكل !

غمغم أيوب بسخط :- وأنا موافق يا موسى بس إسلام ....

قاطعه قائلاً بهدوء :- سيبك من إسلام دلوقتي مقدور عليه ، المهم دلوقتي موافقتك أنت و مريم .

أردف بحدة :- ما قلت موافق يا موسى ، وهي إيه اللي هيخليها ترفض ، هو بعد اللي عملته دة هيكون ليها عين ترفض كمان !

طعنة أخرى قضت على المتبقي من تماسكها ، فها والدها يقرر عنها مجدداً ، و كأنها دمية يحركها كيف يشاء ، نظرت لهم جميعاً بقهر و انكسار ، و لوهلة تذكرت أسماء و ما سيحدث لها إن أوشت بالسر ، لعنت نفسها على ذهابها معها ، وعلى تصرفها بتهور كهذا، فها هي تجني ما حصدته بمفردها دون أن تقاسم الأخرى بشئ .

نظرت لوالدها و هتفت بشجاعة واهية :- بس ...بس أنا مش ...مش موافقة يا بابا .

جذبها من حجابها بشدة قائلاً بغلظة :- كمان ليكي عين تتكلمي و تقولي لا ! دة بدل ما تبوسي إيدك وش و ضهر ، صحيح بنات آخر زمن .

أردف موسى وهو يبعد مريم عن مرماه :- كلمني أنا و ملكش دعوة بيها .

أردف بغضب :- يعني مش شايف عمايلها ، إيه عاوزة تمشي في الوساخة كتير ؟! هي كلمة واحدة هتتجوزيه غصب عنك ، ما هو يا إما كدة يا إما أقتلك مفيش حل تاني .

ذئب يوسفحيث تعيش القصص. اكتشف الآن