الفصل الأول

403 19 13
                                    

في إحدى مناطق الطبقة الوسطى تحديدا منزل بسيط نجد الكثير من أهل المنطقة به و منهم بالخارج و الداخل و منهم الذي يقف منتظر خروج من له و في الداخل نجد الكثير من سيدات الحي ملتفون حول فتاه تركض أرضا تبكي بمرارة و بجانبها شاب و أيضاً يبكي علي ما جرت له الأمور .

_يا ليلي يابنتي قومي أصلبي طولك أخوكي محتاجك ، متعمليش في نفسك كده دي حكمت ربنا

وكان ذلك الصوت من ضمن جميع الأصوات التي أستمعت إليها ، رمقت المتحدث وجدتها إحدى السيدات الحاضرات للموقف وجهت نظرها سريعا له وجدته ينظر إليها بإنكسار و حزن و الدموع جاريه على وجنتيه عندما وجدت تلك النظرة أدركت مدي قساوة ما حدث ومن ثم قامت سريعا تتجه نحوه شبت علي أطرافها حتي تتمكن منه لفرق الطول بينهم أخذته لصدرها سريعا تبث فيه الأمان الذي بعد الآن لم يُعد بينهم و الحنان الذي سيفتقده منذ أمس عندما علموا أن والديهم توفاهم الله في حادث إنقلاب سيارتهم ، ما أن شعر بها تضمه لها حتي انفجر باكياً كالطفل الصغير علي ما قد أصبهم واصبحوا  عليه الآن .
_برغم ما بها من حزن و ألم إلا أنها كانت قادره بالفعل علي أن تتماسك أمام أخيها ولكن لم تحجب دموعها بل خانتها و سقطت على وجنتها بعنف ، ضمت أخيها بقوة تهتف بشجاعة وتحفيز لا يليق بما هم عليه : ليث أجمد وبطل عياط انت اقوي من كده انت اللي المفروض تهديني و تاخدني في حضنك مش العكس ، انت راجل يا ليث مش عيل .
_في لحظة انعكس الوضع وهو من ضمها له يربط علي خصلاتها هي من له الآن بعد ما قد حدث يهتف باكياً : مش مصدق أن خلاص معدش حد منهم موجود معانا احنا ملناش غير بعض دلوقتي يا ليلي .
_خرجت من بين أحضانه سريعا تجفف دموعه بيديها تهتف بحزم : مفيش عياط تاني يا ليث ، اوعي تضعف انت قوتي .
_قبل جبينها بحزن يهتف بصدق : انتي اللي قوتي يا ليلي مش العكس ربنا يخفف عننا وجع فراقهم .

أدمعت عينيها سريعا عندما تذكرت فراقهم الذي لم يتجاوز الساعات القليلة فقط من ليلة أمس تذكرت حياتهم السعيده الهادئه مع أسرتها الصغيرة التي لم تعد موجودة تذكرت طفولتها بينهم و مراهقتها وفترة شبابها القصيرة تلك تذكرت أخيها كيف كان و ماهو عليه الآن تذكرت ضحكات والدتها و إبتسامة أبيها البشوشه تذكرت كل شيء وعندما وصلت بها ذاكرتها إلى صباح أمس بكت بحرقه كما لم تبكي من قبل ذلك المكالمة المشئومة التي وصلتهم بأن والديها قد فارقوا الحياة في حادث إنقلاب سيارتهم ، تذكرت قبل ساعات قليلة عندما تمت مراسم تشييع جثامينم وتم دفنهم في مدافن العائلة كم كان صعب عليها كل تلك الأحداث القاسية ، نظرت حولها وجدت الناس قد غادروا بالفعل وهي مازالت في أحضان اخيها الصغير بمفردهم في منزلهم هي بالفعل لم تشعر عندما غادروا ربما ذاكرتها أخذتها لزمن بعيد أخذتها لذكرياتها السعيده وعندما أنتهت قُلِبت كل الموازين و أنتهت بتلك الذكريات الأليمة التي عاشوها منذ زمن قصير .
_رمقت أخيها وجدته غفل بين يديها من كثرة التعب ربتت علي ظهره هاتفه بعطف : ليث ! حبيبي قوم ادخل اوضتك يالا عشان ترتاح شويه انت من امبارح واقف علي رجلك .
_رفع رأسه من بين أحضانها يرمقها بأعين متورمة من أثر البكاء يهمس لها كطفل صغير خائف : مش هعرف انام لوحدي تعالي نامي جنبي خليني انام في حضنك يا ليلي .
_نظرت له بدموع تهتف بضعف : حاضر يا حبيبي تعال قوم معايا.. ثم دلفت به للداخل وصلت إلى غرفته وناما الاثنان علي فراشه هو بين أحضانها نام بضعف وهي ضمته بحنان وظلت مستيقظة تفكر ! ماذا ستفعل في القادم !
رمقت أخيها الصغير النائم بين ذراعيها تحدث نفسها بدموع و إنكسار : ياتري إيه اللي هيحصل بكرا ؟! انا هعمل ايه ؟! احنا ملناش حد في الدنيا غير بابا وماما هنعمل ايه بعد ما سابونا ؟! هنعيش ازاي انا وليث ؟! ازاي هجيب فلوس عشانه انا عمرى ما اشتغلت صحيح بابا كان دخله المادي مش كبير اوي لكن عمره ما حرمني من حاجه ولا حتي سمح لحد فينا ينزل يشتغل يعني حتي منعرفش هنتصرف ازاي من غيره !! ياتري مصاريف كُليتي و مصاريف مدرسة ليث هنجيبها ازاي ؟! هنعيش منين يارب ؟!... وصلت لتلك النقطة وبكت بشده بكت خوفا من قهر الأيام و قسوتها عليهم .

نوفيلا "الورشه"Where stories live. Discover now