مجرد اوهام

24 3 0
                                    

اليوم التالي
جالسة بعيونها الحمراء ، شفتيها المنتفخة ، ملامحها المتعبة
تنظر بصمتٍ لصورة أبيها الذي غادر دون سابق
إنذار
لم تصدق أنه رحل ، لاتزال بصدمة كبيرة

كان الامر صعباً على الجميع ، لكنها اكثر من تأثر..
كان الاقرب لقلبها ، كانت ترا كل شي به
كان قدوتها ، سندها ، اخيها ، أمانها

مضت الأيام عليها كالجحيم بعدما سرقت منها الحياة روحها
أصبحَ ذلك المنزلُ موحشًا مظلمًا خالي من البهجه ، أصبح ذالك المسلسل مجرد ذكرى مؤلمة ، ورائحه وذلك الطعام رائحة ألم ، اصبحت تلك الاماكن مجرد قذائف تدخل مدينة قلبها وتهدمه 
لم تعد تجد اي طعمٍ للسعادة ، ولا ترى للحياة اي معنى
يرتجف فؤادها كلما رأت أبا مع ابنتة ، وتنزف روحها كلما تذكرت أباها
إنها لم تنساه للحظة ، ولن تنساه
تمسك صورته بيديها المرتجفه ، ودموعها تأبى الوقوف
تنهدت والكون يسير فوق قلبها
بنبرةٍ مهتزه اردفت قائلة :
تعاهدنا على النجاة معا ، لما غرقت وحدك ؟
لما تركت ابنتك ؟
صداعٍ داهم رأسها ، وسكاكينٌ تقطع معدتها
منذ رحيلة .. لا تذرف عيونها دموعًا لا وبل يذرف جسدها ألما

حالها كحال عازف بيانو تدربَ طوالَ حياتهِ لتلك الأمسية وقبلها بلحظاتٍ قُـطعت أصابعه
كحالِ طفلٍ ضائع يبحث عن أهله طوال اليوم وعندما وجدهم ، استقبلوه بصفعه
ك نـصـفِ إِنـسان فقد نصفه الاخر ..

تبكي ، تصرخ ، تتألم ولا احد يشعر بها
صفعتها الحياة اول صفعة بقسوةٍ شديدةٍ جعلتها تتخلى عن كل أحلامها ، تصحو على تلك الاوهام ...
جعلتها تتجرع الالم و تاكل الحزن و الأسى

تحاولُ التماسكَ رغم كل هذه ، تحاول أن لا تفقد الامل برحيل أبيها ..
تحاول ان تقف على قدميها المكسورتان
تشعر بذرة أملٍ بسيطة ، تقول ان اخويها معها

للأسف
لم تكن هذه صفعتها الوحيدة !!

نـصـفُ إِنـسان Where stories live. Discover now