الفصل الخامس .
في اليوم التالي ذهبت سارة بعد انتهاء عملها لعيادة دكتورة أمل .
ولجت سارة إلي الغرفة نظرت لها د أمل مبتسمه
- عاملة إيه النهاردة وأخبار حلمك إيه لسه بتحلمي نفس الحلم
نظرت لها سارة بعيون حزينة جداً
- اه وزهقت أوي ياريت تقوليلي علي حل يا دكتورة من فضلك
- أكيد يا سارة أحكيلي بقي المشاكل علشان اعرف
كل المشاكل اللي بتوجهيها .
ثم أشاحت دكتورة أمل بعينها وصوبت بصرها علي الشزلونج ثم نظرت لسارة
- تمام أهدي بس كده أي رأيك تجربي الشزلونج النهاردة .
أمأت سارة برأسها بالموافقة فوقفت واتجهت إلي الشزلونج
ونامت عليه ثم وقفت دكتورة أمل أيضا وتوجهت إلي الكرسي
الذي يوجد بجانب الشزلونج وجلست عليه ببطئ:
- سارة غمضي عنيكي و خدى نفس عميق وطلعيه برحه ,
أحكيلي بقي مالك إيه اللي محتارة فيه في حياتك من فترة لان ده
تفسير الحلم أن في حياتك أمرين محيرنك جداً وصعب الاختيار
بنهم أو أنتِ رفضهم الأتنين وبتحاولي تقومي بس مش قادرة ؟
تقريب الأمر صعب عليكي ؟
قصت "سارة" علاقتها المتوترة باهلها وحيرتها في الاختيار بين محمود و هيثم .
سألتها دكتورة أمل عن أي موضوع تحب أن تبدا الحديث عنه
فتحدثت عن أكثر ما يشغلها في تلك الفترة وهو اختيار هيثم أو
محمود , فطلبت منها دكتورة أمل أن تحكي لها عن شخصية
محمود
- احكيلي يا سارة عن محمود مدام مترددة يبقي في
صفات فيه مش عجباكي أحكيلي بالتفصيل.
أجابتها سارة وهي مازالت غمض عينها
- أنا اتعرفت علي محمود في الشغل هو مهندس زميلي في نفس الشركة اللي بشتغل فيها من شهور وهو بيطلب مني أننا
نتخطب أونتجوز بس أسلوبه في الشغل ومعايا خوفني منه
ديما عايز يسيطر علي كل إللي حوليه شايف رأيه هو بس
إللي صح ومغرور في نفسه جداً بشكل مش طبيعي بيتريق علي المهندسات علي أساس أنهم أقل شأن منه لأنه راجل و هما بنات طبعا لمة كلمته قال أنا مقصودكيش وكلام ده وكل أصحابي بيقولي الرجل بيتغير بعد الجوز وبيكون أهدي بس كل تعامله وكل يوم بتأكد أن الشخص ده مش ممكن يتغير ابداً شخص قاسي معندوش أي نوع من المشاعر مش شايف غير محمود وبس كل حاجة بيقولهالي بتكون عبارة عن أمر في شكل متذوق وبيكرر كتير أوي كلمة أنتِ مطيعه أنتِ
هتسمعي الكلام حولت اتهرب منه كتير جداً
لكنه قابل والدي وعمي وبيضغط عليا جداً علشان اتجوزه, في
الأول كانت فكرة تدينه ده احترام وحاجة حلوة لكن بعد لمة
اكتشفت أنه شخص عايز يسيطر على اللي حوليه وعليا أتخنقت و بدأت انفر منه بشده لكن ضغط أهلي عليا والسن خوفني جداً
بيقوله كلام من نوع حد لقى، سنك كبر، ربنا ممكن يعقبك و مش هيجيلك أحسن من كده لو اتبترتي هيضيع منك وربنا مش
هيرضى عنك مش هتتجوزي ما بقتش عارفة فين الصح ارفضه وله اقبله من خوفي, بس من جويا رفضاه ورفضة أسلوبه
وحاسة أني مش هتجوزه لاحاسة أني هدفن نفسي في قبر هو
اللي حفره ليا مش عارفة أنا عملت إيه علشان شخص زي ده
يبقي في حياتي وعايز يتجوزني.
تنهدت دكتورة أمل ثم تسألت:
- أنتِ بتخافي من أن حد يقيد حريتك أو يفرض عليكي رأيه صح ؟
رمقتها سارة بدهشة
- فعلا يا دكتورة .
- طيب يا سارة أكيد الشخص ده مجاش ليكي
من فراغ أنتِ عندك مخاوف أصلا من أنك ترتبطي بشخص
مسيطر علي حياتك ودي غلبان اللي حصل , المشكلة دي ليها
أسباب أساسية من الطفولة , قوليلي مين أول شخص في حياتك حسيتي أنه بيحاول يسيطر عليكي وعلي تصرفتك أو بيفرض
عليكي رأيه ؟
أجابتها سارة بسرعة وبتلقائية
- ماما هي اللي طول عمرها عايزة تمشي حياتنا علي مزاجها
شايفنا كلنا غلط وهي بس اللي صح وبتفهم وإحنا نكرين لجملها علينا لو اعترضنا علي أي قرار ليها.
ابتسمت دكتورة أمل
- تمام من هنا بدأت المشكلة هو ده الجذر وجود الشخص ده في
حياتك هو ده سبب جذب الشخص ده ليكي , لأنك رافضه السيطرة ولان والدتك لعبت دور كبير في أنها تحاول تسيطر علي حياتك
هنا شعرت سارة كمن وجد كأس ملئ بالماء بعد ظما شديد.
- ياه معقول معاملة ماما هي السبب طيب أي الحل يا دكتورة ؟
- دلوقتي عايزكي تحكيلي علي المواقف اللي والدتك عملتها
وحسيتي وقتها أنها عايزة تفرض سيطرتها عليكي وبعد ما
نخلص مواقف والدتك عايزكي تحكيلي كل موقف لمحمود
حاول أنه يسيطر عليكي فيها ولو في أشخاص تانين لعبوا نفس الدور في حياتك هتفتكريهم وأنتِ بتحكي.
بعد ذلك بدأت دكتورة أمل في تفريغ مشاعر سارة تجه مواقف
والدتها للسيطرة فوصلت بها لمحايدة مشاعرها وسامحت سارة
والدتها لما فعلته بها وأفهمتها دكتورة أمل عن الأسباب التي من
الممكن أن تكون دفعت والدتها لتصرف بهذا الشكل دون قصد
منها وأن مثل هذه التصرفات لها عدة أسباب مثل جهل والدتها
بالتربية السليمة أو اسقط لافعال قد حدثت لها من قبل وغيرها من الأسباب التي تدفع لمثل هذا السلوك , ثم طلبت دكتورة أمل من سارة أن تركز على تلك المشكلة فقط ولا تأخذ أي قرار حاليًا حتى تنتهي منها تماماً بعد ذلك سيتناقشوا في ما بقي من المشاكل
وأعلمتها بانتهاء الجلسة لهذا اليوم .
***
في الاسبوع التالي ذهبت سارة لعيادة دكتورة أمل لأكمال باقي
الجلسات العلاجية بعد أن لمست راحة وتغير في معاملة والدتها وتقبل سارة لها , وأثناء الجلسة وبعد تحرير مشاعر سارة من
مواقف السيطرة التي تعرضت لها بسبب محمود, ثم رفضها
لفكرة السيطرة علمتها دكتورة أمل كيفية اشباع احتياح الحرية
لديها وأن مصدر كل شئ هو الله وهو من نستطيع أن نحصل منه علي أي احتياح دون نفاذ لذلك الاحتياج , حتي أن مشاعرها
أصبحت محايدة تماماً لتلك المشكلة, وقامت سارة بتخاذ قرارها
برفض محمود بكل هدوء فأخبرته عندما قابلته في الشركة عن
قرارها النهائي وأخبرت أسرتها بذلك القرار أيضا لم يتقبلوا كما
هو متوقع ولكنها أصرت علي رأيها هذا القرار اغضب المهندس محمود كثيراً كما أنه شعر بالإحراج من زملائه في الشركة ,
فأسرع وتقدم لريهام المهندسة الجديدة التي حضرت إلي الشركة
منذ شهرين بل وتزوجها علي الفور دون خطوبة أو تعارف حتي
يغيظ سارة.
في ذلك الوقت قابلت سارة صديقتها سلمي وأخبرتها مع حدث
فحزنت سلمي لاجلها ولكن سارة أخبرتها أنها غير نادمه على
زواج محمود فقالت لها سلمي أن الله سيعوضك قريباً ابتسمت
سارة وأخبرتها أنها ستستمر في الجلسات العلاجية لأنها وجدت
أنها مفيدة لها تماماً وعلمت منها لماذا قابلت شخص محمود في
حياتها .
في الأسبوع التالي بعد أن فرغت سارة من عملها ذهبت لعيادة
الدكتورة أمل استقبلتها دكتورة أمل بترحب شديد ثم ذهبت سارة
ورقدت علي الشزلونج براحة جلست الدكتورة أمل علي الكرسي بجانبها:
- إحنا كدا خلصنا مشكلتك مع محمود النهاردة الدورعلي
مشكلتك مع هيثم أحكيلي أي المشكلة بالتفصيل .
- هيثم بقي ده واحد مش مسؤال غير عن نفسه بس
حتي مش بيفكر ولا فاهم أصلا أننا لو اتجوزنا هو هيكون مسؤال عني بشكل كبير ديما بيتكلم عن الجواز علي أنه شكل اجتماعي كل
واحد فينا ملوش علاقة بتصرفات التاني كأننا اغراب ديما مسافر
وبيتكلم أنه حتي بعد جوز هيسافر مع أصحابه وأن دي حياته ولزم اتقبلها كدا وأنا عايزة اتجوز علشان يبقي عندي شريك حياة مش
شخص غريب ملوش لزمه ديما معه خايفة علي نفسي ومش
حاسه بأمان.
سألتها دكتورة أمل عن الشخص الذي طالما دائما تركها وشعرت
معه بنعدم الامان والمسؤولية تجاهها رغم مسؤوليته عنها.
أجابتها أن والدها كان كثير السفر في شبابه وكان يعمل بالخارج لعشرين عام حتي كبر في العمر وجلس بسبب سنه في المنزل
واكتفي بمشروع صغير وأنها كانت تشعر طوال هذه السنوات بأنها في حاجة لحماية وسند لها وأن هيثم يشعرها دائما بالخوف وعدم
الأمان تنهدت دكتورة أمل ثم اخبرتها أن خوفها بسبب ظروف
والدها في العمل هي ما صنع تلك المشكلة وجذب شخص لها مثل هيثم وعن احتياج للأمان والسند ثم أخبرتها بالاستعداد لتحرير
مشاعرها من عدم وجود السند وخوفها من عدم وجود أشخاص
مسؤالين عنها فبدأت من السبب الرائيسي وهو ظروف سفر
والدها .
في الأسبوع التالي وفي الجلسة التالية بدأت في تحرير مشاعرها
السلبية نحو هيثم وفي الجلسة التي تالتها علمتها كيفية أشباع
احتياجها للأمان وأكدت عليها أن الله مصدر كل شئ في الكون
حتي أن سارة أصبحت لا تخشي عدم وجود أشخاص مسؤالين
عنها لان الله هو مصدر أمانها وأن الله باقي .
في تلك الفترة كان هيثم قد عاد من السفر وذهب لمنزل سارة
متأملا أن تكون قد أتخذت قرار الأسراع في الارتباط به لأنه
شاب لا يعوض كما كان يقول عن نفسه ولكنها فاجئته وتفآجأ
الجميع باعتزار سارة عن الارتباط به حتي أن والدتها أعلنت
غضبها
واستيائها الشديد ولكن سارة لم تهتم لذلك كثيراً وأصرت كل
الأصرار علي رأيها, حاولت والدتها لإسبوعين أن تقنع سارة عن
الترجع عن رأيها ولكنها توقفت عن ذلك حين علمت أن هيثم قام
بخطبت صفاء صديقة سارة من الجامعة وبدأت تلومها وتوبخها
علي ضياع مثل تلك الفرصة التي لم تعوض أبداً حزنت سارة
قليلاً ولكنها علمت في أعماقها أنها فعلت الصواب .
***
في ذلك الوقت ظلت سارة لشهرين لا تذهب لعيادة دكتورة أمل
لانها انشغلت كثيراً بعملها في تلك الفترة .
في أحد الأيام عندما كانت سارة في العمل سمعت مثل بقي
المهندسين المحضر وهو يسأل عن المهندس محمود فعندما سألته
السكرتيرة لماذا يريده أخبرها عن قضية الخلع التي رُفعت عليه
وأنه أتى ليعلمه أن زوجته قامت بخلعه فكانت فضيحة مدوية حين وقف المهندس محمود يستمع إلي تلك الفضيحة حتي أنه ظل
يصرخ حتي فقد الواعي وقام بتقديم استقالته من الشركة بعد
تلك الفضيحة فرحت سارة قليلاً لأنها تأكدت أنها فعلت الصواب.
بعد أن سمعت من أحدي صديقات زوجته ريهام أن الزواج لم يدوم طويل وأنها جلست معه شهرين فقط كانت تذهب فيهم غاضبة
لأسرتها بسبب تصرفاته القاسية أكثر ما كانت تمكث في منزله فقد تركها لشهرين في منزل أسرتها ظنا منه أنه يعاقبها بتركها
خارج جنته وأنها تتأدب لتعود له ذليلة فقد كان نرجسي يريد
السيطرة علي حياتها وكأنها ليست أنسانة ولها أي حقوق واخيراً
لم يكن يتوقع أن تقوم بخلعه وتبعث له الأعلان علي الشركة حتي
تقوم برد اعتبرها وفضحه أمام الجميع , حمدت سارة الله علي أنها نجت من ذلك الراجل النرجسي المجنون .
بعد تلك الفترة عادت سارة إلي دكتورة أمل والتي رحبت بها بعد
غياب طويل وسألتها ما مشكلتها في تلك الفترة فأخبرتها أن الحلم
مازال يرودها وهي تريد التخلص منه بعد أن هدأت كثيراً من
التخلص من ضغوط الاختيار بين محمود وهيثم .
- طيب يا سارة زي ما اتفقنا أن كل مشكلة وليها سبب وجذر قديمة أحكيلي عن طفولتك أكتر أنتِ إتحجبتي أمته ؟
ومين الأشخاص اللي بسببهم محتاره وبتشوفي نفسك متزمتة
أو منفتحة بزيادة ومش قادرة تتقبلي نفسك ؟
غمغمت سارة
- مش عارفة يا دكتورة
- طيب يا سارة يلا نأخدها واحدة واحدة والسبب
هيبان لوحده قوليلي أنتِ أمته إتحجبتي وإتحجبتي ليه ؟
- إتحجبت وأنا في الجامعة لمه شوفت معظم البنات في
جامعة محجبات فاتحجبت زيهم .
يعني ماكنش قرارك أنتِ ؟
- .. لا .
كتبت دكتورة أمل بعض الملاحظات في دفترها ونظرت لسارة :
- تمام يا سارة تعالي نرجع لورا أكتر أحكيلي عن المدرسة وأنتِ صغيرة كان مين أصحابك؟
- كان في بنات كتير معايا وكنت بحب أصاحبهم
علشان محبوبين من اللى حوليهم بنات كده إللى بيقوله عليها شقية
ودلوعه إللى بتصاحب أولاد وبتحب وتتحب وتخرج كده يعني و
ممكن يشربون سجاير.
نظرت لها د أمل وابتسمت بهدوء
- وأنتِ أي رأيك كنت مبسوطة من صحبيتك للبنات دي وكنت بتعملي زيهم ؟
غمغمت سارة
- مش عارفة بس كانوا محبوبين والناس بتحب إللى
كدا عارفة أنا ماكنش عندي شجاعة أخرج مع أولاد وأحب في
الفترة دي بس كنت بسرق السجاير من بابا لمه يكون أجازة
واشربها في اوضتي من غير ما حد يعرف بس دلوقتي بطلت كنت عايز أقالدهم مش أكتر .
ابتسمت د أمل وأمأت رأسها بالإيجاب وبنبرة مليئة بالمرح:
- بس كده سجاير بس؟
ضحكت سارة بخجل:
- طيب هحكيلك, رغم مش بحب أتكلم في الموضوع ده خالص بس هحكيلك بصي في وقت كنت مصاحبه بنت
أوى كان أسمها نسمة كانت بنت جميلة وشعرها كيرلي طويل و
عيونها رمادي كان إي حد بيشوفها يعجب بيها كانت معايا في
المدرسة الثانوية خرجت معاها ومع صاحبها في مرة وكان
معاه واحد صاحبه قعد يتعرف عليا وأتمشينا , مرات عمي من
حظي الوحش شافتني وفضحتني عند كل العائلة ومن ساعتها
شايفني منحرفة وصايعة رغم كانت أول مرة وبعدها معملتش
كدا لحد ما أشتغلت وأتعرفت علي محمود في الشركة اللي بشتغل فيها وهيثم ابن صاحبت ماما , والأثنين اتقدموا لأهلي وأهلي
عرفين بس أنا ماكنتش عارفة أخد قرار في موضوع زي
ماحضرتك فاكرة يادكتورة كنت محتارة بنهم لحد لمه حضرت
جلسات مع حضرتك وقدرت أخد قراري وكمان بسبب موضوع
الرفض ده حاليا شايفني وبتقول عليا أني رافضت
الجواز علشان ادور علي حل شعري زي ما بتقول عليا ديما .
قاطعتها دكتورة أمل قائلة:
- تمام كدا الحمدلله وصلنا لسبب بعد موقف زوجة عمك منك
أنها شايفكي بنت مش كويسة دي ترجمة البنت اللي لبسه لبس
منفتح
وغير محتشم والنقاب والبس اللي معه هو الصورة اللي هي بردو عايز تحطك فيها وفي سبب تاني أنا شايفة من خلال كلامك
أنك لزم تتعلم تثقي في نفسك وفي أختيارتك وده أنا هعلمهولك
ياسارة بعد ما طبعًا تحرري مشاعرك السلبية لموقف زوجة عمك
بس كفاية كده النهاردة ونكمل الأسبوع الجاي