" الروح || Soul "

Por Nadeen_Elf

5.4K 458 1.3K

اعلم انني احبك حد الاحتياج ؛ احبك حد التعلق حد التملك ، احبك بأسمى انواع المشاعر وأكبرها قدراً وأعظمها معنى ... Más

المقدمة
الفصل الأول
الفصل الثاني
الفصل الثالث
الفصل الرابع

الفصل الخامس والأخير

651 76 281
Por Nadeen_Elf

اياً كان السبب .. انا خائفة .. لا اعلم اي نوع من العذاب هو ما تعانيه ، ولا اعلم ان كنت انانية بأفكاري ومشاعري ولكن .. دعنا لا نبحث عن جسدك اكثر ....
دعنا نتوقف هنا ونتابع حياتنا متناوبين على جسد واحد ، سأمنحك مساحة في جسدي للأبد فقط لا تتركني ..!

اعتقد ان شيئاً من افكاري هذه تسرب اليه على حين غرة مني بينما كنت سارحة في لج افكاري فتوارت ملامحه خلف الصمت والسكون للحظات بينما تكاثفت دموعي في سجن عيناي احاول منعها من الانهمار
لا يجدر بي ان اكون انانية بهذا القدر ؛ اعلم جيداً مقدار معاناتك وضياعك ، اعلم انك لست مرتاحاً بالعيش كروح عالقة بين السماء والأرض
واعلم انني احبك حد الاحتياج ؛ احبك حد التعلق حد التملك ، احبك بأسمى انواع المشاعر وأكبرها قدراً وأعظمها معنى
واعلم ان حاجتي لك تساوي حاجتك للعثور على ذاتك وشق طريقك نحو قدرك فمن انا لأقف بوجهك ؟!

نفيت برأسي ابعد تلك الأفكار عني وابتسمت بخفوت لأخفف عنه ثقل ذلك الشعور بينما تكلمت : دعنا نبحث بين حاجياتك لعلنا نعثر على شيء ينفعنا ، ان كنت محتجزاً في احد كبسولات التبريد فلابد من سبب لذلك

أشار بالموافقة وتقدمني ليبدأ البحث بين حاجياته عن اي شيء له صلة بالبحوث التي كان يعمل عليها
أخرج جهاز حاسوب ليتكلم بينما يحاول فتحه : لعلني اجد فيه شيئاً

اقتربت منه بانتظار ان يفتحه ؛ وبالفعل تمكن من فتح الجهاز بسهولة فلحسن الحظ لم يكن يحتوي على رمز للدخول
قلب بين الملفات باهتمام بالغ حتى وصل الى ملف كان محفوظاً باسم والدي مما جعل ملامحي تتعجب وانا اشير له بفتحه ففعل
كل المعلومات التي يحويها الملف تتحدث عن نظرية حفظ الخلايا الحية بالتبريد التي كان يعمل عليها هو وابي على ما يبدو
لكن ما حل علينا كالصاعقة هو معلومات غريبة كانت تشير الى تورط عمي بقضايا غير شرعية باستخدام تلك البحوث
كما عثرنا على فيديو مرفق بتلك المعلومات فشاهدناه لتتحجر ملامحي وتتراقص الدموع بفخر على وجنتي

يحتوي ذلك الفيديو على تسجيل لحوار بين ابي وعمي يعود لقبل ثلاث سنوات ويبدو ان الحوار اشتد بينهما مما جعل عمي يثور غضباً ويغادر المكان ساخطاً
ثم يتلوه تسجيل اخر حيث قام عمي بالعبث ببعض المواد الكيميائية المتواجدة في مختبر ابي وبعده بوقت قصير وصل والدي ليشرع بعمله وحينما استخدم تلك المواد بدأ يسعل بقوة كما لو انه يشعر بالاختناق قبل ان يسقط أرضاً فاقداً للوعي
وعندها تدخل رجل متوسط الطول متناسق الجسد وهو يسرع اليه محاولاً انجادة وعندما ظهرت ملامحه على الشاشة اتضح انه كان دونغهي بنفسه لكنه وصل متأخراً ليفقد ابي اخر انفاسه بين يديه ..

ما تعنيه هذه التسجيلات ان ابي لم يمت متأثراً بخطأ في استخدام المواد الكيميائية كما ظننا ، وانما قتل بتدبير متعمد من عمي !
قلبي .. أشعر انه على حافة الانهيار ، اي نوع من الأكاذيب هو الذي كنت اعيشه حد الان ، اي نوع من الطمع هو ما سيطر على البشر ليصل بهم لقتل بعضهم البعض بسبب جشعهم ؟!
هل وصل الأمر للأخ بقتل اخيه فقط من اجل المال !!!

ما تحتويه هذه الملفات التي بحوزة دونغهي هو مجموعة من الأدلة التي تشير على قتل عمي لابي الذي حاول ردعه عن استخدام بحوثهم لأغراض غير قانونية !
كلها أدلة على أعمال عمي غير المشروعة جلبت له ثروة طائلة وهذا يفسر ابقاءه لي في منزله !
ليس فقط حتى لا اقاسمه ارث ابي ، بل كان يحاول ابعادي عن مختبر ابي حتى لا اعلم باعماله تلك ولا اخذ المختبر الذي بات معقلاً لعملياتٍ غير قانونية باسم الارث !

وعلى ما يبدو ان دونغهي كان ضحية عمي الثانية بعد أبي ، بدأت الصورة المشوشة تضح امامي شيئاً فشيئاً
دونغهي كان تلميذ والدي ومساعدة الأول في بحوثه ؛ وهو من اكتشف جريمة عمي بقتل والدي وكشف كل اعماله غير القانونية
وعلى ما يبدو ان عمي حاول اخراسه بطريقة ما ولذلك غادرت روحه جسده وبقيت عالقة لانها انتهكت ظلماً وبأبشع الطرق !

ربما هو بالفعل قد جمع الأسباب الثلاثة التي تترك الروح عالقة بين السماء والأرض ، لقد قتل ظلماً وبقي جسده حبيس احد كبسولات التبريد وذلك ما يجعله ينتظر العثور على جسده ليرقد بسلام
كما انه كان على وشك انجاز عمل ما قبل موته ؛ ولذلك هامت روحه تائهة لانها لم تتنجز مهمتها بكشف حقيقة اعمال عمي القذرة

وامام كل تلك الحقائق التي انكشف الستار عنها لتتجلى بوضوح على مسرح الواقع وجدتني انهار باكية بقنوط
ابي المسكين قتل ظلماً ، وقاتله لم يكن سوى عمي الذي بقيت اسيرة في منزله كسبية طيلة تلك السنوات الثلاث !
والأدهى من ذلك دونغهي ، الروح التي احببتها حد التعلق عانى في سبيل اظهار الحقيقة وأزهقت روحه ظلماً ..

من بين دموعي التي كانت تسف سف الأمطار على وجنتي لتبلل ملامحي المنكوبة وجدته ينظر الي باشفاق مواسياً
لا تواسيني وانت عانيت مثلي واكثر، لا تشفق علي وانا التي وقفت عاجزة منكسرة واستسلمت لهم في حين جاهدت للعثور على الحقيقة وجمع الأدله حتى خسرت روحك ..!

تمنيت منه فقط لو يضمني اليه ، اردت الشعور بأحزاني تتدفق بين ذراعيه وتصب على صدره ليرتاح قلبي
تمنيت لو باستطاعتي التعلق بك والاعتذار لك حتى يبلغ الاعتذار منتهاه ، اتمنى لو بوسعي تعويضك عن كل ما عانيته لكنني اكثر عجزاً وضعفاً من رد معروفك لي ...

وكما لو انه يفهم ترددات قلبي ويصغي لهمسات دموعي اقترب مني وضمني بنظراته الدافئة
اقترب مني بالقدر الذي يجعله كما لو انه يسند جبينه الى جبيني حتى تداخلت روحي بجسدي الذي يحتله ليدور بي العالم واعود الى جسدي فيتمثل امامي بملامحه الهادئة المريحة ونظراته العميقة الشيقة

وامام نظرات التعجب التي رمقته بها تهادى صوته دافئاً رقيقاً يحتضن قلبي الباكي متكلماً : لا تسرفي بالحزن على ما مضى وانقضى ؛ دعينا معاً نظهر هذه الحقائق للعلن ونأخذ بقصاص والدك لتعود الامور الى نصابها
اذا ما قدمنا هذه الأدلة للشرطة سيلقى القبض عليه ويعود اليك كل ميراثك الذي سيطر عليه بحجة رعايتك

أشرت بالموافقة وانا اتحكم بموعي امنعها من الانهمار بوفرة أكثر وانا اضيف بعجز هيمن على صوتي : وعندها سنتمكن من العثور على جسدك في المختبر لتعود حراً ... وترقد ... بسلام ...

ابتسم بخفوت رداً على كلماتي التي أثقلت بحة الحزن على نهاياتها ثم تقدمني الى السرير مشيراً لي بالاستلقاء عليه : احصلي على بعض النوم الان ؛ لديكِ مواجهة كبرى لتقومي بها في الغد .

استلقيت على السرير بطواعية تامة وحدقت به هو الذي بقي واقفاً عند ناصية السرير بتأملني بهدوء كأنما هو حارس من السماء هبط على قلبي ليحميه ويحرسه
لكنني لا اريدك ان تبقى بعيداً هكذا بينما اوشك على الوصول الى اخر محطات رحلتنا القصيرة
لا اريد اي مسافات تفصلنا اكثر بينما تفصل جسدينا المساحات والناس والمنطق ، فدع ارواحنا تتجاور على الأقل ...!

افسحت له المجال على السرير بجواري وطالبته بطرفي ان ينام الى جانبي فابتسم برفق وفعل ما طلبته لتتواجه انظارنا اشتياقاً واشتهاءاً ..
تأملت تفاصيل ملامحه وابحرت بعمق عينيه دون يقين ؛ دعني احفظ سطور ملامحك الفاتنة مرة أخرى أخيرة
دعني أعد رموش عينينك الجميلة ؛ وأبصر اخاديد وجهك كلها ، دعني اتمعن بتفاصيل الحب الذي ارتبط باسمك في صدري
دعني ارسم منحنيات شفتيك بعقلي ، وانحت انحدار ذقنك الحاد في صحائف قلبي ، اريد ان اشبع منك وان احتفظ بكل ما يخصك لعلك تزورني في مناماتي كثيراً ..!

بدا غاية في السكون والسكينة ؛ عالماً من السلام والوئام ؛ تشكلت في عينيه احلامي المفقودة وعالمي التائه وذكرياتي الحزينة .
شعرت بعينيه تعانقني ؛ شعرت بها تضم روحي اليه ، تلحفت بغطاء اهدابه وشعرت بنظراته تربت على قلبي المتلوع حزناً على فراق يطرق ابواب قلوب ازهرت في الحب وحان وقت ذبولها سريعاً ..

تكلم بخفوت ليباغتني صوته الدافئ العطوف هامساً : هل غيرتِ اعدادات رمز قفل باب المنزل ؛ يجب ان تضعي رمزاً تعرفينه لتتمكني من زيارة منزلي بعد رحيلي
لا تهجري هذا المكان ولا تهجريني ؛ عودي اليه دائماً ونامي على هذا السرير وتأكدي انني سأكون هنا بانتظارك لأحتضنك واحميك بقلبي ...

ابتلعت غصة عالقة في حنجرتي وأشرت موافقة : لقد غيرتها بالفعل ؛ وضعت تاريخ ميلادك حتى يتسنى لك دخول المنزل بسهولة اذا عدت لجسدك وحياتك ..

اردت ان ابث له بكلماتي تلك ايماني بقدرته على العودة ؛ بأمنياتي الطفولية اخبرته انني بانتظار ان يعود الى جسده حياً لندخل هذا المنزل معاً
لا اريد ان استلقي على هذا السرير بمفردي ؛ لا اريد التجول بين أزقة الذكريات وحدي ، اريدك معي بكل خطواتي ..!

ابتسم بخفة وتلألأت عينيه بدموع باهتة حاول حصرها لكنني اقتنصتها بدموع عيني عندما نبس : وهل عرفتِ تاريخ ميلادي وحفظته بهذه السرعة ؟

ضحكت رداً على تعليقه : الخامس عشر من اكتوبر ؛ انه عيد سنواتي القادمة وموسم الاحتفالات في قلبي منذ اليوم ..

دونغهي : ماذا عنكِ ؛ ما هو تاريخ ميلادك شين يون آي ؟

نبست بهدوء : ولدت في بدايات ديسمبر مع زخات المطر ، حتى السماء كانت باكية يوم ولادتي !!

رد بخفوت مداعباً : ديسمبر شهر المطر والذكريات ..!

بعبوس أضفت : ديسمبر شهر الدموع والاشتياق والنهايات والوداع ..

نفى برأسه مندداً باصرار : ديسمبر شهر انتعاش الأرض بالمطر ، شهر الأحلام والطفولة ؛ ديسمبر شهر الحب ....

شدد على اخر كلماته ليوقعني في فخ حبه من جديد ؛ لا تزدني فيك تعلقاً وانا المترنحة على ارجوحة هواك ..
لا تربطني بك اكثر وانا المقيدة اليدين ؛ المسلوبة الادراك ، المعصوبة العينين والعاشقة حتى النخاع عندما يصل الأمر اليك ... !

لم أعلم كيف تغلبت على نحيب قلبي الصامت ، او كيف تحملت خفقاتي الموجعة ، لا اعلم كيف استسلمت للنوم وتركته يأخذني من عمق عينيه الساحرتين وصوته العذب
لكنني استيقظت على نسمات ربيعية هادئة انسابت بنعومة على ملامحي لتداعب خصلات شعري وتعبث بنومي ..!
فتحت عيناي مهتدية لجاذبية تلك النسمات البحرية العطرة مدركة بكل اذعان انه مصدر هذا الهواء العذب ..

تأملت ابتسامته الواسعة التي أشرقت في سماء حبي وهو يراقب استيقاظي من النوم باهتمام
أعجب كيف تستطيع الابتسامة بهذه الطريقة المشرقة !
اني لأعجب كيف تستطيع ان تخطف قلبي مرة تلو الأخرى ولا اعترض ..!
كيف سكنت عميقاً بداخلي واستبدلت حلكة أيامي بضياء وجودك ، كيف استهلكت وحدتي واستبحت غربتي وصيرت جحيمي الى نعيم يسكن بين جفنيك ؟

انت ايها الغريب القريب ؛ يا صاحب الابتسامة الربيعية المشرقة والنظرة الحزينة الجذابة ..
انت يا من دخل عالمي عنوة واقتحم حياتي الفارغة على غفلة مني ؛ انت يا حب الطفولة الذي اتى في عمر الشباب واوقن انه سيستمر حتى المشيب ...!
رجلي متكامل الصفات المتشبع بالمثالية ، صاحب الصوت الموسيقي الذي يطرب قلبي ، والنظرة العميقة التي تهلك اوردتي ..
بأي لغات العالم يمكنني ان اخبرك انني احبك لأفي ما بداخلي من شعور نحوك ؟

كيف تعجز كل الكلمات وكل اللغات عن وصفك ؟
ما الجدوى من كل ذلك التقدم والتحضر في حين يعجز كل ما في هذا الكون عن وصف مجرد شعور زلزل كياني واكتسح دواخلي !
احبك بحضرية المدينة وغجرية القرى ؛ احبك بعفوية الطفولة وعبثية الشباب ، احبك بالقدر الذي تعرفه والذي لا تعرفه لي دونغهي ..!

اعتدلت بجسدي اواري احمرار الخجل الظاهر على ملامحي فهربت منه ضحكة خافتة في حين امسكت كلا وجنتاي بكفي أنفخهما بهدوء لأزفر انفاسي محاولة السيطرة على حرارة جسدي
بشكل ما نحن نبدو كزوجين عاشقين ؛ كم هو جميل ان استيقظ على مشاكساتك وضحكاتك العابثة على خجلي !
كم سيكون الأمر رائعاً لو كان بوسعنا ان نمضي ما تبقى من حياتنا معاً هكذا لكن مسار القدر كان قد كتب في صحائفنا من قبل ولا قدرة لنا بالعبث في احكامه ..!

تلاشى خجلي وهبط قلبي حتى ما عدت أشعر بالنبض يضرب في صدري ؛ انه اليوم الموعود ، يوم كشف الحقائق المخفية والعثور على جسده ..
قد يكون هذا اخر صباح اسمع فيه صوته ؛ هو الان بجانبي لكنه في الغد قد لا يكون ..!
احتبست انهاراً من الدموع حاولت الانفجار من مقلتي ونهضت من الفراش امام تعجب نظراته لأخرج ملابسي من حقيبة ظهري
واعتقد انه فهم تعبيرات ملامحي الكئيبة فانسحب من المكان بصمت ليمنحني المساحة الكافية لتبديل ملابسي
اتجهت الى المرحاض لاستحم ؛ فتحت الماء الساخن لاتركه يتدفق بقوة على جسدي لعله يطرد عني حزني
لكنني في الواقع اغتنمت الفرصة بالبكاء بقدر استطاعتي ، تركت دموعي المالحة تخالط الماء الساخن هاربة من عيني بسخاء ..

لا اريد ان اخسرك .. لا يمكنني ان افقدك .. لكنني في اكثر احوالي عجزاً وأشدها بؤساً ..!
انت من جلب لي السعادة والبؤس في الوقت ذاته ، انت من اعادني الى الحياة وقتلني ، انت من عثر علي وفقدته في اللحظة ذاتها .......

بعد ان انهيت استحمامي غادرنا المنزل وبحوزتي شريحة وضعت عليها كل الأدلة التي كان دونغهي قد جمعها مسبقاً لإدانة عمي
اتجهت مباشرة نحو مركز الشرطة لأبلغ عن جريمة القتل التي قام بها عمي ضد والدي ثم سلمتهم الأدلة واخبرتهم عن اختفاء العالم الذي جمع الأدلة وزودتهم بمعلوماته واعتقادي بكونه حبيس احد كبسولات التبريد في المختبر

وبعد ان قامت الشرطة بدراسة الأدلة جيداً أصدر أمر بإلقاء القبض على عمي ومداهمة المختبر بحثاً عن العالم المفقود
وبالفعل انطلقت مع الشرطة نحو المختبر حيث عثرنا على عمي هناك وألقت الشرطة القبض عليه في حين أخذ يصرخ بغضب يدعي البراءة من كل التهم الموكلة اليه
وليدافع عن نفسه اتهمني بالجنون واصر على انني امارس السحر والشعوذة وانني اختلقت تلك الأدلة بنفسي
لكن الأمر لم يسر الى صالحه هذه المرة فصورته واضحة في التسجيل كما تمكنوا مع تفتيش المختبر ومكتبه الخاص من العثور على بعض الوثائق التي تؤكد تورطه بأعمال غير قانونية

وفي خضم تلك الفوضى العارمة كانت نظراتي تلاحق دونغهي الذي أخذ يطوف في المكان بحثاً عن جسده بينما لم يتمكن رجال الشرطة من العثور على كبسولات التبريد التي تحتوي على جسده
كما رفض عمي الإدلاء بأي اعتراف عن كونه يعلم شيئاً عنه او عن سبب اختفائه او مكانه

حتى رأيته اخيراً يعود الي بعينين جزعتين وملامح بائسه ليهمس بالقرب من أذني بصوت مزق اوتار نبضي : انا هناك ....

أشار ناحية الجدار فتعجبت نظراتي قبل ان اتقدم بسرعة نحو ذلك الجدار اضربه بهدوء لأسمع صدى صوت من خلفه يؤكد وجود حجرة خلف الجدار
اسرع رجال الشرطة ناحيتي ليتأكدوا من ان هذا الجدار ليس سوى باب سري أجبروا عمي على فتحه ليجدو خلفه غرفة واسعة معتمة
خطوت داخل تلك الغرفة بقلب متوجس خائف لتلفحني برودة قاتلة تتسم بها تلك الغرفة المظلمة بينما تتناثر فيها كبسولات التبريد الضخمة .

توسعت خطواتي وتسارعت لأجري خلفه حيث كان يدلني بينما تقدم رجال الشرطة بحذر يتفقدون جوانب الغرفة ومحتويات الكبسولات
توقفت خطواتي أخيراً عندما رأيته يقف امام كبسولة ما مبتسماً ببهوت يخبرني انني وصلت
أشعر بقيود تكبلني تمنعني من التقدم اكثر ، اريد مساعدتك وتحريرك من ذلك العذاب المطقع
اريد رؤية ملامح جسدك ولمس تفاصيلك والشعور بوجودك ؛ لكنني خائفة ، اخشى انني اقترب من فقدانك في كل خطوة متمهلة اتخذها اقرب نحو تلك الكبسولة التي تحتوي على جسدك ..!

وصلت اليها اخيراً لأنظر عبر الزجاج بقلب متوجس وهواجس الرحيل تسيطر علي فهمس بضعف : حرريني يون آي وحرري نفسك ؛ لقد نال المجرم الذي قتل والدك عقابه وسترد لك جميع حقوقك بعد محاكمته ؛ وبعد ان أديت مهمتي وتم كشف الحقيقة حان الوقت لأرقد بسلام ..

نبست بخفوت من بين دموعي : لا استطيع ان اخسرك دونغهي ؛ قلبي يؤلمني فلا تتركني !

ايتلع غصته وران الحزن والركود على ملامحه متكلماً : أشعر بالبرد .. انجديني ...

انهمرت دموعي بقوة على وجهي واضمحل صوتي بخنقة شهقاتي وانا اردد بألم : لا تتركني دونغهي ؛ ارجوك لا تفعل !

ابتسم بوهن امام ضعفي وقلة حيلتي : اعثري لنفسك على حلم تعيشين من اجله يون آي ، لا تتركي نفسك للحزن والضياع ، لا تفقدي روحك للوحدة المضنية واكتنفي حياتك لتعوضي كل ما فاتك
لا تعيشي بلا هدف ودونما أحلام لان هذه لا تعد حياة ؛ ابتسمي باشراق واحبي بجنون وامرحي بعنفوان ...

أي نوع من الوصايا هذه !
اي نوعٍ من الوداع هو ما تلقيه على قلبي المنكوب الان ؟
اي حب واي احلام وانت حبي الاوحد وحلمي الوحيد ..!

امام صمتي واستسلامي للدموع شعرت بنسماته الناعمة تهب على قلبي كالعاصفة تحطم كل بنياني
نظرت اليه وهو ينفخ على وجهي بنعومة مبتسماً قبل ان يمد يده الى وجهي كأنما يمسح دموعي متكلماً : انتهى فصل الدموع الان ؛ لا استطيع ان امسح دموعك بأناملي لكن دعي نسمات الهواء دائماً تفعل ذلك بدلاً مني وابدأي من جديد

حركت رأسي موافقة بخنوع فأضاف : حرريني ارجوكِ فأنا اتألم من ذلك البرد القارص ...

استسلمت لحزني وحركت يداي المرتجفتين اضغط على ازرار الكبسولة ليفتح زجاجها ببطء فتثور أبخرة تكاثفت امام بصري لشدة البرودة التي هبت من داخلها ..
وبعد ان تلاشت تلك الأبخرة رويداً  رويداً بدأت ملامحه تظهر لي أكثر وضوحاً وهو يرقد في ذلك المكان البارد بهدوء

ملامحه شاحبة مائلة للبهوت ؛ شفتيه زرقاوين متجمدتين ؛ شعره الكستنائي متحجر تصلب على جبينه الأبيض الثلجي بقوة
لا تفوح منه إلا رائحة البرد ؛ لا يبدو عليه اي نوع من انواع الحياة كما لو انه جثة هامدة ..

رفعت نظري الى روحه التي بدأت تزداد بهوتاً فابتسم لي مودعاً : أشكرك لمساعدتي يون آي .. وداعاً ...

نفيت برأسي بينما فقدت حروفي ؛ لم يعد يخرج صوت من جوفي في حين لم يصغي الى دموعي ونام بحرية داخل جسده المتجمد لتتوحد روحه بجسده فيغيب صوته عن مسامعي ويتلاشى حسيس وجوده ..!
صحت بكل ما في قلبي من حزن وضياع ؛ رفعت جسده ألمسه للمرة الأولى وضممته الي بقوة أخفي رأسه عند عنقي لأبلل ملامحه بدموعي الساخنة فتكاثفت كالندى على صفحات وجهه الباردة ..

علا صوت نحيبي ارجوه ان يفتح عينيه ويعود لي ؛ ارجوك افتح عينيك وقل انك ستبقى الى جانبي
ارجوك بادلني عناقي ودعني استطعم لذة اول تواصل حقيقي ملموس بين جسدينا ..
انا لم اخبرك بعد انك كنت حلمي الجديد ؛ لم أخبرك انك اول احلامي واكبرها واكثرها جمالاً وروعة !
دعني أسرد عليك باسهاب تفاصيل حلم جميل يجمعنا ، دعني انطق لك بمدى عشقي الذي احتوية بقلبي لك ..

وامام صياحي وعويلي اقترب مني رجال الشرطة والمسعفين الذين طلبتهم الشرطة وحاولوا سحبه من بين يدي ليقوموا بفحص حالته
لكنني تمسكت به بكل قوتي ؛ انا التي اعتدت ان اكون ضعيفة مستسلمة ، انا التي سلمت نفسي لليأس طويلاً فأجدني لأول مرة اتمسك بقوة وارفض الاستسلام امام اصرارهم !
فما كان بوسع المسعفين سوى فحصه وهو بين يدي أضم رأسه الى صدري ؛ فتحوا ازرار قميصه الأزرق بقوة ليضعوا سماعاتهم عند صدره متتبعين صوت نبضه

صاح الطبيب المسعف بهلع : جسده بارد كالجليد ولا اسمع صوت نبضه ؛ يجب ان يتم نقله الى غرفة الانعاش في الحال !

اخذوه من بين يدي ليوضع على النقالة واخذ الى سيارة الاسعاف فصعدت الى جانبه لنتجه الى المشفى بأقصى سرعة
أبقيت على كفه حبيسة قبضتي كأنني اخشى ان يختفي من بين يدي فلا أعثر عليه أبداً حتى وصلنا المشفى حيث تم نقله الى غرفة الانعاش بسرعة

قام الأطباء بفحصه بسرعة وحقنوه ببعض الأدوية بمحاولات يائسة لرفع درجة حرارة جسده لعل أجهزته تعود للعمل بشكل طبيعي بعد تجمدها لوقت طويل
لكن من بين تلك الحركة التي ضجت حول سريره دوى صوت صافرة الأجهزة تعلن انعدام أي أثر لنبض قلبه وانهيار مؤشراته الحيوية ورافقتها صوت صيحتي العالية لأنهار أرضاً عاجزة عن الوقوف بعدما خانتني قدماي وعجزت عن حمل ثقل نكبتي بك ....

اسرع الأطباء باستعمال جهاز الأنعاش ليصعقوا قلبه مرة ؛ مرتين ؛ ثلاث مرات بلا جدوى
صعد الطبيب أعلى سريره وأخذ يحاول انعاشه بيديه وهو يضغط على قلبه دون ان يحرز أي تقدم ..
تنهد الطبيب بيأس وهو ينزل من اعلى السرير ثم اشار للمرضات بالمغادرة معلناً وفاة المريض ........

اعتدلت بجسدي الضعيف استجمع قواي التي خارت لأتخطى الأطباء كجثة متحركة لا حياة فيها واستلقيت على السرير بجانبه وتحت أغطيته لأضمه الي بكل قوتي عناقاً أولاً وأخيراً ...
أبعدت قميصه الذي كان مفتوحاً بالفعل وخلعت عني قميصي لأترك جسدينا يتلاحمان دون أي أغلفة تفصل بينهما
اعتدت ان امنحه دفئي لانقذه من برودته ، ولعل دفئي ينقذه من جديد ؛ بكيت بحرارة وتمسكت فيه بقوة فعجز الاطباء عن ابعادي واستسلموا لي لينسحبوا مبتعدين عنا بعد ان ما عاد شيء بوسعهم ليفعلوه من اجله ..

أخفيت وجهه عند عنقي وضممته بكلتا ذراعي تاركة دموعي الساخنة تنساب على جسده بحرية وهمست بنبرة أثقلها البكاء : افتح عينيك ارجوك ؛ اعلم انك لازلت هناك تحارب الموت فلا تتخلى عني ..
عليك ان تسمع اعترافي ؛ عليك ان تصغي لصوتي وانا اخبرك بمشاعري ..

قبلت جبينه بنعومة لأضيف وقد ارتفعت حرارة جسدي لمجرد شعوري به وتسارع نبضي بلهفه لاحتوائه للمرة الأولى بين ذراعي : انا احبك دونغهي ؛ لقد شغفتني عشقاً واحتللت كل اوردتي بسموم هواك ..!
أيمكنك سماع صوتي يناجيك ألا تتركني ؟
لا تذهب الى السماء بدوني ؛ عد الي او خذني اليك ، انا لا استطيع استعادة نفسي منك ، لا يمكنني ان اعيش بدونك
انت هو حلمي الوحيد ؛ انت من دفعني لأحلم واحيى فهلا كنت حلمي الذي يصبح حقيقة واصبحت حياتي الجديدة ..؟

شيئاً فشيئاً بدأت أشعر بدفئ جسده يلامس بشرتي عوضاً عن برودته القارصة ، رويداً رويداً بدأت أستلذ انفاسه الهشة التي أخذت تصب فوق عنقي بسلاسة ..
لأول مرة تركت اناملي تتلمس ملامحه بملاطفة استشعر فيها ملمس وجنتيه الناعمتين وخط فكه الحاد ودموعي أشبه بنهرٍ جاري تفجرت ينابيعه بقوة تصب على ملامحه ..
لاعبت نهايات شعره الكستنائي الحريري لأنحدر بأناملي الى خط عنقه نزولاً الى عضلات صدره المرصوفة لأترك كفي تعانق وهن نبضه المتباطئ الضعيف الذي بدأت أشعر به لتوي بينما احدق بشفتيه اللتين بدأ لونهما الأزرق يتحول للبهوت حتى لامستها بشفتي ..

دعني اقبلك دون اعتراض ؛ دعني أدلي بكل اعترافات مشاعري دونما تأجيل على حدودك الشائكة
اسمح لي ان اسرق منك القليل بعد ان سرقتني كلي ؛ دعني أشبع اشتياقاً لاذعاً وحباً مُهجراً قُذِفَ به الى مخيمات الحرمان منذ ولادته ..!
دعني استبيح كل محرماتك واستلذ بكل تفاصيلك حد الشبع والتشبع ؛ دعني اتشرب تفاصيلك التي تقت للشعور بها طويلاً ..

قبلته بهدوء ونعومة ؛ تركت برودة شفتيه تعانق حرارة مشاعري وتنصهر بدفئ حبي وسخونة انفاسي
تهت في محطات الحب ولم اعثر على سبيلي للخروج ؛ علقت بين شفتيه ورميت عقلي ويقيني
قبلته بجنون ؛ بحب .. باشتهاء وارتواء ...

لوهلة خيل الي انني استشعر مبادرته لملاحقة قبلاتي ؛ لكنني تأكدت من ذلك الشعور عندما لامست انامله الباردة وسطي وشدتني اليه اعمق
وعندها فقط حررت شفتيه لأنظر اليه من بين دموعي التي تجمهرت في عيني فعاد ليدس رأسه عند عنقي لتتهادى انفاسه برفق على مسامات قلبي ..

تساءلت بقلب متلهف هدته الظنون : لقد استيقظت ؛ انت لم تتخلى عني وعدت من اجلي !!

ببهوت همس لأصغي لصوته بقلبي قبل أذني : علي الرد على مشاعرك ؛ علي ان اخبرك بأني احبك والا هامت روحي بين السماء والأرض من جديد متقفيةً أثرك ...

غلغلت اناملي بين خصلات شعره اتمسك فيه أكثر ابكي دموع الفرح فأضاف بحب : لقد انقذتني ؛ دفؤك هو من اعادني ..
بدونك كان البرد ليقتل حواسي وجسدي ؛ لكنك اعدت الحياة لقلبي ؛ حبك اعاد تدفق الدماء الساخنة في عروقي لتنعش أعضاء جسدي وتعيدها للعمل ..!

برفق أجبت : هل انت بخير الان ؛ هل اشعر بالدفئ الكافي ؟

دونغهي : طالما انت بجواري هكذا فلن يزورني البرد أبداً ...

بعد وهلة من ذلك العناق الحفي وتبادل همسات الحب والنبضات الولهة عاد الأطباء لفحصه من جديد وتأكدوا من انتظام نبضه وعمل جميع اجهزته بشكل سليم كما عادت مؤشراته الحيوية لطبيعتها فأقروا انه نجا بأعجوبة وانني حققت معجزته ..
اذ ان دفئ جسدي مد جسده بالدفئ الكافي ليسترد قدرته على العمل بشكل طبيعي لينجوا من الموت !

وبعد الكثير من الفحوصات والقليل من تحقيقات الشرطة بسبب حالته الصحية تم نقله لغرفة خاصة لأتمكن من الاستفراد به والتحدث معه بحرية رغم تعبه وحاجته للراحة لكنه أصر على قص الحكاية كاملة لي
بداية من كونه قابل والدي للمرة الأولى اثناء دراسته الجامعية حيث كان والدي استاذه المفضل الذي برع بمواده
وبعد تخرجه اراد العمل مع ابي وقاما معاً ببحوثهما العلمية في مختبر ابي لتحسين نظرية حفظ الخلايا الحية بالتبريد

اخبرني ان والدي كثيراً ما حدثه عني ؛ وانه اعتاد ان يريه صورتنا معاً يوم تخرجي من الثانوية ليتكلم بثقة مصراً انه سيقع في حبي لا محالة اذا رآني لانني اجمل فتاة في الوجود
علمت منه ان ابي كان دائماً ما يفخر بي ويشعر بالذنب لعدم تفرغه لرعايتي وتركي تحت رعاية زوجة عمي القاسية
وانه توعده بالموت اذا واعد فتاة غيري او فكر بالزواج من سواي !

على ما يبدو كان والدي معجباً بدونغهي كثيراً واراد ان يجمعني به ليجعله ابنه في القانون ؛ اظنه وجدنا ملائمين بما يكفي لنكون معاً وبذلك نكون قد حظينا بمباركته قبل ان نلتقي حتى !!

ثم وصل بنا الحديث الى ذلك اليوم الذي توفي فيه ابي وكيف انه لم يصدق وقوع معلمه بخطأ واضح كهذا بدمج المواد الكيماوية فبحث عن الأمر جيداً وحصل على التسجيلات التي حاول عمي اخفاءها وجمع الأدله ليواجه عمي بفعلته
لكنه لم يتوقع ان يقوم عمي باستغفاله ليحقنه بإبرة مخدرة على حين غرة ؛ وحالما فقد وعيه قام بحبسه في كبسولة التبريد على ما يبدو ليخفي اثار جريمته ويستفيد منه باستخدامه لتجريب نجاح عملية التبريد او فشلها ...

ومن هناك ؛ بعد ان تمكن منه البرد غادرت روحه جسده وهامت في ضلال الى ان عثر علي ....

الأرواح المقدرة لبعضها لابد ان تلتقي يوماً ؛ اعتقد انك قدري ، مهما تباعدنا وتاهت بنا الطرقات سنعود لنلتقي
لقد خط قدرنا قبل ان تلتقي حتى ؛ انت نصفي الثاني الذي كمل نواقصي واعاد نبض الحياة لموتي
بعد ان عبرنا كل ذلك الألم ؛ وأثقلت علينا الهموم وتاهت ارواحنا طويلاً اخيراً التقينا واجتمعنا ولن نترك شيئاً يفرقنا بعد اليوم ...



النهاية
تمت في ٢٧/١١/٢٠٢٠
اتمنى تكون قصتنا القصيرة ومشوارنا الصغير نال اعجابكم
الى اللقاء اصدقائي في موعد قريب وعمل جديد أتوق لمشاركتكم تفاصيله ♥️

Seguir leyendo

También te gustarán

49.6K 801 37
أفضل الروايات التي قرأتها على الإطلاق
123K 2.7K 108
سلام عليكم.. بعد غياب فقصة #أحببت_رجلا رجعت برواية جديدة تحت طلب ديالكم قصة جديدة احداث متنوعة نايضة غيرة وتشوييق عقد كوميديا دراما مواااقف... #جن...
170 55 9
اقتربت أكثر من وجهه ليتبين لها تلك العيون الناعسه الخضراء ذات الرموش الكثيفه كان وسيما بشكل لا يصدق، تأملت عينيه ولكن بضع لحظات حتى شعرت باختناق تمد...
237K 10.4K 29
Bart2