ما هي إلا عدة دقائق فقط حتى وصلوا لوجهتهم ، طرقت العجوز الباب و بعد ثواني فتح الباب وأطلت من خلفه شابة صهباء تبدو في الثاني والعشرون من عمرها
تحدثت العجوز قائلة :
" مرحباً أيتها الجميلة ؟ كيف حالكِ "
أجابتها الفتاة بإبتسامة عذبة :
" بخير أيتها الجدة وماذا عنكِ ؟ "
ردت العجوز بلطف :
" أنا بأفضل حال "
كان كادو يمسك أعصابه بصعوبة ولكنه فشل في البقاء هادئاً فصرخ بغضب قائلاً :
" هذا الترحيب و هذه الأسئلة لن يحدث أي شيء لو قمتما بتأجيلها لوقت لاحق ، لكن كازوهيرو قد يموت إن تأجل علاجه "
قطبت الفتاة حاجبيها بإستغراب و قالت :
" ما الذي تقصده ؟ "
فأجابتها العجوز بدل منه قائلة :
" معهم شاب مصاب و مسموم بالآن ذاته ، لذا جئت بهم إلى هنا فربما بإمكانكِ إنقاذه "
همهمت الشابة بتفهم و أفسحت لهم المجال ليدخلوا ، كان منزلها كبير جداً و يحوي العديد من الغرف ، إختارت لكازوهيرو غرفة معرضة لأشعة الشمس أكثر من غيرها و قامت بتعقيم جروحه وتضميدها ثم أخذت حقيبة صغيرة من على الطاولة و فتحتها ليتضح أنها تحوي مجموعة إبر ذهبية فأخذت الفتاة إبرة و غرزتها بذراع كازوهيرو السليمة ثم غادرت الغرفة و عادت بعد لحظات تحمل بيدها وعاء صغير ملأته بالماء ثم سحبت الإبرة من ذراع كازوهيرو و وضعتها في الماء ثم أخرجتها و رمتها و نظرت للماء بداخل الوعاء حيث قد تغير لونه قليلاً ، رفعت الوعاء و قربته من أنفها فقطبت حاجبيها بينما تحاول تحديد نوع السم من خلال رائحته و بعد دقائق تكلمت أخيراً قائلة :
" لقد عرفته "
فنظر لها كادو بلهفة كما فعلت آسا فألتفتت لهم الفتاة وقالت :
" هذا السم خطير جداً ولكن من الجيد أنه يوجد علاج له ، لكن.... "
: " لكن ماذا ؟ "
قالها كادو ليحثها على متابعة حديثها فتنهدت هي وقالت :
" العلاج غير متوفر حالياً ، فالأعشاب المطلوبة لصنع مضاد هذا السم لم تنمو بشكل كامل بعد ، يجب أن يكتمل نموها قبل إستخدامها وإلا سيكون المضاد بلا فائدة ، ستستغرق في نموها نصف شهر وأحتاج لنصف شهر لصنع المضاد أي أنه سيكون جاهزاً بعد شهر "
تقدمت منها آسا بقلق وقالت :
" أيستطيع الصمود كل هذا الوقت ؟ "
هزت الفتاة رأسها بالنفي فسألها كادو :
" ما هو الحل إذاً ؟ "
: " يوجد سم يمكن إستخدامه كمضاد مؤقت وما أعنيه بمؤقت هو أنه سيخفف الألم و يبطئ إنتشار السم و مفعوله ولكن لن يعالجه و لن يوقف الألم بشكل كامل ، لقد أعطيته القليل منه للتو و يمكنكم إستخدامه خلال هذا الشهر ليبقى الشاب على قيد الحياة وحين أنتهي من صنع المضاد سآخذه لكم بنفسي ، بالمناسبة من أين جئتم ؟ الجنود الذين معكم هم جنود ملكيين ، صحيح ؟ "
: " تعالجين السم بالسم ؟! "
صرخ بها كادو فأومأت الفتاة وقالت :
" كما يوجد سموم قاتلة وخطيرة يوجد أيضاً سموم نافعة "
تقدمت آسا و مدت يدها لتصافح الفتاة بينما تقول :
" أنا آسا و هذا الأبله يدعى كادو و نعم الجنود الذين معنا هم من الحرس الملكي "
مدت الفتاة يدها و صافحت يد آسا ثم قالت :
" سررت بلقائكم ، أنا سوكو "
نظرت لكازوهيرو وقالت بإستفهام :
" ومن يكون هذا الشاب ؟ "
أجابها كادو :
" إنه الأمير كازوهيرو ، أظن أنكِ قد سمعتِ بوصية الملك الراحل أوسامو "
إعتلت الصدمة ملامح وجهها ونظرت لكادو ثم أعادت نظرها لكازوهيرو وقالت بدهشة :
" الأمير المنفي ؟! "
: " أجل ، لما كل هذه الدهشة ؟ الأمر واضح أصلاً كون الحرس الملكي يرافقه "
قالها كادو مستغرباً دهشة سوكو ، فردت عليه قائلة:
" فقط....الأمر مفاجئ ، فأنا لم أتوقع مقابلته "
إبتسمت آسا و قالت بفضول:
" أتعيشين وحدك هنا ؟ "
أومأت سوكو و قالت:
" أجل ، عائلتي تعيش في مكان أخر وأنا أذهب لزيارتهم بين الحين والأخر "
صمتت لبرهة ثم قالت بينما تقوم بتنظيف الفوضى التي أحدثتها أثناء علاجها لكازوهيرو :
" جئت لهذه القرية بالصدفة ثم تعلق قلبي بها فقررت البقاء فيها و كوني خبيرة بالسم و أنوب عن الطبيب في بعض الحالات كان هذا سبب إضافي لمكوثي هنا "
دثرت كازوهيرو بالغطاء ثم إلتفتت للإثنان الأخران وقالت بلطف:
" سأقوم بتحضير طعام الغذاء الأن ، تصرفوا و كأنكم في منزلكم "
أردفت آسا بسرعة :
" سأساعدكِ "
أومأت سوكو و خرجت من الغرفة رفقة آسا بينما بقي كادو بجانب كازوهيرو
............................
- مملكة سورا -
دلف رين للقصر الملكي و توجه نحو جناح أسوكا ، إستوقفه الحراس الذين وضعهم كازوهيكو لمنع والدته من الخروج....
: " إفتحوا هذا الباب حالاً "
نطق بها رين بلهجة آمرة فرد عليه أحد الحراس قائلاً :
" الأمير أعطانا الأمر بعدم السماح لأي شخص بالدخول و عدم السماح للزوجة الملكية بمغادرة الجناح "
قطب رين حاجبيه بإنزعاج و هتف بإستياء :
" أعلم ذلك ، لكن الأمير قد أصيب بفعل أخيه و إصابته خطيرة وقد لا ينجو لذا جئت لأخذ الزوجة الملكية إليه "
إمتثل الحراس له و فتح أحدهم الباب سامحين له بالدخول فكلامه أقنعهم و كيف لا و الماثل أمامهم هو أكثر الأتباع قرباً من الأمير....
إقترب رين من أسوكا الجالسة بصمت على الأرض و تحدق بالفراغ بعيناها المنتفختان من كثرة البكاء...
إبتسم بخبث ثم أخفى إبتسامته الخبيثة خلف إبتسامة يائسة مزيفة وقال :
" سيدتي ، يؤسفي أن أخبركِ بأن الأمير.... "
صمت لبرهة وأختفت إبتسامته وأردف:
" إن كنتِ ترغبين برؤيته للمرة الأخيرة فتعالي معي "
إلتفتت له بملامح مصدومة و همست بخفوت:
" أنت تكذب.... لا يمكن "
هز رأسه بالنفي و قال:
" لست أكذب سيدتي ، لقد طعنه أخاه والإصابة خطيرة لذا... "
أنسابت دموعها و أخذت تصرخ بألم بينما تهز رأسها بالنفي بقوة تحت أنظار رين الذي يشعر بالإنتصار كونه نجح بخداعها...
تشبثت به و قالت من بين شهقاتها:
" خذني إليه.... أرجوك خذني إليه بسرعة "
أومأ رين و ساعدها على النهوض ثم غادرا القصر بحجة الذهاب لمكان كازوهيكو...
وفي هذه الأثناء كانت تشيكا قد إختفت أيضاً و إنتشرت شائعات بأن هناك أمر فظيع قد حدث في المملكة و لا أحد يعرف الفاعل أو ما غايته مما فعل ...
.......................
- مملكة أكينيا -
- في المساء -
فتح عيناه بوهن و جال بنظره في المكان ، قطب حاجبيه بإستغراب و تسائل " أين أنا ؟! "
وجه نظره الباب حين فُتح و دخلت آسا التي ما إن رأته مستيقظ هرعت إليه تسأله عن حاله :
" هل أنت بخير ؟ هل تتألم ؟ "
إبتسم لها و قال :
" أجل بخير ، لكني متعب "
زفرت هي بضيق و تمتمت بإستياء :
" هذا بسبب السم "
سألها بإستغراب عما تقصده فأجابته قائلة :
" تلك السهام التي أصبت بها كانت مسمومة "
إبتسم كازوهيرو و نطق بخفوت :
" وما الذي سأتوقعه من شخص عدواني مثله ؟ بالطبع هو لم يقم بإستدعائي لأجل لا شيء "
صمت لبرهة ثم رفع نظره لآسا و قال :
" ماذا عنه ؟ لقد كان مصاباً... "
تنهدت هي و قالت:
" لقد فقد وعيه بعدك و أخذه أتباعه معهم "
همهم كازوهيرو بتفهم ثم قال:
" ما هذا المكان ؟ "
: " هذا منزل خبيرة السم ، نحن في القرية المجاورة للغابة "
صمتت قليلاً ثم أردفت :
" الخبيرة قالت أن المضاد سيكون جاهزاً بعد شهر لكن هناك مضاد مؤقت له عليك إستخدامه إلى حين إنتهائها من صنع الأخر ، و قالت أيضاً أنها ستأخذه إلينا بنفسها "
فُتح الباب مجدداً و دلف كادو تتبعه سوكو و أقتربا من السرير بينما يقول كادو:
" إستيقظت أخيراً "
تبادلوا بعض الأحاديث قبل أن ينتبه لتحديق سوكو المطول به فسألها بإستغراب :
" ما الأمر ؟ لما تنظرين إلي هكذا ؟! "
نظر إليها الإثنان الأخران فتوترت و قالت بتعلثم:
" ل...لا شيء "
تقدمت أكثر و قالت بينما تحاول السيطرة على توترها:
" أدعى سوكو و أنا هي خبيرة السم ، يشرفني وجودك هنا أيها الأمير "
: " سررت بلقائكِ آنسة سوكو "
قالها كازوهيرو فأبتسمت المعنية ثم عاد ليكمل حديثه مع كادو و آسا....
........................
يتبع....
رأيكم؟
هل هناك ما تخفيه سوكو برأيكم ؟ و هل سيكون لها دور في القصة ؟
ما الشيء الفظيع الذي حصل في مملكة سورا ؟
- تنظر بالأرجاء ثم تقول : أين بارت خلف قناع الموت يا ليان أنا لا أراه ؟ هل ترونه أنتم ؟- ☺
إلى اللقاء