LEONIDAS PROPERTY|ملكية ليونا...

By Laya6n

31.7K 1.2K 351

كل شيئ بدء منذ تلك الليلة،في تمام الساعة العاشرة مساءاً، كل شيئ بدء عند ولادتها، وعند قيامهِ بإعطائها اسماً، ... More

Intro|مقدمة
1
اقتباس.
2
Songs for part 2 | أغاني
3
اعتذار.. ربما؟
5
6

4

3.5K 160 104
By Laya6n

إسمعوا الأغنية وصوتوا للبارت من فضلكم♥️
-

"تأملتُها حتى حفظتُ تفاصيلها،
نظرتْ إلي فتظاهَرتُ أني لا أُبالي."-احمد شوقي.

~~~

-"ديڤينا"
صوت صوفيا الهامس المتردد حولي ببطئ، أعادني للواقع،
حيث انا بحفلة من كان يوماً كل ما املك، لكنه ابعدني عنه بطرفة عين،
حيث انا واقفة في وسط هذه القاعة المزينة بِتَرّفْ وحولي كل من أحب،
حيث كنتُ، - كُنا - نُحدِقْ ببعضنا بطريقة لا تتماشى ابداً مع كيف كانت علاقَتُنا في الست السنوات الماضية،
كنا نحدق ببعضنا، بلهفة وتوق، كما لو أن أرواحنا كانت مندفعة بإتجاه بعضها البعض وتود لو تغادر هذا الصندوق الفارغ المسمى بالجسد، لتتعانقْ،
عناق المئة عام،
عناقٌ تتخلى به عن كل ما يمنها من فعل ذلك،
تتخلى به،عن كبريائنا والجزء المتبقى من كرامتنا،
تتخلى به عن الحواجز التي قد بناها فُراقنا،
عن حاجتنا الماسة للتكلم،
تتخلى به عن الناس وعن الألم، القلق، والأرق، وكل هذا الذي كان يجول بدماغِنا كل ليلة،
حيث انا اقف بصمت، واشعر بدمعة واجمة كانت قد طاحت من عيني اليسرى بلا إدراكي،
حيث شعرت بيد مارسيلو تشتد حول خصري،ونظرات ايثان محدقة بوجهي بقلق،
هناك، حيث ادركت، انني ابدو مثيرة للشفقة،وبطريقة ساذجة جداً.

ربما لن تفي ابتسامتي بالغرض، ولن تزيل نظرات الشفقة من أعين كل من حولي، لكنني رغم هذا،ابتسمت، بقوة، تماماً كما كُنتُ افعل في سنواتي الست السابقة،
-"صوفي؟ اين كنتِ عزيزتي" قلت بنبرة لم اكن اعلم اني املكها بعد،
نبرة تشبه تلك التي تكون ما بعد الإستيقاظ من حُلمٍ ما،

-"ديڤ...." قالت بأسى ثم اقتربت مني بخفة وأمسكت يدي التي كان ايثان يعانقها،

" هل انتِ بخير؟" أكملتْ بهمسٍ غير مسموع، لربما لم ترد ان يسمعاها ادم وسييس.

حررت كفي من عِناق يداها ثم وضعته على خدها المنتفخ، واحتضنته بِخِفةَ، ثم تمتمت بغصة قد ابتلعتها عُنوةَ:
-"انا بخير حبيبتي،أُنظري، كل شيئ تحت السيطرة!" ابتسمت بشدة ثم طبطت على خدها بخفة،

-"مارس عزيزي، لما كل هذا الغضب" التفت لمارسيلو ممازحة اياه،
نظر لي بملامح غير مفهومة،
اكملت بخفة طير، كما لو انني الأسعد على الإطلاق،
-"انت تعصر خصري بشدة، و اكاد اجزم على ظهور ثلاث كدمات عليه"
نظر إلي مارسيلو بهدوء،وكأنه يخبرني بأن كل محاولاتي البائسة لإظهار عدم تأثري برؤيته،ذهبت سُدى،
عند شعوري بقبضة مارسيلو ترتخي، وبعيون كل من ادم وسبيستيان المليئة بالشفقة تبتعد عن وجهي ويتجهان كلاهما نحو وسط القاعة، حيث يقف انتونيو،توماس،وهو..،سمعت صوت إحتكاك الشوكة بكأس الكريستال الفخم الخاص بأنتونيو كما لو كان مشهد من فلم كلاسيكي ما،
لم يحتج انتونيو للقيام بأي حركة للفت الإنتباه نحوهُ ، لأن كل من في القاعة كان يناظرهم مسبقاً،
وبعدما شعرت بيد صوفيا تعانق يدي الحُرّة بقوة، وكأنها بهذهِ الطريقة تمتص وجعي كُله،
لكنها لا تعلم،
لا احد يعلم،
أن هذا الوجع، كُلَهُ، يزول باللحظة التي سيُعانِقني بها،

سمعت صوت انتونيو يهدر بقوة:
-"سيداتي،سادتي وأليسا.." ابتسم البعض على هذا وسمعت صوت ضحكات تجول القاعة أيضاً، بينما أنا كل ما فكرت به، كيف لهذا الرجل الذي اراق دماء بطريقة لا يستوعبها احد،يقدِر ان يكون رومانسياً وشاعرياً إلى هذا الحدْ، لا بُدَ أن الُحب يفعل المستحيل حقاً.

وعندما بدأ بإكمال حديثه والذي كان يدور حول المناسبة السعيدة لهذه الحفلة،رأيت توماس وهو يُلوح لي بِخفة وكان يبدو سعيداً لِرُؤيتي،
لوحتُ له بالمقابل وابتسمت له بشدة، مما دفَعَهُ لإرسال قبلة بالهواء نحوي، ولحسن الحظ أن كل من في القاعة كان مشدوها بحديث أنتونيو ولم ينتبه لنا أحد وإلا اصبحت حديث القاعة للنصف ساعة القادمة،
باللحظة التي وضعت يدي على فمي لإرسال قبلاتي له،شعرت بعيناه تخترقانني، كان يُناظرني بقوة وعُنفوان، كما لو اراد تحطيمي إلى قطع،
حينها شعرت لوهلة بأنني لوحدي في الحفل معه،وأن المكان الذي كان يِضِجُ بالأصوات اصبح صامتاً،لا يُسْمَعُ بِهِ سوى همسِ أرواحِنا المُشتاقة،
حدقت به بقوة أيضاً،متناسية توماس وقُبلَتُه الضائعة، متناسية انتونيو وكلِمَتِهِ، متناسية من هو ومن أنا، متناسية كل من حولي،
وكأنَهُ وحدَهُ أمامي،
حدقت به بعتاب، وعيونٍ لامعة، عاتبته كثيراً، وودتُ لو يفهم ما أقول،
وددتُ لو يفهم كم إشتقتُُ لهُ وكم يبدو هذا، كل هذا، مؤلِماً.
إلا أنَهُ اشاحَ بوِجهه بعيداً، يبدو أن عيناي اوصلت الرسالة لهُ جيداً.

ابتسمت بِسُخرية وألمْ ، وبلا ان انتبه كان قد عاد ضجيج القاعة، وصوت انتونيو الرنان،
-" .....أما السبب الأخر لهذه المناسبة السعيدة.." ماذا؟ هل يوجد سببُ أخر،
نظر انتونيو نحوي مما دفع كل من في القاعة للنظر أيضاً،
-"... هو تخرُج إبنة اخي العزيز ، ديڤينا بوتير موريغان.." يا اللهي، ما هذا الأن؟،
شعرت بصوفيا  تشِدُ عناقها على يدي ونظرات جايكوب وإيثان الفخورة نحوي،
-" طفلتي العزيزة ديڤ، والديكِ وعائلتك جميِعُها" قال وهو يشير نحو جهته اليُمنى حيث يقف ادم،سبيس،توماس،وهو.. ونحو جهته اليسرى حيث يقف والدي،بيلا،واليسا،

"سعيدون من أجلك للغاية، وكلنا فخر للمرأة التي انتِ عَليها اليوم.." ابتسم بعُمق وفخر نحوي مما دفعني للإبتسام بقوة اكبر وودت حينها لو أُعانقهم جميعاً،
ثم رفعَ كأس الشمبانيا خاصتُه عالياً، وكان ما زال مستمراً في النظر نحوي،
"نخب لنجاحات هذه العائلة وبُهُوِّها.."

انا لا اشرب، ولهذا لم املك اي كؤوس في يدي، او بالأحرى لا املك يد فارغة امسك بها كأس ما وذلك لأن كِلا يداي تم الإستيلاء عليها من قِبَل مارسيلو وصوفيا، وكأنهم بهذه الطريقة هم،يحميانني،

حررت يدي من يد مارسيلو بِخِفة، ثم سرقتُ سريعاً كأس الشمبانيا  الفاخر الذي كان بيده اليمنى ثُمَ رفَعتُهُ عالياً بإتجاه انتونيو، وهمست:
-"بِصِحَتك."
والذي  بدوره ضحِك بخفة هو وأبي واليسا وبعض الحضور على حركتي السخيفة المُفاجِأة، وشعرت بعيني ليونايدس تُظلم بشدة، لكنني تجاهلتُه حتى لا أبدو مثيرة للشفقة اكثر مما بدوت،
بعد ثواني معدودة سمِعتُ صوت تصفيق الحُضور الراقي لِخطاب انتونيو،والذي كان على ما يبدو مؤثِراً،تماماً كحُضورِه،

أخذ مارسيلو الكأس مني بقوة ثم ارتشفه مرّة واحدة، وابتسم لي بِغيظ،
حركت رأسي بخفة فاقدة الأمل منهُ، بينما يرتفع تدريجياً صوت الموسيقى وضجيج الحضور،
رفعت رأسي محدقة نحوَ ليونايدس والذي كان ما زالَ يرمقني بذات النظرة المظلمةَ، وددت لو اهشم وجهه الوسيم في هذه اللحظة،لكنني شعرت بجسد ضخم يدفعني للوراء، إنه توماس،
-"ديڤ.." قال توماس بصوتٍ عالٍ يملئُه الحماس.

قهقهت بخفة ثم أجبته:
-"فتاي الصغير تومي"

تجهم وجهه وهو يقول:
-" بحق الجحيم  ديڤ انا اصغر منك ببعض شهور توقفي عن قول هذا"

ابتسمت بشدة ثم قرصت خدّه بخفة:
-"بالحقيقية.." سكتت برهة ثم اكملت همساً، " انا أُحِبُ مضايقتك"

ابتسم بإتساع ثم دفعني نحوه بقوة وعانقني، كان توماس ضخماً للغاية رغم عمره الصغير، عناقه كان قوياً مليئ بمشاعر الشوق فعدم رؤيتي لثلاث شهور كان كافياً لكي يؤجج حدة الإشتياق لديه، هو يحبني كثيرا، تماماً كما افعل،

عانقته بدوري بشدة، وأحببت شعور الدفئ الذي منحني إياه،وتساءلت بِسِري:" اذا كان هذا شعوري عندما يعانقني الأخرون، مالذي سأشعره عندما اكون في جوف صدرِه يا تُرى؟"

كان ما زال ليونايدس يحدق في بذات النظرات المظلمة والتي زادت حدتها عندما عانقني تومي، لكنني لم أتجاهله هذه المرّة، حدقت به أيضاً، انا خائفة من قول هذا،لكنني اريد رؤية الألم بعينيه، الألم من فرط الغيرة،
ازحت عيني عنه ،ووعدت نفسي ألا انظر نحوه مرة اخرى، هل نحن في متاهة بحق الجحيم؟ حرب نظرات؟

على ما يبدو ان الأدرينالين قد وصل قمته عند توماس لأنه أمسكني من خصري ثم حملني وبدأ يدور بي وهو يتمتم بكلمات لم اسمعها لأنني كنت اضحك بشدة على حركته المباغتة،
-" يا اللهي توم ،توقف" قلت وأنا اصارع ضحكاتي،

-" اشتقت لكي كثيراً يا فتاة" قال بعد ان توقف عن الدوران وبعد ان حول كل الأنظار علينا مرة اخرى،

-"انت مجنون" قلت وانا اضربه على صدره بخفة،

-" وانتِ مثيرة" قال وهو يغمز لي ،

-" نعم انا كذ.." اردت أن ارد، لكن الرجال من حولي لا يستطيعون التوقف عن التدخل،

-" تومي عزيزي هل تحب رؤية وجهك وهو مُهشم" قال مارسيلو بحنق،
ها قد بدأنا، التقاء مارسيلو وتوماس يساوي قنبلة موقوتة،كلاهما مجنونان،متهوران، ولا مباليان.
هززت رأسي بلا حيلة وانا اسمع رد توماس البذيئ،المليئ باللعنات على مارسيلو،

حررت نفسي من يدي توماس الذي كان مشغولاً بالتفكير رد مناسب يليق بشجاره مع مارس،

وتعمدت عدم النظر نحو ليونايدس والذي لم اكن اعلم حقاً اذا كان ينظر ألي او انه تجاهلني كالعادة وكما فعل في السنوات السابقة،

كان ايثان واقفاً بجانب جايكوب وصوفيا يحدق نحوي بعطف، انا احب هذا الرجل كثيراً،ولو ان قلبي لم يكن ممتلِئاً حد النخاع بحب غيره، لما ترددت للحظة ووقعت بحبه، محظوظة هي الفتاة التي ستحصل عليه،

فتح ذراعيه يدعوني للغوص بهما، الأمر الذي قبلتهُ بسرور،
قبلني بخفة على رأسي عندما احتضني وكنت قد احتضنت خصره بشدة، لكنني لم ادفن وجهي بصدره، بل وضعته عليه بخفة، ورغم قامتي الطويلة إلا ان رأسي كان قد وصل الى صدره بالضبط، بدوت كأنني فتاة صغيرة تحتضن والدها،

-" انا احبك كثيراً،جداً،وللغاية"

قبّلَ رأسي مرّة أُخرى، ثم قال بصوته الرقيق:
-" ليس كما افعل"

حركت رأسي نافية بشدة،
-" لا! لا تُساومني بهذا، لا تجرُء على فعل ذلك!"

- "حسناً حبيبتي" اكاد اجزم انه ابتسم وغمازته  المحفورة على خده الأيمن قد ظهرت،

-" هل انتِ بخير؟" سأل بصوتٍ هامس،

نظرت له  بحنق وانا مستمرة باحتضانه،
-" لما يسألني الجميع هذا بحق الجحيم؟"
اكره شعور الشفقة المنبعث من عيون كل من أُحب،واكره ليونايدس لأنه السبب بهذا،

-" هل ابدو بائسة ومثيرة للشفقة؟" رددت وأنا اوجه كلامي لصوفيا التي كانت امامي،

ابتسمت بحنان ثم قالت:
-" بالطبع لا عزيزتي"

-" اذا لماذا؟ جايكوب اخبرني، انت الوحيد الذي لم تسألني هذا للأن،اخبرني اذن، لماذا؟"

اقترب جايكوب مني ومن ايثان، ثم قال بصوت اجش:
-" لا اعلم، مشاعر أُبّوة فائضة ربما؟"

ابتسم ايثان بسخرية وضربته صوفيا على كتفه وابتسمت انا بخفة،هذا الرجل قادر على التهرب من جميع انواع الأسئلة الموجهة نحوه بجدارة،
-" لهذا انا معجب بك جاك، انت ذكي جداً" قال ايثان وهو ينظر للأمام، حيث تقف بيلا،

-" ايعع هذا مقرف" قال صوفيا بتقزز ساخر مما دفعني للضحك بشدة،

-" لحسن حظك انني لست مارسيلو والا كنتِ تبكين الأن" قال جايكوب بسخرية،

أما ايثان فكان وكأنه بعالم الأحلام، يا لحظها تلك التي ستكون مِلْكُّها،

-" هل يجب ان اضحك الأن؟" قالت صوفي بسخرية،

-" لا، يجب ان ترقصي" قال جايكوب بخفة وهو يسحب صوفيا نحو ساحة الرقص بعدما بدأت فرقة البوب بعزف لحن اغنية ما، وكانت هذه اشارة كافية لتمتلئ ساحة الرقص بالأزواج،
ابتسمت وانا اراهم يتلاشون بين الحضور،

-" هل هي جميلة لتلك الدرجة؟"

هو لم يدّعي الغباء، لم ينفي ، كان صريحاً وواقعي كما العادة،
ابتسم بخفة ثم قال:
-" ليست اجمل منكِ، لكنها مُذهِلة"

ابتسمت بشدة ثم قلت،
-" هي في السادسة عشر من عمرها "

- "اعلم"

-" هل هذا عادي؟" تسائلت بعفوية،

-"دعكِ مني الأن.. ماذا؟" قال بخفة،

-" ماذا ماذا؟" قلت ببلاهة، بحق الجحيم ها هذا سؤال؟ " ماذا؟"

-"ماذا حدث هناك.." ثم اشار للبقعة التي كنا نقف بها من قبل والتي يتواجد عليها مارسيلو، ادم توماس ورجلين وسيمين اخرين،

-" فقط ما رأيته انتْ" اجبته،

-" ديڤ، انت تستطيعين التحدث بحرية تامة، انت تعلمين هذا" قال بجدية ثم ازاح خصلة شعري التي كانت قد سقطت سهواً ووضعها وراء اذني،

-" انا اعلم هذا جيداً ابي العزيز، لكنني بخير، اقسم بهذا، حديثك في السيارة أعاد لي تركيزي.." قلت بجدية مطلقة رغم انني كاذبة  وللغاية!،
اكملت بإبتسامة:
-" انا ديڤينا بوتير موريغان، أتَذكُر؟" سألتُه بخفة،

كان يبدو غير مقتنع وانا لا الومه على هذا، حالة الهلع التي كنت بها في السيارة تتنافى بشكل مطلق مع ما اقوله الأن،
لكنّهُ قبّل رأسي مرة اخرى وهمس بأنهُ هنا من اجلي،
-" اعلم، ولهذا أُحِبُّك"

-" الا تُريدين القاء التحية على انتونيو؟" سأل بخفة مما دفعني للإبتسام بخبث:
-" القاء التحية على انتونيو او التحدث مع تلك الجميلة هناك" اشّرتُ بيدي نحو بيلا التي تقف بجانب والدها،اليسا، رجلين وإمراءة لا اعرفهم، وهو.

ضحك بسخرية ثم حررني من حضنه وأمسك يدي اليسرى بخفة،
-" هيا يا مشاكسة" قال متجاهلاً حديثي،

لحظة! هل سأسلم عليه ايضاً؟ يا اللهي، لن اقدر على فعل هذا ابداً، لن استطيع، سيُلاحظ ارتجافي، سيلاحظ كفاي المتعرقة، سيلاحظ نظرة الحزن في عيوني،
سيعرف كم اشتقته، وكم سهرتُ الليالي للقياه،سيعرف كل شيئ، لطالما عرِفني وفهمني ولاحظ تفاصيلي جميعها فقط من نظرة واحدة...

-" انتظر، انتظر ايث ، من فضلك" توقفت عن المشي واجزم ان ملامحي كلها قلق،

-" ما بك ديڤ؟" قال بتسائل ثم حدق بوجهي قليلاً حتى ظهرت علامات الفهم على وجهه، لقد ادرك انني خائفة، خائفة من مواجهته للمرة الأولى!،

-"لا بأس، تستطيعين القاء التحية لاحقاً" قال بصوتٍ هادئ،
هل ابدو يائسة لهذا الحد؟ للحد الذي يمنعه من تشجيعي كما فعل سابقاً؟

-" لا، سألقي التحية الأن" قلت بصرامة، لن اقبل أن يتهدم كل ما قاتلت لِبِنائه حتى هذه اللحظة بهذِهِ البساطة،
لقد كنتُ أبدو كما لو شُخِّصتُ حديثاً بمرض الإنفصام بسبب هذا التقلب السريع بمشاعري، لكن هذا ما يفعلُه حب رجل كَلِيونايدس،

-" لقد اردت ان اسئلك اذا كنت ابدو جيدة؟ أعني...شعري قد تبعثر بسبب اللعين توماس"
انا كاذبة محترفة حقاً وهذا كله بفضلك ايها اللعين ليونايدس انتونيو الكساندر.

ظهرت ملامح الراحة على تقاسيم وجهه، ثم ابتسم بخفة:
-" لقد ظننت شيئاً اخر بالفعل، انت تبدين جميلة جدا حبيبتي" قال بإعجاب،

-" شيئ مثل ماذا؟ انني سأمنعك من رؤية فتاة جميلة ما؟" قلت غامزة في نهاية حديثي،

ضحك بخفة ثم تكلم وهو يتقدم للأمام بثقة:
-" لا شيئ يمنعني من رؤية فتاة جميلة ما، عزيزتي"

ابتسمت له بخفة وأنا أشد على كف يده بيدي المتعرقة بفعل التوتر،إنهُ يوم التوتر العالمي بالفعل،

رفعت رأسي للأعلى أنظُر للمسافة التي علي عبورها لكي القاه،
انها دقيقة ونصف، دقيقة ونصف تفصلني عن رؤيته من قرب،كيف للدقيقة ونصف هذه أن تبدو بهذا الطول،
تقدمت للأمام وانا اسمع كلمات الأغنية التي تعزفها الفرقة الموسيقية،
كانت " لا أستطيع منع نفسي من الوقوع بِحُبّك" ل "الفيس بريسلي".

🎵"الحكماء يقولون أن فقط الأغبياء من يتسرعون.."🎵

ابتسمت لكلمات الأغنية التي تعني لي الكثير، وحاولت الهاء نفسي عن قرب المسافة بيني وبينه بتركيزي بكلماتها، رغم انني أحفظها عن ظهر الغيب،

🎵"لكنني لا استطيع منع نفسي من الوقوع في غرامك.."🎵

نعم انا لا افعل،

🎵"هل لي أن ابقى؟ هل سيكون ذلك خطيئة؟،
اذا لم استطيع منع نفسي من الوقوع في غرامك؟"🎵

نعم ديڤ، سيكون خطيئة، حبك لهُ خطيئة، بُكاءك ليلاً خطيئة، سهرك حتى ساعات الصباح خطيئة،
وقوفك الأن امامهُ خطيئة!

-"ديڤ حبيبتي.."قالت اليسا بسرور مما لفت انظار من كانت تقف معهم، وأدى هذا الى تفرق الدائرة الإجتماعية التي كانوا يصنعونها،
ابتسمت لها بشدة ثم قبلتُ خدها، محاولة تجاهل انظار الرجلين الذين لا اعرف اسمائهم بعد، ليس وكأنني اهتم في الحقيقة، كل ما اريده الأن هو القاء التحية على انتونيو والخروج من هذا الجحيم المستعر،

كان ابي يقف بجانب اليسا من جهتها اليمنى ويقف بجانبه انتونيو ثم الرجلين والمرآة واخيرا ليونايدس وبيلا منهِيَتاً الحلَقة.
-" ابي." قلتُ بهدوء مُقبِلَةً يدّهُ بعمق،

-" عزيزتي.." ردّ ابي بفخر،

نظرت نحو انتونيو الذي كان قد مد ذِراعيه مُستقبِلاً إياي،
-" عمي انتونيو اللطيف.." قلت بإبتسامة لطيفة، واقسم لو كان احدٌ غيري من قال هذا لكان معلق في ثُرّيةَ القاعة يسبح بدمِه،

ابتسم  محتنضاً إياي لثانية ونصف، حتى ابعدني عنهُ قليلاً، حتى اتمكن من رؤية وجهه وأنا احادثُه،

-" شكرا على كلماتك تلك، هذا يعني لي الكثير.." قلت بإمتنان،

-" صدقيني، انت تعني لهذه العائلة اكثر بكثير.." قال وعيناه تلمعان،
نعم اعني لكم الكثير لكن ليس لإبنك الأكبر عزيزي انتونيو،

-" أنا اعلم.. " قلت بهمس لعوب،

-" من يعلم؟ في احيان كثيرة يعتقد الأنسان انه مدرك لكل ما حولَه بينما هو فاتهُ الكثير.." قال بهمسٍ لعوب، وبنظرة تعني الكثير،

هل يقصد ليونايدس بهذا الحديث المبهم؟ اردت سؤاله عن ما يعنيه كلامه، لكنّ صوت اليسا قاطع نظرة التساؤل في عيوني،

-" هذا يكفي للأن.." قالت وهي تجرني نحوها،واضعة يدها على خصري، مكملة: " دعيني أُعرفَكِ على هذان الوسيمان هنا.." قالت مُشيرة على كِلا الرجلين الواقفين بجانب انتونيو،

-" هذا ارون لاندون وهو صاحب سلسلة شركات A&G الفاخرة للملابس النسائية..، ارون هذه  ديڤينا.." قالت وهي تشير الى احد الرجلين، كان رجل في اولئل الثلاثنيات وسيماً يرتدي بذلة رمادية اللون تُلائم  بعض خصلات شعره التي قد شابت،

-" تشرفنا سيد لاندون.." قلت وأنا اسلم عليه بعد ان مد يده نحوي،

-" الشرفُ لي انسة ديڤينا، من الرائع رؤيتك وجهاً لوجه بعد كل ما سمعتهُ عنك.."
شكراً عزيزي لكنني لا اهتم البتة، كل ما اريده هو استنشاق بعض الهواء الطلق الأن وليس رؤية وجهك الوسيم،

-" اتمنى ان ما سمعتهُ كان منصفاً بحقي سيد لاندون.." قلت بإبتسامة خفيفة..

فتح ارون فمه ليجيب لكن شخصٌ أخر كان قد أجابني ،
-"صدقيني... لا احد..وأنا اعنيها، لا احد يستطيع ان يكون منصفاً بحقك انستي.."

كان هذا صوت الرجل الآخر والذي كان وسيماً بطريقة مذهلة، جسده يبدو مصقولاً، وبذلتهُ تبدو فاخرة جداً كما لو ام تصميمها لأجلهُ وهذا ما اظنهُ قد حدث،

كان ينظر إلى بأعين لامعة، اما انا فنظرت له بتشوش من غزله الصريح امام الجميع ومن عدم معرفتي لهُ،

-" ديڤ، إنهُ جوزيف كارتر، وهو شريك ارون بالطبع، جوزيف هذه د..."
لقد قاطعها، هذا الرجل يحب مقاطعة الأخرين كثيراً،

-" ديڤينا موريغان.." قال متمتِماً، ثم أمسك يدي اليمنى مقبلاً إياها بِرُقِيْ، بينما عيناه ما زالت تُحدِقُ في عيوني،

-" انا سعيدة  لرؤيتك سيد كارتر.." قلت بهدوء وإبتسامة راقية،

-" جوزيف..من فضلك، وصدقيني..إنا الأكثر سعادة هنا لرؤيَتُكِ.." قال متغزلاً مرة اخرى،
هل رآى احدهم مارسيلو؟ اخشى ان يظهر من بين الحضور ويهشم وجهه الجميل هذا،

-" اما هذه السيدة، فهي  السيدة اوليڤيا مور، انت تعرفينها بالتأكيد، لقد اتت إلى حفل يوم ميلاد بيلا الماضي..." قالت وهي تهمس لي في النهاية، مشيرة الى امرآة في الاربعينات من عمرها، تبدو جميلة وراقية، وغير مآلوفة بالكامل،

-" نعم بالطبع، تشرفت برؤيتك سيدتي.." قلت بإبتسامة كاذبة مرة اخرى،
اكاد اجزم ان عقلي قد توقف عن إصدار الكذبات بعد اليوم،

هل حان الوقت الأن ،هل سأضع يدي في يده واخيراً، هل سآراهُ عن قرب؟
رفعت رأسي للأعلى قليلاً بعدما انتهيت من هذه السيدة، لآراه، واقفاً يفترس وجهي بعيناه،
أصبحت امامهُ الآن، عيناي بعيناه المظلمة كالشياطين في ساعات منتصف الليل،
بين أن اكون مزروعة داخل حضنه، خطوة،
خطوة وكبرياء كبير،
خطوة لن يخطوها هو، وكبرياء لن اتنازل عنهُ أبداً،

شعرت برجفة قوية تسير في جسدي بمجرد تحديقي في وجهه،
لكنني لم أعرها إهتماماً ، لقد كنتُ أدرك انها طبيعية،
إنها من أعراض عودة الحياة لِجسدي،
إنهُ الوَهَل.

حدق بوجهي متمعناً،مُتجاهلاً كل من حولنا، هل يا ترى يشعر بكل ما اشعر به؟ هل يحسُ بحرارة تتغلل إلى جوفِ قلبِه وتجعله ينبض سريعاً؟

-" ديڤينا.." قال بهدوءٍ جم، كما لو ينشِد ترنيمة،او يعزفُ لحناً، او يقرَأ قصيدة، مستمراً بالتحديق بي بعمق،
هل هذا الذي كنتُ أعِدُّ الليالي لأجلِهِ، " ديڤينا؟" ستة احرف هي كل ما بوسعك قوله بعد فراقنا الغائِم ذاك؟
هل هذا الذي كنت ارجف قبل قليل لآجلِه؟

نظرتُ له بصمت، لم اتحدث، لم انبس ببنت شفة، وقفت امامهُ، محدقة بعينيه، اتنفس نفس الهواء الذي يتنفسه، منصتةً لكلمات الأغنية التي كانت تملئ الفراغ الذي بيننا،
الفراغ الذي صنعُهُ هو..،

🎵" بعض الأشياء من المفترض أن تحدُث..
خذ بيدي.. وخذ كل حياتي ايضاً،
لأنني.. لا استطيع منع نفسي من الوقوع بِحُبك.."🎵

-" ليونايدس" همست بخفة قطة، بعد إنتهاء المقطع الأخير من الأغنية،
همست بإسمِه لِأول مرة منذ فُراقِنا، وبشكل مفاجئ إعتارني شعور التحرر من العبئ الذي اطبق على صدري،
عِبّئُ إسمِهْ،

لم يقل شيئاً، كان صامتاً، وكأنهُ ينتظر مني مواصلة الحديث، لكنني لن افعل، لن اقدِر، ولن أسمح بهذا،
اومئتُ برأسي له بخفة مودعتاً إياه، وعندما ازحتُ كتفي مبتعدتاً عنهُ،
أمسكَ يدي بخفة، مُرجعاً إياي إلى مكاني، مما أدى لظهور فراشات اسفل معدتي،
ثم قال وهو يضغطُ  بشدة على يدي اليمنى  ،تلك التي قبلها جورج ،ممسداً إياها، وكأنه يمسح أثار قبلته عنها، اوهذا ما أحببتُ إعتقاده،

-" لقد مر وقتٌ طويل ديڤينا.." همس بصوت لم يسمعهُ سِوانا،

-" نعم.. بالفعل.." ابتسمت بسخرية،

ثم تآوهت بخفة فجآة عندما شعرت باظافرة تنهش لحم كفي، بطريقة آلمتني للغاية، وجعلت من دمي يفور،
هل هكذا يرحب بوجودي؟ بإيلامي واستفزازي؟
حاولت سحب يدي من بين يديه، لكنهُ كان وكأنه ملصقاً إياها بصمغ،
نظرت له والشرار يتطاير من عيوني،
لكنهُ لم يعير ألمي ادنى إهتمام، بل أكمل قائلا بهدوءٍ عامر،

-" هل تعلمين متى كانت المرة الآخيرة التي رأيتك بها؟،ديڤينا"

نعم، منذ ست سنوات، اربع اشهر وثلاث أيام،

حدقت به بقوة، ثم ابتسمت بتهكمية وقلت مُدّعية التفكير:
-" اممم، لا اذكر بالضبط.. ربما مُنذ اربع سنوات؟، انا اعتذر فهذا لم يكن محور إهتمامي هذه الأيام، سيد ليونايدس." قلتُ وانا أشد على كلماتي الأخيرة،
انا اودُ ان احرقه، احتاج لفعل ذلك،

كانت قد تبخرت نظرته اللعوبة من عينه، واستطعت تحرير يدي من يده لأنهُ قد افلتها،
-" تؤ تؤ انسة ديڤينا، لقد تسرعتي للغاية،فكري مجدداً.." قال من بين اسنانه، وعيونهُ تلمع بتحدي، بتحدي لستُ أهلاً لهُ، لقد تم استنزافي بالكامل مسبقاً من قِبَلِهِ،

إقتربت منُ بخفةَ، حتى اصبحت أشعر بأنفاسه تضرب عنقي، حتى إصبح يفصل بين شفاهِنا إنشين ونصف،
ثم همستُ قبل ان ارحل بجانب أُذنه بكلماتٍ هو يعرف ما تعنيه لنا جيداً،
يعرف ان هذا هو ردي على كل اسئلته،خاصة ذلك الذي يظهر بين طيات ملامحه المبهمة،"هل تُحِبُّني؟".

-" الحُكماء يقولون أن فقط الأغبياء من يتسرعون، سيد ليونايدس،
وآنا؟ انا لم اكن يوماً.. غبية."

~~~

-"ما الذي يحدث هنا؟" قالت صوفيا بتفاجُئ،

-" هل انت جاهزة لتقولي مرحباً لشريكك في رقصة الكونترا؟ " سأل جايكوب بمرح نادر وهو يدور بصوفيا التي كانت تبدو تآئهة،

-"كونترا؟!" قالت صوفيا بتسائل وهي تحاول مجاراة حركات جايكوب المتمرسة،

-" الكونترا يا عزيزتي هي أن تعدي للخمسة وتجدي نفسك بين ذراعي رجل آخر، بينما انا أراقص إمرآة أُخرى والتي هي بالطبع أجمل منكِ"

تغاضت صوفيا عن الآهانة التي وجهها لها جايكوب، تحاول إستيعاب الأمور المذهلة الذي تحدُث هُنا، هذه مرتها الأولى في حفلٍ فخم لهذه الدرجة ومن البديهي للغاية أنها لا تعرف ما تعنيه "رقصة الكونترا"،
حسناً، هي شاهدت الكثير من الأفلام المليئة بالحفلات الراقصة الجماعية،
لكن حياتها لم تكن ابداً فلم رومانسي قديم، ولم تتخيل يوماً أنها ستطبق ما كانت تُشاهدهُ على التلفاز، ابداً،
اذاً هذا ما يفسر الحركات السريعة التي تنتقل بها الفتيات من رجل لآخر،
ارجوك يا اللهي الرحيم، إجعلهُ رجلاً نبيلاً، وسيماً، لطيفاً وأكثر حيوية من هذا البارد الذي أمامي.

-"أتمنى آن تكون شريكتي في الرقصة اجمل منكِ" قال جايكوب وهو ينظر حوله متمعنا في وجوه الفتيات في ساحة الرقص.

قالت صوفيا بعد ان ضربتهُ على كتفه:
-" احزر ماذا؟ لا أحد هُنا أجم..."

-" خمسة،
إلى اللقاء عزيزتي"

قاطعها جايكوب وهو يعطيها في حركة سريعة مُتقنة لأحد الراقصين،
-" يا اللهي!"

حسناً هذه كانت لسببين، بدايةً ، محاولة إستيعاب الحركة الجنونية التي قام بها جايكوب والتي يبدو ان كل من في الحفل مُعتادون عليها إلا هي، وهذا أمر واضح لأن المرة الأخيرة التي كانت بها بحفلة رقص حقيقية كانت وهي بالسادسة عشر من عمرها في عيد ميلاد إبنة صفها سابرينا، والتي بالطبع لم يكن بها رجل بهذا القدر من الوسامة يُراقصها، وهذا كان السبب الثاني بالمناسبة،

-"مرحباً" قال الرجل الوسيم بنبرة مرحة تميل إلى الهدوء،
هل إستجاب الله إلى صلاواتِها؟ هو وسيم، بل خارق الجمال، لطيف، ومرح،

-" مم..مرحباً." قالت صوفيا بصوتٍ منخفض ولم تستطع منع نفسها من ان تتلعثم أمامه،
أحسنت صوفيا، ديڤ فخورة بكِ جدا،

-" هل لي أن اعرف إسمك يا جميلةَ؟" قال الرجل بصوتٍ هادئ وهو يضع كفيه على خصرها مبتدِئاً رقصتهما،

-" هل تسمحي لي؟" قال وهو يشير بِرأسه نحو كفيه على خصرها،

ونبيل أيضاً؟ ذهابها إلى الكنيسة أيام الأحد لم يذهب هبائاً، هللويا.

-"بالطبع!" قالت صوفيا وهي تومئ لهُ بقوة،

ابتسم الرجل بخفة على لطافتها ثم حدق بها رافعاً إحدى حاجبيه،
-" إذاً؟"

-"امم، انا صوفيا" قالت بإبتسامة مشرقة،
-" اسم جميل يليق بفتاة بهذا الكم من الجمال." قال وهو يفترس ملامح وجهها بدقة، حتى شكت صوفيا أنهُ رآى الحبة بجانب انفها التي كافحت لتُغطيها بطبقات من خافي العيوب،

"وأنت؟ ما هو إسمك" قالت بعفوية، وتمنت لو تصفع نفسها بقوة بعد أن لاحظت طريقتها في السؤال والتي خرجت بلا إرادتها،

إبتسم الرجل بخفة ثم قال:
-" أنتِ لا تعرفين؟"

حسناً هي تعرف جيداً من أنت، لكن كبريائها الأُنثوي لن يسمح لها بعدم سؤالك عن أسمك بعد معرفتها أنك لا تعرف إسمها،

-" هل يجب أن أعرف؟" قال صوفيا بتساؤل رافعة إحدى حاجبيها،

-" صدقيني،سيكون  من دواعي سروري أن تعرفي إسمي،
أنا سبيستيان، سبيستيان إيليوت ، يمكنك مناداتي سبيس." قال بإبتسامة لعوبة وعيناه الرمادية كانت تلمع بشدة حينها،

إبتسمت له صوفي بخفة وقبل أن تُدرك كان قد أدارها حولهُ بحركة ماهرة جعلت من قلبها غيمة ماطرة رمادية اللون، تماماً كلونِ عينيه،

-"إذن انت صديقة ديڤينا.." قال وهو يتمايل بها على أنغام اغنية " أفكر بصوت مرتفع" لإيد شيرين،

" لقد رأيتك تقفين بقربها مُسبقاً.." اكمل جملته،
وضعت يدهُا برفق على كتفه مُطبقة ما كانت تُشاهده في الأفلام الكلاسيكية الرمانسية الخاصة بديڤ،

-" نعم هي صديقتي المفضلة بالواقع.." قالت وكانت قد إعتادت على هذا الجو الحميمي الذي بينهم، وصدقوني هي افضل بكثير مما كانت عليه قبل دقائق برفقة ذلك البارد،

نظر لها  سبيستيان بتفاجئ وسرعان ما تحولت نظرتهُ إلى نظرة لعوبة وهو يفكر بأن مرّ وقتٌ طويل منذ أخر مرةً  أثارت إمرأة إعجابه،

-" نعم ،أنا أعلم... لقد تحدثت عنك كثيراً أمامنا.." قال ونظرته اللعوبة قد زادت حدتها،
إذن هو يعرفُها مسبقاً ويعرف إسمها، لكنهُ وبلا سبب كان قد سألها عنهُ، مرتين!
الشكر للرب أنني حافظت على كبريائي ولم أخبره بمعرفتي لإسمه لكان هذا محرجاً للغاية،
هل يعلم أحدهم ما مشكلة رجال هذه العائلة؟ ليونايدس الوغد والأن هذا الذي يلعب على حِبال قلبي،

إبتسمت صوفيا برشاقة ثم قالت وهي ترفع  يدها من على كتفه وتضعها بجانب عنقه بالضبط، على شريانه السباتي الغائر تحديداً،
-" يا لها من صدفة، ديڤينا تتحدث كثيراً عن صديقها آدم وسبيس، هل كان هذا انت؟"

نظر لها سبيس بتفاجئ، وهو يبتسم رغماً عنهُ ، مُدركاً آنها تعرفهُ تماماً كما يعرفها، وبأن هذه المرأة التي لم يستطع منع عيناه من النظر نحوها طوال الليلة لم تكن مجرد وجهٌ جميلٌ فحسب،
بل هي أكثر من هذا.. بكثير.

أمالت صوفيا رأسها يميناً وحدقت به بنظرة لعوبة أُخرى، وكأنها كانت مدركة جيداً بأفكاره التي تصدح برأسه،
قالت وهي ما زالت على وضعيتها، حيث يديها على رقبته كما
العشاق تماماً:
-" إذَنْ؟"

طريقتها بالكلام، حركة رآسها نحو اليمين، موقع كفيّها على عنقه، عيناها اللامعتين،وصوتها العذب،
كل هذا دفع سبيستيان لِأن يبتسم بشدة وكل ما كان يرغب به الأن هو تقبيل ثغرها حتى لا يقدر على فعل هذا،
وقبل أن يعبث بجسدها جيدا خلال رقصته كان قد همس لها قرب أذنها ببحة رجولية بعثت القشعريرة داخل عنقها،

-" هذه الليلة ستكون طويلة على ما يبدو.. طويلة بشكل مُثير للمشاعِرْ."

~~~

-" ما الذي قالهُ لها كيف تذهب هكذا يا اللهي" قالت اليسا بتوتر، وعندما لم تجد رد على كلماتها سوى نظرات إيثان النارية المحدقة بخيال ليونايدس الذي قد ذهب، أكملت بنبرة أهدء من سابِقتِها،

-" هل الحقها؟ ربما هي.."
-" هي تحتاج لأن تكون لوحدها ماما، لا بأس بإعطائها بعض الخصوصية.." قالت بيلا بهدوء التي كانت تُراقب ما يحدث من بعيد،

-" هذا ما أظنُّهُ أيضاً." 
تمتم إيثان بهمس موافقاً على ما قالته بيلا دون أن يسمع حرفاً مما قالته، لأنهُ كان ببساطة مآخوذاً بطريقة فتحها لفمها وطريقة إغلاقه عند بدء الكلام وعند إنهاءِه،
نظراتُهُ المحُدِقة بها كما لو أنها هدِّيّةٌ ما كانت واضحة جلياً لبيلا والتي تحاشت النظر في عينيهِ ، غير مدركة لخدودها الحمراء التي فضحتها كُلياً،

-" نعم عزيزي... حسناً انا اتية.."
حدق إيثان  بظهر اليسا التي قد ذهبت مسرعة نحو انتونيو تاركتاً إبنتها خلفها،مَعَهُ،

نظرت بيلا حولها بتخبط، وعندما قررت الفِرار من جانبه، سمعت صوتهُ الرجولي يسألها،
-" لماذا تهربين يا صغيرة؟"

حدقت به ببلاهة لوهلة ثم اكملت بإحراج لم تستطع إخفائه:
-" ه..هل تتحدث معي؟!"

إبتسم لها إيثان بخفة وقال وهو ينظر حولهما،
-" هل ترين أحداً غيرك هنا؟"

حمحت ببطئ وقالت وهي تنظر نحو عينيه بقوة جعلتُهُ مندهشاً من قدرتها على التحول بهذه السرعة، لكنهُ سرعان ما تذكر أنها إبنة انتونيو في نهاية المطاف،
-" لا، لا ارى أحداً غيري، لكنني لم أكن اهرب، بالتالي لم اكن متوقعة أنك وجهت سؤالك نحوي."

حدق بها بصدمة لثانية ونصف، ما هذا التحول الكبير هنا، لقد كانت منذ قليل فتاة خجولة تتجنب النظر في عينيه، كيف إستطاعت تحرير كل هذا الكم مم الكلمات بهذه السرعة وإطلاقها نحوه؟
-" على ويحك يا صغيرة... ما هذا التحول المدهش؟"

قال لها إيثان بإبتسامة صغيرة ادت إلى ظهور غمازته التي لفتت نظر بيلا بشدة، مما دفعها للتحديق به بخمول،
لماذا يبدو وسيما جداً؟ هل هذا قانوني؟

-" هل هي جميلة لهذه الدرجة؟"

قال إيثان بنظرة لعوبة، دفعتها لرفع عينيها نحوهُ، وكانت حمرة خدّاها قد ازدادت بطريقة أثارت حواس إيثان الساكنة،

حمحت مرة أخرى قبل تسألهُ وهي تنظر حولها حيثُ حشد الناس الكبير، محاولةً ان تتغابي،
-" من؟ هل تقصد الحفلة؟ إنها مذهلة!"

قهقهة إيثان بقوة وكان منظرهُ قابلاً للأكل مما دفعها للإبتسام بشرود،
نعم، هي محاطة بأكثر الرجال وسامة، لكن هذا لا يعني ان لا تقع لجمال هذا الرجل،

-"قولي لي إيزابيلا.." حدق بعيناها وأكمل، " في أيِ صف أنتِ؟"
ما بالُ هذا السؤال الأن؟ هو يظنها صغيرة حقاً اذاً،

-" سأكون في سنتي ما قبل الأخيرة من المرحلة الثانوية بعد إنتهاء العطلة الصيفية.."  قالت بتكبر يشبهُ تكبُّرَ الزهرة في زُهوِّها، حينما تبدو وكأن لا أحد يستطيع الوصول إليها،

-"حقاً؟" قال بإبتسامة جانبية أخرى " هذا مثير للإِهتمام" تمتمَ ببطئ،

-" لكنني اراه أمر ممل للغاية وغير مثير للإهتمام بالمرّة!"

رفع إيثان حاجبيه بإستمتاع وقال:
-" فِعلاً؟ اذاً لما اراه مثير للأهتمام للغاية انسة الكساندر؟" لم يكن ينتظر جوابها لأنهُ أكمل، " ما الذي يثير اهتمامك اذاً يا صغيرة؟"

كان قد نجح في إثارة حنقها لأنها نظرتُ له بغضب وهمست من تحت انفاسها بقوة، الأمر الذي اشعل في صدرة فتلة الإستمتاع،
-" هلّا توقفت عن مناداتي بهذا؟ انا لستُ صغيرة، انا فتاة شابة أملك إسم خاص بي، وأنت تعرفهُ بالمناسبة!"

عندما لم تتلقى رد فعل منهُ منهُ سوى إزدياد عمق موضع غمازته بفعل إبتسامته الجانبية، اكملت بنبرة مُتزنة:
-" أما عن ما هي إهتمامتي، فهي ليست كثيرة بالحقيقة، انا أحب كل ما يتعلق بالبيلوجيا والأمور الطبية.." انهت كلامها بإتسامة شغوفة، دفعته للإبتسام بدفئ حينها،

-" اذا حلمك هو ان تصبحي طبيبة، ايزابيلا؟" سأل بإستمتاع وهو ينطق إسمها في النهاية،

رمقتهُ بنظرة جانبية ، ثم حدقت بالفراغ امامها واومئت بخفة،
-" نعم، هذا شغفي منذ الصغر، أن اكتشف معلومات حول جسد الإنسان وكيف يعمل.. أحب هذا كثيراً." قالت بشغف منهية كلامها،

"صدقيني يا صغيرة، أنا اعرف طرق عديدة لإستكشاف جسد الأنسان وهي مفيدة مئة مرة أكثر من ما تتعلميه بالمدرسة، هل تودين تجربتها؟"
هذا ما فكّر بهِ حينها وهو يناظرها من الأسفل إلى الأعلى، لكن كل ما نطقه كان:

-" هذا ممتعُ ومثير للسُخرية في آن" صمتَ قليلاً وهى يرى تبدل ملامح وجهها ،سيكذب إن قال أنه لم يقصد قول هذا، لقد قصد كل حرف نطقه ، وكان هذا حتى يرى ملامح وجهها المثيرة كيف تتبدل،
" أقصد كونك إبنة أنتونيو، وكونك خُلقت بهذا العالم، بين الدماء، من الساخر أن يكون والدك من يقتل وانتِ من تحاربي حتى تبثّي في روحهم الحياة.."
أنهى كلامه بجدية تامة لا يعرف كيف تسللت إلى حديثه،
نظرت لهُ بجديّة هي الأُخرى،مما دفعه لِلَعنِ حماقته في الحديث،

-"معك حق،هذا أمر لطالما راود أفكاري، ورغم وضوح هذا الأمر بشدة، إلا أنهُ لم يجرؤ شخص على أن يصارحني بهذه الحقيقة حتى الآن،لذا.. "
إبتسمت بلطف شديد وحدقت بعينيه الزرقاء الدافئة،
-"تهانينا!"

~~~

اتكئت ديڤينا على حائط الشُرفةَ الخلفية للقاعة، تُناظر أضواء المدينة الساطعة أمامها، نسيم ريح يوليو الناعم يُداعِب خُصلات شعرها الناعمة، وموسيقى البوب التي تسللت نحو أذنيها رغم إبتعادها عن مكان تجمعهم أضفى للجو المحيط بها نوعاً من السكينة والهدوء،

ورغم تخبط كل ما فيها،إلا أنها لم تمنع نفسها من أن تغمض عيناها لثانيتين،
ثانيتين تتجرد فيها من كل ما هي عليه،
من حُبّه المرهق، من ضوضاء الحفلة، من جنون من حولها، من تفاصيل حكايتهم الصغيرة التي تقتلها، من أُغنياتهم، من كتبهم المفضلة، من إستقباله الجاف لها، من جماله الذي قد حرقها،
تغمض عيناها لثانتين، محاولةً أن تركز على أمور غير عيناه الامعتين المحدقة بها،
محاولةً أن تتجاهل رعشة يدها التي كان قد امسكها بقوة،
محاولةً أن لا تضعف، أن لا تفكر، أن لا تشعر،
محاولةً، لمدة لا تزيد عن ثانيتين ،
أن تنساه!

إقتربت نحو سور الشُرفة بِبُطئ مُتناهي، تناظر المدينة تحتها، الأضواء الساطعة، ازدحام السيارات للمرور، ناطحات السحاب الشاهقة من حولها،
والناس الذين يبدون بغاية الصغر من بعيد، وكالعادة لم تستطع منع نفسها من الإستمتاع بشعور الحرّية الذي يغمرها كلما رأت هذا النوع من المناظر،
حيث يبدو العالم متناهي الصِغَر، سريع وواسع، وتبدو أنت كما لو أنك طيراً، يرى الأرض من فوق السحاب، لا أحد يحكمك ولا سلطة لِأحدٍ عليك ،
ترى الناس أسفلك يعانون ببطئ، منشغلين بأحداث حيواتهم في هذه المدينة التي لا تنام، بينما أنت، كل ما تفعلهُ هو أن تحتضن السحاب أكثر، وتشعر بالُحرية تُحيط ُ بك من كلِ إتجاه،
تمنت ديڤينا حينها أمنيتين، أن لا يجدها أحد، وأن تُصبح طيراً.

-" ديڤ" سمعت صوت ما بعد أن أنهت أمنيتها،
وكل ما إستطاعت فعلهُ هو أن ترفع رأسها نحو السماء وتبتسم بخفة، ثم همست:" أنا أعترف، كان هذا مُبالغ بِه."

سمعت صوت خطوات تقترب منها،
-" كنتُ أعلم أنك هُنا"

-" احسنتَ جاك، يا لك من حارس ذكي." قالت وهي ما زالت تحدق أمامها، هي حقاً ليست بمزاج لأن تحادث أحدهم،حتى لو كان هذا أحد أعز أصدقائها،

-" أنت مدركة لحقيقة أن لا أحد بوسعِهِ أن يتركك لوحدك صحيح؟ ثم أبتسم بسخرية وهو يناظر حيث تُناظر هي،

نظرتُ لهُ ديڤينا وآبتسمت بتهكم أيضاً،
-" لن أكذب إن أخبرتك أن هذا هو إدراكي الوحيد في هذه الحياة"

-" هذا لأننا نُحِبُكِ"

-"توقق عن التصرف كحارسي الشخصي اللعين جايكوب!" قالت بإبتسامة خفيفة على وجهها،

-" ماذا يفعل الرفاق؟" سألتهُ بعد دقيقتين من الصمت،

-" مارسيلو مختفي منذ نصف ساعة يبدو أنهُ يداعب عاهرة ما، أما إيثان فهو بالفعل يتصرف وكأنه عاهرة ما وهو يتكلم مع إبنة انتونيو، وصوفي ترقص مع ذلك الوغد سبيستيان، أما تو.."

-" يا اللهي توقف جاك!" قالت بدهشة مما دفعهُ للضحك،
-"أنت تشتم كما لو أنك تتلوا صلاة ما، اقسم أن أذني قد نزفت"

سمعت صوت ضحكته الباردة ، وأدركت أن ما سيقوله بعد هذه الضحكة هو السبب لقدومه نحوها، رغم علمه بحاجتها للبقاء وحدها،
-" لقد سألتِني عن سبب إلحاحهم بالسؤال عن حالك.."

قال وهو يحدق أمامه، لكن الذي قالهُ كان قد أثار إهتمامها بما يكفي وبدأت بالنظر لهُ،مصغية لما سيقوله،
-"هم خائفون.."

-" من ماذا ؟" قالت بهدوء،

قال وهو ينظر نحوها، مُحدقاً بعيناها العسلية المتلئلئة،
-"مِن أن يُطفِئ لمعة الحياة في عيونك، من أن يُغيِّرَكِ، وأن يُخمد شُعلَة روحِك التي تُدفئ قلوبنا جميعاً."

حدقت به بدهشة، غير قادرة على إستيعاب أن هذا الكلام قد خرج من فمِ هذا البارد،
هي تعلم هذا، تعلم مقدار قلقهم وخوفهم عليها، تعلم كم يحبونها وأنهم يفدونها بروحهم، لكن هذا...كثير.
هل هذا ما يخافونه؟
أن يُطفئها ليونايدس؟ أن يطفئها حبّه المجهول مصيره؟
لقد قُتلتْ والدتُها أمامها،إفترقت عن من كان لها كل شيئ بعمرٍ صغير، تعلمت في مدرسة قاسية، تركها أحدُهم بلا سبب، قاتلت أقوى الرجال وتحملت فراق والدتها،كل هذا ولم تنطفئ،
هل سيطفئها حبُّهُ؟ اللعنة عليها إن فعلْ.

تبدلت نظرتها العاطفية إلى أخرى مصممة، ثم قالت وهي تمسك بيد جايكوب بخفة:
-" لن يفعل، لا أحد يملك المقدرة على فعل هذا، أنا مِلكي، عواطفي ملكي، مشاعري ملكي، ولا أحد قادر على العبث بها سِواي."

اومئ لها جايكوب بحُب، ثم قبّل رأسها بخفة، واضِعاً سترة بدلته على كتفها، ثم تركها لوحدها..

بعد أن رحل جايكوب، أعادت التحديق أمامها كالسابق، لكن أفكارها كانت تضج بالكثير،
ولأنها مهووسة بالجمل المركبة التي تصف حالتها بالشكل المثالي، فكل ما كان يتردد بذهنها هو جملة كانت قد قرأَتها مرة:
"‏ولن أسمح لهم بسرقة الدم الأخضر من عروقي، وسرقة قدرتي اللامتناهية على الفرح، وعلى الحب، والحياة، والطيران."

-" إنّ السماء حزينة" تمتمت بِضُعف وهي تنظر نحو السماء التي أصبحت ضبابية فجأة،

وبينما هي تحدّق بالسماء سمِعتْ صوت خطوات مرة أخرى، لذا إبتسمت بسخرية وأدارت وجهها نحو باب الشرفة وهي تقول:
-" من هذا الآن؟ مارس أم تو..."

إنقطعت كلماتها و-أنفاسُها- عندما رأته يدخل إلى الشُرفةَ، حيث تقف هي وحدها، وأضواء المدينة تنعكس على وجهها،
حدقتْ به بتفاجؤ وسُرعانَ ما توازنت وأعادت نظرها إلى الأمام- رغم أن كل ما كانت تراه هو وجهه-

-" هل يعجبك هذا؟" قال بصوتٍ لم تستطِع تمييز نبرته، وهو يتكأ على سور الشرفة ،بعيداً عنها،

-" المعذرة؟" سألت بصوتٍ مستفسر وهي تنظر إلى عينيه المحدقه بعيناها،

-" هل يعجبك كونك تتصرفين كالعاهرات، متنقلة بين رجلٍ لِأخر؟"

سأل بصوتٍ يملئة الغضب، لكن بشكل مثير للدهشة ملامح وجهه كانت هادئة، كما لو أنهُ يخبرها عن أحوال الطقس في القطب الشمالي،

حدقت ديڤينا به بدهشة جارفة، عيونها كانت قد أصبحت أكبر من المعتاد من شدة رفعها لهم وفمها كان مشدوهاً، وحمرة الغيظ كانت قد ملئت وجهها،

-"ه..هل شبهتني بالعاهرة لِتوِك؟"
سألت محاولةً أن تُكذّب حواسها الخمسة،

-" اللعنة هل شبهتني بالعاهرة ليونايدس؟" سألت مرة أخرى وهي تصرخ بوجهه،بقوة، وعنف ،

هذه المرة الأولى التي تصرخ ديڤينا بوجهه، ولحسن الصُدَف هذه المرة الأولى التي تراه بها منذ ست سنوات،

أجابها وهو يصرخ بشدة أيضاً،لدرجة أن عروق رقبته كانت تبدو ظاهرة جداً وعلى وشك الإنفجار،
-" اللعنة نعم، لأنّ عيني اللعينة كلما حطّت عليكي رأتك في حضن لعين ما، لأنني كلما رأيتك كنتِ تقبّلين أحد الملاعين، قولي لي هل من المثير إستفزازي؟ اللعنة ديڤينا أنت تجرفيني نحو الجحيم بتصرفاتك هذه،
هل تفهمين  لماذا الأن؟"
أنهى حديثه بصراخ كانت قد سمعتهُ منه لأول مرةً اليوم أيضاً،

-" هل هذا سبب حتى تدعوني بالعاهرة؟ "
همست له بصدمة، لكن سرعان ما إقتربت نحوَهُ بسرعة غريبة، تحدق بعينيه المشتعلة بقوة لم يعرف ليونايدس عن وجودها فيها، وقالت بصوتٍ يملئة الغضب:

-"أنظر نحوي ليونايدس ، أنا لا تهمني كل هذه السنوات اللعينة السابقة،ولا تهمني التغيرات التي أحدثتها بك، ولا لماذا هطل الجنون عليك فجأة لتدعوني بالعاهرة، كل هذا الهراء لا يهمني، ما يعنيني حقاً هو أن تغلق فمك اللعين هذا ولا تتجرأ على أن تقول لي هذه الكلمة مرة أخرى.."
توقفت لِبرهة تناظره من الأعلى للأسفل بإِستعلاء ثم أكملت:
" ثم.. أنت تبدو من النوع المحاط بالعاهرات في كل مكان، وبالتالي تعلم جيداً أنني لست كذلك، هذا أولاً،
ثانياً وهذا لا نقاش عليه هُنا، أنا أحتضن من أشاء، وأُقبّل من أشاء وأُصادق من أشاء وأفعل ما يمليه علي عقلي، لذا لا تضع نفسك في مكان أنت لست أهله لتأتي وتحاسبني، هل فهمت؟"
أنهت كلامها وهي تنظر نحوه بغضب لم ينطفئ بعد، ربما بعد أن تشوه وجهه الوسيم هذا، ستخف حدة نبرتها،

نعم، لقد كذّبت كثيراً، هي تهتم، تهتم لكل شيئ لعين يخصه، تهتم لماذا تركها، تهتم بالأمور التي فعلهت بغيابها، تهتم بمشاعره اتجاهها، تهتم بهذا الجنون الذي احاط به، تهتم بعدد الكتب التي قرأها عندما لم تكن بجانبه، بعدد حبيباته، بعدد وشومه الجديدة، هي تهتم بجل تفاصيله،
لكنهُ قد أهان كرامتها، وهذا الأمر الذي لن تقبل به أبداً،

كان هو يناظرها والسخط يتطاير من عينيه، كانت هذه المرة الأولى التي يتحدث معه أحدهم بهذا الأسلوب، وكان هذا مستفز ومثير في ذات الوقت،
كان يود أن يسحق عظامها وأن يقبلّها بسبب لسانها الشرس هذا،
هي تدفعهُ للهاوية بتناقُضاتِها، وهذا أكثر ما يحبه ويقتله في ذان الوقت،

أمسك فكها بقوة وهو يهمس بصوتٍ يشبه فحيح الأفعى:
-"يبدو أن صغيرتي تحتاج إلى إعادة تربية، اليس كذلك؟"

حدقت به بتفاجؤ مرة أخرى ، ما بال مفاجأت هذا اليوم،هل نادها صغيرتي؟
-" اوه أنا أعتذر، هل أهنت كبرياء العظيم ليونايدس؟" قالت بتهكم ثم أكملت بشدة:
" صدقني،كنتُ سأُسامح كبريائك بسهولة أذا كنتَ لم تؤذي خاصتي.."

شعرت بيده تخف حدتها على فكها، وظهور إبتسامة مستمتعة بشكل مُباغت على شفتيه،
ألم يكن يكاد يقتلني لتوِه؟
-" هل أصبحتِ تقتبسين من جين اوستن الأن؟" قال بإستمتاع،

يا اللهي، هل لاحظ؟ اللعنة عليك ديڤ، انه ليونايدس بالطبع سيلاحظ،

-"قولي لي ديڤينا، كم مرة قرأتي الكتاب حتى تحفظي كلماتُه عن ظهر قلب؟" قال وقد زادت إبتسامته المستمتعة،
ثم همس لها وهو يقترب من وجهها أكثر:
"قولي لي كم مرة إشتقتي لي؟"

فكرت ديڤينا وهي تحدق به، كم مرّة قرأت الكتاب حقاً،بعد المرّة الخمسين توقفت عن العد، لأن هذا كان صعباً عليها، على كبريائها،
أن تشتاقه لهذه الدرجة المُزرية بينما هو في مكان ما يمرح،

-" لا تتصرف وكأنك تعرف كل شيئ عني!" قالت له بعصبيه وهي تبعد يدهُ عن فكِّها بقوة،

-" لقد تغيرتي كثيراً.." قال وهو يناظر جسدها ثم حدقّ بوجهها،
-" نعم..، ليونايدس الذي أعرفه لن يُخبرني أنني عاهرة..، أنت تغيرت أيضاً، إعتبر أننا متعادلين.."

أكملت عندما لم يرد عليها، مُكملاً تحديقه الشرس بها،
-" بالمناسبة، أنت ستعتذر لي، على كلامك الموجه نحوي، كما تعلم،  ضغينتي شديدة هذه الأيام.."

قال وهو يبتسم بإتساع:
-" انت واثقة من نفسك كثيراً يا فتاة.." تمتم وهو يقترب منها، وإبتسامته الحمقاء تلك لا تكف عن الإتساع، مزاجه الذي تبدل في لحظات جعلهُ يبدو مجنوناً،

-" صدقني،انت لا تعلم شيئاً بعد.." أجابتهُ وهي تبتعد إلى الوراء،
-"انت حقاً تحتاجين إلى إعادة تربية.."

قال وكان قد حاصرها  نحو الحائط، يديه تتواجد على طرفي الحائط بجانب رأسها، كان قريباً منها، للغاية، وكانت دقات قلبها حينها سريعة، كما لو انها في ماراثون،
-" أنا اعتذر لهذا، أمي توفت وأنا ما زلت طفلة، وأبي لم اراه سوى مرّة بالأسبوع... هل تفعل انت؟" همست بكلماتها الشرسة محاولَةً أن تبعد إنتباهه عن صوت نبضات قلبها،

همسَ ليونايدس وهي يقترب منها أكثر، حتى أصبح يتنفس نفس الهواء الذي تتنفسه،
-"صدقيني،هذا سيكون.. من دواعي سروري.." 
قال وهو يخلع عنها سترة جايكوب بسرعة وبلا أن يرمش،

نظرت لعينيه بجرأة وتمتمت:
-" أنت لا تقترب مني هكذا لِتُخيفني، صحيح؟ لأنك.. لن تنجح بهذا، ابداً"

-"هناك قائمة كبيرة جداً أستطيع تطبيقها لِإستفزاز خوفك المدفون، وللأسف هذه ليست إحداها.." نظر لها بسخرية،

-" ماذا تُسَّمي هذا إذن؟" سألت وهي تُشير برأسها على إقترابه الكبير منها،

حدق بها بتفكير كاذب، وكأنه يُحاوِل إيجاد جواب لِسؤالها،
-" ممم.. تَسَرُّع.. ربما؟ ، إندفاع نحو الخطيئة؟ غباء؟ حماقة؟، كمان تعلمين ..."
سكت لوهلة و إقترب من أذنها اليمنى أكثر وهمس بها، تماماً كما همست له هي،
-" الحُكماء يقولون أن فقط الأغبياء من يتسرعون.."

حدقت به بتفاجؤ، لماذا عليه أن يتلاعب بالكلمات معها دائماً، هذه كانت هوايته منذ الصغر، التلاعب بالكلمات التي تقولها، وتحويلها لصالحه، هو لا يملّ ابداً من فعل هذا، وهي لا تكّف عن توجيه كلماتها الذكية نحوه،

لقد تحولت من ملامحه من تلك المستمتعة الي أُخرى غامضة بينما يطالعها، كلاهما كان غارِقاً في صمت أنيق، وحدها العيون من كانت تتكملم في تلك اللحظة،
هو فهم أنها تُعاتبه، كثيراً وبشدة، وأنها لن تُسامحه بأي فرصة قريبة،
أما هي، فلم تستطِع تفكيك شيفرة ملامحه المِبهمة، تماماً كما الصِغّر،ربما هذا الشيئ الوحيد الذي لم يتغير بِه، أنه غير مفهوم.

-"إن السماء تبكي.."
همست ديڤينا تحت أنفاسها بعد فترة من الصمت وكانت ما زالت عيونها متشابكة في سلسلة من الأحاديث الهادئة مع عينيه،
نظر لها بعدم فهم، حركت وجهها مشيرة إلى الأمام، حيث كانت السماء تمطر بغزارة، كما لو أنهم في منتصف ديسيمبر،

نظر لها بعدما حدق بِما وراءه، وآبتسم لها إيتسامة لم تفهم معناها بعد،
-" ما زِلتِ طفلة.."

حدقت به بتعبيرٍ مُتألم وغاضب في آن، نعم طفلة رفستها من حياتك، بعيداً عنك،

لم تُجِبه، قامت بإرتداء حذائها ذو الكعب العالي الذي كانت قد خلعته، وأمسكت سترة جايكوب بيدها اليمنى، تلك التي خلعها عنها،
وقبل أن ترحل تاركتاً إياه خلفها للمرة الثانية لليوم، نظرت لهُ بعنفوان وقوة، وتكملت وهي تشير بسبباتها نحوه وكأنها تُهدده، مما دفعهُ للضحك بسخرية،

-" لا تتجرأ وتقترب مني مرة أخرى، لِأي سبب كان، لا تخبرني بأي طريقة اتعامل بها مع رفاقي، والأهم من هذا كله، لا تُجازف بنفسك وتوجه لي كلاماً توجهُهُ لأي فتاة أخرى،لأنني لست مثل أي فتاة تعرفها.."

وقبل أن اخرج من باب الشرفة، تمتمت بصوتٍ كان قد سمِعَهُ،
-" وانتَ ما زِلتَ وغْدَّاً."

نظر ليونايدس لها وهي تُغادر، وكانت إبتسامته ممتدة من الأذن للأذن،
كان يبدو معتوهاً بِإبتِسامته تلك بينما كانت قد هزأتهُ اليوم كما لم يفعل أحدهم يوماً،
لقد أقسم بِسِّرِّه أنها لو لم تكن هي لكانت الآن في السماء السابعة تمرح رفقة جدة والدتها،
لكنها هِيَ، وهذا يكفي.

نظر نحو السماء التي تمطر بحفاوة، وصوت إيديث بياف العذب تسلل إلى أُِذنه، وهمس ببطئ:

-" اللعنة على الحكماء وكل ما يقولنه،
لقد إشتقت لها بطريقة مثيرة للغباء حقاً."

~~~

(وكان السؤال كل مرة: "هل فعلاً كل الطرق تؤدي إليك، أم أنني لا أعرف سوى طريقك؟")

~~~

تراراااا، مرحباً يا رفاق 😋
كيف الحال؟
بدايةً، متأسفة على التأخير جداً جداً، لكني صدقوني ما بكذب إذا قلتلكم إني كتبت البارت وأنا مُحاطة بالكتب من كل مكان!! مشغولة كثير بالدراسة، ويا دوب قدرت أكتب هذا البارت،تمنولي بالنجاح وإدعولي من فضلكم♥️😭
ثانياً،شكرا لكل البنات اللطيفان الي سألوا عني وكتبولي تعليقات لطيفة زيهم، انتو ما بتعرفى قدي بعنيلي هذا الإشي🥰

ثالثاً ، حبيت اوضح شغلتي
امعنى ( الوهَل) : وهو من مراتب الحب وهي حالة الرهبة والوجل والفزع والخوف التي تنتاب المحب إذا رآى محبوبه، وهي بالضبط الامر الذي حصل لديڤينا. (شفتوا ما اروع لغتنا العربية🧐)
والشغلة الثانية، الإقتباس الي إقتبسته ديڤينا خلال حديثها هو من كتاب
" كبرياء وتحامل" لجين اوستن، نفس الكتاب الي أعطاها ليونايدس إياه يوم فراقهم..
أخيراً،
كيف البارت؟ أعجبكم او لأ؟
أكثر جزء حبيتوا؟
أكثر شخصية حبيبتوها؟
عندكم إنتقادات؟
بكون سعيدة بس اسمع رأيكم❤️

أراكم ببارت ثاني،
حُبّي،
ليان.

Continue Reading

You'll Also Like

533K 39.6K 63
من رحم الطفوله والصراعات خرجت امراءة غامضة هل سيوقفها الماضي الذي جعلها بهذة الشخصيه ام ستختار المستقبل المجهول؟ معا لنرى ماذا ينتضرنا في رواية...
309K 7.5K 69
حياةٌ اعيشها يسودها البرود النظرات تحاوطني أواجهُها بـ صمود نظراتٌ مُترفة .. أعينٌ هائمة ، عاشقة ، مُستغلة ، عازفة ! معاشٌ فاخر ، صوتٌ جاهِـر اذاق...
340K 16.6K 34
اول روايه لي 🦋.. كاتبه مبتدئه ✨.. استمتعو 💗
402K 15.5K 48
رجال آلقوة.. وآلعنف آلغـآلب آلمـنتصـر.. وكذآلك آلعقآب لآ نهم ينقضون على صـيده بــكسـر جـنآحـيهم آي بــضـمـهمـآ آوبــكسـر مـآيصـيدهم كسـرآ آلمـحـطـم آ...