اللعبة الأخيرة | LAST GAME

By rabab-

5.8K 172 109

رياضيٌّ، صحافية، وفرصةٌ أخيرة... بالنسبة إلى كايلا نورمان، موريس ديكر كان سؤالًا لم تجِد له جوابًا. تقابلا... More

1| موريس

2| كايلا

2.6K 88 67
By rabab-


بعد عشرة سنوات

"أنا مقتنعةٌ بأن المشكلة الرئيسة في مجتمعنا، هي أن عقل الرجال لا يتطور مع تطور التكنولوجيا." وجّهت حديثي إلى صديقتي المقرّبة، ومُنتجة برنامجي بريندا، بينما أتفقد الصور التي عُرضت على جهاز الآيباد أمامي.

"كيف تفسرين صور الأعضاء الذكرية هذه، إذن؟" سألتها. "شيءٌ بسيط كعدم إرسال صور عضوك لأنه قد يكلفك خسارة مهنتك، ترشيحك، زواجك – الرجال يفشلون في فهم الموضوع."

أشرت نحو الصورة التي أمامي بتعجّب. "ظننت أن آندروز كان أذكى من هذا."

آندروز كان زميلي في البرنامج، الذي الآن وقع في فضيحةٍ على المستوى الوطني لإرساله صور لأعضائه الحساسة لإحدى المشاهدات، التي قامت بتسريبها لاحقًا.

سارت بيرندا نحوي، تطل من على كتفي وتنظر إلى الصورة. "ظننت أن آندروز كان أكبر من هذا."

ضحكنا في نفس الوقت، قبل أن تتنهد بريندا، "رغم ذلك علينا أن نفكر بشأن ما يعنيه هذا الأمر لمستقبل البرنامج."

توقفت عن الضحك، أنظر لها. "هل سيطردونه من العمل؟ صحيحٌ أن ما فعله محرجٌ، غبيٌ وغير مسؤول... لكنه ليس أمرًا تطرد لأجله حقًا."

"لا، لن يطردوه. لكن ما فعله يتعارض من شروط السلوك الذي تعاقد عليها، كما أنها ليست المرة الأولى." اتخذت مقعدًا أمامي، تشبك أصابع يدها على بطنها. "بالإضافة إلى أنه سيشتت المشاهدين عما يقدمه البرنامج – لذلك سيُفصل عن العمل لثلاثة أسابيع."

أومأت لها. "وكيف سنتعامل مع غيابه؟ هل سأستضيف أشخاصًا؟ أم سأقدمه وحدي؟"

"ليس وحدك بالتأكيد. شعبية برنامجنا تعتمد على الآراء المتعارضة. نحتاج مقدمًا مؤقتًا ليحل مكان آندروز." مدّت ذراعها لتأخذ قطعةً من الطحالب البحرية التي كنت آكلها قبل مجيئها. "تتفهمين أن طعم هذه الأشياء كالفضلات، صحيح؟"

"ركّزي معي. لا يمكنكِ إخباري بأنكم ستعينون مقدمًا معي، ولا تخبريني من هو؛ لذا كوني واضحة. من؟"

"شخصٌ سيحب المشاهدين رؤيته بالتأكيد."

"من؟"

"شخصٌ يعد محل ثقة."

"من يا بريندا؟"

"شخصٌ وسيم."

"ما علاقة وسامته بالصحافة؟"

رمَت بريندا نظرةً نحوي، تخبرني أن هذه ليست الصحافة بعد الآن. لقد كان التلفاز، والمظهر الخارجي كان أساسيًا لتوسط الشاشات حتى وإن كانت الرياضة. بريندا أدركت أنني ذكيةٌ كفاية لأفهم ما عنته نظرتها، ولقد فعلت.

في أول عامٍ لي كمقدمة برامج، أخبرني المخرج بأنه يرغب من شعري أن يكون مهذبًا أكثر، وأن وزني كان "مثاليًا" وقد أحبّوه كما هو. كنت متأكدة أن زميلي الرجل في العمل لم يحظَ بكلمةٍ واحدة تخص شكله.

"حسنًا، أنتِ محقة. الشكل مهم. شخصٌ وسيم، تقولين؟ من إذن؟"

"لاعبٌ متقاعد. إنه من ألمع النجوم، اسمه سيكتب في ممشى المشاهير بالتأكيد."

"أي رياضة؟" سألتها بحذر. رياضيٌّ متقاعد، لا يفقه شيئًا في اللعب، كي يقوم بتحليلها، أو مناقشتها، أو تغطيتها – ذلك كان آخر ما أحتاج.

"كرة السلة." قالت بابتسامة، وحاجبان مرفوعان.

وسيم؟ متقاعد؟ نجم لامع؟ كرة السلة؟ محل ثقة؟

"لا!" قلت بحدة، حتى أنني شعرت وكأنني أطلق الكلمات كقنبلةٍ من فمي. "ليس—"

"موريس ديكر." اعترضتني بابتسامةٍ واسعة. "لقد حصلنا على موريس ديكر."

"قوموا بإلغاء الأمر وحسب!" قلت، أنهض وأدور حول نفسي. كانت عادتي في المواقف الحرجة. "إنه مغرور، نرجسي، يظن أنه محور الكون—"

"هل هذا بشأن حادثة غرفة التبديل؟" قالت بريندا بابتسامةٍ خبيثة.

"كان ذلك منذ عشرة سنوات، بالطبع لا..."

كانت نظراتها قويةً جدًا، كأنها تخترق وجهي.

"حسنا... ربما قليلًا وحسب." اعترفت، أشاهدها ترمي برأسها للخلف، ضاحكةً بقوة. "أي رياضي يقوم بما فعله هو مع صحافية... في غرفة تبديل، بينما لا يرتدي شيئًا عدا منشفة؟ فقط من؟!"

"لقد قلتي بنفسك أنها قد مرت عشرة سنوات."

"لقد كان مهينًا. زملائي ضايقوني بشأن الأمر لسنينٍ عديدة، حتى تمكنوا من دفن الموضوع ونسيانه." توقفت عن السير، أنظر إلى بريندا بغيظ. "لربما كان لاعبًا محترفًا في يومٍ من الأيام، لكنه ليس معلقًا رياضي. لن أعمل معه، لا محالة."

"حسنًا، لنكُن صريحين، مامي... أنتِ عدائيةٌ جدًا الآن، وأريدك أن تهدئي... أنتِ معي؟"

"ألا يوجد شخصٌ غيره؟" جلست على كرسيي، أتنهد وأسند ساقاي على مكتبي. "ساعديني بريندا..."

"لا، لا يوجد." قالت، تلقي نظرةً نحوي طحالبي البحرية، كأنها تفكر بمنحه فرصة أخيرة. "وحتى وإن أردت تغيير الأمر، ليس لديّ قول."

"أنتِ المنتجة! بالطبع لديكِ قول..."

"ليس في هذا. لقد جاء من الأعلى جدًا." أمسكت بريندا برجلي المرتعشة بتوتر. "على مهلك، كايلا. وجود شخص كموريس ديكر في برنامجنا هو تسديدةٌ رابحة بمقاييسٍ كثيرة. لقد استضيف في برامجٍ عدّة هذا الموسم، وحققت حلقاته مشاهداتٍ جبارة! إنه عبقريٌ فيما يتعلق بكرة السلة، بالإضافة إلى بلاغته في الحديث والتعبير. نعم، هو لم يعلق من قبل، لكنه متعلمٌ سريع – إنه رائع!"

"أنا أعلم،" اعترفت بامتعاض. "لقد شاهدته."

"إذن ما المشكلة؟ هل حدث شيءٌ بعد حادثة المنشفة؟"

"لا،" قلت بهدوء. "قد تم تعيين شخص غيري ليغطي موسم النهائيات، وعملت أنا على شيءٍ آخر." انتشلت ساقي من قبضتها، وسرت نحو جدار مكتبي الزجاجي. إعجابي لمنظر مدينة نيويورك بأمامي لا يقل عن أول مرةٍ خطت قدمي أرضها.

"إذن لا أرى أي مشكلةٍ، كايلا." قالت بريندا من خلفي.

لم أواجهها وشاهدت المنظر الذي أمامي بهدوء.

لطالما كان هناك علامة استفهامٍ كبيرة على موريس ديكر. ماذا إن كنت قد قبِلت بعرضه لـ"أو شيءٍ ما"؟ ماذا إن لم يتم تعييني لأغطي حدثًا مختلف؟ كل ما عرفته عنه كان من الأخبار وسمعته التي سبقته – لكن... كلما سمعت اسمه طوال هذه السنين، شعرت بشيءٍ داخلي يتحرك. ولم أكُن متأكدةً بأنني مستعدةٌ لأتحرّك الآن.

لقد حدث الكثير لكلينا. ولقاءنا في غرفة التبديل يكاد لا يُذكر بين تلك الأمور. موريس فاز بجائزة أفضل لاعبٍ في العالم وبطوليّتان، وكل شيءٍ يذكر في هذا المجال. تزوّج ثم تطلّق. أُصيب. ثم أعلن تقاعده. أما أنا فكنت مقدمة برنامجٍ شعبي على واحدةٍ من أكبر الشبكات الرياضية. كنت مخطوبة، وقبل أن أواجه مشاعري المتداخلة اليوم – قررت التوقف عن التفكير.

لن أتحدث عن خطيبي.

"تبدين متوترة. هل هو بشأن..." تحوّلت نبرتها إلى طبقةٍ هادئة... ناعمة. وكرهت الأمر.

"هل هو بسبب ويل؟"

تنهدت، بريندا كانت حاذقةً جدًا بعض الأحيان.

"أنا بخير،" قلت بتلقائية بسبب اعتيادي على التلفّظ بهذه الكلمات طوال السنة الماضية، كُلما طرح أحدهم عليّ هذ السؤال.

"إن احتجتي—"

"قلت إنني بخير، بريندا." نظرت لها برغبةٍ منها ألا تدفع الأمر أكثر، ولأول مرةٍ أطاعتني.

"حسنًا، أنا فقط أقول أنه في حالة—" صوت رنين هاتفها، تلك النغمة الموسيقية التي عيّنتها لأمها، تصدح. "مهلًا، لحظة."

حمدًا لله أن أم بريندا اتصلت لأن آخر ما أريده هو خوض هذا الحوار.

"ماذا، ماما؟" قالت بريندا، تضغط الهاتف نحو أذنها.

كانت تلك آخر عبارةٍ مفهومة قبل أن تتحدث بالإسبانية مع أمها لخمسة دقائقٍ أخرى، وكل ما فهمته هو "بوريتو".

"حسنًا، حسنًا..." قالت بريندا تعود تتحدث بلغةٍ مفهومة، "سأخبرها."

"تخبريني بماذا؟" قلت، أستند بظهري نحو نافذتي.

"كيف عرفتي أنها عنتكِ أنتِ؟" قالت بريندا، ترفع حاجبًا مثالي.

"إنها تعنيني أنا دومًا،" هززت كتفي. "إنها تعشقني. ماذا أرادت ماما؟"

"تريد منكِ مقابلة ابن عمي، جيرالدو."

لم أتمكن من إمساك ضحكتي التي هربت من فمي، وبسرعة غطّيت وجهي إثر نظرات بريندا الساخطة.

"آسفة، بري."

"لا تتنمري على قريبي، كايلا."

"أنا آسفة،" ضحكت بخفة مجددًا قبل أن أتنحنح وأعتدل في وقفتي. "كيف لي أن آخذ شخصًا اسمه جيرالدو على محمل الجدية؟ كما أنكِ تعلمين أن لا رغبة لي في أي نوعٍ من العلاقات."

"أعلم أن الأمر صعب، وربما هذا سريعٌ جدًا،" قالت بريندا، مزيجٌ من الشفقة والإصرار يتملك وجهها. "لكن مقابلة أحدهم فقط؟ هذا ليس كثيرًا... يجب أن تتخطي الأمر، والبدء في التحدث بشأنه."

بهدوءٍ نظرت للأسفل، أومِئ برأسي بهدوء. لا أتحدث عن ويل أبدًا إلا لأخصائيتي النفسية. إن لم تجبرني على دفع مئتا دولار، فلن أنطق كلمة لك.

"تعلمين أنني هنا من أجلك.." قالت بريندا، تمسك بذراعي وتضغطها بحنان قبل أن أبتسم لها. "تريدين أكل شيءٍ ما؟"

"لا،" قلت أنظر إلى حاسبي المفتوح والأوراق المبعثرة حوله. "لازال أمامي المزيد من العمل لأجل فقرة الغد."

"بذكر ذلك، هل يمكنكِ المجيء باكرًا لتراجعا الأفكار مع ديكر غدًا؟"

"سيبدأ غدًا؟" سقط فكّي السفلي، وبدأ قلبي بالخفقان سريعًا. "بحقك بريندا. بإمكاني قضاء يومٍ بدون شريكٍ في التقديم. أعطِني يومًا واحدًا لأتجهز على الأقل..."

"أنتِ مقدمةٌ محترفة، الأفضل في هذا المجال – ماذا هناك لتتجهزي له؟" قالت بريندا تسير نحو الباب وتفتحه.

حتى بعد عقدٍ كامل من الزمن، لازلت أذكر بوضوحٍ تام شعره الذهبي البني المبلل، الملتصق بعنقه القوي. صدره المفتول، ومعدته الصلبة، ساقيه الطويلتان المنحوتتان – تتخطيان قطعة القماش التي عانقت جذعه بكثير.

طوال تلك السنوات رأيت موريس ديكر مراتٍّ معدودات في حفلات توزيع الجوائز والمناسبات الرياضية والأحداث المهمة. عادةً ما يكون مع زوجته، وأنا كنت مع ويل. لطالما تعاملنا معًا بتهذيبٍ ورسمية – لكن عميقًا بداخلي، شعرت بذرةٍ من خيبة الأمل بسبب تركي له كسؤالٍ بلا جوابٍ كل تلك السنوات.

نعم، بعد حادثة المنشفة بكم أسبوع شعرت بالغضب والحقد منه.

ثم شعرت بالإطراء، والانجذاب...

والإثارة.

ثلاثة أمورٍ لا أمتلك الوقت الكافي لها الآن.

"مرَّت عشرة سنواتٍ، كايلا." تمتمت لنفسي، أجلس على مقعدي أتأمل خطة الغَد.

لربما أنا لست مستعدةً للإجابة فحسب...

* * *

موريس ديكر ارتدى الغرور الذي كسبه طوال تلك السنوات من النجومية على هيئة بذلةٍ باهظة الثمن، وجوائزٍ لا تحصى وألقابٍ كبيرة. ظهره العريض القوي، جسده المفتول، ساقيه الطويلتان – تشقّان دربهما داخل محطّتنا، كما لو أنه يمتلك المكان.

والحقيقة أن كان بإمكانه امتلاك هذا المكان، المال الذي اكتنزه لم يكُن سرًا على أحد؛ الفضل يعود لقائمة مجلة "فوربس" لأكثر اللاعبين ثراءً على مدار السنوات السابقة.

هو لم يحتَج هذه المهنة. ولربما كان ذلك أكثر ما ضايقني.

امتلك ما يكفي من المال كي يجلس برخاءٍ في منزله – أما أنا... فقد احتجت هذا العمل.

تخرجت من الجامعة كالأولى على دُفعتي، حاربت لأحصل على أخبارٍ حصرية – تعرضت للمضايقات في غرف التبديل – لقد فعلت كل ما استطعت لأتمكن من كسب هذه المكانة، لأحصل على برنامجي الخاص.

أما هو – قرر زيارتنا وأن يمن علينا بفضله وكأن البرنامج كان ينتظر وصوله كل هذه السنوات. وضايقني جدًا اتخاذه للمقعد المجاور لي، كأنه عرشه، وأن هذه امبراطوريته. هذا البرنامج كان ملكًا لي، لكنه جعلني أشعر وكأنه ملكٌ له هو.

نعم – ذلك ما ضايقني.

ليس حضوره الذي يجعل المرء يشعر وكأنه في قلاية زيتٍ مغلي، ليست رائحته الرجولية النظيفة، التي تتغللها الجاذبية، أو عيناه العسليتان المزينتان بأهدابٍ كثيفة.

من المستحسن ألا يكون هذا ما ضايقني، لأنني خضت اتفاقًا مع جسدي اليوم أنني لن أتأثر به جسديًا – مهما كان.

"ديكر! مرحبًا بك!" ابتسمت بريندا بإشراقٍ أكثر من العادة، عيناها برّاقتان أكثر عن العادة، ولغتها الجسدية حميميةٌ أكثر عن العادة. "نحن سعيدون بوجودك!"

تكوّنت ابتسامته ببطء، تلك الشفاه الفاتنة الممتلئة ترتفع من الحواف بمُتعة. كنّا في نفس العمر تقريبًا، كان يكبرني بسنةٍ أو أكثر؛ لذا لابد أنه في الثالثة والثلاثون. ولقد عامله الزمن بطيبةٍ وحنان، كي يحافظ على هذه الهيئة – ولولا تعرضّه لإصابةٍ أنهت مسيرته الرياضية العام الماضي؛ لكان لا يزال يحطم الأرقام حتى الآن.

"أنا أسعد بهذه الفرصة." ذلك الصوت الثابت والعميق، يمتلك لكنةً جنوبية، وخشونةً يكتسبها الشخص من التدخين – إلا أن موريس ديكر كان رجلًا يهتم بما يدخل جسده، والأمر كان أن الطبيعة أكسبته هذه الطبقة المثير بلا عناءٍ فحسب.

"أنت تعرف كايلا بالطبع،" قالت بريندا تنظر لي بتهديدٍ من القيام بأي شيء، لكنني شربت قهوتي هذا الصباح، واحتسائي للقهوة كان بمثابة مهدئٍ لي.

مددت يدي كي أصافح خاصته، ومباشرةً التهمها في يده الكبيرة. خشنةٌ وحارّة. بعض الأحيان كنت أنسى حجم لاعبي كرة السلة بسبب مشاهدتي لهم على التلفاز. كانوا عمالقةً، وموريس ديكر كان أطول مني بقدمٍ على الأقل، يجعلني أشعر بالنّعومة والصّغر.

وأعجبني هذا الشعور.

تبًا، كايلا – أي صحافية مهنية تتلفظ بشيءٍ كهذا حتى لنفسها؟!

"من اللطيف لقاؤكِ مجددًا، كايلا." قال موريس، ينظر نحو كفّينا المتشابكين.

"نعم، أنا أيضًا." حركت أصابعي كي يفلتني من يده الكبيرة، ونظرةٌ من الخُبث تملكت وجهه خالي التعابير للحظة، قبل أن ينتشل يده، ويأخذ مقعدًا على إحدى مقاعد غرفة اجتماعاتنا.

"شكرًا مجددًا لحضورك، ديكر،" قالت بريندا، تبدأ حوارها معه، "كيف هو الجناح الذي حجزناه لك؟"

شركتنا الإعلامية امتلكت علاقةً حسنةً ووطيدة مع إحدى الفنادق الفاخرة في المدينة، وعادةً ما أقمنا الاحتفالات هناك، وحجزنا لضيوفنا هناك أيضًا وخمنت أن هذا هو الحال مع ديكر.

"إنه رائع،" قال ديكر، "أنا ممتنٌ أنه ليس عليّ السفر من كنتيكت إلى هنا كل يوم."

"لقد فضّلنا راحتك بالطبع. أخبرنا إن احتجت أي شيء." قالت بريندا قبل أن تناولنا ملفان. "الآن هل حصلتما على رسالتي الالكترونية بشأن اليوم؟"

حينما أومأنا في نفس اللحظة، توغّلت بريندا في التفاصيل، واستعددت لأضجر من سلوك ديكر. الكثير من الرياضيين يظنون أن كونهم لاعبين يعني أنهم يمتلكون القدرة على التحليل والتغطية، وحين يقفزون أمام الكاميرا سيكونون بأفضل حال.

لكن على العكس تمامًا، ديكر كان مستعدًا، يعرف جيدًا ما عليه قوله. ورغم أنني لم أرغب بالاعتراف بالأمر – لكنه كان ماهرًا.

عينا ديكر امتلكتا حدةً تدرس ما حولها بدقة، وحين كنا منهمكين في مراجعة نصوصنا، رفعت عيناي أجد تلك العيون الحادة المتدبّرة تنظر نحوي، عيناه الذهبية القاتمة تجعلني أشعر وكأنني أغرق في مقعدي الجلدي.

حاول تجاهل عيناه التي أسرتني في مقعدي بثبات، أحارب ردة فعلي له.

"جاهزون؟" قالت بريندا تنظر نحونا، وبالأخص أنا.

"نعم." رسمت بعض الخرابيش على دفتر ملاحظاتي الصغير، طريقةٌ نفثت بها عن انزعاجي.

نظر ديكر نحو الورق الذي أمامه بابتسامة. "سأحاول عدم فقدان السيطرة على نفسي حين يدخل ماجيك مايكل في الفقرة الأخيرة."

"ماذا؟" قلت، أضحك بانزعاج، "هل أنت جاد؟"

"ألا أستطيع فقدان سيطرتي لدى رؤية أفضل حارس نُقطة على الإطلاق؟" قال ديكر، يستند بظهره للخلف ويبتسم لي.

"على الأقل حددت أنه أفضل حارس نقطة، ليس حارس التمرير – لأن حينها سنواجه مشكلة بعدم اعترافك بجوردان كالأفضل."

قهقه ديكر، يجعل أحشائي تنقلب وأنا أشاهده بغضب.

"لن أتناقش معك حول أفضل اللاعبين يا كايلا."

"جيد، لأنه لا نقاش في هذه النقطة." وضعت قلمي أنظر له، "إن أخبرتني أن أفضل حارس تمرير ليس جوردان يعني لدينا مشكلة."

تنهد بضجر.

"إذن لدينا مشكلة،"

"ها!" قلت أميل للأمام، أرغب بمعرفة ما لديه، "ماذا عندك؟"

"ثلاثة." أشار بأصابعه لي، "ويلت، كريم وراسيل."

"ثلاثة!" صحت بغضب. "تضع مايكل جوردان في المرتبة الرابعة... أنا... أنا..."

"بينما تحاول هي تجميع أفكارها،" اعترضتنا بريندا تشير لي بابتسامةٍ نحو هاتفها. "عليّ الإجابة على هذا. شكرًا، ديكر – لنحصل على حلقةٍ رائعة!"

حينما خرجت بريندا، لم يتبق أحدٌ سوانا هنا، ولأول مرةٍ كنا وحدنا في مكانٍ ما. الأمان الذي جعلتني بريندا أشعر به حول ديكر تلاشى مع رحيلها، ونسيت عن ماذا كنّا نتجادل أصلًا.

"كنتِ تقولين؟" شاهدني ديكر بتريُّث.

"ماذا؟" قلت، أحدق به. "كنت أقول ماذا؟"

"الأفضل على الإطلاق؟" رفع حاجبه، يتطلع لإجابتي.

"سأعلمك ما لا تفقهه لاحقًا، ديكر." قلت بسرعة، أجبر نفسي على الابتسام بينما ألملم أوراقي وملاحظاتي. "علي مراجعة مقاطع مباراة الأمس. أراك لاحقًا."

في طريقي نحو الباب استوقفني صوته.

"لم تتسنَ لي الفرصة قط لأعتذر بشأن المنشفة."

لمَ ذكر هذا! لقد كنا بخير!

"ماذا؟" استدرت نحوه، أتمنى أنه سيتراجع عن سؤاله، لكنه بدا مصرًّا – ملامحه أكثر حزمًا وصدقًا.

"لقد قلت،" بدأ ببطء، يتأكد من أنني أسمعه بوضوحٍ هذه المرة. "لم تتسنَ لي الفرصة قط لأعتذر بشأن المنشفة. أعلم أنه تم مضايقتكِ بشأن الأمر من بعدها."

"لقد كان منذ زمنٍ طويل،" قلت بتصلّبٍ في بقعتي. "لا بأس."

"لقد حاولت التواصل معكِ لكن—"

"وصلتني رسالتك التي تركتها في المحطة." حافظت على ذلك الثّبات في نبرتي. "أشكرك."

"لكنكِ لم...." صمت لوهلة، يفكر.

"تم تعييني لأغطي حدثًا آخرًا." قلت، أستدير قليلًا نحو الردهة التي فصلت غرفة الاجتماعات، أحاول الإشارة له بأنني انتهيت من هذا النقاش، وأنني أرغب بالمغادرة.

"شعرك كان مجعدًا،" قال، ابتسامةٌ ناعمة تستحوذ على وجهه.

"نعم، لقد—"

"أعجبني،" قاطعني، يجعل قلبي يخفق سريعًا. "لازال جميلًا هكذا أيضًا."

هذه المرة نظر بداخل عيناي بتركيز. "لازلتِ جميلة."

"آه... أنا—"

"علينا الحصول على مشروبٍ،" بدأ بهدوء، "أو شيءٍ ما."

صورٌ من ذكريات غرفة التبديل استُحضِرت في عقلي، لا أعلم أي عاطفةٍ اجتاحتني بسببهم. الغضب أم الرغبة في الضحك، لكنني عضضت على شفتاي بهدوء، أقول: "اسمع يا ديكر. الإجابة لا تزال لا."

فتح فمه وكأنه أراد شيئًا قبل أن يبتسم ويقول: "أنا سعيدٌ أننا تخطينا هذا الأمر الآن. أراكِ لاحقًا، كايلا."

أومأت سريعًا، أسير خارج الحجرة. 


* * * 

كيف كان الفصل؟ :)

Continue Reading

You'll Also Like

2.8M 57.2K 76
نتحدث هنا يا سادة عن ملحمة أمبراطورية المغازي تلك العائلة العريقة" التي يدير اعمالها الحفيد الأكبر «جبران المغازي» المعروف بقساوة القلب وصلابة العقل...
1M 37K 24
افوت بشارع اطلع مِن شارع وماعرف وين اروح المنو اروح ويضمني عنده صار بعيوني بيت خالته وساسًا ما عندي غيرها حتى الجئ اله اابجي واصرخ شفت بيتهم مِن بع...
1.5M 135K 38
في وسط دهليز معتم يولد شخصًا قاتم قوي جبارً بارد يوجد بداخل قلبهُ شرارةًُ مُنيرة هل ستصبح الشرارة نارًا تحرق الجميع أم ستبرد وتنطفئ ماذا لو تلون الأ...
362K 17.3K 24
مًنِ قُآلَ أنِهّآ لَيَسِتٌ بًآلَأمًآکْنِ کْمً آشُتٌآقُ لذالك المكان الذي ضم ذكريات لن تعود