واكتملت [الجزء الخامس من سلسل...

By EmanOmarWrites

1.8K 32 2

يلزمها أكثرمن حبه.. من حمايته .. واحتضانه لطفولتها الضائعة.. فهو لم يكن مثل أبيها .. ولن يكون ..لكن لابد له م... More

المقدمة
الفصل الأول
الفصل الثالث
الفصل الرابع
الفصل الخامس
إعلان هااااااااااااااااام
إعلاااااااااااااااااااااااان هاااااااااااااااااااااام

الفصل الثاني

94 3 0
By EmanOmarWrites


الفصل الثاني
ظلت تحدق في أمينة وكأنها تقيسها .. تقيمها .. اندفع صوتها بكبرياء الكون يحتويه تعالج ما سبق وتفوهت به بضيق وضعها في حرج خدش كبريائها أمام نفسها :"أعتذر، اندفعتُ للداخل بدون قصد مني ما إن وضعت يدي على مقبض الباب حتى حدث ذلك، آسفة مرة أخرى".
أجلى صوته وهو يرمي نظرة لأمينة كتوسل صامت (افعلي شيئاً أمينة، هاهي أتت إليكِ).. فلم يحصل على إستجابة بل تحركت عينا أمينة تبحث عن شيئاً فوق سطح مكتبها أدرك معه أنه لابد له من الفعل ..
اندفع صوته يهمس بأسمها الحبيس داخل صدره :" رؤى".

حدقت فيه فتلك الدرجة الحانية طالما أثرتها بينما نهل هو من عينيها الدخانية اللون وجمالها البالغ ذروته مع هالات الإرهاق داخلهما.. أخذ صوته يدافع عن سوء الفهم الحادث :"الدكتورة أمينة هي الطبيبة النفسية الخاصة بالرعاية .. كانت قد سألتني عن والدتك قبل حضور أحدكما .. بإعتباري أنا من جلبتها ".
ثم من تلقاء نفسه يندفع بكلمات مغازلة لم يظن يوماً أنه قادر عليها لكن الشوق إليها حرك عضلة لسانه : " أما عن الأندفاع أشكرك جداً، هل يقبل الرجل إعتذاراً لإندفاع امرأة فاتنة نحو صدره؟! خاصة أنت " .
همست رؤى بغير تصديق لما تسمع منه : "نعم.. يبدو أنك مصر على طريقتك ".
فابتسم بسحر قائلاً قاطعاً كل دروب الإعتراض منها : "سأذهب الآن، سأنتظرك بالخارج لنا حديث ضروري ".
خرج بلمحة وهو يدرك أنه هكذا ربما قطع الكثير من حديث الإرهاق بينهما ..

لم تعرف سوى أن به شيء تغير .. لكنها لم تستطيع وضع يدها عليه .. لن ترهق عقلها هنا معه .. فقد صار ماض وولى .. فلن تمكن رجل منها ومن قرارتها .. بعد ما مرت به مع الرجال ..
تجاهلت أمينة ما يحدث بخبرة عملها ..مدعية أنها تبحث عن ملف بإحدى أدراج مكتبها .. قبضت على أول ملف وقع بيدها .. فاعتدلت في جلستها وإبتسامتها المرحبة رسمت على وجهها الطمأنينة للوافدة المتوترة: "مرحباً يا رؤى، تفضلي بالجلوس.. تأكدى أني هنا للعمل فقط "
حضر صوت رؤى معتذراً عن ظنها مدافعاً عن موقفها :" اعتذر ربما تسرعت في الظن .. ربما لانه أول مرة يظل قريباً هكذا بعد فترة شهرين كاملين منذ أخر لقاء لنا ".
عادت أمينة تؤكد لها الدعوة للجلوس بإشارة يدها .. لبَّت الدعوة وجلست تنتفض على طرف المقعد تحت عيون أمينة الثاقبة تحلل كل حركة ثم بدأت:" لا أعرف شخصيتك تماماً .. لكن أي فتاة كانت ستظنه يدور حولها ليكون معها وليس لأنه خاطب أخرى .. ما الذي دعاك للتفكير في ان الأستاذ ضياء هو خطيب لأخرى مهما كانت .. تبدين له الآن كمن كانت تنتظر منه إلتفاتة".
امتقع لونها وعيناها راحت تجوب بكل مكان حول أمينة وكأنها لا تريد أن ترى تأثير كلمات أمنية في غمام حدقتيها ..أندفعت أظافرها اليمنى نحو راحتها اليسرى تضعها في لحمها .. لن تعترف أنها افتقدته بل كانت كلما تراه في موقع عملها في لمحات عابرة تريد التحدث معه .. لكنه كان يتوجه حيث مكتب رئيسها حتى يجتمع معه فكلاهما يحتل نفس المستوى الوظيفي ومؤكد بينهما اجتماعات من أجل العملاء المشتركين .. كم ألمها تجاهله لها حتى انه قد نسيها تماماً..
لم تطل أمينة إرتباكها عندما تحدثت بيسر :"لِمَ أنتِ متوترة بذلك القدر؟ وبدون شك لا تحتاجين تنويهاً مني أن ما تلقين به من حوار هو في صندوق مغلق".

عدلت جلستها لتسترخي على مقعدها وهي تقص ما يُثقِل كاهلها: "لا أعرف من أين أبدأ.. دعينا نتحدث عن أمي فيما كنت تسألين ضياء ؟!!".
شبكت أمينة أصابعها بينما صوتها هاديء يمنح الثقة :" كنت أريد معرفة بعض المشاكل النفسية والصحية قد تساعد في حالتها .. فالجلطات الدموية أساسها مشاكل نفسية .. لكن عندما وجدتك وأختك كلاكما متباعدين أدركت أن راحة الأم في معرفة ما بينكما وما تعانيان منه .. لو لديك الرغبة في الكلام تفضلي ".
وعت رؤى أن ما بها كثير .. نعم تحتاج لأحد .. تنهدت زافرة انفاسها المكتومة داخل حصن صدرها العميق:" ربما أنا الشخص الذي لابد له الحديث .. أريد الحوار مع أحد.. أي أحد بشرط أن يوجهني ولا يلومني على الماضي، أريد الحل وليس اللوم.. فأنا ببحر اللوم والتأنيب منذ وقت ليس قصير"؟
تشابكت عيونهما بتفاهم صامت برهة حتى قطعته رؤى: "أنا مخطئة بحق أمي كثيراً.. منذ وافقت أن تعود لأبي زوجة مخلصة كما كانت دائماً وأنا ألومها بخشونة الألفاظ.. تركنا سبعة أعوام كاملة .. منع عنا حلال أمواله .. أمي عملت هي حتى نجد ما ننفقه .. حتى المأكل والملبس رفض أن ينفق علينا شيئاً.. كان يقول لها سوف أنجب الولد وهو أحق بأموالي .. وهي تعيده .. تزوج راقصة وأعادته لمنزلنا .. فقد كل شيء وأعادته .. هي أحبته وهو لم يفعل .. نحن أحببناه وهو لم يفعل ..".
أدركت أمينة أن الأب هو مَنْ خط بالسواد في صفحة ابنته البريئة بزواجه بأخرى أو نزوات عاطفية، وأن الأم عادت وسامحته.. عادت تركز على ما تقوله رؤى: "كنت لا أفهم كيف يتركنا ويتزوج بأخرى صغيرة تجيد التلاعب بالرجال.. راقصة بأحدى الملاهي السيئة السمعة، كيف يترك أمي المحترمة بعد عشرة العمر؟؟ أتعلمين كيف علمت أمي أنه يقابل أخرى؟".
حركت أمينة رأسها بالنفي لتردف الصغيرة بالذنب الغير معلن: "كنتُ مع أبي يومها وأنا بعمر الخمس سنوات، وقتها كانت منال بالعاشرة فقط ورفضت أن تأتي معنا للملاهي تحت إصرارها لوجود إختبارات لديها وذهبتُ وحدي ولم أكن أعلم مَنْ تلك التي احتلت مقعد أمي الأمامي بسيارة أبي وبكيتُ عندما أرادت أن أجلس بالمقعد الخلفي.. حتى أبي حاول إقناعي بذلك ولكني رفضتُ فأجلستني على ساقيها بالمقعد الأمامي وهي تقول بهمس: (ابنة أمها) وقتها كرهتها للغاية، وعندما عُدنا تنسمت أمي رائحتي كما نحب أن تفعل فهي تتنفس رائحتنا بأحضانها وسألتني: مَنْ كان معكما يا رؤى؟
وجدتني أسرد لها كل ما حدث، وبعد عدة أيام وجدت أمي تقوم بكي ملابس أبي جميعها وتضعها بحقائب كثيرة فسألت: أمي إن أبي مسافر منذ عدة أيام والآن تضعين ملابسه بحقائبه؟ أليس المسافر يأخذ الحقائب معه؟! وهنا وجدتُ منال تناديني وقد بدت أكبر وفقدت بسمتها...."
تنهدت رؤى ومحت دمعة فرت من بين أهدابها :"
وكبرتُ بدون أبي، لم أره إلا عندما يريد أن يقاتل والدتي بكلامه المسموم.. كرهته مرات ومرات، عندما تركني من أجل امرأة أخرى وعندما ترك والدتي التي أنفقت علينا من ميراث كان لها بدون أن تطلب منه ولأنه لم يكن يريد أن يراني بعد أن كنتُ رؤى القلب كما كان يدعوني.. ليعود ذات يوم مريضاً مفلساً محطم الرجولة بعد أن سلبته الراقصة التي تزوجها ما يملك بموجب توكيل وضعه تحت تصرفها عندما حملت بطفل ولد.. حضر مهللاً فرحاً وكأنه قد أنجب حاكم البلاد .. الوحيد الذي من حقه جميع ما يملك ، لم ير دموع أمي وكسرتها .. لم يشعر بمرضها وهي تحاول جلب ما يسد أفواهنا .. وبعدها بعدة أشهر قليلة حضر ليمكث معنا من جديد في تلك الشقة التي كان يحتقر من فيها .. وقتها صرختُ في وجهه وقد كنتُ بالثانية عشر: "لا أريدك.. لا أريدك!!"
وصرختُ بوجه أمي: "إن أبقيتيه لن أخاطبك أبداً!"
وقد كان.. أدخلته ولم أخاطبها.. وسنة خلف السنة وأنا أبتعد داخل نفسي.
وذات يوم وأنا بالثامنة عشر بعد أن توسلني أن أحضر إليه وهو ينادي: "رؤى القلب رجاءاً أريدك بكلمة".
دخلتُ غرفته ووقفت بعيداً عنه وأنا أنظر لذلك الظل الذي يذوي داخل غرفته، أسمع صوت نشيجه المرتفع بين كلماته: "كانت نزوة دفعنا كلنا ثمنها، أدركتُ لحظة عنادي أمام والدتك وقت عدنا من الملاهي أنني ضعت بدونها ولكن العند أورثني الكفر حتى عندما كنتُ أفتعل المشاكل معها كنتُ أريد رؤيتها فقط وسماع صوتها حتى لو بالبكاء وعندما حدث وإن عاقبني ربي على تفريطي بنعمته من زوجة صالحة وبنات مهذبات مثلك أنتِ ومنال لم يكن أمامي إلا القدوم هنا أو الموت.. حتى هنا أنقذتني أمك من الموت كافراً ، فجعلتني أتمناه كل لحظة من عمري...".
صمتت رؤى لحظة ثم عادت تكمل بألم: "هنا فقط هطلت دموعي الحبيسة منذ سنوات، وجدتني أردد بوجهه: "ولكنك خنتني كما خنت أمي .. تركتني أنا ، وأنا أحبك، أنا رؤى القلب!!.."
سمعت صوته يتحدث بحشرجة غليظة :" الحب وحده لا يكفي ".
انتفضت صارخة في وجهه :" نعم حتى حبك بطريقتك لا يكفينا .. كنا نريد منك أن تنفق علينا كما كل أب .. كنا نريد حمايتك لنا .. نريد أمانك .. دفئك .. لكنك لم تترك لنا شيء سوى السمعة السيئة فنحن بنات الرجل الذي تركهم وهرع خلف الراقصة .. بنات الرجل الذي ضحكت عليه راقصة وأخذت كل ماله .. بنات الفقر والإهانة التي سببتها لنا ".

سددت لأمينة عينيها تحدق بها في إرهاق خلفها روحاً أشد إرهاقاً.. ثم بدأت تتنفس بصعوبة وكأن الموقف عاد ماثلاً أمام عينيها :"وهرولتُ من أمامه وداخل غرفتي دفنتُ وجهي بوسادتي لأذرف دمعاً كان مكبلاً لروحي يخنقها، كنتُ أشعر أنني عجوز، استيقظتُ على أصوات غامضة وهمهمات وإمتلاء المنزل بالناس.. نساء ورجال لم أرهم من قبل، وجدت أمي تحتضنني وتهمس: "لقد توفي أبيكِ وأنتِ نائمة".
علمتُ أنني قتلته، بعد غفراني له قتلته.. نعم غفرت له وحادثته ".
عادت تصمت مجدداً تحت نظرات أمينة ثم أردفت: "بعد عدة أعوام وقد قاربتُ على التخرج ومنال تكد في العمل لتوفر لي ما أحتاجه وأنا أغالي بطلباتي ولا أرتضي بمتوسط، كان من الممكن أن أشتري مثلاً بنطالاً بنصف الثمن ولكن مِن مكان آخر إلا أنني كنت أتصرف بعناد وخاصة عندما تقدم لخطبتها شاب مكافح على خلق علمتُ أن أختي أحبته وهو أحبها، صرتُ ألومها أنها ستتركنا من أجله هو فقط ما تريد وعبثاً حاولتْ أن تفهمني أن الزواج لن يأخذها منا، كنتُ بصحبة أصدقائي الذين لم أفطن أنهم بعيدين كل البُعد عن الإنسانية.. لقد صرتُ أختار أصدقاء السوء.. ربما لا يدمنون ولكنهم سيئوا الخلق بشكل أو أخر .. يكفي تنمرهم على بعضهم بالكلمات .. ".
نظرت أمينة بنظرة متفحصة لتمسح جسد رؤى بنظرة لوم فأردفت: "أعلم أن ما أرتديه لا يعجب الجميع ، ولكني تركت النفاق من زمن .. من يتقبل داخلي يكون قد كسبني إنما المنافقين الذين لا يرون إلا المظهر الخارجي لم يعودوا يهموني من زمن .. لن أتعب نفسي من أجل أحد فيهم .."
زفرت أنفاسها هادئة ثم عقبت :" لكن من الممكن التغير قليلاً.. مثل الآن من أجل أمي فقط سأفعل ما تريده من أجلها فقط .. حتى أرضيها ".
ثم عادت تخط قناة أخرى لم تكن تتوقعها أمينة أن تكون مجرى اعتراف .. عندما تهادى صوت رؤى:" كل شيء داخلي كان سيكون هاديء .. راسخ
لولا ذلك الذنب الأخير هو ما جعلني أرغب بقتل تلك الرؤى".
أمام الصمت الشامل بصخر حضوره همست أمينة بحنو وتفهم أن هذه الشابة لا تحتاج لأحد ليحلل شخصيتها هي أدرى بنفسها : "كنتِ شجاعة جداً وأنتِ تلقين ما في نفسك فأكملي بذات الشجاعة حتى نعلم كيفية الحل لذلك الأمر الذي يقض مضجعك".
"إنه عصام خطيب... أمم بل زوج منال بحسب عقد القران بينهما منذ عام وعدة أشهر".
جحظت عينا أمينة أمام الاسم الملقى أمامها والصمت الذي يجعل الخيال يرسم صوراً في منتهى البشاعة والحقارة ويجعل الظنون تجول بالسوء، ولكن رؤى هدأت قليلاً وعادت تردف: " هو الصورة الأخرى من أبي .. كنت أعلم هذا .. كان يتحكم في منال وهي بدأت تطيعه .. كنت أشاهد هذا الخنوع منها .. شاهدتها مرات لا تستطيع الإعتراض .. بل رأيه هو السائد دائماً".
أخفضت رؤى ناظريها تهرباً من نظرات أمينة التي تنتظر الذنب الفعلي :" ذات يوم تعمدت أن أسقط كلمات عن لساني نحو آذن والدته عن أبي وأخينا الذي لا نعرفه وأمه الراقصة .. كل هذا كان لحماية منال .. الأمر الذي جعل تبلك المرأة تتهم أمي بالتضليل وهكذا صار ذنب أبي وذنبي هما العائق في وجه منال .. أختي طلبت الطلاق ورفض هو فرفعت قضية طلاق ضده ورد هو بقضية طاعة وتشابكت الأمور.. أرى نظرات منال تلومني وتعود فتحتويني وأنا لا أعرف ماذا أفعل؟!! فكيف أهون عليها الأمر ولا أفهم كيف تتمسك بأبي وتدلافع عنه وهو من خاننا جميعاً.. وحتى أنا السبب فيما حدث لوالدتي من غيبوبة فقد آذيتُ شعورها وغادرتها .. وجدتني عاجزة عن التصرف عندما قدمت هنا .. إنه أنا، لقد انكشفتُ أمام نفسي.. طفلة مذنبة ضعيفة أمام كل شيء بالحياة حتى عاجزة عن الحياة ذاتها!!".

مالتأمينة للأمام قائلة: "إن ذنبك الوحيد ليس في عدم استطاعتك على التسامح ولكنللسماح أن تتخذي موقفاً معيناً وتدبرين مكيدةصغيرة لعصام هذا حتى تتخلصين منه ومنوجوده ، إنك لم تؤذيه وحده وإنما آذيتِ أختك وأمك ونفسك.. لن أجلس لأسديك نصائحاًفارغة فنحن هنا لنتصرف بإيجابية بخطوات محددة.. مشاعركِ أنتِ وأبيكِ وأمكِ لنتفهميها إلا عندما تنجبين أطفالك الخاصين بك، ستفهمين أن أمكِ أعادت والدك مرةأخرى من أجلكما أنتما قبل أن يكون من أجله أو أجلها.. فصبرها من أجلكما وخوفاًعليكما، أما أختكِ فأنت لم تسألي نفسك لما عصام رفض تركها أحياناً القضاياوالمشكلات التي يفعلها الأزواج تكون من أجل عدم الترك .. العناد .. أو الحب ..فعصام لم يترك منال حتى لا تفر من يديه .. فعل هذا في انتظار أن تخمد النار التياشتعلت .. هو مخطيء طبعاً لأن الطريق أسهل في الحل بالجلوس والمناقشة .. لكن يبدوأن والدته وعائلته لهم موقف مغاير وهو أراد كسب الوقت ليس إلا .. هذه وجهةنظرى".
هتفت رؤى بقوة :" نعم ربما .. ربما لا يحبها وإلا ما عذبها ".
صمتت أمينة برهة ثم قالت :" تريدين الخروج من المأزق بلوم عصام .. كما علقتيمشاكلك مع ضياء .. اعتقد أن عصام يحب أختك ولكنه وجد نفسه يقف أمامها وأمام عائلته.. فقرر الإحتفاظ بها رغماً عنها عن طريق المحكمة التي يدرك أنها لن توصله لشيءطالما الزواج لم يتم .. اعتقد أن منال تحبه كذلك ، وإلا كانت رفعت قضية خلع تتخلصمن عبء الزيجة في أول جلسة .. القلب له حكمه يا رؤى .. حكم لا نستطيع الفرار منهإلا بالتفكير المضني المعذب للذات ".
انخفضت عينا رؤى أمام كلمات أمينة التي استمرت تزيح عن عينيها غشاوة الطرق القديمةالتي ملأت روحها :" أن كان الوالد قد عكر حياتك بعبارة الحب وحده لا يكفي ..والتي أعتقد أنه كان يريد الإعتذار بطريقة جلبت العكس .. جعلك ضعيفة لتتخذيالقرارات الصحيحة .. صرتِ تهدمين كل شيء .. كل حب قبل أن يبدأ .. كنت تخافي علىمنال أن تتوجع لأنك ترينها مثل فريدة عويضة .. الوجه الأخر لها .. بينما أنت تريدنفسك مثل والدك لدرجة جعلتك تزدرين نفسك كرهيتيها مع إدعاء كرهك له .. حاوليمواجهة أفعالك القديمة بنفس القدر من الشجاعة التي عمدت به هدم كل شيء .. سواء معوالدتك أو منال .. أحصلي على رؤى جديدة ناضجة قوية .. أحبي رؤى وهذا هو الصحيح يجبأن نحب أنفسنا حتى نستطيع فهم الحب .. صدقيني كنت تحبين أمك ومنال حتى وأنت تطلقينكلام صعب عليهما .. الحقيقة أنك كرهتي نفسك أنت لأنك لم تستطيعين كره والدك".
برقت عينا رؤى بشيء جديد لم تكن تظنه داخلها غمغمت في خشوع :" لقد كنت السببفي موته .. ربما لوأحادثه ربما كان ظل حياً".
رفعت أمينة كفها تحركها نافية .. ثم أكدت نفيها بصوت قوي :" ربما لست معك فيهذا .. فوالدك كان يحتضر أصلاً.. لقد سألت وعرفت أن والدك كان مريضاً بسرطانالأمعاء بصورة متقدمة .. هذا ما جعل والدتك تعيده للمنزل .. مرضه الذي يحتاج لخدمةشديدة .. والدتك مثل كل أم شريفة .. كم كنت أتمنى أن تكون لي أم مثلها ".
أدركت أنها اسهبت في الحديث والقرب من رؤى التي كانت تجذبها قصتها كثيراً هيمشابهة لها بشكل كلي .. لكن من غادرتها بالفعل هي أمها .. تاركة خلفها قلب زوجيتحطم وقلب طفلة تمنت أمها ..
أرادت رؤى أن تضيع داخل قصة أمينة عندما تحدثت مجيبة :" هل تركتك أمك ؟!! ..من أجل رجل ".
غمغمت أمينة بصوت مثقل بالوجع :" تركتني بالموت .. ماتت وتركتني وحدي مع أبشبية لأمك ".
أرتفع هاتفها بالرنين ليقطع عليها الطريق ويضع حواجز بينها وبين رؤى التي وقفت معالرنين رغم توقفه سريعاً.. امسكت أمينة هاتفها مستطردة بإصرار : أنا أنتظرك هنا،لن أعرض عليكِ الحضور معك من أجل منال حتى لا أحرجها بمعرفتي للماضي الذييخصها".
تحركت رؤى والعزيمة ترسم خطوطاً بعيونها.. لوحت لأمينة بيدها وهي تهمس داخلها"إنني كنتُ أفكر بذلك الحل منذ زمن ولم تكن لدي الشجاعة، هل الحل عندما يأتيمن صوت الآخرين يجلب معه الشجاعة؟".
عندها أتى صوت أمينة غامضاً:"أنتظركِ، إن لدي موضوع أريد أن أحادثك به!".
ثم رفعت الهاتف فوق آذنها بعد أن كررت الإتصال .. رفع الأخر الهاتف فاتحاً الخطسريعاً كأنه على انتظار موجع :" أمينة ".
ابتسمت الشابة ثم همست وهي تؤرجح مقعدها :" لمتى ستظل متلهف هكذا لدرجة الخوف"
تكاد تجزم أنه يبتسم ابتسامته المضيئة وهو يجيبها :" هل ستأتي في موعدك أمأتي إليك أنا ؟!!".
ضج صوتها بهمس صاخب في وسط ضحكاتها :" أبي لقد كبرت .. كفاك تدليلاً في ..سأعود وحدي .. ولا أعرف هل ساتأخر أم لا .. فليس هناك وقت محدد خاصة مع اليوموعائلة جميل المعداوي ".
انتفض جسده كلياً لدرجة وقف مكانه ثم هتف بقلق :" من هذا الجميل ؟!!".
ابتسمت وهي تتحدث بهدوء :" لا تقلق .. لست معه لكن عائلته فتاتان مثل القمروأمهما مريضة .. لكنها النقيض من أمي التي تركتني من أجل نفسها ".
تنهدت بضيق ثم هتفت :" أبي لدي حالة جديدة يجب مباشرتها .. رجاء أأكل وتناولعلاجك .. وأنا سوف أحضر في موعدي لو انتهيت ".
وضع الرفض في آذنها عندما هتف:" سأكل شيئاً خفيفاً وسوف أحضر لك مساء لأقلكمعي .. ولا تنسي ستقصين علي قصة عائلة جميل المعداوي ".
ابتسمت هاتفة :" سأفعل .. لكن لأول مرة تحفظ أسم هكذا بسرعة ".
لم يجب عليها فقد كان قد أسقط يده ووضع الهاتف جانبه هامساً داخله " لماذا؟!!.. لماذا الآن ؟!!.. عاد الماضي بكل أوجاعه .. لماذا يا جميل الآن ..

Continue Reading

You'll Also Like

27.2M 1.1M 70
ساقفل جميع النوافذ التي تؤدي الى التسامح فلا تراجع عن الثأر ..
8.5M 256K 131
في قلب كلًا منا غرفه مغلقه نحاول عدم طرق بابها حتي لا نبكي ... نورهان العشري ✍️ في قبضة الأقدار ج١ بين غياهب الأقدار ج٢ أنشودة الأقدار ج٣
5.6M 215K 51
قد يؤخر الله الجميل لجعله أجمل بنت يتيمه الأم من هيه طفله تعيش معا مرت ابوهه وتنحرم من كلشي وذوق العذاب بس القدر يلعب لعبته ويجي منقذه يتبع..
1M 30.9K 64
النساء لا مكان لهُنَّ في حياته، عالمه ينصب على أبناء شقيقه وتوسيع تجارته في أنحاء البلاد. هو "عزيز الزهار" الرَجُل الذي أوشك على إتمام عامه الأربعين...