==
مَنظور جونغكوك؛
لم تَكن هُناك أيّ كذبةٍ في كيفَ أضاءت عيناهُ في كُلِّ مرّةٍ كانَ ينظر فيها إلى أيّ مكانٍ قريبٍ من جواري. كانَ دائمًا يُخفي عينيه خلفَ شعرهِ ويتحولُ لون وجنتيهِ إلى اللونِ الوردي. حاولَ الصبي جاهدًا إخفاء مشاعرهِ اتجاهي وجعلها لا تُرى بالعينِ المُجردة ولكنّها كانت واضحة جدًا على نحوٍ لا يُمكن إنكاره.
لقد أعجبَ بي حقًا، ولم أكن أعرفُ كيفَ أتعامل مع مِثل هذا الأمر. لقد كرهتُ كيفَ أنني لم أبدالهُ ذات المشاعر— لم أستطعُ مبادلتهُ المشاعرَ ذاتها. لقد أمضيتُ بالفِعل عدةَ ليالٍ مُستلقيًا على سريري الفارغ وأحاولُ تخيّلهُ إلى جانبي. كانَ الأمرُ مُستحيلًا فحسب. لم يَكن المشهدُ صائبًا داخلَ رأسي.
لم يكن من المُفترضِ أن يكونَ بارك جيمين معي، وكانت هذهِ هي الحقيقة. لم يكن هناك أيّ طريقةٍ أخرى لتفسير الأمر. لم أتَمكن جسديًا من إجبار نفسي على الإعجاب بجيمين، وهذا يؤلم.
لقد كنّا أصدقاء لسنوات، ومع ذلكَ هو لم يَعرف الكثير عني. كُلُّ ما بعرفهُ هو أنّ هناك خطبٌ ما. بالطبعِ هو أظهرَ تعاطفًا... ولكن بطريقةٍ كانت تتمحور حولَ نفسه. في بعض الأحيان، شعرتُ أنّه كانَ يساعدني لأجلِ مصلحتهِ الخاصة وأنتهى بهِ الأمر بإمتلاك مشاعرًا خلالَ هذهِ الرحلة.
لقد أحزنني قولُ أنّ تايهيونق أكثر شخصٍ يعرفُ بشأني. أحيانًا، أشعرُ أنّه يعرفني أكثرَ مما أعرفُ نفسي. مع ذلكَ، إنّ هذا مُستحيل؛ لم أخبرهُ بأيّ شيءٍ بعد وحافظتُ على سلامة صحتي العقلية.
"جونغكوكي،" يبتسمُ جيمين بإشراق ويلفُ ذراعيه حولي، يتمسكُ بي أقربَ إلى جانبهِ. تجمدتُ بسببِ تصرفهِ؛ لم يُبدِ جيمين أبدًا هذا القدر من المَودةِ تجاهي في الأماكن العامة، ولقد كرهتُ الشعورَ به، "هل أنتَ بخيرٍ مما حدثَ بالأمس." عبسَ واضعًا ذقنهُ فوق كتفي.
"أ— أجل." أتلعثمُ مُتمنيًا أن ينتهي هذا الإتصالُ بيننا، "أنا بخير، شكرًا على إتصالك."
"لا تكن سخيفًا،" يضحكُ جيمين ويُبعد ذقنهُ عن كتفي، فقط كي يُحدقَ في وجهي، "سوف أقومُ دائمًا بسؤالك عما إذا كنتَ بخير."
تهربُ ضحكةٌ مضطربة من بينَ شفتي بينما أصرخُ عقليًا على تايهيونق أو أيّ شخص آخر كي يأتي وينهي هذهِ اللحظة. بحق الآلهة، لقد كُنّا في رِواق المدرسة، يُمكن أن يرى الناس هذا. يُمكنهم التوقف والتحديق بهذا القُرب الذي بيننا والذي كرهتهُ أكثرَ من مُعظم الأشياء الأخرى. لقد كانَ الأمر مُحرجًا للغاية وغير ضروري.
خطواتٌ مألوفة يليها مشهدٌ لهيئة جسدٍ مألوف يبدأُ في الإقتراب، مما جعلَ من حالتي المحمومة والمُضطربة تهدأ أخيرًا. لو أننا لم نكن في مكانٍ حيثُ يُمكن للجميع رؤيتنا لرُبما كنتُ سأبعد جيمين عني. لقد كانَ مثل الغراء اللامع الذي سيصلُ إلى كُلِّ مكان دونَ أن يُغادر.
لم أكن أرغبُ في هذا النوع من الغِراء. لقد أردتُ ذلكَ النوع الذي يكونُ جميلًا ويعرفُ متى يجبُ أن يُغادر. أردتُ تايهيونق.
تغادرُ عينيّ جيمين خاصتي لتجتمع مع خاصة تايهيونق، مما جعلهُ يرخي قبضتهُ ويتركني ببطء. يعود ذاتُ التوتر الذي شعرتُ بهِ في الكافيتريا ذلكَ اليوم. أشعرُ كما لو أنّ هذا سيكونُ أسوأ مما كانَ عليه الأمر عندما كنت أنا وجيمين بمُفردنا.
يخطو تايهيونق إلى جانبي، أخيرًا، يُبعد عينيه عن جيمين ويوجهها نحوي، تنتشرُ إبتسامةٌ دافئة صندوقية عبرَ وجههِ.
"مرحبًا،" يقولُ تايهيونق بنبرةٍ عميقة وهادئة، ناسيًا تمامًا أن جيمين يقفُ إلى جانبهِ بينما يعقدُ ذراعيه ويحدقُ بثبات، "هل تناولتَ دواءك هذا الصباح؟" يُخرج ضحكة خفيفة في محاولةٍ منهُ لتلطيفِ هذا الجو القاتم. أرفعُ بصري نحوهُ وأنظرُ إليه بوجهٍ فارغ ومن الصعبِ قراءتهُ، أومأتُ برأسي بأعينٍ مُتسعة، "جيد."
"دواء، ماذا؟" يقطعُ جيمين محادثتنا التي كانت من طرفٍ واحد وينظرُ نحوي، "لقد قلت أنّك بخير. لماذا تحتاج إلى تناولِ الدواء الآن؟"
"كانَ جونغكوك—" بدأ تايهيونق، إلا أنّه تم مُقاطعتهُ بواسطة نبرة جيمين الفظّة.
"لقد سألتُ جونغكوك." قالَ بصوتٍ مُرتفع مُحدقًا بتايهيونق.
"مهلًا، إهدأ." وَضَّحَ تايهيونق بينما يرفعُ ذراعيه في إستسلامٍ وهمي. لا بُدَّ وأنّه لاحظ جفلتي عند إستخدامِ جيمين لتلك النبرة المؤذية للمشاعر، "يجبُ أن تعرفَ أن جونغكوك لا يُحب هذا النَوع من نبراتِ الصوت."
"وكيفَ بحق اللعنةِ تعرفُ أيّ شيءٍ عن جونغكوك؟" يسألُ جيمين سؤالًا دفاعيًا.
"هذا يُدعى 'قضاءُ الوقتِ برفقتهِ.'" يجيبُ تايهيونق بصوتٍ صارِم، بينما كنتُ أراقب كُلَّ شيءٍ وهو ينكشفُ في ضجيجٍ أبيض. لا تستقر الأصوات العالية والكلماتُ القاسية بشكلٍ صحيحٍ في رأسي.
من العَدم، يُمسك تايهيونق يدي بإحكام ويجذبني أقرب إلى جانبهِ. معهُ، كانَ الأمر أقلُ رعبًا أن نكونَ بهذا القُرب الكبير. لقد جعلني أعتادُ على الأمرِ بالفِعل، على ما أعتقد، لقد كنّا بهذا القُرب لمراتٍ لا تُحصى.
أرسلَ تايهيونق نظرةً أخيرة مُشفِقة تجاهَ جيمين وضمَّ شفتيهِ في خطٍ مُستقيم قبلَ أن يقودني معهُ إلى أسفلِ الرِواق، تاركينَ جيمين خلفنا، "كانَ ذلكَ مُروعًا." أقولُ بهدوءٍ وبنبرةٍ مخنوقة بينما أحكمُ قبضة يدي حولَ الأكبر.
"أعلم، وأنا آسف لكونك اضطررتَ للوقوفِ هناك. لم أكن أعلمُ أنَ جيمين أراد افتعالَ شِجَار." يقولُ تايهيونق بهدوء، وندخلُ كِلانا دورة المياه المُخصصةِ للرجال الفارغة.
إلتفتَ نحوي ثُمّ تركَ يدي، حدقَ في وجهي لفترةٍ من الوقت بصمتٍ قبلَ أن يرفعَ يديهِ ويعانق وجنتيّ بتردد، "هل أنتَ بخير حقًا؟"
لو كانَ بإمكاني لأخفيتُ غُبارَ الورد الذي إنتشر فوق وجنتيّ المُنتفختين، لكنني ببساطةٍ لا أستطيعُ في حين أنّ نسيجُ بشرةِ تايهيونق يضغطُ على وجهي الناعم تمامًا. إبتسمَ لي بخفةٍ، وبدأ في تحريك إبهاميهِ على طولِ عظامِ وجنتيّ، أنا قادرٌ فقط على الإيماء، لا أثقُ في الكلماتِ التي ستظهر بتأتأةٍ.
"من كانَ يعلمُ أنّ جيمين مُرعبٌ للغاية." يضحكُ تايهيونق بخفةٍ، ولا يسعني إلا أن أبتَسم، الوجهُ الفارغ الذي كنتُ أحاولُ بيأسٍ أن أحتفظَ بهِ قد اختفى الآن.
"إنّهُ مُعجبٌ بي، هذا هو السبب." أتحدثُ بحزن، فوجئتُ بأنني تمكنتُ من إخراجِ جملةٍ دونَ تلعثم حيثُ لا تزالُ يدي تايهيونق على وجهي، "جيمين لا يُحب ذلك؛ عندما يقتربُ مني الآخرون."
تعبر تنهيدتٌ من بين شفتي تايهيونق قبلَ أن يُبعد يديه عن وجهي، وبدلًا من ذلكَ هو سحبني في عناق. عرفَ أنّه لا يجبُ عليه القيامُ بهذا أمامَ الآخرين، وأعتقد أنّ هذا هو السبب الذي دفعهُ لإحضاري إلى هُنا.
أدفنُ رأسي في صدر تايهيونق وأدعو أيّا من كانَ أن يدعني أبقى في هذهِ الحالة من الأمان والهدوء، "أعرفُ أنّه يفعل." تمرُ أصابعهُ من خِلال شعري الأسود مما يُرسل قشعريرة إلى أسفلِ عمودي الفقري، "هل أنتَ مُعجبٌ بهِ أيضًا؟"
لا أعتقد أنَّ تايهيونق سيهتم إذا كنتُ مثلي الجنس. آملُ أنّه لن يفعل ذلك، على الأقل. كنتُ أعرف بالفِعل أنّه اعتادَ على التسكع في الأرجاء برفقة قائدة فرق التشجيع، سيويون. أعتقدُ أنّ الجميع عرفوا بأوقاتهم التي يقضونها في أماكن 'بعيدةٍ عن الأعين'. بحق الجحيم، كانَ يمكنك سماعهم في بعض الأحيان.
لقد شعرتُ بالقلق من أنَّ تايهيونق ربما كانَ يُساعدني فقط بدافعِ الشفقة لأنّهُ كانَ يمكن لهُ أن يقضي وقتهُ مع شخصٍ أفضل بكثيرٍ مني.
"لقد حاولت." تحدثتُ من بينِ أنفاسي، الصوتُ مُتذبذب في حين أنّ جسدي بدأ في الإرتجاف. جذبني تايهيونق أقربَ فحَسب ووضعَ ذقنهُ على رأسي، "لكنني لم أستطع فعل ذلك، مهما حاولتُ بشدة. أنّه فقط أ— أشعرُ بالسوء لعدمِ مُبادلتهِ الشعور." ترتفعُ ذراعي أخيرًا لتتشبثَ بخصرِ تايهيونق، على أملِ أنّ ذلك سيجعلني أهدأ.
"اهدأ،" همسَ داخل شعري، وأغمضُ عيني في محاولةٍ لأسمعَ بشكلٍ أفضل. رُبما، لو أنني لم أكن أمتلكُ حاسة البَصر، فإنّ حاسة السمع واللمس خاصتي ستكونُ أفضل، "لا تُرهق نفسكَ من أجل ذلك. هذا ليسَ خطأك، وسيتعين على جيمين التعاملَ مع الأمر."
"أنا فقط خائفٌ من ردة فعله إذا ما قلتُ لهُ 'لا'. لقد رأيتَ كيف كانَ حالهُ في الردهة. لا أريدهُ أن يتصرفَ بهذهِ الطريقة تجاهي— أن يكونَ عدائيًا جدًا. بدا كما لو أنّ نفسهُ الحقيقة إختفت تمامًا ولقد كرهتُ ذلك." استنشقُ داخلَ صدرِ تايهيونق.
يزفرُ بخفةٍ ويضعُ قبلةً ناعمة على جبيني. كانت شفاهه دافئة وجذّابة، أكثرُ نعومةٍ بكثير من يديهِ التي يُمكنها أن تتناسبَ تمامًا حولَ فخذي الصغيرين. أرسلت شفتاه القابعة على بشرتي موجاتٍ صادمة عبر نظامي وجعلتني أشعر بالدفء حتى نخاعي.
تبقى الشفاهُ الممتلئة على جبهتي، مما يسمح لي بالإنغماسِ داخلَ هذا التصرف غير المؤذي والطبيعي من قِبل تايهيونق. لم يسعني إلا أن اغمضَ عيني حتى ابتعدَ أخيرًا.
"لا تَخف، وإذا ما قامَ ببعض الأمور اللعينة، راسلني وسأحاول أن أكونَ هُناك في أقربِ وقتٍ مُمكن، حسنًا؟" يرفعُ يدهُ في غرضِ إبعاد إحدى الخصلات عن عيني، "سأحرصُ على إبقاء هاتفي معي في الوقت الحالي، فقط في حال حدوث شيءٍ ما، وسأحاول العثور عليكَ في وقت الغداء."
"حسنًا." أجيبُ بشكلٍ مضطرب، وأحصلُ على نوعٍ من الضحكِ العاطفي من الشاب الطويل الذي يقفُ أمامي بأعينٍ لطيفة والتي كانت تبدو مُخيفة فيما سبق.
من كانَ يعلمُ أنّه سينتهي بها الحالُ لتكونَ المَشهد الباعث على الأمان، تُدفءُ كُلُّ كياني في غمضةِ عينٍ وتسمحُ لنفسي تقريبًا بالثقةِ في شخصٍ ما؟
==
جونغكوك: تايهيونق هيونق؛ مكاني الآمن. :((