نيتفليكس | Netflix

By xEmmaa_x

749K 76.4K 68.5K

الثانوية، سخافة المراهقين، الحياة الاجتماعيّة المنخفضة والجلوس في الحجز لساعات. هذا ما تدور حوله الحياة، أو ع... More

مقدّمة.
| الأوّل |
| الثّاني |
| الثّالث |
| الرّابع |
| الخامس |
| السّادس |
| السّابع |
| الثّامن |
| التّاسع |
| العاشر |
| الحادي عشر |
| الثّاني عشر |
| الثالث عشر |
| الرابع عشر |
| الخامس عشر |
| السّادس عشر |
| السّابع عشر |
| الثامن عشر |
| التّاسع عشر |
| العشرين |
| الواحد والعشرين |
| الثاني والعشرين |
| الثّالث والعشرين |
| الرابع والعشرين |
| الخامس والعشرين |
| السادس والعشرين |
| السابع والعشرين |
| الثامن والعشرين |
| التاسع والعشرين |
| الثلاثين |
| الواحد والثلاثين |
| الثاني والثلاثين |
| الرابع والثلاثين |
| الأخير |
| مُسابقة كاليس |
نوت مهمة للقراء الذين يشعرون بالحزن بعد النهاية.
انتهاء فترة المُسابقة!

| الثالث والثلاثين |

21.4K 2K 3.1K
By xEmmaa_x

الفصل كئيب بعض الشيء :( واللي بعده أضمن لكم أنه أكثر كئابة.
مدري أحسكم مش هتحبوني بد الفصل بس أني وايز إينجوي وكده ولا تنسوا التصويت والتعليق على الفقرات 🥺.

_____________

رغم أنني آتي على ذكر الأبراج كثيراً وأحب التحدث عنها، إلا أنني نادراً ما أتحدّث عن برجي الخاص.

في الحقيقة أنا لستُ من مواليد برج الدلو بالضبط. ولدتُ في يوم ٢٠ يناير، لذلك تقنياً أنا مزيجٌ بين البُرجين الجدي والدلو، أتمتع بصفات متنوعة من كليهما.

لا أفهم لماذا لا يمكنني الانتماء لشيء واحد في هذه الحياة بحق الله!

لكني لم أعد أكترث فعلاً، فلقد أصبحت أقف على خط رفيع محايد بين جميع الأشياء..

البارحة انتهى بي الأمرُ أنا وسارا نقيم حفلة خاصة بنا سوياً إحتفالاً بكوننا مواليد نفس البُرج وتبادلنا أحاديثاً عن شخصيتنا وما يصفنا الناسُ به وغيره.

وشرحت لها أن سبب إعتقادي أنها برج الجدي في البداية كان أنني أخذُ بعض صفات ذلك البرج أيضاً.

لم أرى كايل مرة أخرى بعد أن اختفى فور خروجنا من دورة المياه، جيف قال أنه أيضاً لا يعرف مكانه لذلك حاولنا كثيراً الإتصال به لكن هاتفه كان مغلقاً في كل مرة فاستنتج جيفري أنه ربما شعر بالتعب وقرر العودة إلى منزله.

لكن ذلك الجزء الصغير بي ظل قلقاً طوال الوقت، أفكّرُ في أنني ربما قمت بفعل شيء خاطئ.

بعد انتهاء حفلة جيفري الليلية في الساعة الواحدة صباحاً حسب ما أذكُر عدتُ إلى شقتي برفقة يونمي وارتمينا على السرير دون أن نغيّر ملابسنا حتى.

حاولت الإتصال بكايل قبل أن أنام لكن هاتفه كان لايزال مغلقاً لذلك حاولت إقناع نفسي أنه بخير ونائم في شقته.

وفي صباح اليوم التالي كان لابد من إخبار يونمي بشأن القبلة لأنه إن لم أفعل.. رؤوس بشرية قد تطير دون رجعة.

"انتظري لحظة هل قبلكِ قبلة قبلة أم قبلة قبلة؟" يونمي عقدت حاجبيها وسألت بتركيز محركة يديها في اتجاهات مختلفة فور أن أنهيت قصّ ما حدث البارحة في دورة المياه عليها.

"آه.. ما الذي يعنيه هذا السؤال حتّى؟" نظرت لها بتشوش بينما أجفف الشعري المبلول جرّاء حصولي على حمام صباحي منعش.

"أعني هل كانت قبلة كخاصة الأطفال في الثانية عشر أم قبلة.." غمزت. "من النوع الآخر."

"يونمي!" سحبت أقرب وسادة من مكاني وألقيتها على وجهها بعنف.

"ماذا؟" استنكرت بينما تمسك بالوسادة قبل أن تصل إليها. "لا تكوني بذيئة!" هتفتُ. "وعلى كل حال لقد كانت قبلة قبلة." زفرت الهواء ثم أكملت "من النوع الآخر!"

عيناها اتسعتا. "أنتِ وكايل؟"

"يونمي هل كنت أحدّثُك عن شبح ما كل هذا الوقت؟ أجل أنا وكايل!" أخرجت ملابساً عميلة من خزانتي، قميصٌ أزرق مع نقوش بسيطة وبنطال أبيض ضيق.

وقت تصوير البرنامج سيبدأُ بعد ساعة وبالكاد أشعر أنني قد أصل في الوقت.

"ليس هذا ما أقصده، أشعرُ بالتفاجؤ.." صمتت لثانية ثمّ ضحكت. "حسناً على من أكذب؟ لا أشعر بالتفاجؤ مطلقاً! لقد أخبرتك أنه معجب بك!" وقفت على السرير وأشارت لي بسبابتها.

"لا تتفاخري بنفسك كثيراً." دخلت إلى دورة المياه ثمّ بدلت ملابسي وعدت إلى يونمي لأجدها كما هي فوق السرير تنتظر عودتي.

"ماذا عنكِ؟ كيف تشعرين؟"

سؤالها كان كالمنبه الذي أيقظ بداخلي عقلي المُغلق منذ البارحة.

ماذا عنّي؟ ..

صمتُّ لثانية بينما أصفف شعري بالآلة المخصصة. "آليس؟" نادت يونمي إسمي.

"لا أعرف." خرجت الجملة في شكل تنهيدة.

"لا تُفقديني أعصابي الآن، ماذا تعنين بلا أعرف؟ ألا ترين أنه يعجبكِ أيضاً؟" رفعت حاجبيها بتعجب.

زفرت الهواء وتحركت بغير راحة. "أجل أرى ذلك لكن لا يُمكنني فقط الإنقياد وراء مشاعري بهذه السهولة! بعد نواه وبعد كُل شيء. لا أعرفُ إن كنت صالحة لشيء––"

"لحظة دعيني أفهم ما تقولين، هل لازلتي تُحبين نواه؟" نظرت لي بشك بعد أن قاطعتني.

"كلا. بالطبع لا!" صحت. "الأمر كله هو أنني لا يمكنني المُضي من بعده. لا يمكنني أن أشارك نفسي مع شخص الآخر. أنا بالكاد أحتملُني الآن، كيف سأحتملُ أحداً يشاركني حياتي؟!"

نظرت لي يونمي لحظات بدت فيها غير مصدقة لما أتفوه به.

"متى ستصبحين أفضل؟" سألت بجدية.

"أعلم أن الجميع يتوقع مني أن أمضي قدماً وأن أكون إنعكاساً لذلك الشيء المثالي، الجميع يريدني أن أطعمهم نفس القصة حيث يخرج الإنسان من الظلمات إلى النور، من الضعف إلى القوة ومن مُنكسر إلى متكامل. أنا أيضاً أريد ذلك لكن لا يمكنني."

أستطيع القول أنها بدت مأخوذة بكلماتي للحظة، يمكنني رؤية كل شيء من خلال عينيها اللتان تنظران لي بحيرة.

"آليس دعيني أخبركِ شيئاً ظننت أنكِ بالفعل تعرفينه.. ألا تعرفين أن كونك مررتي بتجربة واحدة فاشلة لا يعني أن كل تجاربك ستكون بهذا الشّكل، وأن عليكِ المُضي قدماً!"

سحبت حقيبتي ووضبت أشيائي بداخلها ثم رفعت عيناي ليونمي قائلة "ماذا بعد؟ ماذا إن فشلت هذه أيضاً؟ ما هو الحب بأي حال؟ ما هو الحب؟ لقد مللت من محاولة معرفة هويته وما هو وكيف هو! أظن أن الحب مجرد سراب تخترعه عقولنا التي تريد أي شيء للتشبث به! فعندما تخسرين شخصاً تدركين بحلول الوقت أنكِ ستخسرين الجميع."

صوتي كان يعلو تدريجياً مع كل كلمة.

"هل كل ذلك بسبب تلك الليلة؟ ما الذي حصل فيها آليس؟ ما الذي قاله لكِ نواه حينها؟" سألتني سؤالها الذي كررته عليّ مراتٍ عديدة لكني في كل مرة أمتنع عن الإجابة.

كانت تشير إلى الليلة التي انفصلت فيها عن نواه.

لقد خبأت كل ما قاله لي ليلتها في فؤادي ولم أستطع البوح به يوماً لكنّي في لحظة إحتياج وألم كتبت ما حدث بالتفاصيل كما أذكُرها في الرواية وبالتالي ستظهر الأحداث في الفيلم.

في بداية الأمر لم أكن خائفة من أي شيء سوا أن تكتشف يونمي ما قاله لي من خلال الفيلم وهذا ما سيحصل عاجلاً أم أجلاً. لكن الآن أنا أشعر بالقلق من رؤية الجميع لما حدث، فهم الآن يعرفون بشأن الواقعية وراء الرواية.

أدرك جيداً أنه لم يعد هناك شيء أخفيه وأنا أمقت الآن اللحظة التي ضعفت فيها واتخذت الرواية مهرباً لي لأخرج فيها كل ما قاله نواه.

كيف لم يخطر في بالي أن رواياتي ستتحول لفيلمٍ مثلاً!

"لقد تأخرت، عليّ الذهاب." أنهيتُ النقاش بهذه الطريقة وارتديت حذائي خارجة من غُرفتي ببطء بسبب قدمي بينما يونمي تتبع حركاتي بنظرات خائبة.

"لا تنسي أن تغلقي الباب جيداً بعد خروجك." طلبت منها لتومئ بهدوء ملوحة لي أثناء خروجي.

اضطررت أن أقف لبعض الوقت أسفل بنايتي في انتظار ظهور سيارة ليو لأنني نزلت مبكراً قبل وصوله تهرباً من الحصول على مناقشة مع يونمي.

وحين وصول حييته كالمعتاد ودلفت إلى سيارته مغلقة الباب خلفي وفور أن تحرك بالسيارة توجهت للنظر من النافذة مراقبة الطريق في صمت مطبق حتى وصلنا وقد لاحظت استغراب ليو من هدوئي الغريب طوال الوقت.

دخلت برفقة ليو إلى استوديو تصوير البرنامج وقد كان لامعاً بألوان ذهبية وسوداء مع عدّة جوائز وشهادات عُلّقت على بعض حوائطه في المدخل كنوع من الزينة.

في الداخل ظهر العمال وهم يضبطون الكاميرات ومواقعها في المكان ويعدلون الديكور الذي سيظهر أمام الكاميرات.

جيفري كان واقفاً بقميص مزين بزهور بسيطة مع بنطال بندقي اللون وحذاء بني يتحدث مع سيدة بدت في الثلاثينات من عمرها ترتدي فستاناً رسمياً ذهبي وحذاء أسود مع تصفيفة شعر مثالية، رودي كان موجوداً بدوره يتفحص هاتفه بينما ماري جين واقفة بجانبه تدلك جبينها بإنزعاج.

أين كايل؟

كان اختفاؤه أول ما جذب انتباهي في الغرفة كلّها.

ربما تأخر فقط.

تحركت نحو رودي وماري جين. "مرحباً.." تمتمت تزامناّ مع وصولي لمكانهم.

"أوه آليس—" بتر رودي عبارته واختفت ابتسامته حين حطت عيناه على وجهي. "أنتِ بخير؟ ملامحك شاحبة ومنزعجة للغاية."

"أوافقه الرأي." علّقت ماري لأهز رأسي للجانبين. "لا داعي للقلق. أنا بخير. أين كايل؟ لقد تأخر والبرنامج على وشك أن يبدأ."

"لن يأتي." ردت ماري جين ببساطة.

عقدت حاجبي. "لن يأتي؟" كررت متسائلة.

هل يمزحون معي الآن؟

"لن يستطيع المجيء، هذا ما أخبرنا به جيفري." حرك رودي كتفيه مؤكداً ما قالته ماري لتزدد عقدة حاجبي وقد تجمعت الغصة في حلقي.

"حسناً.. إعذراني." وليتهما ظهري متحركة بخطوات واسعة اتجاه جيف الذي يتحدث رفاق السيدة الثلاثينية بود واضح.

"جيف، أحتاجك لحظة." ابتسمت بإصطناع نحو المرأة التي هزت رأسها بتحية.

"بالطبع، لكن أولاً دعيني أعرفكِ بهذه السيدة الجميلة أنستازيا سميث، مقدمة البرنامج الذي استضافنا." عرفني عليها لأعاود وضع ابتسامتي المزيفة مصافحة يدها الممتدة.

"هذه آليس هود، كاتبةُ الفيلم ومساعدتي." قال جيف معرفاً إياي وهو يضع كفه على ظهري لتومئ الأخرى قائلة "مؤكدٌ أعرفُها، سعيدة للغاية بلقاءكِ آنسة هود."

هززت رأسي. "أرجوكِ.. ناديني آليس."

"بالطبع آليس، سأترككما الآن لأتجهز. دقائق وسنبدأ لذا استعدا" لوحت لنا ببساطة وانسحبت مبتعدة كعبها العالي يطرق الأرضية مع كل خطوة تأخذها.

"أين كايل؟" فور ذهابها إلتفت نحو جيفري متسائلة بنبرة جادة.

"لن يستطع الحضور." تنهد ممرراً يده على رقبته. "ما الذي تقصده بلن يستطيع الحضور؟." ضممت شفتي سوياً وحاولت قدر الإمكان ألا أعض شفتي السُفلى.

"لقد سافر. صباح اليوم أخبرني أنه في بريطانيا." رد وحرك رأسه للجانبين بقلّة حيلة.

عيناي اتسعتا. "بريطانيا؟! ما الذي يفعله هناك؟ لماذا سافر فجأة؟"

كانت هناك أسئلة كثيرة تتجمع في عقلي ألقيتها على مسامعه واحداً تلو الآخر.

"لا أعرف.." زفر جيف بغضب. "هو لا يخبرني بشيء!"

"ماذا تعني بذلك؟ كيف له أن يكون مستهتراً بهذه الطريقة؟ من المفترض أن يكون موجوداً إنه بطل الفيلم بحقّ الله!" كنت حانقة لأقصى درجة.

"صدقيني أنا لا أفهم لماذا فعل ذلك ومتى وكيف! البارحة كان لا يجيب على اتصالاتي واليوم يتصل ليخبرني أنه في بريطانيا! أنا لا أفهم ما الذي يريده لكني أتوقع أي جنون منه. إنه كايل!" فقد جيفري أعصابه مزمجراً بضيق.

تنهدت مغمضة عيناي لثانية. أعترف أنني كرهت حقيقة أنه لم يكن في الجوار وكرهت فكرة أنه لن يكون موجوداً أثناء استضافتنا لأول مرة في برنامج من أجل الفيلم.

لكني على الجانب الآخر شعرت بالغضب والضيق الشديدين من استهتاره وسفره المُفاجئ دون أي مبرر أو توضيح.

"آنستي، هل يمكنكِ رجاءاً القدوم معي لضبط تبرجك ووضع المايكروفون؟"

اقتربت مني إحدى العاملات متحدثة بنبرة ودودة وابتسامة صغيرة لأخطف نظرة سريعة نحو جيف الذي هزّ رأسه.

تنهدت وأومأت للعاملة ثمّ سرت خلفها إلى أحد المقاعد العالية الموضوعة أمام مرآة كبيرة محاطة بالإضواء البيضاء. تحركت الفتاة بسرعة وبدأت بضبط تبرجي الخفيف وتعديله مضيفة بعض الكُحل لعيني وأحمر الشفاه لشفتاي.

كانت تسألني كثيراً عمّا أفضل وضعه على وجهي لكني لم أعبأ بأياً كان ما تقوله أو تفعله وانتظرتها حتى تنتهي بفارغ الصبر فذهني كان شارداً بالفعل منزعجاً.

بعد أن انتهت من تعديل تبرجي وضعت لي المايكروفون وثبتته من الخلف في بنطالي وفور أن انتهت من ذلك وقفتُ معدلة ملابسي وتحركت إلى ذلك الجزء من الاستوديو الذي يظهر أمام الكاميرات. كان هناك أريكة بنية اللون طويلة تكفيني ومعي الممثلين وجيف. على الجانب الآخر كان هناك كرسي أسود دوار ذو لمعة جلدية وفي المنتصف مكثت طاولة زجاجية منخفضة وضع العمال عليها أكواباً من القهوة لكل الموجودين وخلف الكرسي الجلدي مكثت شاشة عملاقة للعرض ظهر عليها صورة لغلاف الفيلم.

كانت هذه أول مرة أرى فيها الغلاف وقد كان عبارة عن صورة تبدو داكنة ولكنها في نفس الوقت مضيئة. لا أعلم كيف أصف ذلك بالضبط لكنها كانت داكنة من جانب ومضيئة قليلاً من جانب آخر وكأن هناك شعاع نور في إحدى الجوانب بينما يقع الآخر في الظلمات.

الغلاف ضمّ كايل وماري جين سوياً وهما يحتضنان بعضهما البعض، كايل كان جالساً فوق أرض عشبية نضرة واسعة، وكانت ماري جين جالسة على قدميه محتضنة كتفيه بينما هو يلفُّ خصرها بذراعيه وكلاهما ينظران لبعضهما البعض لكن نظراتهما لم تكن محبة بالضبط بل مشوشة وكأنهما يحاولان اكتشاف بعضهما البعض.

قاطع تأملي لغلاف الفيلم صوت جيفري الذي يناديني وقد ارتدى ميكروفوناً بدوره كما فعلت ماري جين، رودي وميريدا التي انضمت لنا. 

لم يكن من المفترض بها الحضور لكن يبدو أنها أتت الآن بدلاً من كايل الغائب.

"رجاءاً تفضلوا واجلسوا.." أشار لنا أحد العمال ففعلنا كما طلب وجلسنا فوق الأريكة الطّويلة التي احتوت أجسادنا جميعاً.

جيفري كان أولنا وأنا بجانبه، رودي بجانبي وبعده ماري جين وأخيراً ميريدا.

لحظات وظهرت المقدمة أنستازيا وجلست فوق الكرسي الدوار معدلة هندامها المثالي.

"هل أنتم مستعدون يا رفاق؟" سألتنا ببساطة ليومئ الجميع عداي حيث أنني كنت متوترة وغير مستعدة وقد ازداد توتري أكثر فور أن أشار مخرج البرنامج للعاملين من رجال الكاميرات ببدئ التصوير.

لا أصدق أن هذا يحدث. اللعنة.. هذا يحدث.

"حسناً لا أصدق أنني سأقول هذا يا رفاق لكن اليوم، أنا معي جزء من طاقم عمل الفيلم الجديد الذي أصاب المعجبين بالجنون حتى قبل نزوله، طاقم عمل فيلم (ربما الحب) مرحباً بكم!" بدأت المقدمة البرنامج بروح تشجيعية عفوية لنتبسم جميعاً لها.

ربما الحب..

لم أستطع أن أتخيل إسماً آخر للرواية حين شرعت في كتابتها، لأن الأمر كله كان يتمحور حول الحب.

حول ماهيته وكيف هو.

بعد نواه، عكفت فترة أحاول فيها معرفة ما هو الحب ما هو ذلك الشعور المؤلم المريح، المفرح المحزن، الذي يكسرنا ويبنينا. ما هو ذلك الشعور الذي يجعلنا نشعر بالشجاعة والجبن في نفس الوقت؟.

حاولت أن أفهم كيف يشعر به البشر وكيف يعبرون عنه ومتى يختفي وما السبب؟ حتى أنني كدت أن أفقد صوابي. كدت أفقد نفسي وصوابي في رحلة بحثي عن ماهية الحب.

وفي النهاية لم أجد أبدًا إجابة نموذجية ممتازة. لم أجد شيئاً يرضي رغبتي الكبيرة في معرفة حقيقته سوا جملة ربما الحب يليها نقاط عديدة وفراغات وعلامات استفهام.

ويمكن لكل شخص ملئ هذه الفراغات ووضع ما يشاء بعد جملة ربما الحب حسب مفهومة ورغبته.

ربما الحب مؤلم، ربما الحب سعادة.
ربما الحب شوق، ربما الحب تعاسة.
ربما الحب يقتلنا وربما الحب يحينا.
ربما الحب مجرد سراب وربما الحب هو الحقيقة.
ربما الحب لاشيء.. ربما هو كل شيء.

لا أعلم ما هو الحب، لا أعلم.

"إعلان الفيلم قد نُشر البارحة فقط لكنه حصل بالفعل على مليوني مشاهدة على تطبيق يوتيوب! لقد كنا ننتظر ذلك العمل بفارغ الصبر كما نفعل مع جميع أعمال المخرج القدير جيفري كوبرفيلد."

جذبت أنستازيا انتباهي مجدداً وهي تشير نحو جيف الذي ابتسم لها بإمتنان متمتماً "شكراً لكِ."

"إذن كيف تشعرون حيال الفيلم؟ ومتى سنتمكن من رؤيته بالضبط؟"

جيفري ضم كفيه سوياً مجيباً "نحن متحمسون للغاية خصوصاً وأننا تقريباً انتهينا من تصوير الفيلم ينقصنا أجزاء صغيرة ونتمنى أن ينال إعجاب المشاهدين كما نطمح.. بالنسبة لموعد نزوله فنتفليكس ستعلن عن الموعد تزامناً مع نزول الإعلان الثاني للفيلم والذي سيكون عبارة عن نسخة معدلة من الإعلان الأول."

"هذا يبدو رائعاً، لا يمكنني الانتظار.." هزت المقدمة أنستازيا رأسها ونظرت لي، "آليس سعيدة جداً لتواجدك معنا اليوم، أريد أن أسألك عن شعورك كونك الكاتبة ومساعدة المخرج، كيف تجدين هذه التجربة؟"

أخذت نفساً عميقاً وفرقت بين شفتي قائلة "بصراحة لقد كانت أفضل تجربة خضتها في حياتي، رؤية عملي يُحول بهذه الطريقة إلى الفيلم تحت قيادة مجموعة من الأشخاص المحترفين والذين حصلت على فرصة ذهبية وكنت محظوظة لأكوًن صداقة معهم. لقد أصبحوا جزءاً من حياتي الآن."

كنت أشعر بإرتعاش ساقاي واسمع نبض قلبي المرتفع طوال حديثي معها.

جيف احتضن كتفي بطفولية ورقة لتبتسم أنستازيا كما فعل جميع الموجودين.

"جميل.. وبالحديث عن عملك، أيمكنك إطلاعنا عن مصدر إلهامك لكتابة هذه الرواية وهل تفكرين في طباعتها ورقياً يوماً ما؟"

"آه.. أجل بالطبع أظن أنه سيكون أمراً جيداً إن قمت بطباعة الرواية وربما ترجمتها يوماً ما لتكون متاحة للجميع." أجبت محاولة تجاهل سؤالها الأول.

"ماذا عن إلهامك؟" نظرت لي بإهتمام لأعض شفتي السفلى.

هيا هيا هيا علي التفكير في شيء ما. حاولت تشغيل عقلي وترتيب بعض الجمل والكلمات التي قد تظهر في شكل إجابة مقبولة تجعلني لا أتطرق إلى التفاصيل.

"لا أعلم بالضبط، إن الرواية مزيج من رؤيتي للحياة وطريقة تفكيري وربما مزيج أيضاً من كيفية رؤيتي للعلاقات، الصداقات، العائلة وما يحدث في الثانوية وغيره. إنها كجزء مني.. يمكنني القول."

حسناً.. هذا كان جيداً على الأقل لم أكذب فالرواية بالفعل جزء مني.

"من خلال الإعلان يمكنني رؤية أن الممثلين قد عكسوا الصورة التي تريدين إيصالها بطريقة ممتازة." أشارت نحو ماري جين، رودي وميريدا.

"كيف كانت تجربتكم مع آليس وروايتها وما هو شعوركم تجاه أحداث الفيلم وشخصياته؟" وجهت سؤالها التالي نحوهم.

ماري جين ابتسمت معتدلة في جلستها. "إنها رواية عبقرية عليّ القول فيها الكثير والكثير من المشاعر والطاقة العاطفية ولقد كنا محظوظين كفاية لكون جيفري كوبرفيلد هو المخرج فقد صنع سيناريو ممتاز وعكس الرواية بشكل رائع، كل منا شعر أنه أصبح جزءاً من الشخصية التي يمثلها فلقد أمضينا شهوراً مع شخصياتنا وأصبحت حياتهم حياتنا وآلامهم هي آلامنا." حركت يديها برفق أثناء شرحها وقد إلتفتنا جميعاً نحوهما مستمعين إليها بإهتمام.

"شخصية فلورو ألهمتني كثيراً، كيف أنها صامدة طوال الوقت تمضي تاركة كل ما يؤلمها خلفها دون أن تهتم لأذية أي شخص. تحارب في الثانوية وتطمح لإكمال طريقها." استرسلت متحدثة عن شخصية فلورو.

لم أستطع أن أمنع نفسي من الشعور بالإطراء من حديثها الموجه لي بشكل غير مباشر.

لا أعلم، ربما هي لا تقصدني وربما تفعل.

"إنها شخصية جداً قوية حتى وإن ظن البعض أنها ليست كذلك أثناء مشاهدتهم للأحداث، كل شيء في الفيلم وكل أحاسيسه ستبدو معقدة وغريبة بعض الشيء لكني أراه كالمزيج الأمثل." أنهت حديثها بإبتسامة بسيطة.

"أوافق ماري الرأي." انضم رودي للنقاش. "جميعنا أصبحنا متعلقين بالشخصيات وبالأحداث وكل الفضل يعود لآليس وجيفري فهما من خلقا لنا هذه الأجواء."

أشار رودي نحوي أنا وجيف بيديه مضيفاً "أثناء التصوير لاحظنا جميعاً أن تطور الشخصيات طوال الرواية والفيلم جنوني حتى أن أفعال الأبطال قد تكون غير مبررة في بعض الأحيان وهذا ما لا تجده في الكثير من الروايات والأفلام! فمعظمهم يحبون توضيح أسباب شعور الشخصيات بشعور ما أو السبب وراء فعلهم لأمر ما لكن هذه ليست الحياة الواقعية فأحياناً المرء يرتكبُ أفعلاً لا يعرف سببها ويشعر بشعور هو لا يعرف مصدره وتفسيره."

لاح في عقلي صوت جيفري وتذكرته حين أخبرني أننا أحياناً لا نملك الأسباب.

"حديثكم يحمسني أكثر لرؤية الفيلم وهذا غير عادل أبداً!" ضحكت أنستازيا لنشاركها الضحك.

وقد بدأت أعتاد على أجواء المقابلة وشعرت بالتوتر يختفي تدريجياً مع انجراف الأحاديث والأسئلة.

"حتى نحن نشعر بالتشوق لرؤيته كاملاً." علقت ميريدا لنومئ جميعاً معها مؤكدين قولها. "وتعقيباً على كلام ماري ورودي أظن أن وجود آليس معنا كل يوم في التصوير ككاتبة لذلك العمل وكمساعدة المخرج يُساعدنا في تخيل المشاهد بشكل أفضل ويساعدنا على التعمق في الشخصيات وارتداء لباسهم." أضافت.

"أجل.. أجل بالضبط." وافقها جيفري القول وأومأ الباقين برؤوسهم.

"آليس لقد ذكرتي منذ دقائق صداقتك بطاقم العمل، كيف هي علاقتكم وكيف تكون أجواء التصوير؟ ومن أكثرهم قرباً لكِ؟" سألت المقدمة.

"أجواء التصوير تكون ممتعة جداً في الغالب لا تخلو من اللهو والضحك وصراخ جيف وغطرسته" قهقهت متأوهة حين صفع جيف كتفي مبتسماً.

"جميعنا متقاربين سواءًا الممثلين، عمال الكاميرات، الصوت، الديكور ومتخصصي الملابس والتجميل. جميعنا كالعائلة حين يتعلق الأمر بالفيلم وهذا أكثر شيء سأشتاق له حين ننتهي من الفيلم، كل تلك الذكريات والأجواء الرائعة أعلم أنها ستظل مخلدة في ذاكرتي." ابتسمت.

"ماذا عن كايل مكدولف بطل الفيلم وممثل شخصية نواه؟ جميعنا نشعر بالسوء كونه لم يتمكن من الحضور اليوم لكننا نطمح أن نعرف رأيك في تجسديه لشخصية نواه."

صمتت للحظات. "كايل ممثل جيد جداً ولقد استطاع ببساطة تجسيد شخصية نواه دون أن يواجه صعوبات واستطاع مواكبة تطوراتها طوال الوقت."

حاولت ألا أسبه أثناء حديثي عنه لأن مجرد ذكر إسمه أغضبني وذكرني بفعلته.

هزت المقدمة رأسها قائلة "كما أننا جميعاً نعرف بعلاقتكما المقربة فلقد تم إلتقاط العديد من مقاطع الفيديو والصور لكما في احتجاجات جورج فلويد وفي إحدى المتاجر وفي مطعم صغير."

في الشاشة خلفها ظهرت مقاطع لي أنا وكايل أثناء سيرنا سوياً في الإحتجاجات هاتفين بصوت عالي. يليها صور لكايل وهو يربط شعري ثم صورة لي أثناء ابتسامي ناظرة لهُ بينما الصورة التالية كانت صورة له وهو يحملني منزلاً إياي من على المنصة، آخر صورة كانت لنا ونحن جالسان على الأرض ننظر لبعضنا البعض مبتسمين.

مجموعة الصور الأخرى كانت لي أنا وكايل أثناء جلوسنا في ذلك المطعم الصغير في اليوم الذي تنزهنا فيه بعد مباراة كرة السلة وهناك صور أخرى لنا ونحن في المتجر الذي ابتعنا منه بعض الأشياء من أجل جلسة مراقبة النجوم على التلة.

بحق الإله متى يأخذ هؤلاء الناس كل هذه الصور؟ أنا لم ألحظ أن أحدهم كان يصورني حتى وهذا مخيف!.

"يبدو أنكما مقربان فعلاً." نظرت المقدمة أنستازيا لي.

حككت مؤخرة عنقي وهززت رأسي، "أجل نحن أصدقاء جيدون."

سعل جيف ممازحاً لأدعس قدمه مهددة دون أن يلاحظ أي شخص.

اندمج الجميع في نقاشات أخرى عن الفيلم وتفاصيله بينما اندمجت وحدي في أفكاري وقد أثر فيّ رؤية كل هذه الصور لي أنا وكايل سوياً.

ما الذي فعلته بالضبط وجعله يختفي فجأة ويهرب دون أن يتحمل عناء إرسال رسالة نصية لي؟

انتهى الأمر بي بعد وقت من التفكير الغير مجدي بالمشاركة في الأحاديث المتداولة عن فيلم حتى وصلت المقابلة إلى نهاية.

"أشكركم للغاية على هذا الوقت الرائع وأتمنى أن ينال الفيلم النجاح الذي يستحقه وأن يخرج للأضواء في أسرع وقت لأنني انتظره منذ الآن على أحر من الجُمر." شكرتنا المقدمة لنبتسم جميعاً مرددين عبارات الشكر والامتنان حتى أعلن المخرج انتهاء التصوير.

صافحتنا أنستازيا وشكرتنا جميعاً على حضور كل فرد منا ثم خلقت معنا أحاديث صغيرة عن الفيلم متمنية إكتماله في أقرب وقت.

بعد انتهائنا من الحديث تحركنا سوياً إلى خارج الاستوديو، ماري جين استقلت سيارتها وانصرفت يليها رودي الذي كان قلقاً بشأن تصرفاتي الغريبة من وجهة نظره وأخيراً ميريدا التي ودعتنا بإبتسامة واستقلت سيارتها بدورها منصرفة.

وفي النهاية لم يتبقى أحدٌ سواي أنا وجيف وليو.

"سأرافقكما، أتمانع إيصالي مع آليس يا ليو؟" استأذن جيف ليحرك الآخر رأسه للجانبين. "إطلاقاً."

تحرك ليو ودلف إلى سيارته مديراً المحرك لذلك تبعته وكذلك فعل جيف لنجلس في المقاعد الخلفية.

"لا أعرف ما الذي عليّ فعله مع كايل.." اعترف جيف فجأة لأنظر نحوه سريعاً.

"اختفاؤه بهذا الشكل المفاجئ سيؤثر على التصوير والخط الزمني الذي نملكه، كان من المفترض بنا أن نصور اليوم لكننا لن نفعل بسببه!" بإنزعاج أكمل.

"لا تقلق، ربما قد يعود الليلة أو غداً.. أتمنى أنه ليس مستهتراً لدرجة الإبتعاد لفترة طويلة."

تمنيت ذلك فعلاً من أعماق قلبي.

حاولت طمأنة جيف الذي تنفس بعمق، "آسف لتحدثي بهذه الطريقة السلبية، سيكون كل شيء على ما يرام."

قال متداركاً نفسه وكأنه لا يرغب في أن يفزعني أكثر.

ربّتُ على كتفه. "أجل سنكون بخير."

لكن كايل لم يظهر ولم يتصل حتى مع مرور ثلاثة أيام.. أجل ثلاثة أيام كاملة كان مختفياً فيها وكأن الأرض إبتلعته دون رجعة مما سبب لنا جميعاً الكثير من القلق المفرط ولم يكن أياً منا بخير كما تمنينا.

جيفري أوقف التصوير ولم أرى أياً منهم لثلاثة أيام قضيتها بين المدرسة وشقتي أدرس للإمتحانات التي اقتربت للغاية.

ثمّ حدث أن في صباح اليوم الرابع من إختفائه وجدت جيفري يهاتفني قائلاً أن كايل قد عاد لأمريكا! وأن عليّ القدوم إلى المدرسة المُستأجرة فورًا لنكمل التصوير.

صوته كان جاداً حازماً وحين سألته عن كايل، شتمه ثم ودعني وأغلق الخط! 

كان كل شيء كثيراً عليّ لإستيعابه خصوصاً أنني قد استيقظت للتو منذ لحظات لكني ارتديت ملابسي على أي حال وتجهزت ثمّ وجدت ليو يهاتفني ليخبرني أنه قد وصل في الأسفل.

"صباح الخير.." حييته فور أن دلفت إلى سيارته جالسة في مقعد المسافر بجانبه.

"صباح الخير آليس" أرسل لي ابتسامة بسيطة بينما يحرك عجلة القيادة بيديه سائراً بالسيارة.

"أيمكنك أن تشرح لي ما الذي يحدثُ بالضبط؟"

نظر لي متسائلاً "ماذا تقصدين؟"

"لا يمكنني فهم هذه الفوضى، فجأة جيفري يتصل بي من العدم ويطلب مني القدوم للتصوير وقد مضى علينا ثلاثة أيام في أجازة لا نفعل شيئاً بخصوص الفيلم!" زفرت الهواء متحدثة معه.

"كل ما فهمته من جيفري هو أن كايل قد عاد اليوم من السفر وهاتفه لذلك أول ما فعله جيف كان الإلتفات ودعوتنا جميعاً لإكمال الفيلم. لقد تأخرنا بما فيه الكفاية كان من المفترض بنا أن نكون قد انتهينا من تصويره كاملاً بحلول اليوم." قال وهو يخطف نظرات نحوي أثناء قيادته بين الشوارع.

مسحت وجهي بيدي بإنزعاج وقد علمت أن اليوم لن يكون سلساً أبداً وأن الأجواء حتماً ستكون متوترة ومليئة بالشحنات.

"لا تفكري كثيراً.. كل شيء سيكون بخير." حاول ليو طمأنتي وقد مد يده لمشغل السيارة حتى يشغِّل بعض الموسيقى.

لم أستطع أن أصدق فعلاً حقيقة أننا سنكون بخير لأنه في آخر مرة استمعت فيها إلى تلك الجملة لم يكن أي شيء بخير بعدها.

حين وصلنا إلى الثانوية ترجلت أنا وليو سوياً
من السيارة. حول أسوار المدرسة كان هناك العديد من السيارات والمقطورات صغيرة الحجم.

تحركنا ثمّ دخلنا من البوابة لتستقبلنا أجساد تهرع متحركة بسرعة في كل صوب واتجاه، لقد كان المكان في فوضى عارمة كليًا.

"أسرع!، الوقت من ذهب ونحن نتكاسل هنا!"
صياح جيفري الذي وصل لآذاني جعلني أدرك سبب هرع الجميع في كل مكان والسبب وراء خوفهم الواضح على وجوههم.

حين وقعت أعين جيف علينا أنا وليو أشار إلى ليو آمراً "ليو! تعال إلى هنا، أحتاجك."

حرك سبابته نحوي "وآليس ابحثي عن كايل وقومي بسحبه إلى هُنا لأننا سنبدأ."

"لحظة—" قبل أن أحصل على فرصة للإعتراض جيفري سحب ليو الذي تحرك نحوه واختفيا بعيداً عن أنظاري.

تباً.. تباً تباً تباً.

لم أصدق أنني في يوم ما قد أريد شتم جيفري ولكني الآن أفعل.

زفرت الهواء بإنزعاج شديد وتحركت ببطء أجر قدمي التي لازالت تتعافى.

في الأيام الأخيرة أصبحت أفضل بكثير عمّا سبق بل أصبحت أقفز عليها الآن.

خرجت من بوابة المدرسة وأخذت عيناي تبحثان عن هيأته الطويلة بالقرب من المقطورات الصغيرة المخصصة للممثلين بدلاً من الخيم التي كانوا يعدونها لهم قبلاً.

فعلاً وبعد فترة من البحث أخيراً وجدته.

وقف هناك مبتسماً بهدوء يتحدث مع إحدى العاملات التي بدت معجبة جداً بالحديث معه، حتى أنها تتلمسه في كل لحظة وتضحك على صوت تنفسه!

راقبتهما للحظات حتى شعرت بالغضب يغلي بداخلي فجأة ولم أستطع معرفة السبب بالضبط. من هو بحق الله ليفعل ذلك؟ يختفي لثلاثة أيام دون أن يجيب على أي من اتصالاتي ثم يعود وكأن شيئاً لم يكن؟

أوه والأفضل من ذلك حتى أنه يقف الآن ليتسامر مع إحدى الفتيات دون أن يهتم لأي شيء!

غريزياً قبضت على يدي الإثنتين وشعرت بغضبي واشتعالي يزداد أكثر وأكثر في جسدي منتشراً في أعضائي كُلّها.

خطوت خطوات واسعة سريعة نحوه ويمكن لأي شخص استشعار الإنزعاج في طريقة سيري حتى وصلت إلى مكان وقوف كايل وقبل أن أدرك حتى أمسكته من مقدمة قميصه وسحبته للأسفل حتى أصبح طوله مقارباً لطولي.

"أين كُنت؟"

فرق بين شفتيه ونظر لي بتشوش.

"لماذا اختفيت فجأة ولماذا أغلقت هاتفك؟" صببت أسئلتي عليه واحداً تلو الآخر.

"آليس—" همس ولكن قاطعه صوت الفتاة الواقفة كعجلة ثالثة. "عُذراً ولكن من أنتِ لتتحدثي معه بهذه الطريقة؟ أفلتي قميصه!"

أرجوكِ.. قبّلي مؤخرتي!

"أوه، أتريدين مني إفلاته؟" رفعتُ حاجباً بتحدٍ وقد خرج صوتي مغتاظاً منزعجاً. "راقبي هذا إذن."

أصابعي قبضت أكثر حول مقدمة قميصه وسحبته للأسفل نحوي أكثر حتى أصبح وجهه بجانب وجهي تماماً ثمّ ضيقت عيناي على الفتاة أمامي بينما على الجانب الآخر كايل بدا مستسلماً جداً.

عيناها اتسعتا من فعلتي ونظرت إلى كايل منتظرة رد فعل ما منه لكنه ابتسم لها بتوتر قائلاً "عُذراً يا ماتيلدا، عليّ الذهاب."

قبل أن أعرف أصابعه التفت حول معصمي ثم أبعد يدي عن مقدمة قميصه وسحبني خلفه إلى مقطورته المخصصة حيث يستريح ويبدل ملابسه.

فتح الباب وأشار لي لأدخل فنفيتُ بعناد محركة رأسي إلى الجانبين.

"لن أدخل إلى أي مكان معك! لقد جئت فقط لأخبرك أن جيفري يريدك." وليته ظهري مبتعدة بينما أتمتم بشتائم تحت أنفاسي.

ضحك كايل خلفي بإستمتاع وهتف لأسمعه، "هل تشعرين بالغيرة؟"

تصلّبت قدماي ووقفت في مكاني ثم إلتفت نحوه ببطء مُخيف.

ما الذي يتفوه به ذلك الرجل الموهوم؟ أيمكن لتكبره وغروره الواهي أن يتوقف عن التكاثر والزيادة للحظة؟

"ماذا؟ غيرة؟" ضحكت بإستخفاف. "لماذا قد أشعر بشيء مثل ذلك خصوصاً نحوك أنت؟. أرجوك يا عزيزي عُد إلى الواقع لأن أحلام اليقظة خاصتك بشعة."

"حتماً تشعرين بالغيرة." أكدّ مجدداً مبتسماً بإتساع. "بالطبع. في رواية أخرى، تُسمى بأحلام المتكبّر المستحيلة." تمتمت مبتعدة أكثر عن مكانه بخطوات متعجّلة.

"عودي إلى هُنا!" صاح من خلفي.

"أوه لا لن أفعل. أنا أشعر بالغضب ولن أتحمل رؤية ابتسامتك الباردة السخيفة أو ضحكك المُستفز! لذلك لا تتجرأ على إزعاجي أكثر من ذلك." حركت ذراعاي في الهواء دون أن ألتفت له.

"لا يهم، فقط عودي."

وقفت في مكاني لهنيهات وقد درست نظراته المطالبة في رأسي ثمّ نظرت له من الأعلى للأسفل للحظات أخرى. "من يُريدني فليأتي إليّ."

"حسناً.." ابتسم حتى ضاقت عيناهُ ثمّ إقترب مني بدون تردد وأمسك بيدي ليسحبني خلفه مجدداً إلى حيث مقطورته قائلاً

"أيمكنكِ الدخول لنتحدّث؟"

"أتمنى أن يكون لديك سبباً مقنعاً." خطوت إلى داخل المقطورة وجلست فوق أقرب مقعد.

"ماذا هناك؟ لماذا أنتِ غاضبة؟" سأل شابكاً ذراعيه أمام صدره.

"أنت تعرف بالضبط السبب وراء إنزعاجي، لا تلعب تلك اللعبة معي." حذرته مشيرة بسبابتي نحوه.

"حسناً.. أجل، أعرف السبب. لكني لم يكن في يدي حيلة وكان عليّ السفر." شرح موقفه.

"ليس مبراراً كافياً، لماذا سافرت إلى هُناك فجأة وبدون أي مقدمات أو تبرير؟ لقد تركتنا لثلاثة أيام! ثلاثة أيام نكاد نفقد فيها صوابنا بسببك وبسبب استهتارك!" عاتبته بحدة.

"اسمعي—" قاطعته "بل أنت اسمع! أتصلت بك مئات المرات ولم تُجب علي وتجاهلتني، لقد حان دوري لأتجاهلك."

"آليس—"

هززت رأسي للجانبين ونظرت له بنظرة لينة وتحدثت بصوت أكثر هدوءاً.

"لقد قلقت عليك. وظننت طوال الوقت أنني قد أخطأت في شيء ما أو أنك فقط تتجنبني بعد.. بعد.." صمت ومسحت على وجهي.

بعد أن قبلنا بعضنا البعض.

"لماذا ابتعدت—" في هذه المرة هو الذي قاطعني هاتفاً "لأنه كان علي ذلك! وهذا هو السبب الوحيد الذي ستعرفينه."

عقدت حاجباي بتشوش. "ما الذي يعنيه ذلك؟"

"يعني أن نغلق هذا النّقاش، اضطررت أن أسافر ففعلت وها أنا ذا قد عدت مجددًا. نقطة."

في نبرته حديثه شيء غريب، شيء يذكرني به حين تعرفت عليه أول مرة.

"ألم تفكر في الفيلم للحظة واحدة؟" ضيقت عيناي عليه. "هل يعرف جيفري حتى بسبب اختفائك؟"

هز رأسه للجانبين ممرراً أصابعه في شعره. "لا أحد. لا أنتِ ولا جيفري."

"ماذا تُخفي إذن؟ هل أنت واقع في مأزق؟" بدأت أشعر بالقلق ينتابني مجدداً، فلماذا قد يخفي سبب سفره إلا إن كان في ورطة من نوع ما ويخفي الأمر.

"هذا ليس من شأنك! لماذا تصرين على سحب الكلام مني؟" سأل باستنكار.

"لأنني أريد مساعدتك! إن كنت واقعاً في مشكلة ما أو هناك أمر تحتاج لمساعدة فيه فسأساعدك دون تردد!" أجبت بشفافية وصراحة.

"توقفي! أنا لا أحتاج مساعدتك!" أشار نحوي بسبابته عاقداً حاجبيه بإنزعاج وقد بدا مختلفاً فعلاً عن كايل البارد المستفز الذي عهدته.

بدا كشخص آخر غاضب، منزعج.. ومتوتر.

"بل توقف أنت عن تصرفاتك الغريبة يا كايل. ضع كبريائك السخيف ذلك جانباً. ما أقوله هو أنني أريد مساعدتك." تحدثت بشيء من الإصرار والثبات.

"كلا يا عزيزتي كلا، أنتِ لا تفعلين. أنتِ فقط تشعرين بضرورة مساعدتي لأنني ساعدتكِ إنه كرد دين أو ما شابه. لذلك فأنا لا أحتاج إلى مساعدتك!"

كلما تعمقنا في هذه المناقشة أصبح الوضع أكثر تعقيداً، الأمر وكأن شخصاً آخر غير كايل يحدثني الآن، شخصاً آخر غاضب كان مخفياً بداخله طوال الوقت.

"أنت.. أنت تتحدث بطريقة غريبة."

ضحك بسخرية. "أجل أجل لم أعد مثالياً بعد الآن صحيح؟ لقد أخبرتك من قبل أنكِ لا يمكنك قرائتي لأن لا أحد يمكنه. مهما ظننتي أنكِ بارعة في فهم ما يشعر به الناس ويفكرون فيه أنتِ لن تستطيعين تخيل جزءاً مما أفكر فيه!"

صوته كان أجشاً خشناً وعيناه كانتا حادتين تنظران لي بإتهام.

"هذا لأنك تدفعني بعيداً كلما حاولت التقرب منك، ألا تلاحظ ذلك؟ أنت تقريباً تعرف كل شيء عني وعن ماضيّ بينما لا أعرف شيئاً عنك سوا القشور! حتى أنني عرفت معظمهم من أشخاص أخرون غيرك!"

زفر ضحكة هازءة. "هذا لأن لا أحد يستحقُّ معرفة أي شيء عني. لا شخص سيستطيع فهم ما أشعر به من مشاعر مضطربة أو أفكار غريبة متشابكة سوا شخص واحد.. أنا!"

راقبته أثناء حديثه وأدركت تزامناً مع ترك الكلمات حلقه أن شتان بين ما كنت أظنه وبين ما يؤمن به كايل.

كنت أتجنب مشاركة مشاعري مع الآخرين لأنني أخشى أن أردُّ خائبة بجمل مبتذلة تدعوني للتحمل لكن فور أن أجد من يهتم لي ويقدر شعوري أنا أنفتحُ له بصدق.

بينما كايل.. كايل كان شيئاً آخر تماماً.

"ألا يوجد هناك شخص واحد تبوح له بمكنون صدرك؟" حدقت فيه بحيرة وسألت بإستغراب شديد هامسة.

"كنت أفعل.. مع واحدة فقط وقد رحلت بعيداً دون رجعة." رد مشيحاً بوجهه عني. "والآن لا أحد يستحق أن أبدو مكسوراً أمامه.."

فهمت أنه يشير إلى والدته.

"لا تفعل ذلك." طلبت منه. "لا تدفع الجميع عنك ولا تدّعي شيئاً أنت لست عليه. لا تكرر أخطائي."

هز رأسه للجانبين بسخرية. "أنا أفعلُ ذلك منذ أن كنت طفلاً وحيداً، أنا لا أكرر أخطاءك، لطالما كنت هكذا. كاذبٌ ومدّعي."

"لذلك توقفي عن محاولتك في فهمي أو التدخل في حياتي التعيسة الضبابية! أنتِ بعيدة جداً يا آليس. وستظلين للأبد بعيدة عن معرفة كل شيء عنّي." استرسل.

"لماذا؟" همست بأعين لامعة وخرج صوتي حائراً خافتاً.

ولّاني ظهره وتحرك نحو الباب ثم أمسك بالمقبض. "لأن هذا هو الحال، هكذا كان، وهكذا سيظل."

فور أن أنهى حديثه خرج من المقطورة تاركاً الباب خلفه مفتوحاً وانصرف.

ظللت جالسة وحدي في المكان للحظات أنظر لنفس البقعة على الأرض أحاول ترتيب أفكاري المبعثرة.

معقدٌ جداً.

كل شيء بشأنه يبدو معقداً جداً حين أنظر عن قرب.

بهدوء وكما جئت عدت مجدداً إلى داخل المدرسة واقتربت من مكان العاملين ثم جلست على الكرسي الخاص بي.

كايل ظهر بعد دقائق في الموقع متحركاً مع مصففة شعره ماتيلدا لكن هذه المرة هما لم يكونا يتمازحان أو يتحدثان مطلقاً، فكايل كان يسير بوجه متهجم وفك محتد مع حاجبين معقودين، بينما ماتيلدا سارت خلفه بوجه حائر خائف تراقب ظهره وكتفيه العريضين.

وبعد دقائق أخرى بدأ التصوير ووقف كل شخص في مكانه المخصص بينما جلس جيفري على كرسيه بجانبي مشيراً للجميع ببدئ التصوير.

علاقة نواه وفلورو لم تأخذ منحدراً مثالياً ولا طريقاً زاهياً بعد أن وعدا بعضهما البعض آخر مرة بالتغير ومحاولة إصلاح العلاقة.

في المقابل هما ابتعدا عن بعضهما البعض تدريجياً وهذا ما أبرزته مشاهد الفيلم المتكونة من لقطات تصور تجاهل كل منهما لرسائل الآخر في بعض الأحيان.

في كل مرة كان نواه يتخلف بطريقة أو بأخرى عن مكالماتهما الليلية ويدّعي في اليوم الموالي أنه سقط نائماً وغفى رغماً عنه. كانت فلورو تعلم أنه يكذب طوال الوقت لكنها لم تعلق في أي مرة.

كما قلت.. لقد كنت ولازلت أحفظ نواه كما أحفظ كف يدي.

وسط تلك الأحداث، ستظهر أغنية هل تشعرين بالملل بعد لفرقة wallows لتبرز علاقتهم المُتغيرة.

تدريجياً أصبحت مقابلاتهما مقتصرة على رؤيتهما لبعضهما البعض في الثانوية، نواه كان يعكف على تمارين كرة السلة الخاصه به طوال الوقت بينما فلورو لم تعد تحضر تمارينه في كل مرة كما كانت تفعل مسبقاً.

مع الوقت رسائلهما أصبحت مملة يشوبها الركود والروتينية، انغمس كل منهما في حياته لكن في حين أن نواه بدا منسجماً جداً مع الوضع ومرتاحاً، فلورو لم تكن تشعر بالمثل.

لقد كان يؤرقها في أحلامها لتستيقظ وتفكر فيه طوال اليوم تتساءل عمّا حل بهما ولماذا يتصرفان بهذه الطريقة.

لكنها لم تكلف نفسها عناء سؤاله هذه المرة واكتفت بالصمت والتظاهر بأن كل شيء طبيعي.

حتى جاء ذاك اليوم حين وصلت فلورو إلى الثانوية في الصباح الباكر لتجد جوي في انتظارها بنظرات متلهفة خبيثة.

"صباح الخير." تحدثت جوي لكن فلورو لم تكن في المزاج لذلك اكتفت بالإيماء نحو جوي متمتمة بصباح الخير.

"لقد كنت أبحث عنكِ، إن نواه يريدك." قالت جوي لتجذب انتباه فلورو فوراً.

"ما الأمر؟" سألت فلورو لتهز الأخرى رأسها مجيبة "لا أعرف لكنه ينتظرك في صالة كرة السلة، يجدر بك الإسراع والذهاب إليه."

هزت فلورو رأسها وشكرت جوي على مضض ثم شقت طريقها نحو المكان المنشود وقد كان جزءاً منها يأمل أن نواه سيأخذ خطوة ما لإصلاح ذلك الوضع الذي أصبحا فيه.

قلبي قرع خلف صدري بقوة واضطراب أثناء مشاهدتي لماري جين تتحرك في دور فلورو نحو باب الصالة المغطاة الخاصة بملعب كرة السلة.

دفعت الباب ودخلت ثمّ بحثت عن هيأة نواه بعينيها حتى وجدته.. هناك. كان واقفاً في آخر الملعب لكنه لم يكن وحده فبرفقته وقفت فتاة جميلة بملابس المشجعات التي تظهر كامل ساقيها ومعدتها، كانا يتسامران سوياً بطريقة حميمية وهما يتلمسان بعضهما البعض فيد نواه كانت مستقرة بوضوح على خصرها العاري بينما يديها كانت تعبث في ذراعيه.

تسمّرت في مكانها للحظات وشعرت بكبريائها يتحطم أمام عينيها رفاقاً بقلبها وكل شيء آخر.

لقد ضرب بكل آمالها ورغباتها بإصلاح كل شيء عرض الحائط ووقف محتضناً فتاة أخرى بين ذراعيه.

لم يكن من فلورو إلا أن ولت ذلك المشهد ظهرهـا وابتعدت كعادتها.. بصمت.

هذه الطريقة كانت أسهل بكثير من المواجهة.

لم تبكي حين خرجت من المكان بل عادت بكل برود إلى داخل المدرسة وحضرت صفوفها بروتينية لم تُظهر فيها أن أي شيء قد حصل أو أن هناك خطب ما.

كانت صامدة جداً أمام الجميع.

أتذكر حينها أنني أردت البكاء بقوة والصُراخ لكني تحملت وتصرفت كأن شيئاً لم يحدث بينما الدموع كانت واقفة طوال الوقت على أطراف جفني تطلب إذني للخروج لكني لم أسمح لها.

"حسناً أوقف التصوير!" أعلن جيف بجدية وأشار بيديه لكل الموجودين حتى يتحركوا سريعاً موقفين الكاميرات.

"انتقلوا إلى مقطع نواه وحبيبته الجديدة، علينا الانتهاء من كل مقاطع المدرسة اليُوم!" شرح وفور إنهائه لكلماته تحرك الممثلين لتبديل ملابسهم وكذلك فعل الكومبارسات، بينما كل واحد من العمال كان يتحرك في صوب واتجاه مختلف يقوم بمهمة معينة.

هناك مقطع في المنتصف لم نصوره بعد وهو مقطع انفصال نواه وفلورو لأن ذلك المقطع سيحدث ليلاً في مكان غير المدرسة لذلك نحن الآن سنقوم بتصوير مقطع آخر حدث بعد إنفصال نواه وفلورو لكنه أخذ مكاناً في المدرسة.

كما توقعت جيفري كان صارماً جداً اليوم وبدا واضحاً لي أنه لا يتحدث مع كايل مطلقاً بعد أن تسبب في تأخير التصوير.

"هيا يا ماري، هل أنتِ جاهزة؟" سأل جيفري ماري جين التي بدلت ملابسها وغيرت تصفيفة شعرها وقد وضعوا لها بعض مستحضرات التجميل على وجهها حتى تظهر بمظهر شاحب مُرهق.

عيناها كانتا منتفختين قليلاً سبب قلة النوم وكثرة التفكير والبُكاء.

كايل ظهر بعدها بملابس مختلفة لكن فوقها ارتدى سترة فريق كرة السلة المعتادة، بجانبه ظهرت الفتاة التي تمثل دور حبيبته الجديدة وقد ارتدت ملابس أخرى غير ملابس التشجيع لكنها لم تكن أكثر احتشاماً.

جاكي أمر عمال الكاميرات بضبط الزوايا نحو باب الثانوية وقد وقفت ماري جين في الخارج أسفل الدرج الصغير الموجود عند الباب.

"هل الجميع في أماكنهم؟" سأل جيف ناظراً حوله ثمّ سلط بصره قليلاً على كايل الذي كان واقفاً في آخر الرواق مكثت بجابنه الفتاة التي تمثل المشجعة منتظرة إعلان بدئ التصوير، بينما كنا نحن جالسين في أوله قريباً من الباب.

"المشهد الثاني. ثلاثة، إثنان، واحد. تصوير!"

بدأ المشهد بفلورو وهي تصعد السلم وتدخل من باب الثانوية بوجهها المتعب وقد قبضت على ذراعي حقيبتها المدرسية.

في خلدها كانت تتردد صوراً لما كتبه نواه البارحة عنها في مواقع التواصل الإجتماعي بعد أن انفصلت عنه ليلتها.

لقد كان قاسياً، غريباً. وكأنه شخصاً آخر غير الفتى الذي أحبته وعهدته طوال مدة ليست بقصيرة.

كتب أنه يكرهها ويكره يوم إلتقاها، شتمها بأفظع الشتائم وإدعى أنها هي من كسرت قلبه وحطمته وأنها قاسية لا تعرف الحب ولا الشفقة!

ردد على لسانها أقاويل لم تتحدث بها ولم تقُلها قط وظل يردد طوال الوقت كم أنها لا تعني له شيئاً حتى أصبح جميع من في المدرسة يعرف بخبر إنفصالهما وكأنه ظاهرة اجتماعية مهمّة!

دخلت فلورو إلى المدرسة وشعرت بالأعين تتبعها بفضول أو شفقة، بعضها كان ساخراً حتى ومتشمتاً بها منهم جوي التي كانت واقفة بجانب آنسل.

لقد كرهت فكرة أن جميع الأعين حولها وأن الجميع يترصد بها لكنها رفعت رأسها لأعلى وسارت بينهم بشموخ دون أن تبدو منكسرة ولو للحظة لكن بداخلها كان هناك شلال من الدموع المنهمرة.

كان بإمكانها أن تتغيب عن حضور المدرسة ذلك اليوم، لكنها لم تفعل. لم تستطع أن تظهر أبداً بمظهر الضعيفة، لأنها لا تهرب حين تشعر بالإنكسار.. بل تقف مستقيمة وتتصرف كأن شيئاً لم يكُن.

"هل انفصلتما؟ لماذا لم تخبريني؟" صديقتها الكورية لو ظهرت أمامها فجأة وسألتها بأعين حزينة بينما تمسكُ بذراعيها.

"لقد حصل الأمر بسرعة، بسرعة أكبر من أن أستوعب ما حصل.. لكن يبدو أنه فعل." أشارت فلورو نحو نواه الذي ظهر من خلف لو سائراً في الطرقات وهو يشبك أنامله بأصابع المشجعة التي رأتها مسبقاً معه.

"ماذا حدث؟" سألت لو وهي تسحبها بعيداً عن نواه الذي كان يخطف نظرات جانبية نحو فلورو.

"لقد انفصلت عنه، ليلة البارحة." دلكت فلورو جبينها متنهدة. "لكن الوضع تحول فجأة لكارثة!" أضافت.

"لكنك.. لكنك تحبينه لماذا انفصلتي عنه؟" سألتها لو بإستنكار شديد.

هكذا الناس.. هكذا هم، ينظرون لرد الفعل لكن لا يهتمون أبداً للسؤال عن الفعل.

في أعين نواه وفي أعين الجميع كنت ولازلت المخطئة في كل شيء لأنني من انفصلت عنه! ماذا عن الأسباب؟ لتحترق في الجحيم! لقد انفصلت عنه وهذا قاسٍ للغاية.

تنهدت فلورو وتجاهلت سؤال لو لهنيهات ناظرة ليديها الإثنين. "ربما الحب.. ليس كافياً."

راقبتها لو للحظات. "دعك منه إذن، لقد كان وغداً نرجسياً على أي حال، هناك حفلة لفرقتك المفضلة الليلة دعينا نذهب لحضورها ربما هذا سيساعدك على التحسن واسمعي.. لا مجال للرفض."

لم يبدو أن فلورو مهتمة جداً بما تقوله لو، لم تبدو وكأنها تستمع من الأساس فكل شيء حولها كان مبهماً وبدت الأصوات لفترة وكأنها بعيدة جداً.

"حسناً.." هزت رأسها وسارت مبتعدة وقد تحركت الكاميرات لتُظهِر ماري جين وهي تسير في منتصف الرواق والأعين تتبعها من الجوانب والخلف وقد وقفت لو في مكانها تنظر لها بأسى ونواه الذي كان مستنداً على إحدى الخزائن نظر لها بدوره مراقباً إياها كما تفعل حبيبته الجديدة الواقفة بجانبه.
وأخيراً جوي التي تنظر نحوها بشماتة يشوبها شيء من الحزن على حالها الذي لا يعد أفضل من فلورو وبجانبها آنسل الذي حمل نظرات منزعجة من كون جوي لاتزال متعلقة بأخاه.

وضعت يدي على فمي مراقبة المشهد بأسى، أفكر في كم أن الوقت يمضي بسرعة وأن الجروح قد تلتئم مع الوقت كما يدّعون وقد لا تفعل.

وأفكر في كيف أن كل شخص في هذا العالم يمتلك جرحه الخاص، لا يهم إن كان سطحياً للبعض أو غير مهم فهو في النهاية يعدُّ جرحاً رغم كل شيء.
والمجروحين يريدون التخلص من آلامهم بأي شكل كان.

انتهى المشهد لكن جيفري لم يعلن انتهاءه بصوت مرتفع كعادته بل ظل صامتاً ينظر للأرض أمامه والغريب أن كل الموجودين كانوا صامتين ولم يفكر أحدهم في التنفس بصوت مرتفع حتى.

"آه.. جيفري، هل أنت بخير؟" يدي امتدت ووضعتها على كتف جيف ليهز رأسه واقفاً.

"أعتذر، لقد كنت شارداً.. " نظر للجميع. "أعرف أنني كنت صارماً معكم اليوم لكني فعلت ذلك لمصلحة الفيلم آمل أنني لم أزعج أياً منكم. لقد انتهت جميع مشاهد الثانوية، هذه هي آخر مرة سنصور هُنا لذلك حاولوا أن تظهروا امتناناً للمكان."

صفق جميع الموجودين بقوة وانضممت لهم بعد انتهاء حديث جيفري الهادئ الوقور.

"أريد من الجميع أن يكونوا موجودين غداً في موقع التصوير في تمام السابعة مساءاً، لا دقيقة تأخير." حذّر رافعاً حاجبيه.

"غداً قد ننتهي من العمل في الثانية فجراً لذلك أريد منكم الإستعداد لذلك جيدًا لأننا غداً.. سننتهي من تصوير ذلك الفيلم."

______________


ملحوظة مهمة قبل البدئ:
الجملة الموجودة في الفصل بخط سميك، "حين تفقد شخصاً أنت تدرك بحلول الوقت أنك ستخسر الجميع"
مقتبسة من كتاب سلاحف إلى ما لا نهاية للكاتب جون جرين.

دخول رايق.. يسبب؟ 🔥🔥

اشتقتولي يا أطفال؟؟؟

وربي من الآن متحمسة ألف ألف للفصل القادم لأنه خُرافي. خُرافي.

لكن للآن رأيكم في هذا الفصل؟؟

الفصل مكوّن من ٦٥٠٠ كلمة. الفصول الأخيرة عدد كلماتها بيزداد كثيراً، ملاحظين؟

الفصل الفائت وصل إلى ١٩٠٠ تعليق لا أدري هل هو بسبب قبلة كاليس أم ماذا XD، لكن على أي حال شكراً جزيلاً لكم يا أحبّائي بجد ممتنة للغاية وللنتظر الوصل إلى ٢٠٠٠ تعليق بإذن الله!⁦❤️⁩⁦❤️⁩

رأيكم في أحداث الفصل والسرد وكل شيء؟

تقييمكم للتشابتر من عشرة؟ بكل صراحة.

شخصيتكم المفضلة من الفصل؟

آليس؟

كايل واختفاؤه ويا ترى ما السبب؟

جيفري وتوتره من أجل الفيلم ؟

يونمي؟

الأحداث اللي حصلت في الماضي واللي عمله نواه؟

رأيكم في حبيبة نواه الجديدة واللي ارتبط فيها على طول بعد آليس؟

أترون أن له مبرر أم لا؟

هايدن؟

متشوقين لرؤية أحداث ليلة الإنفصال؟

*توضيح مهم* للي ما فهم منكم، المقطع اللي ظهرت فيه آليس متعبة ولو سألتها عن الإنفصال ده أكيد حدث بعد ليلة الإنفصال لكنهم قاموا بتصويره قبل مقطع الإنفصال لأنهم في المدرسة بالفعل ولأن جيف يريد إنهاء الفيلم والإلتزام بالجدول الزمني المُحدد.

رأيكم في إسم الفيلم ؟ ( ربما الحب.. )

الفيلم اسمه على الغلاف سيكون بالفعل ربما الحب وخلفه نقطتين ويمكن لكل شخص إضافة وصفه للحب أو أياً يكن.

لذلك برأيكم ربما الحب.. ماذا؟ ماذا يكون؟ ما هو الحب بالنسبة لكل واحد منكُم؟

ولدي مفاجأة لطيفة لكم، أنا لست من الأشخاص الذين يبحثون خلف أنماط الشخصيات حتى أني معرفش الـ نوع بتاع شخصيتي 😂😂 عشان كده في بارت هينزل فيه أنماط شخصيات الأبطال + شرح مُفصل لأبراجهم. ترقبوه.

ما هو نمط شخصيتكم؟

صفوا أنفسكم في ٤ كلمات.

تعتقدوا أنا إيه نمط شخصيتي؟

ما هو نمط شخصية آليس يا ترى؟

ماذا عن نمط كايل؟ ( ملحوظة: لسة هعمل لنفسي وكمان هعمل للشخصيات الإختبار.)

ما هو اقتباسكم المفضّل من الفصل؟

أي سؤال أو طلب؟ استفسار؟

هل ستشتاقون للرواية ولأجواء التصوير كما أفعل وكما ستفعل آليس؟ ⁦☹️⁩⁦☹️⁩

على كل حال لا داعي لإستعجال الأمور، أراكم الفصل القادم. أحبكم. إيما.

- مساحة لله 🕋

Continue Reading

You'll Also Like

74.6K 4.9K 60
|مكتملة| |قيد التعديل| من قال أن الرّقص وسط حلقة النّيران يحرق؟ ربمّا يجعلك فقط تزداد اشتعالاً وجموحًا.. الولوج للعالم السّفلي كان وما زال له شروطه...
56.7K 1.2K 6
الأدرينالين يتدفق بدمي ليجعلني أشعر بالهلع إني و بكل ما أوتيت من ضعف أحاول إظهار قوتي
371K 30.9K 13
في عالمٍ يملأهُ الزيف غيمةً صحراويةً حُبلى تلدُ رويدًا رويدًا و على قلقٍ تحتَ قمرٍ دمويْ ، ذئبا بشريًا ضخم قيلَ أنهُ سَيُحيى ملعونًا يفترسُ كلُ منْ ح...
ROBOT By Ü

Fanfiction

28.9K 2.7K 18
. لو أن الروبوتات نَطقتْ لصاحت -أطفِئوني- . ابتدت 10\3\2018 انتهت 21\8\2021 الساعة 10:10