ظل قصي بعيداً عنها خلال هذه الايام لا تجمعهم سوي بعض الكلمات على الاوراق، كان عالقاً في احزان تخصه وحده، كان كل ليلة يري هذا الطفل الصغير الذي يريده مساعدته ولكنه لا يستطيع ، هذا الطفل الذي يمثل طفولته ولكنه لم يتركه حتي بعد أن كبر، كان يأتي ويبكي له عما يحدث معه
فريال وهي تدخل غرفة اطفالها: بردو ياقصي؟ حرام عليك سايبها كام يوم تنام لوحدها
قصي بصوت هادئ وطي صوتك العيال لسه نايمه، انا نازل الشغل
فريال بغضب: ماشي براحتك
كاد ان يخرج من باب المنزل ولكن اوقفه نداء امه
:قولت اقولك ان كارما جايه انهارده اعمل حسابك تيجي بدري شوية عشان تجهز
ببرود: اجهز لايه؟ انا يادوب همضيلكوا على حته ورقة عادي تتمضي في اي وقت
الام: لا ماحنا عزمنا امها وابوها طبيعي يعني وكام واحدة من اصحابها عشان لو جوزها وصل للمحاكم دول هيشهدوا، وكل حاجة هتمشي بجد
ظل قصي في هدوئه التام ونظر لها بلا مبلاه :هو انتي امك وابوكي كانو بيعملو فيكي ايه وانتي صغيرة؟
رفعت يدها لتضربه ولكنه امسك يدها بقوة واكمل بهدوء وهو يضحك: فاكره الواد الصغير اللي بتضربي موجود؟ لا مبقاش ليه وجود ، ثم نظر لها بشر: انا بس اللي موجود
نفض يدها بيعداً عنه كأنه يشمأز من لمسها واغلق الباب وذهب
ظلت نجمة بغرفتها طوال اليوم حتي صعدت لها سيلان
:انتي مش بتنزلي ليه
نجمة بتعب:مش قادرة
سيلان وقد احتضنتها :انا مش عيزاكي تزعلي لان قصي بيحبك ومش هيعمل حاجة تزعلك ثم نظرت لها بفرح: تعالي ننزل نلعب في الجنينه مع العيال ،وجذبتها من يدها وهبطت للاسفل
فريال: سيلان بتلعب مع نجمة ووولادي! ايه اللي جرا في الدنيا
ضحكوا جميعا
ذهبت لهم الام بالحديقة: يلا يابنات اطلعوا اجهزو الناس جاية كمان ساعة وقولي لابوكي يتصل بقصي يستعجله
نظرت فريال للام بحدة اما سيلان اخذت نجمة وصعدوا
فريال: انزلي انتي ياسيلا وانا هقعد مع نجمة
سيلان: لالا انزلي انتي وخلي بالك من عيالك
نجمة : انزلوا انتو انا
فتحت الام الباب بعصبيه: بتعملوا ايه هنا يلا انزلوا الناس تحت ومفيش غير اروي
ذهبوا جميعاً اما نجمة ارادت الجلوس في الحديقة ولكن دون ان يراها احد فذهبت لمكان منعزل تماماً عن الجميع ومظلل بالاشجار لكي لا يراها احد
حسن بحنان: قصي انت فين؟
قصي: ليه؟
حسن: اصل يبني الناس ج
قصي: انا في الطريق متخافش اوي كده
واغلق الهاتف
حسن وهو ينظر للام: اللي انا ببنيه بيني وبين ابني جايه عايزه تهديه ليه حرام عليكي
وذهب قبل ان تتحدث
ظل الاطفال يلهون والضيوف يتحدثون معاً وهناك من يرقصون معاً كانت كالحفلة الصغيرة
دخل قصي دون ان ينظر لأحد
حمزة: بقولك ايه طالما قررت تعمل كده كملها بقا ومتبوظش الدنيا قدام اهلها عشان محدش يعرف غير امها
قصي: بقولك ايه انت اسكت ومش عايز اشوفك انهارده خالص
ذهب وتركه
صعد ليبدل ملابسه ولكن قلبه كان منشغلاً عن هذه الصغيرة التي تعتقد انه لا يريدها
دخل الغرفة ليجدها خالية فطرق الحمام لم يجدها،بدل ملابسه ونزل للجميع
ذهب لفريال التي تقف مع زوجها ،كان صوت الاغاني عاليا فاقترب من اذنها: فين نجمة
رفعت صوتها : في اوضتها
هز لها راسه وذهب للاب: ها فين الورق ؟
حسن: نقعد بس والمأذون هيجي
انتظر قصي وهي يغلف مظهره الخارجي بالبرود واللامبالاه وبداخله يريد احراق كل هؤلاء على مافعلوا بالصغير الذي بداخله
اقتربت منه فتاة جميلة ذات عيون واسعة ردمادية تبلغ من العمر الخامسة والعشرون :قصي
هز راسه بعلامة استفسار
مدت يدها: انا كارما
مد يده ببطئ ولم يتحدث
:انا اسفة على اللغبطة دي بس والله عشان كيانو لو جه هياخدني يرجعني بلده وانا مش عايزة ارجع معاه
هز راسه
:ممكن متبينش قدام بابا انك مش طايقني كدة؟ بابا ميعرفش اني اتجوزت برا ولو عرف هيموت فيها والله
لا ينكر انها استعطفت قلبه ولكنه قرر بداخله ان لا يستخدم قلبه بعد ذلك
هز لها راسه مره اخري
جاء عم حسن مع والد كارما
ايه ياولاد مش هتدخلوا جوا
كارما سريعاً: داخلين وراكوا على طول
والد كارما وهو يمد يده لقصي: معلش يابني متقبلناش قبل كدا، صممت انت تتجوز بسرعة للدرجادي بتحب بنتي ،ووضع يده على اكتاف ابنته يضمها له : خلي بالك منها بقا
قصي بدون ملامح: حاضر
حسن :يل ايلا ندخل الصالون
مضي قصي على الاوراق واصبحت زوجته ،ظلت ترقص مع اهلها ،خرج قصي للحديقة دون ان يشعر احد وذهب لمكانه المفضل وهو يشعر انه سيجدها هناك
ابستم سريعاً وذهب ليجلس بجانبها: قاعدة في المكان بتاعي ليه
نجمة بهدوء وهي تنظر للفراغ: مكنتش اعرف
ثم نظرت له بتمعن: هو انت كنت بتهرب مني كل دا عشان متقوليش انت هتعمل كدا ليه بعيداً عن كل الاسباب اللي هما بيقولوها دي
قصي: مش فاهم
أردفت وهي تمنع دموعها: يعني لقتني معرفش حاجة ومش هعرف اديك حقوقك الانت عايزاها واللي اي حد بيبقا عوزها فقولت تتجوز واحدة تعمل كل دا
قصي باندهاش: جبتي الكلام دا منين؟
بعدت انظارها عنه لتنظر للاشجار: انا فهمت حاجات كتيرة من الدكتورة
وهو يجذب وجهها نحوه :ومفهمتيش ان الواحد دا ممكن يعلم ويعرف اللي مش عارف اسهل مايتجوز تاني؟
نجمة وبدأت في البكاء: مانت زهقت مني وقرفان تشوفني
لم يستطع قصي ان يبعد قلبه اكثر من ذلك
قال بحنان وهو يمسح دموعها: انا عمري ماحبيت ولا هحب حد زيك
قالت بصوت باكي: ليه قولتلي مش ط
قاطعها وهو يضع يده على شفتاها: انا كنت متعصب وتعبان والله
:انا كمان تعبانة ومفيش حد جنبي انا لوحد
قاطع كلامها بشفتيه وهي تأخذ شفتاها ليقبلها قبلة طويلة تعوض كل هذا البعد
قبلته وهي تبكي وتشبثت بشدة بملابسه
نظرت له: متسبنيش
قبل ان ينطق جاءت سيلان تهتف لهم من بعيد
نظر قصي خلفه وهو يقف ويتوجه لها
:بيسألو عليك عشان خلاص ماشيين
نظر لنجمة التي لم تلتفت :طب خليكي معاها على مارجع
:حاضر
الام والاب وهما ينظرون لابنتهم بفرحة: هنجيلك بكرة ياحبيبتي
احتنضنتهم كارما وذهب الجميع
فريال: انا جهزتلك اوضه في نفس الدور بتاعي تعالي اوريهالك
الام: لا خد عروستك واطلعوا اوضتكو مع بعض
نظر للام بتحدي: انا رايح اخد مراتي من الجنينه و طالع انام
وتوجه لهناك وصعدو معاً امام نظراتهم
اغلق الباب وذهب للخزانة وبدا في فك ازرار قميصه
نجمة بصوت حاولت ان تظهره بالقوة: خد الانت عايزه وانا مش همنعك
التفت لها متفاجئاً بها تجلس على الفراش بحملات
لم يتحرك والتفت مرة اخري لياخذ الملابس من الخزانه: قومي البسي هتبردي
:خلاص اديني حقوقي
نظر لها مرة اخري ولكنه توجه لها: الدكتورة اللي قالتلك تعملي كدا؟
:لا
:بتعملي كدا ليه؟
ببطيء:عشان عايزة حقي
قصي وهو يقترب منها كثيرا: بس كدا؟
القت نجمة بظهرها على الفراش ،صعد قصي للفراش وهو يقترب من وجهها ويقبلها فوضعت يدها حول رقبته
ظل يقبلها فترة ثم نظر لعينيها وهمس: بحبك
كان يوهم نفسه انه سيتلقي ردا منها ظل ينظر لها مطولاً ،ثم وقف وهو يتوجه ليأخذ دشاً
خرج ليجدها نائمة فنام بجانبها واحتتضنها