اِستمتعوا ~
~
" إذا أنت أبنُ السيدة إيزابيل؟ "
" أجل ، مولاي "
يومِئ برأسِه.
" حسنًا أظن أن ذلِك يبدو منطقيًا الأن ، أنت مألوفٌ لي لأني كُنت أراك كثيرًا حول أمي في صغري "
يُقهقِه بعذوبة.
بيكهيون لا يستطيع مُساعدة نفسه سِوا بالتسائل حول الأمير ، هو فقط يتذكر رؤيته لشعرٍ ذهبي بداخِل غُرفة الدراسة حينما يُطِلّ مِن النافِذة.
لكن لِما غادر الأمير موطنه؟
ذلِك السؤال أخذ يحوم بداخِل عقلِه لفترة ، حتى نطق لِسانه مِن تِلقاء نفسه.
" مولاي ، أيُمكِنُني أن أسأل لِما غادرت في سنٍ صغير؟ "
نظر ألفريد لبيكهيون بِجانِبه بتفاجؤ.
" بالطبع ، لا بأس "
يضحك على فضول الصغير.
" أنت تعلم بأن المملكة المُجاوِرة حليفةٌ لنا ، و العلم لديهم متطورٌ أكثر ، لذا والدي أرسلني هُناك لأتعلم وأتدرب جيدًا على يد أفضل الأساتِذة والمُدربين ،
كان الأمر مُحزِنًا في البداية لأني كُنت سأُفارِق والِدتي لكن كُل شيء كان بخير بعدها ،
و بعد بِضع سنوات تلقينا خبرًا بِوفاة والِدي بِمعركةٍ ما ، كان الخبر ذو ثقلٍ كبير على قلبي لكنني لَم أستطِع العودة ،
حتى حينما مرِضت والِدتي ، كُنت أُراسِلُها بكثرة لكن لَم يُسمح لي بالمغادرة قط ، وحينما أتممت الثامِنة عشر أخبرني الملِك بأن أبي الراحِل أراد مني الزواج مِن وليّ عهد المملكة التي كُنت أعيش بها ،
الأمير روي.
لهذا أنا الأن مخطوبٌ له "
يخجلٍ يُريه الخاتم المُلتف حول إصبع البُنصر الأيسر خاصته ،
و بيده الأُخرى يُبعِد خُصلاتِه الذهبية لوراء أُذُنِه.
حيث لمعت عيني الصبيّ لرؤيته لِذلِك الخاتم المُزين بِماسةٍ جذابة ،
" إنه جميل جدًا ، مولاي "
بأعيُنٍ براقة هو تحدث.
أمضيا وقتهُما بالتحدثُ بأمورٍ كثيرة حيث نجح الأمير بتشتيت بيكهيون عن مايُثقِل قلبه مِن أفكارٍ كثيرة.
حتى أعلنت الشمس وقت رحيلِها ، تودع البشر بخيوطٍ ذهبية و أُرجوانية.
تجعل الصديقين الجُدد يودعان بعضهُما البعض.
بيكهيون حقًا أحبّ الحديث مع الأمير ، فـهو طيب القلب ذو اِبتِسامةٍ عذبة ودافِئة ، كما خاصةُ الملِكة.
يتوقف بِمكانه حينما رأى جسد الرجل الذي ملِئ أفكاره ،
يقِف حارِسًا للبوابة الخلفية ، بوجهٍ مُنهك وأعيُنٍ مُتعبة.
يعُض على شفتيه بِخفة ، هو يفتقِده ، يفتقِد الحديث معه ،
يفتقِد إلقاء التحية عليه صباحًا و توديعه مساءً.
أراد التحدُث إليه ، سؤاله عن السبب الذي دفعه لتقبيله.
يشعُر بالوحدة بينما ينظرُ للأخر البعيد عنه.
يُكمِل خطواته بعدها ، مُتجاهِلًا مشاعِره الغير مفهومة ونبض قلبه الصاخِب.
لا يرى تِلك العينين التي أبت النظر إليه كما العادة.
~
في اليوم التالي ، اِستيقظ بيكهيون على سماءٍ مُعتِمة ، لايزال مُستلقيًا على سريره ويُحدِق خارِج النافِذة بسكون حتى طرق والِدُه الباب.
" بيكهيون ؟ هل اِستيقظت ؟ "
بصوتٍ حنون هو تسائل قبيل دخوله للغُرفة.
" أنا مُستيقظ أبي "
بصوتٍ يكادُ يُسمع هو نطق.
يستقيم ليرتدي ثيابًا داكِنةً كما السواد ، تُبرِز لون بشرتِه الساطِع ،
اليوم هي ذكرى وفاة الملِكة ، على الجميع اِرتِداء ثياب داكِنة اللون كما كُل عام ، كـحِداد على محبوبتِهِم الراحِلة.
" أنا مُغادر أبي "
يهتِف لوالِده بهدوء.
يتخِذ طريقه للقصر ، يفتقد رنين سِلسِلتِه المُميز.
يُفكِر بالحُلم الذي حظي بِه البارِحة ، كان جميلًا ، كما زهور الإيدن ، كان جميلًا لدرجة البُكاء.
لا يزال يشعُر بِدِفئه حتى الأن ، ذاك الدِفئ الذي بات يتسرب لِخارِج جسدِه بِبُطء.
لا يُكلِف نفسه إخفاء عينيه المتورِدة حوافُها إثر بُكاءٍ اِستمر طوال الليل ، يمسح أسفلها بِطرف أنامِله.
و بِناءً على حُزن السماء المُعتِمة ، هي ستبكي قريبًا لِبُكاء البشر أسفلِها.
حينما وصل للقصر بِخيبةٍ ألمّت بِه لعدم رؤيتِه للحارِس بارك أمام البوابة الخلفية ، هو اِستشعر سكونه بالرغُم مِن الأشخاص الكُثُر الذين يتوزعون بِكُل مكان.
يأخُذ طريقه لتِلك القاعة الملكية ، التي تحمِلُ لوحةً كبيرة لإمرأةٍ فائِقةُ الجمال ، شقراء ذات أعيُنٍ تُشابه خاصة إبنِها ، تبتسِم بِدفئ.
شتى أنواع الورود صُفّت تحتها وشموعٌ عطِرة تملئ المكان.
يشعُر بعينيه تحرِقانِه ولكِنه لا يزال يتماسك.
" صباح الخير بيكهيون "
بصوتٍ عذب هو حيّا الصبيّ ذو العشرين عامًا.
" صباح الخير مولاي "
ينظر لوجه الأخر الذي لَم يختلِف عنه حقيقةً ، جفونٌ مُنتفِخة و مُحمرّة.
البُكاء تمكّن مِن الجميع الليلة السابِقة.
يراه يبتعِد ليقف أمام اللوحة الهائِلة ، ينحني لها بِخفة ويبقى مُتأمِلًا إياها.
بعد بِضع دقائِق تم إعلان بِدء المراسِم البسيطة ، حيث بيكهيون اِستطاع رؤية الحارِس بارك يقِف خلفه شامِخًا ، واضِعًا كفّه على كتف الأخر الضئيل.
وكما اِمتلئت الأعيُن بفيضٍ مِن الدموع قد اِمتلئت أرضُ البشر بِبُكاء السماء الهدير.
و للِذكريات التي توارت أمام عينيه هو بكى ، يحبِس شهقاته بصعوبة ، يُريد إتمام سلامه على أكمل وجه.
و حينما كان الوقت لبيكهيون ليتقدم مِن اللوحة ، يخطو بساقين ترتجِف وأعيُنٍ بالدمع فائِضة يحمِل طوق ورود الإيدن الذي اِرتداه البارِحة.
ينحني لملِكتِه الراحِلة ، واضِعًا الطوق بالمُنتصف بين الورود الكثيرة ، مُصليًا للرب ليرحم تِلك الروح التي أحبته.
و بِعجزٍ مِنه هو خرج مِن القاعة ، يركُض ويبكي ، يتجِه لحقل الورود الزاهية ، يركُض بأقصى سُرعتِه تحت المطر الذي بلله.
يجلِس أخيرًا بين الورود ، كملاكٍ حزينٍ على أجنِحتِه الساقِطة.
ينتحِب مِلئ صوتِه ، لا يقدر على تحمُل هيجان مشاعِره ، يجفل حينما اِلتفّت حول خصرِه أذرُعٍ صلبة وقوية ، ترفعه ليحمِله صاحِبها ، يتجِه لِتحت شجرةٍ كثيفة الأوراق وكثيرة الأغصان تمنع المطر عنهم.
يجلِس بِخفة و يُجلِس صبيّه الباكي على حِجرِه ، بساقيه المُنفرِجة على جوانِب الرجُل ، ويديه التي حاوطت عُنق الرجُل ، يتشبث بِه ويبكي.
يديّ الحارِس قد باتت تمسح على شعر الصبيّ والأخرى على ظهرِه ، يُبعِد وجه الأخر بِخفة عن عُنُقِه ، يرفع خُصُله الأمامية التي تُخفي جبينه الناصِع ، يُقبِله بِدِفئ بينما دموع الصبيّ لا تزال تتناثر على خديّه.
يُغني له ،
♪
أنت فقط جميل لتكون حقيقي،
لا أستطيع نزع عينيّ مِن عليك،
ستكون كالجّنة لِتُلمس،
أُريد ضمُّك بِشدة.
يُضيِّق ذراعيه حول جُرمِه الصغير.
لقد وصل الحُب بعد طول إنتِظار ،
و أشكُر الرّب أني لا أزال على قيد الحياة.
يهمِس بأُذُنه ليستطيع سماعه خلال بُكائِه و خِلال هدير المطر الكثيف.
إعذِر طريقتي بالنظر إليك ،
لا أجِد شيئًا لِمُقارنتِه بِك.
منظر واحد لك يجعلُني ضعيفًا ،
لَم يتبقى لي كلمات لِنُطقِها.
يستمِع لشهقات الصبيّ الخافِتة ، ويستشعِر تمسُكه بِه.
و إن كُنت تشعُر كما أشعُر ،
رجاءً أخبرني بأنه حقيقي.
أنت فقط جميل لتكون حقيقي،
لا أستطيع نزع عينيّ مِن عليك،
يُميل برأسه لجانب وجه الأخر ،
يتأمل تِلك الشامة المُستقِرة على أُذُنِه ، هو قد قرر وسيُنفِذ.
أنا أُحِبُك يا حبيبي ،
و إن كُنت لا تُمانع.
فأنا أحتاجُك ياحبيبي ،
لِتدفِئة اللياليّ الوحيدة.
يُفاجِئ الصبيّ الذي اِنتفض لسُرعة دقات قلبه ،
يدفِن وجهه أكثر على كتف الرجُل.
لا ينظُر لملامحه التي كستها الحنية و أعيُنه التي مُلِئت بِحُبٍ سرمديّ.
أُحِبُك يا حبيبي ،
ثِق بي حينما أقولُها.
يبتسِم بِرِقة.
أوه يا حبيبي الجميل ،
أدعو الإله ألّا تخذِلني.
أوه يا حبيبي الجميل ،
ولأني وجدتك الأن ، فلـتبقى.
و أسمح لي بأن أُحِبك ياعزيزي.
♪
يُقبل جانِب رأسه ويمسح على ظهرِه المُرتجِف إثر بلَلِه.
" بيكهيون "
يهمس بالقُرب مِن أُذُنِه.
" أنا أسِف "
" أنا أسِف لأني فاجأتُك بِقُبلتي ، لكنني لستُ أسِفًا على تقبيلك "
يُصرِح بمكنون قلبِه للصبيّ.
" أنت تعلم ، لقد أحببتُك لعامين طِوال ، وقعتُ بِحُبِك للمرة الأولى التي رأيتُك بِها ، كُنتَ جالِسًا بين الورود هُنا ، يسطع عليك ضياء الفجر الأول وتتطاير حولك البتلات ،
لقد ظننت بأني عبرتُ بابً يؤدي للجنة ، فـذلِك المنظر لَم يكُن كـأي منظر لبشريٍ عادي ،
لذا أنا أسميتُك بصبيّ الجنة و أحتفظتُ بِذلِك بِداخِل صدري "
يستنشِق شعر صبيّه قبيل إكمالِه لحديثه ،
لا يرى أي إشارةٍ مِنه.
" وددتُ الإعتِراف لك لكني لَم أمتلِك شجاعةً كافية ،
ظننت بأن رجُلٌ مِثلي لا يليقُ بِملاكٍ مِثلِك "
يتنهد بتعب لمشاعِرِه الغامِرة.
" لكِنني أنانيُّ بِك "
يهمِس بصوتٍ مُتعب مِن فيض حُبِه.
يشعُر بدموعِ الصبيّ الفاتِن على عُنُقِه ، يتذكر تِلك القصة التي حكاها له لوهان.
" لَم أكُن أنوي الإعتِراف لك ، لكن فِكرة أن يأخُذك شخصٌ غيري تُؤرِقُني وتزيد حِمل صدري "
ينظُر للمطر الذي بدأ بالتوقف ولَم يتبقى سِوا قطراتٌ وحيدة تسقُط على الورود التي تبرُق إثر الندى المُتجمِع على بتلاتِها.
يأخُذ نفسًا عميقًا لِما هو موشِكٌ على نُطقِه.
" إنّي أُكِنُ لكَ حُبًا سرمديًا، يا صبيّ الجنة،
فـهلّا نظرتَ إليّ؟ "
~
الكومنتس بالبارت اللي قبله جدا اسعدتني مو عارفه كيف اشكركم وقررت انزل بارت اسرع من العادة ~
البارت ؟
إعتراف تشانيول وأخيرا ؟
أيش تتوقعون يصير؟
أراكُم لاحِقًا ~