الفصل السادس عشر " الأخيرة "
أقترب عزت النجار من القصر بسيارته و يقودها سائقه و احد حراسه ، هبط منها و دلف الي القصر ، هو و حراسه الذين كانو في سيارة أخري خلف سيارته ، وجد الوضع طبيعي خاصة بعدما ارتدي العساكر زي الحراس ، أقترب من أحدي الغرف و جلس بها علي كرسيه الخاص ، و وضع يده علي رأسه و هو يدلكها بعد أن أصيب بصداع قوي بها ، ثم أحتلت خلود تفكيره ، تذكر عندما رأته للمرة الاولي ، تذكر صدمتها لانه أبيها ، نعم ربما هو سئ للغاية ، و تفكيره سئ و كل شئ به سئ و لكنه يحب أولاده كثيراً ، و كثيراً ما ساعدهم في حياتهم الماضية ، و حاول ان يخبرهم انه علي قيد الحياة العديد من المرات ، و لكن لم يستطع فعل هذا ، فهذه اللحظة التي سيعلمون بها حقيقته و كم هو شخص سئ ستكون قاسية للغاية عليه ، و لكنه هو من اختار هذا الطريق منذ البداية و هو من أراد أن يكتسب الكثير من الاموال ، و من بعد العمل في مثل هذا العمل القذر لا خروج منه الا بالموت ، فأستمر به فأشبع رغبته في المال ، و في نفس الوقت أستمر في مراقبة أطفاله ...
قرر أن يذهب الي خلود فربما يتمكن من التحدث معها قليلاً ، او علي الاقل رؤيتها !! توجه الي غرفتها و فتح الباب و دلف ثم وقف في منتصف الغرفة بصدمة شديدة ، أين ذهبت !! خرج سريعاً الي غرفة رامز يجد تيمور يجلس علي الكرسي الخاص برأفت يضع قدماً فوق الاخري في غرور ، و يرفع رأسه عالياً و تبوح نظرات عينيه بالشر و الغضب ، و ربما بعض الحزن ، فوقف عزت في صدمة ، و هو ينظر له بصمت فأبتسم تيمور بسخرية قائلا :
- أهلا بالمرحوم اللواء السابق عزت النجار
ظل عزت متسمراً في مكانه ، فوقف تيمور و أقترب منه ببطء مريب و نظر في عينيه قائلا :
- عمري ما فكرت أدور وراك ، و انت ليه سبت الشغل و قعدت في البيت ، و مجاش في بالي أبداً أن سيادتك تكون كنت بتشتغل شغل قذر و بسببه أتطردت من الشغل و كنت مستني يتم اتخاذ القانونية معاك ، لا و كمان تزور موتك تاني يوم علشان متتحاكمش ، و تهرب و تسيب ولادك وهما صغيرين
صرخ في عزت بقوة :
- انا كنت لسه 18 سنة و خلود عندها 12 سنة بس لما انت مت او الاصح لما سيادتك زورت موتك ، مكنش لينا غيرك بعد موت ماما ، ماما اللي ماتت بسببك ، بس انت مقدرتش ده و سبتنا و مشيت
تحدث عزت بثبات مزيف امام تيمور :
- سبت ليكم ثروة تعيشكم حياتكم كلها ملوك
صرخ به تيمور مرة اخري و هو يعود الي حيث الكرسي الموجود في الغرفة و ضربه بقوة بقدمه :
- يا شيخ الله يلعن أبو الفلوس اللي تخليك تبعد عننا ، الفلوس دي حرام عارف يعني ايه حرام ؟؟ تعرف الفرق ما بينه هو و الحلال !! معتقدش
ثم تحدث تيمور بجدية و عملية شديدة و هو يقف أمام عزت قائلا :
- عزت النجار انت مطلوب القبض عليك بسبب تجارتك للمخدرات و السلاح و التعاون مع خلية أرهابية قامت بأكتر من عملية حقيرة كانت السبب في موت الناس الأبرياء
أخرج تيمور القيود التي قام بتعليقها في بنطاله ، ثم أمسك بيد عزت و قام بوضعها بها و هما ينظران في أعين بعضهما ، ثم جذبه تيمور خلفه الي الخارج ، فسار معه عزت بهدوء و صمت ، فأعترض الحراس طريقهما ، فوقف تيمور و نظر الي عزت ، ثم نظر الي الحراس مرة اخري و أشار برأسه ، ليقوم العساكر اللذين كانو يقفون ضمن الحراس بضربهم بقوة حتي أسقطوهم أرضاً ، و جمعوا أسلحتهم و قيدوهم ، بينما أكمل تيمور طريقه مع عزت الي الخارج و قام بوضعه في سيارة الشرطة ، فوجد بها الحارس الذي دلهم علي الغرف و ياسمين و جيهان أيضاً ، نظر تيمور بتعجب الي عبدو ليفسر له :
- ياسمين انت عارف أنها شغالة معاهم اما جيهان فياسمين جندتها و هي اللي قالت ليهم علي ان نور عندك في البيت و علشان كده كانوا جايين البيت لنور بعد ما خطفوا خلود
نظر لها تيموربأستحقار فنظرت الي الارض في صمت و كذلك فعلت ياسمين ، فنظر تيمور الي عزت قائلا :
- بصراحة صدمتني لما جيت معايا بهدوء كنت متخيل أنك هتقاوم و مش بعيد تقتلني
أجابه عزت و هو ينظر أمامه :
- انت أبني و انا مقدرش أعمل كده فيك
نظر له تيمور بسخرية ثم ترك الجميع و ذهب ليطمئن علي رامز الذي كان يجلس في سيارة الاسعاف و الطبيب يعالج جروح وجهه فسأله :
- أنت كويس يا باشا ؟؟
هز رامز رأسه قائلا :
- أنا كويس المهم انت تكون كويس
هز تيمور رأسه قائلا :
- انا كويس متقلقش ، عن أذنك
تركه تيمور و ذهب الي سيارته ليذهب و لكن سمع صوت شقيقته تنادي بأسمه فألتفت لها وجدها تركض في اتجاهه و احتضنته بقوة و هي تبكي فقبل رأسها بلهفة عدة مرات و أحتضن وجهها بيده قائلا :
- خلود ، حبيبتي أنتي كويسة ؟؟
هزت رأسها بالايجاب و هي مازالت تبكي فتحدث :
- أهدي بس صدقيني كله هيكون تمام و اللي حصل ده مش هيتكرر تاني ، و كمان هو ميستاهلش دموعك دي ، هو ميت من زمان ، ده واحد تاني أحنا منعرفهوش
أستمرت في البكاء علي صدره فلم يجد حل سوي أن يحتضنها بصمت
********
بعد ساعة كانت نور تجلس بجوار عمتها إلهام و هي تضع رأسها علي كتفها بينما تحيطها إلهام بذراعيها ، فتحدثت نور :
- يا تري انا هيحصلي أيه تاني ؟؟ حاسة أن حياتي كلها اتدمرت و مبقاش ليا حد
قبلت إلهام رأسها بقوة قائله :
- حبيبتي انتي مش لوحدك انا جنبك
تحدث راشد بسخرية قائله :
- أيوه أقعدي ولولي كده و اعلمي الشويتين بتوع الهنود دول
نظرت له نور بشر و هي تضيق عينيها قائله :
- شكلي هقوم أقلب شاروخان دلوقتي و أعمل منك صوابع كفتة يا راشد لو مسكتش
مرر راشد يده علي فمه بصمت ، فعادت نور الي كتف إلهام من جديد بينما تقف يارا بجوار مروان قائله :
- نور صعبانة عليا أوي
قبل مروان يدها بحب قائلا :
- متقلقيش هي مش لوحدها انا و انتي وعمتها و راشد و تيمور جنبها ، هنقدر نطلعها من الحالة دي علي خير و هنسيها أبوها ده خالص
أقترب منهم محمد و أبعد يد مروان عن يارا قائلا :
- ما تتلم بقاا في ليلتك دي هو ده وقته ، و مش قولتلك قبل كده بطل حركاتك دي
أبتسم مروان قائلا :
- و الله بروق مزاجها علشان زعلانة
أحتضن محمد يارا قائلا :
- بنتي أنا أروق مزاجها انت أقف هنا زي باقي الحراس كده و اسكت خالص ، و تاني مرة لو قربت منها كده تاني هلغي الفرح
تحدث مروان بسرعة قائلا :
- أهدي بس يا عمي مش هقرب منها خالص عندك اهيه لحد ما تبقي في بيتي
أبتسمت يارا من تصادمات والدها مع حبيبها التي لا تنتهي ، دلف تيمور الي المخزن و ركض الي نور و أحتضنها بقوة قائلا :
- أنتي كويسة ؟؟
هزت رأسها و هي تضمه بقوة :
- أيوه كويسة الحمدلله
أبعدته عنها قائله :
- عملتوا ايه ؟؟
- قبضنا عليهم كلهم .. و علي البوص الكبير
سألته بتعجب :
- طلع مين ؟
هز رأسه و أجابها :
- هبقي أقولك بعدين ده موضوع كبير
ثم نظر الي الجميع قائلا :
- انتو دلوقتي في أمان تقدروا تتفضلوا علي البيت ، و مدام إلهام وراشد يلا معايا
أمسكت نور يده قائله :
- هنرجع الفيلا ولا البيت عندك ؟؟
- الفيلا ، و بكره هتكون ورقة طلاقك عندك
تحدثت إلهام بفزع :
- ليه يا ابني ايه اللي حصل ؟
- ده كان هيحصل في كل الحالات يا مدام ، مفيش مشكلة ما بينا ولا حاجة بس احنا جوازنا خلص لحد هنا
*********
في الصباح ذهب تيمور الي عمله ، و دلف الي المكتب الخاص به ، و بعد قليل جاء إليه احد العساكر قائلا :
- اللوا رامز عاوز حضرتك في مكتبه
هز تيمور رأسه و هو يلقي بالملف الذي أمسكه للتو قائلا :
- جاي أهوه
وقف تيمور و توجه الي مكتب رامز و دق عليه ، فسمع صوت رامز :
- ادخل
دلف تيمور و ادي التحية العسكرية أمامه قائلا :
- تحت أمرك يا فندم
أشار له رامز ليجلس قائلا :
- أقعد يا تيمور
جلس تيمور و انتبه اليه قائلا :
- خير يا باشا
- هتبدأ التحقيق النهاردة مع عزت و رأفت و الباقيين و هيتعرضوا بكره الصبح
- تمام يا فندم
- و بعد ما تخلص معاهم اعتبر النهاردة أجازة و هتيجي من بكره علشان تستلم مهمتك الجديدة ، و قول لعبدو ان اجازته أتوقفت لأنه بقي كويس و يرجع الشغل من بكره
- تحت أمرك يا باشا
- أتفضل
وقف تيمور و أدي التحية العسكرية ثم ذهب الي مكتبه و أمر الحارس بأحضار عزت ، ثم جلس علي كرسيه في أسترخاء الي أن حضر عزت مع العسكري فأشار تيمور له أن يذهب ثم نظر الي عزت قائلا :
- اقعد
جلس عزت أمامه في صمت فبدأ تيمور في التحقيق معه و بجانبه شخص يسجل كل ما يقال ، و عندما انتهي سأله تيمور :
- عاوز تقول حاجة تانية ؟؟
نظر له عزت هذه المرة بعد أن كانت أنظاره موجهه الي الأرض فقط قائلا :
- كان نفسي أبقي ظابط شريف زيك بس
قاطعه تيمور بحدة قائلا :
- بس أنت أبعد ما يكون عن الشرف
صمت عزت من جديد ، ثم عاد ليتحدث :
- انا مش هلومك علي أي حاجة انت بتقولها او هتعملها لأن معاك حق
تحدث تيمور من جديد قائلا :
- تعالي أمضي هنا
وقف عزت و قام بالتوقيع علي أقواله ، ثم نادي تيمور علي العسكري الذي حضر سريعاً قائلا :
- خده علي الحجز و جيبلي رأفت الشناوي
- تمام يافندم
وضع العسكري القيود في يد عزت ثم خرج بصحبته ، و قليل و حضر تيمور و بدأ في سؤال رأفت الذي يجيب أحياناً ببرود و أخري لا يجيب فصرخ به تيمور قائلا :
- علفكرة انت كده بتضيع وقتي ووقتك و بتضيع نفسك ، عزت النجار أعترف بكل حاجة ، و انت أتقفشت و انت بتستلم مخدرات ، يعني محبوس محبوس و أقل عقوبة هتكون 15 سنة
- هقتلك يا تيمور
نظر له تيمور بسخرية قائلا :
- و انا مستني
ثم تحولت نبرته الي الجدية مرة أخري قائلا :
- قوم أمضي علي أقوالك
وقف رأفت هو الاخر ووقع ثم اخذه العسكري و احضر ياسمين و من بعدها جيهان و هكذا حتي انتهي تيمور و وقف ليذهب الي المنزل فربما يستريح ، وصل الي منزله وجد نور في أنتظاره ، نظر لها بتعجب قائلا :
- أنتي ايه اللي جابك هنا ؟
أمسكت ورقة طلاقها في يدها قائله :
- جيت اودعك قبل ما أكون طليقتك فعلا و أوقع علي الورقة دي
تنهد تيمور بقوة ، ثم أقترب منها بسرعة و أحتضنها بقوة و رفعها عن الارض ، فبكت هي قائلا :
- هتوحشني أوي
- صدقيني مش قد ما انتي هتوحشيني ، بس ده غصب عني و عنك يا نور، قلبك أختار غيري و قلبي اختارك بس حياتي مش هتقدر تختارك تكوني فيها
- هشوفك تاني ؟؟
هز تيمور رأسه بالنفي قائلا :
- بلاش يا نور ، خلينا بعيد أحسن
- أتعودت تكون في حياتي و تحميني دايماً حتي لو مش بحبك بس انت احسن أخ و صاحب في الدنيا كلها ، انت راجلي يا تيمور و مكنتش أتمني اننا نبعد ، كان نفسي أحبك بس غصب عني صدقني
أنزلها الي الارض و مسح دموعها و وضع قبلة صغيرة علي رأسها قائلا :
- بلاش ضعف ، انتي لازم تكوني قوية و متمردة ، أنا عاوزك قطة بتخربش علشان محدش يستجري يقرب منك و انا مش موجود معاكي
هزت رأسها وهي تنظر له و الدموع ما زالت في عينيها ، فأقترب منها أكثر ليروي ظمأه منها في لقاءه الاخير معها ، أما هي فلم تعترض ، فستشتاق له أيضاً حتي و ان كان بطريقة مختلفة و مشاعر مختلفة
********
جلس عبدو علي الارض و هو يستند بظهره علي باب غرفة نومه هو و زوجته خلود قائلا :
- طب علفكرة بقاا أنا مش قايم من هنا لحد ما تخرجي من الاوضة اما نشوف هتفضلي زعلانة مني لحد امتي ، طب أنا حمار و غبي و قولت كلمتين في وقت عصبية و كنت خايف علي اللوا رامز ، تقومي أنتي تزعلي و تروحي تتخطفيلي
لم يجد رد منها فاكمل :
- يعني أنتي مش عارفة اني بحبك يا خلود و اني مش هقدر أبعد عنك أصلا ، واخدة كلامي جد ليه بقاا ، و الله انا اهبل و طيب و علي نياتي و مكنش قصدي ، انا من غيرك أموت يا خلود ، أنتي روحي هو فيه حد بيعيش من غير روحه
لم تجيبه مجدداً فألتفت و دق علي الباب قائلا :
- طب أبني جعان و عاوز ياكل أخري أكليه و كلي علشان يتغذي ، طب أنتي كويسة طيب من امبارح و انتي في الاوضة و مش راضية تتكلمي معايا ؟؟
انتفض عبدو بفرحة قائلا :
- أغنيلك الأغنية اللي أنتي بتحبيها أستني
بدأ بالغناء بصوته العذب :
- أحلامي لقيتها فيك ، و عمري هيعيشوا معاك وليك ، ميكملش العمر الا بيك ، يا روح الرووح ، خليني انا جنب منك ، متبعدنيش ولا ثانية عنك ، و سبني أرتاح انا جوه حضنك و روحي تروح ، و متغيبيش و متغيبيش ، عني تاني متبعديش ، كل يوم بشتاقلك أكتر من اللي فات ، و حب ايه ده حب ايه ، دا عشي زاد قدام عينيه ، ده حب سنين و شوق و حنين و حكايات ، و هقولها بأعلي صوت ، معاكي الوقت مش بيفوت ، ده قلبي قال بعد السكوت ، كلام كتير ، و هقولها و مش جديد ، ده حبك كل يوم يزيد ، معاكي و عمري ما اكون بعيد ، يا حلم كبير ، و متغيبيش و متغيبيش ، عني تاني متبعديش ، كل يوم بشتاقلك أكتر من اللي فات ، و حب ايه ده حب ايه ، دا عشي زاد قدام عينيه ، ده حب سنين و شوق و حنين و حكايات ..
أنتهي من الغناء و لم يجدها أمامه فصرخ بها :
- ما تخرجي بقاا في ليلتك السودا دي بدل ما انكد عليكي و اكسر الباب و ادخلك و الله لأزعلك
عندما سمعته خلود يصرخ بها و يهدد بالدخول أقتربت من الباب و فتحته بهدوء ، ووقفت أمامه فأبتسم هو بسرعة ، فضربته هي بخفة علي وجنته قائله :
- متتكررش تاني
أمسك يدها الموجودة علي خده قائله :
- أوعدك ، بحبك
أحتضنها بقوة ثم حملها الي المطبخ و أجلسها علي الطاولة الموجودة به و بدأ في اطعامها من الطعام الذي أعده لها قائلا :
- متزعليش مني
ابتسمت و ردت :
- مش زعلانة
********
وقفت أمامه و هي توقع علي ورقة طلاقهما فكاد هو أن يبكي ، و لكن ما باليد حيلة ، هو يحبها و لكن لا يستطيع المخاطرة بحياتها بسبب عمله ، فلقد ماتت والدته في تهديد قديم لوالده ، و لا يتمني أن يحدث الشئ ذاته مع نور ، بعدما انتهت أبتسمت له بحزن قائله :
- أشوف وشك بخير
أبتسم لها في صمت ، فتنفست هي بعمق قائله :
- انا همشي ، باي
كادت ان تذهب ولكن تحدث تيمور سريعاً :
- خدي بالك من نفسك
ألتفتت له قائله :
- حاضر و انت كمان حافظ علي نفسك وسلامتك
خرجت و أغلقت الباب وراءها ، فجلس علي أحدي الأرائك قائلا :
- يا ريتك يا نور علي الاقل حبيتيني كان ممكن اتمسك وقتها فيكي اكتر و أقضي علي خوفي بس حبك لحسن وخوفي أقوي مني ، سامحيني
********
عادت نور الي الفيلا فوجدت إلهام في أنتظارها فتحدثت بسرعة :
- عملتي أيه ؟؟
جلست نور و هي تجيبها :
- قبضوا عليهم كلهم ، و انا مضيت علي ورقة الطلاق
تحدثت إلهام بتوتر قائله :
- نور ، عاوزة أقولك علي حاجة يا بنتي و مش عاوزاكي تزعلي مني ، صدقيني مكنش في أيدي حاجة
نظرت لها نور باهتمام قائله :
- حاجة أيه يا عمتو
هبطت دموع إلهام و هي تخبرها بسرها :
- أنا مش عمتك يا نور ، انا مامتك
صدمت نور مما قالته إلهام للتو ، كم من أشياء أخري هي لا تعلمها !! ما الذي يحدث ؟؟
أكملت إلهام و قد شرعت في البكاء :
- زمان عرفت حقيقة رأفت و قولتله أني هبلغ عنه بس وقتها هددني بيكي يا بنتي ، و خلاني أبعد عنك و مقدرتش أقرب منك ليعمل فيكي حاجة يا نور ، أضطريت أبعد عنك و وقتها فيه ظابط قابلني و حبني و أتجوزني و علطول كانت عيني عليكي و انتي بتكبري و جوزي مكنش عنده مانع من وجودك في حياتي بس المانع كان عند رأفت ، روحت و هددته انه لو مخلانيش معاكي هقول لجوزي عليه ، أضطر يوافق علشان مقولش لجوزي حاجة و قالي هتقوليلها انك عمتها و انا مكنش عندي مانع المهم أكون جنبك و خلاص ، و جوزي مسألش لانه معرفش حاجة ، بعدين جبت راشد و جوزي مات و خلاني أعيش بره و ابقي اجي هنا زيارات و أجبرني علي كده بعد ما هددني بيكي انتي وراشد تاني و مقدرتش أتكلم غير دلوقتي ، بعد ما الحمدلله قبضوا عليه و عرفوا حقيقته وقتها هتكوني انتي وراشد بخير
هزت نور رأسها بعدم تصديق ، والدها كان شخص سئ ووالدتها التي كانت تظن انها قد فارقت الحياة هي هنا امامها الآن و كانت دائما امامها و لم تكن تعلم ، وقفت و خرجت من الفيلا بسرعة بينما جلست إلهام تبكي فأقترب منها راشد و ضمها إليه قائلا :
- أهدي يا ماما ، نور مصدومة و ده طبيعي اللي حصل ليها كتير ، لما ترجع هتكلم معاها
*******
مرت اعوام كثيرة و تغير بها الكثير ، تخرجت نور من كلية الهندسة ثم سافرت الي الخارج بعد أن ودعت والدتها و أخيها الصغير ؛ لتبدأ حياتها العملية بعيداً عن مصر علي وعد أن تأتي إليهم في زيارات كثيرة من أجل والدتها ، و عملت في احدي الشركات و أظهرت براعتها في العمل وحاولت أن تنسي الماضي بكل آلامه ، حتي قامت بتأسيس شركة كبيرة في فرنسا ، فأصبحت من سيدات الأعمال و أشهرهم ...
أنجبت خلود طفلاً و سماه عبدالرحمن " فارس " و الذي في الغالب تربي علي يد تيمور الذي حاول أبعاده عن عبدالرحمن و أسلوبه و جنونه ، و أنجبت خلود فتاة أخري أسمتها " روضة " و برعت في تربيتها هي و عبدالرحمن الذي تمكن من تعليم فتاته الاحترام والاخلاق و كل الصفات الحسنة و آداب التعامل مع الآخرين علي عكس الطريقة التي كان يريد أن يربي بها فارس ..
تمكن راشد من دخول كلية الطب و تخرج منها فأصبح طبيب أطفال ..
أما تيمور فتم ترقيته عدة مرات و لم يفكر في الزواج مرة أخري مطلقاً و كان دائماً ما يتذكر نور و عشقه لها و لكن يبعد الفكرة عن رأسه و لم يحاول أن يتواصل معها او أن يراها أبداً ، فصب كل تركيزه في عمله فقط حتي أصبح في رتبه عالية ..
أما بالنسبة لياسمين و جيهان فتم الحكم عليهم بخمسة عشر سنة مع الشغل و النفاذ و تم أعدام عزت رمياً بالرصاص و أعدام رأفت شنقاً
**********
وقف امام مكتب اللواء الجديد بعد تقاعد رامز و دق الباب فأمره اللواء جميل بالدخول ، فدلف تيمور و جلس امامه فتحدث اللواء :
- ده ملف قضيتك الجديدة
و بدأ في شرح المهمة بالتفصيل ، حتي أنتهي فخرج تيمور و توجه الي منزله ليأخذ قسطاً من الراحة فهو لم يعود الي منزله منذ ثلاثة أيام و أذا تغلب عليه النوم غفي علي مكتبه ، و لكن في الطريق بينما كاد أن ينام وهو يقود السيارة كان علي وشك أن يصدم أحدهم بسيارته فتوقف بسرعة ، و هبط سريعاً من سيارته و توجه الي تلك الفتاة قائلا :
- حضرتك كويسة ؟؟ بجد أنا أسف جدا مشوفتكيش
رفعت نور رأسها له بعد أن سمعت صوته ، فأُلجم لسانه و صمت و كذلك هي ، و ظلا ينظران الي بعضهما بلا توقف فتحدت تيمور و هو يحاول ان يبدوا طبيعياً :
- ازيك يا نور ، عاملة أيه ؟؟
هزت رأسها مع أبتسامة :
- الحمدلله كويسة ، و اتطمن العربية ملمستنيش
هز رأسه و أبتسم قائلا :
- طب الحمدلله
صمتا مجدداً ، ثم تحدث تيمور من جديد :
- تشربي قهوة ؟؟
أبتسمت و أجابته :
- أشرب قهوة
اتسعت أبتسامته و هو يفتح لها باب سيارته لتصعد بها ، ثم صعد هو الاخر و توجه الي مقهي قريب ، فنزلا و جلسا به و طلبا قهوة ، فبدأت نور الحديث قائله :
- أحكيلي بقا عامل ايه و دنيتك عاملة أيه ؟
- دنيتي ماشية اهيه و أترقيت كتير اوي و أديني مركز في شغلي
- و خلود و عبدو أخبارهم أيه ؟ و ياسمين و جيهان خرجوا ولا لسه من السجن
- جابو فارس و روضة و اهم عايشين أهم قارفني بخناقاتهم اللي مش بتخلص ، اما جيهان و ياسمين فياسمين بعد 3 شهور لاقوها منتحرة بعد خبر وفاة باباها علطول ، وجيهان خرجت بس أهلها طردوها من البيت و فيه عربية خبطتها و ماتت ، المهم سيبك مني و منهم ، انا حياتي مملة قوليلي انتي عملتي أيه في حياتك
تنهدت و هي تجيبه بأبتسامة :
- أتخرجت و روحت أشتلغت في فرنسا و بعدين ربنا كرمني و فتحت شركة و بقت من أشهر الشركات علي مستوي أوروبا كلها
ثم أكملت بفخر و غرور مصطنع :
- بقيت بيزنيس ومان قد الدنيا
ضحك علي طريقتها قائلا :
- و الله وحشتني الفشخرة الكدابة بتاعتك دي
ضحكت هي الاخري و جاء النادل مع القهوة و أستمر حديثهما طويلاً حتي نظرت الي ساعته قائله :
- انا اتأخرت أوي و لازم أمشي
- طب يلا علشان أوصلك علشان متروحيش لوحدك
- مش هتعبك ؟
نظر لها بسخرية :
- هتتعبيني لما أوصلك !! أمال اللي كنتي بتعمليه معايا زمان ده أيه كنتي بتموتيني !!
ضحكت و هي تقف قائله :
- كانت أيام و كنت لسه صغيرة انا دلوقتي 38 سنة يعني عدي أكتر من 10 سنين و انت بقيت كام صحيح
أبتسم و هو يقف و يضع النقود علي الطاولة قائلا :
- 44 سنة يا ستي
أمسكت وجنته بيدها بخفة قائله :
- بقيت عجوز مكحكح يا تيمو
أبعد يدها بسخرية قائلا :
- قال يعني انتي اللي لسه 15 سنة ، يلا أمشي قدامي
ذهبا سويا الي السيارة ثم أنطلق تجاه الفيلا فسألته :
- متجوزتش ليه يا تيمو لحد دلوقتي ؟
نظر لها قائلا :
- انتي عارفة ليه ، و انتي ؟؟
أبتسمت و أجابته :
- انت عارف ليه
أبتسم من جديد و هو ينظر الي الطريق أمامه حتي وصل الي الفيلا فتحدثت قائله :
- بجد يا تيمور انا مبسوطة جدا اني شوفتك كنت واحشني جدا ، عدي وقت كتير أوي و احنا مش سوا ، هات رقم موبايلك علشان كل ما أنزل مصر أكلمك نتقابل ، ولا عاوزها تيجي صدفة ولا أيه ؟
أبتسم و هو يمسك بهاتفها و يسجل رقمه ثم أتصل علي نفسه قائلا :
- لا خوديه أهوه ، أنتي مسافرة أمتي فرنسا ؟؟
- الفجر
- خلاص هستني الأجازة الجاية تتصلي بيا علشان نتقابل تمام
أبتسمت و هزت رأسها :
- خلاص ماشي ، سلام
هبطت من السيارة و توجهت الي الداخل في حين توجه هو الي منزله مرة أخري ، و بمجرد ان وصل الي فراشه ألقي بجسده عليه بتعب قائلا :
- كانت وحشاني القطة دي ...
الخلاصة :
مش كل قصة حب لازم و لا بد يكون مصيرها الجواز ، بالعكس تقريباً أن قصة الحب تكمل ده شئ بيكون نادر جداً ، او قليل علي الأقل ، بس وقتها مش لازم نوقف حياتنا علشان حد لازم نكمل حياتنا علشان نفسنا و نصنع لنفسنا المجد و الأسم الا التاريخ ممكن يذكره في يوم
الحب الفاشل منقدرش منقولش عليه حب حقيقي ، لا بالعكس بيكون حب حقيقي بس أطرافه مقدروش يكملوا للنهاية ، و الحب الحقيقي مش بيكون الحب الأول بس أو التاني ، ده ممكن يكون العاشر عادي جدا مش عيب يعني ، بس المهم أننا نختار الشخص الصح اللي هيقف جنبنا فعلا في الأزمات و يساعدنا و يهتم بينا
الحب مش كلام بس ، الحب كلام و أفعال ، الكلام حلو ، بس الأفعال أحلي ..
مش لازم علشان حبينا حد و بعدين بعدنا أو انفصلنا أننا نبقي أعداء بالعكس الصداقة حلوه جدا و خصوصاً لو هتكون مع شخص عارفني و حافظني و مش بعيد كمان يكون شخصي المقرب ..
النهاية
أبنــة الوزير
حنين محمد
مش عاوزة أي حد يزعل من النهاية ، بس مش كل قصة حب بتكمل ، و قصص الحب اللي الطرفين فيها بيحبوا بعض ساعات مش بتكمل فما بالكم بطرف واحد بس ، أشوف وشكم بخير في نوفيلا صغيرة " تيامو " هنزل أقتباس منها قريب ، الي لقاء قرييب يا حلوين و عاوزة رأيكم في الرواية .. بااي