الامير المنفي

الفصل الثالث

سبحان الله و بحمده سبحان الله العظيم

***

(الفصل الثالث)

حلق التنينان في سماء الساحة الرئيسية لقصر اركيديا بشكل دائري قبل ان يقرروا الهبوط وسطها و ما ان حطوا علي الارض حتي كان الجنود يطوقنهم و هم يشهرون أسلحتهم و عدداً من المدافع ، ترجل إيروس عن التنين اولاً و تبعه سايروس بهدوء و هو يمد يد ليساعد ايلير على النزول .. تقدم إيروس للأمام قائلاً:- اخفضوا اسلحتكم .

و رغم ان العديد من الجنود امتثلوا لأمره إلا ان التوتر لم يزل فهذا الوضع غير مألوف ، و خلال دقائق افسح الجمع ليشق الملك كارلاين طريقه للساحة و يتبعه عدد من افراد مجلس لوردات مملكة اركيديا ليشهر الجميع سيوفهم في وجهه سايروس ليقول كارلاين بغضب:- كيف تتجرأ علي التواجد هنا ..؟.

شعر سايروس بشيء من خيبة الامل حتي ان لم يكن يتوقع لقاء درامي مع والده بعد غياب عشر سنوات إلا انه لم يتمني رؤيته غاضباً هكذا ... حاول الحفاظ علي البرود في صوته:- جلالة الملك لقد سمعت عن ما حدث بشأن قوة جوهرة اركيديا و انا هنا لأتنازل عن تلك القوة و اعيدها الي جوهرة اركيديا بكامل ارادتي .

عاد الملك ليزمجر بغضب:- و كأننا نحتاج لرايك ايها الجنود اقتلوه .

حاول إيروس ان يشرح:- جلالتك ارجوك انتظر ان سايروس هنا لأجل ان يتنازل عن القوة بإرادته ثم سيغادر اركيديا .

شدت ايلير علي يد سايروس لتشجعه متقدم للأمام:- اسمح لي ان اقدم نفسي ياجلالة الملك انا ايلير ايزنهايم ازرال زوجة ابنك سايروس و ابنة فرانز ايزنهايم ازرال ملك هالين و سيد التنانين .

شهق العديد من الاشخاص جرا وقحتها ليصر كارلاين علي اسنانه بحقد و هو يقول:- ليس لدي ابن بهذا الاسم و ستدفعون حياتكم ثمن لوقاحتكم .

- لسنا هنا لأجل البحث في الماضي ...

قاطعه كارلاين و هو يصرخ:- اقتلوه .

بعد كلمات الملك اشهر كل الجنود أسلحتهم ليزمجر التنينان بدوى قوى زلزل الساحة و اسقط بعض الاشخاص .. ليقول إيروس بسرعة:- ان قتلته فستنتقل قوة جوهرة اركيديا الي ابنه .

نظر اليهم كارلاين بشك و ان لم يكن إيروس هو من قال ذلك لاعتقد انها خدعة من سايروس كي لا يقتلوه .. فكر بالموضوع من كل النواحي قبل ان يقول بشك:- الامر ليس مضموناً .

ابتسمت ايلير بثقة:- جلالة الملك ان نسبة انتقال القوة الي ابني هي80% بالمئة و ينتابني الفضول لأتسأل ان كنت تفكر في قتل ابني ، حفيد ملك هالين و وريث عرشه ثم ان هالين بأكملها مستعده للتحرك ان حدث اي سوء لسايروس .

ثار كارلاين و هو يشير بأصبعه باحتقار الي سايروس:- أانتِ مجنونة لأجل تكوني مستعدة لإشعال حرب بسبب هذا الخائن ..! .

ارتفع صوت ايلير و هي تقول بحدة:- انه زوجي و والد ابني و مستشار ملك هالين الاول سيتحرك جيش هالين و كل الممالك الحليفة لهالين لأجله ان لازم الامر .

تدخل سايروس بسرعة:- لسنا هنا لإشعال حرب لقد اتينا بسلام لأتنازل عن قوة جوهرة اركيديا بكامل ارادتي ثم سأغادر .

حل الصمت بين الجميع بعد كلمات سايروس فحتي الملك عليه ان يعيد حساباته قبل ان يقرر شن حرباً قد يموت فيها الألف من شعبه ليقول بعد فترة:- سيجتمع المجلس الملكي و سنتناقش بالأمر .

قال كارلاين كلماته ليلتفت عاداً لقصره و يتبعه اعضاء مجلسه و إيروس الذي كان يدعو ان يستطيع ان يقنع والده ان يتصرف بحكمة بدل اتباع غضبه الذي قد يؤدي لكارثة بينما بقي سايروس و ايلير علي حالهما يحيط بهما الجنود مشهرين أسلحتهم لكن ذلك لم يخفهما بل ظلت ايلير تحدق بأظفارها بملل اما سايروس فقد كان ينظر بأرجاء المكان بشيء من الحزن لقد مرت سنوات منذ غادر اركيديا و قد كان هذا القصر منزله في احد الايام اما الان فهو غير مرحب حتي بذكر اسمه هنا .

عقد سايروس ذراعيه و هو يشعر بأن وقت انتظارهم قد طال ، هل يمكن ان يرفض الملك و المجلس اقتراحه لكنه فعلا لا يتمني ذلك فالتعقيدات التي قد تترتب عن ذلك ستؤدي ربما لحدوث حرب بين عدة ممالك لكن حتي ان رفضوا لن يسمح بأن تقوم حرب لأجله او تزهق الارواح لأجل حياته ان تأزمت الامور فسيسلم نفسه لجنود اركيديا و عليه فعلا ان يدعو ان يستطيع عمه فرانز من ان يمنع ايلير من تشن حرباً في حالة موته .

- لا تقلق سيسير كل شيء كما نريد .

تنهد سايروس بيأس:- انتِ لا تعرفين عناد ملك اركيديا .

رفعت ايلير رأسها بثقة:- مهما يكن لن يكون اكثراً عناداً مني ... اتراهن علي ان ما اقوله سيحدث .

لم يجبها سايروس لتعود لتقول:- عليك ان تسترخي و تفك العقدة التي بين حاجبيك .

مرر يده في شعره معترفاً في نفسه ان اعصابه فعلاً متعبه لكن الوضع ليس هين عليه ان يعود للمكان الذي طرد منه و الي والده الذي تبرا منه و هل سيستطيع إيروس اقناعهم انه جاء بكامل اردته ليتنازل عن قوة جوهرة اركيديا ... وقف باعتدال ما ان انتبه الي الشخصان المقبلان باتجاههم.

تقدم إيروس الي حيث سايروس و بجانبه الكاتب الملكي الذي قال:- لقد اصدر جلالة الملك كارلاين امر ملكياً بان سايروس بلاك سيبقى في اركيديا الي ان يتم اخذ كامل طاقة جوهرة اركيديا منه و يتم نقلها الي الملك و بعدها سيطرد و لن يسمح بتواجده ضمن حدودنا و إلا سيتم قتله ... و يسعد مملكة اركيديا ان تستقبل الاميرة ايلير ايزنهايم ازرال كضيفة مهمة في بلادنا و بالنسبة لمن معها من قبيلة الظلال فسيسمح ببقائهم بشرط ألا يستعملوا قدراتهم فقوانين بلادنا لا تسمح بذلك و لا باستخدام السحر .

تنهد سايروس في داخله بارتياح و اشار لتنينان ليطيرا بعيداً و ما ان اطمأن الجنود حتي اقترب احدهم منهما قائلاً :- سلما كل ما معكما من اسلحة .

سلمه سايروس سيفه و خنجره دون قول شيء ليظل الجندي ينظر الي ايلير التي رفعت رأسها بتكبر:- كيف تتوقع من اميرة ان تحمل اي سلاح .

صفقت ايلير بيديها لتظهر ثلاثة ظلال و تتشكل علي هيئة شبيهة بالبشر لتكمل:- معنا حارسان و مرافقة فقط .

كان الخوف بادي علي وجوه الكثير من الجنود لكنهما تجاهلا كل شيء ليسيرا خلف إيروس و الكاتب الملكي الي داخل القصر و هم غافلون عن الاعين الحاقدة التي كانت تراقبهم من فوق احدى الشرفات .

***

ارشدت احدى خادمة كل من سايروس و ايلير الي الغرفة التي تم تجهيزها لهما بينما عدد من الحراس يتمركزون بالرواق لتتركهما امام الباب و هي تقول:- سيتم ارسال العشاء بعد قليل .

ما ان اغلاقا الباب و بقيا وحدهما حتي تنفس سايروس الصعداء و هو يتطلع بأرجاء الغرفة الفخمة قائلاً:- كنت اتوقع زنزانة اسفل القصر لكن لا بأس بالغرفة .

لكن ايلير لم توافقه الراي و هي تنظر بريبة لكافة اجزاء الغرفة قبل ان يقاطعها طرق و دخول خادمة تجر عربة طعام لكن ايلير اوقفتها و هي تعلق بضجر:- نحن مرهقان من السفر و لسنا جائعين لذلك يمكنكِ الانصراف.

جلست ايلير على السرير وسط نظرات سايروس الحائرة من سبب انزعاجها مما دفعه إلى الجلوس امامها و السؤال:- ما الذي يضايق اميرتي ..؟ .

اخفضت رأسها لتقول بحزن:- انا افتقد اليوت و ميردريك و منذُ فترة لم نذهب في رحلة معاً.

ضمها الي صدره و اخذ يمسح علي شعرها و هو يقول:- اعدك انه حالما اسوى الامور هنا سأتفرغ لكِ بالكامل و سأقضي كل وقتي معكم و سنذهب في رحلة معاً كعائلة و الان عليكِ النوم .

وضع رأسها على الوسادة قبل أن يستلقي بجانبها و يغرق في النوم و ما ان اطمأنت ايلير انه قد نام حتي اخذت تهمس بتعويذة سحرية لتتوهج عيناها الفيروزيتين و تنتشر ذرات ذهبية متوهجة في انحاء الغرفة لثواني قبل أن تختفي و يعود كل شيء كما كان لتقول ايلير ببرود:- فيرا يجب ان نحذر احدهم نثر غبار الملفين الجالب للكوابيس في الغرفة و العشاء الذي ارسل الينا كان يحتوي علي سم النتوين المخفف ان استمررنا بأخذه بانتظام في كل الوجبات سنكون اموات بنهاية الاسبوع ، احدهم يحاول جعل اقمتنا هنا مزعجة .

رغم ان فيرا في الغرفة المجاورة لكنها متأكدة انها صوتها وصل اليها و ستبدأ فيرا و جان و جينكز بتدابيرهم الامنية منذ شروق شمس الغد.

***

استيقظ الاثنان علي صوت طرقاً لينهض سايروس لفتح الباب و لتقابله خادمة قالت بوجه جامد:- جلالة الملك يدعوكما لتناول الفطور برفقته مع الملكة ادوريا و سمو الامير .

اغلق الباب بعد رحيل الخادمة و بقي ينظر الي ايلير التي بدت سعيدة بهذه الدعوة ليهمس بهدوء:- لا اظن انها فكرة جيدة من الافضل ان نرفض و ألا نحتك بأحد الي ان نغادر .

ابتسمت ايلير بمرح و هي تقول:- سيكون من الوقاحة ان نرفض دعوة الملك و ثم لن يضرنا الامر .

تم اتجهت الي الخزانة و ما ان همست بتعويذة سحرية حتي ظهرت مجموعة من الملابس ملائة الخزانة ليتنهد سايروس بيأس فهي محقة و لكنه فعلا كان يرجو تجنب اللقاء مع والده طول فترة بقائهم هنا و الان يبدو ان ذلك سيكون مستحيل .

***

نظر إيروس الي وجوه الموجدين علي مائدة الفطور .. انه يشعر بالجو المشحون ، كأنه يقف بين جيشين في ساحة الحرب و ليس مجرد وجبة فطور ، كل احد كان يتجنب الاخرين ، والديه كل في مكانه المعتاد اما سايروس و ايلير فهما يحتلان الكرسيان في اخر الطاولة الطويلة ، كان كل طرف يتجاهل الاخر ، اشار الملك للخدم ليبدوا بتوزيع الطعام لكن ايلير أوقفتهم ما ان اتو باتجاههما و هي تقول:- اعذرنا ياجلالة الملك لكنني و سايروس معتدان علي طعام هالين فطلبت من فيرا ان تهتم بالأمر .

بأنهاء كلماتها دخلت فيرا الي الغرفة و هي تدفع عربة صغيرة و قامت بتوزيع الصحون و ما عليها امام سايروس و ايلير لتعلق الملكة ادوريا:- امل ألا يعني ذلك عدم ثقتك في مملكة اركيديا فلقد رفضتي ان يهتم خدمنا بترتيب غرفتكما و الان ترفضان ان تشاركانا الطعام ، ثم كيف لخادمة واحدة ان تتولي كل شيء .

اجابتها ايلير بابتسامة واثقة:- لم نقصد اي سوء سمو الملكة نحن فقط معتادان علي وضع معين ثم ان فيرا يمكنها القيام بكل شيء انها مرافقتي الخاصة و مساعدتي و حتي حارستي .

تجاهل الجميع اجابة ايلير و ساد جو من الهدوء المتوتر و لم يكن يسمع سوى صوت الملاعق و الشوك ليسأل الملك كارلاين فجأة:- كيف التقيتما ...؟! .

امسكت ايلير بيد سايروس و هي تقول بحب صادق و نبرة حالمة:- كانت قصة حب رومنسية طويلة أتريد ان تسمعها ..؟.

امتقع وجهه الملك ليسأل بامتعاض:- و ابنكما ماذا يكون ..؟ .

اجابته ايلير بابتسامة كبيرة فخورة:- انه هجين لكنه يمتلك قوة سحرية كبيرة و هو ساحر نار و احد حاملي دماء سحرة ازرال و سيكون سيد التنانين في المستقبل .

- الطفل الباكي .

هتف إيروس مدهوشاً لينتابه الاحراج حين رمقته ايلير بلوم لقد كانت زلة لسان بينما اجاب سايروس:- انه مزال صغيراً يحتاج لبعض الوقت ليسيطر علي قوته .

لتكمل ايلير عنه:- ان سايروس يدربه و حتماً سيكون قوياً مثله .

علق كارلاين بسخرية:- تمني ألا يكون الطفل خائناً كوالده .

نهض سايروس من علي كرسيه و هو يقول ببرود:- شكرا علي الفطور ، جلالة الملك سأنتظرك في قاعة جوهرة اركيديا .

خرج سايروس من الغرفة و تبعته ايلير بينما خرج كارلاين منزعجاً من الباب الاخر لغرفة الطعام ليبقي إيروس ينظر الي والدته التي استمرت بالأكل كأن ما حدث لا يعنيها .. شرد و هو يتذكر المهزلة التي حدثت بالأمس لقد كان اللوردات يقذفون التهم لسايروس بشكل لا يصدق حتي جعلوه يشك انهم اطفال بالحضانة و ليس مجلس تقوم عليه البلاد ، منهم من قال ان سايروس كان يخطط لكل هذه لأجل ان يعود لاركيديا و اخر قال ان سايروس تزوج اميرة هالين لكي يحصل علي السلطة و القوة و يشن الحرب عليهم لينتقم لانهم نفوه و قالوا انه كان متأمر مع ملك هالين منذ البداية و يجهز لغزو اركيديا و العديد من التهم التي لا تصدق حتي لكن بالنهاية من حسن الحظ ان كلمة والده هي ما حسمت كل الآراء .

***

تأمل سايروس القاعة الضخمة بانبهار و اشعة الشمس التي اخترقتها عبر فسيفساء نوافذها الضخمة تحمل الواناً تخطف الانفاس و في منتصف القاعة طاولة مصممة بشكل عجيب و مصقول باحترافية من الرخام الابيض حملت كنز اركيديا الفريد ، الجوهرة مثلت شعار المملكة و مصدر فخرها ، لطالما بعث هذا المكان الشعور بالهيبة و الرهبة في داخله رغم سنوات عيشه في هالين و رؤيته مئات الاشياء العجيبة و الادوات السحرية.

لقد كانت جوهرة اركيديا تمنح قوتها و معرفتها لأجداده علي مر العقود دون سواهم مما جعل الشعب يعترف بهم ليجلسوا على عرش مملكة اركيديا .

لقد تنازل جده عن الحكم منذ ما يقارب العشرين سنة و اعتزل الحياة و كرس كل وقته للبحوث و العلوم المختلفة ليضيفها الي جوهرة اركيديا و هذا ما فعله ملوك اركيديا على مر السنوات يمضون اخر سنوات حياتهم لإضافة العلوم المختلفة لتتوارثها الاجيال القادمة.

بدى كبير حراس الجوهرة متردداً قليلاً قبل ان يسأل:- انت لا تستخدم السحر الأسود اليس كذلك ..؟ فاستعمالك للسحر الاسود قد يؤثر سلباً علي قوة جوهرة اركيديا و علي عملية نقل القوة ..؟! .

توقع سايروس سؤالا كهذا ليهز رأسه بالنفي فرغم كل هذه السنوات إلا انه لم ينسي ابداً قوانين اركيديا ليقول:- القوة التي امتلكها مصدرها خاتم ازرال .

تمعن كبير الحراس في الخاتم قبل أن يسأل:- ان له هالة سحرية قوية هل حصلت عليه من ملك هالين ..؟.

- لقد قام عمي بصنعه لكن حصلت عليه من شخص اخر.

لم يبدو أن سايروس سيخوض في تفاصيل امتلاكه اداة سحرية بتلك القوة مما جعل كبير الحراس يمسك بيده و هو يغمض عينيه لثواني قبل ان يفتحهما موجهاً حديثه للملك قائلاً بوقار:- سيتطلب نقل القوة منه اسبوع كاملاً .

بان عدم الرضي في عيني كارلاين لكن قال بجمود:- لنبدأ الان اريد ان يتم نقل القوة لي .

أوما رئيس الحراس ليشير لهما بأن يقف سايروس امام الجوهرة و الملك يقف مقابلاً له و يضع كلاهما يده علي الجوهرة و يحيط بهما الحراس مشكلين دائرة تتضمنهما و الجوهرة و ما ان وضع سايروس يده عليها حتي توجهت عيناه ليشعر بالقوة و هي تنتشر في جسده كصعقة كهربائية و تنكشف امامه الاسرار التي تلف الجوهرة و تاريخ تكونها ... احس بالقوة تنتشر في جسده كما لم يشعر بها من قبل لكنه ظل متمسكاً بمبادئه مذكراً نفسه انه جاء الي هنا ليتنازل عن هذه القوة .

استمرت جلسة نقل الطاقة ما يقارب الساعتين قبل يبدأ الضوء الذي يحيط بهم بالاختفاء ليقوم الحراس بختم الجلسة ليقول كبير الحراس:- لقد تمت الجلسة الأولى بشكل جيد سنقوم بإيقاظ جزء من قوة جوهرة اركيديا في جسد سايروس في كل مرة ثم نقوم بنقلها الي جلالة الملك .

لم يكن لدى الطرفين المعنيين اي اعتراض على خطة سير الامر

***

تنهد سايروس بتعب بمجرد وصوله لغرفته بالكاد جر خطواته ليجلس علي السرير ، اخيراً ليس عليه ادعاء القوة ... يده تقبض على ملابسه جهة قلبه و الألم احتل ملامحه ... أكانوا يسحبون منه قوة جوهرة اركيديا ام حياته ... اخذ يتنفس بعمق محاولاً تهدئة نبضات قلبه ، عليه ان يتحمل ما هي إلا اول جالسة و تبقت ستة اخرى و ينتهي الامر او تنتهي حياته لقد قال كبير حراس الجوهرة ان الامر سيأخذ اسبوع واحد لنقل القوة و سيرعون ان يتم الامر دون موته لكن ما اصابه بالقلق حقاً نظرات الملك اثناء نقل قوة الجوهرة لقد كانت مليئة التشفي لقد كان والده سعيداً بمعرفة انه يتألم رغم كل هذه السنوات لازال يحقد عليه و الأسواء ما حدث بالأمس لقد كانت ايلير تحاول حمايته و هو كالأبله لم يفهم الامر إلا متأخراً ، ظن ان اقامته المؤقتة ستمضي بسلام بعد اوامر الملك لكن يبدو ان ذلك لن يحدث و المشكلة انه لا يعرف من يسعي لقتله قد يكون الملك او الملكة او مجلس اللوردات او افراد العائلات النبيلة المتعصبين و حتي الشعب الغاضب و يمكن ان يزداد طول القائمة اكثر .. استمر بالنظر الي الامام بشرود و لم يخفي الحزن عن عينيه .. عليه ان يبعد ايلير عنه و إلا قد تتأذي ، لا يمكنه ان يتحمل ان يصيبها شيء بسببه لكن كيف يقنعها بأن تعود الي هالين و انه سيلحق بها ..؟! .

احس بيدين تغطيان عينيه فاسرع بمحو تعابير الألم و رسم ابتسامة ما ان سمعها تهمس له:- احزر من انا ..؟ .

ادعي التفكير لثواني قبل ان يجيب:- حبيبتي .

- اقتربت .

كان التذمر واضحاً في صوتها فعلم ان عليه ارضاء غرورها فعاد ليخمن:- اميرة قلبي.

- اقتربت جداً .

- زوجتي ، حبيبتي و اميرة قلبي و اجمل فتاة في العالم كله و شمسي حياتي و سبب سعادتي .

اطلقت ضحكة رنانة داعبت قلبه لتبعد يديها عن عينيه و تجلس مقابلة له .. لم يستطع إلا ان يشركها الضحك و هو يرى ابتسامتها التي انسته كل التعب لكن القلق تملكه ما ان همست بصوت خافت:- اريد ان اخبرك بشيء لكن لا تغضب .

و دون ان تعطيه الوقت ليستفسر عادت تقول بسرعة:- لقد تسللت الي المكتبة الملكية و تفقدت الارشيف و تصفحت الوثائق التي تخص قضيتك لمعرفة اسماء الاشخاص الذين شهدوا ضدك و عناوين منازلهم و ذهبت الي بعض العنوين القريبة التي بالعاصمة لكن الغريب انهم اختفوا علي مر السنوات ، منهم من انتقل و لم يسمع جيرانه شيء عنه بعدها و منهم من ترك منزله و لم يعد .

اضافت مسرعة بعد ان رأت القلق في عينيه:- كل هذا دون ان يراني احد طبعاً و قد كان معي جينكز و فيرا اما جان فقد كان يراقب الغرفة هنا .

اخذ نفساً عميقاً و حاول ان يجعل صوته هادئاً:- لا تفعلي ذلك ثانيتاً فهذا خطر ، انسي الامر فإن فتحت القضية بعد هذه السنوات سيقولون اني من كنت اتخلص منهم انتقاماً لشهادتهم ضدي ، دعي كل شيء لحاله و لا تشغلي تفكيرك بذلك .

أومات ايلير و هي توافقه الراي و لم تستطع أن تنكر فقد رأت نظرات الكراهية في عيون الجميع اتجاه سايروس و اي شيء سيحدث سيكون هو المتهم الاول ، انها لا تريد ان تسبب له المزيد من المشاكل يكفيه الجهد الذي يبذله اثناء عميلة نقل الطاقة تلك و اي ما كانت فهي تشعر بأن طاقته قد انخفضت بشكل كبير .

لكن سريعاً ما انتابه الشعور بالذنب حين ادرك انه قد زاد قلقها عليه ليقول بابتسامة:- تعالي معي اريد ان اريك مكاناً مميز بالنسبة لي .

ابتسمت فقد لاحظت السعادة التي في عينيه ، خرج الاثنان و هما يسيران جنباً الي جنب سارا لمسافة لا بأس بها لكن ايلير كانت سعيدة و تشبك يدها في يده الي ان وصلا الي احد ابراج القصر الذي بدا قديماً ليقفا في احد الاروقة ، امام لوحة زيتية لسيدة تجلس علي كرسي مخملي احمر ترتدي فستان عشبي عكس عينيها الزمرديتان اما شعرها الطويل الذي يحاكي سواد الليل ينستل علي كتفيها .. تأملت ايلير الصورة لتقول بانبهار:- انها جميلة ، من تكون ..؟ .

اتسعت ابتسامة سايروس و هو يجيبها:- انها امي لقد ماتت و انا صغير لكني كنت امضي الكثير من الوقت امام هذه اللوحة كلما رأيت ملامحها و ابتسامتها شعرت بان كل شيء سيكون بخير .

تسألت ايلير كيف يمكنه ان يظهر كل هذا الحب لامه التي لم يعرفها لكنها خمنت انه كأنها كانت الوعاء الوحيد لمشاعر طفل وحيد فهو طول فترة بقائهم لم يدعو الملك بابي او يتعاملا كاب و ابنه .

امسك سايروس يدها ليسيرا قليلاً قبل ان يفتح باباً زجاجي جانبي قادهما الي حديقة داخلية مسقوفة بسطح زجاجي ، بدت ان الحديقة قد اهملت منذ زمن و حتي النباتات ذابلة مما اشعر سايروس بخيبة امل فـلم تكن هكذا في اخر مرة كان فيها هنا مما جعله يقول باستياء:- لقد كانت هذه الحديقة لأمي لقد اهداها لها الملك بعد زواجهما و اهتمت بها بنفسها ، كيف انتهي بها الامر كهذا ..؟! .

تقدمت ايلير و جلست علي مقعد حجري طويل و هي تقول:- يمكنك تغير ذلك .

اخذ سايروس نفساً عميقاً و استعمل قوة خاتم ازرال و اشار بيده لتبدأ الحياة بالعودة للنباتات لتتلاءم مع الهندسة المعمارية للحديقة لتضفي سحراً خاص و تفترش الارض بالعشب الاخضر و تزهر الورود بمختلف الالوان و خلال دقائق اصبحت الحديقة اشبه بجنة تخطف الانفاس .. صفقت ايلير بسعادة علي ما فعله لتعلق بمرح:- مذهل .

أمضى الاثنان طول فترة ما بعد الظهر و هما معاً و لم يتوقف سايروس عن الحديث حول ذكرياته السعيدة التي عاشها في هذه الحديقة حتي انهما تناولا الغداء بها .. و ما ان عادا الي غرفتهما حتي قاطعهما صوت طرق علي الباب لتقبل عليهما خادمة تقول بوجه جامد:- ان الملك يدعوكما لحضور حفل راقص على شرف اميرة هالين في قاعة الحفلات بالقصر هذه الليلة .

اغلق سايروس الباب خلف الخادمة و هو متجهم الوجه بينما بدا الحماس علي ايلير و هي موقنة انه لن يرفض و بذات الوقت تفكر بأنهما ربما سيحظيان بوقت جيد خلال بقائهما في اركيديا .. اتجهت للخزانة لتخرج بدلتين من الخزانة و تحاول ان تخمن ايهما ستبدو اجمل علي سايروس رغم عبوسه .

***

السلام عليكم
اتمني يكون الفصل اعجبكم
لو فيه اي استفسار او سؤال ياريت تتركوه بتعليق
ولا تنسوا تصوتوا بـ⭐