إلى العالم المَجهول

By Fruto_chan

2.9K 700 1.6K

تلامسٌ يؤدي بكَ إلى عالم كُلّه أسرار، حيث الجشع ولدَ الحقد، والحقد ولدَ الدّمار، والدّمار شملَ الجميع. دماءٌ... More

الفصل الأول:-إشعاع.
الفصل الثاني:-اِنتقالٌ مفاجئ.
الفصل الثالث:-أرضٌ جديدة.
الفصل الرابع:-مصيرٌ مجهول.
الفصل الخامس:-أسدٌ خيالي.
الفصل السادس:-ضياع.
الفصل السابع:-تائهٌ آخر.
الفصل التاسع:-منصة.
الفصل العاشر:- حقائقٌ صادمة.
الفصل الحادي عشر:-دَمارٌ جديد.
الفصل الثاني عشر:-سيدة الرّياح.

الفصل الثامن:-مُرشد.

142 53 51
By Fruto_chan

انَ اليأس قد تملكهم جميعًا، والأرهاق قد عانقَ أجسادهم رافضًا تركها. لم يعشر أحدهم بهكذا ضياعٍ في حياتهم أبدًا. كانوا تائهين في مكانٍ مجهول لا يعرفوا سبب مجيئهم لهنا وغير مستوعبين لكلِّ ما يحدث.

عمَ الصمتُ بينهم لبعضِ الوقتِ، وكانَ وكُلّ واحدٍ فيهم يتفكر بمفردهِ بالوضع الذي هم فيهِ عبثًا منهم لإيجادِ حلًا للخلاص، ليعاود مجددًا متسو كسر الصّمت بطلبهِ قائلًا بنفسِ نبرتهِ الهادئة بينما يعانق بيديهِ قدميهِ شادًا إياهما نحوَ صدرهِ وملتفتٍ برأسهِ ناحيتهم حيث يجلسون على يسارهِ:-

«لم تعرفوني بأنفسكم.»

حدقوا فيهِ لبعضِ الوقتِ قبل أن يستوعبوا موقفهم، فتولى كين زمام الأمور وعرف عنهم جميعًا.

«أنا كين وهذهِ أُختي يو.»

وأشارَ لحيث تجلس يو بجانب أكي، ثُم استطردَ مكملًا:-

«هذا روي، وهذهِ أكي كلاهما من عائلة واحدة. وهذا جتسو وتلك هارونا وأيضًا كلاهما من عائلة واحدة.»

أومأَ متسو متفهمًا وتبسم لهم جميعًا قَبلَ أن يتحدث بجديةٍ، جعلتهم يخرجون من جو اليأس ويضحكون قليلًا:-

«سأواجه صعوبة بحفظِ أسمائكم.»

«سيكون الأمر سهلًا لا تقلق.»

بينما تُقهقه بخفةٍ قالت هارونا كلماتها مطمئنة متسو، ليبتسم بدورهِ بهدوءٍ ويعاود تحديقهُ بالقمرِ. عمَ الصمتُ بعدها مجددًا وما رضي جتسو أن يسيطر ذلكَ الصمت على المكان فتحدثَ مخاطبًا متسو ومستفهمٍ أكثر بشأنهِ:-

«منذ ثلاث أسابيع أنتَ مختفي، أيّ أنتقلت لهنا منذ قرابة شهر.»

اومأ متسو مؤيدًا كلام جتسو ليكمل الآخر قائلًا:-

«ماذا كُنتَ تَفعل خلال هذهِ المدة؟»

عقد المعني صدغهُ وبدا كأنّهُ يذكر مغامراتهِ هنا، وكان الجميع متحمسًا لإجابتهِ، فتلفظ أخيرًا بعدَ أن فكَّ عقدتهُ متحدثٍ بهدوءهِ المعتاد:-

«الهرب والاختباء.»

ابتسم ستتهم بسخريةٍ لإجابتهِ هذهِ، فتلفظت أكي متساءلة وعقبتها هارونا معلقة:-

«فقط؟ لم تستطع فعلَ شيئًا آخر؟»

«أجل، كأن تستكشف المكان، أو تجد شيئًا يجعل لوجدكَ هنا غاية؟ أو تعرف غاية وجودكَ هنا أصلًا.»

«لم يتسنى لي الوقتُ لذلكَ كُنتُ أهاجم مِنْ قِبل الحيواناتِ بشكلٍ مستمر، حتى أن النوم صعبٌ هنا.»

«كيفَ ذلك؟»

تساءلَ كين قاطبًا حاجبيهِ، ليجيب الآخر:-

«صدقني آخر مرة أردتُ النوم فيها كدتُ أن أُصبح وجبةً لتلك الأفعى السوداء.»

رفعَ كين حاجبيهِ دلالةً على تعجبهِ من الأمر، لتعلق يو بينما أنظارها معلقة على الجبل الضخم أمامها:-

«في الحقيقة أشعر بالنعاس أنا، جسدي مرهق.»

«لا أنصحكِ بالنومِ حقًا، لن يمرَ الأمرُ على خير.»

نوهَ متسو وابتسامة ساخرة تعلو ثغرهُ، لتعترض هارونا قائلة بحزمٍ:-

«لكننا أكثر من شخص، يُمكن أن يحرس نصفنا المكان والنصف الآخر ينام وثم يتم تبادل الأدوار.»

«هارونا المشكلة ليست هنا، المشكلة ببقاءنا ثابتين بنفس المكانِ لوقتٍ طويلٍ جدًّا هكذا سنجذب الحيوانات الغريبة والضخمة نحونا.»

قالَ متسو وركزَ على ذكرِ اسمها في بداية الكلام لكي يحاول حفظهُ، وكانَ شرحهُ غريبًا بالنسبة لهم، فتساءلت أكي قائلة بينما تتكئ على ظهر يو ويو تفعل المثل معها:-

«إذًا أنت تقول بقاءنا هنا جالسين لوقتٍ طويل يعرضنا للخطر الآن؟»

«لم نجلس هنا لوقتٍ طويل، لم تَمر ساعة على جلوسنا هنا.»

«إذًا وقتٌ أطول من ساعة.»

«تقريبًا.»

«كيف تعرف التّوقيت وأنت لا تَملك ساعة؟»

«يُمكن القول إحساسٌ بالوقت... أنّه تخمين تقريبًا.»

تناوب متسو وأكي بالحوارِ حتى أتضحت الصورة لديهم جميعًا، وقبلَ أن يعم الصمتُ مجددًا تساءلَ جتسو قائلًا:-

«هل قابلتَ بشرًا متحولين؟»

«بشر متحولين؟»

استفهم متسو مستغربًا مما قالهُ الآخر، ليأخذ روي بالتوضيح لهُ بينما يعانق بيديهِ جسدهُ كأنّهُ يحمي جرحهُ من أن يلامسهُ أحد:-

«بشر يتحولون لوحوش، كأسدٍ ضخم وهكذا شيء.»

قطبَ متسو جبينهُ مستغربًا جدًّا من كلامهم، وتلفظَ نافيًا:-

«لا، لم أقابل أبدًا هكذا شيء.»

وما أن أنهى كلامهُ حتى سقطَ شيءٌ ما في حُجرهِ جعلهُ ينتفض مِنْ مكانهِ فزعٍ، ليصل الفزع بدورهِ لبقية الرفاق.

«ماذا هناك؟»

تساءلت يو بعد أن غادرها النعاس من شدة الذعر الذي أصابها لوهلةٍ، ليتحدث مستو وقد تحولت الزُمردة في يدهِ إلى سيفٍ بعدَ أن شعت:-

«لقد سقط هذا المخلوق عليّ.»

ووجهَ سيفهُ نحوَ ما سقطَ عليه وكان ينوي قتلهُ إلا أن يو اوقفتهُ صارخة:-

«توقف! لا تقتله! إنّه طائرٌ صغيرٌ فقط!»

جرت نحوهُ وأرادت أن تمسكهُ إلا أن الآخر قد زجرها محذرًا إياه بعنف:-

«إياكِ! لا تغتري بشكلهِ! ربّما سيهاجمكِ حتى لو كانَ صغيرًا، لا تعرفي مدى قوة الأشياء هنا.»

أصطبغت نبرتهُ في نهايةِ كلامهِ ببعضِ الخوفِ، وزادَ خوفهُ حركة ذلكَ الطائر الصغير وسيرهِ مرتنحًا كالثملِ تمامًا. بدا شكلهّ مضحكًا للغاية وهو يترنح إلا أن الذعر الذي تملك السبعة منعهم من رؤية الموقفِ مضحكًا.

قررَ متسو قتلهُ بسرعةٍ، إلا أن شيئًا ما قد فاجئهُ وجلعهُ يتراجع للخلف مذعورًا ويسقط السيف عن يدهِ.

«اللعنة ما هذا!»

تلفظَ فرعًا، وعلت الصدمة ملامح البقية وتجمهروا حول الكائن الصغير ذاك متمعنين النظر فيهِ.

«يا إلهي إنّهُ قزم!»

تحدثَ جتسو بذهولٍ بينما يراقب الطائر الصغير الذي تحولَ إلى هيئةٍ بشرية ولكنّ صغيرةً جدًّا أمامه. لم يرتعب الرفاق الستة كما أرتعب متسو حينما رأى تحول الكائن الصغير هذا، فقد شهدوا هم تحول أسدٍ ضخم لا كائنٍ صغير لذا كان الأمر غير غريب بعض الشيء، على عكس متسو الذي كان الأمر غريبًا بالنسبة له.

جلسَ على العشبِ الذي يُمثل ربعَ طولهِ الصغير، ودلكَ رأسهُ بيديهِ الصغيرتين محاولًا إزالة الصداع الذي فتكَ بهِ عن رأسه، وما أن خف قليلًا رفعَ رأسهُ ليلاقي ستَةِ وجوهٍ مذهولة تحدق بهِ. وزعَ أنظارهُ بينهم ثُم تبسمَ بودٍّ قائلًا بصوتٍ ناعمٍ للغاية ولم يكن خافتًا رغم صغرِ حجمهِ:-

«مرحبًا، أنا تسوكي.»

«هل أنت خَطر؟»

تساءلَ متسو والخوفِ يعتريه، ورغم سذاجة سؤالهِ إلا أن القزم الصغير تسوكي أجابَ عنهُ بِكلِّ جديةً قائلًا:-

«لا، لستُ كذلك. أنا هنا لأرشدكم للطريق.»

كانت كلماتهِ بصيصُ أملًا لهم، فقد زُرعت الطمأنينة في قلوبهم وأشعرتهم بالسعادة، ولكن ساورهم الشكّ بشأنهِ فلماذا قد يأتي ويرشدهم هكذا فجأة، فتساءلَ كين قائلًا:-

«لماذا سترشدنا؟ لماذا تريد مساعدتنا؟»

«يجب أولًا أن نَبتعد عن هنا، لأن القرية قريبة وهذا يؤثر على إشعاع الزُمردة ويُخفض طاقتها»

بحزمٍ قال تسوكي الصغير كلامهُ وقد بدا لطيفًا للغاية وهو يُحرك يديهِ بانسجامٍ مُمثلًا لهم انخفاض الطاقة بإنزالِ يديهِ للأسفل، مما جعل الرفاق يبتسون رغمًا عنهم.

«إلى أينَ سنذهب؟»

تلفظَ مستو بنبرةٍ مستغربة غطاها الشكّ والتوتر،  ليجيب تسوكي بإجابةٍ زادت من تساؤلاتهم ولم تنقص منها:-

«للقرية المخفية، سترشدنا الزُمردات وطاقتها.»

وزعَ أنظارهُ بعينيهِ البنيتانِ عليهم والجدية تعلو محياهُ، ليقطب البقية جبينهم بتساؤلٍ مستغربين من جوابهِ الغريب هذا، ولكنهُ لم يترك لهم مجالًا للتحدث وراحَ يجري مسرعًا بقديمهِ الصغيرتينِ للغاية بين العشب متجهًا نَحوَ مكانِ الجبلِ القابع أمامهم.

«أنتم ستةٌ دخلتم بالزُمردة الرئيسية؟»

وجهَ سؤالهُ للستة الذين وقفوا قربَ متسو محتارين في ما إذا سيتبعون القزم الصغير، أم يعرضون عن ذلك إلا أنهم لم يملكوا خيارًا آخرًا أو مرشدًا غيرهُ ليرشدهم في هذا المكان. أومأت هارونا بالإيجابِ لتسوكي ليهمهم بتفهمٍ بعدَ أن توقف عن الجري ومنتظرًا إياهم ليلحقوا بهِ، وراحَ يتلفظ محدثًا إياهم من جديد:-

«يجب عليكم كسر الطاقة الهائلة فيها لتتوزع عليكم، ولكن أتساءل كيفَ ستقومونَ بهذا؟»

«ما كُلِّ هذا! باتَ عقلي لا يستوعب شيئًا وأشعر أنّه سيتوقف عن العمل!»

تذمرت هارونا بغضبٍ بعدَ أن طفحَ الكيل معها مما يجري ومن كل تلكَ الأمور التي يتحدث عنها تسوكي من دون أن يعطيهم تفسيرًا كاملًا لما يجري. لم يصمت متسو عن التشكيك في مصداقية القزم الصغير المتحول فطرحَ تساؤلهُ بجديةٍ خالية من الخوف والتوتر كما قبل قليلًا قائلًا:-

«ما الذي يثبت لنا أنكَ جديرٌ بالثقة؟»

كانَ سؤالها هذا قد جعلَ الصمت يعانق تسوكي ويأخذ بالبحلقة بهِ بملامحِ جامدة. ما صَمتَ جتسو عن طرحِ الأسئلة التي بخلدهِ فتحدثَ عقبَ انتهاء متسو من الكلام بثوانٍ قليلة، متفوهًا:-

«ماذا سَيحدث لو لم نأتي معك؟ ما الذي سنواجهه؟»

«الموت.»

كانَت كلماتِ الصغير الباردة قد رنت في أذانِهم جميعًا بقوةٍ كأنما تُحاول أن تثبث الرعبَ في نفوسهم لكي يخضعون ويتبعوه بصمتٍ.

«ستلقون نفس المصير الذي تلقتهُ تيا، وإن استسلمتم فمصيركم لن يقَلَ سوءً عن مصير إليانورا.»

ما أكتفى تسوكي بقولهِ ذاك بل أضافَ ما لديهِ وراحَ يسيرُ بصمتٍ وقد علت محياهُ اماراتِ الحزن والألم، مما جعلهم يتبعونهُ وأعينهم توزع نظراتها فيما بينهم بعدَ أن سرت القشعريرة في جسدهم ما أن وقعَ لفظِ اسمِ الفتاتينِ على مسامعهم.

«رُبّما الطريق يكفي لطرحِ الأسئلة وفهم ما يحدث هنا.»

تَفكرَ السبعة في خلدهِم بنفسِ الوقتِ بَعدَ أن فرضَ الصمتُ نفسهُ بينهم وأخرسهم جميعًا.

•-•-•-•-•-•-•-
تَم التعديل وإعادة السرد.
٢٠٢٢/٨/٢٦

الجمعة ٣:١٨ ص

Continue Reading

You'll Also Like

22.5K 862 131
في الرواية اصبحت الشريره التي ماتت على يد زوجها، على وجه الدقة، كشخصيه مساعده. الشريره التي تموت بعد أن استخدامها كأداة من قبل والدها واخاها للزواج ا...
15.8K 593 18
القصة تحكي عن بطلتنا الي ماتؤمن بالحُب ولا تحب السوالف هذي ولكن يتغير حالها وتبدا قصة حُبها الطاهر مع دعواتها لما تحس بشعور تجاه بطلنا
219K 19.4K 96
عامان كاملان لم يعشهما غيره! حبيبة رقيقة لا يعرفها احد سواه! قالوا له هلوسات ولكن هل للهلوسة ان تترك في يده مايراه الجميع؟! قصة تدور بين الواقع وال...
29.6K 2.3K 35
سيلفيريا... رواية ستأخذك في رحلة مليئة بالخيال والإثارة في العصور القديمة... حيث يسود عالمٌ مختلف تمامًا عن عصرنا الحالي... بذالك العصر كان يسوده عال...