لؤلؤة البحر (رباط)

By rwby_a

589K 33.4K 6.4K

رواية تجمع شخصيتين مختلفتين من عالمين مختلفين، ربطهما القدر برابطة متينة وجعلهما جزءًا من حكاية تحمل في طياته... More

(الفصل الأول)
(الفصل الثاني)
(الفصل الثالث)
(الفصل الرابع)
(الفصل الخامس)
(الفصل السادس)
(الفصل الثامن)
(الفصل التاسع)
(الفصل العاشر)
(الفصل الحادي عشر)
(الفصل الثاني عشر)
(الفصل الثالث عشر)
(الفصل الرابع عشر)
(الفصل الخامس عشر)
(الفصل السادس عشر)
(الفصل السابع عشر)
(الفصل الثامن عشر)
(الفصل التاسع عشر)
(الفصل العشرون)
(الفصل الواحد والعشرون)
(الفصل الثاني والعشرون)
(الفصل الثالث والعشرون)
(الفصل الرابع والعشرون)
(الفصل الخامس والعشرون)
(الفصل السادس والعشرون)
(الفصل السابع والعشرون)
(الفصل الثامن والعشرون)
(الفصل التاسع والعشرون)
(الفصل الثلاثون)
(الفصل الواحد والثلاثون)
(الفصل الثاني والثلاثون)
(الفصل الثالث والثلاثون)
(الفصل الرابع والثلاثون)
(الفصل الخامس والثلاثون)
(الفصل السادس والثلاثون)
(الفصل السابع والثلاثون)
(الفصل الثامن والثلاثون)
(الفصل التاسع والثلاثون)

(الفصل السابع)

15.9K 861 96
By rwby_a

بيرال

أمشي باتجاه جناح والدي أريد رؤيته، أنا أثق به وبجميع قرارته، سأنفذ ما يريد وأذهب للمدرسة، قد تكون هناك حكمة من رراء قراره، كان سابقًا ينصحني بالذهاب إليها لأصبح أقوى على حد قوله، لكنني كنت أرفض دومًا، لأنني سأبتعد عنه وعن المملكة، والبعد عن والدي صعب، إنه كل شيء بالنسبة لي، هو أبي وأخي وصديقي، أستشيره دومًا وأسأله عن ما لا أعرفه، لطالما لقيت لديه جوابًا شافيًا عن كل ما يصعب علي. 

عندما اقتربت من الرواق الذي يؤدي الى جناحه الخاص صادفت لوثر، عبست ملامحي لرؤيته.

اقترب مني وعيناه تنظر الى كل إنش في وجهي وتكلم بنبرة عميقة" كيف حالك أميرة بيرال"

أجبته بسرعة لا أريد أن أعطيه مجالاً للحديث معي "بخير، والآن هلّا ابتعدت من أمامي؟ أريد مقابلة والدي "

اقترب مني أكثر وابتسامة لعوبة ارتسمت على شفتيه"وإذ لم أبتعد؟"

لم أبتعد عنه إنشًا واحدً كي لا يظن أني أهابه " لن أتوانى عن إبعادك بالقوة لوثر " تكلمت وأنا أرفع حاجبي باستفزاز .

قهقه بسخريةٍ بعيدةٍ عن المرح وأجابني بتحدي" حاولي إذًا لنرى من الرابح، فلا تستهيني بي أميرتي "

ومع انتهاء حديثه اقترب مني آخرَ خطوةٍ كانت تفصلنا عن بعضنا، وأصبح وجهه مقابلاً لوجهي ولا يفصلنا سوى إنشاتٍ عديدة، مع فارق الطول الذي بيننا، فهو أطول مني ببضع سنتيمترات، ومن يرانى من بيعد يظن أننا نتبادل القُبل! تصاعد الغضب بداخلي من هذا الوقح، كيف يجرؤ على القتراب مني كل هذا الحد؟

تلون وجهي بحمرة الغضب والخجل سويًا، فلم أقترب من رجلٍ بهذا الشكل في حياتي أبدًا،

رفعت يدي لئصفعه لكن اللعين أمسكها، من المؤكد أنه توقع ذلك، أردف بنبرة سوداوية وعيناه البنية ازدادت قتامةً " إياكِ وفعلها بيرال، إياكِ أن تجرئي على صفعي، لست خادمًا عندك، لا أقبل الإهانة أبدًا، حتى لو كنتي أميرة البلاد، لن أتردد في محاسبتك إذ كررتها مجددًا"

دفعته بقوة بعيدًا عني وأمسكت معصي أدلكه، لأنه ضغط عليه بشدة آلمتني، أجبته بكره بينما أُناظره"فلتذهب للجحيم، اللعنة عليك لوثر، إني أعامل الخادم أفضل منك بكثير، كل يوم أراك فيه يزيد مقتي لكَ لأنك وغدٌ لعين، أقسم لك إذ تجرأت على الاقتراب مني بهذا الشكل الوقح لن أتردد في قتلك" صرخت بوجهه مهددةً إياه عله يتركني وشأني

ازداد حنقه أكثر وعاد مجددًا للقتراب تراجعت للوراء، حتى اصتدمت بالحائط خلفي، وبسرعة شكلت سلسلة من الماء بين يدي ودفعتها تجاهه بقوة، تراجع خطوتين للخلف بعيدًا عني. 

صرخت في وجهه وأنا أحذره "لوثر الزم حدودك وابتعد من طريقي وإلا ناديت الحراس ليبعدوك عنوةً" هددته بغضب من تصرفاته الهوجاء الوقحة.

ازدرد رمقه وهو ينظر لي بسخط: "سيأتي اليوم التي تخضعين به، تذكري كلامي هذا جيدًا بيرال"

"في أحلامك الوردية فقط " حدثته بضيق وتابعت سيري دون أن أسمع رده، لأن الوقوف معه لن يجدي نفعًا، والنقاش بهذه الأمور سيطول، ولست بمزاجٍ جيدٍ لأستمع للترهات.

من المستحيل أن أقبل يوماً به، سقف أحلامه مرتفعٌ جدًا، سيسقط في النهاية ويُكسرَ عنقه، الطمع والجشع يوديان بالمرء للهلاك بكل تأكيد.

وصلت أمام باب جناح والدي وطلبت من الحارس أن يخبره بأني أرغب برؤيته، نفذ الحارس بسرعة، دلفتُ للداخل بعد أن عادَ الحارسُ وقال أنه ينتظرني.

ناظرته بشوقٍ كبيرٍ وانحنيتُ لهُ بأدب واحترام " كيف حالك أبي؟" سألته وقلبي ينبض بشدة من فرط التوتر، خائفةٌ من كونه لا زال غاضبًا مني.

نظر إلي بحب ظاهرٍ في عينيه تأمل وجهي الشاحب بشوقٍ وأجاب بنبرة أبوية حانية" بخيرٍ ابنتي"

وأشار لي كي أجلس على الأريكة بجانبه، لم أتردد لثانيةٍ في تنفذ طلبه، فتح لي ذراعيه واحتضني وبادلته بسرعة.

غصةٌ شقت طريقها نحو حلقي، وعيني امتلأتا بالدموعِ الحارقة لدي رغبةٌ ملحةٌ بالبكاء، حاولتُ تمالكَ نفسي لكنّ حضنه الأبوي الدافئ لم يساعدني، فلم استطع كبحَ دموعيَّ أكثر، وانفجرت باكيةً وتعالت شهقاتي وأنا أشد على عناقه أكثر.

ربت على ظهري بحنان بالغ يواسيني ويخفف عني، بعد مدة أخرجني من أحضانه ومسح دموعي عن خدي بإبهامه، نظر لعيناي الحمراوين وتكلم بحنانٍ " لا تبكي جميلتي، لا تنزلي هذه اللآلأ من عينيكِ حبيبتي، لا أتحمل منظرك الباكي هذا، أرجوكِ لؤلؤتي الصغيرة"

مسحتُ دموعي من عيني وتنهدت بحرارة، استأنف حديثه الأبوي الذي يطربُ أُذني " لا أريد رؤيتكِ حزينةً، أين ابتسامتك المشرقة وعيناكِ المرحة! لمَ كل هذا الحزن؟ حتى وجهك أضحى شاحبًا خاليًا من الحياة! "

أجبته بعد أن تمالكتُ نفسي ومسحت بقايا الدموع العالقة بين رموشيَ " يشقّ عليّ مفارقتكَ مولاي، هذا صعبٌ جدًا لقد مرت أيام هذا الأسبوع كالجحيم لأنني لم أركَ فيها، كيف لي أن أتحمل فراقك؟ "حاولت أن لا أُعاود البكاء من جديد عند تذكر موعد سفري غدًا أُحسُ أن قلبي مشتعلٌ بنارٍ تكويهِ لمجرد تذكر هذا الأمر.

أمسك بكفي بين يديه وطبطب عليها وحدثني بهدوء "لا تقلقلي عزيزي، لن تطول فترة سفركِ، إنها بضعةُ أشهرٍ فقط، وأعدك أن آتي لزيارك كل فترةٍ، للاطمئنانِ عليكِ، فأنا أيضًا ليس لي صبرٌ على فراقكِ صغيرتي"

سألتهُ بأملٍ لكن صوتي خرج ضعيفًا مهزوزًا "أتعدني بذلك أبي؟"

"أعدك صغيرتي" أجابني بصدقٍ بادٍ في عينيه وعاد ضمي لأحضانه وهو يكرر وعده مرة أخرى ليطمأنني ويزيد من عزيمتي أكثر.

_________________________________________

خرجنا في المساء أنا وإيلا من غرفتي وتوجهنا الى مكتب أخي، لا أصدق أنني أخيرًا وضعت حدًا لتوأمي الشقية، لو كنت تركتها تشتري ما تريد، لكنّا أفلسنا اليوم بكل تأكيد، فتاةٌ مسرفة همها الوحيد الملابس والأحذية، هذا عدا العطور وأدوات التجميل المختلفة التي أكثرها لا أعرف اسمها، وصلنا للمكتب طرقت الباب أستأذنه، سمعت صوته من الداخل يأذن لنا، دخلنا وأليقينا التحية وحلسنا مقابله على الجهتين.
___________________

ينظر لهما بشك وحاجب مرفوع من مجيئهما عنده، من المؤكد أنهما تريدان شيئًا منه، وهذا ظاهر من توتر إيما وفرقعتها أصباع يديها، ترك ما بين يديه وأراح ظهره على الكرسي، ينظر لهما علّ إحداهما تبدأ بالحديث، لكن طال صامتهما، تحدث بعد أن نفذ صبره  "إذًا هل أتيتما لتجلسا وتتفحصا غرفة المكتب؟ أم ستخبرانني بما تريدان"

تحدثت إيما : "نحن... أقصد نريد الذهاب للمدينة تلزمنا بعض الأغراض" قالتها بسرعة كي لا تخونها شجاعتها أمامه.

تنهد الآخر ودلك بين حاجبيه بتعب " ألا تستطيعان تأجيل الأمر ليوم آخر؟ لدي الكثير من الأعمال هذه الفترة، ليس لدي وقتٌ للذهاب معكما "

تكلمت إيلا بجدية محاولة إقناعه " لا يوجد داعي لذهابك أخي، سيذهب معنا أحد الحراس أو اثنين إذا أردت، لا مشكلة في ذلك، اطمئن لن يحدث مكروه" أومأت إيما مؤيدة حديث توأمها.

"حسنا لا بأس، أخبراني المبلغ الذي تحتاجانه" أردف وهو يخرج محفظته من درج المكتب الأسود

تكلمت إيلا بسرعة:" نريد... " لكن قاطعتها إيما
بقولها " ثلاثة آلاف،
كل واحدة ثلاثة آلاف أخي" نظرت لإيلا بحاجب مرفوع التي تكادُ تنفجر من الغيظ.

أخرج المال الطلوب وأعطاه لإيما وهتف"إذ احتجتما شيئاً آخر لا تترددا بإخباري، واطلبا من بين وسميث حارسا الحدود الغربية أن يرافقكما للمدينة، ولا أريد تأخرًا أبدًا"، تكلم بجدية محذرًا من التأخر في الخارج.

أومأتا له بنعم وخرجتا بعد أن شكرتاه وأخذتا المال، تواصلت إيلا مع سميث عبر الرابطة العقلية تخبره بأن يجهز السيارة ويحضر معه بين لأنهم سيذهبون للمدينة بعد قليل، نفذ الآخر طلبها بسرعة.

تدخلان من متجر لآخر، تشتريان هذا وذاك، دخلتا متجر لبيع الحلي وأدوات التجميل وأنواعًا مختلفة من العطور الفواحة.

وقفت إيما تتفرج على الحُليّ، أعجبتها قلادةٌ بلون الدم على شكل زهرة التوليب مرصعة ببعض الجواهر التي زادت من لمعانها، ولم تترد في شرائها، دفعت ثمنها للبائع الذي أثنها على ذوقها باختيار هذه القلادة.

ارتدتها ووقفت أمام المرآة المعلقة على أحد الجوانب، تنظر لنفسها بابتسامة تتأمل القلادة الجديدة التي تزين عنقها، بينما شقيقتها تنتقل بين العطور وأدوات التجميل، تأخذ هذا وذاك، يا الهي لقد اشترت الكثير منها!

ذهبت إليها تسألها إن انتهت من شراء الأغراض، لأن الوقت تأخر وعليهما الذهاب وإلا سيغضب منهما إيراكس، وافقتها الأخرى ودفعت ثمن مشترياتها وخرجتا من المتجر باتجاه الشابين اللذين يجلسان بالمطعم القريب ينتظران أن تنتهيا من لوازمها.
عادتا للمنزل محملتان بالكثير من الأكياس، دخلت كل واحدة غرفتها الخاصة لأخذِ قسطٍ من الراحة بعد تعب التسوق .

______________________________________

_بيرال

استقيظت من النوم باكرًا، اليوم موعد ذهابي للمدرسة، أخذت حمامًا دافئًا، وخرجت ألف المنشفة على جسدي، ارتديت فستانًا أحمر اللون يبرز بياض بشرتي، وجلستُ لتمشط تارا شعري الأسود، سرّحته على شكل كعكة ووضعت عليه تاجًا بسيطًا، لقد كان وجهي شاحبًا، التفكير في الابتعاد عن والدي يقتلني، إذًا كيف سيكون الفراق؟ يا الهي ساعدني! 

خرجت أجر أقدامي باتجاه صالة الطعام، أخبرني الحارس أن والدي ينتظرني للإفطار في الحديقة، اتجهت لهناك لأراه جالسًا شاردًا حزينًا قرب النافورةٌ الضخمة التي تتجسدُ في العديد من الأحواض الدائرية تتشكل فوق بعضها البعض، وفي قمتها منحوتةٌ لطفلٍ له أجنحة يحملُ جرةً على كتفه ينبثق منها الماء العذب، منظرٌ جميلٌ يبعث في النفس الراحة.

بدل ملامح وجهه لأخرى فرحة مطمئنة عندما رآني كي لا يزيذ حزني وهمي، حاولت رسم ابتسامة جميلة كعادتي، لكنني فشلت، لست جيدة بالتصنع، حييته وجلست بجانبه دون أن أضيف شيئًا آخر.

تناولنا إفطارنا بصمت وهدوء، وكلٌّ منا يبحر في عالمه الخاص، بعد أن اتنهينا رأيت بجانبه صندوقًا صغيرًا مرصعاً بالؤلؤ والزمرد، منظره ولمعانه جميلٌ وخلاب، أمسكه بين يديه وناولني إياه طالبًا مني فتحه.

تأملت جماله قليلاً، وشرعت في فتحه، وجدت داخله لؤلؤةً متوسطة الحجم معلقًا بسلسلةٍ فضية، رفعتها بين يدي ودققت النظر فيها، كانت تحوي ألواناً كثيرة تتحرك داخلها، وتشكل مزيجًا مبهرًا، سألت والدي من دون رفع عيني عن جمالها "ما هذه أبي؟ إنها رائعة حقًا! "

ابتسم ابتسامة صغيرة وأجابني" هذه القلادة توارثتها عائلتنا عبر أجيالٍ طويلة، هي رمز القوة والحكمة، تحمي صاحبها وتدافع عنه إذ كان ذو قلبٍ نقيٍ لا يحمل الحقد والضغينة، وإذ كان صاحب قلبٍ لوثه السواد فهي لا تعود عليه بالفائدة أبدًا "

صمت قليلاً يفكر لكنه عاد واستأنف حديثه "عليكِ ارتداؤها ولا تُزيليها عن عنقكِ، أنا متأكدٌ أن قلبك أبيضٌ كالثلج، وستدافع عنك القلادة عند الخطر بكل تأكيد"

ابتسمت وأنا أدقق النظر فيها وأتأملها إنها فائقة الجمال، ارتديتها بفرح، هل من المعقول أن تساعدني عند الخطر؟ هل قلبي يا ترى أبيضٌ كما قال أبي! أرجو ذلك.

تجاذبنا أطراف الحديث، وأخذ أبي يوصيني على نفسي ويملي عليّ بعض التعليمات والنصائح، وأنا استمع لكل كلمة يقولها بإنصاتٍ وتركيز، قد أواجه مشكلةً في أحد الأيام، يجب أن أكون على استعدادٍ تامٍ لكل أبعادها و معرفة طريقة حلّها.

كما أخبرني أنه لا يجب على أحد هناك أن يعرف أنني أميرة، فقط مديرة المدرسة يوجين تعلم بالأمر، يجب عليّ إخفاء هويتي، لا أدري ما الحكمة من ذلك لكنني وافقت ولم أعترض، أفضّل هذا أيضًا، لا أحب الرسميات في المعاملة، كما أحب أن أكون على طبيعتي، عفوية التصرف.

بعد مدة من الزمن استأذنته كي أذهب وأجهز نفسي، فقد اقترب موعد الرحيل، أذن لي بالذهاب على وعد أن آتي لتوديعه قبيل مغادرتي الجزيرة، أومأت له واتجهت إلى جناحي أحضر نفسي وأمتعتي.

بعد أن بدلتُ ملابسي بأخرى بسيطة، ونزعت جميع المجوهرات ما عدا قلادة اللؤلؤ، خبأتها تحت ملابسي كي لا يراها أحدٌ هناك.

طلبت من تارا أن تضع مع الأمتعة بعض السراويل والقمصان القماشية المريحة بألوان مختلفة، كي أستخدمها أثناء التدريب فهي بكل تأكيد أفضل من الفساتين الطويلة، بينما أذهب لتوديع والدي في جناحه.

دلفت للداخل بعد سماحه لي بذلك، وقفت أمامه وتأملت عيناه الزرقاء، وحاجبيه ولحيته التي كساها الشيب، وخط الزمن علاماته بتجاعيد تحت عينيه وعلى جبهته، حفرت كل إنشٍ من وجهه في ذاكرتي، كي لا أنساها أبدًا، وهو كذلك كان يتأملني بحب.

احتضته بقوة واغرورقت عيناي بدموعِ الفراق والألم، مسح على ظهري كعادته، أحسست بدمعته الحارقة على جبهتي، رفعت رأسي أنظر لوجهه المحبب لقلبي، مسحتها عن خده بيدي كما فعل معي سابقًا.

نظرته وعيناه الممتلئة بالدموع تؤلم قلبي أكثر، حدثته بهدوء "انتبه لنفسك وصحتك أبي، أريد أن أراكَ مبتسمًا دائمًا ولا تنسَ وعدك لي بالزيارة" أومأ لي بصمتٍ وعاد لاحتضاني بقوة أكبر

فصلنا عناقنا على صوت الباب وهو يُقرع، مسح دموعه بسرعة، وتكلم بصوته القوي الخشن "أدخل! "

دخل الحارس مهرولاً ووحدث بتوتر "مولاي! هنالك شخصان غريبان دخلا الجزيزة، ويطلبان رؤيتك"

رأيت معالم الصدمة والذهول تتجسد واضحةً على وجه أبي وأردف بعد أن استوعب الأمر "كيف استطاعا رؤية الجزيرة واختراقها؟ " تحولت نبرته للحدة في آخر حديثه

تكلم الحارس بجدية  "مولاي، هالتهما قوية جدًا ويبدو أن أحدهما ساحرٌ ملكي، لأنه يحيط نفسه والشخص الذي معه بحاجزِ حمايةٍ أحمر اللون، يمنعنا من الاقتراب منهما والقبض عليهما "

أومأ له الملك متفهمًا وطلب منه أن يكونوا على أُهبة الاستعداد لأي هجومٍ مباغت من هاذين الغريبين، وأمرهم أن يقولوا لهما أنه بانتظارهما في القصر،
ذهب الحارس لتنفيذ الأوامر مسرعًا بعد أن انحنى بطاعة.

نظر إلي وقبل جبهتي بحنان وقال لي أن موعد رحيلي قد حان ويجب عليّ أن أذهب، سيوصلني حارسان للمدرسة ويعودان للجزيرة بعد أن أصبح بأمان.

أومأت له وخرجت متوجهة نحو بارحة القصر وأنا أرتدي عباءة سوداء لها قلنصوة تغطي رأسي وجزءًا من ملامح وجهي

بينما يتبعني الحرّاس بالحقائب، لم أنسَ توديع تارا رفيقتي التي انفجرت باكية لفراقي، حاولت مواساتها أن يغيابي لن يطول، لكنها لم تهدأ الى بعد أن أتعبها البكاء .

وأوصتني كعادتها على نفسي وأن لا أفعل شيئًا غبيًا متهورًا على حد قولها، وافقتها بذلك، وأخذت من بين يديها حيواني الأليف فيكي، احتضنته أيضًا بحب، يشق عليّ فراقهم، لكن ما باليد حيلة، هذا قدري ويجب أن أؤمن به.

**********************************

يتبع…

Continue Reading

You'll Also Like

215K 13.6K 51
جميعنا نُخلق بهذا العالم الواسعِ لهدفٍ معين.. ونحاولُ جاهدين أن نجده في كلِّ مكان نذهب إليه .. نخوض المخاطر والتحديات حتى نجد ضالتنا في نهاية هذا الط...
12K 680 31
تحركة قدماي من غير ان أشعر وقفت ورأها فور أن اغلقت الباب التفتت ونضرت الي وجهها ومن غير ان أشعر خارجة منِ جمله واحد ...
362K 15.5K 21
كيم تايهيونغ المغرور وريث لقطيع الالفا بما انه كما يعتقد هو الفا نقي من ام واب الفا متعصبين كان كل شيء على مايرام حتى ظهر فحص الجنس الثانوي فماذا سيح...
10.2K 664 23
مقطع مقتطف: لوسيانا باستنكار: أليس هذا عالم آخر خيالي؟! ......: سواء كان يبدو لكِ عالم آخر خيالي أم لا فهذا المكان الذي يفترض أن تكوني به!! لقد جذبت...