إلى العالم المَجهول

By Fruto_chan

2.9K 700 1.6K

تلامسٌ يؤدي بكَ إلى عالم كُلّه أسرار، حيث الجشع ولدَ الحقد، والحقد ولدَ الدّمار، والدّمار شملَ الجميع. دماءٌ... More

الفصل الأول:-إشعاع.
الفصل الثاني:-اِنتقالٌ مفاجئ.
الفصل الثالث:-أرضٌ جديدة.
الفصل الخامس:-أسدٌ خيالي.
الفصل السادس:-ضياع.
الفصل السابع:-تائهٌ آخر.
الفصل الثامن:-مُرشد.
الفصل التاسع:-منصة.
الفصل العاشر:- حقائقٌ صادمة.
الفصل الحادي عشر:-دَمارٌ جديد.
الفصل الثاني عشر:-سيدة الرّياح.

الفصل الرابع:-مصيرٌ مجهول.

213 62 121
By Fruto_chan

دَلف إحدى المنازل واستنشق العطر الذي يملئه والذي مَصدرهُ أغصان الأشجارة النَضرة المكونة له. قلب أنظارهُ هنا وهناك بينما يسيرُ بحذرٍ تام فمن الممكن أن يلاقي أيّ شيءٍ غير متوقع بالداخل.

كان المنزل كما غيره من المنازل المجاورة التي قد دخل لها، مساحةٌ واسعة مستديرة بالمنتصف فرش عليها سجادٌ ناعم الملمس مريح، وعلى إحدى اتجاهاتها نُصبت طاولة مربعة كونتها الأغصانّ أيضًا كانت ملتصقة بالأرضية بشكلٍ جيّد، كأنّها جزء لا يتجزء منه، وحول الطاولة تواجدت كراسي للجلوس عددها ستة فقط. ويقع باب لغرفةٍ بالقرب من مكان الطاولة، وأمامهُ مباشرة بابٌ آخر لغرفةٍ أخرى. وكان هناك سلمٌ بمنتصف المسافة بين البابين يؤدي إلى الغرفة العلوية الواسعة.

لم تحوي المنازل على أثاثٍ يُذكر عدا أسرة وخزانات بالغرف، ولوحاتٍ واضح أنّها مرسومة باليد اختلفت بأشكالها حسب كُلِّ منزلٍ. لم يكن هناك مطبخ أو حمام بالمنازل مما شكل هذا استغرابًا لدى الرفاق الستة وهم يفتشون المنازل.

ولجَ إحدى الغرف ليجد نفس الأثاث السابق لبقية المنازل التي فتشها، سريرٌ مع نافذة متوسطة الحجم بمنتصف الغرفة وستارة تغطيها، وكذا خزانة صغيرة قرب السرير موضوع عليها بعض الأغراض البسيطة، وخزانة متوسطة الجحم قرب حائط الغرفة مقوسة حتى تلتصق بالجدار المستدير. كان كُلّ شيء داخل المنزل مصنوعٌ من أغصان الأشجار.

فتحَ الخزانة المقوسة ليرى ما فيها، فلم يجد سوى فساتينٌ كأنّها من العصور الوسطى ذات تدرجات ألوانٍ زُمردية وخضراء، وبعضها يحتوي لونٌ أزرق بتدرجاته. أغلق الخزانة وأتجه نحو السرير، جلسَ عليهِ وأخذَ يناظر ما على الخزانة الصغيرة بقربهِ. دفترٌ لم يُكتب بهِ شيء، وعلبةِ حبرٍ قربهُ جف الحبرُ فيها، مع ريشةٍ موضعةٍ عليه. بحث بالأدراج فلم يجد شيئًا يُذكر، فزفرَ بضيقٍ وخرجَ يُكمل بحثهُ ببقية المنزل.

لم يعلم لماذا كان يشعر بأنّ شيئًا ما يوجد بتلك الغرفة وعليهِ البحث بها مجددًا، فقرر على أنّه سيعود لها ما أن يُكمل تفتيش المنزلِ كاملًا.

في أثناء تفتيشهِ بالغرفة العلوية، دخلت هارونا المنزل وصدحت بصوتها مخاطبة إياهُ بكلامها قائلة:-

«هل عَثرتَ على شيء؟»

لم يصلها ردّهُ فنطق باسمهِ وقالت:-

«كين؟ هل تسمعني؟ هل أنت هناك؟»

لم يَردّ لثوانٍ، ثم تحدث وهو ينزل درجات السُلم وينفث ذرات الغبار عن ثيابهِ قائلًا:-

«لا شيء فعليًا.»

«آه يا ألهي إلى متى سنستمر.»

تذمرت هارونا ضاربة بيدها فخذ قدمها وزافرة الهواء خارج رأتيها بقوةٍ، كأنّها تُبين مدى أرهاقها مِنْ تفتيش المنازل دون فائدة.

«هل فتشنا كُلّ المنازل؟»

تساءلَ كين بينما يقلب شعرهُ البُني للخلفِ وينظر لها. ألتفتت نحوهُ وأجابتهُ قائلة بنبرةٍ هادئة ومتعبة:-

«لا بقي لنا بعض المنازل في نهاية القرية، رُبّما سبعةُ منازل فقط.»

حدقت بالأرضيةِ تتفكر في عددهم الصحيح، ولكن كين أكتفى بأجابتها وأومأ بتفهمٍ طالبًا منها عدم التدقيق بالعدد الصحيح المتبقي ومضيفًا قولهُ:-

«اتركي علامة على هذا المنزل بأنّنا قد فتشناه، سأخرج منه حالًا.»

«حسنًا.»

أجابت الأخرى بتململٍ وهمت بمغادرة المنزل، بينما هو دلف الغرفة التي دخل لها أولًا وأخذَ ينثر الثياب على الأرض بعد أن يتأكد أن لا شيء فيها فعلًا، ثم عادَ لحيث الخزانة الصغيرة قرب السرير بعد أن أزاحَ الغطاء عن السرير وفتش تحتهُ جيّدًا، أمسكَ الدفتر وقلبهُ جيّدًا، وبينَ صفحاتهِ الفارغة لحظَ شيئًا محشورًا بين صفحتين في نهايته. كانت كأنّها قصاصة ورقةٍ متوسطة الحجم وليست صغيرة مكتوبٌ عليها شيءٌ ما.

أمسك بها وسحبها قلبها على الوجه الآخر ليجد أنّها صورة مرسومة لفتاتين أحدهما تجلس يمينًا والأخرى يسارًا وفي المنتصف يقف رجلٌ خلفهما منتصبًا بهيبتهِ وطولهِ.

بدى أن هنالكَ شبهًا بين الرجل والفتاتين فخمن كين أنّهما ابنتاه. أحدهما بدت أكبر من الأخرى، كانت ذات شعرٍ أسود قاتم، وعينانِ زرقاوانِ صافيتان، كانتا واسعتين، وحاجباها لم يمتلكان سمكًا كبيرًا، ولم يكونا قصيرين. بيضاء البشرة، ذات أنفٍ صغيرٍ حاد، مع فمٍ صغيرٍ مبتسم برقة. أما الفتاة الأخرى فقد كان ذاتَ شعرٍ كستنائي، وعيونٍ خضراء فاتحة كما عيونِ الرجل الواقف خلفهن، وتشابهت معهُ بالملامحِ كثيرًا. لم تكن عيناها بوسعِ عينا الأخرى، فقد كانتا أقل وسعًا منها، كما عيون والدها وأنفهِ المتناسق مع تفاصيل وجههِ والغير حاد. رموش كليهما شبهُ كثيفةٍ، وفم الأخرى كما ذات الشعر الأسود، ولكن ابتسامتها كانت مرحة للغاية.

ركز كين بالصغيرتين أكثر من الرجل فقد لمحَ شيئًا مألوفًا بهما، لم يعرف ما هو وبمن يذكرهُ، وبَعد التحديق المستمر بهما أخذَ نظرة خاطفة على الرجل وقرر محاولة قراءة ما هو مكتوب عليه في الخلف، بينما يتخذ خطواتهّ خارجًا نحو رفاقهِ ليخبرهم بما وجد.

«كين توجه لذلك المنزل وفتشه، وأنا سأذهب للآخر الذي بجانبهِ ليتبقى لنا منزلانِ فقط، آمل أن نجد شيئًا نافعًا فيهم.»

قال جتسو ملقيًا أوامرهُ، وقَبلَ أن يتحرك الجميع أوقفهم كلام كين وهو قائلٌ:-

«يا رفاق عثرتُ على شيءٍ ما.»

«حقًا؟»

قالت يو بتفاجؤٍ ودنت مِنهُ مسرعة كما البقية، ليريهم ما بيدهِ ويتلفظ قائلًا:-

«أنّها صورة توجد كتابة على الجهة الأخرى لها، لم أفهم شيئًا منها.»

نظر بعضهم نحوهُ وهو يتحدث والبعض الآخر أنشغل بالتحديق بالصورة وتقليب الأنظار بين الأشخاصِ فيها. سحبت يو الصورة من يدهِ وقالت وهي تُمعن النظر جيّدًا:-

«ألا تبدوان مألوفتان هاتان الفتاتان؟»

«دعيني أنظر عن كثب.»

قالت أكي وأخذت الصورة من يد يو لتنظر بتركيزٍ لهما قَبلَ أن تتفوه قائلة:-

«فعلًا تبدو مألوفة، ولكن... لا أعلم بمن تذكرني.»

«تشبهان الصغيرة.»

قالت هارونا ببساطة، وقد أخذت الصورة من يد أكي وراحت تركز بها وهي تستمع لتعليق روي:-

«كيف؟ كيف ذلك؟»

«أين الشبه بينهما؟»

تساءل جتسو، فرفعت هارونا الصورة أمام وجههِ وقالت:-

«أنظر نفس عينا ذات الشعر الأسود، وكذا تمتلك الفتاة الأخرى نفس نظرة الصغيرة وهالتها.»

تمعنوا جميعًا بالصورة ثم همهم بعضهم بالفهمِ والموافقة، ثم تحدثَ جتسو بما لديهِ من تساؤلاتٍ قائلًا:-

«هل تكون قريبتهم؟ ماذا عن الكتابة؟ دعونا نرى ماذا كُتب بالخلف علها تكون دليلًا لنا.»

قَلبَ روي الصورة بعد أن استقرت بيدهِ، وأخذوا ستتهم يحدقون بما خط بالحبرِ الأسود محاولين فهم الكلمات الغريبة.

«ما هذا الخط بحقِ خالق السماء؟ وأنا أقول خط يدي بالكتابة غير جميل!»

قالت يو متذمرة، فقهقهة كين بخفةٍ ثم دفعَ رأسها من جبهتها للخلف بينما يتلفظ:-

«لا زلتِ بالصدارة بخط اليد المشوه.»

«ربّما هذهِ لغةٌ ما لا نعرفها.»

قالت أكي مستنتجة، ليتلفظ روي وهارونا بنفس الوقت قائلان:-

«ربّما.»

تنهدَ كين بعدَ أن توقف عن ممازحة يو بعمقٍ، ثم سحب الصورة من يد روي وقالَ بينما ينزل حقيبة ظهرهِ ويفتحها ليخبئ الصورة فيها في إحدى كُتبهِ:-

«دعونا منها، يبدو أنها لن تفيدنا الآن، لنكمل البحث ببقية المنازل.»

ما كان من البقية سوى الخضوع بقلةِ حيلةً، متأملين إيجاد شيئًا يدلهم أو يخبرهم بما عليهم فعلهّ هنا، ويفسر لهم بعض الأمور التي يجهلونها وترهق عقولهم.

دَلفت يو للمنزل الذي حُدد لها وعليها تفتيشهُ، ولم تشعر بشيءٍ حينما دخلت. خطت بضعِ خطواتٍ داخلهُ واتجهت نحو أحد أبواب الغرف لتفتحهُ ولكنها توقفت فجأة. شعرت بأنّ هنالكَ حركة خلفها فألتفتت بسرعةٍ لترى ماذا هناك، ولكن لا شيء يُذكر.

زفرت الهواء بقوةٍ مرتاحة، وأكملت عملها بتفتيش الغرفة. أكملت تفتيش الغرفة ثم أنتقلت للغرفة العلوية تاركة الغرفة الأخرى للنهاية، وأنجزت ما عليها هناك ولم تَعثر على شيءٍ يُذكر.

شَعرت بالانزعاج من حقيقة أنَهم أنهوا تفتيش المنازل ولم يعثروا على شيء يُرشدهم أو يفسر لهم ماذا يجري معهم، فنزلت السلالم وهي تضرب بقديمها درجات السلم بقوةٍ، واتجهت نحو الغرفة التي لم تفتشها ما أن أكملت نزول السلم.

رعشةٌ أصابت جسدها حينما أحست أنّ هنالكَ شيءٌ خاطئ بالمنزل نفسٌ ما آخر فيه-المنزل- معها. ألتفتت نحوَ باب الغرفة الأولى فوجدتهُ مفتوح، على الرغم من أنها أوصدته حينما خرجت منها. فاتجهت نحوهُ وقطبت جبينها مستغربة وتسارعت نبضات قلبها قليلًا مع شعورها الذي أزداد بأنَّ شخصًا ما معها داخل المنزل.

«هارونا هل هذهِ أنتِ؟»

صرخت متسائلة وتأملت أن تردّ صديقتها بالإيجاب ليرتاح قلبها ويزول التوتر والخوف عنها، إلا أن ردّ هارونا جاءَ من الخارج حَيثُ المنزل الذي يقبع بالقرب من المنزل الذي هي فيه.

«ماذا تقصدين؟ ماذا هناك؟»

ابتلعت ريقها وحاولت تجاهل الأمر ما أن عرفت أن صديقتها ليست بالمنزل معها، وقررت التوجه نحو الغرفة الأخرى لتفتيشها والخروج فورًا بَعدَ أن حدثت هارونا قائلة:-

«لا يوجد شيء، ظننتكِ دخلتي المنزل الذي أنا فيه فقط.»

سارت نحو الغرفة الثانية، وبينما هي تسير رفعت ناظريها نحو باب المنزل المفتوح على وسعهِ، وبقيت تُحدق فيهِ بصمتٍ وشردت قليلًا تتفكر بماذا قد يوجد بالمنزل مثلًا غير حيوانٍ ما. أكملت سيرها وعيناها على الباب وقد زالَ الخوف منها ولكن لا زال شعورها بوجودِ شيئًا غريبٍ حاضر، ولكنها تجاهلت.

وبينما هي تسير نحو باب الغرفة وقبل أن تصل له، نظرت مجددًا لحيث باب المنزل وبالتحديد خَلفهُ حيث يبان من عند موقفها هذا ما يوجد خلفه، لتتسمر بمكانها وتشهق فزعًا واضعةً يديها على فمها والرعب اكتسح معالم وجهها من رؤية رجلٍ ضخم حاد الملامح، ذو نُدباتٍ على وجههِ يقف شامخًا بطولهِ خلف الباب وأنظاره الحادة تكاد تثقبها.

•-•-•-•-•-•-•-

تم التعديل الشامل وإعادة السرد.
٢٠٢٢/٨/١٩

الجمعة ١:٥٠ ص

Continue Reading

You'll Also Like

23.2K 2.5K 6
فتاة مسلمة تعيش في بلاد عربية وبنمط روتيني ، تجد نفسها بين ليلة وضحاها إبنة أكبر العائلات في كوريا وأخت أشهر أيدول من أشهر الفرق الكورية ، مين يونقي...
184K 5.6K 21
| مكتَملة.. قيدَ التعدِيل |. ما الذِي ستعيشُه تيانَا عندَ إنتقالهَا لعالمٍ آخرٍ؟، عندمَا تدركُ أنّها كانَت جزءاً منهُ وأنّها ذاتُ تأثير؟. كيفَ ستستَم...
218K 19.3K 96
عامان كاملان لم يعشهما غيره! حبيبة رقيقة لا يعرفها احد سواه! قالوا له هلوسات ولكن هل للهلوسة ان تترك في يده مايراه الجميع؟! قصة تدور بين الواقع وال...
768K 44.8K 50
هي الأفضل لكنها الأسوأ إنها مثالية لكن متناقضة هي جيدة لكن الظلام داخلها هي ألفا قوية ولن تقبل سوى بالفا يستطيع مجاراتها رفضت البحث عنه خشية أن تض...