Evanglin | H.S

By DounniiaKhaaled

48.4K 4.2K 1.6K

"يَضِيقُ بِكَ العَالَم ويَتَّسِعُ لكَ فى قَلبِ شَخصٍ واحِدٍ". More

Introduction.
الفَصلُ الأوَّل.
الفَصلُ الثَّانى.
الفَصلُ الثَّالِث.
الفَصلُ الرَّابِع.
الفَصلُ الخَامِس.
الفَصلُ السَّادِس.
الفَصلُ السَّابِع.
الفَصلُ الثَّامِن.
الفَصلُ التَّاسِع.
الفَصلُ العَاشِر.
Note.
Characters
الفَصلُ الحَادى عَشر.
الفَصلُ الثَّانى عَشر.
الفَصلُ الثَّالِث عَشر.
الفَصلُ الرَّابِع عَشر.
الفَصلُ الخَامِس عَشر.
الفَصلُ السَّادِس عَشر.
الفَصلُ السَّابِع عَشر.
الفَصلُ الثَّامِن عَشر.
الفَصلُ التَّاسِع عَشر.
الفَصلُ العِشرُون.
Note.
الفَصلُ الوَاحِد والعِشرُون.
الفَصلُ الثَّانى والعِشرُون.
الفَصلُ الثَّالِث والعِشرُون.
الفَصلُ الرَّابِع والعِشرُون.
الفَصلُ الخَامِس والعِشرُون.
الفَصلُ السَّادِس والعِشرُون.
HELP!!
الفَصلُ السَّابِع والعِشرُون.
New Story.
الفَصلُ الثَّامِن والعِشرُون.
الفَصلُ التَّاسِع والعِشرُون.
الفَصلُ الثَّلاثُون.
الفَصلُ الوَاحِدُ والثَّلاثُون.
الفَصلُ الثَّانِى والثَّلاثُون.
الفَصلُ الثَّالِث والثَّلاثُون.
الفَصلُ الرَّابِع والثَّلاثُون.
الفَصلُ الخَامِس والثَّلاثُون.
الفَصلُ السَّادِس والثَّلاثُون.
الفَصلُ السَّابِع والثَّلاثُون.
الفَصلُ التَّاسِع والثَّلاثُون.
الفَصلُ الأربَعُون.

الفَصلُ الثَّامِن والثَّلاثُون.

407 32 11
By DounniiaKhaaled

تَذكِيرٌ قَبلَ القِرَاءَة..
يَ رَبِّ إنِّى قَد مَسَّنى الضُّرُّ وأنتَ أرحَمُ الرَّاحِمين.

* * * * * * * * * *

"وأَخيرًا انتَهينَا."
نَطقَت بيري وهِي تَزفُر ليَنظُرَ لهَا كُلٌّ مِن إيڤانچلين وشيريل باستِفهَامٍ..

"بيري عَزيزَتي، نَحنُ انتَهينَا أمَّا أنتِ فلَم تَتحرَّكِي مُنذُ ثَلاثِ سَاعَاتٍ." رَدَّت شيريل بسَخطٍ لتُؤيِّدُهَا إيڤانچلين "ويُستَحسَن ألَّا تُسمِعينَا صَوتَكِ لنِهَايَةِ الأُمسِيَّة.. مُؤخِّرتُكِ تَشتَكي ألمًا مِن كَثرَة الجُلوسِ."

"أتَحَالفتُمَا ضِدِّي الآن؟ لا تَظُنَّا أنَّ هَذَا الطِّفلَ بمَعِدَتي سيمنَعني مِن رَكلِكُمَا للخَارِج.. عَديمَتَا النَّفعِ." صَاحَت بنِهَايَةِ الحَديثِ ليُديرَا أعيُنهُمَا ويُكمِلاَ مَا يَفعَلانِه ليَدلُفَ إليهَا زين وتَبدَأ دُمُوعُ تَماسِيحِهَا في الظُّهُورِ بكَم هِي تُعَامَل بقَسوَةٍ في هَذَا المَنزِل.

"سَأُعِدُّ بِسكُويتًا بقِطَعِ الشُّوكُولا وأنتِ جَهِّزي المَائِدَة بالخَارِج رَيثَمَا أنتَهِي، حَسنًا؟" سألتَ إيڤانچلين شيريل بأدَبٍ لتُوَافِقهَا وتَدلُفَ خَارِجِ المَطبَخ.

اليَومُ هُو آخِرُ يَومٍ فِي السَّنَة، السَّنَة التِي حَمَلت الكَثيرَ بَينَ خَبَايَاهَا، كَيفَ لعَامٍ وَاحِدٍ أن يُغَيِّرَ كُلَّ شَئٍ؟ الأيَّام تَمُرُّ بشَكلٍ مُرعِب لتَجعَل حَياتَك وكَأنَّهَا مُجرَّدُ غَفوَةٍ قَد استَيقَظتَ مِنهَا لتَوِّك، لا تُدرِك تُغَيُّرَاتِ شَخصِيَّتِك ونُضجَ تَفكيرَك بمُرورِ الوَقتِ، لا تَشعُر بألَمِ فَقدِ شَخصٍ عَزيزٍ عَليك إلَّا عِندَمَا تَنظُر بتَارِيخِ اليَومِ وتَجِدَ أنَّهُ قَد مَرَّ أشهُرٌ عِدَّةٌ عَلى فِرَاقِكُمَا، كَيفَ لشَخصٍ كَانَ كظِلِّك أن يُصبِحَ غَريبًا عَنك بلَحظَةٍ؟ مَن  قَضَيتَ مَعهُ عِيدُ مَولِدك السَّابِق وهَا أنت تُطفِئ شَمعَ مَولِدك الحَالي وهُو ليسَ بجَانِبك.. عَلى الجَانِب الآخَرِ -الجَيِّد- لمُرُورِ الوَقتِ بِسُرعَةٍ هُو وُقُوعُك لشَخصٍ مَا، أتَحَدَّى أيَّ أحَدٍ أن يَعلَم مَتَى وَقعَ لحَبيبهِ تَحدِيدًا، أنتَ فقَط بمُنتَصَفِ عَصرِ يَومٍ مَا تَجِدُ نَفسَك تُحِبُّه، مَتَى كَيفَ ولِمَاذَا لَن تَعلَم؛ الشَئُ الوَحيدُ الذي تَعلَمهُ هُو أنَّ قَلبَكَ يَنبُضُ لَه بدُونِ سَابِق إنذَارٍ..

"بمَاذَا تُفَكِّرين؟" قَطعَ تَفكِيرَهَا بذِرَاعَين إلتَفَّا حَول خِصرَهَا ليَبتَسِمَ ثَغرُهَا فَورًا.. "بِك." اختَصرَت الإجَابَة كَثيرًا لكِن هَذَا الرَّدُّ كَان كَافِيًا لبَثِّ شُعُورِ الدِّفءِ لقَلبهِ.

"بمَاذَا تَحديدًا؟" سَألَ وهُو يَميلُ برَأسهِ عَلى كَتِفهَا "بـ كَيفَ للمَرءِ أن يَقَعَ بحُبِّ أحدَهُم وهُو لا يَشعُر." رَدَّت بَينَمَا لازَالت مُنشَغِلة بتَحضيرِ وَصفَة البسكُويت.

"اممم، لا أظُن، فأنَا أعلَمُ مَتَى أحبَبتُكِ." نَطقَ ببسَاطَةٍ لتَترُك مَا بيَدِهَا وتَنظُر لَهُ مُستَفهِمَةً "حَقًا؟ مَتى؟"

"ذَاك اليَومُ بالمَشفَى، عِندَمَا رَأيتُكِ خَائِفَةً مِن ليام قَبلَ أن تَعلَمي أنَّهُ أخِيكِ، شَعرتُ أنَّني مَسئُولٌ عَنكِ بطَريقَةٍ مَا، ويَجِبُ عَليَّ أن أُطَمئِنُكِ وأحمَيكِ مِن أي شَئٍ." قَالَ بهُدِوءٍ نَاظِرًا لعَينَيهَا التِي كَانَت تَحمِلُ أكثَر نَظرَةِ حُبٍّ عَلى الإطلاقِ.

"لِمَ تَضحَكين؟" سَألهَا باستِيَاءٍ عِدَمَا عَادَت لمَا كانَت تَفعَلهُ بدُونِ الرَّدَّ عَليهِ وأيضًا تُقَهقِه "ستَسخَرُ مِنِّي." "لن أفعَل، هَيَّا أخبرِيني."

"لأنَّني وَقعتُ بحُبِّك مُنذُ أوَّلَ مَرَّةٍ رَأيتُك بهَا." رَدَّت وهِي تُقَهقِه ونَظرَت لهُ ثُمَّ استَطرَدَت "عِندَمَا لَم تَلتَفِت لي حَتَّى وبصَقتَ جُملَتك بوَجهِي 'إلتَقطِ صُورَة فهِي تَدُوم' ." خَرَّت ضَاحِكَةً وهِي تُقَلِّد صَوتَه حِينَهَا مُتَذَكِّرَةً هَذا اليَوم "واللَّعنَة هاري، أنت وَقِح." تَحوَّلت فَجأة لغَضَبٍ طَفيفِ ليُقَهقِه هُو عَالمًا أنَّهَا عَلى حَقِّ.

"وعِندَمَا صَرخت بوَجهِي وجَعَلتَني أكسِرُ ذَاك الشَّئِ بغُرفَتِك، وباليَومِ التَّالي في المَمَرِّ كُنت عَلى وَشكِ اقتِلاعِ رَأسي مِن جُذُورِه وأنت لا تَعرِفُني أصلًا، وأيضًا يَومَ الزُّقَاقِ عِندَمَا كِدتَّ تَقتُل شَخصًا مَا وأنا كُنتُ هُنَاك؛ أُقسِم لقَد كُنت عَلى وَشكِ أن أُبَلِّلُ سِروَالي مِن الخَوفِ حَينَهَا.. إلهِي أنت كُنت تُعَانِي مِن مَشَاكِل نَفسيَّة لا مَحَالة." كَانَت تَتحَدَّث بانفِعَالٍ وكَأنَّهَا تُعيدُ عَيشَ المَشَاهِد برَأسِهَا.

"أقَرَّرتي أن تَتذَكَّرين كُلَّ هَذَا فَجأةً وتَنقَلبين عَليَّ؟ برَبِّكِ إيڤ.." قَالَ بَعدَمَا صَفعَت يَدَهُ مِن عَلى خِصرِهَا بدُونِ سَبَبٍ "كَيفَ تَجَرَّأت عَلى فِعلِ كُلِّ هَذَا بِي وبقَلبي؟ عَديمُ الإحسَاسِ." نَظرَت له مِن أسفَله لأعلاه وتَركَتهُ وحَمَلت صَحنَ البسكُويت لتَضعَه في الفُرنِ وهِي غَاضِبَةٌ بالفِعلِ.

"ألَم أفعَل شَيئًا وَاحِدًا حَتَّى أسعَدَكِ؟" سألَ مُقَوِّسًا شَفتَيه بفُقدَانِ أمَلٍ لرَفضِهَا مُحَادَثَتَه؛ وظَنَّت لوَهلَةٍ أنَّهُ لطيفٌ.. "بَلى، لقَد فعَلت الكَثيرَ صِدقًا." رَدَّت بابتِسَامَةٍ طَفيفَة ليَتنَهَّد شَاكِرًا الرَّب.

"لكِن أوَتَعلمين؟ أنا شَاكِرٌ لكُلِّ لحظَةٍ جَمَعتني بِكِ.. سَوَاءَ كانَت جَيِّدَة أم لا لكِنَّهَا وَجَّهتني بالأخيرِ لأكُونَ برِفقَتِكِ؛ نَحو سَعَادَتي والتِي لم تَكُن لتَكتَمِلَ إلَّا بوُجُودِكِ." قالَ بصدقٍ لتَعُضَّ عَلى شَفتَيهَا بَاسِمَةً ثُمَّ فَجأةً تَذَكَّرَت غَضبَهَا وعَادَت لدَفعِه بَعيدًا ليَلعَن تَحتَ أنفَاسِه عَالِمًا أنَّ اللَّيلَة ستَطُول.

* * * * * * * *

"هِي زين، أين ليام؟" سَألَ نايل ليُجيبَه زين وهُو مُنشَغِلٌ بتَرتيبِ الكَرَاسِي والطَّاوِلات في الحَديقَة الأمَامِيَّة "خَرجَ مُنذُ سَاعَتين هَذَا الأحمَق مُتَهَرِّبًا مِن مُسَاعَدتِي."

همهم نايل بهُدُوءٍ وهُو يَعبَث بالعُشبِ أسفَلَ قَدَمهِ، ثُمَّ صَدحَ صَوتُ هِتَافِ أحَدَهُم "أُوي أُوي" ، كَان هَذَا لُوي وهُو رَافِعٌ ذِرَاعَاه لأعلى ليَهرُع إليه كُلُّ مَن بالمَنزِل لاحتِضَانِه.

"كُنتُ سَأحضِرُ المَشرُوبَات وآتي أنَا وزين للمَشفَى ونُقيمُ احتَفالًا هُناك لأجلِك." قَالَ نايل ليُوَافِقَه زين بسُرعَة وهُو يَهمِس "وكُنَّا سَنُحضِرُ لك نِساءًا أيضًا، مَشرُوباتٌ ونِسَاء." غَمزَ بالأخيرِ ليَنظُر لَهُ لُوي باستِفهَامٍ "أترَى فِيَّ صِحَّةً لرَكلِك حَتَّى؟"

"لَم يَكُن اليَوم ليَكتَمِلَ بدُونَك." كَانت تِلك بيري بَعدَمَا حَلَّت العِنَاق ليُقَبِّل مَعِدَتهَا وهُو عَلى الكُرسيِّ المُتحَرِّك "اشتَقتُ لكُمَا."

"أين عِنَاقِي؟" سَألت إيڤانچلين وهِي تَحتَضِنُه بالفِعل ليَنظُر لهاري بِخُبثٍ مُتَحَدِّثًا "عِنَاقِي مُتَاحٌ لَكِ خِصِّيصًا، عَزيزَتي."

ابتَسَمَ هاري بهُدُوءٍ وخَطى نَاحِيَتَه "سأحرِص عَلى خَلعِ ذِرَاعَيك مِن مَكانِهمَا ودَفنِهمَا بجَانِب مَقبَرتِك لا تَقلَق، شُفيت لُوي." هَمَس بجَانِب أذُن لُوي بصَوتٍ اقشَعرَّ لَه بَدنُه ليَضرِب برُكبَتهِ مَا بَين قَدميِّ هاري لكِن بخِفَّةٍ حَتَّى لا يُثيرَ الأنظَارَ ويتَأوَّه هاري بانكِتَامٍ مِن الألم "وأنَا سَأقطَعُ نَسلَك."

"كُلُّ هَذا التَّرحِيبِ بـ لُوي لكِن لا شُكرًا لـ ليام الذي أحضَرَهُ أصلًا؟" سَأل ليام بإحبَاطٍ لتَحتَضِنَه شيريل مِن الجَانِب وهِي تُتَمتِم بـ "شُكرًا لَك، عَزيزي." يَليهَا جَميعهُم وكَأنَهُم لاحَظُوا أخيرًا، ثُمَّ عَادَ كُلُّ وَاحِدٍ لِمَا يَفعَله.

"هاري، عَامِلهُ جَيِّدًا لأجلي." نَطقَت إيڤانچلين بجَانِب هاري ليَنظُرَ لهَا مُستَفهِمًا "مَن؟" لَم تُجِبه واتَّجهت للضَيفَين الذي مَا إن رَآه حَتَّى حَلَّ عَليهِ غَضَبُ الرَّبِّ.

"رِفَاق، هؤلاءُ هُمَا آيزَاك وكُورتِني." بَدَأت إيڤانچلين بتَعرِيفِهمَا إلى الجَميعِ وقَد لاقَيَا تَرحِيبًا جَيِّدًا لتَبتَسِمَ إيڤانچلين برِضًا.

"مِن أين تَعرِفيهِمَا؟" سَألَها ليام بخُفُوتٍ لتَنظُرَ لَهُ بنِصفِ عَينٍ "سامَانثا هي مَن تَعرِفهُم." نَطقَت بهَذَا ليُتَمتِمَ ليام بـ إلهي ثُمَّ تَرَكَتهُ وذَهبَت تِجَاه هاري تَسحَبه مَعهَا.

"لا تَفعَلي مَا أظُنُّكِ سَتَفعَلينَه وإلَّا سيُلملِم بَقَايَا أسنَانِهِ مِن الأرضِ." صَرَّ هاري عَلى فَكِّه بغَضَبٍ لتَتَجَاهَلهُ وتَقِفَ أمَامَ آيزاك ليَبدَأ الشَّرَار بَين عَينَيهمَا.

"أظُنُّكمَا لَم تَتعَارفَا بشَكلٍ لائِق؛ هَذَا آيزَاك صَديقي، وهَذَا هاري حَبيبي." نَطقَت ببسَاطَةٍ مُمسِكَة بيَدِ هاري المُتشَنِّجَة والتي لانَت فَورَ إنتِهائْهَا مِن الحَديثِ.

"تَليقَان ببَعضِكُمَا." بَدَأ آيزَاك التَّحَدُّث عَالِمًا مَا تُريدُ إيڤانچلين الوُصُولَ إليهِ لتَبتَسِمَ بوِدٍّ.. "شُكرًا لَك." صَافَحَه هاري بهُدُوءٍ وابتِسَامَة بَسيطَة ثُمَّ انخَرَطوا جَميعًا في الأحَادِيثِ العَشوَائِيَّة.

-١١:٥٩-

"هَيَّا تَجمَّعُوا، تَبَقَّت دَقيقَةٌ وَاحِدَة."

وَقفَ كُلُّ مِنهُم يَنظُر للسَّمَاءِ بآخِر دَقيقَةٍ في العَام، كُلٌّ يَحمِل بدَاخِله ذِكرَيَات العَامَ السَّابِق وأُمنيَّات الحَاضِر.. لطَالمَا كَانت البِدَايَات تَحمِلُ في طَيَّاتِهَا الأمَل، الأمَلُ لتَخطِّي المَاضي وللبَدءِ مِن جَديدِ، مَعرِفَةُ أنَّ مَع كُلِّ نِهَايَة ألَم وحُزنٍ؛ هُنَالِك بِدَايَة تَنتَظِرهُم لتَعويضِهم عَمَّا فَقدُوه.

فـ لكُلِّ مِنهُم مَا يُؤثِّر بهِ في تِلك اللَّحظَةِ تَحديدًا، سَواء كان تَأثيرًا جَيِّدًا لعَامٍ أفضَل؛ أو سَيئًا لمَا آلت إليه الأُمورُ.

إيڤانچلين، يُعَادُ بذَاكِرَتِهَا نَفسُ اليَومِ بالعَامِ المَاضِي؛ عِندَمَا كَانَت بشُرفَةِ مَنزِلهَا تَبكِي وِحدَتِهَا، أمَّا الآن فهي بَين أصدِقَائِهَا وأخيهَا وأيضًا حَبيبها؛ لَم يَخطُر ببالهَا أبدًا أنَّ بِضعَة شُهُورٍ قَادِرَة عَلى تَغييرِ حَيَاتِهَا بتِلك السُّرعَة، لذَا هِي شَاكِرَةٌ لكُلِّ ألَمٍ قَد مَرَّت بهِ ليُوصِلهَا لمَا هِي عَليهِ الآن.

نايل، شُعُورٌ مُوحِشٌ دَاخِله عَلى فُقدَانِه لحُبِّهِ، انكِسَارِه أمَام سَعَادَتِهَا مَع غَيرِه تُثيرُ غَيرَتَهُ وحِقدِه عَليه، فُتَاتُ قَلبه يَتنَاثَرُ ولا يُوجَد مَن يُلَملِم بَقَايَا جَرحِه.. لِذَا النِّهَايُةُ مِن وِجهَةِ نَظَرهِ غَير عَادِلَةٍ بالمَرَّة.

هاري، كمَن يَتنَفَّسُ الصَّعدَاءَ بَعدَ العَدوِ لسنينٍ، وَجَدَ ضَالَّته بَعدَ فَقدٍ خَلَّفَ ورَاءَه نَزيفًا لَم يَلتئِم بَعد؛ لكِن هِي قَد شَفَيته وأتمَمَت مَا عَجزَ عَنه الكَثير، وَجدَ سَببًا يَعيشُ لأجله وبدَايَته أصبَحت كُلُّ مَا يَسعَى إليه مادَام بجَانِبهَا.

زين وبيري، لَم يَتوَقَّعَا أن تُكَافِئهُمَا الحَيَاةُ أخيرًا؛ لذَا يَريَان المُستَقبَلَ بعَينَين طِفلٍ تَحرَّقُوا شَوقًا للقَائِه بَعدَ طُولِ حِرمَانٍ.

لُوي، مَشاعِرٌ مُتَخَبِّطَةٌ دَاخِله تَرفُض الظُّهُورَ، بدَايَة العَامِ مَع نِهَايَة حَيَاتِهِ أوشكَت عَلى البَدءِ.. لكِن لنَكُونَ صَريحين؛ فَقدُ ليليان أشَدُّ عَليهِ مِن مَرَضهِ، ولن يَترُك الحَيَاة قَبل أن يُعيدَهَا لقَلبهِ مُجَدَّدًا.

ليام، طَوالَ عُمرِه وهُو يَحمِلُ هَمًّا عَلى عَاتِقَيهِ لذَا هَذهِ اللَّحظَة لا تُشَكِّلُ لَهُ فَارِقًا؛ سِوَى إضَافَة شيريل لَمسَتِهَا الحَنُونَة عَليه، وهُو شَاكِرٌ لهَذَا كَثيرًا.

خَمسَة..
أربَعَة..
ثَلاثَة..
اثنَان..
وَاحِد..

انفَجَرت المُفَرقِعَات عَاليًا في السَّمَاءِ بألوَانِهَا المُبهِجَة؛ مُبَشِّرَةً بحُلولِ العَامِ الجَديدِ.

ثَلاثَةٌُ مِنهُم قَد استَقبلُوه بتَقبيلِ حَبيبَاتِهم، إثنَين مَنَعهُمَا الإعتِرَاف لبَعضِهمَا، وَاحِدٌ تَمَنَّى لو كَانَت حَبيبَتهُ مَعه، والأخيرُ نَظرَاتِ الحِقدِ والحُزنِ مَلأت قَلبَه..

* * * * * * * *

بَعدَ تَبَادُل التَّهَانِي وتَنَاوُل العَشَاءِ كَانَ نايل مُستَنِدًا عَلى عَمُودٍ خَشَبِيٍّ في الحَديقَة يَديهِ بجُيوبِ بِنطَالهِ، زين وبيري يَتحَدَّثا مَع كُورتني، لُوي وجَد آيزاك رَفيقَه بهَذِه الأمسِيَّة بَينَمَا إيڤانچلين وهاري يَقِفَان سَويًّا بَعيدًا عَنهُم بِقَليلٍ.

"سَأذهَب لمُهَاتَفَةِ أبي." أخبرَت شيريل ليام الذي أومَأ لهَا مُقَبِّلًا رَأسَهَا لتَترُكه ويَذهَب هُو باتِّجَاه نايل ليَعبَث بشَعرِه ويُضَايقه.

"مَابك اليَوم؟ هَادِئٌ كَثيرًا." سَأل ليام ليَرفَع نايل كَتِفَيه بلامُبَالاة مُجيبًا "لا شَئ، أنَا بخَيرٍ كمَا تَرى." حَوَّلَ ليام بصَرَه لاتِّجَاهِ نَظَرِ نايل ليَجِدَ إيڤانچلين تَبتَسِم بوُسعٍ وهاري يُقبِّل جَبينَهَا.. هَمهَمة ساخِرَة خَرجَت مِن بَين شَفتَيِّ نايل ليَتنَهَّد ليام وَاضِعًا كَفَّه عَلى كَتفهِ لمُوَاسَاتِه "آسِف يا رَجُل."

ابتَسَم نايل بوَهنٍ ثُمَّ لمَحَ شيريل تُلوِّح ليُشيرَ ناحِيتَهَا ويَذهَب لهَا ليام، وَقَف وَحدَه مُجَدَّدًا لكِن إيڤانچلين لَم تَكُن بمَكانِهَا؛ دَحرَجَ بصَرَهُ هُنَا وهُنَاك ليَجدَ هاري عِندَ الطَاوِلَة بيَدهِ مَشرُوبٌ ويتَحَدَّث بالهَاتِف..

"هِي."
فَاجَأتهُ إيڤانچلين بجَانِبهِ لتَرتَسِمَ الابتِسَامَة عَلى شَفتَيه سَريعًا مُجِيبًا عَليهَا التَّحِيَّة.. "تَبدِين فَاتِنَة." استَطرَد حَديثَهُ لتَخجَل ووَدَّ بتِلك اللَّحظَة أن يَتوَقَّف العَالَم عَن الدَّورَان ليُقبِّلَهَا ولَو قُبلَة وَاحِدَة.

"كُنتُ أوَدُّ لَو تُحضِر چوسلين لتَقضِيَ مَعنَا اليَوم، أيضًا.. أُريدُ التَّعَرُّفَ عَليهَا." بَدَأت بَعدَ دَقيقَتَين مِن الصَّمتِ ليَرمِشَ نايل مُهَمهِمًا "سَأُحَادِثُهَا بَعدَ قَليلٍ لنَرَى إن أمكَنَهَا المَجئُ اللَّيلَة." رَدَّ بهُدُوءٍ لتُومِئُ لَهُ.

وكَانَ عَلى الحَديثِ أن يَنتَهِي عِندَ ذَلِك إلَّا أنَّهُ لَم يَستَطِع مَنعَ نَفسَهُ مِن السُؤالِ.. "أَأنتِ سَعيدَة، إيڤانچلين؟ أيَمنَحُكِ مَا تَستَحِقِّينَهُ؟"

تَفَاجَئت هِي مِن السُؤالِ ونَبرَتهِ وطَريقَتَهِ وكُلِّ شَيءٍ لدَرجَةِ أنَّهَا كَانَت تَنظُر لَهُ صَامِتَةً لعِدَّةِ دَقَائِقٍ، لا شَئ بعَقلِهَا سِوَى رَبطِ الأحدَاثِ والمَوَاقِفِ بكَم مَرَّةٍ دَفعَهَا نايل للتَفكيرِ والشَّكِّ؛ فَتحِهِ لأبوَابٍ مُنغَلِقَة لَم تَعلَم بوُجُودِهَا أصلًا، وكُلُّ هَذَا يَقُودُهَا بتَأثيرهِ عَليهَا أنَّ هاري ليسَ جَيِّدًا لها.

"نَعَم نايل، أنَا سَعيدَة لأبعَدِ مَدَى.. هَل تُريدُ عَكس ذَلِك؟" رَدَّت مُؤنِّبَةً ليَزُمَّ شَفَتيهِ مُتَمتِمًا بـ "بالطَّبعِ لا، هَذَا جَيِّد." ونَظرَ بَعيدًا عَنهَا لتَعقِدَ ذِرَاعَيهَا.

"لا، ليس جَيِّدًا حَسنًا؟ أنت تُريدُ أن أُخبِرك أنَّني أسَأتُ الإختيَار، تُريدُ إقنَاعِي بأن هاري ليسَ الشَّخصَ المُناسِبَ لي." انفَعلَت بغَضَبٍ ليَنظُرَ لهَا بلا تَعَابيرٍ "لا، أنتِ مُخطِئَة، أرَدتُّ فقَط الإطمِئنَان عَليكِ."

"تَوَقَّف نايل، أرجُوك تَوَقَّف عَن جَعلي أشعُر بالذَّنبِ تِجَاهَك، أنت أخبَرتَني أنَّك ستَتخَطَّى الأمرَ؛ أنَّك تُريدُني أن أُصبِحَ سَعيدَة فقَط ولن تَقِفَ عَائِقًا بطرِيقِي.. مَاذا حَدثَ لكُلِّ هَذَا الآن؟" تَحدَّثَت بحُزنٍ ليَرمُقهَا بأكثَرِ نَظرَةِ غَضَبٍ وُجِدَت..

"وأتظَنِّين أنتِ أنَّه بالسَّهلِ عَليَّ أن أرَاكِ مَعَه؟ نَعم أخبَرتُكِ أنَّني لن أصبِحَ عَائِقًا لكِ وكُلَّ هَذَا الهَرَاءِ لكِن قَلبي الغَبيُّ مَازَال يَنبُض لأجلِكِ؛ أخبرِيني بطَريقَةٍ لأجعَلهُ لا يَشتَعِل دَاخِلي عِندَمَا يَقتَرِبُ مِنكِ، كَيفَ أتَصَدَّى لرَغبَتي في تَحطيمِ وَجهه وأنَا أرَاه يُقَبِّلُكِ؟ لقَد حَاوَلت التَّعَايُشَ مَع الأمرِ الوَاقِع لكِنَّني فقَط لا أستَطيع.." انكسَرَ صَوتُه في الأخيرِ وتنَفَّس بحِدَّةٍ ثُمَّ تَركَهَا ودلَفَ لدَاخِل المَنزِل؛ وهيَ في حَالَةِ تأنيبِ ضَميرٍ لَم يَسبِقَ لهَا الشُّعُورُ بهَا أبَدًا.

* * * * * * * *

في الدَّاخِل حَيثُ اجتَمعُوا مُجَدَّدًا بنِهَايَةِ سَهرَتهِم، أصوَاتهُم مُتعَاليَة بالحَديثِ والضَّحِكَات؛ عَدَا اثنَين فقَط..

"أَأنتِ بخَيرٍ؟" سَألهَا هاري بنَبرَةٍ مُهتَمَّة كَونُهَا صَامِتَة مُنذُ مُدَّة ومَلامِحُهَا سَاقِطَة "نَعم." ابتَسمَت لَه بخِفَّةٍ لكِنَّه لَم يُصَدِّقهَا عَلى أيَّةِ حَالٍ.

"سَينكَسِرُ الكَأسُ مِن شِدَّةِ غَضَبك، مَا بِك؟" كَان هذَا زين و كَأنَّه أفَاقَ نايل مِن أفكَارِه والتِي تَضمَّنت تَعذيبَ هاري بعِشرين طَريقَةٍ مُختَلِفَة.

زَفرَ نايل بحِدَّةٍ ووَجهه مِحمرٌّ مِن عَصَبيَّتِه، وَضعَ الكَأسَ عَلى المِنضَدَةِ ونَهضَ للخَارِج صَافِعًا البَابَ خَلفَه ليَجذِبَ انتبَاه شَخصَين، إيڤانچلين و ليام الذي نَظرَ لزين مُستَفهِمًا ليَرفَع زين كَتفَيهِ بمَعنَى لا أعلَم.

"سَأُحضِر مَزيدًا مِن المَشرُوبَات." أخبَرت إيڤانچلين هاري الجَالس بجَانِبهَا ليُومِئ لهَا نَاظِرًا لهَاتِفه الذِي تَلَقَّى رِسَالَةً مِن ستيڤ للتَوِّ؛ مُحتَواها: الهَديَّة في الطَّريقِ.. وصِدقًا؛ هُو يَشعُر أنَّ هُنَالِك شَيئًا مُرَوِّعًا عَلى وَشكِ الحُدُوثِ.

نَهضَت إيڤانچلين لتَلحَقَ بهَا بيري مُسرِعَة، وَقفَا سَويًّا لتَبدَأ "أرَأيتِ نايل؟ إنَّه يَشتَعِل غَضبًا إيڤانچلين.. أنَا لا أُريدُ رُؤيتَه بهَذه الحَالة." تَنهَّدت إيڤانچلين بصَوتٍ مَسمُوعٍ وهِي عَلى حَافَّةِ البُكَاء "لا تُشعِرينِي بالذَّنبِ أنتِ أيضًا بيري، نَايل كَافِيًا جِدًا عَليَّ وهُو يرَانِي كَاسِرَةُ قَلبِه."

"هُو حَقًا مَجرُوحٌ..-" لَم تَدعهَا تُكمِل حَديثَهَا وضَربَت برَاحَةِ يَدَهَا عَلى المِنضَدَة الرُّخَامِيَّة "ومَاذَا تُريدِين مِنِّي أن أفعَل؟ وهَل نَحن مَن نتَحَكَّم بقُلُوبِنَا؟ لَم أستَطِع أن أُحِبَّه بتِلك الطَّريقَة بيري؛ لَم أستَطِع.. قَلبي وَقعَ لهَارِي ولا أَحَدٌ سِوَاه، عَليهِ أن يَتقَبَّل هَذَا الأمرَ بأيَّةِ طَريقَة ويتَوقَّف عَن أفعَاله تِلك." كَانَت مُنفَعِلَةً بشِدَّة وترَقرَقَت عَينَيها بالدُّمُوعِ لتَمسَحهَا سَريعًا، بَينمَا بيري لَم تَتفَوَّه بحَرفٍ.

"هَيَّا لنُخرُجَ مِن هُنَا." تَمتَمَت إيڤانچلين سَريعًا وخَرَجت إلي حَيثُ التَّجَمُّع، نظرَت لهَارِي يَقِفُ عَلى مَقرُبَةً مِن البَابِ وبيَدهِ هَاتِفَه، ثُمَّ رَأت نايل قَد عَادَ وجَلسَ بجَانِب ليام فتَجَاهَلته وكَادَت عَلى وَشكِ الجُلُوسِ؛ عِندَمَا صَدحَ جَرسُ المَنزِل ليَفتَحهُ هاري بلا اهتِمَامٍ.

تَوَقَّفت حَوَاسُ إيڤانچلين عَن العَمَلِ تَمَامًا وسَقطَ جَسدُهَا بوَهنٍ عِندَمَا رَأت فَتَاةً مَا قَد دلفَت للمَنزِل وأوَّل مَا فَعَلته هُو تَقبيلُ هاري عَلى شَفتَيهِ.. ومَا كَان أشَدُّ صَعقًا مِن هَذَا هُو أنَّه لَم يُبعِدهَا.

Continue Reading

You'll Also Like

33.5K 4.1K 12
"مِن مَن تهرب القطة الصغيرة؟" توقفت لوڤينا عن السير لتنظر خلفها بحدة عندما تقابلت عينيها مع أعين إبن جيون و الذي يكون من العائلة المعادية لعائلتها عا...
22.8K 1.8K 27
يمكن لبارك جيمين أن يقول بصدق أنّه في أسفل القاع عندما يتعلّق الأمر بالحظّ في الحياة. فعندما يعتقد أن حظه لا يمكن أن يزداد سوءًا، يقع في عمليّة سطو ع...
40.5K 948 2
- كل شيء برفقتك لا أريده أن ينتهي 𝒆𝒗𝒆𝒓𝒚𝒕𝒉𝒊𝒏𝒈 𝒘𝒊𝒕𝒉 𝒚𝒐𝒖 𝒊 𝒅𝒐𝒏'𝒕 𝒘𝒂𝒏𝒕 𝒊𝒕 𝒕𝒐 𝒆𝒏𝒅 - عندما لا تعرف إلى أين تذهب ، إتجه نحو...
27.6K 1.6K 26
لم يكن جونغكوك يتوقع أن يعمل بشكل حصري لبارك جيمين، وريث إمبراطورية بارك، إلى جانب حراسه الشخصيين الآخرين المعروفين بأنهم لا يقلّون عن جيمين في القسو...