غابة إيلين

Od dee--dee

42.9K 3K 1.4K

حدثتني جدتي يومًا ما، أن كل تلك الغابات المهجورة، و الجبال ذات القمم الخضراء أو القبعات الثلجية ، و الأماكن... Více

مقدمة
1- رذاذ مضيء
3- قطار الصحراء السريع
4- كوارتز، العاصمة
5- الغابة الحقيقية
6- الغول
7- جومين و نامين
8- أقزام المدينة
9- السيدة الزرقاء
10- زنبقة سوداء
11- إيليـن
12- جنيات صغيرات
13- السهم الفضي
14- ساحر صغير
15- جندي مجهول
16- أحلام و أماني
17- التبر في الأفق
18- فوستر
سنراقب النجوم معا

2- السيد توماس

2.4K 170 126
Od dee--dee

في صباح ذلك اليوم، إستيقظ سوير و جميع من في المنزل على بكاء لينيريا.

نزل سوير و سارة السلالم بسرعة و فزع،
فستان سارة الطويل و بيجامة سوير الواسعة، مع شعورهما المنفوشة كالقطن و أعينهم الغائرة إثر النوم، كانا ليفزعا أي شخص.

كانا يسمعان أصواتًا مختلفة، منها والدتهم، الجدة و صوت آخر يتوعد،
عند وصولهما للصالة حيث الباب على مرمى النظر شاهدا لينيريا تختبيء في أحضان الجدة و هي تبكي، بينما آنا تتبادل الكلمات مع رجل ما و يبدو لهما أنها على وشك ضربه من شدة غضبها،

قالت آنا بينما ترفع سبابتها مهددة :
- إياك ثم إياك أن تلمس أطفالي مجددًا يا توماس!
تضرب لينيريا لأنها قامت بلمس سيارتك؟!
من تظن نفسك؟!

أجاب توماس بإبتسامة واسعة:
- توماس نورمان، صديق العائلة و شريكك في المطعم.
لا داعٍ للإنفعال يا آنا، أنا في مقام والدهم
-رحمه الله - و مسؤول عنهم مثلك.

قالت آنا بحدة:
- لا تقارن نفسك بكارتر، أبدًا!

هزّ توماس كتفيه و دخل للمنزل، بينما كانت آنا ترمقه بنظرات قاتلة،
حملت الجدة لينيريا لتهدئتها بينما وقف توماس أمام التوأم محدّقًا بهما بإعجاب،
فركت سارة عينيها و قالت بصوت ناعس:
- من أنت؟

ربت توماس على رأسيهما و قال:
- ياللجمال!
إنكما متشابهان كثيرًا، وورثتما لون الشعر الأسود المميز للعائلة، ليس مثل تلك الصغيرة الشقراء المزعجة.

أنا عمكم توماس! كنت الصديق الحميم لوالدكم المرحوم و شريكه في المطعم، و الآن أنا ووالدتكم نمتلك المطعم معًا .

مدّ الإثنان يديهما للمصافحة فعانقهما بشدة و قال:
- لقد أحضرت الكثير من الهدايا، ستحبانها بالتأكيد.

جلس الجميع على مائدة الإفطار، كانت لينيريا ملتصقة بالجدة بينما سوير و سارة قرب توماس الذي رحب بجلوسهما قربه،
قال العمُّ بينما يشرب كوب القهوة:
- لقد إفتقدتكم بشدة، و جئت لزيارتكم خصيصًا من المقاطعة الغربية،
بالرغم من عملي هناك أحب تفقّد الصغار من وقت لآخر، و المطعم، و أنتِ كذلك يا آنا.
كيف حالك، خالة جورجينا؟

أجابت الجدة:
- بخير يا بني، ما دامت ابنتي و أحفادي معي و جميعهم بخير، فأنا أغنى الناس و لا أريد شيئًا من الدنيا.

أومأ توماس بينما أكمل كوب قهوته، إلتفتت سارة نحوه بلهفة و قالت:
- ماذا أحضرت لي يا سيد توماس؟

- دب كبير له فرو وردي.

هتفت سارة بينما عانقته بشدة:
- هذا رائع! أنا أحبك!

حدّقت آنا نحوهما بسخط فقال توماس:
- هل يمكنني رؤية المطعم؟ يبدو أن العمل يسير بشكل جيد نظرًا للنقود التي تصلني بإنتظام.

أجابته آنا:
- كل شيء على ما يرام، يمكننا الذهاب للمطعم لتراه، و يمكنني أن أريك الحسابات و الميزانيات.

- ذلك سيكون جيدًا، لطف منك آنا.

نزلت لينيريا من كرسيها العالي قرب الجدة لتقترب من توماس، ثم زمّت شفتيها و قالت:
- سيارتك قبيحة، أنت قبيح، أنت لست لطيفًا و أنا لا لن أتكلم معك مجددًا.

ركضت لينيريا خارج المنزل للحديقة بينما ابتسمت آنا،
هز توماس رأسه و قال:
- إنها تحتاج للتوجيه، و مقص حاد يقطع لسانها الطويل.

التفت سوير و قال:
- لن يقطع أحد لسان أختي الصغيرة.
هيا يا سارة لنلحق بها.

إبتعد سوير عن المائدة و اتجه نحو الباب، لتلحق به سارة، التي سرعان ما عادت للمائدة لتحمل شطيرة بمربى الفراولة و تسرع للحاق بسوير.

- لينيريا، أين أنت؟

هتف سوير و هو يبحث في الحديقة الصغيرة، اقتربت سارة و هي تقضم الشطيرة و أشارت له قرب السياج،
اقترب الإثنان منها في طرف السياج، متكورة على نفسها حتى لا تكاد تُرى،
تنهد سوير و جلس على الأرض قبالتها، لمس شعرها بخفة لترفع رأسها،
إبتسم سوير و قال:
- هل أنت غاضبة من العم توماس؟

- كثيرًا!
لقد قمت بكتابة إسمي بخط جميل على طرف السيارة ببعض الطين، فضربني هنا بشدّة.

أشارت لينيريا لظهرها و أضافت:
- إنه ليس لطيفًا أبدًا، أنا لا أحبه، لقد سمعته يقول أنني شقراء مزعجة، هل لأن شعري ليس أسود بل ذهبي أنا قبيحة؟

ضحكت سارة و ساعدت لينيريا للنهوض و أجابتها :
- لا بالتأكيد، أنتِ جميلة.
ربما هو يحب سيارته كثيرًا، و لا يريد رؤيتها متسخة،
و أيضًا من المعيب أن تقولي ذلك الكلام لمن هو أكبر منك،
الفتيات المهذبات لا يفعلن ذلك، أليس كذلك؟

أومأت لينيريا بصمت و قالت:
- أنا فتاة مهذبة، لذلك سأعتذر من السيد توماس.

ربت سوير على رأسها لتبتسم،
في تلك اللحظة خرج توماس برفقة آنا، ركبت آنا السيارة مع توماس و سرعان ما تحركت،
فقالت لينيريا:
- لقد ذهب.. كيف سأعتذر منه؟! هل سافر و أخذ أمي معه؟!

أجابتها سارة بينما تراقب السيارة المبتعدة :
- من الأفضل أن نسأل جدتي.

دخل الثلاثة للمنزل ليقابلوا الجدة التي بدت قلقة،
أمسكت لينيريا بيد الجدة و قالت:
- جدتي، أين ذهبت أمي؟ و عم توماس؟
أريد الإعتذار.

ابتسمت الجدة و أجابتها :
- أحسنت صنعًا يا صغيرتي! هذا ما يجب عليك فعله الآن، مهما يكن لا تقابلي الإساءة بالإساءة.

ثم أضافت:
- لقد خرجا للمطعم لتفقده، السيد توماس كان شريك والدكم في المطعم و الآن هو شريك والدتكم،
لذا سيكونان مشغولين بالعمل، لا تزعجوهما، حسنًا؟

- حسنًا يا جدتي، سنذهب للعب في الخارج، لن نتأخر.

أجاب سوير بينما خرجوا جميعهم و أغلقوا الباب، ابتسمت سارة و قالت:
- يراودني الفضول للذهاب للمطعم.

هز سوير رأسه بخيبة أمل فقالت لينيريا:
- أنا أيضًا أريد الذهاب! لكي ألقي التحية على آدم و مونيك و أعتذر.
هيا يا سوير، نحن لن نزعجهم!

تنهد سوير و جلب دراجته الهوائية، أجلَسَ لينيريا أمامه بينما سارة تشبثت به من الخلف بإحكام،
و سرعان ما قاد الدراجة بإنسيابية على الطريق الترابي.

مرت الدراجة الحمراء بالحقل الأخضر الكبير، ثم بمخبز العم آنطون و بركة السمك الصغيرة، و أخيراً بالمطعم،
أوقف سوير الدراجة في الخلف و أنزل لينيريا، قفزت سارة لتتبعهما و يدلفوا للداخل،
تسلل الصغار بين طاولات الزبائن و من ثم ركضوا في الممر المؤدي لغرفة العاملين، الخزائن و غرفة الإدارة.

توقف سوير و لينيريا أمام الباب بينما ألصقت سارة أذنها بالباب،
أشار لها سوير بالإبتعاد و همس بخفوت:
- سارة! إبتعدي! سنطرق الباب و نعتذر ثم نذهب،
لا نريد التجسس!

أشارت سارة له بالصمت بينما تتابع بإستمتاع الحديث بين آنا و توماس:

" لقد قلتَ الآن بأن العائدات جيدة، و الربح وافٍ، فلم أرسلت لي برغبتك في بيع نصيبك؟
أنت تعلم أنني لا أستطيع تدبّر ذلك المبلغ بسهولة!"

" العمل يسير جيدًا كما أرى،
لكن كما تعلمين،
هذا مجرد مطعم صغير في ضاحية، ليس هناك رواد كثر كما لو في المنطقة الوسطى،
لذا أي رجل أعمال ناجح يجب أن يستثمر أمواله في عمل يعود عليه بالربح الكثير، أليس كذلك؟ "

" و أخبرتك أيضًا أنني لا أستطيع تدبير عشرين ألف قطعة ذهبية الآن!
و لا أرغب بتدمير المطعم بأسره من أجلك، إنه مصدر إعاشتي أنا و أبنائي، عليك الإنتظار لبعض الوقت "

" أنا أعلم، كارتر كان صديقًا جيدًا، أنا أقدّر ذلك لكن وقتي لا يقدّر، و أنا بحاجة للمال.
لقد راسلتك منذ شهرين، لكن المال ليس جاهزًا،
هكذا سأضطر لبيع نصيبي لأي شخص آخر،
أو عليك تدبير المال لي حتى لو عنى ذلك رهنَ المنزل، أو يمكنك إعطائي تلك اللوحة في غرفة المعيشة، إنها أثمن من المنزل بأكمله.
ما قولك؟ "

" إسمعني جيدًا، إياك أن تملي عليَّ الأوامر و كأنني أعمل لديك، و... "

إبتعدت سارة عن الباب ببطء لتجد سوير و لينيريا بالقرب منها يستمعان بإندماج ،
إبتعد الثلاثة لتهمس سارة :
" الوضع غير مبشّر "

- يا صغار! ماذا تفعلون هنا!

جاء صوت آدم عاليًا لينتفض الثلاثة بخوف ثم يشيروا له بالصمت،
فُتح الباب عندها لتطلّ آنا بعصبية و تقول:
- ما الذي تفعلونه هنا؟! و منذ متى و أنتم واقفون قرب الباب كاللصوص؟

- جئنا لنعتذر من السيد تو...

أجابت لينيريا قبل أن تقاطعها آنا:
- هذا يكفي! اذهبوا للمنزل الآن!
أنتم معاقبون لبقية اليوم!

سار الثلاثة بصمت مبتعدين و قال توماس:
- لو أنك قبلتِ بالزواج بي لكان لهؤلاء الأطفال أب يهتم بهم.

تنهدت آنا بنفاذ صبر لتعود للمكتب بينما لحق آدم بالصغار و قال:
- يبدو أنني قد سببت لكم مشكلة، آسف جدًا، لكن لماذا جئتم هنا؟

حدّقت سارة نحوه بغضب و قالت:
- لن نخبرك شيئًا أيها السيء!

أومأ سوير بالموافقة لسارة،

إبتسمت لينيريا ببراءة و قالت:
- جئنا لنعتذر للسيد توماس لأنني قلت له أشياء سيئة بالصباح لأنني كنت غاضبة لأنه ضربني لأنني رسمت على الوحل في السيارة،
ثم تجسسنا عليهما قرب الباب لنسمعهما و قال السيد توماس أنه يريد عشرين ألفًا ليترك المطعم أو اللوحة التي...

- لينيريا أيتها المجنونة!

صاحت سارة بغضب بينما غطّت لها فمها بعد فوات الأوان،
ضحك آدم و قال:
- لقد قمتم بالكثير إذًا!
حسنًا، لنذهب لغرفة الإجتماعات السرية.

جلس الأربعة على أرض المخزن الباردة، كان الصغار يتناولون المثلجات بينما آدم يفكر بصمت، ثم قال:
- السيد توماس الشريك الوحيد للسيدة في المطعم، إذا قرر بيع نصيبه فالبطبع من المستحسن أن تشتريه السيدة، لكي تصير ملكية المطعم كله لها.
المبلغ كبير، و السيد توماس مستعجل عليه جدًا بدعوى أن لديه عملًا لا ينتظرُ،

لماذا يا ترى؟

قال سوير:
- ربما يريد الضغط على أمي للحصول على لوحة أبي، إنها جميلة، و نادرة.

و قالت سارة:
- أمي جميلة، ربما يريدها أن تتزوجه و يعيش معها، ثم يعطيها المطعم،
هذا سيكون جيدًا، تتزوجه، يكتب نصيبه بإسمها ثم تنفصل عنه أو حتى تقتله و ترميه بعيدًا !

حدّق الجميع نحو سارة بإستغراب فأضافت:
- كنت أمزح في الجزء الأخير، لما تحدّقون نحوي هكذا؟

رفعت لينيريا يدها و قالت:
- هو يريد أن يأخذ مكان أبي، أن يعيش معنا و يكون سوير و سارة أبناءه لأنه يحبهما، و أن يدير المطعم مع أمي و كل شيء.
ثم يضربني كل يوم لأنني شقراء.

أومأ آدم و قال:
- جميعها وجهات نظر ممكنة و محتملة، لكن الحل الوحيد هو أن تحصل السيدة آنا على ذلك المبلغ بأقصى سرعة، مع أن ذلك قد يستغرق شهورًا...

لكن، لا تحاولوا التدخّل في هذا يا صغار، أنتم لا تستطيعون العمل للحصول على ذلك المبلغ،
والدتكم نبيهة و تتصرف بحكمة، دعوا الأمر لها هذه المرة لكي لا تغضب عليكم، حسنًا؟!

أومأ الصغار فدخلت مونيك و حدّقت نحو آدم الجالس على الأرض ثم قالت :
- الطبّاخ يسأل عنك يا أخي، و السيدة آنا كذلك،
ألم ينتهي الإجتماع بعد؟

نهض آدم بسرعة ليخرج برفقتها قائلا:
- لقد إنتهى بالفعل.
و أنتم يا صغار عودوا للمنزل.

عاد الجميع بالدراجة الهوائية أدراجهم،
بوجوه عابسة و بال مشغول،
عند وصولهم للمنزل، ركضت لينيريا للجدة لتخبرها بما جرى، و لحقت بها سارة لكي تكون هي أول من يخبر الجدّة،
بينما ذهب سوير للصالة لرؤية اللوحة الثمينة عن قرب.

صعد سوير فوق الأريكة الناعمة لرؤية اللوحة عن كثب،
و عندما كان طولها لا يمكنه من الوصول للوحة العالية  ذهب للمخزن لإحضار كرسي بلاستيكي، و علبة الحليب المعدنية الفارغة،
وضعها فوق الكرسي على الأريكة ثم صعد ليشاهد اللوحة بتمعّن.

كانت اللوحة تجسّد منظرًا طبيعيًا آسرًا، ليلة مقمرة في غابة خضراء مورقة و نهر صافٍ يجري عبرها،
مع أنواع مختلفة من الورود الملونة شديدة التفصيل،
لكن ما جذب انتباه سوير أكثر كان صورة الجنيّات الجميلات اللائي كن يرقصن في حلقة دائرية قرب النهر تحت ضوء القمر،
كانت الأجنحة اللامعة مرسومة بعناية، و كذلك الملامح الصغيرة التي توحي بالسعادة الغامرة،
إبتسم سوير و هو ينظر للوحة الزيتية و لم ينتبه لأختيه التين كانتا تضحكان بخفوت،

إلتفت سوير و تحركت العلبة بإلتفاته ليسقط نحو الأرض بسرعة، فتمسك بطرف اللوحة لتسقط معه أرضًا،
نهض سوير بسرعة ليرفع اللوحة، اقتربت سارة و قالت:
- ماذا فعلت يا سوير؟!
لقد تمزقت اللوحة في الركن!

و قالت لينيريا:
- ستقتلك أمي عندما تعود!

أعاد سوير اللوحة لمكانها و قال:
- لو لم تقفا خلفي لما سقطتُ من الأساس!
الآن ماذا أفعل؟

وضع سوير يديه على رأسه و هو يتخيل كيف ستضربه والدته، ثم قال:
- سأخبر جدتي، و من ثم سأعتذر لأمي عندما تعود.

عند حلول المساء، عادت آنا للمنزل مع هموم كثيرة،
ألقت التحية على والدتها لتضع حقيبتها و تذهب للوحة التي هي إرث عائلة كارتر،
تأملت اللوحة و هي تفكر في زوجها، في المطعم و في توماس الذي يترصّدها في كل مكان،
وقع بصرها على ركن اللّوحة حيث إنبعاج ملحوظ، و تمزق في طرف قماش اللوحة،
صاحت آنا:
- يا أولاد! تعالوا هنا في الحال!

اقتربت الجدة و قالت:
- آنا، لا تصرخِ! إنها مجرد لوحة!

نزل سوير السلالم و قال:
- لأنها آسف، لم أكن أقصد.. لقد أردت رؤيتها عن قرب...

توقف سوير عن الكلام آثر ضربة قوية على ظهره،
جذبته آنا بشدة من يده و قالت:
- لقد أفسدت لوحة والدك الميت، اللوحة التي كان يمكنها أن تنقذ المطعم، و تضمن لنا حياة هانئة، بسببك الآن توماس سيلاحقنا في كل مكان، و سنضطر للتذلل له لإعطائنا بعض الوقت،
تلك اللوحة كانت لجد جد والدك، توارثوها أبا عن جد،
الجميع لا يعلم قيمتها إلا أصدقاء والدك المقربين و الذين منهم توماس،
لقد كنت أعتمد عليك، لأنك الإبن الكبير، خلَف والدك،
لكنك خيبت ظني للأسف!

أفلتته آنا و قالت:
- هيا أذهب لغرفتك، و لا تريني وجهك مجددًا!

مسح سوير دموعه و صعد للغرفة بعينين محمرّتين،
أسرع للسرير ليقفز و يتدثر بالملاءة و يقول:
- أمي لا تريد رؤية وجهي مجددًا، إذا سأرحل مثل أبي!

إبتسمت سارة لتركض مسرعة للخارج، لتعود بعد دقائق و تقول :
- أمي تقول لك: الباب يُخرج جملًا.

شهق سوير و غطى وجهه بالملاءة لتختفي ابتسامة سارة و يحل محلها الندم، اقتربت لينيريا و قالت:
- سارة فتاة واشية!
- أنا لست كذلك! هو قال ذلك و أنا لم أصنع شيئًا..

إبتعدت سارة لتجلس على فراشها و هي تفكر،
طُرِق الباب لتدخل الجدة و تقول :
- من يريد كوب حليب؟

اقترب الجميع ليحصل كل واحد على كوب دافيء،
جلست الجدة و قالت:
- والدتك محقة، لكن من الجيد الإعتراف بالخطأ و عدم تكراره.

و قالت:
- هل تريدون معرفة قصة اللوحة؟

اقترب الثلاثة و جلسوا قرب الجدة لتقول:
- كان يا مكان، في قديم الزمان، في سالف العصر و الأوان، حتى كان.
في أرض بعيدة، حيث الأشجار تغطي كل شيء، في مكان بعيد جدا عن البشر و الإنس،
كانت تعيش جنية جميلة تدعى إيلين، يقال أنها ابنة الأرض، و حارسة الغابات من الدمار، 
بالإضافة لإيلين، توجد تحت رعايتها جنيات صغيرة أخرى تقوم بمهام كثيرة، تزرع الأزهار و تنميها، تجلس عند مصبات المياه و تشكل الندى و تروي الزرع،
و جنيات أخرى كثيرة، لكن جميعها كائنات طيبة، تساعد المخلوقات الأخرى، و تعمل على أمنها.
الجنيات في اللوحة ترقص تحت ضوء القمر، إنها جنيات المياه.

توقفت الجدة عن الحديث فسألت لينيريا:
- إنهم يحققون الأمنيات، أليس كذلك؟

- بلى، أرض الجنيات مكان ساحر، حيث لا حروب، و لا آلام، و جميع الأمنيات محققة.

- جدتي، و أين هي أرض الجنيات إذا؟
سأل سوير فقالت الجدة:
لا يوجد مكان محدد، لكن في قمم الجبال التي تكسوها الأشجار أو الثلوج، في الغابات البعيدة النائية، هناك قد يوجدون.

تثاءب الجميع فقالت الجدة:
- لهذا كان والدكم يحب اللوحة كثيرا، و والدتكم كذلك.
تصبحون على خير.

أطفأت جورجينيا الأضواء و أغلقت الباب، عند ابتعادها نهض سوير بخفة ليبحث أسفل سريره، أخرج حقيبته الظهرية السوداء و بدأ يبحث في الخزانة،
نهضت سارة و سألته:
- و لكن ماذا تفعل الآن؟ ألن تنام؟

أجابها سوير:
- أنا أجمع حاجياتي، سأترك المنزل غدا و أذهب لجلب عشرين ألف قطعة ذهبية، من أجل اللوحة، أمي في النهاية لا تريد رؤية وجهي، و تأكدت من ذلك بفضلك، لذلك لا تحادثيني مجددا.

تنهدت سارة و تغطت بملاءتها بينما سوير يبحث في الخزانة عن كل ما يريده لرحلة طويلة، نحو أرض الجنيات.

Pokračovat ve čtení

Mohlo by se ti líbit

1.4K 91 19
فتاة تعيش حياة عاديه و فجأه تنقلب حياتها رأس على عقب
61.7K 3K 39
فتاة عادية كباقي البشر .. فجأة تكتشف أن دمائها غالية
90.1K 5K 47
فتحت عينيها ببطء ورأت شخص يركع أمامها على ركبه ونصف وينظر لها بصدمه شديده لتقول بغباء -ايه يا عم قاعد كده ليه هو انت هتتقدملي نظرت حولها لتجد نفسها...
274K 12.7K 108
تتحدث الروايه عن شخصية جين الذي ولد و أعتقد طوال عمره انه الفا مهمين بسبب والده الذي كان يريد أنجاب طفل الفا مهيمن و عاش جين طوال حياته كالفا مهيمن ح...