{ اللورد }

By oOmamao

1.3M 102K 38K

. . « عندما فرضتُ نفسي في تلك الرحلة لم أكن أعلم شيئًا عن ذلك الماركيز الذي دعى عائلتي لقضاء العطلة في منزل... More

« 2 »
« 3 »
« 4 »
« 5 »
« 6 »
« 7 »
« 8 »
« 9 »
« 10 »
« 11 »
« 12 »
« 13 »
« 14 »
« 15 »
« 16 »
« 17 »
« 18 »
« 19 »
« 20 »
« 21 »
« 22 »
« 23 »
« 24 »
« 25 »
خاتمة

« 1 »

194K 6.4K 3.6K
By oOmamao

كانت الأجواء بهيجة داخل أروقة كلية الملكة للفتيات، إرتسمت إبتسامات واسعة على ثغور الفتيات كأن الإجازة قد أتت مبكرًا، تعالت أصوات أحاديثهن في المكان فحتى وإن لم ترغب في سماعها لن يكون لديك خيار سوى أن تفعل. من مجموعة لأخرى ومن زوج لأخر كان جميعهن يتحدثن عن نفس الموضوع وهو زواج ماري هاريسون المرتقب.

كانت ماري طالبة في السنة الأخيرة، تبقى لها ستة أشهر فقط من الدراسة في المعهد وبعدها كانت تخطط لأن تصير معلمة في الكلية، أرادت أن تُعلم الفتيات القادمات للدراسة هنا كما تم تعليمها هي من قبل كما أرادت أن تكون لهن مرشدةً وأختًا وصديقة، كان لها العديد من الأهداف والأحلام وكانت قدوة للكثيرات من الطالبات الأصغر سنًا فنادرا ما يجتمع الذكاء والسرعة البديهة والجمال في فتاة واحدة.

كان ذلك قبل أن يفاجئها والدها قبل أسابيع من الأن برسالة حملت اخبارا " سارة " أحد نبلاء برمنغهام يريد خطبتها.
ماري الفتاة الحالمة ذات الواحد وعشرين ربيعا لم يكن لديها خيار سوى أن تحزم حقائبها وتعود لمنزلها فلم يعد هناك مكان لأحلامها بعد أن دخل نبيل في حياتها.

على الأقل هذه هي القصة من وجهة نظري أنا، وهذا ما استخرجته من قصة حياتها وهي وجهة نظر تختلف تماماً عن القصة السعيدة التي تتناقلها زميلاتي من حولي.

" ما من سعادة وفخر أكبر للمرأة أكثر من أن تجد زوجًا نبيلًا يجعلها تعيش حياتها في رغد "

هذا ما كانت تقوله جدتي لأختي الكبرى قبل زواجها، وهذا ما تقوله أغلب الجدات لحفيداتهن. وجهة نظر كانت شائعة قبل سنوات طويلة في بدايات هذا القرن ومنتصفه - القرن التاسع عشر - لكن الآن وبينما نحن في العام ١٨٩٠ بدأت هذه الأفكار تتغير وبدأ الجنس اللطيف يكتسب مكانة أهم من كونه مجرد جسد ينجب الأبناء.. أو هذا ما يفترض به أن يكون!

لا تزال كثير من العائلات النبيلة في لندن وما حولها تتخذ من هذه الفكرة نهجًا لها، ولا تزال الكثير من الفتيات من مختلف الطبقات يعاملن كملكية يمتلكها والدها أو زوجها. الكثيرات لا يتمتعن بحق التعلم أو ربما تركن تعليمهن في المنتصف إما للزواج أو للعمل في أحد المصانع لمساعدة العائلة كما يحدث عند الطبقات الأفقر. هذا غير الكثير من تلك الإنتهاكات التي لا أعلم عنها شيئا بعد.

مع وصول أفكاري إلى ذلك الحد ومع تملك مشاعري مني وجدتُ نفسي مُجبرة على التوقف عن سيري السريع لأخذ نفساً عميقًا أهدئ به أعصابي وأخفض عبره من نبضات قلبي المتسارعة عل ذلك يساعد من منع تلك الدموع التي تملأ محجري من السقوط.

لم تكن ماري بالنسبة لي مجرد زميلة أكبر مني سنًا أتخذها قدوة بل كانت أقرب صديقة لي وأول شخص تحدثُ إليه عند وصولي إلى الكلية قبل أربع سنوات.  كانت هي من فتح عقلي على الحالة التي يعيشها جزء كبير من نساء بلدنا وهي أيضا من عرفتني على الإمكانيات التي يمكننا نحن النساء تجاوزها والمضي قدمًا بها.
كانت هي أحد أهم الأسباب التي تجعلني أتمنى كثيرا العودة سريعًا من الإجازة للمدرسة من أجل لقائها فقط.

لذلك كسرني ما فُرض عليها. لم تبدي ماري ردة فعل غاضبة وقت وصول الرسالة، إبتسمت بحزن وبدأت بحزم أغراضها وربما بسبب صمتها كانت ردة فعلي أنا أكبر، كأن غضبي كان بدلًا عنها.

لم يغب عن أحد ثورتي وقتها، لذلك والآن وعندما توقفت عن السير لأهدئ أعصابي توقفت الفتيات من حولي عن الحديث ورمقنني بنظرات خائفة بعد أن لاحظن النظرات الحانقة على وجهي، وبعد ثوان أمسكن بأطراف فساتينهن الفضفاضة وإلتفتن ذاهبات ناحية الساحة الداخلة للكلية بينما تطرق نعالهن الأرضية الصلبة للممرات الهادئة فتحدث ضوضاء كانت في الماضي محببه لي ولـماري.

ما إن أصبحت وحدي في الممر حتى تنهدتُ بتعب، أعلم جيدا أن رد فعلي مبالغ فيه لكن ومع تحطم جميع أحلام ماري شعرت وكأن أحلامي أنا أيضا قد تحطمت وفجأة أظلمت الدنيا في وجهي. أخرجتُ تنهيدة أخرى وعاودت السير عبر الممر المؤدي للساحة الأمامية للكلية.

كانت الساحة العشبية خالية من الطالبات فالجميع يحب البقاء داخل المبنى العتيق وفي الحديقة الداخلية بعيدا عن أعين المارة في الساحة الأمامية لمبنى الكلية.
أسرعتُ خطاي عبر الممر الإسمنتي الذي يقود إلى البوابة الحديدية الكبيرة للكلية، امامها تماما توقفت عربتي في إنتظاري.

بقربها وقفت آنّا خادتي الخاصة في زيها المخصص للخروج، وفي مقعد السائق الأمامي كان بيتر يجلس متأهبا وبين يديه اللجام الذي يقود به ماكس حصاني الأسود الجميل.
ما إن خرجت من أسوار الكلية إلى الشارع الواسع حتى أخرجت نفسا عيقاً كنتُ أكتمه، لم تعد الكلية مكانا محببا لي لذلك وعند أول فرصة لي للخروج شعرتُ وكأنني أخرج من سجن في أعماق الأرض إلى الحرية.

إمتلأ الشارع بالعربات وبعض السيارات هنا وهناك، لكن أغلب الناس كانوا يسيرون على أرجلهم في نزهات طويلة، تزينت النساء بثياب ملونة وجميلة، قبعات زينتها ورود ربيعية ومظلات مزركشة بينما إرتدى من يرافقهن من رجال البذلات والمعاطف الطويلة وقبعات قصيرة العنق.

لم يفتني ملاحظة أولئك الأطفال ذوي البشرات الشاحبة والملابس المتسخة والذين يحمل كل منهم بين يديه السلعة التي يريد من هؤلاء الأغنياء شرائها منه، جرائد ومناديل مطرزة والورود أيضا .

قطعت جولة نظري وثبته على آنّا بينما وقفت أمامها، رسمت آنّا ابتسامة دافئة تعاكس ملامحي المستاءة، هربت خصلات من شعرها الأشقر من تحت قبعتها السوداء واستقرت على جبينها لتطفي لمحة طفولة على ملامحها، ولأتي أقصر منها كانت تنظر لي من عُليّ بينما إمتدت يديها لتقوم بتعديل قبعتي قليلا ثم قامت بمسح دمعة خائنة وجدت طريقها إلى خدي الأيسر لتستقرت يدها أخيراً على كتفي وتمسد أطراف ثوبي الرمادي وهي تهمس لي قائلة:

"لا شيء يستحق منكِ أن ترسمي هذه الملامح الحزينة آنستي "
" ماري تستحق "
" نعم بالتأكيد هي تستحق، لكن أنا متأكدة أنها لن تكون سعيدة إن علمت أنكِ لاتزالين وبعد إسبوع من ذهابها تبكين من أجلها، لقد أحبت إبتسامتك أكثر "
" آنّا أرجوكِ لستُ في مزاج لمثل هذا الحديث "
" أسفة آنستي، لكن على الأقل حاولي أن تهدأي قليلًا، لا نريد أن نُفزع السيد إرنست إن رأى هذه الملامح على وجهك "

أخرجتُ نفساً أخر بعد قولها ثم هززت رأسي لها موافقة لكلامها، ربتت على كتفي ثم قامت بفتح باب العربة لي وساعدتني على الصعود ثم صعدت هي من بعدي.

سارت العربة بكل هدوء عبر شارع هارلي وإلى الطريق العام المؤدي إلى شارع أكسفورد. ليس بوقت طويل حتى وجدنا أنفسنا أمام كلية ستانفورد للصبيان. نزلنا من العربة ودخلنا عبر البوابة الكبيرة وإلى الساحة الرئيسية للكلية.

كان الجو مختلفا تماما عن كلية الملكة فالجميع هنا من الجنس الأخر، إلتفتت بعض الأعين ناحيتنا وبدأت همسات تصدر من هنا وهناك. لم يعجب آنّا ذلك وشعرت بها تقترب بخطواتها مني، بينما تجاهلت كل تلك النظرات لأني ببساطة لم أكن في مزاج يسمح لي بالإهتمام بهم.

وجدنا مقعدا خاليا طلبت مني آنّا الجلوس عليه ريثما تذهب هي وتستدعي إرنست، جلست بهدوء ثم حولت نظري للمكان من حولي، المبنى المخصص للدراسة كبير أكبر بكثير من مبنى كليتنا ومن بعيد أمكنني رؤية السكن المخصص للطلبة، وفي الحديقة توزعت مجموعات من الطلاب على العشب وفي المقاعد تحت الأشجار تجمع بينهم أحاديث شغلتهم عن ملاحظتي لبعض الوقت.

تردد صوت الجرس الكبير المعلق في أعلى برج الكلية في رنات منتظمة جعلت البعض ينهون أحاديثهم وينهضون ربما للذهاب لدرس جديد وفي نفس الوقت أعلن إنتهاء الدرس السابق، ليس بوقت طويل بعدها أقبلت آنّا عائدة لكنها لم تكن وحدها إذ كان إرنست معها وقد إرتسم على وجهه قلق كبير.

يمكنني تخيل الصدمة التي علت ملامحه عند رؤيته آنّا أمامه، ويمكنني تخيل كل السناريوهات التي ملأت رأسه بعدها، كان ذلك واضحًا بسبب السرعة التي كان يسير بها كأنه كان يريد قطع كل الطريق بخطوة واحدة.

بعد رؤيتي ذلك إرتفعت زاوية فمي في إبتسامة ممتنة بينما نهضت في إنتظاره، سرعان ما تغيرت ابتسامتي إلى محاولة إلى حبس شهقه من الخروج وتلك الدموع التي حبستها من قبل أعلنت هروبها من سجن عيني. كان ذلك الإذن الذي جعل إرنست ينسى كل آدابه ويقطع بقية الطريق مسرعا خاصة عندما بدأ من حولنا يلاحظون لأمري، ليقوم بإخفاء وجهي في صدره بينما أحاطت يده الأخرى ظهري ليربت عليه قليلا ريثما تهدأ شهقاتي.

لم يقل إرنست شيئًا وإنتظر إلى أن توقفت عن بكائي الصامت ثم قام بأخذي برفق من مرفقي وأعاد إجلاسي على المقعد بينما وقفت أمامنا آنّا لتحجب الرؤية عن المتطفلين.

أخرج إرنست منديله من الجيب الداخلي لبذلته السوداء وبدأ بمسح الدموع من على وجهي وفور أن إنتهى علقت آنّا قائلة:
" رغم كوني قد حذرتكِ، لكن في النهاية سببنا للسيد إرنست القلق.. "
".. ما الأمر بيلا مالذي حدث لك؟ لم كنتِ تبكين؟ هل سبب لكِ أحـ .. "
" إرنست لا تقلق ليس الأمر خطيرا "

قاطعتُ إرنست أخي التوأم عن حديثه بصوت مبحوح ليضيف من فوره:
" وكيف يمكنني أن أصدق ذلك! هذه أول مرة تزورينني هنا في مثل هذا الوقت ومن ثم تجهشين بالبكاء فور رؤيتي!! لابد أن مصيبة قد حدثت!
ماذا؟ هل قامت الفتيات بالتنمر عليكِ؟ هل أحرزتي درجة سيئة في مادة ما؟"
_حول بصره إلى آنّا _
آنّا ما الذي حصل لأختي؟! "
" سيدي إرنست ليس عليك القلق حقا الآنسة بخير"

عقد إرنست حاجبيه لثوانٍ امتحن فيها صدقها ثم فك العدة بعد أن صدقها أخيرا ليعيد بصره إلي. إمتدت يده لتمسك بيديّ المتشابكتين في حضني ليضغط عليهما وهو يهمس:
" لقد أقلقتني حد الموت "
" أسفة "

قلت بصدق فأجاب بعد ثوانِ من التحديق " لا بأس.. لا بأس، المهم أنكِ بخير.
إذا.. ما الذي حصل وجعلك تبكي إلى هذا الحد بيلا؟ "
سأل وقد غير من ملامحه لأخرى مشجعة لأجيبه بسرعة:
" ماري ستتزوج بعد إسبوعين "
" أوه.. لقد فهمت "

كان ذلك كل ما يحتاجه ليفهم ما الذي دفعي بي إلى البكاء هكذا، مد يده اليسرى وأحاطني مجددًا في عناق جانبي، إرتاح رأسي على كتفه بينما لا تزال يده اليمنى تحيط يديّ.

كان إرنست ولايزال أكثر من يفهمني في هذه الدنيا وكنتُ أنا أكثر من يفهمه. علاقتنا كانت مميزة من بين جميع إخوتنا الخمسة، فمنذ الصغر كنا دائماً معا شاركته في جميع أنشطته وشاركني في جميع أنشطتي، لم نفترق إلا عندما دخل كلانا الكلية ولم نمانع ذلك فكلانا يحب العلم ولديه أحلام ليحققها، لكن هذا لم يؤثر على علاقتنا.

نحن توأمان متماثلان. نمتلك نفس الوجه الذي ورثناه من والدنا الآيرل أوسكار غرين. وجتنان بارزتان وأنف صغير، شفتان مكتنزتان وجبهة واسعة تزينها عينان بلون أوراق الشجر في فصل الربيع وشعر أصهب يميل للبرتقالي. إختلفت عنه فقط في تلك الشامة الصغيرة التي زينت الزاوية السفلية اليمنى من فمي.

بعد دقائق قطع إرنست الصمت وهو يبعدني عنه ويسأل:
" ومن ستتزوج؟ "
" لا أدري.. نبيل ما من برمنغهام، وهو يكبرها بخمسة عشر عاماً "
" يعني أنه في السادسة والثلاثين، ليس كبيرًا جدًا"
" كلا يا إرنست ليس المهم عمره، ماذا لو كان سيئًا معها؟ ماذا لو حصل معها كما حصل مع العمة باجي؟ ماذا لو ضربها؟ ماذا لو تركها وحدها طوال الوقت! ماذا لو.. ماذا لو خانها مع نساء أخريات؟
لن يكون لديها أي وسيلة للخروج من تلك الحياة، لقد.. لقد إنتهت جميع أحلامها!! "

أمسك إرنست بكتفي وقال بصوته الهادئ:
" إهدأي قليلًا بيلا أنتِ تستبقين الأمور. نحن لا نعلم من يكون بعد وربما سيكون شخصا جيدًا "
" لكن ماري لا تريد الزواج! "
" أعلم ذلك. لكن ماذا بإمكاننا أن نفعل؟ إن القرار بيد والدها وإن رأى أن هذا الشخص يستحق الحصول على إبنته فلن يستطيع أحد جعله يعدل عن رأيه "

تنهدتُ مستسلمة فأنا قد سمعتُ هذا الكلام كثيراً من آنّا في الأيام الماضية بل أعرفه بنفسي جيدًا فأنا أعلم كيف تسير الأمور داخل الطبقة النبيلة لكن أن تنهي أحلام ماري بهذه الطريقة أمر لن يعجبني أبداً.
سرحت في أفكاري لثوان نظر فيها كلاهما إليّ منتظرين ردة فعلي، لتراودني عندها فكرة إلتمعت لها عيناي بينما إلتفت ناحية أخي قائلة:
" ماذا لو وجدنا لها زوجاً آخر نضمن أنه لن يجعلها تترك دراستها؟ "
" هممم فكرة جيدة، لكن من أين ستجدين رجلًا من عائلة نبيلة مستعدا للزواج منها خلال إسبوعين؟"
" لا أحتاج للبحث هنالك واحد أمامي الأن!"

نطقت بذلك وقد رسمت إبتسامة غابت عن ثغري لوقت طويل، كان من الواضح أنهما لم يفهما مقصدي من أول لحظة ثم كانت آنّا أول من فهم، أسرعت ورفعت يديها لتغطي فمها وملامحها المصدومة، ليفهم بعدها إرنست مقصدي ثم يطلق ضحكة خافته جعلت سنيه الأماميان يبرزان.

" كما هو متوقع منكِ إزابيل، أفكارك دائماً مذهلة "
" أعلم.. وإذاً، ماهو رأيك إرنست؟ "
سألته مترقبة وقد تفائلت لموافقته بعد ردة فعله هذه، توقف عن الضحك وحول بصره ناحيتي في نظره باسمة، بقربنا تململت آنّا كأنها تريد التدخل والإعتراض على إقتراحي لكنها لم تفعل وانتظرت جوابه.

ليفاجئها إرنست عندما أجاب:
" لا بأس أنا موافق "
لم تكن آنّا هي الوحيدة التي صدمت بل أنا أيضا وإن كان بشكل أقل منها، وقبل أن تعلق إحدانا أكمل إرنست كلامه قائلاً:
" أنا لا مانع لدي فليس الزواج من أولوياتي حاليا لكن إن كنت ترغبين في ذلك فسألبي رغبتك لأني أعلم أنك لن ترشحي لي فتاة لن تناسبني.. يمكننا الذهاب الآن ناحية منزل آل هاريسون لنخطبها فورا مهما تظلب الأمر.. "

كتمت إبتسامتي من أن تتوسع أكثر بعد كلامه، إلا أنه تابع قائلاً:
" لكن عزيزتي بيلا... هل أنتِ متأكدة أن ماري ستوافق على الإرتباط بي؟ أعني أنا أصغر منها كما أنها وبحكم معرفتي لها من قصصكِ عنها لن تسمح بأن أفعل شيئا كهذا من أجلها. "

كلامه جعلني أكور فمي في فهمٍ بينما جعل آنّا تتنهد الصعداء،  قضمت شفتي السفلى بخجل وأبعدت نظري عنه قائلة:
" هذا صحيح "

ربت إرنست على ظهري ليبعد الإحراج عني ثم أردف:
" مشكلتك يا بيلا أنكِ متسرعة. ذكية لكن متسرعة، أعلم جيداً ما تعنيه الدراسة وتحقيق أحلامك لكِ ولـماري لكن في نفس الوقت لا أحد يعلم ما يخبئه المستقبل، ربما يتضح أن هذا الذي ستتزوجه ماري شخص جيد ويكون كل قلقك هذا قد ذهب سُدى "
" هذا إحتمال ضئيل "
" ليس بضائله أن يكون كما وصفتي على الأقل "
" إسمح لي سيدي إرنست.. "

إلتفت كلانا ناحية آنّا.
" لابد أن تكون ماري قد قابلت الرجل خلال هذا الإسبوع، لم لا ترسلين لها برقية وتسألينها عن رأيها فيه، قد يريحك هذا "
" هذا صحيح  إفعلي هذا بيلا "
هززتُ رأسي موافقة " أتمنى فقط أن أكون مخطئة هذه المرة "

" ليس وكأنك تصيبين دائماً في توقعاتك يا إزابيل "
علق إرنست وهو يقهقه قليلاً لأحتج قائلة:
" بلى هي تصيب دائماً "
" أنا اكثر من كان برفقتك في كل المشاكل التي مررت بها وكلا.. لم تصيبي دائماً "

إحمرت وجنتاي المكتنزتان غيظاً وقبل أن أنفجر فيه قال وهو يمد راحة يده أمام وجهي:
" ما رأيك أن نختبر قدرتك على الإستنتاج والتوقع إذاً؟ "
" كيف ؟؟ "

سألت وقد وضعت يدا فوق الأخرى ليهمهم مفكرا لثوان قبل أن يقول:
" آه لقد وجدتها، إنها جريمة قد حصلت قبل أسابيع عده "
" جريمة! أين ومن قُتل وكيف؟ "
قلتها بحماس لتتنهد آنّا وهي تضع أطراف أصابعها على جبينها  وهي تهمهم طالبة الصبر.

" هنا في لندن، لقد وجد كبير خدم الماركيز أغسطس بلاك وود مقتولاً في منزل الماركيز في تريفور ستريت، كان الخادم وحيدًا في المنزل بعد سفر اللورد المفاجئ إلى ويلز.
قالت الشرطة أن القاتل لص قد دخل وقابله الخادم فقتله والدليل أن بعض المجوهرات الغالية التي كانت تخص زوجة السيد أغسطس قد فُقدت. "
" ما هذا؟ ما الذي تريد مني أن أستنتجه لك والقصة مكشوفة؟ "
" إذاً أنتِ تظنين انها سرقة أيضاً؟ "
" وماذا قد تكون غير ذلك؟ "

قلت بينما أهز كتفي ليجيب بجدية وهو يعدل من جلسته:
" وتقولين أنكِ ذكية؟ حسناً سأخبرك بما اظنه أنا، لماذا قد يقتل اللص كبير الخدم؟ إنه من الخطر أن يقوم اللص بأمر كهذا قد يكشفه وبعد قتله، لماذا قام فقط بسرقة بعض المجوهرات بينما منزل الدوق ممتلئ بالتحف النفيسة واللوحات الغالية والمقتنيات النادرة؟ كان بإمكانه أخذ أشياء أكثر.. "

" إذاً أنت تقول أن القاتل ليس لصًا عاديًا؟ "
" هذا ما ظننته أنا على الأقل، لكن الشرطة لم تفعل وهم الأن يبحثون عن اللص "
" هممم لكن إن لم يكن مجرد لص ماذا يمكن أن يكون؟ هل لديه دوافع أخرى لإقتحام المنزل؟ ربما أراد شيئا من الماركيز نفسه "
إلتفت إليه مكمله ببعض حماس:
" لم لا نذهب لمنزل الماركيز، سيفيدني رؤية مكان الجـ.. "

قاطع إرنست حماسي وهو يشير لي بأن أهدأ بينما يقول:
" لا داعي لأن تتعبي خلايا دماغك عزيزتي، أخبرتك أن الشرطة تتولى الأمر "
" لكن ألم تقل بنفسك أنهم يحققون في جريمة سرقة بينما ربما يكون الأمر أكبر من ذلك؟ "
" ربما وليس مؤكدا، لكن هذا ليس مقصدنا "

حدقت فيه بشك فهو يحاول تغير الموضوع لكنه تجاهل تحديقي بينما يكمل:
" المهم أنني أثبت لكِ أنك لا تصيبين دائماً، لذلك عليك أخذ موضوع ماري ببساطة أكثر والدعاء لها بأن تجد سعادتها مع أي كان "

نجح في تشتيتي، لأقول بإعتراض شديد:
" مهلاً إرنست أنت لم تثبت شيئاً، قصتك غير المكتملة هذه لا تثبت شيئاً، إن كان لدي أدلة كافية و.. "
" هل حطمت لكِ كبريائك بيلا؟ " بإبتسامة جانبية قاطعني لأقول بغيظ شديد وأنا أبعد نظري عنه:
" لن أرد عليك حتى "

تعالت ضحكات إرنست وقد أطبقت على شفتي قبل أن أستسلم وأبتسم أنا أيضاً، كما العادة يستطيع إرنست دائماً أن يخرجني من حزني ويبعد تفكيري عنه بطرقه الخاصة، لا أعلم ماذا كنتُ لأفعل لو لم يكن موجوداً في حياتي.

قطعت آنّا ما بيننا وهي تقول مبتسمة:
" أسفة لإنهاء الجو الأخوي اللطيف هذا، لكن علينا العودة أنستي لقد شارف الوقت الذي أُذِن لنا بالخروج فيه على الإنتهاء "
" آه هذا صحيح لقد نَسيت. حسناً لنعد "
نهض كلانا فأمسك إرنست بيدي قائلاً:
" سأذهب برفقتكما، لا تعجبني نظرات هؤلاء الحمقى إليكما متأكد أن أحدهم سيستجمع شجاعته ويقترب منكِ"
" لن أمانع ذلك، إعتدت مقابلة زملائك ويمكنني التصرف معهم جيدا "

قلت مبتسمة ببراءة فأطلق إرنست تنهيدة قائلًا:
" إزابيل لهذا لا يجب أن تتركي لوحدكِ أبداً، ستقومين بفعل مصيبة والتورط مع أناس سيئين إن كنتِ وحدك... " ثم أردف لـآنّا " ... لا تتركيها تغيب عن ناظريكِ أبداً "
" أمرك مطاع سيدي "
عبست لإتفاقهما ضدي لكني لم أرد عليهما.

_________

° حقائق فيكتورية:
سُمي العصر الفيكتوري بذلك نسبة
للملكة ألكساندرينا فيكتوريا التي
حكمت في الفترة من بين [ ۱٨٣٧ - ۱٩٠۱ ] .

كانت المملكة البريطانية زُهاء
بداية حكم الملكة قطرًا زراعيًا
لتصبح قُطرًا صناعيًا رائدًا في
نهاية عصرها. °

« سبحان الله وبحمده * سبحان الله العظيم »

⭐& 💬

Continue Reading

You'll Also Like

1.2M 39.9K 32
(ROMANTIC) JEON JUNGKOOK. KIM RIMASS. ••••• ~+18~ «هُو خَطِيئَة إِقَْترَفْـتُهَا، إِلاّ أَنّ فِتْنَته تُبِيحُهَا» _مَا نَقُومْ به مُـح...
1.2M 69.5K 58
تَم التَخلي عَنهُ مِن قِبَل الجَمِع.. عومِلَ بِقَسوةٍ و ظُلمٍ، لم يُجَرِب حَنان الوالِدين مِن قبل، و حينَ كَبِر فَقد الشُعور بالثِقة نَحو الاخَرين، د...
56.5K 3.1K 23
༺ هم و أنا ༻ حيث كيم تاي الفتي اليافع واللطيف يقذف في حلقة زمنه إلي جسد رجل اخر في الماضي (قبل 600 عام) يدعي تايهيونغ ، كان تايهيونغ قاسي وانا...