هكذا هزموا اليأس

By oOmamao

110K 11.7K 2.5K

- مكتملة - -لا أعلمُ ماذا كنتَ ستفعل إن لم أظهر في حياتك ماتسودايرا.. -لو أعطاني أحد خمسة ين بعد كل مرة تقو... More

صفر
واحد
إثنان
ثلاثة
أربعة
خمسة
ستة
سبعة
ثمانية
تسعة
عشرة
إثنا عشر
ثلاثة عشر
أربعة عشر
خمسة عشر
ستة عشر
سبعة عشر
ثمانية عشر
تسعة عشر

أحد عشر

3.5K 507 67
By oOmamao


أحياناً لا نمتلك لأن نفعل شيئاً رغم كوننا نتعرض لألم شديد، ليس إستسلاماً بل ربما تجاهل تعلمناه من مواقف سابقة، حيث أن التجاهل أحياناً يكون أفضل دواء ..

هناك من يقول أنكَ إن تجاهلت وكتمت وأبقيت كل ألامك في داخلك فستأتي لحظة تنفجر فيها مشاعرك.
مرت يوكيكو آآبي بمثل تلك اللحظة من قبل، لم تكن وقتها قد فكرت في الموضوع بهذه الطريقة، لكنها لم تكن تفكر بكونها تتجاهل ألامها.
فقط كانت تحاول أن تنجز ما عليها مبكراً قبل أن تجد نفسها بلا مأوى وحينما تعبت أخرجت كلما في داخلها مره واحدة.

وضعت يوكيكو هذا في بالها بينما عادت ظهر يوم الخميس من ذلك الإسبوع، لم تجد فائدة من الغضب والتذمر لما حصل معها صباحاً في التحقيق.
لأنها لم تفعل شيئاً خاطئاً وحتى وإن إنتهى الأمر بطردها فهي لن تندم على أي شيء.. هكذا قررت، وفي داخلها كانت متأكدة أن الأمور ستنتهي بخير مهما كانت النتيجة.

لن يختلف وضعها حتى وإن طُردت، فهي قد مرت بأسوأ من ذلك. وستعود لتصبح المتحكمة بحياتها كما فعلت من قبل.

إلتزمت غرفتها طوال بقية ذلك اليوم وحتى صباح اليوم التالي، لم يعرف يوغامي بعودتها وبما حصل معها ولم تكن تريد إخباره ..

منذ مرضه قبل بضعة أسابيع أصبح لدى يوغامي يوم إضافي للراحة هو يوم الجمعة، قام السيد فوجي بإعادة توزيع المهام حتى لا يكون الضغط كبيراً على يوغامي الذي كان العامل الدائم الوحيد لديه..

ولهذا إستيقظ يوغامي متأخراً ذلك اليوم، أول ما بدر لذهنه أنه جائع ويريد تناول بعض النودلز.
خرج من غرفته وهو يتثاءب بشدة، ألقى نظرة على الباب المجاور، يفترض بـ يوكيكو أن تكون في عملها. ربما يستطيع لاحقاً هذا المساء أن يقضي معها بعض الوقت إن كانت قد أنهت قراءة الرواية.

متشوق هو لمعرفة رأيها فيها ومتشوق أكثر لجلسة أخرى من جلساتهما.
في الآونة الأخيرة لم يعودا يتقابلان سوى تلك الصدف عندما يلتقيان في طريق العودة، وإن كان معظمها ليس بصدفة بل عن سابق إصرار وترصد من يوغامي.

ولكونه ربما كان يوم الليلة أخر ليلة يستطيع قضائها برفقه يوكيكو فهو أرادها أن تكون مميزة وتمنى أن تكون هذه الرواية هي التي ستشهر إسمه الجديد.

لماذا هذه الليلة أخر ليلة يقضيها معها؟
بالتأكيد لأنه لم ينسى ذلك الموعد الذي ستذهب فيه مع ميكادو. وإن سارت الأمور على ما يرام كما يتوقع، فلن يعود لدى يوكيكو وقت لتقضيه برفقته.

كان سعيداً من أجلها فمن حديثها عن ميكادو علم أنه شخص جيد وسيعتني بها لذلك لم يقل شيئاً بل شجعها للغاية، وإن كان في داخله يشعر أنه سيفقد الصديق الوحيد الذي لديه الأن. هذا غير تلك المشاعر الخائنة التي باتت تؤرقه أكثر وأكثر.

عندما وصل لهذه الفكرة هز رأسه جانباً ليبعدها وتابع طريقه إلى المتجر بصمت ..

لم يتوقع أبداً وهو في طريق عودته أن يقابل ميكادو نفسه ..

راه .. شاب يرتدي بذلة سوداء يسير أمامه وقد بدا وكأنه يبحث عن منزل ما بإرتباك، في البداية ظنه شخصاً مريباً فقام بتخبئه وجهه بقبعته بينما أسرع خطاه ماراً بالرجل .. ليتوقف فجأة عندما مد ميكادو يده إلى كتفه ليوقفه قائلاً:
-مهلاً ..

إرتعد للحظة وهو يتخيل أن من أمسك بكتفه أحد أتباع الماتسودايرا الخائنين وأنهم قد وجدوه وسيقوم بقتله هنا والأن قبل أن يقابل يوكيكو حتى..
لكن سرعان ما هدأ وهو يرى ذلك الوجه المألوف .. وجه ميكادو ..

-ألست أنت صديق الأنسة آآبي الذي يسكن قربها؟
-آه .. نعم أنا هو .. سيد ميكادو ما الذي تفعله هنا؟

تنهد ميكادو مرتاحاً كأنه وجد ضالته، ثم سرعان ما قال:

-لقد أتيت لمقابلة الأنسة آآبي بالتأكيد، لكنني لم أعرف مكان المنزل فتهت، جيد أنني قابلتك ..
-مقابلتها؟ لماذا تأتي إلى هنا وهي في الشركة؟ هل عادت مبكراً هذا اليوم؟ هل هي مريضة؟

توالت أسئلة يوغامي بإهتمام مستغرب. فتغيرت ملامح وجه ميكادو بينما تسائل:
-ألم تعلم !؟
-بماذا؟

توتر ميكادو وأبعد عينيه ..

-هل حصل لـ آآبي أي شيء؟
-ليس تماماً ..

إزداد قلق يوغامي لكنه لم يظهره على وجهه، بدا له ميكادو محرجاً ومتوتراً .. كما إستغرب كون أمر ما قد حصل مع يوكيكو ولم تخبره به ..
أخيراً نطق ميكادو:

-لقد تم فصلها مؤقتاً البارحة كما سمعت، شيء يتعلق بإتهامها بإفساد مقصود لمشروع.

إنعقد حاجبا يوغامي وإتسعت عيناه، وكان أول ما خرج من فمه:

-أنت تعلم أنك كلامك هذا غير منطقي، فـ آآبي لا يمكن أن تكون قد فصلت. وهي بالتأكيد لن تفسد مشروعاً بقصد.
-وكيف تعرف أنها لم تفصل؟
-لقد ذهبت إلى العمل اليوم!
-كلا .. لم تأتي. هل رأيتها تخرج صباحاً؟
-.... كلا.

أجاب بعد وهلة صمت. تغيرت ملامح يوغامي إلى ضيق لحظي، ثم عاود وضع يديه داخل جيبي بنطاله وهو يهمس له قائلاً:
-تعال سأخذك إلى غرفتها.

تبعه ميكادو بهدوء، توقع أن يسأله يوغامي عن مزيد من التفاصيل بما أنه لا يعلم شيئاً لكنه لم يفعل، أمر أراح ميكادو قليلاً فهو كان قلقاً من العلاقة بينهما لكن كما يبدو لم تكن علاقتهما قوية كما ظن.

إنتبه عندما وصلا إلى المكان المقصود، مجمع سكني صغير قديم وبالي. إنقعد حاجبا ميكاود هذه المرة وهو يرى المكان الذي يفترض بـ يوكيكو أن تسكن فيه ..

-هل تعيش الأنسة آآبي في مثل هذا المكان !؟
-نعم ..
-لكن ... لكن كيف!؟ هل بسبب دين والدها ؟؟
-تقريباً ..
-لكن أن تترك شقتها السابقة وأن تعيش في مثل هذا المكان، لماذا هي تتعب نفسها من أجل دين والدها لهذه الدرجة؟ ألا يساعدها في دفع الأقساط !؟

لم يجب يوغامي بينما خطى إلى داخل السور قائلاً:
-إسألها هي .. آآبي تعيش في الغرفة رقم 4. يمكنك الذهاب إليها ..
قالها وهو يتجه ناحية غرفته، ليدخل دون قول شيء أخر ..

ساور ميكادو إحساس غريب لمعامله يوغامي الجافه هذه المرة، على عكس تبسمه وضحكاته في المرة السابقة ..
لكن تجاهل الأمر، فأمامه الأن موضوع أخر يهتم به.

كان ميكادو أحد أخر من يعلم بما حصل مع يوكيكو يوم البارحة، فهو لم يعد إلى الشركة عند وصوله إلى العاصمة من رحله العمل بل ذهب مباشرة إلى منزله.
ليصدم صباحاً حينما وصل مبكراً كعادته وذهب ليلقي التحية على يوكيكو بعدم وصولها بعد.
ظن أن يوم سبقه لها قد أتى لكنها تأخرت كثيراً، بل وبدأ الدوام ولم تأتي ..
عندها فقط لاحظ ذلك الوجوم في المكان، ذلك الجو الخانق الذي لم يرحه أبداً ..
ليجد نفسه يسأل بقلق:
-هل حصل أمراً ما لـ الأنسة آآبي؟

لا يعلم لماذا ظن أن سبب ذلك الجو هي يوكيكو، ربما ذلك الألم الذي إعتصر قلبه للحظة عندما وجد مكتبها خالياً ..
ولم يكن مخطئاً .. تغيرت ملامحه من دهشة إلى صدمة ثم إستنكار عندما سمع بما حصل.
وكما يعرف الجميع كان يعلم يقيناً أن هذا الفصل المؤقت ليس إلا ستاراً حتى يصرحوا بالفصل الدائم .. تماماً كما يريد أوماتسي.

لم يرى أوماتسي ولا تلك الفتاة التي كانت السبب في كل ما حدث، ولم يرد رؤيتهما فهو لا يدري ماذا قد يفعل حينما يراهما ..

كل ما فعله أنه ذهب لرؤيتها، ليعلم كيف يبدو حالها الأن وليخبرها أنه سيبقى معها مهما حصل لها .. لم يعلم وقتها أن تلك الزيارة ستكون أخر مرة يلتقي فيها بـ يوكيكو آآبي.

ً طُرق باب غرفة يوغامي، كان كعادته يعمل على حاسوبه وحينما لم يدخل من طرق الباب علم أنها لم تكن يوكيكو فهي تطرقه ثم تدخل مباشرة.
ظنها السيدة شويو فنهض متثاقلاً ليصدم عندما وجد ميكادو مجدداً أمامه .. ولم ترحه تلك النظرة على وجهه، سأل بسرعة:
-لماذا تبدو كمن تم رفضه قبل قليل؟

إرتسمت إبتسامة صغيرة على ثغر ميكادو بينما أجاب قائلاً:

-هذا ما حصل بالفعل ..
-..... ما رأيك ببعض الشاي المثلج؟
-سأكون شاكراً .

أدخل يوغامي ميكادو إلى غرفته حينما وجد أن الوضع يحتاج ذلك فأمامه الأن رجل قد فُطر قلبه ويحتاج لمن يستمع له. مجبراً فعلها.

كان ميكادو أول شخص غير يوكيكو يدخل إلى غرفة يوغامي لذلك ساوره إحساس غريب بذلك.

جلس ميكادو بإرتباك وعيناه تجولان الغرفة، لم يعرف لماذا قرر زيارة الغرفة المجاورة، كان متخبطاً بما حصل معه، وربما لكون هذا الجار هو العامل المشترك بينهما قرر أن يزوره .. عله يفهم قليلاً ويتأكد مما حصل.

أقبل يوغامي بكوبين من الشاي المثلج وضعهما بينهما. ساد صمت ثقيل في المكان إذ لم يعرف يوغامي بماذا يبدأ الحديث.

لم يكن يوماً جيداً في الحديث مع من هم في مثل سنه، فطوال حياته كان رفاقه هم من يحيطون بأخيه الأكبر فقط .. حتى في الجامعة لم يكن لديه أصدقاء بالمعنى الحرفي، فقد كان منغلقاً على نفسه.
ساعده بدء ميكادو بالحديث قائلاً وهو قد حاول تبديد الجو الكئيب بينهما بإبتسامة:

-بالمناسبة، لم نتعرف بشكل جيد حتى الأن أنا ميكادو .. جين ميكادو.
-هيديكي سوتا ..
-سيد هيديكي ... ما العمل الذي تقوم به؟
-...... أنا كاتب روائي .. تقريباً.
-حقاً؟ .. أيمكن أن الروايات والكتب التي كانت الأنسة آآبي تقرأها في الشهور الأخيرة هي ملك لك؟

هز يوغامي رأسه بـ نعم.

-هذا رائع نوعاً ما. في البداية ظننتها تقرأ فقط لذلك المدعو يوغامي ماتسودايرا، فلقد كانت متأثرة بموته للغايه .. لكنها الأن وجدت كاتباً أخر ... يبدو أنها فعلاً تحب قراءة الكتب ..

أطلق ضحكة غريبة لم يفهم يوغامي مكانها من الموضوع. ظل يوغامي صامتاً وهو يراقب تغيير الحديث إليه هو نفسه، ظنه سيتحدث عن ما حصل مع يوكيكو لكنه إنتهى بالحديث عن ماتسودايرا ..

-منذ متى وأنت صديق للأنسة آآبي؟
أجابه بهدوء :

-ليس بوقت طويل، ربما سبعة أو ثمانية أشهر.
-حقاً .... لقد رأيتها أول مرة في الربيع قبل سنتين ... ومنذ وقتها وأنا معجب بها.

ساد صمت أخر رمق فيه ميكادو الأرضية كأنه يتذكر ذلك الوقت، بينما كاد يوغامي يتململ في مكانه غيظاً .. لم يكن يوماً جيداً في كتابة مشاهد القلب المكسور لأنه لم يكن جيداً في التعامل معها ..

ربما كان ذلك السبب الذي جعله يفقد أعصابه ذلك اليوم قبل أشهر عندما ترامى إلى مسامعه صوت بكاء يوكيكو .. كتم نفسه حتى لا يقوم بأي تعليق يفسد به ما يحصل الأن.

-أسف حقاً، أن أجي فجأة إليك لأتحدث عن مشاعري .. لابد أنك منزعج ..

أخرجه ميكادو من أفكاره عندما قالها وبدا أنه يفكر في الخروج، ليكذب يوغامي من فوره:

-ليس عليك القلق بشأن هذا .. حقاً ... أنا متعاطف معك قليلاً، لأنني ظننت أنكما ستصيران معاً. وفجأة تقوم برفضك .. ما الذي حصل؟

إرتاح ميكادو لسماع ذلك فهذا يعني أنه لا يفرض نفسه .. عاد متربعاً في جلسته وقال:

-أنا أيضاً ظننت ذلك، ولم أتوقع أبداً أن يكون ما حصل معها سبب في رفضها لي ..
-لماذا، ما الذي قالته؟
-قالت أن الظروف تغيرت. وأنها لن تجد وقتاً لمثل هذه الأشياء منذ الأن لذلك طلبت مني أن أنسى أمر موعدنا .. لا أفهم ما تعنيه ..

بينما لم يفهم ميكادو كان يوغامي قد فهم ما عنته بذلك. فهي الأن قد عادت لنقطه الصفر ..
بدون عمل ولديها دين كبير لتدفعه، ستبدأ مجدداً في البحث عن وظيفة وهذه المرة سيكون الأمر صعباً فالوظيفة بدوام كامل ليست كالعمل الجزئي، ربما لن تجد وظيفة لشهور .. ولا أحد يدري كيف ستتدبر أمر دينها في ذلك الوقت.

-لا أدري لماذا هي عنيده هكذا، عرضت عليها مساعدتها، لكنها أبت ذلك .. كيف يمكن لفتاة وحدها أن تتدبر أمر كل ذلك الدين، لا أفهم حقاً لماذا تفعل ذلك ..

عاود ميكادو الحديث بألم، بينما راقبه يوغامي قليلاً .. ليقول أخيراً:

-آآبي ليست فتاة ضعيفة تعتمد على الأخرين، لذلك تجد صعوبة في تقبل المساعدة .. هي من النوع الذي يفضل أن تسير حياته بالطريقة التي يريد هو بدون تدخل شخص أخر ..
-لكن هذا صعب عليها ..
-لقد فعلتها من قبل، وستفعلها مجدداً.
-سيكون ذلك صعباً.
-لم تكن الحياة سهلة عليها من قبل لكنها نجت حتى الأن... إن كنت قلقاً فعلاً فأنصحك للوقت الحالي أن تتركها تفعل ما تريد لكن لا تستلم. ربما تلين لك مجدداً بعد أن تهدأ الأمور.
-لكنني لا أريد تركها هكذا ..

أخذ يوغامي نفساً عميقاً، بدأ يشعر بالضيق من هذا الرجل .. لكنه قال منهياً كلامه:

-هذه هي شخصيتها، إن أردت فرض نفسك عليها فإفعل لكنني لا أنصحك .. إن أرادت .. ستأتيك هي لوحدها.

لم يعلق ميكادو وقد أطل ببصره بعيداً.
لم يطل البقاء بعدها ونهض ليذهب بعد أن إعتذر على التطفل.
رافقه يوغامي إلى الباب بصمت .. صمت قطعة ميكادو قبل أن يخرج حينما سأله قائلاً:

-سيد هيديكي .. أنت ستبقى برفقتها أليس كذلك؟
-نحن جاران، حتى ولو لم أرد ذلك .. سيحصل.

ذهب ميكادو تاركاً يوغامي ينظر للفراغ.

بعد ساعات وللمرة الثانية ذلك اليوم طرق باب غرفة يوغامي. لكن القادم هذه المرة كانت يوكيكو والتي دخلت فور طرقها للباب.

لم يغير من جلسته أمام حاسوبه بينما دخلت هي وعلى وجهها إبتسامة كبيرة وبين يديها تلك المخطوطة التي أخذتها منه قبل يومين.

جلست على الأرض وتجاهلت عدم ترحيبه بها بأن قالت وهي تضع المخطوطة على الأرض بقوة:

-إن لم تُنشر هذه فسأفعل لك أي شيء تريده.

توقف يوغامي عن الطباعة وإلتفت ناحيتها ينظر إليها مليئاً ثم قال:

-ليس عدلاً، لقد إخترتي أفضل ما كتبته لتراهني عليه.
-لأنها أفضل ما قرأته لك !! حتى أنها أفضل من الخطأ الذي إقترفناه ! .. لقد .. لقد تجاوزت نفسك ماتسودايرا...

أخذت تتحدث وتتحدث بسرعة عن كل ما أعجبها في الرواية، بينما ظل يوغامي صامتاً يراقبها بإبتسامه هادئة.. لم يشعر بسرحان أفكاره إلا عندما سألته أخيراً:

-ومن هو كوغامي بحق السماء؟؟ لقد جعلني الإسم وتغير الأسلوب للحظة أشك أنك من كتبها ..
-أخبرتك إسم أدبي، قررت أن أقوم بتغيرات جذرية هذه المرة .. الأسلوب. الأفكار. طريقه السرد وحتى الإسم ..
-ولقد أفاد ذلك .. إنها مذهلة !
-سعيد أنها أعجبتك.

-أنظروا إليه يتحدث بكل تواضع، من أين لك بكل هذه الأفكار !! لا أعرف كيف قمت بربط كل تلك الأحداث التي حصلت لـ ساشكو مع ظهور أيدو في النهاية، جعلني ظهوره أشك بكون هناك جزء أخر للرواية لكن النهاية مثالية حقاً .. أفكاري مشتته للغاية.

أمسك يوغامي بأطراف شعره الطويل وإعترف قائلاً بينما ينظر بعيداً:
-في الحقيقة الفكرة الأصليه لم تكن فكرتي ..

إعترافه الهادئ فرض الصمت على يوكيكو المنفعلة. لتسأله بإستغراب كبير:

-ما الذي تعنيه؟
-لا تنظري إلي هكذا .. لم أقم بسرقتها من مكان ما. لقد .. لقد كانت فكره جاء بها أخي وصديقه قبل سنوات.
-أكانا يكتبان أيضاً؟
-كلا .. كنا نتناقش عن الروايات فقد كنت وقتها أعاني من نقص في الأفكار، وبينما كانا يتحدثان راودتهما هذه الفكرة لكن لم يكن البطل فتاة كما شاسكو بل كان شاباً.
وقتها لم أهتم بالفكرة فقد كانت مليئه بالثغرات، لكنني تذكرتها قبل مدة وإنهالت علي الأفكار فقمت بكتابتها فوراً .. مع بعض التغييرات ..
-لقد فهمت الأن، كلامك هذا لا يغير كونك صاحب القصة .. أنت من ألفها ..
-ربما ..
-وإذاً ...
-وإذاً؟

ردد وهو ينحي رأسه للجانب متسائلاً، لتقول هي بحماس:

-هل هنالك جزء أخر لها؟ أخبرني؟
-... ستعرفين إن تم نشرها وتلقت نجاحاً.

قالها ضاحكاً لما  يراه من حماس فيها، لتقول متذمرة:
-وما فائدة كوني أعز أصدقاء المؤلف إن لم أعرف أمراً كهذا؟؟

ساد صمت لثوانٍ قليلة اتسعت فيها عيناه وهو ينظر إليها. ليجيبها بعدها:
-هناك جزء أخر.

إعترف فإلتفتت ناحيته بإستغراب كأنها لم تفهم ما قاله .. لتجده قد قام برفع قلنسوة رأسه ليغطي وجهه عنها بينما ردد:
-سيكون هنالك جزء أخر عنوانه ” كانت مزرية “
-كانت مزرية؟؟

رددته يوكيكو بإستغراب بينما فكرت، لتفهم بسرعة قائلة:
- ” حياتها ... كانت مزرية “
- نعم.
- رائع!!

فقط قالتها بينما سرحت بنظرها بعيداً عنه كأنها تفكر فيما يمكن أن يكون عليه الجزء الثاني من الرواية.

راقبها يوغامي من خلف خصل شعره التي تناثرت أمام عينيه حينما لبس القلنسوة .. قرر أخيراً.
ثم سأل قائلاً:
-ألن تذهبي لعملك في المطعم؟

أخرجها سؤاله من دوامة تخيلاتها. تحولت النظرة الحالمه على وجهها إلى أخرى متوتره قليلاً ..
أجابت:

-لقد تغير دوامي، أو سيتغير. لذلك تم إعطائي بقية هذا الإسبوع إجازة.
-ولماذا؟
-ربما سيتم فصلي من العمل.

أجابت ببساطة. هز يوغامي رأسه كأنه يفهم كل شيء رغم كونها لم تشرح له. ثم مط شفته قائلاً:

-هذا أفضل .. لم تكوني سعيدة في عملك على أي حال.
-ماذا؟

تسائلت بإستنكار. ليكمل بهدوء:
-لم تكوني سعيدة ... كنت تذهبين من أجل المال فقط، لم تعودي مستمتعة بما تفعلينه لذلك .. هذا أفضل.

ما قاله جعلها تنظر إليه بدهشة، أحقاً بدت غير سعيدة في عملها؟
راودتها ذكريات عن ماضيها في الشهور السابقة.
بالفعل لم تكن سعيدة.
أسعد أوقاتها كانت حينما تعود إلى هنا لتجد يوغامي ورواياته التي تخرجها من هذا الواقع الذي تعيشه.

أرادت دوماً قراءة رواية جديدة لتبعده عن الواقع، هي من تحب عملها ومن تريد أن تتحكم بحياتها وتصير شخصاً ناجحاً ومحترماً .. تهرب من الواقع.

منذ متى أصبحت هكذا؟.. لم تدري.

لكنها تأكدت من أمر واحد .. أنه ربما لن يكون من السيء الإبتعاد عن تلك الشركة والبحث عن عمل جديد ..

ستتعب. قد تتأذى .. لكنها تعرف كيف تدبر أمرها.

في هذه اللحظة كانت يوكيكو مقتنعة تماماً بفكرة ترك الشركة. ليس كما كانت يوم البارحة. فقط تستسلم وتتجاهل وتستعد لكي تواجه المستقبل.

اتسعت إبتسامة كبيرة على وجهها وهي تنظر إليه. ابتسامة شاكرة وممتنة للكثير.
لم تحتج لقول كل ما في داخلها فلقد فهم دون أن تذكر. قالت:
-شكراً لك سيد يوغامي ماتسودايرا ..

ليرد بنفس الطريقه وهو يعيد القلنسوة إلى مكانها خلفه:
-عفواً .. أنسة يوكيكو آآبي.



Continue Reading

You'll Also Like

35K 2.2K 27
سحبتهُ من ياقة قميصهِ و الغضبُ قد إحتل نبرتِها تصرُخ به «تظُن أن البشر لُعبة للتسليه ! » رفع كتِفاه بِغير مُبالاة يُومئ برأسهِ لها «و ما المُشكلة؟ إن...
5K 518 14
× مجموعة متنوعة من القصص القصيرة ×
656K 29.2K 38
احبك مو محبه ناس للناس ❤ ولا عشگي مثل باقي اليعشگون✋ احبك من ضمير وگلب واحساس👈💞 واليوم الما اشوفك تعمه العيون👀 وحق من كفل زينب ذاك عباس ✌ اخذ روحي...
1.3K 138 7
«بعض الذكريات لا تترك عظامك أبدًا، هى فقط تظل عالقة بجوف عقلك لتصبح جزءً منك. فبعضها قد يترك إبتسامة سخيفة على وجهك دون سبب، وبعضها قد يرسم الحُزن عل...