حب .. وخط أحمر! " جاكلين بير...

By amira_iq

40.1K 864 126

- أريدكِ ان تكوني زوجتي. قال هذا ببساطة كما لو انه يسألها عن الوقت . ونظرت إليه ذاهلة :" انت تمزح او ربما جن... More

1- ظل من الماضي
2-عندما يطبق الفخ
3-ملاك ، ونظرات شيطانية
4-النصف الآخر
6- سجن من ذهب
7-سيد العالم
8- وهل أملك الخيار ؟
9- حب .. وخط أحمر
10-ليلة فوق الغمام
11-أريدكِ ، فهل تصفحين؟

5-عرفتكِ ، منذ البداية

3.3K 106 17
By amira_iq

استيقظت روز على صوت صفق الباب. جلست وهي تغالب النعاس وأدركت ، من طراز الغرفة الغريب ، أنها ليست في بيتها.
دعكت عينيها بيديها. هل ما حدث أمس حدث حقاً؟ هل سيصبح خافيار ڤالدزبينو نسيباً لأسرتها؟ لا يمكنها احتمال مجرد التفكير في ذلك. تأوهت بصوت مرتفع وتملكها إغراء للعودة الى تحت الاغطية. لكن آن كانت تسير نحوها وفي يدها فنجان قهوة: "آسفة يا روز ، ولكن عليك ان تنهضي".

-كم الساعة؟
تمتمتروز بهذا وهي تنظر الى وجه ابنة خالها الجميل بعينين غائمتين .
-الحادية عشر والنصف. اشربي هذا واستعدي سوف نغادر بعد وقت قصير.
ووضعت الفنجان على المنضدة، فصرخت روز: "الحادية عشر والنصف؟ لماذا لم توقظيني قبل الآن؟" .
وجلست على حافة السرير وتناولت الفنجان.
-لأن خافيار ذكرنا بأن رئيسك أعادك إلى انكلترا لترتاحي ، وأصر على ان نتركك نائمة. أظنك سلبت لبه! عليكِ ان تشكريه هو وليس انا.
وخرجت ضاحكة.
وقفت روز تحت الدوش وهي تتأوه بخزي. يا للضيفة التي تبقى في فراشها الى ما يقارب وقت الغداء! الذنب كله يقع على ذلك الرجل البغيض . خرجت من تحت الماء وأسرعت تجفف جسدها ثم عادت الى غرفتها حيث غيّرت ملابسها . ارتدت قميصا مرتفع العنق قصير الكمين فوق بنطلون رمادي .
ثم خرجت من الحمام لتهبط السلم الى الطابق السفلي.
-صباح الخير روزالين .اظنكِ نمت جيداً!
قال خافيار ذلك ببطئ وهو ينظر إليها بدقة فيما هو يستند الى باب غرفة الجلوس.
كانت تمشي مرفوعة الرأس، فألقت عليه نظرة سريعة. كان يرتدي بنطلون جينز أسود وقميصاً رياضياً أسود. بدا لها رجلاً متفوقاً فقد ظهرت الغطرسة في كل خط من خطوط جسمه .
قالت بجفاء رافضة ان يرهبها برجولته المدمرة :"نعم شكرا لك".
ما أخبرتها به آن جعلها تشعر بالاضطراب ، فهو الذي أوعز بألا يوقظها أحد.
-والآن هذه دعوة من المستحيل رفضها . يجب ان أتذكر هذا في المرة القادمة التي تتأخرين فيها في النوم.
عندما أدركت ما قالته توهج وجهها احمراراً. ثم اندفعت من جانبه هاربة الى خلف المنزل وامان المطبخ ، وصوت ضحكته الخافتة يرن في اذنيها .
في المطبخ رات روز آن وجين وتيريزا. ورأت على المائدة طبقاً كبيراً من البيض واللحم ، فدعونها لأن تجلس وتتناول طعامها لأنهم سيغادرون بعد نصف ساعة .
أثناء تناولها الطعام حاولت ان تخبرهن أنها لن تذهب إلى اسبانيا :" إنه القرن الحادي والعشرين ، ولم يعد هناك مرافقات للفتيات هذه الأيام".
فقالت آن بحدة :" أرجوك يا روز ... كفى مراوغة وتضييعاً للوقت! سبق لخافيار ان استدعى طياره مرتين وأخّر موعد السفر. مطار إيست ميدلاند يكون مشغولاً جدا في مثل هذا الوقت من السنة بطائرات العطلات الى كل بلاد البحر الأبيض المتوسط".
كادت روز تختنق وهي تتناول البيض. لديه طائرة خاصة؟ ولكن ، لماذا لا وهو ذلك الثري الذي يملك كل شيء؟ وشعرت بمرارة.
سألتها آن :" هل حزمتِ حقيبة امتعتك؟"
-نعم ... لا ... حقيبة العطلة الأسبوعية في الغرفة ، وبقية حوائجي ما زالت في السيارة . لكنني لا استطيع ان اترك "برترام".
قالت هذا بانتصار.
جعلتها حركة عند العتبة تلتفت بصمت. كان خافيار داخلاً مع أليكس ، ما جعل المطبخ يبدو ضيقاً نوعاً ما . كان أليكس في إثره ، لكن خافيار هو الذي أثار انتباهها . فقد جمد مكانه ، وظهر التوتر في كل انحاء جسمه، فيما أخفت اهدابه المسبلة كل التعبير في عينيه :" من المؤكد ان بإمكان حبيبك ان يعيش أسبوعا على الذكريات فيما تقومين أنت بمساندة أسرتك. سبق واضطررت انا لذلك"
قال خافيار هذا بصوت عميق وبنبرة تشير الى مشاعر قوية كان يسيطر عليها بحزم .
أدركت روز معنى آخر تعليق له في الوقت الذي انفجرت فيه آن وأليكس بضحك ملأ المطبخ.
بدا واضحاً انه يشير إلى انه يعيش على ذكريات زوجته الراحلة ، لابد أنه كان يحبها كثيراً.
أدركت روز هذا ، ما جعلها تتخطى وخزة الألم التي شعرت بها. ألقت بشوكتها ودفعت طبقها جانباً شاعرة تقريباً بالأسى لأجله.
ربت أليكس على ظهر خافيار وهو مازال يضحك: "كلا ، يا صديقي . فأنت قد اسأت الفهم حقاً. ليس لدى روزالين حبيب ، فهي مشغولة جداً بخدمة الناس "برترام" هي سيارتها وليس حبيبها".
والتفت الى روز :" لا حاجة بك الى القلق بشأن السيارة سأعتني بها لأجلك ، وستبقى عندنا حتى تعودي . وفي الواقع ستؤدين لي خدمة بذلك فأنا متلهف للجلوس خلف مقودها مرة اخرى. اعتاد ابوك ان يتركني اقودها احياناً ... كم كنا نستمتع بذلك".
إشارة خالها أليكس الى ابيها ، وابتسامته الكئيبة لها ، اقنعت روز بأن ليس لديها خيار :" سأذهب لأحضر حقيبتي والمفتاح ".
قالت هذا مذعنة برقة، وهي تنهض وتنظر الى خافيار أثناء مرورها بقربه .
فقال بابتسامة أزالت التوتر من ملامحه :" يا للفتاة الطيبة! وأنا أعدك بالحصول على عطلة ممتعة".
كادت تبادله ابتسامته ، لكن المنطق منعها . انها بحاجة الى وعد آخر من نوع آخر من خافيار ڤالدزبينو . ثم ما الذي يجعله يدعوها (فتاة) هذا المتغرطس المغرور؟ فكرت في هذا بجفاء وهي تدخل الى غرفتها .
كان قلبها يخفق بشيء من السرعة وفسّرت ذلك بصعودها السلم ركضاً . لا تريد ان تعترف ولو للحظة بأن ابتسامة خافيار هي السبب في تسارع خفقان قلبها . وقررت ان ليس لديها سوى وقت قصير لحزم امتعتها القليلة . وبعد قليل ، هرعت عائدة تهبط السلم الى الأسفل ثم الى الخارج .
أسرعت الى سيارتها ثم فتحت الصندوق وأمسكت بمقبض الحقيبة.
-اسمحي لي.
وأخذت حقيبة الملابس من يدها يد ضخمة ووضعتها على الأرض.
ارتفع بصرها الى العينين الداكنتين :" أنا لست عاجزة".
فرفع احد حاجبيه بغطرسة :" وهل قلت أنا ذلك؟ أي امرأة تقتني هذه السيارة الرائعة (برترام) يجب ان تكون بالغة الثقة بالنفس . فليس من السهل قيادة سيارة كهذه والعناية بها".
تألقت عيناه استحساناً لهذه السيارة الرياضية الفارهة ثم أخذ يدور حولها ببطئ .
ناولت المفاتيح لخالها ، الذي عاد ليقف عند الباب حيث يقف بقية أفراد الأسرة وهو يصفر بفمه مسروراً.
غضنت روز أنفها بخيبة أمل عندما جلست على مقعدها في الطائرة وربطت الحزام حولها. كان خافيار في مقدمة الطائرة يتحدث مع الطيار . وجيمي وآن يجلسان متلاصقين كالعادة . بدت روز مقطبة الجبين لهذه الرفاهية الظاهرة في الطائرة الخاصة. فبعد الفقر الذي رأته اثناء عملها ، شعرت أن من المعيب ، نوعا ما أن يمتلك رجل كل هذا.
-خذي جنيهاً وأخبريني بما تفكرين.
بدا خافيار أمامها فجأة ، ثم غاص في المقعد الى جانبها لا يفصل بين كتفيهما سوى عدة انشات.
القت نظرة جانبية على جانب وجهه الوسيم. وفكرت بقنوط بأن مليون جنيهاً لا تكفي ثمناً لفضح افكارها نحوه . لماذا يستطيع هذا الرجل من بين كل الرجال ان يؤثر عليها هذا التأثير الكهربائي؟ هذا ليس عدلاً. ولكن هل في الحياة الكثير من العدل؟
وجدت الفكرة الأخيرة مهرباً تخبره به للتخلص من الإجابة الحقيقية على سؤاله ، وان بدا ذلك وجهة نظر مستهلكة.
من المدهش ان الوقت مرّ بسرعة عندما خاضا في نقاش حول توزيع الثراء . بدا خافيار محدثاً ذكياً للغاية ووجدت روز انها في الواقع مستمتعة بهذا الصراع بين ذكائيهما ، وبحدة الجدل عن المصارف الغريبة ومحو ديونها على دول العالم الثلاث الفقيرة، وكانت روز تناصر هذه الفكرة بينما يعارضها خافيار، بصفته صاحب مصرف. وتغلبت قوة عقيدتها على ليونة طبعها فاخذت تصفه بأنه نموذج للرأسمالي النهم للتسلط والسيطرة وتدخل جيمي متوسطاً بينهما :"كفى يا روز. إنه يثيرك ويوتر أعصابك ليس إلا. فهو يمنح المبّرات ودور الإحسان وينفق على عشرات من الطلاب الإفريقيين والله وحده يعلم ماذا ايضاً".
رفعت روز وجهها الى خافيار بحذر وقد بدا الخزي عليه :" هل هذا صحيح؟".
فتمتم بابتسامة قصيرة :"انا مذنب حقاً ، لكنك تأخذين الطعم وتثورين بسرعة يا روزالين . فلم استطع المقاومة".
ابتلعت روز ريقها بصعوبة :"انا آسفة إذن لنعتي لك بتلك الألفاظ".
تأملها خافيار بعينين لا يُسبر غورهما ، ولم تسفر ملامحه القوية عن أي تعبير :" لا داعي للاعتذار . الحق معك جزئياً على الأقل . فأنا (نهم للسيطرة والتسلط) حقاً"
اعترف بذلك بصوت عميق وبطئ ساخر، ترك روز تحت تأثير تهديد غامض . اما لماذا؟ فلم تكن لديها فكرة ...
وفي هذه اللحظة جاء صوت الطيار لينبئهم أنهم على وشك الهبوط، فتحول انتباهها عنه.
انتهت الإجراءات في المطار ، ولم تعترض روز عندما اخبرها خافيار أن جيمي وآن سيذهبان في سيارة الليموزين إلى بيته ، أما هما فسيذهبان في الفيراري الجاثمة في المطار.
أما العذر في هذا التفريق فهو أن الليموزين لا تتسع لكل الأمتعة ، وبدا ذلك مقبولاً ولكن ما إن جلست في سيارته الرياضية لا يفصل بينها وبينه سوى إنشات قليلة، حتى ابتدأت تتساءل عن مدى الصواب في وجودها معه بالسيارة من المطار الى الطريق الرئيسي ثم قالت لتحطم التوتر الذي شحن الصمت بينهما :" كان عليّ ان اتكهن أنك تملك سيارة فيراري".
-أنتِ تعرفينني جيداً.
تحوّل بصره إليها لحظة ثم عاد الى الطريق. وعلى الفور أدركت أنها كادت تسيء التصرف مرة أخرى ، فهزت كتفيها :" حسناً، يبدو أنك تحب السيارات الرياضية".
-هذا صحيح . لديّ مجموعة جيدة من السيارات الرياضية القديمة وهي في مخزن خارج المدينة سأريها لك ذات يوم. ولكن لاستعمالي اليومي انا اعشق سيارتي الفيراري الحمراء هذه.

-ولماذا حمراء؟ إنه لون يعمي النظر قليلاً في الحر كما اظن.
سألته بهدوء لأنها كانت تسيطر على نفسها بصعوبة . وجودها وحدها معه كان له تأثير كارثي على حواسها.
-انا تقيلدي فالسيارة الفيراري لا بد ان تكون حمراء في نظري.
لم تعلق على كلامه بل التفتت تنظر خارج السيارة ، فقد اثبت لها ما كانت تعرفه من قبل. لقد عرفت ذلك عندما كانت في التاسعة عشرة بطريقة صعبة . فقد اخبرها سبستيان أنه تقليدي . أما لماذا شعرت بالكآبة لهذه الفكرة فهذا ما لم تعرفه .
ثم لم تلبث المناظر حولها ان اسرت انتباهها . كانت الطرق ضيقة متعرجة . وعرض عليها خافيار ان ياخذها في جولة سريعة في المدينة ، فوافقت روز على ذلك . وسرعان ما ادركت انه وافر الإطلاع على تاريخ المدينة مسقط رأسه هذه.
نظرت الى خافيار بأنفه الذي يشبه أنف الصقر وعينيه السوداوين الملتهبتين وشعره الفاحم ، وبدا لها بشكل قاطع الآن ، أنه عائد الى ارض أجداده . ارتجفت قليلا واخذت تنظر الى الخارج عبر النافذة.
-لم أعرف قط ان هناك نهراً يجري وسط مدينة سيفيل.
هتفت بذلك مدهوشة عندما أدركت ان الطريق الذي كانا يسلكانه يسير بجانب نهر واسع.
-(الوادي الكبير) نهر مشهور ولكن ما تنظرين إليه بالضبط هو (قنال ألفونسو الثالث عشر) لقد حوّل مجرى النهر في بداية القرن العشرين لمنع طوفانه على المدينة ولتتمكن المدينة من الاستمرار بكونها مرفأ.
تركت السيارة الطريق ودخلت من تحت قنطرة حجرية الى فناء داخلي مبلط. شهقت روز بحيرة فهي لم ترّ مثل هذا المنزل من قبل على الأطلاق.
كان يحيط به جدار ضخم مع كاراجات واصطبلات أنشئت في داخله وأحاطت بالفناء من ثلاث جهات والمنزل في الجهة الرابعة . رأت عدداً من الدرجات على شكل نصف دائرة تؤدي الى باب ضخم من خشب السنديان المطوق بالحديد. كان الباب مفتوحاً على اتساعه . وشاهدت رجلاً اسمر صغير الحجم واقفاً بصرامة وقفة انتباه وهو ينتظر وصولهما كما يبدو. نزل خافيار من السيارة ثم دار حولها وفتح لها الباب :" مرحباً بكِ في بيتي ، روزالين ".
ونزلت هي بسرعة اكثر مما يستلزمه الذوق.
-إنه يبدو جميلاً.
قالت هذا برقة . ثم تصلب جسمها عندما امسك بذراعها يساعدها على صعود الدرجات الحجرية. قال عدة كلمات بالإسبانية للخادم ثم قدمها إليه.
يبدو ان ماكس يعمل رئيس خدم وسائقاً في آن معاً وزوجته مارتا هي الطاهية.
بعد الحرارة في الخارج ، بدا جو المنزل الداخلي منعشاً بارداً ورائع التأثير، فقد كان مزيجاً من الطابعين الإسباني والعربي. ارض الردهة البالغة الاتساع مرصوفة بالموزاييك المتألق . اما القبة فكانت شاهداً على مهارة الحرفيين الذين بنوها ومثابرتهم. كذلك بدت الأعمدة الرشيقة المحيطة بالممر . وخلف ذلك الممر انتصب باب المدخل المظلل المؤدي الى غرف الاستقبال أما في الوسط فهناك سلم رائع إسباني الطراز.
-أبي يرتاح الآن ، وستقابلينه أثناء العشاء . أما الآن فسآخذك الى غرفتك.
وبدون ان يترك ذراعها قادها الى السلم. وفجأة بدا جيمي وآن عند قمة السلم :" نحن ذاهبان لاكتشاف المدينة ، سنراكما في السابعة ".
قال جيمي هذا ببشاشة وهو يهبط السلم وعندما مرا بهما صاحت آن بروز :" ألا يبدو هذا المكان خلاباً".
استدارت روز وصرخت :" انتظري! ألم أحضر الى هنا كمرافقة لكِ؟".
لكنها قالت كلامها سدى، فقد توارى الشابان عن الأنظار . شد خافيار بأصابعه على ذراعها :" آه، أنا واثق ان بأمكاني ان أشغل وقتك بشيء مفيد ".
تمتم بذلك وهو يستعجلها الى قمة السلم . ثم قادها عبر ممر آخر ، مرّ أمامها بابين ثم وقف أمام الثالث: "مارتا منحتك جناح الزاوية ، وأرجو أن يعجبك".
ثم فتح الباب ودعاها الى الدخول .
هتفت روز بإعجاب . لم ترّ قط من قبل مثل هذا فهناك سرير ذهبي ضخم ذو مظلة يتوسط الغرفة . وقد علقت ستائر حريرية فاخرة مربوطة بشرائط زرقاء فوق جوانبه . وكان في الغرفة أربع نوافذ مقوسة أنيقة قائمة في جدارين. شهقت ذاهلة لهذا المشهد . من ناحية، كان يطل على سطوح المنازل ، ويطل من الناخية الأخرى على مشهد رائع للنهر . أما الأثاث فكان من اللونين الأزرق والذهبي.
استدارت ببطئ . كان خافيار قد دخل معها ووقف بجانب السرير :" هذا السرير هدية من احد شيوخ العرب، هل أعجبكِ؟".
سألها ببساطة تامة، لكن بدت في عينيه نظرة غريبة فهتفت وعيناها المفتونتان تدوران في كل ناحية: "أعجبني؟ وما الذي لم يعجبني؟ لقد رأيت أسراً كاملة تعيش الواحدة منها في خيمة باتساع هذا السرير".
ضحك بصوت خافت :" ترين هنا باباً يؤدي الى الحمام وغرفة الملابس وغرفة جلوس لها ايضاً باب على الردهة".
وسار الى باب آخر وهي في أثره ، وفتحه فشهقت بصوت مرتفع . كانت الجدران مغطاة بطبقة رقيقة من الرخام الابيض الموخرف ، اما الباب ذو الإطار المذهب فيؤدي الى الحمام . كل ما في الحمام من قطع كان ذهبي اللون . اما حوض الاستحمام فكان ضخماً مستديراً ومصنوعاً من الرخام الابيض.
-هذا الانحلال . انها الكلمة الاولى التي تقفز الى الذهن .
قالت هذا بجفاء وهي تعود الى غرفة النوم لتجد خافيار خلفها مباشرة . وضع يديه القويتين على كتفيها فحاولت ان تنفضهما . لم تكن تريده ان يلمسها ، لكنه أدراها نحوه ببطئ :" إنها تناسبك . غرفة منحلة لاجل سيدة منحلة ... يا ... مايلين".

لجزء من الثانية ، اعتقدت انها اخطأت السمع . رفعت إليه عينيها الذاهلتين . كانت عيناه السوداوان تلمعان باحتقار قاسٍ. بينما الوعيد في فمه الصلب والجمود في ملامحه الأخاذة جعلاها تدرك انها لم تخطئ السمع . شحب وجهها ولم تعد تستطيع التنفس.
إنه يعلم ... كان يعلم منذ البداية أنها مايلين! لقد تذكرها، وكان يعبث بها طوال العطلة الاسبوعية كأنه فهد ناعم الملمس يتربص للقفز، وها هو ذا الآن ينتظر ردة فعلها.
بعد لقائها الكارثي القصير به منذ عشر سنوات ، تعلمت كيف تخفي مشاعرها. سنوات من دراسة الطب وسنوات اخرى في العناية بالمرضى والأموات جعلتها بارعة في إخفاء تلك المشاعر.
-الشخص الوحيد المنحل هنا هو انت.
قالت هذا بجفاء . وسلخت عينيها عن عينيه وأخذت تحدق في ما يحيط بها :" وطالما أنك عرفتني، لمَ لم تقل ذلك؟".
وتراجعت خطوة الى الخلف وهي تنفلت منه، لكنها ترنحت وكادت تسقط أرضاً لأنه كان قد تركها هو أيضاً.
فقال ساخراً :" يمكنني أن أوجه لكِ السؤال نفسه، لكنني أعرف الجواب. لقد رأيته في وجهك عندما قدمتنا تيريزا إلى بعضنا البعض. بدوت شاحبة الوجه ومذعورة للغاية. ما كانت المشكلة؟ هل خشيت ان أكشف للناس أن الطبيبة الجادة التي تكرس نفسها لخدمة المرضى، كانت ذات يوم عارضة ازياء مستهترة ".
لم تستطع روز ان تجيب. لقد أمضت الأربع والعشرين ساعة الماضية في خوف دائم من ان يتذكرها. لا، لم يكن ذلك مجرد خوف بل حالة من الرعب والتوتر العصبي . والآن وقد عرفها أصابها الخرس.

-عند وصولكِ ، كنت أراقب من النافذة . ظننت أنني عرفتك لكن شعرك جعلني اشك في ذلك لحظة. كان قصيراً مستقيماً فأصبح طويلاً جعداً وأقل دكنة . أجمل مما كنتِ عليه في التاسعة عشرة من عمركِ، أما قوامك ِ ... ".
ونظر الى جسمها ، ثم عاد ينظر الى وجهها :" وقد امتلئ جسمك قليلاً ولكن بشكل مثير".
اكتسحتها ذكريات مريرة للأشهر القليلة التي مرت بعد ان تركها. يومها تأخر جسمها عن النمو بسبب معاناتها . فقد امتلئ صدرها لكن خصرها نحيفاً.
فقالت له بجمود :"أنت تعني انني سمينة".
-لا.
قال هذا وهو يرفع يده نحوها . فشهقت وضربته على يده تبعدها عنها وقد توتر الجو فجأة :" دع يديك لنفسك!".
فضحك بنعومة :" يا لكِ من متأهبة للدفاع".
ثم قال فجأة بابتسامة متوعدة :" نعلم نحن الأثنان ان بإمكاني أجعلك تستسلمين لي بدون وعي في دقيقة . فبعد ان اظهرت لك حبي ورغبتي بك ذات مرة ، قفزت الى السرير مع رجل آخر قابلته بعدي لأنك لم تستطيعي منع نفسك ".
شعرت بدمها يغلي لظلمه لها بهذا الشكل :" كيف لك... ".
الغضب العنيف جعل يدها تندفع الى وجهه بقوة، لكنه أمسك بمعصمها بقبضة من فولاذ ، ولواه الى خلفها ، وهو يجذبها إليه :" لا يا جميلتي ، أنا لن أحضر العشاء ودمغة كفك على وجهي. ولكن علينا ان نتحدث مع بعضنا البعض".
أغمضت روز عينيها وعدّت بصوت خافت الى العشرة إنها لن تحقّر نفسها بالجدل حول الأخلاق أو عدمها مع حقير متغطرس مثله . فهي تعلم أنها إذا سمحت لنفسها بأن تتحداه بالنسبة الى معرفتها السابقة ستحل الكارثة وستنتهي هي بالعويل والبكاء . فقد كان جرحها بالغ العمق.
وببطئ وألم ، استطاعت ان تسيطر على نفسها ففتحت عينيها ورمقته بنظرة :" إذا أردت ان نتكلم ، تكلم إذن. لكنني شخصياً اظن أن ليس لدينا ما نقوله لبعضنا البعض. لقد تقابلنا مرة منذ وقت طويل ثم افترقنا ،وسار كل منا في طريقه".
شعرت بالزهو لقدرتها على السيطرة على طبعها . ورغم ارتجافها من الداخل فقد تماسكت وهو يشدها إليه . لم تعرف ما هي لعبته ، لكن شعورا كريها تملكها بأن ما سيقوله لن يعجبها.
هز كتفيه بخفة، فارتفعت كتفاه القويتان تحت قميصه الناعم الأسود ، وعاد وجهه الوسيم إلى جموده :" كما قلت ، كان ذلك منذ وقت طويل ، والماضي مضى . الحاضر هو الذي يهمني".
وجفّ فمها :" ماذا تريد؟" .
نظر إليها متأملاً عينيها اللتين لم تمنحاه اي نظرة دافئة ، والتوت شفتاه بابتسامة قصيرة قاسية افزعتها . وأخيراً رفعت يدها الطليقة ودفعته من صدره ثم أخذت تقاومه. ولكن الأوان كان قد فات فقد طوقتها ذراعاه بقسوة لعناقها عناقاً لم تذق مثله أثناء السنوات الماضية.
بدأ عناقه بشدة، بقسوة وحشة صدمتها.
ثم أخذ يخفف من ضغطه حتى اصبح العناق ناعماً ... عذاباً مخدراً .
أحس خافيار بانتصاره فأبعدها عنه برفق، عند ذلك أدركت روز ما معنى الخوف الحقيقي . كيف يخونها جسدها بهذه السرعة؟ لم تجرؤ على التفكير في ذلك ... :"أظن من الأفضل ان تذهب الآن ...".
قالت هذا من دون ان تنظر إليه . فأمسك بذقنها وأمال رأسها الى الخلف واستقرت عيناه القاسيتان على عينيها الخائفتين بشيء من الرضى .

-تسألينني ماذا أريد؟ أنت تعرفين ما يريده اي رجل ينظر إليك . لكنني أريد أكثر من ذلك.
قال هذا ساخراً ، فقالت بصوت فاتر خالٍ من التعبير:
-أنت تثير اشمئزازي وانا اكرهك . ولا صلة لي بأي فكرة جنونية قد تخطر ببالك.
لقد أهانها حين وصفها بأنها منحلة ، وكان يعني أنها أقامت علاقة مع عشرات من الرجال . رغم انه هو نفسه زير النساء . يا له من وقح!
-على العكس، فأنتِ لكِ كل الصلة . أريدك ان تكوني زوجتي.
قال هذا بلهجة عادية وكأنه يسألها عن الوقت .
فتحت فمها ، وشعرت بعينيها تكادان تخرجان من محجريهما وهي تحملق فيه مذهولة :" هل تمزح أم أنك مجنون؟"
-لا بل أنا شخص منطقي . أبي مريض ، وقد أصبحت أيامه معدودة . الأشهر القليلة الأخيرة من حياته ستكون اسهل إذا اطمأن بأنني متزوج .
-ليس مني!
وهزت رأسها بالنفي وهي تزيح يده عن ذقنها ، فهي لم تعد تلك المراهقة الحمقاء الغارقة بالحب. إنها الآن أمرأة ناضجة ذكية، والأمر لا يتطلب ان تكون بذكاء آينشتاين لكي تدرك أنه يريد أن يعبث بها كما فعل من قبل .
-هذا مؤسف! كنت أظن جيمي وآن مناسبين لبعضهما البعض.
تحولت العينان الخضراوان مجفلتين إلى وجهه القاسي فرأت التواء فمه الساخر :" بقليل من الإقناع سوف يتخلى جيمي عن فكرة الزواج في أيلول . وأظن أنه سيقرر تأجيل ذلك الموعد الى ما بعد تخرجه من الجامعة . وأثناء ذلك، سأحرص أنا على ان اجعله يذوق طعم الحياة . لقد أمضى في الدراسة زمناً طويلاً وآن له ان يستمتع بلذائذ الحياة لفترة. آسف لأجل ابنة خالك ولكن لا شك انها ستجد رجلاً آخر تحبه ".
-أنت ... انت ...
لم تستطع ان تجد صفة من السفالة بحيث تصلح لأن تلصقها به. لم تصدق انه قد يذهب في محاولته إلى ذلك الحد من السفالة بغية تحقيق غاياته. لكنها عادت وفكرت بوضوح ، ثم قالت :"لا! إنهما يحبان بعضهما البعض . لن يسمحا لك بذلك" .
لن تتزحزح عن موقفها . إي نوع من الحمقى يظنها؟
-إذا أردت ان تغامري بسعادة أبنة خالك ... هذا حسن إذن. لكننا نحن الإثنين ، نعرف ان غرام الشباب متقلب.
قال هذا رافعاً حاجبه بسخرية . اذا كان جيمي يشبه خاله خافيار فالافضل لآن ان تتركه منذ الآن . كانت روز على وشك ان تقول هذا عندما تذكرت حديثها مع آن الليلة الماضية خلال حفلة العشاء . فقالت من دون تفكير :"أنت تعطيه مصروفه؟".
-نعم. والقرار يعود إليك. إذا وافقت على الزواج مني، يحتفظ جيمي بمصروفه ، ثم يزداد هذا المصروف ليناسب وضعه الزوجي القادم. أعرف ان أبنة خالك ستسر بذلك، وإلا ....
وهز كتفيه مرة أخرى وكأنه يقول : من يهتم؟
من المؤكد أن ذلك الرجل ، أسود القلب ، الذي يحدق في روز بعينين باردتين ساخرتين ، لا يهتم على الأطلاق بمشاعر الآخرين.





نهاية البارت💕
صوتوووو لخاطر الله ... والله قهر اللي يقرون 70 والتصويتات 10 ليش😔

Continue Reading

You'll Also Like

1M 32K 65
النساء لا مكان لهُنَّ في حياته، عالمه ينصب على أبناء شقيقه وتوسيع تجارته في أنحاء البلاد. هو "عزيز الزهار" الرَجُل الذي أوشك على إتمام عامه الأربعين...
14.5M 1M 71
صرت اهرول واباوع وراي شفت السيارة بدأت تستدير ناحيتي بمجرد ما يجي الضوء عليه انكشف أمامهم نجريت من ايدي وگعت على شخص ردت اصرخ سد حلگي حيل بعدها أجان...
2.1M 35.6K 36
[ S E X U A L C O N T E NT ] لم أتوقع بأنّني سأنْجذب لـِزوْج عمّتـي الأربعيـني بمُجرد تصادم سُبُلِ طُرقاتـنا في تلك الليلة و هِي ليلة مُقدّسة بالخطـ...
8.6M 258K 132
في قلب كلًا منا غرفه مغلقه نحاول عدم طرق بابها حتي لا نبكي ... نورهان العشري ✍️ في قبضة الأقدار ج١ بين غياهب الأقدار ج٢ أنشودة الأقدار ج٣