فتح ميشيل عينيه ليجد نفسه مقيداً وموضوعاً في حقيبة إحدى السيارات التي كانت تسير فحاول تخليص نفسه لكنه لم يستطع وعندما يأس من المحاولة إستسلم لمصيره وهو يتخيل أبشع ما قد يحصل له .
قرعا جرس الباب مطولاً لكن أحداً لم يجبهما .
هاري : غريب ليس من عادته الخروج في هذا الوقت .
سالي : يفترض أن يكون يدرس لإمتحانه غداً فلم يخرج !
أخرج هاتفه وإتصل بصديقه ثم أخفض الهاتف قائلاً : هاتفه مقفل .
سالي : هذا غريبٌ حقاً .
أحس ميشيل بتوقف السيارة فإزداد فزعه وعندما فتحت الحقيبة شاهد الرجلان الذان ضرباه سابقاً .
أمسكا به ثم أخرجاه من الحقيبة ورمياه على الأرض ، كان المكان حوله مقفرٌ مما جعله يدرك بأنها نهايته .
أخرج الرجل سلاحه بينما وقف الأخر خلف رفيقه ، وجه سلاحه نحو ميشيل الذي رأى الموت في فوهة ذلك المسدس فأغلق عينيه .
ملأ المكان صوت إطلاق النار وتناثرت الدماء لتلطخ جسد ميشيل .
أحس بتطاير الدماء على جسده لكنه لم يحس بالألم ففتح عينيه ليتأكد من أنه لايزال حياً وعندما نظر أمامه شاهد الرجل الذي كان ينوي قتله مقتولاً بسلاح رفيقه الذي خانه وقتله قبل أن يقتل ميشيل .
أخفض سلاحه ثم نظر إلى ميشيل الذي لم يعد يعلم ما الذي يحصل حوله و من شدة الخوف الذي إنتابه وقع فاقداً لوعيه .
كان ماكس جالساً على الأرض في غرفته أمام صورةٍ محطمةٍ له مع توأمه ووالدته كانت واقعةً أرضاً ومسندةً على الحائط .
مرر أصابعه عليها رغم أن زجاجها كان محطماً مما سبب له جروحاً في أصابعه حتى توقف على صورة ماثيو فبدأت دمائه في السيلان على ماثيو حتى غطته وفي تلك اللحظة رن هاتفه فأبعد يده ثم أجاب عليه قائلاً : ماذا .
صمت قليلاً ثم قال : أنا قادم .
خرج ماكس برفقة سائقه الأمين لويس وإنطلقا بالسيارة عبر الشوراع فلاحظ لويس بأن ثمت سيارة تتبعهما فقال : سيدي هناك من يتبعنا لابد بأننا مراقبين .
نطق ماكس بكلمةٍ واحدةٍ فقط وهي : ماثيو .
خلال ثوانٍ أنقلبت السيارة التي كانت تتبعهم أكثر من مرة وكأنها لعبةٌ بيد طفل حتى أصبحت محطمةً بالكامل .
في الجهة الأخرى إستعاد ميشيل وعيه وعندما نهض وجد بأن قيوده قد فكت فوقف بسرعةٍ ونظر إلى المكان حوله متعجباً وجوده في غرفةٍ بدت عاديه .
حمل زهريةً كانت موضوعةً للزينة ثم تسلل خارج الغرفة بحذر ليهرب من خاطفيه ومن حيث لا يعلم ظهر الرجل الذي إختطفه خلفه قائلاً : إلى أين ؟
بسرعةٍ حاول ميشيل ضربه بالزهرية لكنه تجنبها لتضرب الحائط وتتحطم فأمسك به الرجل قائلاً : هدء من روعك .
لكن الآخر تمكن من إسقاطه أرضاً وبعد عراك طويل إستطاع ميشيل السيطرة عليه وتوجيه العديد من اللكمات إليه وعندما ظن بأنه سيهزمه تلقى ركلةً من حيث لا يعلم رمته بعيداً عن الآخر .
أمسك بمعدته متألماً من الركلة ثم رفع رأسه ليرى ماكس ويصدم من وجوده وضربه له !
أمسك لويس بالرجل وساعده على النهوض قائلاً : هل أنت بخير يا روبن .
روبن : أظن هذا .
وقف ميشيل قائلاً : ما الذي يعنيه هذا يا ماكس ؟ لم تختطفتي ؟
ماكس : لأنك أحمق .
تعجب قائلاً : ماذا !
ماكس : حذرتك من أن تتدخل فيما لا يعنيك .
ميشيل : ما الذي فعلته؟!
ماكس : لم ذهبت إلى جدي .
لم يستطع ميشيل الإجابة فقال ماكس: هل ترغب في الموت.
إستمر في صمته فأكمل : ستبقى في هذا المكان ولن تغادره قريباً فهو المكان الوحيد الآمن لك .
ميشيل : ولم تهتم لأمري ؟ بل لم أنقذتني ؟ كيف عرفت بما حدث لي ؟ قلت بأنك لا تهتم إلى أي مصيرٍ سأؤول فلم تريد حمايتي الآن ؟
تجاهل ماكس كل الأسألة وفضل عدم الإجابة عليها .
ميشيل : ماذا ألن تجيبني .
ماكس: إن أردت البقاء حياً فلا تغادر هذا المكان وإن غادرت وقتلت فحينها سأكون قد أرضيتُ ضميري بمحاولتي هذه .
في تلك اللحظة تذكر ميشيل كلام سالي عن كونه ليس بوحش وأن لديه جانباً طيباً فرأى بصيصاً من الأمل وهدء قليلاً .
ماكس : لن يمنعك أحد إن أردت المغادره .
ميشيل: سأبقى بشرط أن تبقى أنت أيضاً وإن خرجت فسأخرج خلفك وليحدث ما يحدث.
ماكس : كنت سأبقى على كل حال لأسبابٍ أخرى.
نظرميشيل ليد ماكس فرأى الدماء تغطيها وقال : يدك إنها تنزف .
رفع ماكس يده ثم نظر إليها لبعض الوقت وعاد لينظر للآخر قائلاً : أنظرإلى نفسك أولاً .
تذكر ميشيل دماءالرجل التي تغطيه فنظر إلى ثيابه المليئة بالدماء.
غادر ماكس فقال لويس : يوجد بعض الملابس في الغرفة يمكنك الإستحمام وتبديل ملابسك .
ذهب ميشيل إلى الغرفة وقام بالإستحمام وتبديل ملابسه وعندما إنتهى ذهب بحثاً عن ماكس فوجده جالساً مسنداً ظهره على الأريكه ويغمض عينيه وبجانبه لويس الذي كان يضمد جرحه .
وقف يستمع إلى حديثهما حيث لم يلحظا وجوده.
لويس : كيف آذيت نفسك بهذه الطريقه .
تجاهله ماكس فأكمل قائلاً : هذه الجروح عميقةٌ وستسبب لك الألم .
ماكس : أريد أن أتألم فهو الشعور الوحيد المسموح لي.
إرتسمت ملامح الحزن على وجه لويس العجوز فقال : يمكنك أن تبدأ حياةً جديده لا ذنب لك في كل ما حصل في الماضي أنت تعرف هذا فلم تستمر في لوم نفسك .
ماكس : كنت السبب في كل شيء .
أنهى لويس تضميد يد الآخر ثم قال : هل كنت كذلك حقاً أم أنك صدقت الإتهامات التي وجهة لك من الجميع.
فتح ماكس عينيه قائلاً : لا أعرف.
لويس : ولن تعرف مادامت كل هذه الصراعات في داخلك حاول أن تجد السلام داخلك وعندها ستجد الإجابه .
نزل ماكس من على الأريكة ليجلس على ركبتيه أمام لويس ويضع رأسه على قدميه فوضع الآخر يده على رأس ماكس وبدأ بالمسح عليه بلطف مما جعل ميشيل يقف مصدوماً مما رأى أمامه.
أغمض ماكس عينيه قائلاً : لن أجد السلام أبداً أريد فقط الرحيل لعلي أجده في الجهة الأخرى لكن ماثيو لا يسمح لي .
لويس : إن لم تجده هنا فلن تجده في الجهة الأخرى من العالم .
ماكس : أرغب في الإعتذار منهما .
لويس : متأكد من أنهما يسامحانك لأنهما يعرفان أنك لم تعمد فعل ذلك.
إنسحب ميشيل قبل أن يشاهداه وأثناء سيره شاهد صورةً معلقةً على الحائط لرجلٍ وإمرأةٍ كانا يمسكان بيدي بعضهما وقد بدت المحبة بينهما باديةً في الصوره.
وقف يتأمل الصوره ومن حيث لا يعلم ظَهَرَ روبن بجانبه مما أفزعه.
روبن : يا لك من جبان .
ميشيل : لقد فاجأتني ليس إلا.
روبن : التنصت أمر سيء أوتعرف ماذا سيفعل ماكس لو علم بأنك تتنصت عليه .
ميشيل : لا أريد أن أعرف .
تجنبه ليذهب فإستوقفه روبن قائلاً : لويس هو مفتاحك للوصول إلى ماكس فهو لا يثق بأحدٍ سواه لأنه أنقذ حياته في الماضي .
إستدار ميشيل نحوه وقال متسائلاً : ماذا عنك ألا يثق بك ؟
أجابه وهو لازال ينظر إلى الصورة قائلاً : لا .
ميشيل : أوكل إليك أمر حمايتي رغم أنه لا يثق بك ! ذاك الأحمق.
روبن : لما برأيك سيبقى هنا معك ؟
ميشيل : وما أدراني .
روبن : لكي يحميك بنفسه ففي النهاية هو لا يثق بي ليتركني أتولى أمر حمايتك .
تعجب ميشيل قائلاً : لمَ يريد حمايتي فهو لا يطيقني حتى !
روبن : لما برأيك ؟
غادر روبن تاركاً ميشيل في دوامة تسائلاته وأفكاره .