ملامح الحزن العتيق

By qqtttyy3

1.3M 11.8K 9.9K

اتمنيي تعجبكم More

1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
26
27
28
29
30
31
32
33
34
35
36
37
38
39
40
41
42
43
44
45
46
47

25

27.7K 234 647
By qqtttyy3

***

" كثر الله خيرك ياابو مشعل .. سلم الله يدين من طبخ اشهد انها راعية بيت "

قالها عبدالعزيز وهو يشرب كاسة اللبن بعد مارفع يده من الصحن .

قال عماد وهو يبتسم : ياجعله هنا وعافيه .. ذكرتني بكلام جدتي الله يطول بعمرها ..

: ياخي خلوا فوزية عندكم اسبوع تعلمها الطبخ والسنع .

: لا تكفى اخاف انها تخرب حرمتي .

: ههههههههههههههههههههههههههههههه لاتظلمها انا يوم اخذتها وهي مااسنع منها بس خربتها ودلعتها .. والحين ماتعرف تسوي حتى الشاهي .

: اجل البلا منك وانا ظالم خالتي .

: ايه لحد يتكلم لها تراها مسكينه .

: هههههههههههههههه عز الله مامسكين الا انت . اقول تبينا نقعد ولا نمشي .

: لاوالله خلنا نمشي انا بعد هالغدا يبي لي قيلولة .

وقف عماد واخذ الصحن رجعه ونادى الشغاله تجي تاخذ السفرة وباقي الاغراض ..

جا عند جدته وهو يشوف المرقوق عندها قال : افا مسوين لتس مرقوق وحنا لا ؟

قالت ام ناصر : عندك القدر اكل على كيفك منه ..!

فتح عماد القدر وضحكت فوزية عليه وشادن تبتسم بحيا ومنزله راسها للأرض قال وهو مكشر ومتقرف : اخخخخخ هذا بدون ملح .. الله يعينتس ياجدتي على هالعيشه .

طالعت ام ناصر في شادن قالت : عندي الملح اللي ليا لمست عيشتنا تباركت وزينها ربي .

استحت شادن اكثر وتوردت خدودها وهي تناظر بالارض وتعدل طرحتها على راسها زين ..

قال عماد وهو يبتعد عن المواجهه والاحراج وانتقادات فوزية اللي تدقق بكل شي بعفوية : فوزية روحي لعبدالعزيز يبيتس .

وقفت فوزية قالت : يارب عساه يقول بنمشي عشان ارجع انام .

: ايه يبي يمشي .. التفت لشادن قال : اذا انتي بعد تعبانه وتبين ترجعين امشي .

ردت بهدوء وثقل : شوف جدتي اكيد انها تبي ترتاح من الصباح وهي هنا . انا عادي مو تعبانه .

قالت ام ناصر وهي تمد يدها عليه : خل شادن تشوف المزرعه .. من اليوم منحرجة من ابو فيصل ماتقدر تمشي فيها .. قومني انا برجع مع فوزية ورجلها .

حس ان جدته تبي تقربهم من بعض اكثر قال : نبي نجي ان شاء الله مرة ثانية وتشوفها براحتها .

قاطعته : اليوم خلها تشوفها مايصير تطلع منها ماشافت الاشجار اللي غرسناها .

لامفر منها ومن تحكمها وسلطتها .

مد يده عليها وساعدها على الوقوف باستسلام ..

قال لفوزية اللي جات تاخذ بقية اغراضها : ساعدي الشغالات في الاغراض وترى جدتي بتروح معكم .

غمزت له فوزية قالت : ياعيني بتستفردون ببعض في الجو الحلو .

مارد عليها ومشى مع جدته لحد ماوصلت سيارة عبدالعزيز .

جلست شادن مكانها وصرخت بداخلها لا ..

ماتبي تجلس معاه هنا ..!

ياليتها ماتكلمت ولا قالت لجدتها انها نفسها تتمشى في المزرعه .

الحين وشلون تطلع من هالورطه ..

تقول .. "اروح مع عبدالعزيز" وتحرج نفسها

ولا احسن لها تسكت وتستسلم وتسلم امرها لربها ..

قالت فوزية وهي تشوف نظراتها الشاردة : ياعيني على الحب .. قلت لكم روحوا شهر عسل بس انتم تفكيركم ماادري كيف ..

ابتسمت لها شادن قالت : خذي فصولي بس ترى الشمس قربت منه ..

اخذت ولدها النايم ومشت فوزية وهي تتبعها بنظراتها لين اختفت ..

رجع لها عماد بعد ماخلا المكان بدقايق قليلة ..

وهي مثنية ركبها ومحوطتها بيدينها وتتأمل خضرة المكان الأرض المزروعه والأشجار الكبيرة اللي تحوط سور المزرعه ..

وريحة الطين المبلول بفعل الموية اللي تصب في الأحواض وتسقي الأرض ..

وبعض الشتلات وبعض الأشجار المغروسه في انحاء المزرعه ..

تأملها وهي لافه طرحتها على راسها ولابسه عبايتها ومو مبين منها الا وجهها بإشراقته ويدينها الناعمه ..

جا وجلس قريب منها وعدلت جلستها قال : ترى مافيه احد خذي راحتك .

ضمت عبايتها عليها قالت : عادي مرتاحه كذا .

طالع فيها وهي تناظر في الارض وشكلها مو راضي عن وجودها معاه ..

او انها محرجه من جدتها اللي تفرضها عليه اكثر .

حست انه يطالعها وغمضت بعيونها وفتحت قالت : بنطول هنا .؟

قال بصوت واطي وهو يقرب منها ويمسك يدها : انتي تبين تمشين ..؟

سحبت يدها بتوتر قالت : ايوه خلنا نمشي ماله داعي نجلس .

سحبها من يدها ووقفها معاه قال : الا له داعي مو تبين تشوفين المزرعه ..؟

: لا خلاص عادي .. بعدين .. مو لازم اصلاً ..

ابتسم لكلامها ورفضها وردة فعلها الغاضبة

حس انها متوترة من طريقة مشيتها وتعقيدة حواجبها .

ومسكها لعبايتها بيدها اليسار بقوة .

حاول يهديها بالكلام والسوالف وهو يترك يدها .

قال : شوفي .. هذي الأحواض سويناها عشان النخل .. كل نخله لها حوض .

قال وهو يأشر على شجرة كبيرة : تدرين هذي شجرة ايش ..؟

هزت راسها قالت بملل : طبعاً ادري .. عنب .!

ابتسم ابتسامه واسعه قال : اكيد عرفتيها من اوراقها ياحبكم يالبنات لورق العنب ... زيييين وهذي تعرفينها ..؟

هزت راسها بنفس الملل وحواجبها عاقدتها زي ماهي : لا اش هذا ..؟

: هذا ياطويلة العمر السدر اكيد قد سمعتي فيه .. اللي ورد ذكره في القرآن (وأصحاب اليمين ماأصحاب اليمين ، في سدر مخضود ، وطلح منضود ، وظل ممدود )

بس ترى سدر الجنه بدون شوك مو مثل هذا ..

عاد السدر والحنا هذولا اشجار جدتي المفضلة ..

فكت عقدة حواجبها قالت باهتمام عفوي : الحنا اعرفه بس السدر اول مرة اشوفه .

لف لجهه ثانية من المزرعه وهي تمشي بتعثر

لأن عباية الراس حقتها طويلة خاصة وهي مخليتها على كتفها

قال : نزلي العباية وامشي براحتك . ترى كذا بتطيحين .

رفعت عبايتها من تحت وطالعتها انعدمت بالطين قالت : لا عادي اقدر امشي .

مسك يدها وضم عليها قال : هذي هي السدر .. عاد الخوخ والتين يبي لها وقت عشان تكبر وتثمر توها شتلات . شوفيها هنا . وهذيك زرعنا فيها ريحان وورد .حط يده الثانيه على كفها اللي ماسكها وكمل : لأن مافيه اجمل من الورد .

سحبت يدها منه وهو يضم عليها اكثر وبلعت ريقها قالت : نرجع للبيت .

تجاهل حركتها وماحب يحرجها معاه قال : اصبري خلينا اوريك البير اللي تروي المزرعه .. قرب من البير وفتح باب السور الصغير اللي سواه عليها عشان شهد وفيصل اذا راحوا للمزرعه مايقربون منها ..

قال بدون تفكير : ولا ماودك تشوفين حلالك .

قالت بلهجة بارده خالية من أي تعبير غير الاحباط والخيبة : هذا حلالك انت مو حلالي .

لف عليها وحط وجهه بوجهها قال : حلال زوجك حلالك ياشادن .. وكل اللي املكه راح اكتب لك فيه جزء كبير .

كلامه خنقها ..

خنقها لدرجة ان دموعها تفجرت ..

نزلت نظرها للأرض ورموشها مبلله بالدموع

قالت : انا مالي فيك شي لا حلال ولا املاك . انا مجرد اسم في حياتك وراح ينتهي قريب لاتحاول تربطني بشي لك ..

شبكت يدينها في بعض ورفعت له نظرها وكملت بتوتر : ولا نسيت كلامك ..؟

مسح دموعها بأطراف اصابعه قال : لا مانسيت كلامي .. ؟ بس الدموع ليش ..

غمض عيونه وتنهد وهو يبعد نظره عنها في انحاء المزرعه ..

وكمل : انتي زعلانه من كلامي البارح ...

رفعت يدها كأنها تقول اسكت ونزلت من عينها دمعه حارة قالت : انا فاهمه كل اللي تبغاه مني .. مالي دخل فيك ولاني مسؤوله عنك والمفروض مااسأل فيك لأني بالأساس مالي علاقة فيك .

طالعت فيه وعيونها غرقانه دموع وهو مسمِّر نظراته فيها قالت : ليه تحب تجرحني ياعماد . انا مااهتميت فيك لأنك .. لأنك .. غمضت عيونها بقوة وهي مكشرة وكأنها تبي تطلِّع الكلمة بالغصب كملت بتردد: لأنك زوو زووجي ..

انا هنا انسانه وحتى لو كنت عدوي مو ولد عمتي وحبيب جدتي راح اهتم فيك .

حطت يدينها على عيونها بقهر لأنها تبكي قدامه وتستدر عطفه وحنانه ..

كان يبي يضمها بس صعب ..

صعب يكسر ويجبر ويرجع يكسر ..

صعب يأملها ثم يخيبها .

كان يطالع فيها بدون كلام .

عيونه قالت اشياء واشياء بس كيف تقدر تفهمها وهي ماعندها قدرة على ترجمة كلام العيون ..

مسحت دموعها وهي تطالع بنظرته المكسورة فيها ..

قالت : يالله نمشي ..؟

هز راسه بإيجاب والخيبة والاحباط ماليه وجهه وعيونه .

مشت قدامه وهي تحاول تتوشح القوة وتتظاهر بها من جديد بعد ماانكسرت قدامه ..

رافعه راسها فوق وكأنها تبي توجه انفها للسما وتاخذ اكبر قدر ممكن من الأوكسجين حتى يوسع شعبها الهوائية المكتنزة بالضيق والقهر والملل والمشاعر المتضادة والمتناقضة والمتضاربه .

متلخبطه .. وعايشة في دوامه .

خايفه من قربه ومن بعده .

صابرة وتمني نفسها بقدرتها على التحمل .

بنفس الوقت منهارة من الداخل وماعاد فيها تستمر .

اسبوعين ياعروس ..

لسه بدري .

باقي سنه ويمكن اكثر ..

سبقته للسيارة وهو يقفل بوابة المزرعه زين ومرعلى الحارس برا وكلمه ووصاه .

تأملت ملامحه اللي تحمل معاني غامضة .

تبي تعرف وش ورى هالغموض

وش سر هاالحنان الممزوج بالجفا والقسوة بالطيبة ..

تبي تفهمه بس وشلون وهو باني حصون وجسور منيعه بينه وبينها .

ركبوا السيارة ورجعوا للبيت والصمت كان سيد ومتسيد للجو ..

هو في عالمه وحياته اللي بدت خيوطها تتشابك ..

وهي بمستقبلها اللي يشوحه السواد والكآبة ..

اول ماوصلوا نزلت من غير ما تنتظره ودخلت البيت ..

لازم تبعد عنه اكثر واكثر ..

لأنها اضعف منها انها تكمل التمثيليه بقربه ..

دخلت غرفتها وسكرت عليها ..

رمت عبايتها وطرحتها ودخلت تتوضأ وتصلي العصر ..

ودها تطرد الافكار من راسها وتنشغل عنها بأي شكل ..

اما هو ..!

جلس في سيارته دقايق ..

نزل نظارته الشمسية وحطها في علبتها ودخلها بدرج السيارة ..

وين ينزل ووين يروح ومن يقابل

ان جلس مع جدته قالت شادن

وان طلع فوق لقى شادن

وكل زاوية وكل مكان فيه اثر من شادن ..

نزل وهو يجر الخطى ..

متى بس السايق يجي حتى يروح ويبعد عن هالمكان .

دخل البيت وتوجه لغرفة جدته مثل عادته يبي يتطمن عليها انها بخير خاصة انها اليوم تعبت في المزرعه ..

***

اكثر شي قهرها لمن سمعتها تقول زوجي بيوديني

حست انها ودها تدخل وتمسكها بشعرها وتشوه لها وجهها ..

تذكرت باس عماد وزعله لو سوت لحرمته شي ..

واضطرت انها ترجع لغرفة المدرسات مهمومه وموجوعه ..!

دخلت غرفتها وفتحت الشباك اللي ناحية بيتهم .

تبي تشوفه ..

لو لمحه تشفي بها ولهها عليه وتطفي بها شوقها ..

فتحت عيونها على وسع ..

ماكفى اللي صار اليوم واللي سمعته ..

احترقت واشتعل قلبها واضلاعها ووصلت النار لجسدها وعيونها ...

الا هالمنظر ماتبي شوفه ولا تبي تتخيله ..

شافتها وهي تركب بجنبه وهو يرتب الأغراض بالسيارة وماانتبهت للشغاله اللي ركبت قبل شادن ..

دمعت عيونها وتنفسها يزيد وضربات قلبها تقوى ..

ماتتحمل هالمنظر ابد ..

صكت شباكها الحديدي بقووة وراحت لمرايتها ..

مشطت شعرها وهي تشهق ..

حركته يمين ويسار اليوم سشورته ساعه كامله وفعلاً جاب نتيجه ... وماخسرت ابداً ..

سمعت صوت امها تسأل العنود عنها واخذت لها منديل مسحت به عيونها واخذت نفس عميق حتى ماتفتح لها امها محضر تحقيق واسأله مالها اول ولا تالي عشان البكا ليش ووش سببه ولا تشك ان فيها نفسيه ثم تعيد سيرة الشيخ مسفر ..؟

دخلت امها وطالعت بشعرها اللي نوف تحاول تخفيه عنها مراعاة لمشاعرها وهي اللي تحرم القص وتندم وتتحسف اذا وحده من بناتها جابت سيرة القص ..

قالت بلوم وحسافه : قصيتي شعرتس يانوف اللي تعبت عليه سنين وانا احنيه واحط عليه الزيوت اللي اشتريها بأغلى الاسعار .

: يمه وش رايتس بالله مو ازين الحين .. ؟

: لاوالله يابنيتي ماتذكريني غير بالعجوز الشايبه .

حركت نوف شعرها وهي تحاول تقنع امها فيه

قالت : يمه ازينه ولا شعر العله مرة عماد الأسود القاتم اللي يجيب المرض .

: شعر شادن خلق ربي لها ماصبغته بهالابيض والاصفر اللي انتي حايستن به عمرتس ... لا اله الا الله .. نسيتيني وش ابي اقولتس .

: تذكري يمه .

: ايه ايه ذكرت .. ابوتس يقول حمود واهله بيجون عندنا الليله .

: وش يبون ؟

: تعرفين شوي وش يبون بس الله الله بالشغل السنع .. سوي مثل شادن يوم جيتهم مسويتن كيكة مع القهوة كنها من السوق ..

: يافقع مرارتي من هالشادن وراي وراي في المدرسه قدامي وفي البيت سيرتها وحتى الشباك الشباك افتحه الاقيها تطلع لي .

: لاتتعرضين لها وعامليها زين ولا ترى رجلها مهب ساكت لتس .

: يوووووووه طيب خلااااااص مانيب متكلمة لها ولا متعرضه لها وابخليها على كيفها بس فكوني من سيرتها .

هزت امها راسها بحسرة وقامت طلعت من عندها ..

والثانية رجعت لها ذكرى الموقف اللي قبل شوي ..

والصورة المؤلمة بالنسبة لها ..

وسرحت بخيالها معاهم ..

تتخيل ضحكهم ومزحهم وغزل عماد لها ودلعها عليه ..!

" ياعالم عماد لي انا ..

من حقي انا ..

انا اللي حبيته وتمنيت له الخير ..

وانا اللي فرحت لنجاحه وتميزه ..

وبكيت اذا تأخر وغاب ..

انا اللي اهتميت فيه وانا بعيده ..

وتمنيت اني قريبة منه اداريه واهتم فيه واحرص على راحته .."

لمت شعرها والعبره خانقتها وراحت تشوف اختها نورة وصلت من مدرستها البعيد ولا لا ..!

***

قلبها ناغزها على شادن ..

ومو متطمنه عليها

تحس ان بنتها فيها شي

صحيح ان خلود اليوم اتصلت عليها وطمنتها ..

بس قلب الام ما يكذب ..

ياترى وش فيها بالضبط .

كانت ام نايف واقفه في المطبخ تسوي العشا وهاجسها شادن ..

هالايام صايرة تفكر فيها بعمق وماتروح من بالها ابداً

دخل عليها نايف وسلم على راسها قال بمرح : تطمني شروطي مو صعبة ابي لي وحده مزيونه وبنت ناس وتحبك وتدور رضاك بس ..

ضحكت امه منه وهي تدعي له : ياربي اشوفك عريس قريب واقرّ عيوني في عيالك .

كشر بوجهه قال : المشكلة ماابيك تصيرين عجوز ويقولون لك ياجدتي .

: ههههههههههههههههه لا ماعليك انا راضية . ها كلمت عماد تدري عن فهد ..؟

: دقيت عليه بس شكله في الديرة ماعنده شبكه .

: الله يستر .. بتروح لهم . ؟

: بنتظر لنهاية الاسبوع اذا محد طمني مشيت لهم .

تجمع الدمع في عيون امه قالت : ياليتك تروح عشان تطمني على اختك ....

قاطعها نايف وهو يلف يده على اكتافها قال : بلاش الدموع الله يخليك .. اذا تبين تروحين لها من الحين امشي ولا بكرة الصباح نمشي لها اذا كل هذا قلق على شادن .

مسحت دمعتها اللي نزلت على خدها قالت : انا مو قلقانه بس قلبي ناغزني عليها .

ضحك نايف قال : كيف احل هاللغز ..؟ نغزة القلب معناتها قلق .. يمه مافيها الا العافية تطمني جدتي تحبها وعماد انا اضمنه لك .. يايمه عماد رجال وسمعته عند عماني وعيال عمي ناصر وكل اللي يعرفونه يقولون مايغلط على احد ومحترم والزله ماتطلع منه .

: هذا اللي مطمني .. حتى هو الله يهديه اذا جا لجده مايتصل ولولا انك تتصل عليه مافكر يطمنا عليها .

: تدرين انه يجي عشان موضوع فهد اللي مربكهم غيره توه عريس ويمكن مستحي .

هزت راسها وهي تحاول تقتنع بس قلبها مو راضي قالت : الله يستر عليهم ويوفقهم .

اخذ نايف حبة جزرة من الثلاجه وغسلها وقعد ياكلها وهو يقول : ها يمه نمشي بكرة لبنتك .

: لا وش اللي نمشي بكرة ..؟ مستحية من الناس بنتي ماكملت شهر وانا محضرة عندها . استنى اذا مر عليها شهر ونص على الاقل ان مازارتنا رحنا لها .

طلع من المطبخ وهو يقول : على كيفك بس أي وقت تبينها لايردك شي ماعندي اغلى من عزيزة اوديها للمكان اللي تبغاه وفي الوقت اللي تبغاه .

لهج قلبها ولسانها بدعواتها الصادقه ويارب تخليه لي وتحميه من كل سوء وتكتب له الخير بحياته . غصت بكلامها وهي تقول وتسعد شادن وتطمن قلبي عليها .

***

ثلاثه ايام من الشقاء والتفكير المضني والدموع الغزيرة على حالها وحظها ..

نايمه على جنبها وهي تتخيل ردة فعل الناس عن الخبر ..

وتتخيل وقع الخبر على صديقاتها ..

خالتها وبناتها ..

عمانها اللي يحبونها ويدللونها ..

على فيصل ولد عمها اللي يحبها من صغره ويعتبرها اخته حتى يوم كبرت وصارت تغطي عنه كان يرسل لها كلام مع ابوها ولا مشاري يقول تراني ارفع راسي فيها ..

ضمت الخدادية على معدتها اللي تعصرها خوف ورهبة ..

تبي تنهي الموضوع بسرعه وتفتك منه ..

تبي تعيشه ولاتعيش انتظاره وقلقه .

اليوم ماداومت ..

كله عشان موضوع الطلاق وروحتها للمحكمه ..

ياترى بتاخذ كم يوم ..؟

يوم ..؟

اثنين ..؟

اسبوع ..؟

شهر ..؟

ولا اكثر ؟؟

دخل عليها مشاري وهو يزبط شماغه ويصفر

قال : للحين نايمه ..؟ يالله يالله قومي البسي على بال ماافطر ترى وراي مشوار للطايف .

رفعت راسها له قالت : مشاري اش رايك اروح اعمل لك توكيل وخلاص .

: والله اللي يريحك .. بس الموضوع اسهل مما تتخيلين . كلها مشوار للمحكمه وينتهي .

حست ببطنها يألمها اكثر ونفسها ترجع كل مافي معدتها رغم انها فارغه ..

قامت توضأت وصلت الاستخارة للمرة السادسه

وبطمأنية وصتها عليها فاطمه دعت دعاؤها من اعماق قلبها ( اللهم اني استخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك واسألك من فضلك العظيم فإنك تقدر ولا اقدر وتعلم ولا اعلم وانت علاَم الغيوب . اللهم انت كنت تعلم ان ( طلاقي من زوجي خالد ) خيرٌ لي في ديني ودنياي ومعاشي وعاقبة امري فاقدره لي ويسره لي .. وان كان هذا الامر شرٌ لي في ديني ومعاشي وعاقبة امري فاصرفهُ عني واصرفني عنه واقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به .. )

كررت ثم رضني به اكثر من عشر مرات وهي تبكي ..

قالت الدعاء في ركوعها وسجودها ومابين السجدتين وبعد التحيات ..

اخيراً سلمت على يمينها ويسارها وقامت لبست عبايتها وطلعت لمشاري اللي ماوقف اتصال عليها .

: شوفي كم اتصال بالله .

ردت عليه بصوت باكي .. : شفت 27 مكالمه .

اول ماسمعها سكت وهو مقدر حالها وشعورها بس اللي ماقدر يفهمه انها هي اللي الحت انهم ينهون الموضوع ومع هذا تبكي وتنوح ..

حرك السيارة قال : سارة بسألك سؤال .

ردت بسرعه ماتوقعها واجابة فاجأته ..: ادري وش بتقول .. انا ماني زعلانه عليه .. بس الناس والمجتمع ونظرتهم لي هذا اللي مخوفني .

: وانتي يهمونك الناس اكثر من مصلحتك ياسارة .. والله وانا اخوك محد بداري عنك اذا اخذتي الرجال هذا وشفتي معه المر .. لاتفكرين الا بنفسك وان ربي يحبك ويحبنا لما كشفه على حقيقته قبل نتورط معاه اكثر .

هزت راسها باقتناع وارتياح من كلمة اخوها اللي بثتها القوة بعد كلام فاطمه لها امس في الليل ..

وصلوا المحكمة وانهوا الاجراءات بهدوء وتيسير من الله وطمنها الشيخ بأن الله لايكتب للطيب الا طيبه ولا للخبيث الا خبيثه مثله .. وانها هي بنت ناس وطيبه ولاكتبها ربي لواحد مثل هالخبيث .

دعا لها بالتوفيق ولخالد بالهداية وطمنهم ان قضيتهم كسبانه بإذن الله ..

رجعت وهي تحمد الله انه يسر لها امورها واقنعها ورضاها وماخيبها ..

***

ثلاثه ايام مرت على عماد من بعد غداهم في المزرعه وهو يطلع العصر ومايرجع الا آخر الليل يدور على فهد مع خاله فواز ولا مع بندر ..

تأكدوا انه ماسافر ولا خرج برا السعودية

وبلغتهم الشرطه انه مو موجود لابالمستشفيات الحكومية الكبيرة ولا بأي سجن ..

وماصار قدامهم حل الا انهم يدورونه في البر ..

وهذا حاله له ثلاثه ايام يفرون البر ويدورونه ويرجعون بلاجودى او نتيجه

ومجرد مايدخل بيته يحط راسه وينام ..!

مع صلاة العصر ..

دق الجرس وهو ينزل من الدرج ..

التفت على جلسة جدته وشادن .. والقى السلام وردوه عليه ..

قالت له ام ناصر وهو يتوجه للباب : اليوم تبي تروح مع فواز ؟

رد بصوت عالي : لا ماني رايح .

رغم انها تبيه يروح يدور على حفيدها اللي غيابه همها وهم كل عايلتها الا انها حست بالارتياح انه بيجلس في بيته ..

خاصة ان وضعهم ابداً مو عاجبها والكلام بينهم معدوم الا السلام وسؤال عابر ..!

قالت ام ناصر : قوميني يابنيتي دخليني لغرفتي بصلي العصر .

ساعدت جدتها على الوقوف ودخلتها وطلعت فوق ..

من اول ماجات من المدرسه وهي بجلابيتها الثقيله والواسعه ومحتاجه شور يجدد لها نشاطها ..

اعتادت عدم النوم في النهار ..

وصارت تنام من الساعه 10 وتصحى سته .

دخلت غرفتها واخذت لها شور ولبست لها جلابية عادية ..

لايمكن تلبس شي حلو وعماد موجود ..

ماراح تتزين له ولا تلبس له ..

هذا قرارها من بداية زواجها ..

الجو ممل في البيت ولولا وجود جدتها كان تفجرت من الملل والزهق لوحدها

حتى فوزية ماعاد تقدر تجيهم ايام الاسبوع لأن شهد تنام بدري وصعب تتركها لوحدها ..

وعماد حتى لو كان موجود وجوده مثل عدمه بالنسبه لها ..

تمشت في الغرف اللي فوق

ودخلت غرفتها القديمه قبل ماتتزوج عماد وتاخذ الغرفة الأكبر والأفخم ..

راحت للمرايه وطالعت بشكلها ..

بنت عادية ماكأنها متزوجه ...

ماتختلف كثير عنها قبل ماتتزوج

بس نحفت شوية وصارت تجمع شعرها وتمسكه بشباصه

وماتحط ميك اب ابداً الا اذا جا عندهم احد او راحت للمدرسة ..

عكس زمان لمن كانت باستمرار تهتم بشكلها وأناقتها

وتعتني بشعرها تفتحه ولا ترفعه ولا تحطه على جنب ..

والميك اب ماكان يفارقها الا عند النوم ..

القلوس والروج تحسها جزء من حياة المرأة ..

والكحل غالباً مايفارقها ..

فتحت الستارة حقت غرفتها اللي تطل على البوابه وهي تحاول تبعد عن المراية حتى ماتفكر بالأسباب اللي خلتها بهذا الشكل ..

طالعت بعماد اللي واقف مع الهندي ويملي عليه اوامره ويأشر على السيارة حقته ..

وكأنه متعود على انه يأمر ولا يؤمر ..

نزل نظارته الشمسية اللي اعتادت عيونه عليها اذا طلع في النهار

دور في درج السيارة ورقه طلعها بعد ثواني .

رجع نظارته على عيونه وهي تتأمله ..

هيبته بشكله وجسمه وحركته وكلامه ونظراته .

لفت انتباهها نور اشتغل في وحده من غرف بيت ام نوف وضح لها مع الشباك اللي يطل على بيتهم ..

حمدت ربها وشكرته على النعمه لمن دققت في بيت اهل نوف ..

بيت قديم من برا مافيه أي لون والاسمنت زي ماهو ..

شبابيكه حديد ،

وابوابه حديد ملونه بلون اخضر مبهت من الشمس ..

فتحت عيونها لمن شافت البنت توقف على الشباك بكل جرأة ..

لاااا معقولة ؟ نوف !

حطت يدها على فمها وهي تشهق بقوة وتفتح فمها وعيونها ..

طالعت في نوف وهي تفتح شعرها وعماد معطيها ظهره ويكلم السواق ..

راقبت تصرفات نوف وهي تراقب عماد وماتشيل نظراتها عنه ..

حطت يدها على صدرها وزفرت بـ : ياويلي .. معقووووولة ..؟؟؟

تأملتها اكثر وقالت : الحين بس عرفت ..! اجل عماد السبب يانوف ..؟ عماد هو اللي مخليك ماتطيقني شوفي ولاصوتي ..

طالعت فيها وهي متسمرة على شباكها وعماد ماانتبه لها او بالأحرى مااهتم لها ...

حست بشعور مختلف مو طبيعي ...

حقدت على نوف اكثر واكثر ..

رددت بصوت عالي وبغضب عارم : اللئيمة تبي عماد يشوفها بشكلها الجديد ..؟ تبي تلفت انتباهه حتى وهو متزوج ...

متزوج ؟

هههههههههههههههههههه صدق اني غبيه ..!

اجل عماد متزوج ..!

عماد جايبني ضيفه شرف في بيته توفر على نفسها مشوار جده اللي يهد الحيل وتفكه من سيرة تزوج تزوج ..!

سكرت الستارة ورجعت للصالة وجلست على الكرسي الهزاز اللي قدام التلفزيون في الصاله اللي فوق .. !

تنرفزت وصدعت وتحس دمها يجري بقوة هائله من العصبية الزايده ..

معقولة نوف تاخذ عماد ..

ومعقولة تكون هي سر غموضه ورفضه للزواج .

طيب لو كان يبيها كان خطبها ...وش يرده ..؟

لا لا لو يبيها ولا يفكر فيها ماراح وهددها بالنقل لو تعرضت لي ..

حست بشي مو طبيعي بداخلها ..

فكرها مشوش..

وفكرة ان عماد يتزوج زواج حقيقي بوحده غيرها تحرقها ..

تشعل قلبها ومشاعرها ..

وقفت بسرعه وراحت لغرفتها ..

قالت : مو انا اللي نوف واشكالها تاخذ زوجي مني ومو انا اللي افرط في زوجي واخليه يحب وحده غيري .. اذا عماد اعجب ولا حب بنت ولا سمح لأي وحده تدخل حياته .. فالمفروض تكون انا ..!

وراح اجيبك ياعماد وبطريقتي من غير ماتهيني ولا تمس كرامتي ..!

فتحت دولاب ملابسها وفتشت في ملابسها بارتباك ..

الجلابيات اكثر شي في الدولاب ..

كانت تفتش بسرعه وارتباك وكأنها تبي تلحق الوقت وتسبقه . .

تنانير تنانير ..

بناطيل ..

اطقم ..

فساتين ناعمه سبورت وفساتين سهرة ...

بلايز اشكال وانواع وألوان .. بديهات ..

قررت انها ماتتكلف في لبسها وتوفر الملابس الحلوة لبعدين ..

وتبدا حبه حبه وبالتدريج ..!

طلعت لها برمودا جينز وبلوزة لونها اصفر ناعمه وقصيرة واكمامها قصيرة مرة ...

صحيح انها تغامر بلبسها هذا قدام عماد وجدتها بس مافيه مفر ..

لازم تغامر وتسوي المستحيل حتى تظفر بزوجها وتشغله عن نوف وغير نوف ..

بسرعه لبست وفتحت شعرها الأسود اللي انسدل بنعومه على اكتافها وحطت ميك اب ناعم وختمت بقلوس لحمي ..

لبست صندل ناعم لونه اصفر ..

وحطت من عطرها القوي اللي سارة دايما تقول انها تدوخ عليه ..!

نزلت مع الدرج بنعومه متعمده خاصة بعد ماسمعت صوت عماد وهو ينادي الشغاله تجيب له مويه ..

راحت للمطبخ وحطت في الصينيه اربع كاسات ومعاها المويه وجات تمشي للصاله ..

نزلت المويه على الطاوله ..

ومارفعت نظرها له لأنها ماتبي تواجه ردة فعله ..

مستحيه وخجلانه وخايفه ومرتبكه من داخلها ..

بس تتظاهر بإن وضعها عادي جداً واللي تسويه شي طبيعي ..

كان يطالع بالأرض ويفكر وين يحط السايق مع الحارس حق المزرعه ولا يحطه بالغرفه اللي برا عند البوابه ..

بس كيف يخليه قريب من بيته وهو اغلب ايامه في جده ..

خاصة انه من بكرة بيودي شادن وشهد للمدرسة ..

وراح يصير مكانه في اغلب الأمور بالذات في تلبية طلبات البيت ..

وو.....

انشل تفكيره وهو يشوف الحرمه اللي واقفه قدامه وسيقانها بيضا وأنيقه وصندلها اللي تزينه الاكسسوارات والخيوط الرفيعه والناعمه مغري ..

رفع راسه يحسبها الشغاله وكان ناوي يثور عليها ويوريها اللي عمرها ماشافته ..

بس جمد بمكانه وانشل كله هالمرة ..

هذي شادن ..؟

وش غير حالها ..

لها فترة مايشوفها الا بالجلابيات وشكلها مهمل وعابسة ومكشرة وفجأة تطلع بكل هذا ..

الحين هذي اللي قبل شوي جالسه مع جدتي ومكشرة ..؟

رفع راسه لوجهها وهرب بنظراته عنها ..

حاول يبين انه مو مهتم ولا انتبه قال بصوت مختلف ومرتبك

: مافيه قهوة ؟

ابتسمت بدلع وخجل قالت : الحين اجيبها ..

لاا هذي مو صاحيه تبتسم ..؟

صبت له مويه واخذها من دون مايطالعها وشرب الكاسة كلها دفعه وحده وريحة عطرها تخترقه بجنون وتلزق بخياشيمه وتشبثت في خلايا دماغه ..

نزلها على الطاوله وهو يلعن ابليس وتمنى انه راح مع فواز ولا مشى لجده بدل مايقابلها ..

راحت للمطبخ وجهزت القهوة وطلعت حلا من اللي سوته البارحه ..

رتبته في صحونه بالصينيه وطلعت له تمشي بهدوء ونعومه ..

كل خطوة كان قلبها يرجف بقوة ويعلن زلازله وبراكينه من جرأتها اللي مااعتدتها بس هذي حرب ولابد تنتصر فيها ..

وصلت عنده ونزلت القهوة على الطاولة ورفعت صينية المويه وحطتها على طاوله ثانية ..

صبت له فنجال ونزلته قدامه وهو مو مسوي نفسه مركز بالتلفزيون وكل ماحس انها اعطته ظهرها ولا ماتطالع فيه التفت عليها وصد بسرعه ..

مايدري ليه يطالعها ..

يمكن حب استطلاع ولا اعجاب ..!

شرب من فنجاله ونزله وشافها قامت راحت لغرفة جدتها ..

وضم وجهه بيدينه ..

هذي لوين بتوصله .. ؟

دخلت عند جدتها قالت : جدتي صاحيه ..

ردت جدتها المنسدحه بجنب سجادتها ومتوسده ذراعها .. : ايه يابنيتي صاحيه ومنيب مجنونه .

: ههههههههههههههههههههههههههه ادري انك صاحيه ومو مجنونه انا اقصد انتي نايمه ولا لا .

: منيب نايمه .. منسدحه واسبح واستغفر .

شغلت شادن النور وقربت منها ..

قالت : جدتي تحسين بشي .

: لاوالله مابي غير العافيه ولا احس غير بفضل ربي علي .

تغيرت لهجة الجده من الامتنان والشكر للحده والاستنكار ..

: اعوذ بالله من ابليس .. هذا وشو اللي انتي لابسته .؟

قربت شادن منها قالت بصوت واطي : جدتي تكفين لاتقولين لي شي . هذا لبس البنات هالايام .. وانتي ماترضين اني اقل عنهن بشي خاصه قدام زوجي .

: يابنيتي وش زين الجلابيه عليتس ..

: الجلابية البسها اذا زارونا جاراتنا ولا جونا عماني .. اما زوجي تعرفين ياجدتي انه قد سافر وشاف البنات ماابغاه يقول ليتني اخذت وحده تلبس وتتزين مثل اللي كنت اشوفهن وحارم نفسي منهن .. تكفين جدتي لاتقولين شي قدام عماد ولاتزعلين مني .

هزت ام ناصر راسها قالت : جيلن مدري وش لونه مير الله يهديه .. منيب قايلتن لتس شي والبسي على كيفتس اذا عماد يبي هالخماليق منيب متكلمه .

:هههههههههههههههههههههههههه ياعمري ياجدتي عسى الله يخليك لي ولا يحرمني منك .. يالله اعطيني يدك وقومي معاي ترى القهوة عند عماد في الصالة واذا ماتقدرين بخليه يجي عندك واجيب القهوة .

حست ام ناصر باطمئنان لحال بنت ولدها اللي كانت تشوفها ساكته ومهمومه وشايلة همها ..

قالت : لااله الا الله .. توكلت على الله .. لا تخلين عماد يقوم عشاني خليه يرتاح .

قامت بمساعدة شادن وطلعت معاها للصاله ..

قالت وهي قريبه من عماد بصوت واطي تحاول تخفيه عنه لكنه خذلها وسمعه

: دوري راحته وانا جدتس .. رجلتس رجالن يشقى ويشتغل من يوم يصبح لين يمسي . لاتضغطين عليه ولاتقابلينه بوجهن عابس .

: ابشري ياجدتي اللي تامريني فيه وتبينه يصير .

: الله يرضى عليتس ويرحم والديتس ويرزقتس بالذريه الصالحه .

التفت عماد على جدته وشادن معاها وهذا لبسها صدق شي غريب ..

اجل هذي ام ناصر اللي لو شافت فوزية لابسه تنورة قامت تهاوشها ..

الحين تضحك مع شادن وتسولف وهي لابسة هالملابس .

صدق حريم مالهن امان وكلمة مهيب وحده ..

قال : هلا والله حيا الله ام ناصر مريت عليتس وشفتس نايمه .

: منيب نايمه ياوليدي وشفتك يوم جيت بس مابغيت اقطع تسبيحي ..

الا اللي دق الباب منهو .

: هذا السواق من بكرة بيوديكم ويجيبكم ويخدمكم في غيابي .. جدتي مثل ماقلت لتس لااشوف وحدة منكم طالعه تمشي على رجولها بين البيوت ..

: وين تبي تسكنه ..؟

: والله ياجدة محتار وين احطه اسكنه مع حارس المزرعه ولا في غرفته هنا ..

قالت شادن : شو حنستفيد اذا سكنته عند الحارس .. سكنه هنا ومفتاح البوابه يصير معانا حتى الشغاله ماتمسكه .

طالع بشادن وارتبك قال حتى مايواجهها بأي نقاش ويضطر انه يطالعها اكثر من كذا : خلاص شورك وهداية الله يابنت خالد .

صبت له فنجال قهوة قالت : ماعجبك الحلا ليه مااكلت ..؟

"هذي وش سالفتها اليوم"

قاله بقلبه ورد عليها : الا زين بس انا لو آخذ عندك اسبوع بزيد عشرة كيلو .

قالت ام ناصر : ليتك تسمن .. انت رجالن تشقى وتسافر .. خل مرتك تطبخ لك وتوكلك ابرك لك من هالعيشه اللي تاكلها بالمطاعم .

قالت شادن : مافيه مطاعم هنا ؟

رد عليها بفتور : لا مافيه شي هنا .

فهمت مغزاه من كلمته ومقصده ..

يعني مافيه شي تتأملين منه خير ..

اولهم انا ..

ماعليه ياعماد .. نتحمل وش ورانا ..

حبت تعانده وابتسمت قالت : اصب لك قهوة ولا اجيب لك الشاهي ؟

عقد حواجبه وهو يحسها بدت تلعب لعبة اكبر منها ومنه

قال : لا لا خلاص بيأذن المغرب وابي اقوم اصلي .

صبت شادن لجدتها فنجال وصبت لها ..

واخذت فنجاله صبت له قالت بابتسامه ساحره باطنها ممزوجة بتحدي وعناد وظاهرها عفوي وتلقائي .. : ياشيخ تقهوى .. لسه بدري على الأذان .

دق الجرس ولاشعورياً قال : شادن قومي ادخلي يمكن احد من خوالي لايشوفك وهذي ملابسك .. بسرعه .

فزت شادن وطلعت لغرفتها فوق وراحت الشغاله تفتح ..

معقوله يكون يغار ..

طالعت في شكلها قالت بصوت عالي : مالت .. مافكر فيك ولادرى عنك عشان يغار .. كل الموضوع انه مستحي يقولون هذي ملابس زوجته وهذا شكلها وهم اللي يحرمون ملابسي هذي .

وقفت عند المرايه وزادت مكياجها وكحلها .

وكثفت القلوس اللحمي على شفايفها وبخت من عطرها اكثر ..

سمعته يناديها من تحت بصوت عالي : ياشادن .. انزلي ماعندنا الا شهد .

نزلت وشافت شهد اللي تعلقت فيها على طول وهي تقول : شادن انتي مرة حلوة حتى عماد حلو .

قالت ام ناصر : ياشادن يابنيتي والله مااقدر ارفع نظري عليتس وانتي بهالخماليق ..

ابتسم عماد من كلام جدته ورفع نظره لشادن يبي يشوف ردة فعلها وشافها وهي تكلم جدتها بنظراتها وتلومها قال وهو يعدل جلسته : انا قايل لها ياجدتي بس شكلها تحب العناد وماتسمع الكلام .

ضمتها شهد قالت : عماااد شادن احلى بنت وملابسها احلى من ملابس كل البنات واحلى من ملابسك انت .

رفعت شادن نظرها له قالت وهي تبتسم وتحاول تغير الموضوع : الا صحيح عماد بغيت منك خدمه اذا بتروح لجده قريب .

حط عيونه في الجريده وفتح صفحه ثانيه قال : اكتبي لي كل الاغراض اللي تبينها في ورقة .

لفت رجل على رجل قالت : لا لا ابغاك تمر على اهلي وتعطي نايف فلوس من عندي ابغاه يقدم على شغاله لامي .

قالت ام ناصر بردة فعل سريعه : بيض الله وجهتس يابنيتي .. لاتدفعين ولاريال رجلتس يجيب لامتس شغاله وشغالتين دام ربي منعم عليه وفلوستس احفظيها .

ردت شادن : لا لا محد يدفع فلوس الشغاله غيري .. يكفي انه مو مقصر معاي .

طالعها عماد وقفل الجريده قال بقهر مكبوت : قومي بس جيبي لي شاهي واتركي الكلام الفاضي عنك .

وقفت وهي تحس بنشوة الانتصار وراحت للمطبخ ..

تلعب لعبة اكبر منها هي تدري بس هاللعبة لذيذه وهي تتلاعب باعصابه خاصة بعد سالفة نوف ..

ممتعه لدرجة انها تتأرجح مابين الفرح القهر ..

التناقض بداخلها واللي زاد اليوم عن جده غير لها الجو الممل والكئيب في البيت شوي ..

خلاها تغامر وتعيش تجارب بدال الاكتئاب اللي هي فيه من اسبوعين

التفتت على الباب وهو واقف وراها قال للشغاله : لسلي اطلعي برا .

طالعت في لسلي بنظرات استجداء انها تجلس بس عماد امر وهي تنفذ ..

رد الباب قال : ايييييه ياست شادن وش ناوية عليه . ؟

لمست مقبض الابريق اللي تغلي الموية فيه ورفعتها بسرعه لأنها حارَّة .. وحطت اصبعها عند فمها ونفخت على مكان لمستها للابريق ..

قال وهو يقرب منها : مارديتي عليّ .

امتزج اللون الاحمر بالاصفر في بشرة وجهها قالت : مو ناويه الا على كل خير .

: وشو الخير اللي تقصدينه بالضبط . ؟

ابتسمت له وهي تبلع ريقها بالقوة قالت : تحقيق ياعماد ..؟

: لاوالله مو قصدي احقق بس ابي افهم انتي وش تبين بالضبط . ؟

اخذت الوقاية بيدها وقعدت تحركها وتثنيها قالت بضيق مصطنع ومزجته بدلع : الحين انا سويت لك شي ؟ .. غلطت ..؟ تماديت بشي ..؟ سويت شي يضايقك . ؟

قرب منها ومسك يدها وسحبها كلها لصدره قال وانفاسه الحارة تلفح وجهها : والحركات هذي وش اسميها ..؟

ماعندها رد ولا كلام وهو يضمها اكثر ويدينه تحوط ظهرها بقوة

قالت بصعوبه : لاتسميها شي ولو سمحت بعد عني ..

همس لها : ابعد ها ..؟ انا اللي ابعد ياشادن وانتي ..؟

: خلاص والله خلاص بس بعد عني .

شاف صوتها تغير وخاف انها تبكي .. وهي تحاول تدفه عنها قال : انتي مو فاهمه شي لاتحاولين تغامرين بشي منتي قده .

فكها من يدينه وانهارت على الكرسي وحطت يدينها على وجهها قالت : عماد اطلع من المطبخ ..

تنهد بصوت عالي قال : انا بكرة بروح لجده وراح اقدم لامك على شغاله لكن اقسم بالله لو سمعتك تدقين بالكلام زي قبل شوي لتشوفين شي مايسرك ياشادن .

طلع وتركها تتخبط اكثر من اول ..

هذا اللي جابته لنفسها ..

يالله هذي اولى الخطوات .

وقفت وعدلت بلوزتها وهي تتمتم بـ : ماعليه ياشادن خليك اقوى واصبر وتحملي يابنت .. زوجك يكون لك بأي طريقة ولا يكون لنوف وامثالها .

***

Continue Reading

You'll Also Like

2.6M 56.7K 61
تعالت همسات الجميع من حولها منهم المشفق منهم الشامت بينما هي تجلس مكانها جاحظة العينين غير مصدقة انه فعل بها هذا لقد غادر بوسط الزفاف تاركاََ اياها ت...
648K 8.4K 71
إما أم أن تكون العائلة ملاذك الآمن..وإما أن تعيش بسببها في خوف وجوع دائم .
4.3K 139 39
عاميه وليست بِفُصحى.. الكَاتبة:شُتات احمد. بين ممرات المستشفى وبين فرق التحقيق الجنائي بين الألم والفرح والصدمات الغير متوقعه وفي كُل الاوضاع يبقون ي...
31.2K 567 25
اول روايـه لي في عالم الخيـال والكتابـه ، تمت كتابتها في عام 2018 بالتاسع من اكتوبر ✨ - لا احلل سرقتها او اقتباسها او نقلها لمكان آخر ✖️- - تتكلم عن...