- Nicole -
بدأ الجو يَشتد برودةٌ , تلك الحاله بدأت تتفاقم مع مرور الايام و ازداد اهمالي لها .. خوفي يُسيطر عليّ من معرفة سببها , لا انوي معرفتها حتى , لم يرَها احد عدا هاري و هذا اكثر ما يُرعبني .. آني بدأت بالمشي الاسبوع الماضي , كُنت طول اليوم خارج المنزل مع سيلينا و عُدت متأخره , وجدتها تتمسك بالسُلم و تخطو بسطتُ يداي لأحتضانها , بدأت بالسير بخطواتٍ ضعيفةٍ بدون التمسك بشيءٍ و تقدمت نحوي بتلك الجواهر الغارقة بالدموع , احتضنتها كأنني لم ارَها لأشهر , انها حساسةٌ للغاية تُشعرني بالذنب اذا ابتعدتُ عنها بلا سبب بنظراتها تلك و فمُها المُقوس الى الاسفل .
الساعة الحادية عشر قبل مُنتصف الليل , امي خلدت للنوم مُبكراً لأن عليها الاستيقاظ صباحاً لمقابلةٍ ما , جالسة وحدي مقابل المدخنة و اراقب آني النائمة امامي .. اُطالع كتاباً لرواية اخرى .. احبُ قراءة الروايات اشعرُ انها تأخذني الى عالمٍ خاصٍ بها .. عالم خاص بالشخصيات فقط , ذلك الحب النادر الذي جمعهما , كيف ستقع بحبِ شخصٍ ما ثم تدركُ انها لم تقصده بل قصدت صديقه ؟ اعني كانت تحبُ تفاصيلهُ كـ يداهُ و عطرهُ و شقتهُ و خصوصاً المكتبة الصغيرة حتى حين استعارت احد الكتب , عشِقت تلك الملاحظات المكتوبة بالحبر الازرق على جانب العبارات الاساسية .. و في النهاية ادركت ان يداهُ مُشوهة , و عطرهُ الذي يضعهُ ليس المفضل له و انما اشتراه لصديقهِ و فكّر بشراء واحدٍ له , و ان الشقه لصديقهِ و اخيراً الملاحظات كتبها صديقه . اي انها احبت شخصيةً ما و اخطأت بالشخص الذي يُجسدها .. و في النهايه مات هذا الصديق .. رائع .
انتهيتُ من الكتاب و بدأت بروايه افكاري الخاصه .. تلك الشخصية التي احبها الذي يُجسدها هاري , اتمنى ألا يكونَ له صديق , قهقهت على تفكيري الساذج .. و كـعادتي افكِّر به اعني لن انكر انني احبهُ مجدداً حتى ان سيلينا حينما تحدثت عنه لاحظت ابتسامتي التي شقّت وجهي و بدأت بألقاء خطابها كـأنها شكسبير جعلت مني جولييت و منه روميو , اوه سيل .
عند اخبارها لي بما حدث معها هي و نايل فرحت لها للغايه اعني نايل الغبي و سيل الخجولة من كان سيصدق , لكّن هذه هي نهاية حُبهما .. الذي جعلها تنام بدموعٍ تُبلل الوسادة و فؤادٍ منكسر , و شعورهُ بالخيبه نتيجه الظن الخاطئ و الخسارة , السعادة التي تطغى على ملامحها لا توصف .. الحُب الذي اراه في اعينهما .. اهتمامه بها و غيرتها عليه , كُل شيءٍ مثالي و هذا ما تستحقهُ سيل بعد كُل ما رأته من الحرمان و الالم .
بعد كُل هذا التفكير بمشاكل الاخرين شعرت بثقلِ اجفاني , تمددت على الاريكة بعد ان اخمدت نار المدفئة و وضعت آني في سريرها المتحرك , داعب النوم رموشي الى ان استسلمت له , آملةً ان يكون غداً افضل .
#selena
انتهيت من الاستحمام و ارتديت منامتي القطنية , وضعت مرطب البشره و بدأت بتجفيف شعري .. انتهيت و نظرت الى نفسي بالمرآة .. بشرتي استعادت اشراقتها و عيناي استعادت رونقها , بأختصار استعدتُ نفسي ابتسمتُ و سمعتُ جرسَ الباب , من يكون في منتصف الليل ؟ رجاءاً جينيفر ! , جينيفر هي الفتاه الجديده في العماره كانت في الصين مؤخراً قبل ان تأتي الى لندن و تعاني من فرق توقيت لعين , تأتي كل مرة و تسألني عن الساعة مللت و اعطيتها ساعتي الجدارية و لم ارَها منذ ذلك اليوم سوى في الرواق .
فتحتُ الباب و كان نايل !
" نايل ؟ ماذا تفعلُ هنا ؟ "
تسائلت عن وجوده المُريب امام بابي منتصف الليل .
كان يرتدي بيجاما قطنية و -- لا يرتدي تيشيرت و يحمِل وسادته , هاه
" كوابيس " .
قال بوجهه الطفولي ذاك و شعرهُ الغير مُرتب المبعثر على جبهته .
ابتسمتُ و ادخلته , نايل انتقل الى الشقّه الاخيره في رواق شقتي منذ ان اعلنت عن حبي له ذلك اليوم , اريد صفع نفسي كلما تذكرت انني قلتها له , لكنني انظرُ لهُ و افكرُ في ما كسبته جرّاء قولي لتلك الحماقات .. كسبتُ نايل .
توجهت للمطبخ , كنت اجمع تلك المجلات الغبية التي اخرجتها نيكول للتحضير لزفافي الخيالي يالها من طفلة , دحرجت عيناي تمّللاً لكن لا بأس بزواجي الخيالي اعني سيكون نايل زوجاً لي يوماً ما لا بأس بالتحضيرات الخيالية صحيح ؟
شعرتُ بيدٍ تحيطُ خصري , فزعتُ لثانية حالما ادركت انهُ نايل , قهقهت بهدوء على رومانسيته هذه .. اتكأ برأسه على كتفي و طبع قبلة خفيفة على عنقي .. سَرَت الكهرباء في اطرافي و الابتسامه تتسع شيئاً فشيئاً , استدرتُ لأقابله .. بدأ يقترب مني بخبثٍ في عينيه , ضحكت بخفه و وضعت كفيّ على عينيّ .. ازالها و انخفض لمستوى وجهي و همس بأذني " خجولة سيلي "
لم اعهد نايل بهذا الشكل يوماً اعني لم ارَ جانبه الرومانسي الهادئ قبلاً , اظنُّ انني سأعرف اكثر فاكثر من الان فصاعداً.
هززت رأسي بمعنى ' لا ' و التّفت ذراعاي حول عُنقه , فأمسك خصري و رفعني قليلاً .. جبهتي على خاصته و ناظريّ متركز على عينيه الماسية تحت الاناره الخافته , طبع قبلة خفيفه على شفتاي , قهقهت بخفه و قلت " في المطبخ ؟ "
ضحك بخفه كأنه فهم مقصدي و بحركه سريعة حملني تمسكت بهِ بقوة و تعالت ضحكاتي .. وصل لغرفتي و وضعني بخفه على السرير , تمدد قريباً مني و اصبح وجهه مقابلاً لخاصتي , احب وجهه هذا ابتسمت فظهرت اسناني و ابتسم هو بدوره , اقترب بهدوء و وضع شفاهُ على خاصتي , بادلتهُ و تلك الفراشات بدأت بدغدغتي تسللت يدي للعب بخصلات شعره الاشقر .. ابتعد عني قليلاً و ملامح وجهه تغيرت للملل, تمدد بجانبي و وضع كفيه على عينيه .
" نايل أانت بخير ؟ " تسائلت .
" نعم تذكرت شيئاً فقط -- " قال مُعللاً .
ابتسمتُ بخفه و اشرت بسبابتي على وجنتيه و بدأت بالضغط عليها .
" ماذا تفعلين ؟ " تسائل باستغراب .
" اصنع لك غمازة " قلت بشرّانية مصطنعة و استمررت بذلك .
" لدي واحدة بالفعل " قال بسخرية .
" تلك التي في ذقنك , احبها لكن اريد واحدة في وجنتك " قلتُ بطفولية .
قهقه بخفه و قال " و لما تريدينها ؟ " .
" لكي اُقبلك منها " قلت ببساطة .
نظر لي و قبل جبهتي و اخذني بأحضانه و قال " سيلي طفلة " .
" انها مجرد غمازة لطيفة , ارأيت غمازة هاري انها جميله " قلتُ بـنيّة صافية .
" فعلاً , اذهبي و قبلي غمازته اللعينه " زمجر بنبرة جافه .
واو , سأصلح هذا على رغم انني لم اقصد شيئاً مما قاله .
تحركت من بين يديه و قلت " اتشعر بالغيرة من هاري ؟ " قلت بنبرة لعوبة .
نظر لي بسخرية و قال " و لما اغار من هاري ؟ لان لديه غمازة ؟ هذا طفولي سيلينا "
سيء سيء سيء هو لا يقول اسمي الكامل الا اذا كان غاضباً او حزيناً , سأقبله و ينتهي الامر صحيح ؟
اقتربت منه و لصقت شفتاي بخاصته , بادلني و شعرت به يبتسم خلال القُبلة .. ابتعدت عنه قليلاً و قلت " انا مُتعبه نايل "
تنحى قليلاً و فتح ذراعه لي اتسعت ابتسامتي هذه اول مره انام بها معه .. دائماً اودعه بقبلة من الباب و انام وحيده , لكن هذه المرة تختلف . ارتميت باحضانه و عمّت السكينه ارجاء الغرفه .. لم ادرك ان الاستماع الى نبضات قلبه وحركه انامله بين خصلات شعري امرٌ جميلٌ لهذا الحد .
صباحاً...
استيقظت و انا اشعر براحة , اشعة الشمس تسللت من بين الستائر .. تلمست السرير و لم اجد نايل اذكرُ انهُ كان هنا البارحة , نهضتُ بتكاسلٍ فركتُ عينيّ و تأملت ارجاء الغرفة .. وجدت ملاحظة صغيرة بجانب السرير .
' صباح الخير سيلي , استيقظتُ باكراً للذهاب للجامعة اللعينة لأخذ بعض الاوراق المهمّة سأعود بعد الظهر لأصطحابكِ خارجاً
نايل -
ملاحظة : احبكِ .
ملاحظة ثانية : انتِ جميلة و انتِ نائمة تبدين كالملاك .
ملاحظة اخيرة : تناولت الكعك المُحلّى الذي كان في الثلاجة آسف . '
ابتسمت و انا اقرأ تلك الملاحظة على الرغمِ من سذاجتها إلا انّي احبُ هذه المبادرات الصغيرة منهُ , مثلاً ان يخبرني انه يُحبني بملاحظة ورقية او ان يترك زهرة امام الباب دائماً ما تُسعدني تلك الاشياء الصغيرة منه .
#NICOLE
اشعة الشمس ساطعة اليوم , فكّرت انهُ مناسب لنُزهةً ما , امسكت يد آنّي الصغيرة و بدأت بالمشي معها للحديقة في نهاية الشارع . فكّرتُ بتلك المرة التي قابلتُ بها المدعو بـلوي , كان لطيفاً نوعاً ما .. اريد ان اعرف سرّه هو و الفتى الصغير .. ممم تيم او اياً كان .
جلستُ على المقاعد الخشبية و آنّي تلعب بالكرات على العشب .. و كـالعادة بدأتُ بأفكاري الخاصة , لم ارَ هاري منذ فترة كان غاضباً بشدة اخر مرة , مـالذي يخبئهُ ؟ اشفق على كلّ الذين يصرخُ بوجههم بالهاتف . صرخت آنّي بفرح , انتبهتُ لها و هي تخطو ببطئ لطفلٍ ما , اوليس هذا تيم ؟ هي تبحث عن الصبيان منذُ الان , رائع . بدءا باللّعب معاً و انا انظرُ لهما و ابتسم و تجوّلتُ بنظري بحثاً عن لوي .. لما ابحثُ عنه ؟ لا يُهم .
" صباح الخير , مجدداً " .
نبره صوته المخملية , ميّزتها فوراً . التفتُّ و رأيتُ لوي يمدني بكوبٍ من القهوة .
" صباح النور , مجدداً " .
ابتسمتُ و اخذتُ كوب القهوة منه بعد ان شكرتهُ .
" بدأت بالمشي " .
قال و هو ينظُر لـ آنّي .
" نعم البارحة .. لازالت تتعثر " قلت و انا انظرُ لها بدوري .
اعني عندما وجدتها كان عمرها بالشهرين تقريباً و لا ازال لا اعرفُ تاريخ ميلادها تحديداً , كيف مرّ الوقتُ و كبُرت امام عينيّ بهذه السرعة ؟ سرعة الايام مخيفة .
بدأتُ انا و لوي احاديثاً جانبية , عرفتُ من خلالها انهُ طبيبٌ جراح و يعيش وحيداً مع تيم و يبلغُ الثامن و العشرين من العمر .. يبدو ان حياتهُ هادئة لكنني اظنُ العكس . عرف عني انني اعيش مع امي و آنّي بالطبع لم اخبرهُ انني وجدتها امام عتبة الباب , و تحصيلي الجامعي و اختصاري لسنوات الدراسة , بالطبع هو سيسأل كيف انني املكُ شهادة بكالوريوس اداره اعمال و انا في الثاني و العشرون من العمر , اخبرتهُ عن مرسمي الصغير و من الواضح انهُ من المهتمين بالقدرات الفنيّة للاطفال , لذا دعوتهُ لزيارة المكان .
احببتُ الحديث معه .. كاريزما ,اعني من الواضح انه شخصٌ مثقف , اسلوبهُ لبقٌ في الحديث و نبرتهُ واضحة , بالاضافة الى تلك البحّة في صوته , احببتها .
لم اشعر بجريان الوقت فقد انجرفت في الحديث و الان وقتُ الزوال .
" سأذهبُ الآن لديّ مناوبة , احببتُ الحديث معكِ نيكول " قال و تهيأ للنهوض .
" انا كذلك , اراك في المرسم ؟ " تسائلت .
لوي " بالتأكيد " قال و اخذ كفّة يدي و قبل ظاهرها .
قهقهت بخفة , غمزَ لي و صفق بيده و نادى على تيم .
رأيته يأخذ بخطواته لخارج الحديقة .. اخذتُ يد آني و فعلتُ المثل مُتجهة للمنزل . طوال الطريق و انا افكّر في الفروقات بين لوي و هاري .. هاري اخرق لوي لطيف , هاري مُستفز لوي لا , هاري مُتعجرف لوي لا , لكن احبُ هاري ذاك .. بدأت بالابتسام لنفسي اثناء سيري , مثير للسُخرية .
#the writer
في مكانٍ اخر ...
" اتذكرت ان تمرض الان ؟ " صرخ هاري فـِالهواء امام ليام الذي يلعبُ بالعاب الفيديو بلا مبالاة .
" و ماذا افعل انا ؟ اوه ايتها الفيروسات و البكتيريا و لا تدخلي لجسم والدة ديلان لانه يعمل على شيءٍ مهم , كفاك هاري " قال بسخرية .
" يا اللهي .. كم سيطول الامر بعد ! " صرخ مرة اخرى و شعر بالتعب نتيجة كُل هذا الضغط العصبي و القى بجسده على الاريكة .
" احضر لي الآلة الحاسبة لأرى "
" ترى ماذا ؟ " قال بعدم فهم .
" كم سيطول الامر ! اليس هذا ما تريده ؟ " سخر .
" ليام ارجوك " قال بنفاذ صبر .
" هاري ارجوني " قال و لم يحرك نظرهُ من شاشة التلفاز .
نظر لهُ هاري بغضب و نفاذ صبر , فهو لن يحتمل مجادله تستمر الى اليوم التالي مع ليام , خصوصاً انهُ يواجهُ ليام آخرين , كـ براد و غيره.
" ليام الى خارج منزلي , الان " قال بنرة أمر .
" لا لا لا , انت الى الخارج لأنه منزلي هذه المرة " قال بنبرة انتصار .
" مضحك للغاية " قلبَ عينيه و ارتدى معطفهُ و تهيأ للخروج .
" لم اطلب منك الضحك , أفعلت ؟ " تسائل بسخرية .
" ياللهي " تنهد بتعب و صنع خطواته للخارج .
اخذ بالمشي في شوارع المدينه , و هو متعب من التفكير في شأن ابنته , طفح الكيل من الانتظار بالنسبة له .. مرض والدة ديلان يعني المزيد من الانتظار و المزيد .
ابنته من جانب , و والده من جانب فهو لا ينفِكُ ببدأ شجار جديد كل يوم معه بشأن امور مُختلفة و اغلبها لا تستوجب الشجار , و هذا ما دعا ليام لـ ترك اريكة منزلهم المُقدسة بالنسبه له , فـأصوات شجارهم تقطع اندماجهُ بالفيلم كما يقول .
و من جانب اخر .. نيكول , بدأت هذه الفتاه تتسلل الى افكاره بخفة , و كلّما مرّت في ذهنه ترتسمُ ابتسامتهُ , لكّن هل هي ابتسامة سُخرية ام شفقة ام شيءٌ اخر ؟
طِـفـلٌ | CHILD
ملاحظة : الرواية الي ذكرتها نيكول اسمها "فوضى الحواس " لـأحلام مستغانمي .