الغدر هو وليد الخيانة، حيث يقوم المرء بإظهار الولاء والثقة والحب المزيّف ولكنه في الواقع يقوم بأفعال غير مخلصة وغير متوقعة للإيقاع بالمغدور. إنها خيانة للثقة والعهود !. الغدر مؤلم جداً، إنه يتسبب في إحداث جروح عميقة في العلاقات وترك أثراً سلبياً على النفس والعواطف. يمكن وصفه بأنه أقبح أنواع الخيبة القاسية والمؤلمة التي تجعل الطرف الآخر يشعر بالحزن..والكآبة ،ثمّ يقتلع الحب والعشق لينغرس مكانه الكراهية والحقد ثم أسوأهم .. "رغبة الإنتقام!"
_____________
(على لسان عبريقة..)
لقد سمعت كل حرف أخرجه من فمه!.
كان يحدّث أحدهم خارج الحجرة ليلا، أطلّ من ثقوب الباب الخشبي المهترئ ولكني لا أرى سوى الضلال
خطابهما لم يكن مسموعا ولايصل على مسامعي الا بما يشبه التّمتمة.
..
ولكن هذه المرّة سمعته يقول..
..'"لا أريد من الجنيّة سوى مافي أحشاءها فهو يخصني!"
ضممت بطني بكلتا ذراعاي بينما قلبي قد انفطر ألما لما قاله "جويوم" عني.
أين حبه الأبدي؟ ووعده المخلّد، أين عشقه وهيامه بي! والان يريد انتزاع صغيرتي مني "
انتظرت نومه في وقته المعتاد ، حتى دخل في سباته الليلي
كان يسقيني الشّاي دائما لجعلي أنام ،ومع مرور الوقت تعوّد جسدي عليه فأصبح تأثيره ضعيفا على كينونتي
وصلت إلى باب الكوخ المؤدي للخارج ووجدت دائرة من الملح حوله ،تجاوزتها بصعوبة بينما أحدثت لي حروقا أليمة جدا .
أدركت حينها أن قواي مقيّدة .
كتمت صرخة مدوية
.
شعر الساحر بحركة مريبة بعد مغادرتي بدقائق. هرول مسرعا الى باب الحجرة التي كنت أنام فيها ليجدها شاغرة!.
كنت حينها أركض بين الأشجار دون توجيه معيّن وأقع في كل تارة لثقل بطني إذ أنه لم يبقى على ولادتي سوى أيام معدودة
..
لم يستعمل طلاسمه في البحث عني لأن ذلك سيثير وحوش الغابة عليه ليلا وهذا من حسن حظي أنه اعتمد على أقدامه البسيطة الأقل سرعة مني.
وقفت عند حآفّة بئر مهجور ألتقط أنفاسي المتسارعة حين شعرت بأنني أضعته.،
أنظر يمنة ويسرة مكتشفة المكان الذي وصلت إليه ،كسر هدوء الليل صوت قادم من فوهة البئر قد امتزج بأنفاسي المرعوبة .. ابتعدت خطوات للوراء خشية أن يكون الساحر قد وصل الي...
عاد الصوت مرّة أخرى بسؤال ..
..."هل تريدين سماع أحجية؟"
استجمعت ماتبقّى من شجاعتي وبقيت أتمعن في قعر البئر
.."من هنا؟"
عاد الصوت بسؤاله
.."هل تريدين سماع أحجية؟"
أجبت بنعومة
."إن كنت عالقا سأساعدك؟"
.."هل تريدين سماع أحجية؟"
لم أرد عليه فقد توجّست خيفة بعد تكرار نفس السؤال علي.
قطعت طريقا بين الأشجار ودخلت في دروب كثيرة جميعها ترجعني الى البئر الغريب!
بدأت أنفاسي تتثاقل والتّعب يظهر على وجهي المذعور
.
استسلمت للأمر حينما أدركت أنني في متاهة البئر لاخروج منها إلا بعد حل أحاجيه
..
.."أخبرني بأحجيتك أيها الصوت الغريب.؟"
(باستسلام)
.."شيء في السماء وليس في المآء فماهو؟"
همهمت قليلا ثم أردفت
.."النجوم؟"
الصوت
.."خطأ ! بل حرف السين"
...
________
وهنا بدأت تشعر بألم شديد حول بطنها حتى جثت على ركبتيها ..
"هل تريدين سماع أحجية!"
أردفت وهي تعتصر من شدة الألم
.."أرجوك إن الوجع قد أصابني!"
.."سأساعدك إن أصبتِ في إجابتك!"
.."هل تريدين سماع أحجية!"
كتمت صرخة الألم وأقبلت تئن
.."ح ..حسنا!"
..
.."أين يقع البحر الذي ليس فيه قطرة ماء؟"
أصبحت "عبريقة" تتنفس بصعوبة وقد اصفرّ وجهها من شدة الألم
..
.."في الخرائط!"
عمّ الصمت في قعر الجب ،اتّكأت على حافّته تستنجد بالمساعدة
أجابها الصوت مرة أخرى
.."إن ولادتك مبكّرة. ولكنها محتومة"
بدأت تقلصات الرّحم التي توحي بالمخاض في ازدياد والصّبر ينفذ من جسدها الهزيل .
ورغم أن قوّة"آجيا" بحوزتها فقد أخفتها في صدر جنينها ومن الصعب إخراجها منها دون أذيتها.
كانت تتنفس بهلع وهي ترى سيلا من الدماء يخرج من أسفلها وتلعن كل ساعة قضتها مع ساحر ماكر كزوجها
رصّت أسنانها وهي تعصر نفسها لاستخراج المولودة المنتظرة ..رغم تعسّر ولادتها
فقد استطاعت أن تعين نفسها على ذلك
..
الصوت القادم من البئر
.."إن أنثى الجان تخار قواها أثناء الولادة، وتصبح أضعف كائن على وجه الأرض واحتمالية وفاتها تتعدى نسبة الخمسين بالمآئة"
أردفت وهي تتألم
.."شكرا لرفع معنوياتي !!!"
"أنتي تنجبين جنينا الأول من سلالته ،هجينا ممزوجا سلالة المتحولين والبشر "
بدأ المخاض في ازدياد وصراخها عمّ المكان حتى أغمي عليها !"
_____________
ل
قد بحث في أرجاء الغابة حجرا حجرا ولا أثر لها.،إختفت آثارها في مكان مقطوع
فكانت إحتمالية ظنه أنها عادت الى أراضي الجان كبيرة.
تملّكه الغضب والخوف فهل سيتركه كبير الجحيم وشأنه على هذا التقصير!.
عاد أدراجه الى كوخه متحسّرا ليجد ضيفه المعتاد من الجحيم في الانتظار
.."أين الأميرة أيها الساحر؟"
زفر الهواء بثقل واردف
."ما أسرع وصول الأخبار اليك أيها الشيطان!"
أخرج لهيبا من راحة يده الضخمة وجهه نحو"جونيوم" الذي تخطاه بأعجوبة
"قلت لك مرارا أن لا تهاجمني في حلبتي أبدا!"
زمجر الشيطان وغضب بشدة
.."اسمع يا كتلة الطين سأمهلك خمسة أيام فقط ! إن لم أحصل على ما أمرتك به ستكون أسيرا عندي بدلا عنها!"
واختفى مخلّفا وراءه دخانا نتن الرائحة.
....
إن العشق في غالب الأحيان يعمي البصيرة خاصة عند الإناث اللواتي يمتلكن قلوبا متعطّشة للحنان والاهتمام فتهيم في أول من يظهر الحب دون النظر الى نواياه الحقيقية.
فتصبح ذليلة لنفسها التي سلّمتها دون مقابل ثم الخاسرة فؤادها الذي سيكون أسيرا تحت وطأة التعذيب عند المعشوق دهرا.!
..
_____
استعادت وعيها حينما تسللت أشعة الشمس على وجهها الذّآبل ،لتجد نفسها متكئة على شجرة عملاقة وقد تضمدت جراحها ، تلمست بطنها الخالي من جنينها
شهقت بهلع وهي تبحث عنها في الأرجاء ، حتى ظهرت امرأة صغيرة الحجم تحمل مولودا ملفوفا في شاش أبيض
.."لاتفزعي هاهي صغيرتك هنا !"
أخذتها الى حضنها تستنشق رائحتها الطّيبة ،لقد انتهى العالم واهميته في قلبها بعدما حملت فلذة كبدها بين ذراعيها .
أنثى القزم مقاطعة لها
.."ولكن عليك إرضاعها فهي لم تقبل أي مرضعة من قريتنا!"
عبريقة تنظر اليها باستغراب
.."من أنتِ؟ وكيف وصلت الى هنا!"
.."لقد وجدتك أثناء بحثي عن بعض الطعام ولحسن حظك أنني قابلة أجيد توليد الإناث مهما صعبت حالتهن! كنتِ على وشك الموت !"
افرغت الهواء من رئتيها بهدوء واردفت
.."شكرا لكِ ولن أنسى معروفك هذا ماحييت أبدا!"
بادلتها القزمة الإبتسام وأمرتها بإرضاع صغيرتها الجائعة
.. سأعود اليك ببعض الطعام فقد فقدت الكثير من الدماء .
__
كانت تنظر الى طفلتها وهي تلتقم ثديها ،تمسح على رأسها الصغير وتقبّل أصابعها الصغيرة
.."ستكون النجوم أقرب له منكِ ، لن يحظى بك ذلك الغآدر أبدا! سأكون الأم والأب لكِ، أنتي محظوظة يا حبيبة أمّك !"
.."ياضوء القمر يا صغيرتي .."نورسين"--
_____________
تصويت☆¤
كومنت مشجع لطيف..♥︎