ممرضة البراتفا (#4)

By _Victory_4love

196K 10.4K 4.1K

صوفيا فتاة تحلم بأن تعمل في وظيفة أحلامها (التمريض) بعيدا عن عالم عائلتها المظلم ، ذات شخصية عفوية ، متحرشة... More

ممرضة البراتفا (#1 سلسلة أميرات بلا تاج )
1•| Mosco_ 🦋
2|• Milano_🦋
3|•PSKOV_🦋
4•|Naples_🦋
5•|Brask_🦋
6•|Gênes_🦋
7•|kazam-🦋
8•|BARI_🦋
9•| smolensk_🦋
10•|Venise_🦋
11•| Omesk_🦋
12•| ROME.P1_🦋
Epologue_♕
What's next?!
•♡ بارت إضافي •♡
♡•إعلان هام ♡•
هام

13•|ROME.P2_🦋

8K 474 147
By _Victory_4love

Loving you is a losing game ♬♪

_but i don't mind died trying to win it!.♡•

آلَوٌقُوٌعٌ فُيَ حًبًکْ هّوٌ لَعٌبًةّ خِآسِرةّ ♪♬، لَکْنِيَ لَآ أمًآنِعٌ آلَمًوٌتٌ مًحًآوٌلَآ آلَفُوٌزٍ بًهّآ ♡•

______________________________

___________صوفيا ____________

أصبحت الأيام لا تفرق عن لياليها، و نور الشمس لم يعد يغريني للخروج و مواجهة العالم...

الدنيا ربيع لكن في داخلي خريف ذبلت فيه كل رغبة في الإستمرار و محاربة ظلمة هذه الغرفة التي حكمت عليها بالعزلة مثل روحي الى أجل غير معروف.... ، ربما إلى حين أن يمل ملاك الموت من الحالة التي أنا عليها الأن أو يشفق علي و يحررها من سجن جسدي و إلى الأبد....

بين جدران هذه الغرفة الفاخرة و التي أصبحت لافرق بينها و بين مكب النفايات أصبحت أختبئ من مواجهة كل ما قد يذكرني بكمية الدنائة و الإذلال الذي حشرت فيه و لسنوات طويلة...

فتحت عيناي أخيرا لأقابل كالعادة بالظلام، في العادة كنت سأعود للنوم مجددا لكن هذه المرة أنا رفضت الإستسلام ككل مرة، مهما كان ما أعاني منه الأن فأنا لن أسمح له يتولى قيادتي، لقد إنتهت إجازتي من الحياة و علي العودة مجددا لإتمام ما تبقى في قائمتي.

حملت نفسي من السرير رافعة جذعي، أرخيت ثقلي على حافة السرير، نظرت حولي للحظات ثم مددت أناملي لأشغل الإضاءة الخافة في الغرفة، بضغطة زر إشتغلت جميع المصابيح الصغيرة في الغرفة ليظهر لي بعض من ما هو حولي.

بقيت على حالي في سكون خارجي، لكن داخلي كان مشتعلا بالأفكار و التساؤلات حول كيف سينتهي جحيم حياتي هذا؟!

هل علي إنهاءه بنفسي؟!....

أستطيع فعل ذلك... الأمر لن يكلفني سوي مشرط... سكين... أو أي أداة حادة، ربما مقص سيكون أكثر من كافٍ.

غرزة في النقط الحيوية للجسد و بعد عشر دقائق من النزيف سينتهي كل شيء و أدخل ما يشبه الإنتشاء....

أنا حقا أريد رؤية شخص ينزف أمامي، و لن يكون غير من ظهرت صورته في ذهني مع رغبتي هذه....

نفس الشخص الذي أرسلني لذلك البلد اللعين مع إبتسامة شيطانية واسعة على محياه...

ديميتري فاردين

أنزلت ساقاي بهدوء من السرير، رفعت جسدي لأستقيم عنه من بعد فترة لا أعرف كم دامت و لا أهتم، وجهتي الأن هي الحمام، أنا سأستحم ثم بعدها سأنهي كل شيء مثلما أريد أنا.

..

طالعت الفستان أبيض أمامي ذو الأكمام الطويلة و شقة صدر تشبه حرف V الذي سحبته من الخزانة في وقت سابق، يصل طوله للركب ، لم أنتظر كثيرا لأرتديه و أخرج من تلك الغرفة بهيئ شبح عاد من الجحيم  مرتدية في قدماي حذاءا كعب قصير ....

إستقمت راغبة في الخروج من الغرفة أخيرا، مددت يدي أمامي نحو المقبض لكني تجمدت في مكاني فور سماع صوت عزف كمان نابع من خارج النوافذ المغلقة و التي تسترها الستائر.....

ألغيت أمر الخروج من الغرفة لأذهب و أتفقد ما خلف الستائر، خطواتي كانت بطيئة لكن ثابتة، شددت على الستائر بين أناملها لأزيحها بقدر كاف لأرى ما خلفها دون إزاحتها كلها، آخر ما أريده أن يعلم العازف..... لست واثقة إن كان العزف نابعا من عازف أو جهاز صوتي لذا لنكتفي بقول منبع العزف... حاليا.

أملت رأسي للجانب لألتقط منظر لم أتوقع رؤيته في حياتي......سيلاس يقف على بعد أمتار من شرفة الغرفة التي هي بالطابق الأرضي، يحمل كانا بين ذراعيه و يعزف بطريقة جنونية و شغف، كان كما لو غائبا عن واقعه، كما لو أنه إن توقف عن ذلك فلربما يخسر شيئا فقده من زمن طويل و خسارته مجددا سينهيه تماما...

لكن هذا ليس ما شد إنتباهي أكثر من اللحن الذي كان يعزفه، لقد كان مألوفا و بشدة..... لقد كان لحن أغنيتي المفضلة.

Mocking bird _ imenem♬

كيف علم بأمر هذه الأغنية؟!...

لحظة، هل كان يستمع لحديثي مع لوكا عند عودتنا من مدرسته.... لقد مر على ذلك شهرين و الحديث كان من النوع التافه و العادي...

هل كان يستمع حقا بالرغم من أنه كان يدعي عدم الإهتمام و رفض المشاركة به من الأصل.

لا يهم كيف أو لماذا.....

الأن أنا لا أريد شيئا سوى الإستماع للحن الأغنية التي كلما شعرت بالخذلان أو اليأس أستمع بتمعن لكلماتها.

و لماذا بالضبط هذه الأغنية؟!

حسنا شرح هذا لن يفهمه الكثيرين لكن سأفعل على أي حال.

المغني أو لنقل الرابر عبر فيه ربشكل صريح عن حبه لإبنته الصغيرة هايلي و هذا النوع من الحب لطالما جذب إنتباهي و أشعرني بالفضول، و لطالما تساءلت كيف هو شعور الحب الأبوي...

كيف يكون الأمر عند وجود أب تنتمي له بيولوجيا و عاطفيا، كيف تكون هذه الرابطة الغير مشروطة.

ما الذي يجعل الأب ينجذب بهذه الطريقة لإبنته خاصة ليكون كبطل حامي محب يفعل ما قد يسميه أمثالي بالمستحيل دون إنتظار أي شيء في المقابل...

كانت الكلمات مليئة بشيء لم أفهمه و لم أجربه مطلقا لكني أحببته، و تعلقت به و بشدة، بالرغم من شعور التعلق بالأغنية و طريقة لحنها إلا أني كرهت الفتاة هايلي و بشدة.....

ليس لأنها قامت بإيذائي أو تسببت في جعلي بأي شكل من الأشكال في إنكساري، الفتاة حرفيا يفصلني عنها بحر و محيط و أنا لم ألتقي بها يوما لكن شعور الغيرة الدفين المرضي بداخلي جعلني أسلط كل بؤسي في كرهها دون سبب.

لكن الأن أنا حقا لا أشعر بشيء غير الفراغ و السكينة عند سماع عزف سيلاس الجيد في حديقة منزل فاردين سجني الجديد.

و للحظة إستجمعت شجاعتي لأبعد الستائر و أظهر بشكل كامل، وضعت يدي على قبضة الباب الزجاجي لأفتحه، كان الخروج يشبه الإنتحار في حالتي و للحظة سيطر التردد على أوصالي لكني رميته خلفي و خطوت أول خطوة في أرضية شرفة المنزل.

أول خطوة نحو الحياة مجددا،  نحو مصير جديد و مستقبل مجهول يخبئ الكثير من الغموض...

تأمت ملامح سيلاس المبحرة في بحر أفكاره و ألحانه تحت سماء ليل موسكو،  شكرا لبعض أعمدة الإنارة هنا و هناك،  بدونها لما إستطعت رؤية الطريق أمامي بشكل واضح كما أفعل الأن.

توقفت على بعد أمتار متحملة برود ليالي الربيع لهذه المدينة و التي لا تفرق عن ليال الشتاء في ميلانو..... لم يعد البرد يهمني بعد الأن لأن الحريق في داخلي كفيل بتدفئتي لبقية حياتي.

     أنصت بإمعان لما يقدمه لي العازف من لحن جميل جعل روحي تسافر لبعد موازي آخر،  بعد لا أكون فيه من كنت منذ سنوات......  بعد أنا فيه مجرد فتاة عادية تدعى صوفيا ممرضة عادية مع عائلة محبة و الكثير من الأشخاص الجيدين حولها،  ذات روتين حياة عادي.

توغلت في حلم اليقضة لدرجة أني تخيلت لون طلاء جدران غرفتي الصغيرة،  حتى أني رأيت نفسي الصغيرة تستيقظ بحماس من سريرها راكضة للدور السفلي و تستقبل يومها بتقبيل والدتها الحنون التي كانت مشغولة بتجهيز الفطور بجانب الفرن،  ثم والدها الذي يقرأ  الجريدة في مقعده  على طاولة الطعام.....

أتمنى..... أتمنى..... أن لا يعيش أي طفل ما عشته مع عائلتي و مطلقا!  و إن كان تنفيذ هذه الأمنية مني أن أتحمل كل عذاب الجحيم  في هذا العالم فأنا سأفعل مع إبتسامة عريضة صادقة على وجهي.

الإهمال الأسري...
التفرقة الجنسية...
الأمراض النفسية...
الشخصية المهزوزة...
العزلة القصرية.....
التعنييف بأنواعه...
التنمر...
المقارنة....
التهميش...

سأتحمل كل هذا و مجددا من أجل كل روح طفل بريئة و لن أهتم حقا لما قد ينجم عن ذلك أو إن كان سيهلكني.... أنا لا أهتم بعد الأن...

توقفت الألحان و بهذا عدت للواقع الذي  تحررت من قيوده و أخيرا.

  

    " هل أنت من كان يعزف لي في الليلتين الماضيتين؟! " سألت دون مقدمات و نظري معلق بخاصة سيلاس..... 

هز رأسه بنعم بعد أن إستعاب  أن من يقف أمامه هو أنا الحقيقية و لست خيالا أو شبحا سكن حديقة منزله.....

يحدق  بي في هدوء و سكينة بعد أن لاحظت إتساع جفنيه للحظة من الزمن،  و لكنه سيلاس في النهاية... سيلاس فاردين ليس هو من يظهر مشاعره و يكشف عنها بكل بساطة،  لن يعبر عن لمعة الحماسة و السعادة برؤيتي الأن بكل بساطة.

قد يكون صعبا على الآخريين معرفة نواياه لكنه مكشوف تماما أمامي،  ليس لأني خبيرة  في قراءة البشر أو ماشابه،  لو كانت لي هذه المقدرة لأريت أمر أن لا رغبة لإيفان بإبقائي هنا حتى في رتبة أسيرة حمقاء غبية وقعت في حبه كالعمياء البلهاء.... لا... لا... لا..... السبب الحقيقي هو أني قضيت وقتا كافي ليجعلني أفهم و أفرق بين كلا من شخصية التوأم.

لوكا هو المشتعل المختل العاشق لتدفق الأدرينالين به، يحب الإستمتاع بما لديه و لا يخجل في التعبير عن نفسه لدرجة أنه أحيانا لا يفكر في خطورة من يكون على من حوله و أن كل تحركاته و أقواله قد تفهم بشكل خاطئ،  تماما كما حدث مع هانا بالضبط.

الأحمق بصدد حمايتها دمر حياتها المدرسية..... حسنا ليس تماما الشكر لي أنا طبعا لأني تدخلت و جعلت المشتعل صاحب عقل اللوز يدرك ما يفعله بتصرفاته الغير واضحة للفتاة الكورية و التي كلما رأته تغير طريقها و لا تكف عن محاولة الهرب منه......

أما سيلاس فهو أشبه بمياه المحيط المتجمد،  هادئة و تحمل الكثير من الثلوج المتشققة التي تخدعك للدعس عليها،  لكن إن فعلت فسيكون ذلك هلاكك دون أدنى  شك  ،  هو بارد.... هادئ...  قاتل... لا يخطوا أي خطوة دون التفكير بها لمرات عديدة،  لا يحب الإختلاط كثيرا بمن حوله لكن من أجل أخيه هو يفعل أكثر من ذلك.... هو يعتبر نفسه الأخ الأكبر الحامي لتوأمه،  معا هما فريق لا يقهر  . 

   "هذا كان لطيفا منك سيلاس... محاولة إحياء شخص سلم روحه لملاك الموت بالفعل..." 

كلمات جعلت لسانه يشل، هو لم ينبس بشيء و أن إكتفيت بالتحديق به بتعابير وجه جامدة...

" إستمر..... لربما تنجح في ذلك! " إستدرت مغادرة و الوجهة لم تكن غرفتي،  بل الواجهة الأمامية للمنزل،  جلست على الدرج تاركة سيلاس واقفا كالصنم في مكانه.

    لم أهتم لأي شيء،  داخلي فارغ تماما و جسدي يمتثل لأوامر عقلي بشكل جيد جدا و هذا لم يحدث قبلا،  لطالما تبعت قلبي في ما أريد لكن الأن أنا لا أحتاجه لذا سألغيه من قائمة الأعضاء المفيدة و أبقيه في خانة ضخ الدماء فقط   ....

لا أعرف كم طال جلوسي في ذلك المكان،  لربما لساعات،  ساعات مرت حقا،  لم أدرك هذا إلا بعد رؤية أشعة الشمس تتسلل خلف الأفق كاشفة عن ما حولي لتجعل كل شيئ في حديقة منزل فلردين يبدوا خيالا في جماله....

     لكن بقائي هنا لم يكن بلا فائدة أو نزوة غباء جديدة..... لا..... 

بل هو أول خطوة نحو هدفي الأخيرة في حرب الإنتقام التي بدأتها.

 
      أنا إنتظرت طوال حياتي لأفعل ما فعلته والداي و إضافة شخص للقائمة لن يكون صعبا مطلقا و إنتظاره ليس أصعب ......

و أثناء ذلك شغلت نفسي برؤية شمس صباح يوم جديد تشرق بعد أيام من غيابي عنها و التي تكاد تصبح أسابيع شكرا ليوري و فترة عزلتي و التي كانت مثل إعادة التشغيل لنفسي،  نظمت أفكاري بها و طهرت نفسي من كل السموم التي كانت عالقة بجسدي و روحي.

   الشمس....... و برغم إختلاف الحظارات و الفارق الزمني و المكاني بينها جميعا على مر التاريخ فلطالما إعتبرها البشر الأمل و المستقبل الجميل الذي يرجونه.... لكن لما لا تعطيني هذه الشمس سوى نذر شؤم على مستقبلي.

   بداخلي شعور سيء و قوي يقول لي أن حياتي الأن لن تعود لسابق عهدها..... أنا عالقة و أفعى فاردين تتعقبني من فوق رأسي و رؤوسها الخمس تبتسم بشر نحوي و الرأس الثالث لا ينوي خيرا مطلقا لأنه أقربهم إلي و السم يتسلل من نابيه الذهبيتين لكن ما يخيف في هذا أن السم يرفض أن يمسني و يكتفي فقط بإحاطتي كما لو كان يحذر أي أحد من الإقتراب مني.....

    قطعت أحلام يقظتي الصباحية بإحتكاك عجلات سيارة مسموع بشكل واضح كما لو أن السائق يريد لفت الإنتباه نحوه،  و قد نجح بسرقة خاصتي لأني فور وقوع الصوت على مسمعي أشحت بنظري من الشروق الى مكان السيارة،  فتح أبوابها الأمامية في جزء من الثانية قبل أن يطفئ المحرك حتى،  نزل منها السائق ليتضح أنه كان ديميتري بإبتسامته الوسيمة و اللعينة في نفس الوقت،  حدقت به بملل من مكاني لأصرف نظري للشخص الثاني،  وقع بصري على ذلك الرجل الذي شاركته السرير لعدة ليالي.... و قلبي أيضا،  كانت أيامي معه كالحلم في البداية لكنها إنتهت بكابوس فضيع.

    راقبت تعاليم وجهه تتغير من الصدمة إلى أخرى يصعب تفسيرها أو تحديدها من مكاني،  هو إيفان فاردين في النهاية الممثل رقم واحد في هذه العائلة،  يستطيع تزييف مشاعره و إخفائها كشربة ماء.

   " صوفيا!!!.. أخيرا خرجتي من جحرك! لقد إشتقنا حقا!! "قال ديمستزي مهلالا بينما يسير نحوي بذراعين مفتوحين على مصرعيهما،  هو يتصرف كما لو أننا مقربين لبعضنا البعض لا بل كما لو كنا أعز الأصدقاء... كما لو كنا عائلة.

   إستقمت من مجلسي لأسير نحوه في هدوء و صمت و لحظة إقترابه رفعت كفي لأوجه نحوه صفعة جعلت وجهه يستدير للطرف الثاني.

   و رغم قوة الصفعة الا أن تعابيره الساخرة لا تزال تعلوا وجهه كما لو أنه توقع هذا الإستقبال الصباحي في وقت ما.....

   راقبته يعيد نظره نحوي،  حدق بي من مستواه و إبتسامته المستفزة لم تتغير أو تتضاءل مطلقا.

   outch!! "'
   آوتش'

حدقت بوجهه للحظة مع تعابير جامدة للحظة من الزمن لكني من العدم إبتسمت له جاعلة منه يرفع حاجبه بإستغراب من الضياع الذي أخلقه في نفسه.

  " هل جننت أخيرا؟! " سأل مقتربا من بخطوة منحنيا برأسه نحوي أكثر كما لو كان يريد التأكد من أمر فقداني لعقلي أو صوابي.....

" ديميتري!! " ناد صوت إيفان من الخلف محذرا لأخيه من التمادي معي في الحديث.... او هذا ما يحاول جعل الأمر عليه،  عائلة فاردين يحبون هذه اللعبة كثيرا،  لعبة إدعاء أنهم يكترثون لكنهم لا يلقون أي لعنة حقا.

   "ربما جننت!... هيا لنذهب لمكتبك لأخبرك عن الرواية التي أعطيتني إياها!"  تجاهلت إيفان لأقف بجانب ديميتري و ألف ذراعي على خاصته مع إبتسامة مشرقة.

  " هيا ديمي لنذهب!!  هيا!! هيا!  "   نبست محاولة سحبه معي لداخل المنزل من ذراعه وسط إبتسامته الضائعة بيني و بين إيفان،  و رغم أن أمر رغبتي في الذهاب لمكتبه و الحديث كما إعتدنا قبل إرساله لي لإيطاليا  مربك و غير متوقع إلا أنه إنصاع لي و سمح لي بقيادة الطريق.

و قبل أن ندخل المنزل إلتفت لأرى وجه إيفان بطزف عيني يضرب عجلة السيارة بكل غل......

             ..

" إذن بماذا تريدين التحدث عنه؟!في هذه الساعة المبكرة؟! "

سأل ديميتري مزيلا سترته الرسمية ليرميها بإهمال على كنبة مكتبه و يسير لمكتبه بينما يرفع أكمام قميصه الأبيض ذو الأزرار لمرفقه. 

هذا مشهد مثير....

إرتفع جانب شفتي صاحب العيون الشيطانية برضى بعد أن لاحظ سهوتي به..... ليس من الإعجاب طبعا لكن من صفعة ذهنية جديدة ضربت رأسي.

الأن أنا لدي سؤالين  مهمين أريد إجابة لهما و الوحيد الذي يمتلكهما هو ديميتري....

سرت نحوه بعد أن توقفت لإغلاق الباب لأتكئ على حافة مكتبه مسندة جسدي على باطن كفاي.

الأن أنا من أنظر له منوفوقية أما هو فإكتفى بتحديق بي و ملامح التلاعب ترقص على وجهه بينما يرتخي جذعه بالكامل على ظهر كرسية الملكي...

" لقد قضيت أسبوعين في مكان يشبه سرداب أخيك لكنه أكثر قذارة و ضيقا.... و طوال تلك المدة أنت أخذت قسطا كبيرا من تفكيري! " قلت ببساطة و نبرة هادئة،  أنا الأن أتحدث معه بإتزان و دون تلاعب مع صفر نية في الإختباء خلف الأقنعة،  و أثناء ذلك لاحظت أن ملامحه الساخرة بدأت تتلاشى بعد إستعابه أنني لم أعد تلك العابثة التي تحب إزعاجه بعد الأن. 

  " لا بد أن إقامتك هناك لم تكن جيدة لدرجة أنك أردتي شغل نفسك بالتفكير بالأشياء الوسيمة مثلي؟! " قهقه في آخر حديثه محاولا تلطيف الجو بيننا،  لربما هو يحاول جعلي أعود لسابق عهدي لأجاريه في ألعابه الكلامية........

لقد إنهيت من اللعب منذ زمن طويل... و جميع محاولاته ستكون فاشلة،  من يريد أن يسحبها للخروج من داخلي أنا قتلتها منذ زمن...

" اووه صدقني التفكير بك لم يشغلني كما فعلت الجرذان الآكلة للحم البشر! "


إستمتعت برؤية ضحكته تتلاشى و تستبدل بملامح الصدمة التي صعب عليه إخفاءها....


" كل تفكيري كان في ما هو المقابل الذي أخذته من يوري لتوافق فادين على تسليمي لهم بكل بساطة رغم سنوات العداوة الطويلة ؟! "

هذا ما سألته لنفسي عدة مرات.... فاردين ليسوا ملائكة سلام ليجمعوا شمل عائلات أعدائهم.

إنتظرت ديميتري بفارغ الصبر ليجيب دون إلحاح،  و حتى أني لم أنزعج من إطالته في التحديق بي كما لو أني أكثر أحجية معقدة يراها في حياته.

  " حماية إخوتي هو المقابل! " رد أخيرا،  و ذلك لم يكن مقنعا لي مطلقا....

و لأن إجابته تفتقد للصدق تسحبت أمامه لأقف بين ساقيه ثم إنحنيت بجذي لأصنع مع أخطر تواصل بصري غير قبل للكسر....

كما لو أن خضراوتاي أعلنت الحرب على زرقاوتيه....

" اووه هيا ديمي~ كن صريحا معي و لو لمرة واحدة في حياتك!  .... ما كان المقابل ديميتري؟! "

أملت رأسي للجانب لأضيف  بنبرة هادئة عكس نار الفضول داخلي....

"نحن وحدنا و كل ما ستقوله سيبقى بيننا.. أعدك!"  رفعت كف يدي في الهواء كإشارة قسم مني.

  إكتفى هو بمراقبتي بإمعان للحظات بعد إنزال كفي ووضعه على كتفه.

أبعد كفي عن كتفه لأراه يتحزح بكرسه للخلف و يستقيم،  راقبته يتجه نحو زاوية رفوف كتبه،  أبعد صفا من الكتب كبيرة الحجم ليخرج أحدها ذو غلاف رمادي ذو زخرة بارزة و جميلة،  إستدار ديميتري نحوي مع إبتسامة واسعة ليشير لي لأقترب و فعلت بالفعل موزعة نظري بين وجهه و بين ما بين يديه.

وقفت أمامه أخيرا موجهة له ملامح الإستغراب و التساؤل....  هل باعني بكل بساطة من أجل كتاب؟!  هل يعقل أنت مخبول بالكتب أكثر مني لهذه الدرجة.


"هل المقابل كتاب؟!... هل تمازحني؟!"  لم أقوى على إخفاء معالم المهانة من المقابل التافه مقابل رأسي.... كتاب؟!... بحقه هل يمزح.

" ليس الكتاب بل ما بداخله! "
رد ببساطة بعد أن فتح الكتاب في منتصفه ليظهر الشكل الحقيقي له،  لم يكن كتابا بل حافظة جواهر فخمة في صورة كتاب بغرض التمويه.

يتوسط الكتاب جوهرة بحجم أصبع سبابتي،  جوهرة ضخمة حمراء فاتنة المنظر و الشكل. 

  " جوهرة لاهور! " نبس ديميتري بفخر...

" أغلى جوهرة في العالم السفلي،  تعود أصولها لمدينة هندية عتيقة كانت ملكا لملكة هندية من سلالة ملكية حكمة قبل قرون مدينة لاهور و من إسم المدينة إستمدت المدينة إسمها... " إسترسل شارحا الأمر كخبير جواهر محترف.

" هل تعلمين أن هذه الجوهرة تشبهك تماما؟! " رفعت نظري أخيرا نحوه ليلمح التساؤل و الإستغراب داخلي نحو حديثه.

" و كيف هذا؟! " سألت قالبة عيناي بسخرية هازة رأسي بغير تصديق لحديثه.

"كلاكما كنتما ستكونان سبب نشأة حرب في عالم المافيات لو لم أتدخل أنا في منع ذلك!" 

حرب؟!

"أي حرب تتحدث عنها!"  سألت مستوية في وقفتي مواجهة ديميتري الذي أغلق الكتاب و أعاده لمكانه،  حشر كفيه في جيوب سرواله مكملا حديثه.

" حسنا فيما يخصك أنت لو لم أتدخل و أجعل إيفان يرسلك لعائلتك بيديه فهو كان سيشن حربا على عائلتك و حتى عشيرتنا ليبقيك إلى جانبه و هذا لن أسمح به مطلقا! "

.......

م...... ماذا؟!...

إيفان... و حرب؟!...

ما الذي يتحدث عنه هذا الرجل؟!...

و كيف له أن يجبر رجلا واعيا و ناضجا كإيفان على رميي كالقمامة الغير قابلة للتدوير في الجحيم بكل بساطة؟!  .

" أعرف إجبار إيفان على فعل شيء أمر مستحيل،  لكن أنا ديميتري و لدي طرقي الملتوية! "

كاذب.... هذه خدعة جديدة منه للحصول على شيء مني ليستخدمه في ألاعيبه الخبيثة.

"اووه!  حقا؟!  و ما هي الطرق الملتوية التي إستخدمتها مع أخيك يا ترى؟!"  ضممت ذراعاي إلى صدري لأرفع أحد حاجباي ناظرة بشك و عدم تصديق لديميتري.

ألاعيبه لن تنجح معي هذه المرة.

"هل تعرفين التنويم المغناطيسي؟!،  لقد نومت إيفان  مستغلا أنها أحد الطرق العلاجية التي تستخدمها طبيبته النفسية معه..... لحظة!... أنت لا تعلمين؟!"

كل حرف يقوله هذا الرجل تدمر جدار إتزاني...... مالذي يتحدث عنه.

تنويم مغناطيسي؟!

طبيبة نفسية و علاج...؟! 

و مالذي لا أعرفه.

"حسنا سأشرح لك الموضوع بإختصار... الأمر كله كان سببه إمرأة صهباء مثلك...." 

و بعد تفوه ديميتري بهذا كل ما تلاه كان كله عبارة عن صدمات متتالية لي...

إنكشفت أمامي الكثير من الحقائق و الشكر لديميتري...

لقد شرح لي الكثير من الأمور التي أجهلها و أهمها كانت أن عزيزي إيفان بريء من كل اللأحداث السابقة.....

طوال المدة التي كنت أنا بها في إيطاليا هو  عانى مثلي....... هو لم يخدعني... هو لم يغدر بي.... هو حتى لم يسلمني بإرادته،  هو حتى لم يكن واعيا للأمر....

لهذا كان ينتحب أمام منزل عائلة موريس... و لهذا حاول في الأيام الماضية الحديث معي و لم يتزحزح من أمام باب غرفتي....

هو كان سيضحي بعائلته و عشيرته اللعينة كلها.... من أجلي..

من أجل بقائي معه،  حتى أنه كان خلف إغتيال الكثير من الرجال في سبيل حمايتي...

و الهجوم اللعين لم يكن خدعة بل كان حقيقيا و كنا سنلقى حتفنا بالفعل و الذي كان مدبرا من أبي الذي عرض جائزة على رأسي كعاهر سافل.

لكن ليس هذا فقط ما جعلني أجلس أرضا أمام الحقائق التي تنهال علي من ثغر ديميتري....

إيفان لديه فوبيا من الصهباوات و الذي جعله يخضع إلى علاج نفسي صارم فرضه والده عليه و من بعد والده الذي توفي مغتالا في أحد رحلاته خارج البلاد إستلم أمر فرض علاجه ديميتري و الذي إتضح أنه ليس سافلا بالقدر الذي يصوره لمن حوله.

هو فقط رجل ذو مبدأ واحد و هو حماية إخوته من أي عدوان محدق بهم  و ذلك أنبل ما قد يقوم به الأخ الأكبر لكن أحيانا يظهر ذلك على أنه الشرير في قصص حيواتهم...و هو لا يمانع أن يلعب هذا الدور  في سبيل إبقائهم معا و على المسار الصحيح رغم كل المآسي التي تتالت عليه بسبب ذلك .

  مثل مأساة إنتحار والدته و التي كانت نقطة النهاية و البداية لنشأة أوغاد فاردين و ولادة الأفعى ذات الرؤوس الخمسة.

" كل شيء جائز في الحب و الحرب... " هذا ما برر به ديميتري كل ألعابه و حيله القذرة في موضوع ترحيلي الى إيطاليا.

و لسبب ما كل نواياي حول جعل هذا السافل يدفع ثمن ذلك هو عائلته تبددت و تلاشت،  و الأن أنا لا يوجد بداخلي نحوه سوى الشفقة.

الشفقة على الفتى الذي حظر إنتحار والدته أمام مرى عيناه... إيفان... و الحسرة على البقية.

هؤلاء الخمسة و رغم كل الشرور الذي يقطر من أنيابهم إلا أني الأن لا أريد فعل شيء سوى إحتضانهم جميعا و مواساتهم.....

إنهم رجال بالفعل لكني لا أرى الأن أمامي إلا أطفالا تم حرق أرواحهم لتصبح مشوهة من الداخل و بشكل سيء،  أرواح لم تعرف سوى اللأذية من البشر لهذا هم كبروا على قاعدة أن في إتحادهم قوة و تشتتهم يساوي هلاكهم جميعا.

كل من ليس فاردين هو خطر.... و على الخطر أن يختفي و الى الأبد. 

..

مسألة إنتحار السيدة فاردين لم يوضحه ديميتزي بشكل كامل و أنا لم أقوى على السؤل حتى.... كيف أسأل شخصا عن أسباب إنتحار والدته دون جعل جراحه أعمق. 

 
" أظن أن عليك مصالحة حبيبك ذاك الأن بعد معرفة الحقيقة! " نبس بهدوء بعد أن عاد للجلوس في كرسيه مجددا متجاهلا أني في صدمة من الهول الذي سمعته منه، هول مثل كذيته بشأن أنهم جميعا كانوا في قائمة الإغتيال مستخدما إسم إبنه الوحيد ليمنع إيفان عن اللحاق بي الى ميلانو  و عن حبسه له في أحد غرف سراديبه و منعه من الخروج حتى يسمع نبأ خبر موتي كالسافل المترقب ....

   رفعت نظري نحوه تاركة دموعي تسقط طواعية دون نحيب.

" كيف لك أن تكون بكل هذه السفالة دون الشعور بالذنب " سألت مع مرارة حارقة في حلقي....

سألت فقط لأخفي مدى تعاطفي مع ما حدث له و لإخوته،  لأخفي أني الأن بت أكن لهم مشاعر شيء صالح... نوايا طيبة.... كالإخلاص،  الحب... الوفاء و الرغبة في الإنتقام من شخص ميت لكل ما أحدثه لهم من زعزعة في إستقرارهم ......

" أحيانا عليك الكذب لإنقاذ نفسك و عائلتي هي جزء لا يتجزأ من ذاتي...لن تفهمي هذا لأنه حسب معلوماتي فأنت لم تملكي هذا الرابط في حياتك رغم وجود كلا والديك الى جانبك "

ثعبان....إنه مثل الثعبان الذي يغويك بألوان جلده و رشاقة تحركاته ثم يلتف حولك ليلدغك.

و هذا ما يفعله،  يجعلني أشفق عليه ثم يلدغني بكلمات قاسية ليمنع إقترابي منه..... هو ثعبان مرتاب بمشاكلة جدية تتعلق بالثقة....

و هذا لا يهمني،  إنها مشكلة زوجته و ليس مشكلتي.... و لا أعرف بدل الرد على كلامه بكلام أقسى و أكثر مرارة أنا تذكرت مشهد تقبيله لزوجته عندما كان مجرد هدف أمامي....

إستقمت من مكاني و على وجه إبتسامة عريضة تخفي الكثير جعلت من ديمستري يستغرب من تغير حالي....

معه حق في أن يستغرب،  هو لا يعلم ما أفكر في فعله له الأن....

أنا بدل قتله و إهدار رصاصة على سافل مثل.... سأقوم بشيء أكثر شرورا نحوه،  أنا سأكرس حياتي كلها لإزعاجه و رفع ضغطه حتى يموت مجلوطا،  سأستغل كل فرص حبك فتن بينه و بين زوجته تلك لدرجة الطلاق ربما..... لا أعرف حاليا إلى أي مدى قد أصل لكن لا يهم الأن..... ما يهم هو الذهاب إلى المثير الروسي و إصلاح ما دمره أخيه السافل.

خرجت من مكتب ديميتري متجاهلة أسئلته عن سبب إبتسامتي........ بعد إغلاق باب مكتبه إستنشقت شهيقا عميقا طهر صدري من الداخل،  و للحظة شعرت كما لو أن صوفيا عادت من جديد.

مهمتي الأن هي إيجاد إيفان....

لكن أين مثيري الروسي يا ترى؟!

.
..
.
.
.
.
.
.
.

______إيفان فاردين _________


قبل ستة عشر سنة

         

" أنت لست غبيا لتذهب و تخبرهم عن من أكون!!.... هم سينهون أمر كلينا معا!! "  صوت صراخ أمي كان واضحا رغم العاصفة التي تهب خارجا..... رغم أن زجاج النوافذ يكاد يكسر بسبب تهاطل الأمطار و الأذان تصم من صوت الضربات الرعدية.

  لا يمكنني النوم بسبب الإثنين،  صراخ والدتي و شجارها مع أبي الغير مفهوم سببه..... لم أفهم يوما سبب شجاراتهما الدائمة و لا أريد أن أفعل لأن ذلك دائما ما يجعلني أشعر بالحسد من نيكولاس لأنه أصم،  على الأقل ليس بشكل كلي... هذا الصراخ بالنسبة له يعد مجرد همس و هذا سبب نومه العميق دوما إلى جانبي دون مشكلة.

أنا الوحيد الذي يعاني من الكوابيس بسبب ذلك،  طلبت كثيرا من والدتي تغيير غرفتي لكنها دائما ما ترفض...... ترفض لأنها تحب قول لا لأطفالها بالمجمل.

هي ذلك النوع من الأمهات الذي يستمتع برؤية الخذلان و كسرة الخاطر على وجوه أطفالها..... أم سيئة!.

" قول الحقيقة هو أقل ما يمكنك فعله إتجاههم بعد إنقاذك من الحبس!!! "

قول الحقيقة؟!

أي حقيقة يتحدثان عنها!!.... هل أمي تخفي شيئا ما؟!

" أنتم لم تنقذوني مطلقا!!  ،  أنا فقط تغير مكان حبسي فقط !! "
     

*صفعة*

دوى صوت صفع بشكل واضح تلاه دوي رعد جعلني أجفل في مكاني....

  " هل بت تصفعني الأن بعد جعل حياتي جحيما أنت و ملاعينك الخمسة! "

جحظت عيناي من ما سمعته محدقا بوجه أخي النائم.....

أبي صفع أمي حقا!!...

لا.....هذا  لا يعقل.... علي إيقافهما و حالا قبل أن تصبح الأمور أكثر سوءا!...

تسحبت من سريري راكضا حافية القدمين لغرفة والداي بأقصى سرعتي.

أمسكت المقبض راغبا في فتح الباب متزامنا مع إغلاق والدي لباب غرفته،  رقبته يغادر شاتما العالم خلفه و جنون والدتي.

إستغللت فرصة رحيله لأتفقد والدتي و لربما أواسيها فصوت نحيبها كان مسموعا بوضوح....

فتحت باب غرفة والداي و التي لا تبعد عن خاصتي بكثير شيئا فشيئا ليتبين لي أنه ليس فقط علاقة والداي ما كسرت هذه الليلة بل جميع الأغراض القابلة لذلك أيضا... الغرفة أصبحت أشبه بساحة حرب ختمت بتوقيع والدتي  التي ترمي الأشياء من حولها كالمجنونة....

   " أمي....! " ناديت محاولا لفت إنتباهها  من أجل أن تتوقف ان ما تفعله و لا تؤذي نفسها.... ليكون بذلك أغبى شيء جيد أقوم به في حياتي.

لأن والدتي لم تؤذي نفسها في تلك الليلة بل أذتني أنا و بشكل سيء جدا......

     هي رحلت تاركة بداخلي أبشع ذكرى تعذيب رأيتها في حياتي و مهما حاولت الإبداع في تقنيات التعذيب خلصتي فأمي الصهباء لا يمكنني الوصول إلى مدى إحترافيتها و تجردها من المشاعر و حب أذية الذات و لمن حولها.....

في تلك الليلة شهدت عرض دمويا غير قابل للنسيان في حياتي......

و الهرب منه كان مستحيلا أنني كنت مربوط ككبش فداء......

و شيئان لم يخرجا من عقلي من تلك الليلة.

دماء.....
إمرأة صهباء......

و بعد سنوات إكتشفت السبب خلف عيشي تلك الليلة.

و الذي كان الإنتقام.

لم تشئ والدتي مغادرة الحياة دون ترك شيء يشبهها خلفها و بشكل كامل....

شخص يحمل نفس تفكيرها السايكوباتي الإنتقامي.....

و عدة أمراض أخرى كنوبات هلع مهما تطور علم النفس و تقدم فلن يحدث شبر شفاء لي.....

شاهدتها تمزق جسدها أمامي و إبتسامة عريضة تعلوا وجهها.....كانت تبتسم لي و هي تدري مالذي تمزقه بالفعل...لم يكن جسدها وحده بل روحي من الداخل......

و هناك و في تلك الغرفة المغلقة من سنوات طويلة  أزهقت روح طفل يدعى إيفان ليخلق وحش بذات الإسم و يمثل الجحيم لمن يخالف فاردين......

تتالت الأيام و الليالي لتتحول الى أسابيع ثم أشهر و بعدها سنوات،  ليمر عقد كامل و يمر  نصف ما يليه بالفعل دون علاج لما تمزق بداخلي في تلك الليلة.....

و القدر الى جانب الحياة كانا مستمتعان برؤيتي أحاول الهرب من مصيري المحتوم.... لكني أنا من سخر في النهاية و ضحك بقوة بعد وقوعي بشكل سيء   لإمرأة صهباء تكسر كل القوانين بحظورها في أي مكان تكون به،  سيدة على نفسها بطريقة أخافت مختلا مثلي حتى الرهبة من الجنون الذي تخفيه خلف إبتسامتها المشرقة..

إمرأة إمتلاكها كان حلما جميلا و إنتهى بالفعل.

إمرأة لا تتكرر.... 

و إن رفضت العودة فلا حق لي في رفض ذلك لكني سأفعل على أي حال.

رحيلها عني هو يخص شخصين فإن صوتت هي بنعم فأنا خياري هو لا....

لأن فكرة عدم وجودها بالقرب مني ليس مؤلما فقط بل يصعب شرحه حتى.

كما لو أن شيئا ما نزع بداخلي و هي الوحيدة الذي تستطيعه إعادته إلى مكانه و لهذا وجب علي اللحاق بها إلى مكان هي به حتى لو كان ذلك سيقودني إلى ما هو أسوء من الجنون بحد ذاته....

حتى لو كان على حساب آخر خبية إتزان بداخلي......

و أنا شعرت بهذا المدى من الإختلال بالفعل فور رؤية منزل موريس اللعين يحترق أمامي.....

فكرة أنها تحترق في الداخل و أنا كسافل لعين لا أقوى على فعل شيء لإنقاذها هو الجزء الذي قادني فقد السيطرة على كل شيء حولي......

لكن ليس هذا ما شل أطرافي عن الحركة بل مشاهدتها لي أصرخ كعاهرة فقد أهم زبون لديها في هدوء خلفي و الأسوء مدها لقطعة قماش ممزقة من فستان زفافها المصبوغ بدماء بشرية...... دماء بشرية.... دماء والديها و الإسباني السافل.....

و أمرها أن أمسح دموعي المثيرة للشفقة التي لم أدرك نزولها حتى.... تبا!!!!  ......

كان ذلك محرجا تماما!....

محرج لدرجة أني أريد حفر قبر لي في حديقة منزل موريس و دفن عاري هناك...

و بعد إعادتها للمنزل إكاشفت رؤيتها تحترق في ذلك المنزل أهون و أخف من تجاهلها لي كما لو كنت طاعون حياتها بالرغم من أن لا ذنب لي في ذلك من البداية......

على الأقل ليس بإرادتي الكاملة....

   و مهما حاولت الإقتراب أقابل بالرفض الصامت.... مهما ناديت على إسمها من خلف باب الغرفة التي إختارتها لتكون مكان إقامتها بعد عودتها و التي كانت بعيدة عن التي تخصنا نحن الإثنان، هي لم ترد مطلقا .....

و هذا ما أبقاني أمام باب غرفتها لساعات،  سمحت للخدم بالدخول و مرة للوكا و أنا الوحيد الذي تم إبقاءه خارجا كالكلب الأليف الذي أفسد شيئا في منزل صاحبه و الأن عليه تحمل عقابه و البقاء خارجا.....

و بقيت خارجا كالمطيع التافه.

..

حدقت بإنعكاس وجهي في مرآة طاولة التجميل التي تملأها مساحيق تجميل صوفيا عن آخرها بينما أجفف خصلات شعري لكوني أخذت حماما لتوي...

رميت المنشفة بإهمال على السرير،  لو كانت صوف~ هنا و رأت هذا لكانت حاظرتني بشأن رمي المنشفة مبللة على أغطية السرير.... لكن من يهتم،  هي ليست هنا على أي حال!!....

" إيفان فاردين!!! "

إنحنيت لآخذ قميصي راغبا في إرتدائه لكن نداء صوتها الأنثوي جعلني أتجمد في مكاني....

للحظة ظننت أني بت أتوهم وجودها حولي...... خاصة بعد رؤيتها هذا الصباح تحترف في الدعس علي بعدم النظر إلي أو حتى الإعتراف بوجودي..... و بدلا عني.. هي إستقبلت ديميتري،  حسنا لا يمكن وصف التعرض للصفع منها شيئا من الإستقبال لكن يبقى أفضل بكثير من  تركي واقفا هناك كاللأبله منتظرا دوري......

ضاجعني!! "


... اه... ماذا!؟

جحظت سوداوتاي من ما بات  يخدعني به مسمعي بكل وقاحة....

" لنتضاجع الأن و نتصالح لاحقا!"

رددت مجددا بكل جرأة بينما أنا أحدق بها كالمهتوه الأخرس...

   " ليس ذنبك..فهمنا!..." 

إستعاب كلماتها تلك بينما تقف عند عتبة باب الغرفة بعد أن إقتحمتها كما لو كانت تمتلك المكان'و هي تفعل ذلك بالفعل' كان أصعب عملية فكرية قمت بها في حياتي...

    " ديميتري هو السبب... أقسم " لم أقوى على خلق كلمات جديدة غير التي كنت أرددها أمام بابها لأيام فاتحا ذراعايا على مصرعيهما لإستقبالها برحابة صدر بعد ركضها نحوي.

حملتها بين ذراعاي برعاية شديدة و لطف كما لو كانت دمية زجاجية أخاف إفلاتها و تكس أو أشد على إمساكها فتتضرر... ذلك ليس ما أفكر في فعلها الأن...

لن أجرؤ على كسرها ذلك مستحيل،  خاصة و أني تحت سلطة شفتيها.على خاصتي ...

" فراولة! " همست بإسم أول طعم تذوقته من بعد رائحة النعيم التي تعبق من جسدها..... اوووه كم إشتقت لهذا الملمس و العطر.... أريده لي و أن يبقى دائما. 

 

  وضعتها على السرير لأعتليها في جزء من الثانية،  تمعنت ملامح وجهها الجميلة تلك كما لو أني أحاول تحديد ما إن كان هذا وهما أم حقيقة... لا أريد أن ينتهي بي الأمر أضاجع الهواء في النهاية،  سيتصدر ذلك قائمة الأشياء المهينة لرجولتي بكل جدارة حقا...

ترددي تلاشى فور شعوري بملمس أناملها الفاجر على صدري العاري،  هذه هي طريقتها.... هذه صوفيا يستحيل أن تكون وهما أو خيالا... لأن حتى الخيال يستحي من التجرأ بهذا الشكل الفاسق نحوي....

هذه هي برتقالتي ذات العقل الفاسق فلا داعي لأي إثبات....

"حتى إن دخل رئيس روسيا من ذلك الباب ليمنعني عنك فأنا لن أتوقف عن جعلك ترين نجومي صوفيا!"....

و عندما أقول نجومي أعني تلك التي تراها بعد وصولها لقمة نشوتها أسفلي... إمرأتي ستراهم اليوم و بوجوح و لمرات عديدة،  ستصل للدرجة الصراخ طالبة التوقف بينما تسحبني راغبة بي أكثر.... سأجعلها تنسى حتى تهجئة إسمها و الكلمة الوحيدة الذي ستنطق بها أثناء كل هذا هو المزيد...

المزيد...

المزيد...

المزيد من إيفان...

المزيد من إيفان فاردين و إلى الأبد.


      المزيد من صوفيا إيفان فاردين.

         المزيد منا و إلى الأبد.

  

END........... النهاية
         _____________________

تستمر الرواية في البارت التالي.....

                          

Continue Reading

You'll Also Like

2.2M 292K 75
اجتماعية رومانسية
7.8M 166K 110
نتحدث هنا يا سادة عن ملحمة أمبراطورية المغازي تلك العائلة العريقة" التي يدير اعمالها الحفيد الأكبر «جبران المغازي» المعروف بقساوة القلب وصلابة العقل...
20.5K 853 14
جلالة يحكم إمبراطورية المافيا جهرا و الياكوزا سرا..مارليتو لورانتي يضع القوانين و عالم المافيا يتبع و يُنفذ أين كل قانون يطبق و كل عشيرة تُنفذ ثم بعد...
979K 29.8K 63
النساء لا مكان لهُنَّ في حياته، عالمه ينصب على أبناء شقيقه وتوسيع تجارته في أنحاء البلاد. هو "عزيز الزهار" الرَجُل الذي أوشك على إتمام عامه الأربعين...