الهَجيِنَة~🌬

في عآلَمِ البَشَر!.

كان الليل قد أسدل ستاره الأسود وتلألأت النجوم  في السماء  متراقصة حول هالة القمر لتحدث بهجة في هذا السكون الأسود. فلا تسمع إلا همسات الرياح الخفية تلطم بفروع الأشجار  الشاهقة محدثة حفيفها.
كان الرجلان يسيران في تلك الغابة الموحشة بخطوات حذرة حتى جلسا في العراء في منتصف الأشجار الشاهقة مشعلين نارا قد تجمعا حولها . .

كان الأمير"بحر" يحاول التّحدث مع الأمير"وصبال" الصامت طوال الوقت ولا يرد الا بأجوبة مختصرة ..

..."مابِك لما تتجاهلني يا وِصبال!"

وِصبال بقلق.."أخشى أن ينكشف أمرنا وتذهب محاولتنا هذه في مهب الريح!"

بحر وهو يلعب بحفنة من التراب غير مكترث ..
"لاتقلق .. لابد أن أبراهار قد دخل في سباته مع كلابه الحارسة الآن ولن يبحث عني أو عنك.!"

..."ماذا عن أحمر ألن يلحظ غيابنا؟"
وصبال بتوجس.

ابتسم "بحر" وهو ينظر الى لهيب النار المتطاير ..
"أحمر ذلك الغبي مشغول بحفظ ولائه أمام الملك وفرصة كهذه لن تفوته إن علِم بغيابنا خارج ممالك الجان"

زفر"وصبال "الهواء من رئتيه وقد بدت عليه معالم الخوف ..
ثم نهره "بحر" قائلا
.."لاتكن جبانا أيها الزوبعة ثم ألست أنت صاحب الفكرة!"

طأطأ رأسه متداركا الموقف..
"كانت الخطة أن تذهب وحدك دوني ! لولا ذلك الكهف الغبي الذي اغلقت فوهته لعدت أدراجي!"

"بحر" وهو يكسر بعض الأغصان ويطعمها للنار ..
"جني غبي وأنا الذي ظننتك قويآ وأنت لست سوى رياح مزعجة لاتحمل الا بقايا النفايات!"

وصبال بغضب ..
"توقّف عن الإنتقاص من قوّتي.. فلن تعرف قيمة الهواء حتى تغرق!

بحر باستفزاز
"أنا لا أغرق أبدا يا هذا .. أنا سيّد البِحآر والهوآء ليس من مرافق الحياة عندي كما تعلم!"
..
وصبال بغضب.."هذا ليس وقت التناقض الآن اصمت وانه هذا الجدال.."

عمّ الصمت لثوان حتى أعاد سؤالا كان في جوفه ..

"أخبرني يا وِصبال من أين لك خريطة الخروج السّرية تلك!"

.."إنها قصة طويلة يا بحر سأرويها لك لاحقا"!

.."نعم أخبرني بها لاحقا لأنني الآن مشغول للغاية وليس لدي أي وقت لسماعها فأجّلها لاحقا لازدحام وقتي الثمين الآن"

وِصبال بشيء من العتب  
"أتسخر مني يا كتلة المياه الغير صالحة للشرب؟

ابتسم "بحر" بعدما استفز صديقه واردف ..
"هيا تحدث قبل أن أغرقك في هذه المياه ."

...
"حسنا..

..."بعد تلك الحادثة التي حصلت معنا في قاعة العرش أمر الملك بسجنك داخل قلعتك لتأدبيك على قولك وتصغيرك أمام بني شعبك ، أما أنا فقد عدت أدراجي الى مملكتي والشّرار يتطاير من عيناي .. كنت في حالة من الغضب ،دخل عليّ مستشاري الخاص يخبرني أن هناك أحدا من مملكة المتحولين يريد مقابلتي .. لم أكن لأستقبل الجنّي ذاك لولا إصراره الشديد على مستشاري ..

.."أعطيت له الإذن بالدخول لأتفاجئ بما رأيت أمامي!"

  ..
.."ماذا رأيت!"

.."لقد كانت نفس الجنّية التي تمت معاقبتها ببتر أطرافها عقابا لها على انتهاك القوانين في الخروج من ممالك الجان دون اذن الملك ..

..
بلع "بحر" ريقه واردف ..
"إن كشف أمرنا هل ستكون عقوبتنا نفس عقوبتها!"

هزّ وصبال رأسه نافيا ..
"نحن أمراء الممالك وعقوبتنا لن تكون سوى النّفي فلا تقلق .."

"حسنا أكمل..ماذا حدث بعدها.."

..."لقد اخبرتني أن بحوزتها شيئا مهما قد يساعد مستقبلا في تطور مملكتي ، أثار الأمر فضولي حتى بدأت تروي لي عن عالم البشر وتطوّرهم في قواهم وعلمهم ..
لقد اخبرتني أن بينهم سحرة يستطيعون ربط أقوى أنواع الجآن ولوكان الملك أبراهار بحد ذاته.."

"وهل صدّقت تلك المعطوبة!"

..."كانت الخريطة دليلا على صدقها ..وقد اخبرتني أنها قابلت الكثير منهم خلال زياراتها المتكررة الى عالم البشر .."

بحر وهو يتمعّن في الأرجآء ..
"مالفرق بين عالمينا فلم أشعر بأي اختلاف!"
..
اردف وِصبال بينما بدأ التعب يدبّ على محيّآه .."نحن عالم واحد يا بحر فقط لكل منا مساحته الخاصة..

..وماهي ثوان حتّى اغمى عليه ..

حاول"بحر"ايقاظه بطرق عديدة جميعها لاذت بالفشل حتى ظن أن صديقه قد مات..
بدأ الصباح ينشقّ في الأفق وقرص الشمس يرتفع الى كبد السّمآء .. اختار"بحر" وجهة عشوائية يسير باتجاهها حتى وصل عند بئر ..يبدو عليه أنه صارع الأزمان

أسند ظهر صديقه  على البئر وأقبل يهزّه بينما لم يبدِ أي ردة فعل وكأنه جثّة لم تتعفن بعد..

بحث بالأرجاء حائرا وأصبح يجوب الغابة ذهابا وإيابا بحثا عن شيء لا يدري أين وجهته ولكن كل الطرق تعيده الى ذلك البئر العتيق وصاحبه الشبه ميت !..

ولكن في المرّة الأخيرة وجد البئر دون صاحبه.. فرح بظنه أنه قام باحثا عنه  ،عاد أدراجه الى قلب الغابة عدّة مرات صارخا بصوته ولكن دون جدوى!.
أمضى اليوم بطوله باحثا عن "وصبال" الذي اختفى أثره فجأة حتى بدأت الشمس بالغروب ليعمّ الظلام مرّة أخرى بعد عدة دقائق
تمكّن منه التعب فجاأة.. عاد أدراجه الى البئر لعل صديقه يعود ويلقاه في مكانه الأول  .

اتكئ على البئر حتى غفت عيناه .. استيقظ على صوت غليظ يحدّثه ..

.."هل تريد سماع أُحجيَة؟"
 

فتح عينيه بتثاقل وهو يردد.."وصبال ؟هل هذا أنت!-"

ردد الصوت مرّة أخرى والذي أتى مصدره من قلب البئر
  .." هل تريد سماع أحجيّة؟.."

وقف"بحر" مطلّا دآخل البئر المظلم ..وقال محدثا الصوت ..

"هل هناك أحد هنا؟'

.."الصوت"
.."هل تريد سمآع أحجيّة؟'

أجاب بحر سؤاله بسؤال آخر
.."هل تعلم أين ذهب الرجل الذي كان مستندا عليك قبل ساعات؟'..

لم يرد عليه الصوت فظن أنه بدأ يهلوس .. ولكن عودة الصوت مرّة أخرى جعلته يتأكد أن هناك أحدا بالداخل ..

..."إن أجبت على أحجيتي سأخبرك عن مكان صديقك!"..

طلّ بحر داخل البئر مرة أخرى محاولا رؤية من بداخله لكن دون جدوى ..سأله بحيرة ..

.."هل أنت إنسي؟"

الصوت
..لا"

.."إذا أنت من الجآن؟: بحماس
..
الصوت
..لا!"
..
بحر بقلق .."شيطان؟"

الصوت
..لا"

بحر بغضب وهو يضرب يداه على فوهة البئر
.."ماذا أنت إذا؟"

..الصوت..
"أنا أحد المخلوقات التي لاتعرفها .،هل تريد سماع أحجّية؟"

بحر باستسلام ..
"حسنا يابئر الأحاجي هاتِ ماعندك!"
..
الصوت
.."ماهو الشيء الذي يختفي عندما نقول إسمه؟..

صمت بحر قليلا وهو يفكر حتى قاطعه الصّوت بالإجابة ..
  .."إنه الصّمت!"

بحر بغضب .."كنت سأجيب!

الصوت
.."هل ترغب في أحجيّة أخرى؟"

بحر.."حسنا هات ماعندك!"

الصوت ..
.."كيف تتغلّب على عدوّك !"

بحر بكل ثِقة ..
"بقتله.."

الصوت
.."خطأ! بل بمصاحبته..!"

غضب بحر صارخا
. .."حسنا يكفي من هذا أين وصبال!"

الصوت 
..'هل ترغب في أحجيّة أخرى؟"

بحر..
"وهل ستخبرني عن مكان صديقي؟"

..الصوت..
"حينما تصيب بالإجابة أخبرك.."

بحر وهو يكظم غيضه..
"هات ماعندك!"

الصوت
  .."كيف تتكلّم دون أن تتكلّم؟

صمت بحر قليلا وقال
.."في الأحلام؟"

. الصوت
..."خطأ بل بالكتابة..
.."هل ترغب في أحجية أخرى؟"

بحر بغيظ
.."هات!

الصوت
.."مالذي يبدأ يوم ولادتك؟"

ابتسم بحر وقال ..
"هذه سهلة ..حياتي!"

الصوت
.."خطأ بل مماتك!"
  ..
..
بحر بغضب
.."إن كنت لاتريد مني أن لا أجد الإجابة فأخبرني دون اختلاق إجابة غبية!"

الصوت
  .."لايوجد موت بلا حياةوحين تولد يبدأ عداد حياتك بالنقصان نحو الموت لذلك يوم ولادتك هو عدّاد ليوم مماتك .."
  .."هل ترغب في أحجيّة أخرى!"

بحر بقلق
.."هات!"

الصوت
.."أولد من رحِم الماء والماء هو قبري..!"

بحر بثقة
  .."الثّلج!"

عبقت صرخة مُدوية من قلب البئر ليتحدث الصوت بتعب وكأنه تعرّض للتّعذيب ..
"صديقك توجّه الى هضبة الذئآب .."

بحر..
"وأين أجد هذه البقعة؟"

الصوت..
"هل ترغب في أحجية أخرى!"

..

تأفف بحر
.""هاات ماعندك لنرى ماهي نهاية هذه الأحاجي!"

.الصوت
   ..."كيف تحيي الموتى؟"

بحر بعد صمت قصير
..."بزيارة قبورهم؟

الصوت..
.."بتذكّرهم.."

صرخ بحر وهو يشتم صاحب الصوت  ..
"نفس الإجابة أيها الأخرق!"

الصوت..
"هل ترغب في أحجيه أخرى!"

بحر
  .."هات!"

..الصوت..
"مالذي لانستطيع رؤيته عند حضوره؟"

بحر..
.."الهواء؟"

..الصوت
.."بل الظلام!"

ركل بحر البئر وهو يشتمه بغضب ..
"وكأن الهواء يمكن رؤيته أيها الغبي!"

..
الصوت
.."هل ترغب في أحجية أخرى!"

بحر بقلق
.."يبدو أنني لن أخرج من هنا حسنا قل ماعندك.

الصوت..

"من الذي يرغب الكثير في قتله ولكنه يقتلنا جميعا..!"

.بحر بغضب
.."أحاجيك الغبية!"

الصوت ..
.."الوقت!"

تربّع بحر على الأرض سارحا في النجوم متجاهلا الصوت النابع من البئر الذي لايزال يردد سؤاله حتى صمت..

غفى بحر على ضوء هالة القمر حتى أفزعه الصوت مرة أخرى بزمجرة قوية ..
..." هل ترغب في أحجية أخيرة؟

أجاب بحر وأعينه مازالت معلّقة في النجوم ..
  .."ماذا إن أصبت هل ستخبرني عن مكان وصبال!"

الصوت.."نعم"

بحر .."وإن أخفقت!"

الصوت" ستنال عقابا..!"

بحر بشيء من التحدي ..
"هات!"

الصوت ..
.."مالشيء الذي لن تراه أبدا؟

بحر بعد تفكير دام لثوان..
.."الغد!"

الصوت ..
.."بل الأمس!"

بحر مقاطعا بثقة ..
.."أنت مخطئ هذه المرة ..الأمس رأيناه ولن نراه مرة أخرى ولكن مالانراه هو الغد إذ أنه حين يحلّ نكون اليوم!"

علت صرخات مدويّة من قلب البئر حتى سكنت فجأة ليكسرها الصوت بنبرة على وشك الهلاك ..
..."إتّجه شرقا وستجد هضبة الذئاب .."

ابتسم بحر لانتصاره حتى عاد الصوت المتعب مرة أخرى ..
"هل تريد أحجية أخرى!"

تكلم بحر ساخرا ..
"انت لاتستسلم أبدا أيها الصوت..ولكني لم أعد احتاجك!"

الصوت..
"بلى مازلت تحتاجني أنا لم أخبرك كيف تدخل المكان لأن الذئاب فصيلة مفترسة قد تفتك بك قبل أن تصل الى أراضيهم ..

وقف بحر والشرار يتطاير من عينيه..
.."هل تخدعني أيها الغبي!"

..الصوت
.."أنا لم اخدعك واجبتك عن مكان صديقك .. هل ترغب في أحجية أخرى!

بحر
.."هات!"

..الصوت..
"كيف ترمي الحجر لمسافة بعيدةويعود اليك دون أن تتحرك؟"

بحر ..
"برميه في الماء؟"

...الصوت
.."برميه للأعلى"

صمت سارحا في ظلمة البئر ..

..الصوت
.."هل ترغب في أحجية أخرى؟"

بحر بحذر..
.."قُل!"

الصوت..
"ماهو الشيء الذي يمشي في الماء ولا يبتل!

ضحك بحر بقهقة عالية وأردف ..
.."إنه الظل أيها اللعين!"

تعالت الصرخات داخل البئر مرة أخرى
ليسخر منه بحر مردفا..
..
.."مالاتعرفه أيها الغبي أنني أمير البحار ولاتنطلي عليّ أحجيات الماء أبدا!

ليجيبه الصوت بانكسار
.."اذا رأيت ذئبا فلا تحدّق في عينيه .. تجاهلهما لأنك ستموت لو فعلت..!

____________
ها!
تصويت☆
كومنت مشجّع لطيف♡(: