الهَجيِنَة~🌬

فتآة القَريَة

في تلك القرية الصغيرة التي تقع في قلب الريف ،المحاطة بحقول خضراء واسعة وأشجار ذات أوراق ذهبية اللون ،
تتميز بمنازلها الصغيرة المصطفة
وشوراعها الضيقة المرصوفة بالحصى ..
حيث يمكنك رؤية الأهالي وهم يتجولون في السوق المحلّية،وتستمع إلا أصوات العصافير التي تحلق في الصباح الباكر ..
..إنها قرية تعجّ بالحياة والألوان!.

إلا أن هناك كوخا يبعد بضع كيلومترات عن المنازل المتلاصقة
تقطن فيه
فتاة تنبض بالأنوثة والجمال ،تبدو في عقدها الثاني من العمر تدعى "نورسِين"، تتميز ببشرتها الناعمة كالحرير وبشعرها الأسود اللامع الذي يتراقص مع الرياح لشدة خفّته..، تحمل في وجهها المدوّر عينين كبيرتين واضحتين، تعكسان ذكاءها وحماسها .،. تبدو دائمًا بهدوء وسعادة، وتنثر البهجة والضوء في كل مكان تذهب إليه. تحب التواصل مع الطبيعة وتستمتع بالمشي في الحقول الخضراء والاستماع إلى غناء الطيور. إنها فتاة تجسد جمال الطبيعة.. وتألق الروح في قريتها الساحرة.
كانت تعيش مع جدّتها التي امتهنت الخياطة لجلب قوت يومها،..
أما عن حياتها فهي عبارة عن روتين يومي لايخلو من الذهاب إلى السوق لجلب بعض الخضار الطازجة ثم التوجه إلى الجزّار وقبل رجوعها إلى كوخ الجدّة تمرّ على بائع السكاكر ..لتأخذ حاجتها من الحلويات وتعود أدراجها كطفلة صغيرة تتمرجح بين الحقول .

دخلت على جدّتها المنحنية على آلة الخياطة وقبّلتها على جبينها المجعّد.

"صباح الخير جدّتي كيف حالكِ اليوم!"
(بحب وحماس)
أنزلت الجدّة نظآرتها بسبابتها وأردفت قائلة
.."أراكِ في ذروة السعادة هذا اليوم يا حبيبتي أسعديني معكِ!"

ضحكت" نورسين" لتبدو وجنتيها كالتفاح الذي أغوى آدم، ثمّ أخفت شيئا خلف ظهرها ..
رفعت حاجبيها بذهول ثم كشفت عن يدها المليئة بالسكاكر ..
"هذا ما يسعدني يا جدّتي..هل تريدين البعض منها؟"
وهي تلوك قطعة منها في فمها

أجابت الجدة بقلق وهي تعود إلى ماكينة الخياطة ..
"لابد أن هذه السكاكر هي من تسبب لك بالكوابيس!"

ضمت شفتيها وقد ارتسمت معالم القلق على وجهها .وهي تنظر الى راحة يدها
.."لاأظن أنها السبب ، أنا فقط أحتاج إلى راحة ..ربما"
(وهي تهز طرف كتفها)

تنهدت "نورسين " لحالها ،فتلك الكوابيس تمنعها من النوم طيلة الأسابيع الماضية وإصرار جدّتها الغريب على تحميل الذنب لكميات السكر التي تنهال عليها دون خوفٍ على صحتها

قاطعها صوت قرع الباب..
اسرعت مهرولة وفتحت الباب لصديقتها الوحيدة.."ديانا" .
ضمّتها بقوة وتشابكت أصابعهما ليهمّا بالمغادرة معا
.."نراك لاحقا أيتها الجدة!!"

كانت الأجواء في بساتين القرية جميلة جدا ، إذ رافقت "نورسين" صديقتها المقربة" ديانا " تحت ظل أقدم الشجر على تلك الأرض ، كانت فروعها الواسعة تدل على مصارعتها للزمن وتشبثها بالحياة طيلة هذه القرون..

إتكأت "ديانا" على جذعها مستمتعة بصوت حفيفها بينما "نورسين" تلتف حولها تتلمسها بأناملها .،
شعرت بشيء غريب يتحرك داخلها ، رفعت حاجبها الأيسر تخاطب صديقتها ..

.."ديانا ربما يوجد حيوان ما عالق داخل الشجرة"!..
..
لتجيبها ديانا بتثاؤب

.."ربما سنجاب ما أو من هذا القبيل"...

ألصقت أذنها الى مصدر الصوت لتفتح عينيها على مصرعيهما من دهشة ماتنصت اليه ..
همسات تقول ...
".... ، يجب على نصف الجنية ونصف البشرية أن تعيد آجيا.."
انتابها الفضول فهمست بينها وبين الشجرة

"ماهي آجيا؟"

بدأت همسات الشجرة تتسارع بغضب وزاد التصاق وجههاا بها ، كانت أغصانها تضمها بقوة فلم تستطع الإفلات من قبضتها وكادت تخنقها ، حتى سحبت نفسها بقوة وهي تصرخ لتقع على ظهرها مغشيا عليها ..
،...

كانت الشمس في كبد السماء ، أشعتها السوداء الغريبة ، التفتت حولها لترى البستان قد تحول لهيبا من الحمم البركانية ، تنظر يمنة ويسرة من الفزع صرخت بصوت راجف
"دياانااا-".

لملمت نفسها تحت تلك الشجرة مجددا والتي تحولت الى إسوداد عظيم يتقاطر منها الدماء ، ضمت ركبتيها وأخفت وجهها بين ذراعيها تبكي بخوف .،تحدث نفسها أنه مجرد كابوس وسوف تستفيق منه..

ترى مجموعة من غريبي الأطوار يقتربون منها بتثاقل ، خطواتهم كأنهم موتى قد عادوا إلى الحياة ، كانت الرموز تملأ وجوههم ويهتفون بصوت واحد ...'آجيا..-

.....
أفرغت "ديانا" عبوة الماء على وجهها لتشهق "نورسين" بفزع ..

"م..ماذا حدث؟"

تجيبها ديانا بقلق ..
"لقد أغمى عليك فجأة هل أنت بخير؟"

"نعم بخير، فقط أريد العودة للمنزل"-

"حسنا ، هيا بنا"

اصطحبتها صديقتها الى منزلها القريب، لقد بدى الإرهاق واضحا على وجهها وهي تمشي بتمايل مستندة على كتف "ديانا"

دخلت حجرتها ورمت جسدها الرشيق على الفراش ،

أقبلت إليها جدتها بقلق وهي تمسح على ناصيتها .
"ألن تتناولي العشاء يا نورسين؟"

أومأت برأسها رافضة

"هل أنتي بخير يا صغيرتي!؟"

ولكنها كانت شبه فاقدة للوعي وتتمتم بكلمات غير مفهومة .

أردفت الجدة بقلق ..
"لابد أن أستدعي حكيم القرية ليرى حالك الذي يزداد سوءا يوما بعد يوم!"

أجابت بتثاقل ..

"أحتاج للنوم فقط يا جدّتي.. النوم.."

تنهدت الجدة وقبّلت جبينها
غطت جسدها باللحاف وأقبلت مغادرة حجرتها
.."أتمنى لك ليلة سعيدة خالية من الكوابيس"

لقد كانت متعبة للغاية أرادت النوم فقط دون مكترثة للكوابيس التي ستنهال عليها مرة أخرى ، تثاقلت عيونها فهي لم تحظ بنوم لأيام غادرت عالم الواقع الى عالم الأحلام بغمضة جفن ..، ♡

______________

(كابوس)

نورسين-"

لقد كانت تلك العجوز تنظر الي بإعجاب حتى أنني لم أستطع مجاراتها بالكلام بعد سؤالي المتكرر عليها
"أين أنا! ،مالذي يحدث لي!"

لقد أخبرني لسانها من تلقاء نفسه أنني في عالم غير عالمنا البشري
"ماذا -!!"

لطالما اهتممت بمعرفة عوالم أخرى غير عالمنا ولكنني لم أتوقع زيارتي لأحدهم يوما!!-

وقفت العجوز تمشي بتثاقل كأن قدميها لا يستطيعان حملها ، اما ذراعيها فكانت تزداد طولا مع كل خطووة تمشيها حتى كادت أن تلامس اقدامها . كان منظرها مخيفا جدا ، ولكنني قمت باتباع خطواتها خوفا من ضياعي في هذا المكان الغريب  لقد كان المكان أشبه بالبحر والمريب في الأمر أننا كنا نسير فوق الماء .. فكلما أبطأت خطواتي غاصت أقدامي في البحر! حتى رأيت نهاية للبحر وكأنه أصبح يشبه الشلال الكبير .. لم أعتقد يومآ أن للبحر نقطة نهاية لطالما ظننت أنه على مد البصر أي مالانهاية وقد كان على حآفته قصر كبير يشبه قصور الملوك

.
وصلنا الى بوابة كبيرة تشبه بوابات القصور ، كان مقبضه عبارة عن جمجمة لتنّين ذو أنياب حادة.، التفتت للعجوز فرأيتها دون ملامح -!، فزعت لمنظرها وأشحت النظر عنها ..
اقتربت تهمس لي ببطئء

"انتي في عالم الجان عزيزتي!"

فتحت عيناي على مصرعيهما من هول ماسمعت ، لعله كابوس آخر وسأستيقظ منه ..
رمشت بعيني حتى وجدت نفسي في قاعة شديدة الوساعة ، فيها سبعة من العروش المتشابهة كأنها قاعة محاكمة

. حيث ظهر فجأة سبعة من الرجال طويلي القامة ذو لحى سوداء ، كان أوسطهم يرتدي تاجا مرصعا ورداءا أسود طويل الأكمام يشبه رداء الموت ! أما البقية فكانوا رجالا عاديين ،
..
بقيت أرقبهم من بعيد وألتفت يمنة ويسرة لعل العجوز لن تراني هنا ،
وماهي لحظات حتى أدخلت إمرأة مكبلة بسلاسل في قدميها وعنقها ،والغريب أنها كانت بلا ذراعين !، أمعنت النظر جيدا حتى وجدتها نفس العجوز التي كانت معي قبل قليل! ، كيف وصلت الى هناك ! مالذي يحدث
..
بقيت أسترق السمع ، ومعرفة قضيتها التي أدت بها الى ذلك الموقف.

سمعت صاحب التّاج يقول بصوت مليء بالخشونة والقوة ..

"لقد كشفت شكلك الجني أمام بشرية وعقابك هو قص ذراعيك وقدميك كي تبقين أبد الدهر عاجزة !"
ثم أردف قائلا بغضب ..
.."لقد حذرت عشيرة المتحولين على عدم إظهار أشكالهم أمام الأجناس الأخرى .. ولكن الخيانة وعدم الطاعة تسري في دمائكم المتّسخة..!"

حاولت الدفاع عن نفسها بينما قام عشرة رجال بربطها لقص باقي أطرافها فصاحت قائلة ..
"جلالة الملك ،  تلك ليست ببشرية ، إنما هي نصف بشرية وحاملة "آجيا" ، هي في الواقع إبنة عبريقة التي تزوجت ببشري وخانت قواعد الجان السبعة!!!"

حاولت التقاط أنفاسي من هول ماسمعت ، من هذه "عبريقة"..الذي يتحدثون عنها ؟ماهذا الكابوس الغريب ولماذا تتردد هذه الكلمة كثيرا في كوابيسي"آجيا"!!

لم أستطع أن أرى منظر الدم وأولئك الرجال يهمّون بالإقتصاص منها .. صراخها قد أحدث صدى قويا في تلك القاعة!-

التفتت مرة أخرى لأرى ماحدث فوجدت القاعة شاغرة تماما! حتى العروش الستة قد اختفت ولم يبق سوى عرش واحد ..وكان فوقه ذلك التاج المرصع

كان قلبي يخفق بقوة ،لم أدرك ماحدث أو أين أنا ، أحاول فقط الإستيقاظ من هذا الحلم الغريب، أمسكت رأسي اقرأ بعضا من آيات الكتاب المقدس التي احفظها ، فتحت عيناي فوجدت نفسي في حجرتي ..!

تنفست الصعداء أتحمد الإلاه على مامررت به مجرد حلم مزعج ، فأغمضت جفوني بأريحية لأعود لغفوتي دون عناء وكأن التّعب قد نال مني هذه المرة ..
..
._______________

..(في زاوية الغرفة)
(وبعد منتصف الليل..وبروز القمر المكتمل في رداء السماء)

كانت الدماء تتقاطر من جسدها المنهمك المشوه ، تنظر الى "نورسِين" النائمة وتشير اليها برأسها ،بعدما بُترت أطرافها
"تلك هي سيدي ، حاملة آجيا خاصّتنا ،"

أومأ الملك برأسه وهو يضع ذراعيه خلف ظهره ،
حتى بعث بقراره المفاجئ
."على تلك الفتاة أن تُسجن داخل قصورنا فمكانها ليس هنا وهي تحمِل تلك القوّة!"

لتجيبه أصوات من العدم
-"سمعا وطاعة لجلالة الملك-"

_________________
ها؟
جميل البارت؟
حطو تصويت♡