مـمـلـكـة الـظـلال |JJK

By joywooya

26.4K 1.7K 2.6K

مملكة الظلال هي احد الممالك العظيمة والمثيرة للشك والريبة، أعيد تسميتها بهذا الاسم بعد موت آخر وريث للاسرة ال... More

تـنـويـه
0| مـمـلـكـة الـظـلال
1| يـوم لـيـس كـسـائـر الايـام
3| أسـطـورة الـظـلال الـمـتـوحـشـة
4| الـنـبـوءة الاولـى: بـطـاقـة 'الـقـوة'
5| الـمُـخَـلِـص
6| نـعـم، لـقـد وقـعـنا فـي الـحـب
7| لـمـسـات دافـئـة مـن أنـامـل بـاردة
8| نـار فـقدانـها تـحـرق قـلـبـه
9| سـآخـذك كـأخـر نـفـس
10| فَـرَّت الـيـرقـات الـمـضـيـئـة
11| أنـتِ لـِي.. وحـدي!
12| تـلـك الـكـلـمـة الـواحـدة
13| مـاذا تـكـون عـلاقـتـنـا؟ هـل سـنـبـقـى مـعا؟
14| تـرويـض غـيـر مـثـالـي
15| غــيـــر مــتــوقـــع
16| لـيـدُم عِـنـاقـنـا لـأبـد.
17| أنـفـاس اخـيـرة
18| أصـبـحـت خـوفـي بـعـد مـا كـنـت امـانـي
19| شـفـاء: حـبـكِ لـامـس قـلـبـي
20| تـذكـر ارادة الـجـد الأكـبـر
21| حُـدد الـمـصـيـر
22| لـن يـوقـف حـبـنـا أحـد
23| لـنـنـفـصـل
24| أقـتـلـنـي اشـفـيـنـي
25| بـعـد انـتـهـاء كـل شـيء

2| تـضـحـيـة

1.4K 115 174
By joywooya

لا تنسوا دعواتكم لاخواننا في فلسطين الله يعينهم وينصرهم على العدو الظالم.

_________

الفصل II

«تـتـسـاقـط أوراق الـخـريـف لـتـنـمـو اخـرى غـيـرها»

•••••••••••

حدق الى الفتيان بوجه متجهم ثم نقل بصره الى الفتيات الأربع بنظرات جريئة ومقرفة ثم قهقه بخبث "لا بأس بهم، يحتاجون إلى بعض الاهتمام فقط.. يا الهي، لم أتوقع كل هذا من اختي الفقيرة"

ضحك الرجال المسلحين من خلفه وبقي السبعة اصدقاء متسمرين و متصلبين في أماكنهم غير قادرين على اتخاذ أي قرار أو خطوة بينما ها هو ذا جيمس أخ ميغان يتوعدهم بالاستعباد والذي كان شيء عادي و مُسَلَّم به في تلك العصور.

"أشعر بالجوع بعد سفري الطويل هذا" قال جيمس وهو يجلس على احد كراسي الطاولة بينما يغزل شاربه بأنامله و يلمس بيده الآخرى بطنه المنتفخة.

"سيدي، هل تريد مني الخروج للبحث عن وجبة طعام لك؟" قال أحد الرجال المسلحين.

أشار جيمس الى الرجلان امامه وقال "نعم، إذهبا انتما معا واحضرا أكلا يكفي معدتي ولا تنسى أن تحضر بعضاً من الكحول" رمى نظراته المنحرفة الى جينا ثم جيما و جوي و استقرت عينه على سالي ثم رفع احد حاجبيه، قهقهة مستفزا كل الاطفال الواقفين ثم اردف "فأنا انوي الاحتفال الليلة"

نظر الاصدقاء بخوف إلى بعضهم البعض بينما انحنى الرجلان و خرجا معا.

قام جيمس بإخراج لفافة تبغ و اشعل أحد اعواد الثقاب وبدأ في تدخينها وشفط دخان مكوناتها المحترقة و نفته لينتشر داخل غرفة المعيشة بينما كان الرجلان المسلحان بالقرب من الباب يقفان بحذر و يحملان بندقيتهما في استعداد مبالغ فيه بالنسبة لجيمس .

وضع جيمس لفافة التبغ بين شفاهه مجددا ثم شفطها وبعدها نفث الدخان رافعا رأسه إلى السقف بابتسامة جانبية قال مخاطبا رجاله "لا تخافوا واريحوا اعصابكم المشدودة، إنهم مجرد أطفال"

قال أحد الرجلين "لكن سيدي، نحن لا نعلم ما يدور في اذهانهم"

قهقهة جيمس محركا رأسه باستهزاء من رجاله ثم وضع لفافة التبغ في فمه مجددا و اغمض عينيه يسحب ابخرتها الخانقة بانتشاء.

فجأة وبدون سابق انذار انقض جين على أحد المسلحين أمام الباب و رمى بندقيته بعيدا ثم طرحه ارضى و جلس بركبتيه على جسده محكما قبضته.

لحق به جيهوب متشجعا وهجم على المسلح الآخر على املاً أن يقوم بهزيمته بينما جيمين تراجع إلى الخلف وشفاهه ترتجف خوفا.

حاول جيهوب عراكه و النيل منه ولكنه لم يستطع، وعلى عكس ما توقعه فقد قام الرجل باحتجاز جسده الهزيل بين ذراعه ورفع الذراع الأخرى واضعا البندقية على رأسه مهددا بتفجيره إلى أشلاء.

اطفأ جيمس لفافة التبغ على الطاولة الخشبية مما ترك عليها آثار احتراق عليها وقهقهة مجدداً بصوت صاخب وقال متحمسا "شجاع! .. أعجبني ذلك حقاً.. كم احب الشجعان"

تراجعت سالي للوراء بخفة لتحمل قوسها المركون في زاوية الغرفة وبدون أن يلاحظ أحد ثم صوبت سهمها نحو رأس جيمس من بعيد ونطقت بنبرة باردة مخاطبة المسلح "أترك صديقي أو سأنهي حياة سيدك على الفور"

قهقهة جيمس بتستفزاز قائلا "على رسلك ايتها الصغيرة إن…."

قاطعته سالي بسهمها الذي أطلقته نحوه بدون أي تردد أو خوف وتفكير.

اجفل جسد جيمس بفزع حين مر السهم بجانب وجهه وتصلب في مكانه خائفا، مندهشا بينما أعادت سالي بخفة تعبئة قوسها بسهم آخر ونطقت بحزم متحدية "في المرة القادمة سيخترق قلبك بلا شك"

شعر جيمس بحرارة على مستوى أذنه والتي كانت متناقضة مع نظرات سالي الباردة له ثم لاحظ قطرات الدماء التي كانت تقع على قميصه.

أدرك جيمس ان اذنه تنزف إثر السهم ثم امسك بها وتمتم غاضبا، متألما و صاح بعدها فاقدا اعصابه "ايتها الشقية! ستندمين على فعلتك هذه"

"اترك صديقي وشأنه فأنا لا امزح معك" خاطبت سالي المسلح وتجاهلت ثرثرة جيمس بينما قوة موقفها و عيناها الباردتين كانت تبث الرعب في دواخله مما جعله يرتبك في اتخاذ قرار صائب.

تصببت ناصيته عرقا و تلعثم في الكلام قائلا "كـ كيف تـ تجرئين عـ على تـ تهديد سيدي و.. و.. و تهديدي ؟!"

تنهدت سالي بتعب مصطنع "آه~، لا أظن أن حياة سيدك مهمة لديك"

صاح جيمس "لا! اترك ذلك الغبي! حالا!"

ترك المسلح جيهوب فرمى جين جسده على المسلح الثاني و اوقعه ارضا مما جعل البندقية تفر من يده و تقع بعيدا على الأرض خارج غرفة المعيشة ثم صاح جين لاصدقائه "هيا اهربوا باتجاه البحيرة، الان!"

ركض الاصدقاء الى الخارج و آخرهم كانت سالي و بعدها جوي والتي لاحظت البندقية التي كانت أمام الباب قرب قدميها، لم تفكر جوي كثيراً والتقطتها من الأرض بالرغم من أنها تجهل كيفية استعمالها.

ركض الجميع إلى الخارج إلا جوي التي سلكت طريقا آخر داخل المنزل وبالتحديد اتجهت نحو غرفة النوم الخاصة بالفتيات فلحق بها جين مستغربا من تصرفها المتهور بعدما فر هاربا بدوره من غرفة المعيشة.

"هيا! ماذا تفعلون! الحقوا بهم!" صاح جيمس على رجاله غاضبا فنهض احدهم واخذ بندقيته ثم حاول إيقاظ صديقه ولكنه كان فاقدا للوعي إثر نقص الاكسجين واختناقه بسبب ضغط جين على جسده لدقائق طويلة فصفعه صديقه ليستيقظ فوقف مترنحا ثم انطلقا مسرعين خلف جيمس الذي توجه نحو باب الخروج للاحاق بالاشقياء الهاربين.

"جوي! يجب علينا الهروب!" قال جين بأنفاس متقطعة وهو يلحق بجوي.

"اهرب أنت فأنا لا أستطيع .." ردت جوي وهي تدخل الى الغرفة مسرعة ثم رمت البندقية على أحد الاسرة.

"لماذا لا تستطيعين؟!" فاه جين بخفوت قاطبا حاجبيه باستغراب.

أخذت جوي تفتش في الخزانة تحت ملابسها واخرجت عقدا ذهبيا ثم أردفت "لا استطيع الذهاب بدون اخذ عقد والدتي"

"حسنا، هيا بنا!" قال جين وهو يأخذ البندقية من على السرير بينما جوي وضعت العقد داخل حمالتها الصدرية فهي كانت ترتدي فستانا طويلا لا يوجد به جيوب كسائر فتيات ذلك العصر.

امسك جين بيد جوي و سحبها مسرعا إلى خارج
الغرفة لكن لسوء الحظ قطع طريقهما أحد رجال جيمس وكان يضم بندقيتة الى صدره وفور رؤيته لهما صوبها نحوهما ليرجف جسد جوي الذي كان يحتمي خلف جين .

"كنت أعلم أنكما هنا ولم تغادرا" قال المسلح مبتسما بخبث ثم صاح "أخفض بندقيتك قبل أن أفجر رأسك!"

"حسنا، سيدي أنا استسلم" قال جين بنبرة مرتجفة بينما هو يدنو إلى الأسفل محاولا وضع البندقية على الارض كرسالة استسلام و اردف بنبرة باكية "سيدي ارجوك لا تقتلني .. انا.. انا لا اجيد استعمال الأسلحة .. ارجوك..انا استسلـ"

فجأة دوى صوت إطلاق البارود من أحد البندقيات و من قوة ذلك الصوت و قربها منه كاد أن يصم أذان جوي مما جعلها تصرخ و تغلق عينيها وأذنيها بينما هي ترتجف فزعا فأخر شيء تريد مشاهدة هو جثة صديقها جين وهي تهوى على الأرض، ثم إنها لا تريد حتى سماع الطلقة التالية والتي بلا شك ستخترق رأسها وتلقيها أرضا.

جر أحدهم يدها وبدأ الركض بينما هي ما تزال مغلقة العينين .. فتحت جوي عينيها لتجده جين يركض امامها ممسكا بيدها.

اندهشت من وجود جين حي يرزق فهي للتو قد سمعت صوت اطلاق النار عليه لكن لم يبدو مصابا.. ماذا حدث اذن؟..

ذطلك الفضول لمعرفة ما حدث جرها لأن تدير رأسها إلى الوراء لتشهد جثة الرجل المسلح ملقية على الأرض بينما الدماء المتسربة من جسده تسلك طريقها على ارضية المنزل الخشبية.

توسعت عيناها بصدمة وهي تنقل نظرها إلى وجه جين الذي كان عليه بقع دم متطايرة و كان يركض امامها بينما يسحبها وراءه كالريشة.

لم تبعد عينيها عنه فهي ترى في وجهه و داخل عينيه الواسعتين شخص آخر.. لقد تغير! وبهذه السرعة ؟

جين لم يؤذي ذبابة من قبل فكيف له أن يقتل ؟ لا. إنه ليس جين الذي تعرفه.. جين كان ان سيضحي بحياته بدلا من قتل شخص مهما كان بالرغم من أن المسلح لم ينوي قتلهما حقاً.

ركض الاثنان عابرين الطريق خارج المزرعة نحو البحيرة وفجأة وقف جين و اختبأ كلاهما خلف أحد الشجيرات بحذر حين لاحظوا أن جيمس ورجاله الثلاثة كانوا جميعهم يلحقون باصدقائهم الاخرين بينما سالي كانت تقف في طريقهم و تصدهم على التقدم مصوبة قوسها باتجاههم .

لكن من الجنون أن تقارن قوس مقابل بندقية و كان لحسن الحظ أن كل طلقاتهم بعيدة ولم تصب أي من اصدقائهم بينما سالي كانت تصيب أحيانا ساق أحدهم أو ذراعه وتعيقهم عن التقدم أو التركيز في التصويب نحوها.

"يا إلهي! ستنفذ ذخيرتها يجب علينا فعل شيء ما!" قالت جوي و هي تحاول المضي قدما لمساعدة سالي.

لكن اوقفها جين وأخرج كيس العملات الذهبية من جيب سرواله و قدمه الى جوي.

"اسمعي، خذي هذا الكيس واصعدي القارب مع الجميع ثم ابحري الى مملكة الظلال و إن وصلتم إليها ابحثي في الحدود عن شخص أشقر الشعر و طويل القامة اسمه الجندي لويس، إنه يقوم بتهريب الناس والممنوعات عبر الحدود مقابل العملات الذهبية، قدمي له خمسة عشر عملة ذهبية للفرد الواحد، تذكري! خمسة عشر عملة ذهبية للفرد.. الواحد ليس أقل ولا أكثر والباقي حاولي صرفه بحكمة.. و ادخلوا مملكة الظلال و ابقوا مجتمعين"

"حسنا، سأفعل.. لكن ماذا عنك؟ ألن تذهب معنا؟!"

"سألحق بكم قريبا لا تخافي!" قال بابتسامة مختلطة بمرارة ثم أخذ من جيبه مقلاع صغير من صنع يده وعبأ جيوبه بالحجارة ثم أردف "سأشتت انتباه رجال جيمس لكي تلحق بكم سالي.."

قوست جوي حاجبيها باستياء و قالت "لكن جين لطالما حلُمْتَ بهذا واردت الذهاب إلى مملكة الظلا…."

قاطعها جين بصرامة "جوي، هيا اذهبي أرجوك ولا تخافي"

"لا. لا استطيع تركك هنا!" قالت جوي وغشاوة من الدموع تغطي عينيها بينما يديها الصغيرتين تتمسك بذراع جين بقوة و ترفض افلاته.

"ألا تثقين بي؟ لقد اخبرتك أنني سألحق بكم قريبا، أنا اعدك.. أرجوك اذهبي بسرعة.. إن الوقت ضيق"

ركضت جوي للحاق بأصدقائها تحت إصرار من جين بينما هو انطلق الى الناحية المعاكسة و بدأ في رمي الحجارة بالمقلاع خاصته نحو جيمس ورجاله وكانت الحجارة تتراشق عليهم وتصيبهم كرصاصات قاتلة بينما هم يحتمون خلف الأشجار و يضعون رؤوسهم بين اذرعهم و سالي في الجهة الأخرى تصوب بأسهمها القليلة المتبقية نحوهم .

استمرت جوي في الركض الى ان وصلت الى القارب ولحقتها سالي وبقي جين وحده في مهمة تشتيت انتباه الرجال .

طلبت جوي من الجميع ان يصعدو على القارب ثم فكت الحبل الذي يربطه مع شجرة بالقرب من هناك ثم بدأ القارب بالتحرك مبتعدا عن اليابسة.

حزمت جوي كيس العملات الذهبية تحت حزام فستانها و تأكدت من عدم سقوطه ثم وقفت تصارع خوفها من المياه وسيناريوهات الغرق التي تبادرت الى ذهنها بينما الوقت كان ينفذ منها والقارب كان يبتعد رويدا رويدا، بينما جين الذي كان يحاول تشتيت انتباه الرجال من أجل نجاة أصدقائه هو الآخر بدأ يشعر بالتعب والإرهاق.

شعرت جوي بضغط شديد تحت صراخ اصدقائها عليها و حثهم لها للصعود معهم لكنها لم تكن لتستطع لولا شجاعتها و عزيمتها.

ركضت جوي متجاهلة كل مخاوفها وسط المياه الباردة لصعود القارب و تبددت كل هواجسها حين تشبتت بالقارب ومدت لها جيما يد العون للصعود ثم جلست وسط القارب.

لم يتسنى لها تدفئة جسدها البارد المرتجف لانها سرعان ما أمسكت بأحد المجاديف ثم طلبت من جينا مساعدتها في التجديف بينما أمرت جيهوب وجيمين بإسدال الشراع و توجيهه بالشكل الصحيح ليخدم تحرك القارب للابحار بشكل أسرع ثم بدأ القارب يطفوا مبتعدا عن الضفة.

"هيا جدفوا بأيديكم الى ان يبتعد القارب أكثر من هنا!" صاح جيمين.

"لكن ماذا عن جين؟" نطقت جيما متسائلة.

"سيلحق بنا بعد ان يبتعد القارب أكثر من هنا فهو يجيد السباحة" فاه جيمين و هو ينحني مجدفها بيده.

"لكن البحيرة باردة!" رد جيهوب بقلق واضح.

"جين قوي، لا تخف عليه، يستطيع تحمل برودة المياه هنا" قالت سالي.

جلس الباقون وهم يحاولون التجديف بأيديهم لمساعدة القارب في الابتعاد أكثر.

فجأة رفع الجميع رؤوسهم بعد سماع صوت طلقات البارود يصدح ترددها وسط الغابة مما جعل الطيور النائمة داخل اعشاشها تحلق مبتعدة.

تسمر جميع الاصدقاء على القراب في أماكنهم وتوسعت اعينهم وتفرقت أفواههم بصدمة ثم حظقوا إلى بعضهم البعض و ساد صمت مزعج في المكان.. الكل كان يتخيل مشاهد مختلفة لكن نهايتها كانت متشابهة مما جعلهم في حزن وقلق مستمر متسائلين عن ما حدث لصديقهم جين.

مرت دقائق عديدة وانتظر الاصدقاء خروج جين من بين الشجيرات لكنه لم يفعل..

بلعت جوي ريقها ثم اكملت التجديف متجاهلة مشاعرها بينما جسدها ينتفض بخوف و الندم يأكل احشاءها، لاحظت جينا ما تفعله جوي فأمسكت بالمجداف الآخر وفعلت المثل مما جعل القارب يستمر في الابتعاد بوتيرة أسرع بينما جيهوب كان يصرخ مناديا جين لكن ما من مجيب .

كان الجميع يترقب رد جين لكن لم يسمع صوته أحد..

كان الأمر واضحا بالنسبة لهم..

لكن هذا ليس وقت الاستسلام!

"يجب علينا ان نغادر بسرعة، هيا ساعدونا في التجديف!" صاحت جوي.

انطلق جيهوب نحو جوي ثم صاح بدوره "ماذا تفعلين وتقولين؟! لا يمكننا ترك جين وحيدا! توقفي عن التجديف!"

"جيهوب، لا يمكننا التوقف قد يتم الإمساك بنا!" نطقت جينا.

"ما بكم؟ لما لا تحاولون ايقافهم؟!" قال جيهوب مخاطبا الاخرين ثم اردف "حسنا.. لكن أنا لن أدع جين!"

اقترب جيهوب إلى حافة القارب و استعد للقفز لكن منعته جيما وامسكت به قائلة "أرجوك جيهوب، توقف!"

"جيهوب إن جين حاول حمايتنا لذلك لا تحاول افساد كل شيء فعله" قال جيمين غاضبا.

"أنت لا تهتم إلا بنفسك! أليس من المفترض أن نقاتل الآن مع جين بدلا من الهرب وتركه في الخلف كالفتيات؟ .. جميعكم أنانيون!" صاح جيهوب.

"اصمتا! هذا ليس وقت الشجار! بل وقت التفكير في ما سنفعله مستقبلا" صاحت سالي بدورها بغضب.

"لا لن ابقى هنا للتفكير في مستقبلكم، انا سأساعد جين!.." قال جيهوب و هو يحاول القفز مجددا بينما جيما وسالي يحاولان إيقافه.

"يال هذا الطفل المدلل! دعوه يذهب! سيقلب القارب بتصرفاته الغبية هذه!" قال جيمين بينما الجو ازداد احتقانا ثم أردف ضاغطا على اسنانه وهو يمسك بياقة جيهوب "ألم تسمع صوت اطلاق النار؟ لابد أن جين قد مات بالفعـ !..."

قاطعته جيما بغضب محاولة كتم الدموع التي تملأ عينيها "اصمت أنت! ولا تتجرأ على التفوه بتلك الكلمة مجددا، أنا أحذرك!"

"لما سأصمت؟ لابد أنه قد لقى حتفه بالفعل!" رد جيمين غير مكثرت لمشاعر اصدقائه.

تلك المشاعر التي نمت بينهم كشجرة نخيل أثمرت وسط صحراء قاحلة و تلك الذكريات الهادئة والدافئة كمصباح أصفر صغير داخل غرفة حالكة الظلمة بينما تفاصيل وجهه لا تنفك عن الظهور أمام اعينهم حتى وإن قرروا اغلاقها ستبقى محفورة داخل أذهانهم، كان تردد ضحكاته داخل المنزل تنهش كل زاوية وجزء من ذاكرتهم فجين لم يتقاسم معهم الذكريات والمشاعر فقط بل قدم روحه من اجل انقاذهم ورسم سبيل لنجاتهم.

أبحر القارب على مياه البحيرة والتي تعد من أكبر البحيرات في خارطة العالم آنذاك بحيث أن عرضها يناهز الخمسمائة مئة كيلو متر، ما يعادل ساعات طويلة من الإبحار للوصول الى مملكة الظلال و لحسن الحظ أنها كانت في الجهة الشمالية مما جعل وجهتهم واضحة عبر تعقب نجم الشمال البارزة نجومه السبع على السماء الزرقاء الصافية.

ازدحم الاصدقاء وهم جالسين على ألواح القارب الخشبية، مطأطئين رؤوسهم ومسحة الحزن تبدو جلية على وجوههم، صامتين ينصتون إلى صراخ ارواحهم المتألمة لفقد قطعة بل جزء كبير منها، بينما هم لا يعلمون إلى أين ستجرهم السيول وإلى أين سيؤول بهم مصيرهم الجديد وأي أقدار مأساوية أخرى ستحول بهم .

كلما ابتعد القارب عن اضواء القرية زادت حلكة الظلام و قسوة الرياح الباردة وكأنها تحاول جاهدة اقتلاع آخر ما تبقى من آمالهم الصغيرة.

"إلى أين نتجه الآن؟" نطق جيمين ليكسر ذلك الصمت القاتل.

"مملكة الظلال" فاهت جوي بثقل.

انتفض جيمين من مكانه واقفا ثم قال مبتهجا "حقا؟! مملكة الظلال؟ يا الهي لا اصدق!"

جال جيمين ببصره نحو اصدقائه فلم يكن أحد منهم يكترث بوجهتهم غيره مما اشعره بالاحراج ثم عاد للجلوس.

بعد ما مرت ساعات طويلة وقاربت الشمس على الشروق، قامت جوي برس القارب على اليابسة و ربطت حبال القارب على أحد الأشجار القريبة ثم نزل الجميع.

تحرك الجميع باحثين عن بوابة الأسوار الشاهقة التي كانت تحيط بالمملكة و تلوح في الأفق من بعيد.

أوقفت جوي أصدقائها حين لمحت البوابة .

"ابقوا هنا، سأتكلف بالأمر" نطقت جوي ثم توجهت بحذر نحو البوابة ثم تسللت قرب البوابة محاولة النظر في وجوه جميع الجنود لعلها ترمق ملامح الجندي لويس الذي أخبرها به جين في وجه احدهم.

"ماذا تفعلين هنا؟!"

دوى صوت رجولي خشن كان أشبه بزئير الأسد ثم امسك بكتفها ليرجف جسدها ثم استدارت بعد أن ضغط القابع وراءها على كتفها الهزيل بقوة.

كان ذو قامة طويلة وبنية جسدية قوية، أشقر الشعر وعيناه عسليتان جذابتان بينما يتميز وجهه بملامح حادة ومنسجمة، وكان يرتدي قبعة و زي عسكري بني اللون وعلى كتفيه شارات تدل على رتبته العسكرية بينما معلق على ظهره بندقية.

"س.. سيد ل.. لويس، أليس كذلك؟" فاهت جوي بتردد.

"من أنتِ ؟ و كيف لك ان تعرفي اسمي؟ هل تقابلنا من قبل؟" قال الجندي لويس مرتبكا.

"لا. سيد لويس لقد بعثني احدهم اليك لتهـ…."

قاطعها الجندي لويس ممسكا بذراعها ثم سحبها بعيدا وقال بصوت منخفض "يا فتاة، احذري التحدث في هذا الموضوع أمام الجميع!" ثم صمت لوهلة ونظر في الأنحاء ثم أردف "كم لديك؟ لن اسمح لك بالدخول بأقل من خمسة عشر عملة ذهبية"

"لذي المال الكافي.. لكن نحن ست أشخاص"

"ماذا؟ ستة!؟" قال الجندي لويس مندهشا ثم أردف "هذا مستحيل لا استطيع! الحد الأقصى الذي يمكنني تهريبه في اليوم هودو ثلاث اشخاص فقط.. ست أشخاص سيثيرون الشكوك حولي و خصوصا بهذه الملابس وسيكشفون امري لا محالة"

"ارجوك سيدي، نحتاج الدخول الى مملكة الظلال جميعا"

"اسف لكن لن أستطيع .. إن اردتِ أنت الدخول قومي بدفع الثمن أو دعيني اذهب قبل أن يشك في أمر أحد" قال بصرامة.

"ارجوك، ساعدنا .. لن ندخل في مجموعة واحدة بل ستختبئ مجموعة منا في احد العربات لتفادي اثارة الشكوك.. أرجوك أنت لا تعلم أي أنواع من الجحيم الذي هربنا منه"

خطى الجندي لويس للرجوع إلى مكانه لحراسة البوابة غير مكثرت لتوسل جوي بينما هذه الاخيرة طأطأت رأسها في حزن واستسلمت لقدرها المشؤوم .

استدار الجندي لويس للحظة وحدق اليها بامعان ثم عاد إليها قائلا "حسنا، فليدخل بعضكم مختبئين في أحد العربات"

ابتسمت جوي بإشراق و الأمل قد انبثق داخلها و قالت بفرحة عارمة "شكرا لك سيدي"

"ايتها الفتاة، لا تظني أن هذا بالمجان بل يتوجب عليك اضافة ثلاث عملات ذهبية لكل فرد منكم.. فقط من أجل هذه المخاطرة!"

"حسنا سيد لويس، كما تريد.." قالت جوي ثم أخرجت كيس عملاتها من تحت حزام فستانها و اخذت منه مئة و اثنان عملة ذهبية ثم قدمتها للجندي لويس.

بدأ الجندي لويس في عد العملات بعجالة خوفا من أن يراه أحدهم ثم قال "أين الاخرين؟"

"هناك" قالت وهي تشير إلى اصدقائها المختبئين خلف أحد الشجيرات البعيدة.

"حسنا، هيا أأخذي تلك العربة المركونة هناك والتي تعود إلى أحد الهاربين إلى داخل المملكة لكن ثم الامساك به .. خذيها وأخبري بأن يختبئوا داخل العربة وبعدها تقدموا نحو البوابة و تاكدي من المرور من جهتي لا من الجهة الأخرى لكي لا يتم امساككم وأنا سأقوم بالسماح لكم بالدخول حينها" فاه الجندي لويس ثم تقدم نحو البوابة.

انحنت جوي شاكرة له ثم انطلقت مسرعة نحو اصدقائها واخبرتهم بالخطة.

اختبأ كل من جيمين و جيهوب ثم جينا وجيما داخل العربة التي كانت ممتلئة بالقماش و الخيوط الصوفية أما سالي وجوي كانتا تدفعانها باتجاه البوابة.

عند اقتراب العربة الى البوابة كانت كل من جوي و سالي تعانيان من التعب الشديد لثقل العربة و العرق يتصبب من جبينهم بغزارة بسبب التوتر بالرغم من أن نسيم بزوغ الفجر البارد كان يخفف من حدة تعرقهما.

كان العديد من الجنود بالقرب من البوابة و داخلها كذلك و كل منهم يرتدي قبعة عسكرية بنية مماثلة الشكل مع قبعة لويس لكن ما أثار انتباه سالي وجوي هو ارتداء القبعات للمسافرين كذلك بالرغم من أن الشمس لم تشرق بشكل كلي بعد بل الجو بارد جدا ولا يوحي بأي ارتفاع في الحرارة مما يعني أنه لا داعي لارتدائها..

اقتربت العربة وتظاهر الجندي لويس بتفتيشها ثم سمح لهما بالدخول.

"هيا ادخلا" قال الجندي لويس.

تنفست جوي الصعداء و حركت سالي رأسها بمعنى 'حسنا' ثم دفعا العربة محاولين الابتعاد عن المكان بأقصى سرعة بينما تتمنيان العبور بسلاسة وبدون لفت انتباه الجنود المنتشرين عبر البوابة وداخلها.

تحركت العربة بضع سنتي مترات ولكن فجأة توقفت العربة عن الحركة، حاولت كل من سالي وجوي دفعها لكن لم يستطيعا فعل ذلك، القت سالي نظرة على عجلات العربة وكانت صخرة صغيرة تعيق أحد عجلاتها مما اوقف تقدمها.

اسرعت سالي لالتقاط الصخرة وابعادها لكن قبل ان تفعل وقف وراءها أحد الجنود المكلفين بحراسة البوابة.

بصوت صارم قوي قال الجندي "يا فتاة، ماذا هناك؟ و ما تحملانه داخل العربة؟"

استدار الجندي لويس لتتوسع عيناه حين لاحظ صديقه الجندي الواقف أمام عربة الفتيات يتفحصها بعينيه.

بلع الجندي لويس ريقه بخوف بينما سالي نطقت بتردد "سيدي، لقد أعاقت أحد الصخور العربة لذلك انا أحاول تحريكها اما محتويات العربة فهي سوى اقمشة و خيوط صوف لا غيـ…."

قاطعها الجندي قائلا بشك وهو ينظر إلى اكياس القماش والخيوط "اوه حقا؟" ثم أردف و هو يتجه نحو جوي "إذن، دعوني اساعدكما"

"لا.. لا بأس…" قالت جوي.

امسك الرجل بأذرع العربة و حاول دفعها لكنها كانت ثقيلة للغاية.

توقف الجندي قاطبا حاجبيه مستغربا ثم نطق بشك "ما هذا؟ إنها ثقيلة بالرغم من انها تحمل اقمشة و خيوط صوف فقط!" ثم أردف وهو يتجه بجانب العربة "من سمح لكما بالدخول الى هنا؟ الجندي لويس؟ هل ثم تفتيش عربتكما بالفعل ام تسللتما؟"

لم يستقبل أي رد من الفتاتين المتصلب جسديهما أمامه ثم مد يده بنية إزالة القماش الذي كان يغطي العربة بينما تسارعت نبضات جوي وكادت تنسى ان تتنفس بينما وجهها تحول لونها إلى الاصفر بينما سالي احمر وجهها و تعرق جبينها إثر الحرارة التي تصاعدت داخل جسدها بينما يد الجندي تقترب إلى الغطاء ببطء وكانت تلك اللحظة بالنسبة لهما أطول لحظة في حياتهما مما شد أعصاب كل من يعنيه أمر العربة تلك.

"أيها الجندي، ماذا تفعل هنا؟ ان القائد الاعلى يحتاجك في غرفة التخزين يقولون أن البضاعة هناك قد سرقت مجدداً" نطق لويس من خلف الجميع منقذا الموقف.

سحب الجندي يده واستدار إلى مصدر الصوت "اوه الجندي لويس، حسنا سأحقق في الامر كالعادة و اعدك أنني سأجد الفاعل هذه المرة بعد أن أحقق في أمر هذه العربة التي .…"

ابتسم الجندي لويس بتكلف و قال "لا عليك، اذهب انت وانا سأستكمل الإجراءات مع هؤلاء الفتيات هنا، هيا أسرع أنا لا اظن انك مستعد لسماع توبيخ القائد"

"اوه .. معك حق.. حسنا سأذهب في الحال" قال الجندي بشك ثم غادر المكان.

"هيا! اسرعوا واذهبوا من هنا حالا قبل أن تورطوني في مشاكل كبيرة!" قال غاضبا وهو يدفع العربة ليساعدهما في الابتعاد أكثر عن البوابة.

توقف الجندي لويس عن الدفع وعاد الى مكانه بينما أسرعت سالي وجوي في دفع العربة بعيدا لكن بعد دقائق معدودة قام احدهم بمناداة الفتيات و حين استدرن إلى مصدر الصوت كان الجندي لويس يركض في اتجاههما مسرعا.

"لا أملك ملابس تكفي الجميع لكن لدي هذا الفستان" قال وهو يلهث بتعب ثم أخرج فستان وردي انيق مع قبعة رأس من أحد الأكياس المغلفة بشكل لطيف ومرتب، نظر بعدها إلى جوي من رأسها الى أخمص رجليها ثم إلى سالي مما اربكهما و اخافهما.. فما بحق الجحيم يفعل؟

نطق أخيرا وهو يخاطب جوي "خذي ارتديه أنت اظن انه سيناسبك أكثر.. لقد اشتريته من أجل خطيبتي كهدية لها لكن يبدو أنه مقدر ان يكون من نصيبك انت، وهذه القبعة ارتديها.."

لوحت جوي بكفيها قائلة "لا. لا بأس سيد لويس يمكنني أن احتفظ بملابسي هذ…."

قاطعها الجندي لويس قائلا "لا.. إن بقيتم بهذه الملابس الجميع داخل المدينة الصغيرة سيشك في أمركما وقد يتم بعدها استدعاؤكم من قبل دوق المنطقة لذلك خذي هذا الفستان واشري لاصدقائك ملابس جديدة ثم إنه يتوجب عليكم شراء قبعات رأس و عدم السير هكذا فهذا مخالف لقانون المملكة واعرافها"

"قبعة؟ و يعاقب عليها القانون؟" فاهت سالي.

رفع لويس كتفيه "نعم، لا أملك تفسيرا لكن هذا هو القانون وما تتميز به المملكة"

"شكرا لك سيد لويس سأحرص على الحصول على ملابس وقبعات للجميع" قالت جوي وهي تستلم الفستان و القبعة من بين يديه.

استدارت كل من جوي وسالي للذهاب لكنه اوقفهما قائلا "انتظرا!" ثم اخرج عملات ذهبية من جيبه ومدها إلى جوي واردف متعاطفا "خذي هذه العملات الذهبية و اشتري بها قبعات تكفي الجميع.. اعتبريه كخصم لك"

ودع لويس جوي وسالي ثم عاد الى عمله.

بعد مدة ليست بهينة من دفع العربة جلست كل من سالي و جوي تحت أحد الأشجار داخل منطقة كانت تبدو منطقة سكنية آمنة.

"هيا اخرجوا من مخبائكم" قالت سالي بإرهاق شديد ليخرج الجميع من العربة بينما هم يحكون عيونهم غير قادرين على النظر في الارجاء من فرط الظلام الذي خرجوا منه.

اجتمع الستة يفكرون في خططهم القادمة بينما أنظار المارة ترمقهم بشك وريبة.

"يجب علي تغيير ملابسي والذهاب الى المدينة لاستئجار أحد الأكواخ الرخيصة" قالت جوي وهي تفرد فستانها الذي قدمه لها لويس.

"لكن أين ستغيريه؟" تساءلت جينا.

اخذت جيما القماش من داخل الأكياس التي كانت داخل العربة ثم فردته قائلة "لا بأس يمكننا صنع حاجز من القماش لكي ترتدي ملابسك في راحة بدون أن يراك أحد"

"إنها فكرة رائعة" قال سالي و هي تخطو باتجاه العربة.

أخذت كل من سالي و جينا أحد الاقمشة الطويلة و استداروا حول جوي مكونين دائرة فاردين الأقمشة لتغطية جسدها بينما هي تغير ملابسها القديمة بفستانها الجديد المميز والجميل بينما كان جيهوب وجيمين يراقبان المكان مخافة أن يقوم أحد من رجال القرية باختلاس النظر إليها.

وضعت جوي القبعة كأخر لمسات على مظهرها ثم بدأت تستعرض فستانها الانيق امام صديقاتها بينما هم واقعين في حب الفستان وطريقة تصميمه الراقية.

"يا الهي انه رائع لم اكن اعلم أن فساتين مملكة الظلال جميلة الى هذا الحد!" قالت جيما.

نطقت جينا بحماس "أنا لا اطيق الانتظار لارتداء واحد مثله!"

"الجميع سيرتدي ثياب جديدة لا تقلقوا" فاهت جوي بسعادة ثم أردفت وهي تخطو إلى داخل القرية "لا تتحركوا من المكان سأعود خلال بضع دقائق"

بعد ساعة تقريبا عادت جوي و هي تحمل حزمة من القبعات بينما الاستياء يعلوا وجهها.

وقف الجميع ينظر إلى ما تحمله يديها لكن لا يوجد سوى قبعات فقط.

"ماذا هناك؟" قال جيمين متسائلا لكن جوي لم ترد.

"لما اتيت بالقبعات فقط؟ ثم إنها بالية وليست جديدة" قالت جينا قاطبة حاجبيها.

فتحت جوي شفتيها المرتعشتين و قالت بحزن "انا اسفة حقاً"

امسكت جيما بكتفيها ثم حدقت إلى عينيها قائلة "هل تمت سرقتك؟!" لكن جوي لم ترد ثم حركت جيما كتفيها و اضافت "جوي، تحدثي إلينا!"

فتحت جوي شفتيها المرتعشتين مجددا و قالت باستياء "لا.لم يسرقني أحد.. لقد كنت متحمسة للغاية لشراء ملابس جديدة لكل واحد منكم لكن الأسعار كانت غالية جداً و كنت مضطرة الى استئجار كوخ بدلا من الملابس و اشتريت قبعات بالية و مع ذلك ثمنها كان باهضا"

"ماذا؟!" صاح جيمين ثم اخذ القبعات من يدها و اردف غاضبا "و هل تحسبين أنني سأرتدي هذه القبعة البالية؟"

ضرب جيمين القبعات أرضا غير مبالي لبقعة الطين أمامه والتي زادت القبعات سوءا.

ضربت سالي جسد جيمين بكتفها من الخلف للمرور غير مبالية له ثم فاهت متسائلة "كم مجمل ثمن الثياب لخمس اشخاص و الايجار؟"

"الثياب بخمسين عملة ذهبية في المجمل و الإيجار بعشرون عملة ذهبية لكل شهر" ردت جوي.

"و كم تبقت من العملات الذهبية ؟" قالت سالي.

"مئة عملة ذهبية"

"مئة! ولم تشتري الا هذه الخردة؟" صاح جيمين بسخط قاطبعا حاجبيه.

"إن خسرنا خمسون عملة ذهبية فستتبقى لدينا خمسون عملة فقط! لن نستطيع استئجار الكوخ لأكثر من شهرين اضافيين!" صاحت جوي.

"لو اشتريتِ الملابس كنا سنخرج للعمل!" صاحت جينا كاتمة غضبها.

"وإن لم نجد؟! ماذا سنفعل ننام في الشارع؟!" صاحت جوي بدورها.

نطقت سالي بهدوء "لكن لا يمكننا الآن الخروج حتى بهذه الملابس"

"سأبحث عن عمل و سأشتري لكم ملابس جديدة" نطقت جوي.

رفع جيمين أحد حاجبيه ثم قال مستفزا جوي بكلامه "منذ متى كنتِ تجيدين العمل؟ أم انك ستخيطين الثياب للمارة؟"

"وماذا في ذلك؟! هل تنتقص من الخياطة ام ماذا؟ " فاهت جوي بحنق.

"لو اشتريتِ ملابس لنا لكنا الآن جميعا سنخرج للعمل والمساعدة.. لا يمكنك احتجازنا داخل كوخ مهترئ و فوق رؤوسنا قبعات لا يمتلكها افقر القروين هنا!" قالت جينا بسخط.

قوست جوي حاجبيها و نطقت "لن احتجزكم.. يمكنكم الخروج بوضع القبعات لأن القانون يعاقب على عدم ارتدائها"

صاح جيمين ضاربا كتف جوي بعنف "هل تظنين ان لا احد سيشك في أمرنا بهذه الملابس فقط لأننا نرتدي القبعات الرثة هذه؟!"

وقف جيهوب أمام جوي وفرد ذراعيه محاولا حمايتها قائلا "توقفوا! إن كلامها منطقي.. يكفي مشاجرة!"

تنهدت سالي و نطقت بهدوء "في الحقيقة.. نعم، كلامها منطقي.. المملكة جديدة بالنسبة لنا ونحن لا نعلم ما طبيعتها ثم ان الايجار والملابس ليست همنا الوحيد بل الاكل والطعام كذلك بمعنى من الغباء ان نخسر جميع العملات الذهبية من أجل قطع قماش بدلا من أن نوفر السكن والاكل بها إلى حين نتعرف أكثر على طبيعة العيش والعمل هنا"

"هيا، دعونا نذهب إلى الكوخ الذي استأجرته جوي قبل أن يشكل في أمرنا احد" قالت جيما وهي تتوجه نحو احد القبعات المرمية على الأرض ثم اردفت "ليرتدي كل منكم قبعة"

تقدم الجميع لالتقاط القبعة الخاصة به ما عدا جيمين الذي ادار رأسه بانزعاج و اشاح بنظره بعيدا وعقد حاجبيه قائلاً "لن ارتدي تلك القبعة أبدا"

قطب جيهوب حاجبيه و نطق "لكن جيمين سيقومون باعتقالك"

أجاب جيمين باستعلاء "حتى وإن انا لن أضع تلك القبعة البغيضة على شعري الجميـ…."

"حسنا لتبقى أنت هنا" قالت جيما بهدوء غير مكثرتة لأمره ثم أردفت وهي تشير باصبعها إلى أحد الساحات الكبيرة محدثة الآخرين "أنظروا، أليسوا أولئك من جنود المملكة؟"

"ما .. ما.. ماذا؟! جنود؟!" قال جيمين بارتباك ثم إلتقط القبعة المتبقية من الطين و وضعها على رأسه ثم لحق باصدقائه مهرولا.

وصل الستة اصدقاء أمام باب الكوخ الخشبي المهترئ بينما جيمين لم يتوقف عن تدمره كأمير صغير قرر الهرب من قصره لاستكشاف العالم و الذي سرعان ما بدا له أنه عالم لا يرقى إلى مستواه الاجتماعي.

دخلت الجميع وجرت جيما كرسي خشبي كان بالقرب من الطاولة داخل الكوخ ثم جلست عليه وهي تقول بنفاذ صبر "استيقظ ايها الغبي! هل تظن أنك أمير وتعيش في قصر فسيح لكننا ارغمناك على البقاء في هذا الكوخ القدر؟"

"اصمتي انت!" قال جيمين وهو يحاول الجلوس في مكان نظيف داخل الكوخ.

"كفى شجارا! ألا تستطيعون البقاء هادئين لخمس دقائق فقط؟" فاهت سالي و هي تغلق باب الكوخ ببعض من الأقفال الخشبية التقليدية التي كانت عليه بينما جوي كانت تقف أمام المطبخ الصغير والذي كان عبارة عن طاولة مقطاة بستارة بالكامل وعليها بعض من الاواني القليلة، كانت جوي تتفحص المكان ثم انحنت ارضا و ابعدت الستارة و القت بنظرة أسفلها لكن كان يبدو أنها لم تكن تنوي تفحص المكان بل كانت تبحث عن شيء اخر.

لم يكن الكوخ كبير كما تعتقدون بل كان اشبه باسطبل.. كان الكوخ عبارة عن غرفة واحدة متوسطة الحجم و كل زاوية في الغرفة يوجد بها سرير و الزاوية الاخرى بها مكتب الزاوية المقابلة بها مطبخ و يتوسط المكان طاولة من اربع كراسي اقصد ثلاث كراسي فالكرسي الرابع مكسورة قدمه الخلفية ولا يبدو أنه صالح للجلوس على اي حال.

وجدت جوي اسفل المطبخ ثقبة داخل الجدار الخشبي من المستحيل رؤيتها إلى بعد تفحص طويل و تدقيق للمكان و اخرجت قلادة والدتها ثم قسمت العملات الى نصفين، نصف اخذته ونصف خبأته في تلك الحفرة الصغيرة مع القلادة ثم غطتها بأحد الأقمشة المرمية هناك بينما هي كانت تتظاهر بأنها تتفحص المكان فقط.

"لن تجدي كنزا هناك، جوي" قال جيمين بسخرية.

ارتبكت جوي و وقفت في مكانها وهي تزيف ضحكتها "لا لم اكن ابحث عن كـ…."

توقفت جوي عن الحديث والتفت الجميع إلى أحد الزوايا بعد سماع صوت جيهوب والذي كان يجلس فوق السرير ممسكا ببطنه وهو يئن.

"جيهوب هل انت بخير؟" قالت جيما بينما جيهوب امسك بمعدته و اطبق ذراعيه عليها بحرج.

رد جيهوب "لا فقط.. فقط معدتي تؤلمني قليلا لكنه سيختفي قريبا"

قفزت جوي من مكانها قائلة "إنك جائع، أليس كذلك؟"

"بالطبع فالجميع جائع!" صاح جيمين بنفاذ صبر.

"سأحضر لكم بعضا من الطعام" قالت جوي .

خرجت جوي الى السوق و بعد ساعات عادت محبطة و هي تحمل في يدها بعض من الخبز و اللبن.

"هذا ما استطعت شراءه" قالت جوي بصوت منخفظ.

كما العادة تدمر جيمين و امتنع عن الأكل بينما الجميع اجتمعوا على الطاولة ليسدوا جوعهم بينما هم يتحدثون بصخب ويتشاجرون على قطع الخبز و اللبن، أما جوي كانت تقف تنتظر إن كان سيتبقى لها بعض من قطع الخبز الصغيرة و رشفات من اللبن و الذي لم يكن يكفي ثلاث أشخاص حتى.

"لا. لن أكل هذا!" قال جيمين بانزعاج.

رفعت جيما اصبعها وهي تشير الى الباب و تقول بتهكم "هل تظن أن جين سيدخل من خلال ذلك الباب وهو يحمل في يده أحد الحيوانات او الطيور؟ او بعض من الاكل من مطاعم المدينة؟"

صمت الجميع حينها وأصبح الجو هادئا بشكل مخيف بينما نسمات الرياح العاتية تدخل من النافذة المكسورة لتداعب خصلات شعر الجميع.

نظرت جوي إلى الجميع و هم محبطين، حزينين لفقدان جين فشعرت بكبر المسؤولية التي عليها.

"اعدكم هذه المرة سنأكل طعام لذيذ والآن سأذهب للبحث عن عمل" قال جوي و هي تلتفت بينما الدموع تنزل من عينيها.

امسكت جوي بقفل المنزل لفتحه ولكن أوقفتها سالي بقولها "يجب عليك أن ترتاحي كذلك"

لم تكن جوي تتحمل البقاء هناك أكثر ولا تريد أن يري دموعها أحد منهم فتزيدهم خوفا وبؤسا.

خطت جوي تسأل هذا و ذاك عن عمل لكسب بعض من العملات الفضية منه لكن بدون جدوى .

"لقد اختفت الشمس بالفعل" قالت جوي باحباط ثم جلست بانهاك على أحد الصخور داخل غابة صغيرة وبالقرب من أحد البرك الصغيرة بعد فشلها من إيجاد عمل.

شردت جوي و هي تفكر في قرار العودة إلى مملكتها فهي لن تستطيع تحمل مسؤولية نفسها و خمس أشخاص آخرين ثم اردفت و هي تهمس لنفسها "إن السيدة ميغان كانت على حق.. الخروج من ديارك قرار لن يقوم به سوى مجنون أو موهوم مثلي"

"أو شجاع.."

دوى صوت رجولي عميق وراءها لتنهض بفزغ وفاهت بينما جسدها بدأ يرتجف "من أنت ؟"

تمعنت جوي النظر فيه وهو يقترب إليها أكثر، كان يبدو مألوفا بالنسبة لها وكان يرتدي جلباب أسود اللون ويضع على رأسه قبعة الجلباب المزخرفة باللون الذهبي ولم يظهر من وجهه سوى شكل شفتيه بينما هو يبتسم بخفوت.

توسعت عيناها و تراجعت بخوف حين أدركت من يكون ذلك الشخص.

"انت!.. انت!.." قالت جوي بتردد غير مصدقة فالرجل الذي أمامها هو نفسه الذي كانت تراه في أحلامها.

اقترب الرجل الغريب أكثر إليها بينما هي تراجعت بخطوات مرتجفة و غير ثابتة إلى الوراء غير مدركة أنها ستسقط داخل البركة و لكن لحسن الحظ امسك بها ذلك المجهول.

"لا تخافي.. فأنا لن اؤذيك " قال وهو يمسك بخصرها مانعا ايها من السقوط داخل البركة و تمكن من رؤية ملامح وجهه بالكامل لقد كان شاباً جميلا، بل فاتنا لا كلمات تستطيع وصف جماله، شعرت بانجذاب غريب اليه لكنها سرعان ما أفلتت منه وابتعدت عنه .

رفعت اصبعها اليه ونطقت بنبرة مرتعشة "اسمع.. قد يبدو هذا جنونيا لكني كنت اراك في احلامي.. فمن تكون ؟ اخبرني الان!"

"هذا ليس وقت هذا الكلام.. فأنا في الحقيقة جئت لانبهك للعودة الى للمنزل"

"ولما؟"

"هناك وحوش تجول في المكان"

"عن اي وحوش تتحدث؟"

"ارجوك، اذهبي الآن قبل ان تخرج الوحوش.."

"لكن…."

قاطعا مشيرا باصبعه بعيدا ثم فاه بفزع مصطنع "انظري هناك واحد!"

التفتت جوي مرتعبة إثر نبرة الشاب الفاتن، لكنها لم ترى اي وحش في الأرجاء كما ادعى..

عادت لتلتفت إلى الشاب الفاتن وهي تقول "أين هـ…." لكنها توقفت عن الحديث حين لاحظت اختفائه، جالت بنظرها في الارجاء لكنها لم تجد له اثر ثم أردفت بخوف وهي ترتجف "يا الهي من يكون؟ إنه شبح او ساحر! يا الهي يجب علي العودة بسرعة و عدم التسكع ليلا"

هرولت جوي للعودة إلى الكوخ بينما بدا أن الجميع قد دخلوا بيوتهم واغلقوا جميع منافذ المنزل بالفعل.

"يا إلهي، إن هذه المملكة غريبة، كيف ينامون في هذا الوقت؟ إن قوانينهم غريبة" همست جوي و هي تخطو و صوت خطواتها يصدح بين الازقة والطرقات.

فجأة التفتت جوي وراءها حين لمحت أحد الظلال وهي تظهر وتختفي بسرعة خارقة.

"يا ترى ما كان ذلك؟"همست جوي بخوف بينما الادرينالين تدفق إلى عروقها.

حاولت جوي تهدئة نفسها واستمرت في المشي وهي  تحاول اقناع نفسها أنها تتخيل ولا يوجد وحوش في الجوار، لكن حاستها السادسة و صوتها الداخلي كان يحذرها من وجود خطر يحدق بها فزادت خطواتها و تسارعت انفسها بينما هي تلحظ و تسمع تحركات غير مألوفة و مخلوقات سوداء غريبة تحوم حولها.

فجأة ظهر مخلوق يتشح السواد أمامها، كانت انفاسه صاخبة و مخيفة بينما عيناه كانت باللون الأحمر وانيايه طويلة لكنه كان اشبه بالانسان، تراجعت جوي إلى الوراء برعب لم تشعر به في تواجد جيمس أو اي إنسان على وجه الأرض.

و فجأة بدأ يخطو نحوها مما جعلها تتعثر ووقعت أرضا على قاعدتها، اقترب الوحش في سرعة البرق و دنى نحوها ثم بدأ يشتم رائحتها كذئب مفترس مما قطع انفاسها بينما عيناها تكاد تخرج من مكانها.

تراجعت إلى الوراء مبعده جسدها عنه باستعمال يديها مما جعل راحتها تنزف دما و هي لم تشعر بذلك إثر الخطر الذي هي فيه و الذي لا يقارن مع نزيفها البسيط.

و فجأة بعد ان تسربت الدماء الى خارج يدها إلتف حولها مجموعة وحوش أخرى وكانوا على استعداد تام للانقضاض عليها.

اتأسف على اي خطأ بالسرد أو الاملاء 🙏

شو رايكم بالقصة؟ و بهذا الفصل بالتحديد؟

شو رأيكم بتصرفات جوي وسالي، جينا وجيما؟؟

جيمين و جين وجيهوب؟

جندي الحدود لويس؟

جيمس؟

من يكونون الوحوش؟

و شو يلي ينتظر الاصدقاء وشو مصير جوي؟

لا تبخلوا علي برأيكم و تصويتاتكم شكرا لكم ❤️

Continue Reading

You'll Also Like

84.3K 5.9K 49
ملك مضطرب يحمل إسوارة ملعونة، يبحث عن جوهرة مفقودة تمحو مأساته وتحرره من العناء، لكن الأحداث تتعقَّد، ومسألة البحث تصبح أكثر تعقيدًا، فهو على وشك فقد...
610 64 11
ليتك كنت من تولى حمايتي، ليتك كنت نورا لي في طريق عتمتي ليتك لم تتركني اجول كالمجنونة بلا عقل ليتك ، وتبقى كلما ت ندم محال تحقيقها فيا غائبا اِذهب و...
433K 11.1K 39
[ S E X U A L C O N T E N T ] • كَــانـت تـَرانِـي أخ لـخَـطِـيـبهَـا بَـيـنـمَـا أراهَـا كُـل لـيّـلـة أسـفَـلـي بـَأقـذر الوضـعـيـَات.. ♡ • لـيـ...
11.5K 804 45
"لَمًآذِآ سِيَدٍتٌيَ، آلَمً تٌجّدٍ غُيَر ذِآکْ آلَنِآدٍلَ آلَمًنِبًوٌدٍ،لَتٌعٌجّبًيَ بًهّ" "آلَمً تٌريَ عٌيَنِآهّ، آرجّوٌکْ آبًقُيَ بًعٌيَدٍةّ عٌنِه...