Cockpit | Tk

By vatimvk

99.1K 7.7K 7.7K

قمرة القيادة cockpit أنا جيون جونغكوك و هدفي هو الوصولُ لقمرة القيادة.. " لم أكن أعلم أنَّ صعودي للسماء قد يج... More

+Cockpit+intro+
+Cockpit+1+
+Cockpit+2+
+Cockpit+3+
+Cockpit+4+
+Cockpit+5+
+Cockpit+6+
+Cockpit+7+
+Cockpit+8+
+Cockpit+9+
+Cockpit+10+
+Cockpit+11+
+Cockpit+12+
+Cockpit+13+
+Cockpit+14+
+Cockpit+15+
+Cockpit+16+
+Cockpit+About Persona+
+Cockpit+17+
+Cockpit+18+
+Cockpit+20+

+Cockpit+19+

4.6K 395 472
By vatimvk

بزغتْ شمسُ الصباحِ منذُ الساعةِ الخامسة ، و معَ أنَّ جونغكوك لمْ يأخذ كفايتهُ من النومِ إلا أنهُ استيقظَ نحوَ الساعةِ الثانيةَ عشرةَ ظهرًا، بينما كانَ الجميعُ لازالوا كالموتى في أسِرَّتهم..

قررَ أنْ يحظى بحمامٍ باردٍ يساعدهُ على الإفاقةِ رغمَ الأجواءِ الصباحيةِ الباردة ، لم يكنْ فصلَ الشتاءِ مع ذلك ، كانَ الربيع..

كانتْ القطراتُ التي تنسابُ من المسحاحِ على جسدهِ كفيلةٌ بإيقاظهِ و جعلهِ يتفكرُ في كلِّ شيءٍ صارَ لهُ بالأمسِ مع تايهيونغ..

ربما لولا الإنارةُ الخفيفةُ للعمودِ الذي أسفلَ الشرفةِ ما كانَ سيكونُ لهُ أنْ يتخيلَ جميعَ رداتِ الفعلِ التي حصدها من المضيفِ الوسيم..

لا يتصورُ أنهُ أخيرًا كانتْ قد اتحيتْ لهُ الفرصةُ للتعبيرِ عن شيئٍ بسيطٍ من مشاعرهِ للآخر ، دونَ أنْ يقاطعه ، دونَ أنْ يعاتبهُ و يخبرهُ كمْ أنَّ حبهُ مزيف ، أو كم أنَّهُ يكرههُ و مهما حاولَ الحصولَ عليهِ لن يفعل! ، بلْ كانَ يرى اللهفةَ بعيناهُ التي تحثهُ على الإكمالِ و إفراغِ كلِّ ما بهِ من أحاسيسِ حبهِ له ، بادلهُ حديثَ الشفاهِ و حديثَ الأعين ، كلُّ شيءٍ بدى كالحلمِ مع بدايةِ صباحٍ جديد..

ما كانَ يؤرقُ جونغكوك فقطْ هوَ الحقيقةُ التي وصلَ بها من حديثهِ مع تايهيونغ ، و كيفَ أنَّ هنالكَ ما يمنعهُ عنهُ جبرًا ، و كأنهُ يخبرهُ أنني كنتُ سأحبك ، لكنني لستُ مخيرًا ، أو أنني مستعدٌ للوقوعِ معكَ في هذا العشقِ لكنْ لنْ ينتهي بنا المطافُ لنكونَ معًا فلما المحاولة؟..

جونغكوك تألمَ لفكرةِ أنَّ تايهيونغ يفضلُ أنْ ينساقَ للإجبارِ و أنْ لا يخبرهُ عن السببَ الجوهريِّ الذي يمنعهُ عنهُ بكلِّ وضوح ، لابدَّ أنْ يكونَ أمرًا مهولًا لكنَّ جونغكوك أقسمَ أنهُ سيحاولُ معرفتهُ حتى يقطعَ دابره! ، مهما كان! ، جونغكوك واثقٌ أنهُ سيحلُّهُ لتايهيونغ و يجعلَ منهُ حرًا و سعيدًا كما يتمنى..

البارحةُ كانتْ بمثابةِ عشرِ خطواتٍ من التقدم تجاهَ تايهيونغ ، و بقيَ فقط تسعونَ من مئة ، إنْ تخلى عن فكرةِ المشيِ و اختارَ القفز ، سيجعلُ من كيانِ الآخرِ ينطقُ بالحب..

و لوْ علمَ جونغكوك أنَّ تايهيونغ أصبحَ ميالَ القلبِ لهُ بالفعلِ لما نامَ من عمرهِ ما تبقى ، لكنَّهُ لم يكنْ يدركُ أنَّ بضعفِ عددِ الأحرفِ التي أخرجها في عشقِ تايهيونغ ، قلبُ المضيفِ الوسيمِ قد تقلقلَ لها..

خرجَ من غرفتهِ و هوَ يجففُ شعرهُ بمنشفةٍ صغيرةٍ و يمسكُ بهاتفهِ يطَّلعُ على شيءٍ ما يخططُ له ، خطى بخطواتهِ إلى المطبخِ المفتوحِ الذي يُطلُّ على غرفةِ المعيشة ، كانَ يشعرُ بالعطشِ الشديدِ لذا قامَ بفتحِ الثلاجةِ التي أمرَ بملأها بالضرورياتِ قبلَ أنْ يأتي..

سحبَ قنينةَ المياهِ و عندما كانَ يوشكُ على إغلاقِ بابِ الثلاجةِ لم يجدْ فطائرَ التفاحِ في أيٍ من الرفوف! ، و هذا جعلهُ يقهقهُ باتساعٍ و فرح!..

علمَ أنَّ تايهيونغ هو من تناولها بالتأكيدِ لأنَّهُ نبهَ شيلدون و أندرو على عدمِ الإقترابِ منها..

لمْ يكنْ يدري أنَّ المضيفَ الوسيم قد تناولها مع تغرغرِ عيناهُ و دموعٍ تلطخُ الخدَّ القاني ، قدْ نامَ تايهيونغ من شدةِ ما ذرفَ و ليسَ لأنهُ أرادَ أنْ يُسدلَ أجفانه ، أصابهُ البكاءُ حتى عُميَ بالدمع..

جونغكوك استملكَ بالقوةِ كلَّ خليةٍ في عقلهِ و جعلَ أحاديثَ الليلِ معَ النفسِ تتزاورُ الفكرَ لتدرو عنه..

تايهيونغ كرهَ حياتهُ أكثرَ في تلكَ الليلةِ و كرهَ أنَّ خافقهُ يتعالى بالدقِّ من أجلِ جونغكوك كلما مرَّ بخاطرته ، بلْ هو استحوذَ عليها كلها مع قلبهِ ذاكَ المستبد!..

شتمهُ كثيرًا في سرهِ و دعاهُ بالألقاب ، لكنَّ ذلكَ لم يجدي و لم يجعلْ من معدلِ نبضاتهِ تقلُّ هفوة..

حاولَ نعتَ ما بداخلهِ بالهراءِ لكنَّ الهراءَ بذاتهِ كانَ محاولتهُ في إنكارِ تأثره..

فمهُ قدْ تلطخَ بسكر الفطيرةِ لكنَّ جونغكوك قد لطَّخَ كلَّ كيانهِ بحبهِ الذي يجبُ أنْ يحرمَ نفسهُ منه عنوة!..

" أخيرًا استيقظَ أحدكم ! "

تفاجئَ جونغكوك عندما وجدَ أندرو أمامهُ يقومُ بفركِ عينيهِ و لا يبدو أنهُ قد استجمعَ وعيهُ بعد..

" أريدُ ماء "

رفعَ جونغكوك حاجبهُ لهذا و ناولَ أندرو قنينةَ المياهِ التي بيدهِ و رآى أنَّ الآخرَ قد عادَ يغلقُ عينيهِ و هوَ يشرب..

لوحَ بيدهِ أمامَ وجهِ أندرو لكنَّهُ بدا غارقًا في النومِ رغمَ وقوفهِ و إدخالِهِ الماءَ إلى جوفه..

ضحكَ جونغكوك بصدمةٍ لأنَّهُ علمَ أنَّ الآخرَ يمشي و هو نائم!..

" تبقى لديَّ أمنيتان "

غمغمَ أندرو و اتخذَ طريقهُ يعودُ إلى غرفتهِ بعينينِ شبهِ مغلقة ، بينما يتخبطُ بينَ الأثاثِ و جونغكوك يلحقُ بهِ ألا يكسر شيئًا!..

أدخلهُ غرفتهُ و خرجَ منها و علاماتُ الإستفهامِ تلوحُ فوق رأسه..

" إن كانَ الماردُ الأزرقُ قد ظهرَ بحلمه، فلماذا الغبيُّ قد يهدرُ أمنيتهُ لشربةِ ماء؟! "

تسائلَ في حيرةٍ لثوانٍ لكنهُ سرعانَ ما صفعَ صدغهُ و عادَ إلى غرفتهِ مقررًا مشاهدةَ بعضِ حلقاتِ برنامجهِ الوثائقي المفضل ، تحقيقاتُ الكوارثِ الجوية بما أنهُ الوحيدُ المستيقظ..

..

كان يستقرُّ أمامَ بابِ غرفةِ المضيفِ الوسيمِ معَ حيرةٍ تملكتهُ من رأسهِ حتى أخمصِ قدميه..

يتسائلُ في ضياعٍ أيطرقُ البابَ على تايهيونغ؟ ، أمْ أنَّ ما حدثَ البارحةَ سيعاملهُ اليومَ تايهيونغ بالتجاهلِ و سيعودُ لشخصيتهِ العنيدةِ و المثبطةِ لمعنوياتِ جونغكوك؟..

شيلدون و أندرو كلاهما قد استيقظا و ارتديا ملابسًا صيفيةً و مشرقةً للخروجِ لأنَّ جونغكوك قدْ أخبرهم بأنَّ الفطورَ اليومَ سيكونُ في أحدِ أحياءِ مدينةِ فيرونا و في مقهى بسيطٍ و ملهم..

رفعَ يدهُ مقررًا الطرقَ أخيرًا لكنهُ فوجئَ بتايهيونغ يفتحُ البابَ بغتةً و هذا جعلَ من المضيفِ الوسيمِ يفزعُ و يضعُ يدهُ على صدره..

تحركت يدُ جونغكوك بتشتتٍ و ارتباكٍ حتى أخيرًا استقرتْ وراءَ عنقهِ و يدهُ الأخرى قد استندتْ على الحائطِ بجانبهِ..

" آسف ، إ..إنهُ فقط ، ..لقد طلبتُ من شيلدون أنْ تخبركَ بأننا سنذهبُ للإفطارِ سويًا و كنتُ أتأكدُ من أنك ارتديتَ ملابـ.."

تلعثمَ في حديثهِ و كانَ لا ينظرُ لتايهيونغ و يضعُ عيناهُ بكلِّ مكانٍ عاداه ، و هذا جعلَ من تايهيونغ مضطربًا ، و مازادَ الطينَ بلةً هو عندما ركزَ جونغكوك بمقلتاهُ أخيرًا عليه..

كانَ هناكَ عُقدٌ من اللؤلؤِ الصناعيِّ يزينُ عنقَ مضيفهِ الوسيم ، و قِرطٌ من الكريستالِ الصغيرِ يتدلى من أذنهِ اليمنى ، بينما يغلفُ جسدهُ بقميصٍ سكريٍ طويلِ الأكمام ، فضفاضٌ من الأعلى لكنهُ ضيقٌ عندَ الخصر ، و بنطالٌ من خامةٍ رقيقةٍ و هشة ، لكنهُ فضفاضٌ من الأسفلِ و يضيقُ عندَ السرة..

منظرهُ كانَ يسلبُ العقولَ و جونغكوك يجزمُ أنَّهُ سيجنُّ من ملابسهِ هذه! ، إنْ كانَ تايهيونغ يظنُّ أنهُ يحتشمُ بارتداءهِ الواسعَ و الطويلَ فهوَ فتنةٌ حتى و لو كانَ يتلبسُ مفرشَ السفرة!..

تايهيونغ توترَ من تحديقِ جونغكوك المطولِ بهِ و هذا جعلهُ يرجعُ خصلةً من خصلاتهِ السوداءِ إلى الوراءِ و يعضُّ على شفتيهِ مستفسرًا بهدوء..

" هل ملابسيَ لا تناسب؟ "

تايهيونغ اعتقدَ أنَّ هناكَ شيءٌ خاطئٌ بهِ لكنَّ جونغكوك نفى سريعًا مستنشقًا بعنقٍ دونَ أنْ يزفر..

" لا لا قطعًا! ، فقط...تنسيقكَ للملابسِ مذهل! "

لم يكنْ هذا كلُّ شيء ، لم يقتصر ذهولُ جونغكوك فقط على جمالِ القطعِ التي يرتديها الآخر ، بلْ كانَ مستعدًا لمصارحتهِ بكلِّ شيءٍ يجذبهُ و بكلِّ تفصيلةٍ أحبها لكنهُ كانَ مشتتًا و فقدَ كلماته..

" إذًا هل نذهب؟ "

قالَ تايهيونغ و لازلتْ شفتاهُ تعانيانِ بينَ أسنانهِ و الخجلُ قررَ أنْ يتلبسه..

" نعم !، نعم...لنذهب "

..

عندما نزلوا جميعًا إلى الأسفلِ أمامَ الطرقاتِ وجدوا ذاتَ السيارةِ المرفهةِ التي أقلتهم إلى الشقة التي كانتْ تتوسطُ مدينةَ فيرونا ، مدينةِ الحب..

لكنهم صُدموا عندما وجدوها بدونِ سائقٍ و جونغكوك قدْ اقتربَ من بابِ مقعدهِ بالمقابل ، لم يُفكرْ أحدٌ منهم قبلًا أنهُ يمتلكُ رخصةَ قيادة!..

" أنا لنْ أركبَ سيارةً معك! ، ماذا إنْ افتعلتَ حادثًا؟! "

نطقَ تايهيونغ دونَ وعيٍ و سريعًا غطى ثغرهُ بيدهِ ، و ها هوَ من جديدٍ يعودُ لسانهُ السليطُ و كبرياءهُ العنيد! ، جونغكوك كانَ مندهشًا لهدوءهِ التامِ معهُ و ظنَّ أنَّ الحياةَ باتتْ وردية ، لكنْ يبدوا أنَّ بضعًا من غرورِ تايهيونغ لن يزول ، قلبَ جونغكوك عيناهُ لكنهُ ابتسمَ بتحدٍ و أخرجَ من محفظتهِ رخصةَ قيادة..

" معي رخصةُ قيادةٍ دولية ، لا تكنْ كأبي هو يخافُ فقطْ على طائراته "

احمرَّ وجهُ تايهيونغ بخجلٍ لأنَّ جونغكوك غمزَ لهُ في نهايةِ كلامهِ و هوَ لم يقصدْ أنْ يعلقَ ليحصلَ عليها أبدًا ، و لم يخفى هذا المنظرُ عن شيلدون و أندرو الذانِ نظرا لبعضهما بإستغراب، كيفَ أنَّ تايهيونغ لم ينفعل لتلكَ الغمزة؟!..

لم يخبرهما جونغكوك بما حدثَ في الليلةِ السابقة..

تحركَ جونغكوك و فتحَ بابَ السيارةِ و ما إنْ جلسَ حتى رأى شيلدون تتسارعُ مع أندرو للركوبِ في الأمامِ بجانبه ، شيلدون سحبتْ أندرو من قميصهِ بعنفٍ حتى تجلسَ بدلًا منهُ في المقدمة ، لكنها عندما فعلتْ وجدتْ جونغكوك يرمقها بازدراءٍ و يشيرُ برأسهِ إلى الوراءِ و قدْ فهمتْ سريعًا أنهُ يطلبُ منها القيامَ و جعلَ تايهيونغ هو من يجلسُ بجانبه، لكنها تأففت بتمملل..

" تايهيونغ هل تريدُ الجلوسُ في مقعدي ؟ "

صاحتْ و هذا جعلَ من جونغكوك يشتمها في سرهِ لأنَّهُ أرادَ منذُ البدايةِ جلوسها هي و أندرو بالخلفِ و التصميم على ذلكَ حتى يجعلْ من تايهيونغ بجانبهِ بحجةِ أنْ لا يظهرَ بمظهرِ السائق ، لكنهما غبيان..

" لـ..لا ، أنا بخيرٍ هنا "

ردَّ بتلكؤٍ و من ثمَّ عادَ يستندُ برأسهِ إلى زجاجِ النافذةِ التي يتأملُ الخارجَ منها..

تنهدَ جونغكوك بضجرٍ و لفَّ حزامَ الأمانِ حولَ صدره ، قامَ بتشغيلِ نظامِ تحديدِ المواقعِ و حددَ الوجهةَ المطلوبة ، و عندما كان يعديلُ المرآةَ الأماميةَ ابتسمَ بجانبيةٍ و ضبطها حتى تُظهرَ لهُ ذلكَ المنغمسَ بما وراءِ النافذة..

مسالمٌ و ملائكي..

..

في الحقيقةِ كانتْ شمسُ الظهيرةِ على مشارفِ الرحيلِ و عصرُ اليومِ يوشكُ على الإتيان ، و رغمَ ذلكَ قدْ فضَّلَ الجميعُ تناولَ طعامَ الفطورِ مع أنهُ الوقتُ الطبيعيُّ للغداء..

جونغكوك على عكسِ البقيةِ منغمسينَ في الأكلِ كانَ يثرثرُ بالحديثِ عن أيِّ شيءٍ و كلَّ شيءٍ و لكنْ بطريقةٍ غريبة..

لم يضعْ ملعقةً واحدةً في فمهِ و طبقهُ كانَ لم يُمسس ، بلْ و الأدهى من ذلكَ أنهُ أخرجَ علبةَ السجائرِ و سحبَ سيجارةً بالبدايةِ و تلتها الأخرى ، و تايهيونغ عندما رآهُ هكذا أحسَّ بأنَّ الموضوعَ لهُ علاقةٌ بالأمسِ لكنهُ صمتَ و فضَّلَ تناولُ طعامهِ بسكون..

لمْ يعلقْ أحدٌ لأنَّهم لا ينزعجون من دخانِ السجائر ، ثمَّ إنهم في الهواءِ الطلقِ في ساحةِ أحدِ المقاهي بحيٍ راقي..

جونغكوك و أندرو كانا يجلسانِ بجانبِ بعضهما ، بينما يقابلُ جونغكوك تايهيونغ و أندرو شيلدون بالجهةِ الأخرى..

السعادةُ في حديثِ جونغكوك و البهجةِ و هم على طاولةِ الطعامِ جعلتْ من أندرو يقاطعهُ باستفسار و فمهُ ممتلأ..

" أنتَ كثيرُ الكلامِ اليوم ، ثمَّ إنكَ عوضًا عن الأكلِ تتجرعُ تلك السامة؟ "

نظرَ لهُ جونغكوك قليلًا و بعدها تأملَ سيجارتهُ بيدهِ و من ثمَّ بَصُرَ تايهيونغ الذي بادلهُ النظراتِ بأنفاسٍ مكتومةٍ خوفًا من أن يقولَ شيئًا ما لهُ علاقةٌ بالبارحة..

" لقد ذقتُ عسلًا بالأمسِ بسببِ سيجارةٍ فريدة ، و الآنَ أنا أجربُ الأُخرياتِ علني أجدُ واحدةً تشابهها ، أنا أشعرُ بالشبعِ إلى الآنَ بسببها "

غصَّ تايهيونغ في لقمتهِ عندما قالَ جونغكوك هذا و سعلَ بقوةٍ لأنهُ علمَ مقصده ، تحركتْ شيلدون سريعًا تفرغُ المياهَ لهُ في الكأسِ بقربها و تسقيهِ بينما تمسحُ على ظهرهِ ، و جونغكوك حرَّكَ لسانهُ في خدهِ مبتسمًا لهذا فهوَ أدركَ أنَّ تايهيونغ قد فهمَ تلميحه..

" أنتَ غريبُ أطوار! ، سجائرٌ بالعسل؟! ، على أيِّ حالٍ إلى أينَ سنذهبُ بعدَ الإفطار ؟ "

هتفتْ شيلدونْ التي مازلتْ تمسحُ على ظهرِ تايهيونغ بخفة ، و جونغكوك اختارَ أنْ يصمتْ و يجعلَ من وجهتهم التاليةَ مفاجأة..

" سترون "

..

الأضواءُ كانتْ تتصاعدُ من ذلكَ المبنى العريقِ و القديم ، كانتْ توحي إلى المحفلِ الضخمِ الذي يقامُ في حضنه ، مع مدرجاتهِ التي تتسعُ لخمسةِ عشرةَ ألفِ زائر..

بإمكانِ أيِّ شخصٍ أنْ يميزَ هذا المعلمَ في فيرونا من على بعدِ متراتٍ بسببِ بناءهِ الضخمِ و الهندسيِّ العظيم ، مدرجُ فيرونا ، حيثُ بإمكانكَ العودةُ بالماضي و الاستمتاعِ بعروضِ مصارعةِ الثيرانِ أو الفرقِ الموسيقيةِ و الأوبرا..

استغرقَ الوصولُ إليهِ حوالي الساعتينِ من شدةِ ازدحامِ الطرق ، جونغكوك اعتقدَ أنهُ سيعلقُ للأبدِ بينَ حشدِ السياراتِ ذاتِ العددِ المهول ، لكنهُ و أخيرًا قدْ وجدَ طريقًا مختصرًا قدْ أوصلهُ أمامَ المدرجِ في نهايةِ المطاف..

و على عكسِ ما بالخارج ، طابورُ الحصولِ على التذاكرِ كانَ منظمًا و مرنًا ، لذا الحصولُ عليها كانَ سهلًا و سريعًا ، و جونغكوك من كانَ يستخدمُ مالهُ للشراءِ لذا حجزَ في المدرجاتِ الأولى..

حالما دخلوا انتبهَ جونغكوك لتخبطِ الناسِ بداخلِ المدرج ، لم يكنْ يروقُ لهُ هذا التزاحمُ فتايهيونغ الذي كانَ يمشي أمامهُ لأنهُ أفسحَ لهُ الطريقَ كأميرٍ يتدافعُ بينَ أناسٍ همج! ، أمسكَ جونغكوك بيدهِ على الفورِ عندما رأى ذلكَ و سحبهُ نحوَ حضنهِ ليحميهِ من هذا التدافعِ الغشيم..

تايهيونغ تجمَّدَ عندما لم يشعرُ بنفسهِ و وجدَ رأسهُ في صدرِ الرجلِ الواسعِ عريضِ المنكبين ، هذا أعادَ الطاقةَ لقلبهِ للإرتعاد!..

جونغكوك أصبحَ يعبثُ بهِ و هذا لا يصبُّ في صالحه! ، جونغكوك باتَ ذو فاعليةٍ عليهِ و هوَ من أنكرَ هذا البارحةَ بعدما ابتعدَ عنهُ و جاهدَ لإصلاحِ العطلِ الذي حلَّ بهِ ، لكنه الآنَ لا يجدُ أنَّهُ قد أتى بثمارِ ما سعى لإنكارهِ و تقبيحهِ البارحة!..

جونغكوك الآنَ و منذُ الأمسِ يجعلُ من عالمهِ يتوقفُ و من الأصواتِ حولهُ تتلاشى..، و الشيءُ الوحيدُ الذي هوَ قادرٌ على الإحاطةِ بهِ هو مدى صخبِ تلكَ الرجَّةِ في قلبهِ ، و قدرِ الرجفةِ التي تعاندُ استقرارَ خوالجهِ و دواخله!..

تايهيونغ لم يكنْ على علمٍ بيداهُ التي قبضتا على قميصِ جونغكوك تتشبثُ به، أسدلَ أجفانهُ و كانَ جونغكوك من يقودهُ إلى المكانِ دونَ حتى أنْ يرى الطريق..

" ا..اجلسْ هنا "

تعتعَ جونغكوك هامسًا عندما وصلَ للمدرجِ المنشودِ ، و أندرو و شيلدونْ كانا بالكادِ يتحركانِ وسطَ الجمهورِ و لمْ يلاحظا أنَّ شيئًا ما يحدثُ مع جونغكوك و مضيفهِ الوسيم ، و لو فعلا لعميا من الصدمة!..

عندما سمعَ تايهيونغ صوتَ جونغكوك قريبًا من أذنهِ استعادَ وعيهُ على الفورِ و توسعتْ عيناهُ للرخصِ الذي تركَ جونغكوك يفعلهُ معهُ و هوَ حتى لم يعاتبهُ و لم يدفعهُ عنه!..

هذا ليسَ جيدًا و تايهيونغ يتجاوزُ الحدودَ في الرضى بتصرفاتِ جونغكوك! ، تايهيونغ حتى و لو أعجبهُ ذلكَ العناقُ الذي كانَ كحاجزٍ منيعٍ يحميهِ من التصادمِ مازالَ عليهِ كرهُ ذلكَ و الرجوعِ إلى قوقعتهِ بعيدًا عن الإنفتاحِ مع جونغكوك..

لأنَّ هذا خاطئ !، و إن استمرَّ بهِ فهوَ هالكٌ لا محالة!..

" ابعتدْ عني! "

دفعَ تايهيونغ جونغكوك بقسوةٍ و فجأةً دونَ سابقِ إنذارٍ مع يدينِ ترتجفانِ و عينينِ مرقرقة..

جونغكوك نظرَ لهُ بصدمةٍ و التيهُ يستحوذُ آماراتِ وجهه ، ما الذي حدثَ فجأةً ليجعلَ من تايهيونغ يُبعدهُ بتلكَ القسوة! ، إنْ كانَ لا يزالُ يكرهُ تلامسهما فهوَ لم يلمسهُ لرغبةٍ في نفسهِ بلْ رغبةً في حمايتهِ من التدافع! ، جونغكوك لمْ يفهم كمْ أنَّ الصبوةَ التي زُرعتْ بداخلِ تايهيونغ تجاههُ تصيبهُ بالضغطِ لأنهُ يعلمُ أنها ستنمو و تتمددُّ و تتطاولُ على كلِّ مبادءهِ المُجبرِ عليها..

تايهيونغ بينَ التقبُّلِ لهذا التغييرُ و بينَ الرفضِ الصارمِ له ، تايهيونغ في تذبذبٍ مثلَ كرةٍ حبستْ بينَ جدارينِ تصطدمُ بأحدهمِ و تعودُ للآخرِ في حركةٍ لا نهائيةٍ دونَ أنْ تستقرَ إلى جهةٍ و تسقطُ عندها ، تايهيونغ لا يستطيعُ اتخاذَ قرارٍ سليمٍ يخصُّهُ و قلبهُ مناقضٌ لخلايا صدغه! ، و كأنهما الجدارانِ و اختيارهُ بينهما هوَ الكرة!..

لكنَّ جونغكوك هو الشخصُ الذي سيتورَّطُ في هذهِ الحيرةِ أكثرَ من غيره ، سيكونُ عليهِ الرضى بالحكمِ الذي سيختارهُ المضيف...، حتى و لوْ كانَ مؤلمًا له..

" أ..أنا آسفٌ لهذا..، لقدْ خفتُ أنْ تسقطَ من السلالمِ بسبب..تدافعهم "

الانطفاءٌ كانَ يغلِّفُ نبرةَ جونغكوك ، و هذا جعلَ من ملامحِ تايهيونغ العنيفةِ تلينُ في ثوانٍ و تتبدلُ بالندمِ و الحزن ، أرادَ أنْ ينطقَ باندفاعٍ أنا أعتذر لكنهُ لم يفعلْ لأنَّ جونغكوك جلسَ في مكانهِ و نأى بوجههِ في جهةٍ غيرِ جهتهِ و هذا إنْ دلَّ على أمرٍ فهوَ أنَّ تايهيونغ جعلَ منهُ مبتئسًا و لطخَ مزاجهُ بكبرياءهِ و تخبطاتِ ذاته..

قعدَ تايهيونغ ببطءٍ و استمرَّ يرمقُ الآخرَ الذي لم يكتفي بإدارةِ وجههِ فحسب ، بل و واجههُ بظهرِ الكئيبِ المتضرر..

قضمَ تايهيونغ خدهُ و زفرَ بضيقٍ من نفسهِ و رفعَ يدهُ برجفةٍ لإنهُ لم يحبَّ هذا الغضبَ عليهِ من جونغكوك و أرادَ لفتَ انتباههِ لهُ من جديد ، لكنهُ أنزلها سريعًا و التفتَ إلى صريخِ أندرو وشيلدون الذانِ أتيا للتو..

" يا إلهي لقد كدنا ندهس ! "

" كيفَ استطعتما المرور من هذا الحشد؟! "

التفتَ جونغكوك هو الآخرُ لهما و ضحكَ بصخبٍ على خصلاتِ شعرِ شيلدون و أندرو التي تناثرتْ بشكلٍ عبثيٍ و هزلي..

تايهيونغ نظرَ إلى جونغكوك متأملًا ثغرهُ الواسعَ من الضحكِ و البشاشةِ التي ملأتْ وجههُ بعدما كانَ هو الشخصُ الذي عكَّرَ مزاجهُ عندما تعاملَ بعنفٍ معه..

دقَّ أيسرهُ بجبروتٍ ضدَّ ما يعاديهِ في عقلهِ و لمعتْ مقلتاهُ لذلكَ و لم يوقفهُ شيءٌ عن التأملِ سوا جلوسِ أندرو بينهُ و بينَ جونغكوك، لأنَّ جونغكوك قد تركَ مسافةً عندما ظنَّ أنَّ تايهيونغ لازالَ يتحسسُ من قربهِ منه ، و كلاهما قد ضجُرا لجلوسِ أندرو بينهما كجدارٍ فاصل..

" آه! "

صرخَ أندرو فجأةً بأنثويةٍ على غيرِ المتوقعِ جاعلًا الطاقمَ و من همْ على مقربةٍ منهُ يرمقونهُ بصدمةٍ و استغراب! ، وضعَ يدهُ هو الآخرُ على فمهِ مصدومًا من الصوتِ الذي أخرجهُ و فورًا استدارَ بوجههِ إلى جونغكوك يرمقهُ بسخط! ، لقد قرصَ فخذهُ بقسوة! ، لكنَّ جونغكوك حرَّكَ لهُ شفاههُ دون صوتٍ بملامحَ غاضبةٍ و أندرو استطاعَ قراءتها ' استقم من هنا أيها اللعين! '..

" هل أنتَ بخير ؟ "

قالَ تايهيونغ لكنَّ شيلدون عقلتْ بسخريةٍ و هي تقهقه..

" يا رجل! ، أخرجتَ الأنثى التي بداخلك! "

رماها أندرو بنظرةِ إحتقارٍ و ردَّ عليها و هوَ يستقيمُ من مكانهِ ليجعلَ من جونغكوك يُمَثُّلُ العفويةَ في الإقترابِ من تايهيونغ بمسافةٍ لا تتيحُ لأحدٍ فرصةَ الجلوسِ بينهما..

" ههه، مضحكٌ جدًا! ، أتمنى أنْ تلدغكِ ذاتُ الحشرةِ لنسمعَ صوتَ صهرجةِ الرجالِ من الآنسةِ شيلدون"

نظرَ بطرفِ عينهِ إلى جونغكوك و جلسَ بجانبها بامتعاض..

" أيها الحقيرُ كيفَ تجرأ؟! "

لكمتهُ شيلدونْ بقوةٍ على هذا الردِّ و عندما كانَ أندرو على وشكِ أنْ يشاجرها صرخَ جونغكوك..

" توقفا العروضُ ستبدأ! "

..

توالتْ العروضُ الممتعةُ وراءَ بعضها حتى بدأَ العرضُ الذي انتظرهُ تايهيونغ بفارغِ الصبر ، لقدْ كانَ يعلمُ مواعيدَ كلِّ عرضٍ بسببِ المطويةِ الإرشاديةِ التي حصلَ عليها عند بوابةِ الدخول ، لقدْ قرأها بتمعنٍ و علمَ أنَّ استعراضاتِ الأوبرا ستبدأُ عند الساعةِ الثامنةِ مساءً و قدْ انتظرها لساعتينِ و نصفٍ حتى الآن..

لمْ يكنْ المضيفُ الوسيمُ على علمٍ بأنَّ جونغكوك كذلكَ مولعّ بالأوبِرا و قدْ اعتادَ على زيارةِ دورِ الأوبِرا منذُ مراهقتهِ حتى توقفَ عندما بدأَ العملَ كمضيف ، لذا أنْ يستمعَ لها بعدَ كلِّ هذا الإنقطاعِ كانَ بمثابةِ الإسترخاءِ لروحه..

جونغكوك كانتَ متحرقًا للعرضِ كما تايهيونغ و الناسُ بدأتْ تتوافدُ بشكلٍ أكبرَ أثناءَ ذلك..

اقتربَ جونغكوك من تايهيونغ حتى التصقَ كتفهُ و فخذهُ بكتفِ و فخذِ الآخر ، ارتجفَ تايهيونغ لهذا و نظرَ لجونغكوك الذي بادلهُ النظرَ و هو يبتلع..

كانَ ينظفُ حلقهُ للتبرير لكنَّهُ شعرَ بأندرو يقومُ بالنقرِ على ظهره..

" أيُّ عرضٍ سيقامُ الآن ؟ "

التفتَ جونغكوك بتنهدٍ لأندرو الذي أنقذهُ من التبريرِ لتايهيونغ عن سببِ قربه..

" الأوبرا "

كشَّرَ أندرو وجههُ و التفتَ يخبرُ شيلدون بجانبهِ لأنها من سألتهُ أن يسألَ جونغكوك في المقامِ الأول..

أبعدتْ شيلدون رأسَ أندرو عنها و جعلتْ منهُ يلتوي على نفسهِ حيثُ رأسهُ سقطَ في حجرهِ لتستطيعَ التحدثَ مع جونغكوك بينما تتكأُ بكوعيها على ظهره..

" هل انتهت مصارعةُ الثيران؟! "

" لا أعتقدُ ذلكَ و أنتي موجودة ، ابتعدي و إلا أكملتُ العرضَ معكي! "

تحدثَ أندرو بصوتٍ مكتومٍ لإنَ الأخرى تستندُ عليهِ بكلِّ ثقلها ، كانتْ شيلدون بجسمٍ متناسقٍ و وزنٍ خفيف ، لكنها مع ذلكَ امرأةٌ قوية..

رمقَ جونغكوك كليهما بفراغٍ و من ثمَّ عادَ يُبصرُ الساحةَ التي تتجهزُ للعرض بينما تفوه بهدوء..

" لقد تبقى عرضُ الأوبرا ، من الممكن أن يستمر نحو الساعتين "

" يا إلهي ساعتين؟! ، أنا أشعرُ بالجوع و لا أحبها بالأصل إنها مزعجة! "

تذمرتْ شيلدون و هي تضربُ بقبضتها ظهر أندرو المسكينِ الذي تآوه لهذا..

" أنتِ المزعجة! "

كانَ صوتانِ قد تحدثا في ذاتِ اللحظة! ، عندما التفتا بنفس الثانيةِ لها كذلكَ مما جعلها تتفاجئُ بذهول..

" لم أعتقدْ أنَّ أوَّلَ توافقٍ بينكما سيكونُ على شرفي ، هذا مؤثر "

رمشتْ بعينيها تستهزأُ لكنها لم ترى ما فعلتْ جملتها بتايهيونغ الذي احمرَّ بخجلٍ و أدار وجههُ إلى الجانب..

" يا إلهي ! ، كدتُ أختنق! "

قالَ أندرو بعدما ابتعدت عنه شيلدون و وقفت..

" استقم! "

أمرتهُ شيلدون..

" لماذا؟! ، أنا لن أفعل! "

صاح أندرو بخوفٍ لأنهُ تخيلَ أنها ستصارعهُ بالفعل..

" هل تحبُّ الأوبرا علي أيِّ حال؟! "

نفى أندرو برأسهِ و كانَ يحاولُ تدليكَ ظهرهِ من الألم الذي تسببت بهِ له..

" إذًا استقم ، لن أجلسَ ساعتينِ متواصلتينِ من أجلِ شيءٍ لا أحبه! ، و أنت ! "

نظرتْ نحوَ جونغكوك تمدُّ يديها له على عجل..

" أعطني من المالِ ما يكفي لتناولِ الطعامِ في خمسةِ مطاعم ، و أريدُ عنوانَ الشقةِ كي نستطيع العودة "

رقمها جونغكوك بطرفِ عينيهِ من الأسفلِ و حتى الأعلى عدةَ مراتٍ باستهزاء..

" و من قالَ أنني سأفعلُ ذلك؟! "

ابتسمتْ شيلدون بسخريةٍ و اقتربتْ نحوَ أذنهِ تهمسُ له..

" ستفعلُ لأنَّ تايهيونغ لنْ يفوتَ عرضَ الأوبرا لأنهُ يحبها ، لذا سيبقى معكَ و ستكونا على انفراد ! "

صرختْ بالكلمةِ الأخيرةِ في أذنهِ و هذا جعلهُ يدفعها عنهُ بسرعةٍ و يفركُ أذنهُ التي تضررت..

أخرجَ محفظتهُ متوعكًا من أذنهِ و حملَ حزمةً من المالِ ليسلمها لشيلدون على مضض..

" كلُّ شيءٍ من أجلهِ فقط "

حركَ شفاههُ بتهديدٍ و هو يعطيها و من ثمَّ فتحَ هاتفهُ كي يرسلَ لها موقعَ الشقةِ كي لا تتيهَ بالمدينة..

" استخدما المترجمَ حتى تصلا إلى وجهتكما ، و لا أريدُ إزعاجًا لباقي الليلة "

أومأتْ شيلدون في سعادةٍ و هي تعدُّ المالَ و تسحبُ قميصَ أندرو معها الذي يحاولُ المقاومةَ و فكَّ يدها عنهُ لكنها عنيفة..

تنَّهدَ جونغكوك لهذا المنظرِ و صرفَ وجههُ إلى تايهيونغ الذي كانَ في عالمٍ آخرَ و لم ينتبهْ لما حصلَ فالعرضُ قد بدأَ بالفعل ، و كستناءتيهِ كانتا معلقتينِ لتلكَ المسرحيةِ التي تعرضها الأوبرا..

..

جونغكوك و طوالَ الساعتينِ كانتْ دعجاءهُ تترددُ ما بينَ مشهدين ، تايهيونغ و استعراضِ الأوبرا ، تايهيونغ كانَ مندمجًا إلى الحدِ الذي سقطتْ فيهِ بعضٌ من دموعهِ و كلما كفكفها عادتْ تتمردُ على خديه ، و جونغكوك رأى هذا حتى في المرةِ الأخيرةِ و في نهايةِ العرضِ عندما همَّ تايهيونغ بمسحها وجدَ يدَ الرجلِ الضخمةِ بجانبهِ تزيحُ عنهُ الدموعَ و تمسحُ على خديهِ بحنان ، كانتْ يدًا خشنةً و قاسية ، لكنها تتعاملُ برقةٍ و لينٍ مع خده..

أدارَ وجههُ للرجلِ الذي يتأملهُ بحبٍ و عيونٍ قلقة، و بقيا هكذا طاعةً لرغبةِ العيونِ في إطالةِ اللقاء..

حرصَ جونغكوك أنْ يزيلَ كلَّ دمعٍ من وجنتيْ تايهيونغ و يجعلَ من يدهِ تمتصُها كما لو أنها تمتصُ أحزانه و تشربُ همومهُ عنه..

التصفيقُ الحارُ من الجمهورِ لم يكنْ سببًا لجعلهما يتوقفانِ أو حجةً لإقناعِ جونغكوك أنْ يُنزلَ يدهُ عن خدِّ المضيفِ الذي مالَ برأسهِ في كفِّ جونغكوك و كأنهُ يطالبهُ بالمزيدِ من المواساة ، المزيدِ من حنانِ تلكَ اليدِ الدافئة..

" إنها أوبرا فيديليو ، اعتدتُ سماعها على الهاتفِ لكنني لم أحضرْ عرضًا حيًا لها أبدًا "

همسَ تايهيونغ و هوَ يُغمضُ عينيهِ و وجههُ قريبٌ من جونغكوك الذي يستمرُّ في ملاطفةِ خده..

" لابدَّ أنها أثرتْ بكَ لما تحتويهِ رسالتها ، استغرقَ بيتهوفن حوالي العشرَ سنواتٍ حتى يخرجها إلى النور ، إنها أنشودةٌ عن الكفاحِ ضدَّ الظلمِ و عن المناداةِ بالحريةِ "

" و الحبِّ و الإنسانية "

أكملا السطرَ الأخيرَ معًا في الوقتِ آنهِ حتى اعتلتْ البسمةُ وجوههما لهذا..

تايهيونغ كانَ متأثرًا بها لأنها تعبِّرُ عن بضعٍ من دواخله، و مفاهيمها مرتبطةٌ بشكلٍ ما به..

استنشقَ تايهيونغ ماءَ أنفهِ و ابتعدَ قليلًا عن جونغكوك الذي أبعدَ يدهُ هوَ كذلكَ بتوترٍ و حكَّ وراءَ أذنهِ يشغلُ نفسه ، و حينها انتبهَ تايهيونغ لرحيلِ أغلبِ الجماهيرِ و إختفاءِ شيلدون و أندرو عن الأنظار..

عقدَ حاجبيهِ بتساءلٍ و التفتَ لجونغكوك بوجههِ الخجولِ لأنهُ أصبحَ لا يعي على ما يحدثُ بينهما إلا بعدَما ينتهي الموقف..

" أينَ الرفاق ؟ "

" أه إنهما.. "

ازدردَ جونغكوك لعابهُ و تحمحم..

" لقد رحلا منذُ ساعتينِ و ذهبا لاستكشافِ المدينةِ لأنهما لا يستمعانِ إلى الأوبرا "

زادَ حرجُ تايهيونغ عندما علمَ أنَّهُ باقٍ هنا مع جونغكوك بمفردهما و هذا بالتأكيدِ شيءٌ لم يكنْ يريدهُ خاصةً و أنَّ مشاعرهُ المرهفةُ تستحوذُ عليه ! ، وجههُ امتلأَ بالحرارةِ و تنفسهُ تخبَّطَ مما جعلهُ يقفُ فجأة..

" منذُ ساعتين! ، لـ..لما لم تخبرني حينها ؟! "

تحدثَ بشبهِ صراخٍ أجبرَ جونغكوك على الوقوفِ هو كذلك ليهدِّأَ المرتبكَ أمامهُ ذو الأعصابِ المنفلتة..

" اعتقدتُ أنكَ كنتَ منتبها ، ثمَّ إنني لم أشأْ الرحيلَ كذلكَ لأنني أردتُ مشاهدةَ العرضِ و بدى لي أنكَ تريدُ المثلَ فقدْ كنتَ مندمجًا! "

تايهيونغ ازدادَ توترهُ لأنَّ جونغكوك محق و هذا يجعلهُ يسيءُ التصرفَ و لا يعلمُ كيفَ يتحكمُ برداتِ فعله..

" نـ..نعم أعجبني ، ظننتُ أنهما غيرا مكانهما ، و مـ..من ثمَّ أنا جائع! "

تلكَّأَ تايهيونغ صائحًا و سرعانَ ما غيَّرَ الموضوع ليخرجَ من هذا الموقفِ فهوَ كلما عاتبَ جونغكوك كلما عاقبتهُ نفسهُ بتأنيبِ الضمير لاحقًا..

" حسنًا هيا بنا للعشاء! "

هتفَ جونغكوك بالمقابلِ و مشى بخطواتهِ لبوابةِ الخروجِ مثلَ عسكريٍ يلبي نداء قائده ، و تايهيونغ تبعه و هوَ يقضمُ أظافرهُ بخجل..

..

" ماذا؟! "

دوى صوتُ تايهيونغ المستغربِ أنحاءَ السيارةِ عندما وجدَ جونغكوك يديرُ لهُ رأسهُ من خلفِ مقعدِ السائقِ مع رفعِ حاجبيهِ في تعجب..

" لستُ سائقَ أجرةٍ كي تجلسَ في الخلف! "

فسَّرَ جونغكوك متبرمًا..

" لا أحدَ سيهتمُ بتلكَ الحقيقة ، أنا أفضلُ المقعدَ الخلفي "

أمسكَ جونغكوك بعجلةِ القيادةِ بتأففٍ من عنادهِ الظالمِ له ، و ضربها بكلتا يديهِ بقوةٍ و صوتُ تنفسهِ بضيقٍ قد علا بعدما أسندَ رأسهُ على عجلةِ القيادة..

ثوانٍ حتى سمعَ تايهيونغ يخرجُ من المقعدِ الخلفيِّ و يغلقُ البابَ و قدْ لفَّ بخطواتهِ ليصلَ إلى المقعدِ الذي بجانبهِ يجلسُ في هدوءٍ مغلقًا بابه..

رفعَ جونغكوك وجههُ بدهشةٍ جعلتْ من الإبتسامةِ أنْ تعودَ إلى وجهه..

كانَ هذا سريعًا!.

قصدَ طاعته..

لكنَّ تايهيونغ قابلهُ بجانبِ ظهرهِ و توجهَ برؤيتهِ إلى النافذةِ التي ألصقَ وجههُ بها..

" سيكونُ من السخريةِ أنْ أموتَ في حادثِ طريقٍ بسببِ رجلٍ غاضبٍ عوضًا عن الموتِ بسببِ عُطلٍ في الطائرة "

غمغمَ تايهيونغ و صمتَ ثوانٍ حتى أضاف..

" لا أريدُ الموتَ بكلا الطريقتينِ على أيِّ حال "

قد زالتْ البهجةُ من وجهِ جونغكوك و زفرَ بتضايقٍ من سيرةِ الموتِ فجأةً لذا تحدثَ بشيءٍ من القوة..

" لا تذكرْ الموتَ على نفسكَ أمامي ، لا تفكر بالموتِ و أنتَ معي أو حتى بدوني أبدًا! "

نبضَ قلبُ تايهيونغ لتلكَ الجملتينِ لأنهُ دائمًا ما يفكرُ بالموتِ مع نفسهِ لكنهُ لم يجدْ يومًا شخصًا يخبرهُ أنْ لا يفكرَ به..

و عندما فعلَ جونغكوك ذلكَ جعلهُ يشعرُ بقيمةِ وجودهِ في حياةِ أحدهم..

..

" تفضلا "

وضِعتْ الأطباقُ أمامهما بتلكَ الطاولةِ الثنائيةِ المقعد ، في وسطِ أحدِ المطاعمِ الراقية في أحدِ أحياءِ فيرونا للأغنياء ، لقدْ حرصَ جونغكوك على اختيارِ المطعمِ بدقة ، حيثُ جميعُ أنواعِ الباستا الإيطاليةِ تُقدَّمُ هنا..

كانَ الطريقُ هادءًا بينهما و لمْ يتفوهْ أحدٌ منهما بكلمة ، اكتفى جونغكوك فقط بتشغيلِ الراديو على أحدِ القنواتِ بشكلٍ عبثيٍ كنوعٍ من تخفيفِ الجوِّ المتوترِ بينهما..

" انتظر "

أمرَ جونغكوك النادلَ بالتوقفِ عندما كانَ بصددِ الرحيل..

" أريدُ كأسينِ و زجاجةً من النبيذِ الأبيض "

رفعَ المضيفُ الوسيمُ رأسهُ بعدما كانَ يشتتُ بصرهُ في التحديقِ بالأطباق و نفى بسرعةٍ إلى النادل..

" أنا لا أشربُ الكحوليات ، سأكتفي بكأسٍ من عصيرِ التفاح "

" أوه "

خرجت من جونغكوك الذي ابتسمَ باحراجٍ لأنهُ لم يتوقع هذا و نظرَ إلى النادل..

" إذًا كأسينِ من عصيرِ التفاح "

لقدْ ظنَّ جونغكوك لوهلةٍ عندما طلبَ النبيذَ الأبيضَ أنهُ بدا كرجلِ أعمالٍ في موعدٍ مع خطيبهِ المستقبليِّ لكنهُ فقطْ ظهرَ كأحمقٍ و هوَ يقررُ عن تايهيونغ طلبهُ بكلِّ ثقة..

" أعتذرْ ، لم أكنْ أعلمُ هذا "

أمسكَ تايهيونغ بالشوكةِ و السكينة بادئًا بالأكلِ متصنعًا عدمَ الإهتمامِ لمظهرِ جونغكوك الجميلِ أمامهُ و الذي للتوِّ قد لاحظه..

" لا عليك "

" همم "

همهمَ جونغكوك و بدأَ يتناولُ الطعامَ بهدوءٍ هو الآخر ، حتى لاحظَ جونغكوك اهتمامَ تايهيونغ بالفرقةِ الموسيقيةِ التي على خشبةِ المسرح البسيط ، كانتْ تعزفُ و تغني بعضَ الأغاني الكلاسيكية..

ابتلعَ جونغكوك اللقمةَ بفمهِ و عادَ مجددًا يحدقُ في الأطباقِ حتى رأى أنَّ تايهيونغ لم يجربْ أحدَ المأكولاتِ و بعفويةٍ أمسكَ بشوكتهِ و أخذَ شيئًا منهُ و قربهُ من ثغرِ تايهيونغ على غفلة..

" لم تتناولْ من هذا الطبق ، جربه! "

بدا الإهتمامُ الكبيرُ واضحًا على ملمحِ جونغكوك الذي يبتسمُ و ينتظرُ من تايهيونغ أنْ يتناولَ من يدهِ لكنهُ وجدَ التحديقَ منهُ بدلًا من ذلكَ و هذا أصابهُ بالتوترِ و أشعرهُ بأنهُ لم يكنْ عليهِ فعلُ ذلك..

عُلقتْ يدهُ كثيرًا في الهواءِ أمامَ وجهِ تايهيونغ و الآخرُ لم يفعلْ شيئًا ، و عندما كانَ بصددِ سحبِ يدهِ و الإعتذارِ وسَّعَ تايهيونغ فمهُ و أخذَ ما بالشوكةِ مبتعدًا و هوَ يمضغُ مبتلعًا بحياءٍ كساه..

لقدْ تذكَّرَ عندما مرضَ جونغكوك تلكَ المرةَ بالطائرةِ و جلسَ على أرضيةِ الطائرةِ ليطعمهُ بيديه ، لقدْ علقَ مع هذا المشهدِ و دونَ شعورٍ استقبلَ الطعامَ في شوكةِ الآخر ، تايهيونغ يربطُ الأفعالَ الآنَ بالماضي و الحاضر ، تايهيونغ شعرَ بطعمٍ لذيذٍ لا يقاومُ في هذهِ اللقمة كما كانَ ذاتُ الأمرِ معَ جونغكوك ، حتى أنهُ عادَ يتناولُ بشوكتهِ من ذاتِ الطبقِ ليتأكَّدَ أنَّ السرَّ ليسَ في الرجلِ أمامهُ لكنهُ قد خذل..

من جونغكوك شيءٌ آخرَ جعلهُ يتمنى لو يحشوهُ جونغكوك بكلِّ تلكَ الأطباقِ بيدهِ!..

أما عن الآخرِ فخافَ تكرارَ هذا لأنْ لا يغضبَ تايهيونغ فجأةً أو يحرجهُ في المرةِ الثانية..

لكنهُ فكرَ بينهُ و بينَ نفسهِ أنهُ بتلكَ الشوكةِ قد بادلهُ تايهيونغ القبلةَ غيرَ المباشرةِ التي حصلَ عليها هو من السيجارة..

و بالطبعِ فضَّلَ الإحتفاظَ هذهِ المرةِ بفكرتهِ لنفسه!..

" أ..أرى أنكَ مهتمٌ بالفرقة "

ازدردَ جونغكوك الطعامَ بفمهِ و أشارَ برأسهِ إلى المسرح..

أرجعَ تايهيونغ خصلاتَ شعرهِ وراءَ أذنهِ و عادَ يُمسكُ بشوكتهِ و يضعُ عيناهُ في طبقهِ الخاصِ و هذا جعلَ من جونغكوك ينصهرُ في كيانهِ مئةَ مرةٍ بسببث تلكَ التحركاتِ اللطيفةِ من الآخر..

" أوه نعم..، إنها تغني لفرقةٍ موسيقيةٍ اشتهرتْ في سبعينياتِ القرنِ الماضي ، لا أعتقدُ أنكَ تعرفها لكنني أحبُّها معَ أنها لا تواكبُ الجيلَ الحديث "

وسعَ جونغكوك عيناهُ بصدمةٍ و رويدًا رويدًا حتى ابتسمَ بوسعٍ جعلَ من تايهيونغ يتساءلُ بعبوسٍ لأنهُ ظنَّ أنهُ سيسخرُ منه..

" ماذا؟! "

" تمزحُ معي؟! ، أنتَ تقصدُ فرقةَ بي جيز! "

تحدثَ جونغكوك بتعجبٍ لأنهُ لم يظنَّ يومًا أنَّ شخصًا ما من جيلهِ قدْ يشاركهُ الاهتمامَ في فرقةٍ بدأتْ مسيرتها في السبعينيات!..

تايهيونغ بادلهُ الاندهاشَ و التفاجؤَ لأنهُ كذلكَ اعتقدَ أنهُ يحملُ ذوقَ كبارِ السنِّ و أنهُ فقطْ عجوزٌ في جسدِ شاب..

أومأ المضيفُ الوسيمُ موافقًا..

" أيُ أغنيةٍ تفضلها ؟! "

سألهُ جونغكوك على عجلٍ و تايهيونغ تركَ الشوكةَ و السكينةَ مهتمًا بحديثهِ معَ جونغكوك..

" لا أعتقدُ أنني أفرقُ بينهن ، أحبهنَّ جميعًا "

وافقهُ جونغكوك الرأي و الإبتسامةُ المسرورةُ في شفتيه..

" أحبُّهنَّ جميعًا أيضًا ، لكنني و بشكلٍ خاصٍ أفضِّلُ أغنيةَ.. أرحْ حُبَّكَ عليّ "

قالَ و القشعريرةُ تملكتْ تايهيونغ..

" أوه ، أنت..مـ..محق..، إنها جميلة "

ابتسمَ تايهيونغ بصعوبة..

أومأَ جونغكوك بفرحةٍ و عادَ يتناولُ الطعامَ بعدما استطاعَ العبثَ بخافقِ تايهيونغ و أصابهُ بالإنتفاضاتِ بداخله..

..

بعدَ قليلٍ من الوقتِ كانا قد انتهيا من تناولِ الطعامِ و جونغكوك قد مسحَ فمهُ على عجلٍ مستقيمًا من مقعده ، رفعَ تايهيونغ رأسهُ مستغربًا، ، هلْ سيمشيانِ الآن؟! ، لكنَّ جونغكوك أجابَ ملامحهُ المتساءلة..

" قليلًا فقط و سأعود ، انتظرني "

أومأَ المضيفُ الوسيم له ، لا يعني أنهُ لا يريدُ النومَ و يشعرُ بالنعاسِ عوضًا عن الساعةِ المتأخرةِ التي توشكُ على منتصفِ الليلِ أو أنهُ معَ رجلٍ يعلمُ أنهُ يحبهُ وحدهما أنَّ تايهيونغ يريدُ الرحيلَ الآن ، هو فقطْ أحبَّ الحديثَ القليلَ بينهما و أحبَّ اهتمامَ الآخرِ بهِ و بتفاصيلهِ الليلة ، أحبَّ تواجدهُ حولَ جونغكوك و جزءٌ صغيرٌ منهُ لا يريدُ من الليلةِ أنْ تنتهي..

نظرَ لكأسِ عصيرِ التفاحِ الذي وُضعَ بجانبهِ و أمسكهُ باستياءٍ يرتشفُ منه لكنَّهُ توقفَ مبتلعًا ما دخلَ جوفهُ و أبعدَ الكأسَ متسمرًا عندما استمعَ لتلكَ النغماتِ التي يَأْلفها و ذلكَ الصوتُ الذي يعرفه!..

التفتَ ببطئٍ إلى خشبةِ المسرحِ و انفرجتُ عيناهُ في عجبٍ عندما وجدَ جونغكوك يقفُ بالمنتصفِ أمامَ مبِّكرِ الصوت..

" سأهدي تلكَ الأغنيةَ لمنْ لا أكفُّ عن حبهِ ، للشخصِ الذي يمانعُ حبنا دونَ أنْ يُخبرني السبب ، أريدهُ أنْ يريحَ حبهُ عليَّ فقط ، و ليعلمْ أنني سأتولى الباقي "

جميعُ من كانَ في المطعمِ قدْ صمتوا بانصاتٍ لما يقولهُ هذا الرجلُ الوسيمُ الذي يتحدثُ بلغتهِ الأم ، لكنهُ عاودَ ترجمةَ كلامهِ بالإيطاليةِ مما جعلَ الجميعَ يُصفقُ و ينظرُ إلى تايهيونغ لأنَّ جونغكوك كانَ ينظرُ لهُ بوضوح..

اهتزَّ تايهيونغ بخجلٍ عندما رأى جميعَ الأنظارِ عليهِ فغطى وجههُ بيدهِ اليمنى باحراجٍ و اليسرى جعلها تمسكُ جهةَ قلبهِ الذي لا يهدأ..

نظرَ من بينِ أصابعهِ خلسةً عندما بدأَ جونغكوك يغني مغمضَ العينينِ و بكلِّ شاعريةٍ و إحساس..

لم يتوقعْ أبدًا هذا من جونغكوك! ، و لا حتى أن يفعلَ بهِ شخصٌ آخر هذا في حياته!..

شخصٌ يحبهُ و يهديهِ أغنيةً بصوته!..

انفرجتْ حواسهُ ذهولًا من طبقةِ صوتِ جونغكوك الأخاذةِ و الملائكية!..

اتضحَ أنَّ جونغكوك لا يمتلكُ السحرَ في وجههِ فقط بلْ نصفهُ يكمنُ في حنجرته!..

⁦♪⁠ ⁠⁦♪⁠ ⁠⁦♪⁠

ربما أنت لا تعرفني أكثر مما أعرفك

وأنا لن ألومك إذا ذهبتَ بعيدًا

لقد كنتُ أراقبك في نفسي مع الدمع في عينيك

وهذا يمسني أكثر من ذلك بكثير

أكثر مما أستطيع أن أقول

أنت تعلم أنني أكرهُ أن أعتقد أن شخصًا ما

كان من الممكن أن يؤذي شخصًا مثلك

وإذا كنتُ أنا هو سأكون على حقٍ بجانبك

ضع مشاكلك على كتفي

ضع همومك في جيبي

أرح حبك عليَّ لبعض الوقت

رأيتك في الزاوية في اللحظةِ التي دخلت فيها

رأيتُ وجهك الوحيد عبر الغرفة

لا، لن أنسى ذلك

والطريقةُ التي كان من الممكن أن تكون عليها

لماذا كان عليكَ الرحيلُ قريبًا جدًا ؟

أنت تعلم أنني أكره أن أعتقد أن شخصًا ما

كان يمكن أن يحبك أكثر مني

وفي مثل هذه الأوقاتِ سأكون على حقٍ بجانبك

ضع مشاكلك على كتفي

ضع همومك في جيبي

أرح حبك عليَّ لبعض الوقت

كم من الوقتِ عليَّ أنْ أنتظر؟

لآخر قطارٍ سيكون هنا؟

و لفرصةٍ أخيرةٍ للمعرفة؟

أعتقد أنني ولدت مبكرًا جدًا

إلى متى يا عزيزي؟

عندما لنْ يأتي الحب؟

لقد كنتُ هناك عندما تركتني

فقط لم أكن أعرفُ كيف أبدأ

ضع مشاكلك على كتفي

ضع همومك في جيبي

أرح حبك عليَّ لبعض الوقت

⁦♪⁠ ⁠⁦♪⁠ ⁠⁦♪⁠

و معَ إنتهاءِ الكلماتِ و العزفِ صفَّقَ المتواجدونُ بحرارةٍ و امتنانٍ لهذا الصوتِ النعيميِّ الذي أضفى لأمسيتهمْ لونًا آخرَ و خاتمةً فريدة..

حاسدينَ ذلكَ البهيِّ الذي من الواضحِ أنَّهُ سرقَ كلَّ كيانِ ذلكَ المغني الوسيم ، و كلاهما في حقيقةِ الأمرِ يُحسدُ على الآخر..

تايهيونغ اندمجَ بكلِّ حواسهِ معَ قلبٍ صاخبٍ لا يتوقفُ عن الطرقِ بعنفٍ لإراحته..

جونغكوك فتحَ عيناهُ بعدما انتهى و فورًا وقعتْ على تايهيونغ الذي أسقطَ دمعةً من عينهِ اليسرى..

لم يشعرْ بها حتى وصلتْ إلى ذقنهِ فرفعَ يدهُ بسرعةٍ يسمحها و يرا الماءَ الذي أصبحَ يتتالى بالسقوطِ من كلتا عينيهِ فجأة..

استقامَ فورًا عندما أحسَّ بأنَّهُ محطَّ أنظارِ الجميعِ و تحركَ فورًا إلى دورةِ المياهِ أمامَ جونغكوك الذي خُطفَ لونهُ عندما رأى بكاءَ الآخر..

لم يكدْ يُغلقُ تايهيونغ دورةَ المياهِ و إذْ بجونغكوك يفتحُ البابَ على عجلٍ و يدخلُ ساحبًا الآخرَ في عناقٍ دافئٍ دون سابقِ إنذار..

عناقٍ بثَّ فيهِ كلَّ العشقِ و المواساة..

" أحبني يا تايهيونغ و أرح حبَّك علي "

.

.

.

_________________________________________

' 5204 كلمة '

الشروط : 220 ڨوت ، 300 كومنت..

ايه إلي حصل في الآخر ده!..

مهم بارت طويل يشبه إلي قبله ، لا و بعد كان بيطول أكثر ، أحس إني داخلة على شوط كتابة ما يخلص من طول البارتات هذه الفترة😭..

عطوني آرائكم و توقعاتكم المتواضعة؟..

تايهيونغ مسكين ما هو عارف يحدد مشاعره أو كيف يختار ما بين حبه لجونغكوك و ما بين حقيقته إلي للحين ما نعرفها😵‍💫..

مهم عطوا البارت حقه من التفاعل و قدموا له كل الحب..

دمتم بخير❤️..

Continue Reading

You'll Also Like

428K 9.7K 36
للعشق نشوة، فهو جميل لذيذ في بعض الأحيان مؤذي مؤلم في أحيانا اخرى، فعالمه خفي لا يدركه سوى من عاشه وتذوقه بكل الأحيان عشقي لك أصبح ادمان، لن أستطع ا...
422K 19.8K 32
احبك مو محبه ناس للناس ❤ ولا عشگي مثل باقي اليعشگون✋ احبك من ضمير وگلب واحساس👈💞 واليوم الما اشوفك تعمه العيون👀 وحق من كفل زينب ذاك عباس ✌ اخذ روحي...
262K 22.5K 52
من رحم الطفوله والصراعات خرجت امراءة غامضة هل سيوقفها الماضي الذي جعلها بهذة الشخصيه ام ستختار المستقبل المجهول؟ معا لنرى ماذا ينتضرنا في رواية...
234K 21.2K 11
في عالمٍ يملأهُ الزيف غيمةً صحراويةً حُبلى تلدُ رويدًا رويدًا و على قلقٍ تحتَ قمرٍ دمويْ ، ذئبا بشريًا ضخم قيلَ أنهُ سَيُحيى ملعونًا يفترسُ كلُ منْ ح...