إنما مُهجتي قد سُرقت من عزَف أوتار الخافِق جاعلاً من كياني يزُهر بِفتنة ألحانهِ.
___
عام 1876
في بِريطانيا
تَسير بهدوء مُمسكةً بحبرها وأوراقها لتجِلس أمام النَهر مُستبصرةً ركود المياه وهي تجَري..أخَذت أنفاسها زافرةً أياها لتُمسك بريشتها ليصدح صوت الكمان
أخذت عيناها تلتفت وتحاول إيجاد العازِف لتَقع عيناها على شاب طويل ويبدو في العِشرينات من عُمره عيناهُ مُغلقتان مُمسكًا بِكمانهِ البُني..أخذَ يعزف الالحان وكأنهُ يراعي كُل خَيط من خيوط الكمان
تنظُر لهُ بعيناها البُنيتان هائِمةً بسُبل عَزفهِ البَهي،فمُها يُريد النطُق بأحرف قد علقت بثَغرها..
"كريستال أبنتي تعالي"
خَرجت كريستال عن شرودها وهي تنظُر لِلخلف وتعاود النظَر الى الامام ليختفي الشَاب الحُنطي من امامها..أستقامت من مضِجعها وهي لا تعلم لِمَ الحُزن تكود فوق قَلبها..
"قادِمة أبي"
مَشت إلى والدِها وهي تزُيف أبتسامتها وهي ترَفع فُستانها بِسبب طوله
"ألم أخُبركِ الا تسِيرين بِلا حِذاء؟."
أردفَت بتَذمر
"لكِن ابـ"
قَاطعها بـ غضَب
" بِدون لكِن كريس! هيا إلى المنزل لا ارُيد هالة جسدكِ خارج المَنزل"
لَمعت عيناها بِسبب الدموع المكونة أسَفل مُقلتيها رادِفة
"حسنًا"
أخذت تخطو وهي نافِخةً وجنتيها بِـ غضَب
..
يَسير في أنحاء القَرية وهو يحَمل الكمان البُني وسوداويتاه تسَتبصر الارجاء بهدوء..
"كرِيستيان! أيها الرَجُل اللعين أين كُنت؟"
أرَدف بِبُرود وعينتاه الناعِسة تنظُر للَذي امامهُ بسَخط
"هَاه؟ ومن انتَ لِتقُل لي لعِين إحترم أللفاظكَ!"
رَفع الرجَل العجوز حاجِبهُ ليأخُذ العصا ضَاربًا قدم كريستيان ليتأوه كريستيان بألم
"انا جدُك أيها الفتى العاق! أحترمني كي لا أضُرب رأسكَ في المرة القادمة!! نِظام الغرور لا يسِير امام جدك أيها الاحمق وهيا خُذ هذا الحطب إلى منزل الخياط ولا ارُيد رؤيتكَ إلا وانتَ قد سلمت هذا الخشب لِصاحبه"
اومأ كريستيان ليأخذ الخشَب ماشيًا كالولد المُطيع..
..
تنقر على الورق وبالُها مشغول بالشَاب ذُو البشرة الحُنطية وكيف أنمالهُ تتحرك بسبب الكمان وشعرهُ الاسود القصير وهدوء عزِفه على الكمان وكأنها تهويدة تهُدأ المُصاب بهلَع ليصدح صوت طَرق باب غُرفتها لتَستقيم وتفتح الباب لِترى والدها وهو مُمسك بالمِقياس الخاص بالملابس رادِفًا بصوته الجَهوري
"أبنتي العزيزة ماذا تُريد ان أخُيط لها من ملابِس؟"
نظَرت لهُ نافيةً برأسها انها لا تُريد شيئًا ليرفع والدُها حاجِبهُ مُبتسمًا
"اعلَم اعلَم انتِ غاضِبة من والدكِ الذي صرخ عليكِ قبل قليل"
لِتومأ بـ نعَم
صَدح طَرق الباب الذي بالخارِج ليذهَب والِد كريستال فاتِحًا الباب ليرى الشَاب ذو العينان الناعِستينِ تنظُر نحوهُ ليَردف بكُل برود وعَجرفه
"هذا خشَبك تفضل" ليضعهُ بالداخِل ليرى هالة قد لمحها قبلاً عندما كان يعَزف الكمان..لم تَتزحزح عيناه عنها فرمش وخَرج..
..
"أنهُ هو"
همسَت كريستال في ذاتِها وهي تحاول إستيعاب جمال عيناه السوداء وقد سَرقت قلبها
جَلست على الكُرسي وإنما أللهامُها قد سُكب على هذهِ الورَقة لتذهَب لِولدها وهي مُبتسمة وتُريه الشِعر الذي كتبتهُ بيدها
"ابي أبي انظُر!"
لم يُعرها أي اهتمام مُكملاً خياطتهُ لِتنهَدم تلكَ الابتسامة من ملامحها لِتخرُج من المَنزل وهي تبكي في صَمتًا تام..
"أيها القَلب اللَعين وأيها العالم اللَعين بِتُ أكره تواجُدي بقُربي! إنما بؤسي إزداد صميمًا فكيف أنهي هذا بِلا تعب؟"
أكملت بُكائها بصمت ولِتسمَع ذات اللَحن يُعزف في عقَلِها لتتوقف تلكَ الدموع عن الانِحدار وإلا وهي تسقُط مرةً أخُرى بِغزارة وهي تَبحث عن هذا العازِف ألذي أشغَل ذِهنها المُقيم بِمعزوفتهِ القاتِلة لأنفاسها!
أخذت تسير وهي حافية القدمين وتبحث في هذا الظلام
لا يُنير دربهُا شيء سِوى ضوء القمر لتسَتبصر وبصُرها مشوش بسبب الدموع المُنهالة على وجنتيها..
خَرج صوتها المَخنوق
"مَن انتَ؟"
ليتَوقف العازِف مُستدير لها رادِفًا بصوتهِ الاجَش
"انا كريستيان يا انِسـ"لم يُكمل جُملته فهو قَد وقع ضَحيةً لِفتنة عيناها ليختنِق تعبيره في حلقهِ رادِفًا للِتي تبكي أمام بَصيرتهِ
"مابكِ؟.."
ومِن دون سَابِق إنذار أنهالت كريستال في أحضان الحِنطي تُكمل بُكائها تحت صَدمتهِ..
"انِستي؟.."
لم يتُم الرَد على كريستيان فقد هدأت كريستال ..
أخذَت انفاسهَا وهي تردف بهدوء
"اسِفة..هل يُمكنكَ أن تنسى ما رأيت اليوم؟.."
لم يَرُد عليها فهي قَد خطت على العُشب لتنكَمش ملامُحها بتألُم وكأنما الزُجاج أخذ مجراهُ اسفل قدمها لتسُقط على الارض وتلمس قدمها وتنظرُ لِدماء المُهمرة على العُشب ليركُض كريستال مُتجهًا نحوها
سائلاً بـ قَلق
"ماذا بكِ هل انتِ بخير؟؟"
نظِرت كريستال لعيناهُ الناعِسة رادِفة بألم
"قَدمي"
نظَر إلى قَدمها ليرُدف بهَلع
"أنها تنزف واللعَنة!!"
صَرخ في وجهها لتنَهمر الدموع من عيناها مرةً أخُرى ليحَملها بين ذِراعيهِ مُتجهًا نحو منزلهِ
ليضُرب الباب بقدمهِ مُفزعًا جده
..
*Crystal*
حَملني بين ذِراعيهِ بعدما صَرخ في وجهي غاضِبًا ما هذا؟ قَلبي يكاد أن ينفجر؟ اسمهُ كريستيان! أسمهُ قريب من أسمي! أهو مُقدرًا لي؟ هل هذا حُلم ما بعد البُكاء؟
بشرتُه الصافِية الحُنطية وعيناهُ الناعِسة وسواد بؤبؤتاه الفاتِنة..تفاصِلهُ أرهقت قَلبي لم استَطع سماع صوت أحد فقط وجهةُ بصري نحو حُسن جمالهِ.. لأرُدف لهُ
"لا تصُرخ على الرجُل العجوز فهو لم يجرحني.." فصَمت كريستيان مُستبصرًا عيناي
..
أخَذ يجول بعينياها الواسِعتان وقَد سَرقت كيانهُ ..
شَعر الجَد بهالةً من العواطِف المُتضارِبة ..
"كريس أجِلب المُعقم كي أعُقم جُرحها"
ولأول مره لم يتعَجرف كريستيان على جدهِ فَذهب بِسُرعة البَرق
"لا تأبهي فهو حنون ولطيف لكِن مُتعجرف"
قَهقهة كريستال رادِفة
"لا بأس.."
ابِتسم العجوز فقد كان قلقًا فهو لاحظ إحمرار أسفل عيناها..
"هل انتِ ابنة الخياط؟.."
أجابَت وهي مُتبسِمةً وبِصوتٍ راكِد
"اجل"
اومأ بتفهَم ليأتي كريستيان بالمُعقم
ليبدأ الجد بتعقيم الجُرح بعد تنظيفه فتَنكمش ملامح كريستال بتألُم ليتألم الجالس أمامها وكأن أحدًا ما قد خدش قلَبهُ بزُجاج..
أهذا كريستيان المتُعجرف؟..ألذي يغتَر بذاتهِ؟..
ضحك الجد على حال حفيدهِ المُستعصية فقد كان يستَبصر كُل تحركاتهِ وكيف يتفاعل مع الفتاة القَابِعة المُتأذية أمامَهُ..
"أنتهينا..لدي سؤال يا أنِسة؟"
أردفت وهي تنظُر إلى الجَد
"تفضَل يا عَم"
ليتنهد جالسًِا بجانبها
"مالذي جعلكِ تمشين حافية القدمين؟.."
لتَردُف وهي مُبتسمة
"انا لا احُب ارتداء الاحَذيه فهي مُزعجة لا تجعلني أشعُر بنعومة ودغدغة الاعشاب"
ليُقهقه كريستيان مُتنحنحًا بسبب الابصار المتوجهة نحوهُ
ليردُف الجد
"حسنًا يا انِسة ما هو اسمُكِ؟"
لتَردف والابتسامة تعَلو ثغَرها
"كريستال"
نظَر لها ذُو العينتان النَاعِسة وسودوتاهِ تلَمعُ حُبًا..ليهَمس والسَكينة تحُل على مَنبضِه
"كريستال.."
....
يَتبع...