الوشاح الأحمر | The red scarf

By LaraAshraf8

17.2K 857 242

بعدما قتلت ابن عمه كان يجب عليه الانتقام منها و من عائلتها كلها.. فتاة بدوية عمياء لكن رصاصتها أصابته في مقتل... More

الندم للجبناء!
الحقيقة الهاربة🍁
دموع الشياطين
زواج أم عقاب⏳
ليست مكسورة الأجنحة
اقتباس🥀
للحيَّة لون أرجواني
الوحش الذي يسكنه🎭
غرام الأسياد
شيطانة الصومعة
اقتباس خطير🔥
النداهة
لا تهجريني!
سهام الأميرات
شياطين العابد
غرام الأفاعي♪♫
لا تقعنَّ في الحب!
(الخاتمة) أشواك الورد🥀

فتيل النار الأخير

677 48 18
By LaraAshraf8

التأخير في تنزيل الفصل ده لسبب وجيه جدا و هو إنه كبير و مليان أحداث و تفاصيل كدة ركزوا فيها أوي عشان هتنفعنا بعدين♥️✨

لاحظت في كتير الفصول الجديدة مش بتوصله فحل المشكلة دي هو الفولو و إضافة الرواية لقائمة القراءة عشان تقدروا تتابعوها🤏




"كم هو جو رائع ليتسيقظ الرجل المطبوخ و يصلي الفجر في جماعة!!"

فتحت الستائر التي لا يدخل عبرها إلا عبير نسمات الفجر الهادئة و نظرت نحو الفراش الذي ينام عليه لأول مرة في التاريخ رجل أيا كانت قرابته!

سمعته يتململ منزعجا و يلقي أوامره العمياء على الـ "خادمة" التي تزعجه أن ترحل....لكنها واصلت مزاحها الشنيع و اقتربت من وجهه هامسة بنبرة مرعبة لا يدري للآن كيف وصلت إليها...

"انهض يا قاسم، أنا الشيطان و سآخذ كبدك إن لم تصلي"

فزع من نومه وجلس في مكانه يلهث كما لو كان الهواء قد انقطع عنه ساعة أو ساعتين...

نظرة حوله في ظلمة الغرفة لم تكن كافية ليدرك أنه ليس في بيته...لذا التفت نحوها و صار الفزع هلعا حين رآها أمامه بقميص من الحرير الأصفر الذهبي و سروال من الكتان بلون القهوة الفرنسية....

كيف بالله وصلت لحجرته بتلك الأريحية بل وتحولت من فتاة بدوية عادية إلا عارضة خاصة لبرادا؟!

التقط أنفاسه و سيطر على نبضاته بالكاد ثم ما لبث أن أصابه غضب عارم بصق بعضه في وجهها مباشرة...

"كيف برب السماء دخلتي لحجرتي و....بهذه الثياب الفاضحة يا امرأة؟! هل خرجتِ للتو من عطلة في مشفى الأمراض العقلية؟"

انتشرت ضحكاتها كالوباء في الحجرة بأكملها فبدأ غضبه يتضاءل شيئا فشيئا بينما تعود له ذكريات حفل الخطبة و الكارثة التي حدثت به!! لولا أنه حماها من هجوم نفيسة و تلقاه بدلا عنها لكانت الأمور خرجت عن السيطرة بكل ما تحمله الكلمة من معنى.....

ما كان ليصير لتلك الزيجة مستقبلا لأن العريس_المرحوم_لم يعد موجودا و العروس صارت لحما مخفوقا!!

تنفس بهدوء و راحة بينما يزيح الشعر المتعرق عن جبينه و يطالعها بإنهاك و في جعبته أسئلة أخرى لا إجابة لها بعد..

رآى يده الملفوفة في الأقمشة الطبية حتى العضد و الكتف لكنه لا يبالي....أو تبا يجب عليه أن يبالي!! إنه الآن يجلس أمامها دون ثياب إلا سروالا قطنيا كان يرتديه أسفل ملابس الخطبة....

تلفت حوله يستر نفسا بأيا كان ما يأتي أمام عينيه لكن أوقفه صوتها الساخر تتهكم منه...

"أنت شديد الحرص على تغطية نفسك رغم أنني لن أراك و لو كنت كما ولدتك أمك..!"

"أرى أنكِ سعيدة و مستمتعة بأنني تم شويي في الحفل و تلقين النكات..."

تنحنحت بخفة ثم نهضت عن جواره و تجولت في الغرفة بأريحية كما لو كان هو الأعمى و هي ذات ثلاثين عينا....أجابته شارحة حسن نيتها و عد رغبتها_بأي شكل كان_في السخرية منه أو الضحك عليه لكنها مفتونة حقا بكونه حماها عفويا من الخطر...!

نهض عن فراشه و تحرك نحو المرحاض مجيبا بأكثر رد بارد سمج على الإطلاق كأنه يلقي تحية الصباح وحسب..

"فعلت ذلك لأجل عائلتي لا لأجلكِ"

"هذا لطف منك....أتمنى لو تبقى ليوم كامل محبوسا مع نفيسة و زوجها لتعرف أن عائلتك ثلة من الأوغاد"

لم يكد يقتلع أحبالها الصوتية بلكمة واحدة حتى أوقفته بابتسامة ثلجية هاتفةً...

"أرى لك الوضوء فورا كي تستر نفسك بالثياب لأن زين الدين على الدرج في طريقه للغرفة و لن يعجبك ما يتصوره حين يراك ملتصقا بي عاريا"

"لمَ أنتِ في بيتي قبل كل شيء؟!"

تساءل بحنق يكاد يرديه قتيلا فرددت وراءه على عجل و هي تلتقط العصا الخشبية من خلف الباب...

"هراء، أنت هو الذي نام سبع ساعات متواصلة في حجرتي لأن منزلك بعيد و الإصابة كانت قوية..."

فتحت الباب لزين الذي كان أمامها مباشرة بينما تستطرد بفظاظة لم يجرؤ إنسان قط على مخاطبته بها...

"لذا لملم شتات نفسك و اغرب عن منزلي بأسرع وقت"



********


لاحظها تجلس قرب نخلة وارفة ذات جزع متجذر....ليست حزينة وحسب بل تكاد ضلوعها تتفطر كمدا و بؤسا!! لا يدري ما يصيبها لكنه بالتأكيد يعنيه من صميم قلبه...

تقدم نحوها و دنى منها يسأل باهتمام و وجل عن حالها و ما الذي يجلسها في الخارج هكذا كأرملة فقدت ميراث زوجها؟!

"لا شيء...فقط لا أجد الرجل الذي أحبه"

تلك الكلمات التي انسابت بنغمة تعيسة من أعماق قلبها صفعته بلا رحمة!! أي رجل يكون حين يسمع عبارة كتلك بنفسه من فم المرأة التي أفسد كل مخططات العائلة لأجلها؟!

ازدرد لعابه بتردد ثم استجمع شجاعته و سأل بجدية وصوته الرخيم يقطر من مشاعره الدفينة...

"كيف لا تجدينه سهير؟ ها هو أمامكِ، ألا ترينني؟"

عيناه تبحث في خاصتها عن وجوده و مكانته...لا يملك في أمره ذاك شيئا و هي تعلم ذلك جيدا...

حين طلب يدها من والدها أكثر من خمس مرات و تحجج بحجج واهية ليرفض "مؤقتا" بيد أن الجد لا يراها مناسبة له و يتجاهل في رؤيته تلك مشاعره و قلبه الذي لا يملك إلا هو.

صارت نظراته أكثر حيرة و رجاءا يستجدي منها الكلمات كيلا يفقد ذاته مع فقدانها....و لأنه أثار الشفقة في نفسها حين نزع رداء الكبرياء و السيادة أمامها لم تملك إلا أن تتمتم بضياع..

"الفتيات لا يتوقف عن الثرثرة بشأن أمرين كلاهما يحطمان قلبي.."

تنهدت و أشاحت ببصرها عنه ناظرة إلى السماء الملبدة بغيوم كثيفة و أضواء خافتة ثم أردفت...

"عنك أنت و حليمة و كيف أنك تحبها و قلبك مفطور لزواجها.."

"حسنا تلك قصة رائعة يمكنها أن تحصد مبيعات لا بأس بها"

مازحها بخفة فابتسمت ابتسامة ظلالية تلاشت ببطئ بينما تغمغم بالأمر الآخر الذي يحطم قلبه كذلك بلا ريب..

"و الآخر أن حليمة المسكينة ستبقى مع قاسم جبران للأبد...انتهت قصتها بهذا الشكل المؤسف، و هو على أفضل تقدير يعامل النساء كما يعامل جنوده في الحروب الدامية...رجل صلف لا أمل فيه"

لم تكد تنهي جملتها الحزينة حتى صدر صوت تهشم زجاج صاخب من غرفة العروس....تلك التي يقطنها الآن الرجل ذو السمعة السيئة!! لم تكد تتنفس إلا و كان سالم يهرع للأعلى فلحقته بأقصى سرعة استطاعتها لتطمئن على صديقتها و ترى ما يجري في تلك الصبيحة القاتمة!!

"تبا لك أيها الوغد هل تظنني شرشف حمام لتعاملني هكذا؟!!"

"تأدبي يا رأس النعامة و إلا أريتكِ كيف تستعمل شراشف الحمام...كيف بالله سأتحملكِ لبقية حياتي الحقيرة"

ضرب سالم الباب فافنتح على مصارعه و استقبل أمامه عاصفة هدأت فورا حين رآه قاسم و سعرت به حليمة!!

كانت نورا شقيقته تبعدها بشق الأنفس عن الرجل كيلا تركله_كما تريد بشدة_و زين الدين يحجب قاسم بالكاد عن تهشيم رأسها...

المنظر كان غاية في الروعة بالنسبة لهالة الأم التي انفجرت ضاحكة أمام الباب هاتفة بسؤال حول أجواء حرب فيتنام تلك لمشهد رومانسي...

"أنتم يا أولاد ستفعلون هذا من الآن؟ في أي حلقة إذا ستكون قبلة الحب بعد العداوة؟"

"أمي؟!!"

"سيدة هالة عمَّ تتحدثين؟ أنا لا أنا لا أنوي مع احترامي الوقع في حب تلك المرأة!"

أطلقت ضحكة أخرى رنانة أقوى من التي قبلها وتخطت الجموع الغفيرة المتجمهرة أمام الغرفة ثم دلفت للداخل مجيبة من بين ضحكاتها...

"هذا بالضبط ما يقوله البطل الوغد الذي لا يعرف الحب قبل أن يموت لأجل الفتاة في الحلقة الرابعة عشر"

كل من في الغرفة كان يحترق خجلا بكل ما تحمله الكلمة من معنى....حتى حليمة التي حسبت نفسها أم الشجاعة و الجرأة تعرقت عرقا باردا و صارت تتلفت بحثا عن كومة قش مشتعلة تلقي بنفسها فيها.

نظر زين الدين صوب رفيقه فلم يجد على وجهه خجلا و حياءً أكثر مما رآه في تلك اللحظة....الرجل كاد يغشى عليه! الآن تذكر زين أن ذلك الرجل الذي تعول العائلة بأكملها عليه ليس إلا شابا بكر المشاعر بالكامل...لا يفرق بين الحب و الشفقة و الرحمة و الألفة لا يفهم حتى كيف يكون الحب إن استحكم في شغاف القلب...

ربت على كتفه يهدئ من انفعاله بخفة و راقب توتر حليمة و تصرفاتها العجيبة حتى أتى أخيرا الرجل المنقذ....خالد والد حليمة و أخذ بيد زوجته مؤنبا إياها بخفوت على ما تفعله بالأولاد المساكين لأجل المرح و في طريقه أخذ أيضا يد ابنته هاتفا بحزم....

"انتهى الأمر يا رفاق...كانت مشادة بسيطة بين الفتاة و زوجها و انتهت على خير"

لم يستطع أحد ولا حتى سالم طرح سؤال واحد من سرعة هروبه و عائلته إلى حجرتهم الرئيسية.....لكن الجميع علم أن حليمة أميرة العائلة تبيّن كونها قادرة بشكل ما على إخراج جزء من قاسم لا يراه بالعادة أحد!



*******

"الإصابة قوية بكل تأكيد لكنها تتعافى جيدا لذا لا تقلق"

هز قاسم رأسه ببساطة مصغيا لكلام الطبيب الخاص به...
أمره زين الدين بوضوح ألا يتعرض للشمس مطلقا لبضعة أيام كيلا يتفاقم الحرق و يلتهب، بناءً على هذا هو مضطر للبقاء هنا في بيت آل لقمان ليوم آخر حتى تغرب الشمس و يغرب هو أيضا عن وجههم..

كان الأمر مريبا للغاية حين كانت الإصابة بالغة و الأمر خطير و رفض زين حتى كشف جسد ابن عمه أمام أحد...بل و لم يبدأ مداواته إلا حين كان كلاهما في غرفة مغلقة.

لم يُسمح فعليا لأحد بدخول تلك الحجرة إلا حليمة على اعتبار أنها لا يمكنها رؤيته فالأمور على ما يرام...لكنها استشعر شيئا مريبا فعلا قبل شجارهما الأخير فجر اليوم جعلها تفضي به لأمها بخفوت و سريّة..

"يا أمي لقد نفذت أوامركِ فحسب....أخذت الإسعافات التي أخبرني بها زين الدين جبران و صعدت إليه كي أمنحه الدواء و أخفف عنه الألم الذي شعر به بعد الصلاة....لكن رد فعله كان غريبا للغاية!"

وضعت هالة شريحة من الفاكهة التي تقطعها في فم ابنتها بينما الأخرى مشغولة اليدين في جدل ضفيرتها التي لا تعلم كم حتى صارت كفتاة بولادنية من الڤايكينج_قبائل البربر التي سكنت أجزاءًا من أوروبا في عصر السيادة الإسلامية_تابعت حديثها بعدما ابتلعت الفاكهة بصوت أكثر خفوتا و ريبة....

"طلبت منه أن أضع الأدوية على حروقه فأبى بقوة و صدني بجفاء رهيب...رغم أنه والله يا أمي كان يتعامل جيدا إلى حد ما قبل هذا الطلب..."

"هذا غريب...توقعت أن تقتل الفرحة قلب الشاب المسكين حين يحظى بفرصة للحظة رومانسية معكِ!!"

جمعت هالة الفاكهة المقطعة وسكبتها في الخلاط ثم رشت عليها مكسرات من أنواع عديدة.....كانت الإضافة الأخيرة هي الحليب الطازج ثم أنصتت لإجابة ابنتها بتركيز..

"لا أعلم...اعتقدته يخجل لذا حاولت ألا أكون خجولة لأنه مريض و ابن عمه غفى في الحديقة فأمسكت بذراعه كي أرش البخاخ الذي طلبه زين له كل ساعتين....فجأة دفعني بقوة خمسين حمارا و صار يصرخ و يرشقني بكلمات لاذعة كأنني ما إن لمست بشرته حتى أصابه صرع"

انتهت من جدائل شعرها الغريبة مدت يدها تجاه هالة تلفت وجهها إليها سائلة عن شكلها و إن كانت تسريحة شعرها تليق بها....انتظرت لبرهة و هالة تحرك وجهها يمنة و يسرة و تجري بعض التعديلات الطفيفة ثم قبّلت وجنتها و أجابت بنغمة صوت تنم عن الرضى التام...

"أجمل فتاة في الواحة و شعرك يبدو جهنميا...!"

وثبت أجمل فتاة عن مقعدها بحماس و ابتسامتها الرقيقة تزين محياها كلمسات أخيرة في جدارية جميلة..
دارت حول نفسها سامحة للخصلات المجدولة و الحرة بالطيران كما أرادت هي دائما...

اقتربت من هالة و انحنت نحوها تعيد ذكر الموضوع السابق بسؤال حقيقي يستحق الطرح عن سبب انزعاج قاسم مما فعلته بذلك القدر المبالغ فيه! كانت حائرة لكن أمها لم تمنحها إجابة فورية، بيد أنها حقا لا تملكها و نصحتها بالصبر لوقت وجيز حتى تستطلع الأحوال القائمة...

منحتها كأس مخفوق الفواكه المليئ بالعناصر الغذائية و أمرتها بشربه كاملا ثم سكبت واحدة آخر في كأس أكبر حتى مما منحته لابنتها و وضعته على حامل خشبي مطعم بماء الذهب....قرصتها بينما تشرب فتأوهت و سألت بانزعاج...

"أمي لمَ أفزعتني؟!"

"لا تشربي كالقطة حتى يصير المشروب على شفتيك و أنفك"

هزت رأسها بغير رضى ثم استأنفت تشرب كأن شيئا لم يكن بطريقة مصطنعة متشنجة كالكلب المجبور على المواء...

سمعت أوامر والدتها ببساطة و أخذت المشروب الذي تود من صميم قلبها لو تقوم بتسميمه إلى قاسم....مع نصائح إثرائية عن وجوب رسمها تعابير سيئة على وجهها مع الغضب الخفيف و الانزعاج.


******


جلس على الأريكة الوثيرة يستريح من اللاشيء الذي فُرض عليه بجفاء كيلا يتسبب في بتر ذراعه كما يزعم زين الدين....رأى سالم لقمان يدنو منه بتعابير عادية و نية خفية للقتل و التعذيب إن استلزم الأمر!

جلس بجوار و استرخى تماما في مجلسه مرجعا رأسه للخلف ثم غمغم بكلمات عادية يعلم أن بإمكانها إثارة جنون رجل كقاسم...

"عزيزتنا حليمة قادمة باتجاهك مع كوب من العصير...حبذا لو تتناوله كيلا تجرح مشاعرها كالأمس"

البارحة كانت "خاصتنا" و الآن هي "عزيزتنا" هل هو يعوق علاقة من نوع ما كان يجب أن تنشأ بين عصفوري الحب أو ما شابه؟!

حافظ بصعوبة على ثباته الانفعالية حتى ينظر باتجاهها فأفزعه تحركها وحيدة دون رفقة أو حتى عصاها في وسط المنزل حيث يركض الأطفال و تتحرك الخادمات دون أدنى التفاتة نحوها!!

لا تبدو حتى حذرة في تحركها بل تمشي بشكل مستقيم نحوه و في يمينها صينية العصير و الاخرى ترفع فستانها البسيط....الأطفال يلعبون حولها ولا أحد يصدمها حتى دون قصد بل يمازحونها و تمازحهم كأن طريقها لها وحسب لا احتمالات أخرى!!

قفز من مجلسه_خلاف ما توقعه سالم بالتأكيد_و ركض باتجاهها يمسك مرفقيها بيديه يقودها بحركة بطيئة حذرة حيث ينبغى أن تضع ما بيدها على الطاولة المجاورة له....

تعرفت عليه فورا رغم الجفلة القوية التي أصابتها حين لمسها بغتة فتحركت بانصياع معه....ينبعث منه بوضوح عبير خاص لا يمكنها تحديده لكنه بالتأكيد ليس مسكا أو عطرا...هي فقط رائحته الطبيعية، بيد أنه راجل مبالغ به حين يتعلق الأمر بالنظافة الخاصة كما لو كانت الحياة عنده متوقفة على مدى جودة استحمامه بالصباح!!

سمعته يخاطبها بنبرة خافتة يشوبها قلق و انزعاج مصاحب له....

"لمَ لا يوجد من يحمل عنكِ هذا أو حتى يرافقكِ؟ رأيت خادماتً كُثُر في ذلك البيت"

لم تتمكن من تخطي حقيقة أن صوته الخافت الخالي من الغضب و الهياج العصبي الذي يجري في طبيعته جميل و مؤثر بدرجة لا بأس بها....

شردت في تلك النبرة للحظات ثم تمالكت نفسها على استحياء و أجابته مازحة كمحاولة مثيرة للشفقة ألا يبدو عليها الحرج...

"ألا يعجبك الأمر حين نبدو معا كأمينة و السيد أحمد؟"

استقرت الصينية التقليدية على الطاولة حين أخذها منها و وضعها بينما يده الأخرى مازالت تمسك مرفقها الأيمن كأنها ستتعرض للسرقة إن تركها لحظة واحدة! أو ربما هو شرد وحسب...

ألقت التحية بابتسامة مزعجة على سالم الذي لم يصدر صوتا قط مذ جاءت كي يراقب عن كثب ما يهمسان به لبعضهما.

أصابته الحيرة و لم يستطع كبح الرغبة في طرح ذاك السؤال عليها بينما يقودها للكرسي المقابل للأريكة...

"كيف عرفتِ أن سالم هنا؟! لمَ يبدُ الأمر كأنني من لا يبصر هنا؟"

تجاهل قهقهة سالم المتهكمة و تابع إجابتها الباديهية....التي صرحت بها بالتزامن مع سالم في صوت واحد كأنهما رجل واحد بتردد مختلف...

"إنه عطر (جياني فيف سولمان) بكل تأكيد"

يريد بكل جدية أن يسألهما إن كانت تلك الأمور التي يفاجئانه بها بشكل مستمر عادية عندهم و هما غير واقعين في الحب أو حتى في محرمات أكثر بشاعة، لأنه إن تحمل المزيد من التلميحات غير المباشرة على كون زوجته مغرمة برجل آخر سينفجر ذراعه اللعين الذي احترق لأجلها!!

"سالم...تذكرت أن جدي يريد رؤيتك الآن"

"كنت عنده قبل دقائق.."
أجاب بسماجة و هو يحفر مكانه في الأريكة كإشارة لعدم رغبته في تنفيذ مخططات أمها الرومانسية..

"هذا غريب....فقد قالت أمي أن أجعلك تذهب لجدي و إلا مزقت أحشاء شقيقتك نورا بالصدفة دون قصد أثناء إعداد الغداء"

لا يدري قاسم في أي لحظة تبخر الرجل من أمامه لكن من الواضح كونها ترعبه هي و أمها رغم مكانته و رفعة شأنه في العائلة! تذكر الآن فقط ما فعلته تلك المرأة لأجل ابنتها بنفيسة حين أطلقت عليها الشائعات بدلا من الجلوس في منزلها للطم وجهها و تأنيب الفتاة على مالم تفعله..

"رجال العائلة يشعرون بالخطر مما حدث ليلة أمس أليس كذلك؟ يريدني أبيكِ أن أجتمع به و أعمامكِ في مكتب الجد بعد صلاة المغرب"

تنهدت بعمق و أطرقت مليا تفكر في تبعات الأمور و كيف يمكن أن يسير الصلح جيدا بعدما بادرت عائلة جبران بالعنف المباشر و نقد الاتفاقيات تجاهها؟! لولا أن الرجل المسكين الذي أمامها تحمل كل تلك التبعات بشجاعة أخذت من جسده ألما لا بأس به لكان الأمر تحول لثأر مركب...

"لا تقلق...أظن أن الأمر سيمر بخير خصوصا مع كونك رجل صالح للغاية قاسم"

ابتسمت و هو كذلك للحظة أو أقل...
ليس نادرا أن يصفه الناس بأوصاف جيدة كالحكمة و المسؤولية لكنه حين يسمع منها، هي بالذات في موقف كالذي هما في خضمه ذلك يعيد إليه الكثير من كبريائه الذي فقده حين فرض تلك الزيجة عليها...

فشلت في إقامة محادثة جيدة معه لأكثر من خمس عشرة دقيقة كما طلبت أمها لكن الكلام معه تلك المرة لم يكن مزعجا أو مشحونا.
اضطرت في نهاية الأمر لزيارة مرعاها سريعا قبل الغداء كي تتأكد من سلامة كل شيء رفقة ابن عمها في تلك الظروف غير الطبيعية بالمرة!!


*******

تقلب في دمائه يئن بصوت خافت حتى لا يكاد يسمع نفسه....كل خلية في جسده و كل شطرٍ يصرخ مستجديا الإغاثة لكن أحدا لا يأتي و قواه لا تقوم لها قائمة!!

نظر إلى السماء و تنفس أنفاس صغيرة متقطعة و أنشأ يناجي ربه و روحه على هاوية بلا قرار...

"يا إلهي أنا لا أريد الموت الآن....مازلت لم أفعل ما يدخلني الجنة ولم استغفر من ذنوبي"

تأوه بعنف و أمسك بطنه حيث القطع العميق في لحمه و ما تحته بعمق ثلاث سنتيمترات أو أكثر!!

بصق دماءا حارة تحمل بضعا من وجوده ثم تابع يستغفر و يصدق التوبة ألا يعود لذنوبه التي يعلمها إذا نجى مما هو فيه..

ثقلت أجفانه و صار النظر حتى للسماء صعبا و أنفاسه تختلط بالسائل الأحمر الثخين....كل ما حوله يجبره على الاستلام للموت و ألا يبذل جهدا آخر في النجاة...لكن...

"اه يا ربي من الذي ينزف هنا؟! من أنت؟"

ارتمت على ركبتيها بجواره و أمسكت وجهه بكفيها فتشبث بعضديها كمان يتشبث الفاسق بالحياة و هتف بأعلى صوت خرج من صدره..

"أنا زين الدين جبران....هذا...هذا أنا يا حليمة...أنقذيني رجاء..تعرضت للطعن!"


***********

أنا الكاتبة و قلبي بيتقطع عليه حبيب قلبي ذنبه إيه يتبهدل😭♥️♥️

تفتكروا مين اللي طعن زين و حاول يقتله و ليه؟!

لا تنسوا الڤوت✨

دمتم سالمين✨♥️

Continue Reading

You'll Also Like

1.9K 184 29
الروايه اسمها: ألم ثم حب✨ بقلم ملك أحمد✨ عباره عن: تجارب حياه وفيها مشاهد رومانسيه وكمان هتكتشفوا حاجات اكتر لما تقرأوها..✨ بالنسبة للسرد ف هو بالل...
894 174 15
اكشن رومانسي حركة اجتماعي
315 54 5
إن التأخير في الانتقام يجعل الضرب أشد قساوة، فقد اعَمت غشاوة القتل عيناه وفي النهاية لم يتبقى منه سوى قناعه، بينما ظلت هي تركض وراءه لمعرفة هويته فوق...
3.4K 441 83
هو اختار غيرها وهي اختارت العيش في ذكرياتهما