الوشاح الأحمر | The red scarf

By LaraAshraf8

17.1K 845 242

بعدما قتلت ابن عمه كان يجب عليه الانتقام منها و من عائلتها كلها.. فتاة بدوية عمياء لكن رصاصتها أصابته في مقتل... More

الندم للجبناء!
الحقيقة الهاربة🍁
دموع الشياطين
زواج أم عقاب⏳
اقتباس🥀
فتيل النار الأخير
للحيَّة لون أرجواني
الوحش الذي يسكنه🎭
غرام الأسياد
شيطانة الصومعة
اقتباس خطير🔥
النداهة
لا تهجريني!
سهام الأميرات
شياطين العابد
غرام الأفاعي♪♫
لا تقعنَّ في الحب!
(الخاتمة) أشواك الورد🥀

ليست مكسورة الأجنحة

663 47 2
By LaraAshraf8


عدت بفصل جديد باكرا عكس العادة عشان تحمست جدا و أنا بكتبه🙈♥️
تعبت عيوني عليه من أهميته للأحداث فلا تنسوا الفولو و الڤوت ♥️

لكم الخزانة الخشبية بيمناه فأصردت صوتا ينم عن تهشمها و تناثر الكتب القيمة التي بداخلها!

أعصابه في أشد حالاتها انفعالا و تهيجا و هو يهتف بأعلى طبقة صوت يملكها..

"كيف سوَّلت لك نفسك أن تقدم الفتاة العمياء المسكينة للوغد قاسم ليتم الصلح و الهراء اللعين؟! لمَ وافقت جدي بالله عليك لقد حطمت كبريائها؟!"

يبدو أن سالم يشعر بالكثير من القهر و الغيظ التي يتميّز في صدره كالماء المغلي!! ذاك الحوار الــ"مهذب" الذي يقيمه الآن مع جده و عمه_والد حليمة_يحدث للمرة الأولى في التاريخ لذا هما يتحملانه و يتحملان وقاحته...

ضرب مرة أخرى لكن بقوة أخف على الخزانة و طرح السؤال ذاته تقريبا على عمه لكن بيأس و عزيمة تقارب الصفر فأجابه الأخير بحزم و عيناه غائرتان من الحزن و الضياع...

"لم يكن لدينا خيار آخر يا بنيّ....أعلم أنك تهتم لأمر حليمة كأختك نورا تماما لكن الشيخ محمود أخبرنا قبل بداية الجلسة من الأساس أنه لا يستطيع الحكم بناءا على كون حليمة هي القاتلة....بيد كونها عمياء قال الرجل أنه من المستحيل تصويبها بالروعة و الدقة هاته لذا سيحكم على العائلة بالقصاص أو الديّة"

تنهد "خالد" و استطرد بنبرة غليظة سميكة مجاهدا نفسه كيلا يذرف دموع الخاسر أمام ابن أخيه الشاب...

"نحن ننقذ العائلة بهذه الزيجة يا سالم لذا لا تتصابى وقِف كرجل حقيقي في ظهرنا"

تهدلت عضلاته التي كانت مشدودة كأوتار الجيتار الجديد و تنفس لدقيقة ثم أنغض رأسه مستسلما و استأذنهما ليرتاح...أو كما فهم كلاهما...يهرب إلى مرعاه ليتأكد من طعام الخيول...

هرع للخارج يمزق بجسده ستائر الرياح الموسمية الغادرة....يرى في كل اتجاه شبح عمه أوَّاب يبتسم في لحظاته الأخيرة و يربت على رأسه بيده الدامية ذات الأصابع الممزقة! لم يهزمه الأسد المدرب الخاص بعبد الرحمن لكنه لم ينجُ منه كذلك...مزق كلاهما الآخر بشجاعة للنهاية...

يذكر جيدا كيف ابتسم لحليمة الصغيرة و قبل جبينها ثم همس لها بصوت مهتك سمعه سالم كذلك...

"لا تكوني الفتاة العمياء التي يختار لها الناس مصيرها....أحبك يا فتاة...أعدكِ لن يقولها لكِ رجل غيري إلا و يكون صادقا...اعتبريها لعنة"

بدأت الرؤية تتموه أمام عيني سالم المبصرة و لم يعد يعرف رمال الصحراء من سمائها حتى تعثر كالتيس المجنون بحليمة و أسقطها أرضا بقوة ثلاثين رجلا!!

نهض بسرعة متألما وأنهضها بشدَّة واحدة ثم راح يقدم اعتذاراته العشوائية وهو في حالة من انعدام الوعي العام لما يجري....تلفت حوله بخجل جم بعدما تسلل إليه إدراكه لما فعله لكنه سمع أكثر صوت مرعب في موقف هذا يأتي من خلفه...

"هل تتجول سيادتك مغطى العينين كي تنطح الفتاة المسكينة برأسك السميك"

التفت ليواجه سهير الغاضبة أكثر مما ينبغي عليه و هو مدمر بالكامل....أغدق عليها هي الأخرى بأسفه المتكرر مثل المخمور في شوارع القاهرة و كاد يرحل لولا أن استوقفته حليمة تقول بفكاهة غريبة...

"هل تعتقد أنني إذا تزوجت قاسم و هو لا يرغب بي إلا مكرها ليعقد الصلح سأكون بذلك أغتصبه؟ أليست تلك إضاعة لحقوق الرجال سأعاقب عليها؟"

"ما الذي....حليمة..ماذا تقولين؟!"

تلعثم سائلا بأكثر تعبير مضحك في العالم.....وجهه يبدو كسمكة زينة اكتشفت أنها نعجة....قمة الدهشة و الهلع!!

رن في أذنيه صوت ضحكات سهير الأنثوية الصاخبة ثم لاحظ ضحكات خفيفة مكتومة من فِيّ حليمة فعرف أخيرا أنها كانت مزحة و للتو فهمها على عكس ظرافته المعتادة و خفة ظله...

تنهد بعمق امتص نصف الهواء في الواحة ثم تبسّم بخفة و أجابها بجدية مطلقة بينما يحك بسبابته موخرة عنقه..

"أخشى أن هذا صحيح...كان عليكِ رؤية اصفرار وجه قاسم حين رآكِ اليوم كأنكِ ستأكلين كبده"

هزت رأسه بأسى مصطنع و ربتت هلى ظهر سهير تجيبه بابتسامة لعوب..

"سأخبره ألا يقلق فأنا امرأة متفتحة و سأعطيه فرصة للتعود عليّ"

كانت الأخيرة تضحك على كلامهما الجنوني لكن الأمر أكثر سوداوية مما تراه على وجهيهما...تلك الفتاة على وشك التواجد قريبا في حجرة أكثر رجل ذو سمعة سيئة مع النساء في البادية كلها!!



********

"عليّ من الآن تعليمك كيف تعامل النساء كي تستقبل جميلة الجميلات حليمة لقمان خلال الأسبوعين القادمين و أنت رجل محترم ولا تفضحنا بين القبائل"

حدجه بنظرات أحر من صيف جزر الباهاما ثم نهره بنفاذ صبر و أعصابه المهترئة تكاد تنفجر...

"لا تمازحني أخذ الله روحك....إن كانت تعجبك الفتاة اللعينة سأدفنك معها حين أقتلها"

أدرك زين الدين أن الرجل في حالة يرثى لها و مزاجه في أسوأ درجة من الغضب و الضغط....يبدو عليه إنعدام الرغبة تماما في تلك الزيجة كما لو كانت الفتاة بوجه حمار!! لا يفهم ما سبب انهياره و مشاعره القاحلة تجاه حليمة لكنه بالتأكيد لديه أسبابه...

تنهد بخفة ثم ضرب على ظهره مشجعا و قال بنبرة صافية لم تفشل يوما في ترويض جنون قاسم..

"يا أخي لا تكن هكذا....الفتاة بالتأكيد تبكي الآن لأن الزواج فُرض عليها لذا كن لطيفا معها و إلا أرعبتها"

يبدو أن تلك الكلمات هي بالفعل أساس الغضب العارم الذي يعاني منه قاسم الآن...لا بد من كون الفتاة تكرهه و لا ترغب في الزواج منه و لو على جثتها..

عيناها رغم كومنهما لا تبصرانه إلا أنهما طالعتاه_مثلما يشعر_بشجن عارم!

لم يتمكن من تجاهل تلك المشاعر القوية التي لا يعتادها لذا تنفس بإنهاك وحاول أخيرا التنفيس عما يدور بداخله موجها حديثه لزين...

"هذا بالضبط ما يزعجني، أنا لدي كبرياء يا رجل ولا أريد أن أكون شوكة في ظهرها....بل تخيل أن تكون هي و سالم...كما تعلم..."

ربت المخاطَب على كتفه بقوة و عزم ثم قاطعه فورا بلهجة آكدة لا ريب فيها..

"سالم لا يحب تلك الفتاة يا قاسم....لا مشاعر في عينيه لها و هو لا يغار عليها بكل وضوح...الأمر أنه يكره اليوم الذي يرى فيه رجال عائلتنا حين يتذكر الحادث الفظيع الذي جرى لعمه"

هز رأسه مستسلما ثم طالعه بهدوء و طرح بضعة أسئلة حول التجهيزات للعزيمة التي ستقام في بيت آل لقمان للخطبة القصيرة التي سيحصلان عليها....ستكون تلك هي المرة الثالثة التي يرى بها العروس قبل الزفاف لذا ينبغي له بوضوح إجراء محادثة معها على انفراد...

*******

'العاشر من تشرين عشية الخطبة'

وضعت نورا لمساتها الأخيرة بالحمرة على وجنتي حليمة و بدأت تطبقها بالإسفنجة النعامة حتى باتت خفيفة ناعمة كالزهور المتفتحة...

عدّلت لها شكل غرتها المموجة و زينتها بطوق من الزهود الرقيقة ذات اللون الأبيض ثم التقطت بروية عبوة الكحل العربي الأصيل و رسمت بها خطا في غاية الجمال حول عينيها...

دلفت هالة إلى الغرفة بفستانها الناعم ذو اللمسة الراقية بلون البحر الرائق....تحمل علبة حمراء من الشمواه لا شك أنها تحوي ذهبا و مجوهرات ثمينة توارثتها العائلة..

قبّلت جبين فتاتها الوحيدة و احتضنتها بعمق لم تفعله من قبل قط رغم كثرة ملاطفتها لها و وفرة الود و الألفة بينهما...كانت الأم تعلم كيف يكون هذا الشعور حيث يفرض عليك أمر يجري تنفيذه بسرعة مفرطة...إلا أنها لم ترغب في رؤيتها ضعيفة خائرة بل لتكن صلبة قوية و....

"كوني الحرباء الخبيثة في روايتك يا حليمة....إيّاكِ أن تتخذي دور الفتاة المسكينة مكسورة الأجنحة التي ينتصر لها الناس كي تحيا....أنتِ تعلمين مقولتنا الخاصة أليس كذلك..."

رددت حليمة بابتسامة خجلة تحولت لضحكة في منتصف الجملة..

"النساء قويات بأنوثتهن و مكرهن...إن نزعنهم نزعن الدرع المتين في حرب الحياة"

ضربت كفها بكف ابنتها وانطلقت ضحكاتهما تزين الغرفة و الممرات الكئيبة للمنزل بلطافة مفرطة..

لطالما اعتمدت على والدتها في تزيين الأمور لها بل و خلق قصص نجاحات من أفظع أسباب الفشل لذا هي الآن على وشك المخاطرة بما تبقى من أيامها لقاء الحفاظ على دماء آل لقمان....أو ربما ليس هذا هو السبب الوحيد..

بدأت تُلبسها هالة من صندوق الحليّ ما يناسب رداءها من غير إفراط حتى صارت اللوحة كاملة الأركان

ساعدتها في ارتداء وشاحها فوق الزينة التي تزينتها ببهاء كي تكشفه حين تكون الأمور مناسبة أمام المحارم و....بالطبع قاسم جبران بعد العقد..

"سيدتي...السيد قاسم جبران و آله هنا و كذلك الشيخ محمود للعقد...يريد السيد سالم و زوجكِ من الآنسة حليمة أن تكون حاضرة"

"بلا شك ستكون حاضرة.."

رددت هالة وراءها على عجل بابتسامة خفيفة فخرجت الفتاة في هدوء حتى تتبعها الأم و العروس...و كذلك وصيفتاها المخلصتان : نورا و سهير.

كانت الأضواء في الخارج تكاد تصيب المبصر بالعمى و الزينة المبهرجة تغطي كل أركان البيت معلنة بفظاظة أن صاحبة الجلالة ليست عروسا عادية تخرج من بيت لقمان..

توجهت الأنظار نحوها و هي تسير بروية نحو الأريكة المجاورة للعريس مأخوذة_ظاهريا_بقيادة الوصيفتان، لكن الواقع أن الأميرة لا تخطئ منزلها أبدا..

جلست بعطر حضورها الأخاذ على مقربة من قاسم...لم يستطع تمييز الرائحة التي تنبعث منها لكنها أشبه بزهور دوار الشمس مع رائحة المطر...في الأغلب تلك رائحة الصابون الذي تستعمله ليس إلا لكنه ركز ذهنه معها أكثر من اللازم.

شعر برغبة في مخاطبتها بكلمة على الأقل قبل بداية العقد فمال نحوها بشجاعة مفرطة ليست معهودة له مع النساء وهمس..

"الورطة التي ستتورطين بها لبقية حياتك تجلس بجواركِ مباشرة...آنسة حليمة"

يبدو أن تلك كانت محاولة للمزاح لكه ليس خفيف الظل كثيرا...مع ذلك فقد رغبت بالضحك حقا على ما قاله من صميم قلبها إلا أنها لم تتمكن من ذلك بالشكل الصحيح...بيد أنها أمام جميع رجال العائلتين على حد سواء فعليا و إن ضحكت فهو بالتأكيد يقول كلاما لا يليق و هي فتاة عديمة التهذيب!!

قررت أن ترد لها المزحة بأخرى كي تدعه في موقف أسوأ مما هي فيه فجذبته بخفة من طرف عباءته و همست بجدية تامة...

"لا أكاد أصدق أذناي! هل تعاطيت شيئا سيد قاسم قبل وصولك إلا هنا أم أنك شبعت سُكرا من جمال طلّتي؟!"

بالنسبة له كان الإمساك عن الضحك ممكنا لكنه ابتسم رغما عنه و علم ما سبب ابتسامات سالم العديدة في الاجتماعات التي تحضرها معه...إنها مع كونها رقيقة الطبيعة لكن ذات روح فكاهية.

"هلا بدأنا؟!"

تشدق سالم بنفاذ صبر منهيا بذلك محادثتهما القصيرة اليتيمة فاستجاب قاسم على مضض و اقترب من الطاولة يعقد يده بيد والد العروس...ينظر له بركيز لولا أن يلتفت بصره برشاقة التي تكاد تنبت لها آذان أرنب من شدة الإنصات!!

الأمور تسير بشكل أفضل مما يتخيل حتى أنه لم يرَ التردد و الحسرة على وجه العروس حين سألها الشيخ مبتسما و مداعبا إياها...

"هل تقبلين الزواج بهذا الشاب ذو السمعة السيئة يا بنيّتي أم تهربين باكرا؟"

ضحك الجميع لكنها ضحكات مصطنعة انفعالية لا يرغبون بها إلا لتلطيف الأجواء و تخفيف كثافة الهواء المعبأ برائحة الدماء من حولهم..

بادرت هي بالإجابة فورا دون تردد كامرأة ماكرة على وشك سلب أموال رجل و تركه في الشوارع...

"لا يستعصي رجل على امرأة من آل لقمان يا شيخ...أُكتُب على بركة الله"

تلك المرة كانت الضحكات حقيقية من نساء و رجال عائلة لقمان....بل أشد ما يكون حقيقة و استعلاء..


*******

ارتشفت رشفة خفيفة من كأس الشربات الأحمر و ابتسمت لزين الدين بحبور مجيبة على سؤاله...

"أبدو مرهقة من كثرة الرقص و اللعب في حجرة النساء...للتو نزلت حينما قالت أمي عليكِ الجلوس مع عائلة زوجكِ أكثر من الفتيات.."

ضحك الرجل وضحكت كذلك دون تكلف ببساطة وحسب، ثم تابعت تتساءل عن مكان قاسم لأنها لا لم تقابله منذ نزولها للقاعة الكبرى مطلقا.....أجابها بصوت خافت ستعلم الآن لما أخفضه...

"إنه آتٍ باتجاهنا....لا يعجبه أنني أمازحكِ"

"مستحيل أنه يغار و هو لا يعرف حتى الآن وجهي بشكل جيد!!"

"الأمر لا يتعلق بكِ الآن إنها فطرته و الطريقة التي نشأ بها...عليكِ فيما بعد تحويل تلك المشاعر العادية لأخرى خاصة بكِ وحدكِ"

ضحكت بخفة لا تبدي أمارات على فهمها لما يرمي إليه كيلا يحذر من حديثه معها فيما بعد...
يبدو أنه هو الآخر لا يصدق و لو راهن على كبده أنها قاتلة ابن عمه...و ذلك رائع بما أنها ستعيش معهم لبقية حياتها عليهم معاملتها كفتاة ضريرة مسكينة.

سمعت صوت قاسم الأجش عن يمينها يتكلم على مقربة خطيرة من جسدها...

"أنتِ على ما يرام؟ ألا تريدين الجلوس قليلا للراحة أو حتى يمكنكِ ترك الحفلة لساعة أو ساعتين إن كان هذا يرهقكِ"

يبدو مراعيا لكنه ليس قلقا...صوته كما توقعت يحمل القليل من التوتر و انعدام الراحة.

لعله منزعج فعلا من كونها تكسر الكلفة بينها و بين رجال عائلته أو أنه....لسبب ما غير مرتاح لرؤيتها أمامه على كل حال!!

تنحنحت بخفة ثم أمالت رأسها تجاهه و هزت كتفيها كرقصة خفيفة من هرة غير مهذبة ثم أجابت...

"اسمح لي يا قاسم أن أذكرك أنني عمياء ولست قعيدة لذا المرح لا يرهقني بل أشياء أخرى...."

لم يمهله زين فرصة الدهشة من مناداتها لاسمه مجردا بتلك الطريقة الودودة كما لو كانا يعرفان بعضهما دائما و طرح سؤاله الفضولي على عجل حول ماهية تلك الـ "الأمور الأخرى"

فهزت كأسها بخبث ثم أجابته بسرعة دون أن تبتسم حتى بالتزامن مع اقتراب سالم منهم لسبب ما...

"القراءة طبعا...لا أتحمل القراءة أكثر من عشر صفحات"

تلك المرة رفضت تهكماتها المرور عبر رأس الرجلين بالسرعة المطلوبة فبقيا منشدهين يطالعانها ببلاها و فم نصف مفتوح حتى أتى سالم وفسر الأمر باستعجال و هو يسحبها إليه...

"حليمة، توقفي عن إطلاق النكات السوداوية خاصتنا فالعالم بالخارج لا يضحك على تلك الأمور"

"انتظر لحظ إلى أين أنا ذاهبة يا عديم الذوق تكلم قبل تحركني..!"

هتفت به بانزعاج و ضربت عضدها بقوة خمسين قردا استوائيا فترك طرف كمها و طالعها باستهجان...

لم يسمع قاسم حوارهما بشأن المأدبة و وجوب حضورها في قاعة النساء بعد نصف ساعة من الآن طويلا حيث ركز ببساطة على الكلمة التي سقطت سهوا من فم سالم "النكات خاصتنا" ؟!

فقد أعصابه بعد دقيقة واحدة من مهاتراتها مع سالم وجذبها من مرفقها نحوه بتهور لا نهاية له متشدقا بأكثر نبرة فظة عديمة التهذيب وجدها في جعبته...

"لمَ لا تهتم بشؤونك يا سالم و تترك المرأة لزوجها يخبرها متى تجلس و متى تصعد للنساء؟!"

كانت تلك الكلمات كأعواد الثقاب المشتعلة التي رماها قاسم بإهمال على بحيرة من الكيروسين لولا أن التقطتها سهير بيدها الحرة سريعا و بذكاء لا يضاهى..

اقتربت سريعة تشد سالم باتجاهها وتهتف كالطفل الأبله طالبة إياه حالا في المطبخ لظروف قهرية!

لم يتوقف لحظة عن رشق قاسم بنظراته الحارقة حتى دلف بالفعل للمطبخ كما أرادت و انفجر غضبه بالكامل أمامها....
سباب و لعن و تحطيم للأواني....هكذا بغرابة عبّر سالم لقمان عن غضبه و خيبة أمله فيما يجري الآن بين العائلتين...

كانت امرأته الموعودة تكاد تنفجر غيرة مما يفعله أمامها ظنا منها أنه يعشق حليمة ولا يتحمل زواجها!! ذلك بأنها لم تكن دهيَّة كفاية لتدرك أن للأمر أبعادا تتخطى الحب و الغرام....إنه الثأر ليس إلا..

"لمَ تصرفت بقسوة مع سالم؟ إنه لا يقصد شرا بل أمي هي من طلبت إحضاري"

عاتبته بنبرة عادية دون أدنى لمحة من الحزن أو الانزعاج الحقيقي...

وضعت بين شفتيها قطعة حلوى و تلفتت بحثا عن شيء ما لا يدري كيف ستراه على كل حال مهما بحثت!

أخيرا تمالك أعصابه و أجابه بأكبر قدر من الهدوء و البلادة امتلكها قط..

"نواياه لا تجعل من سلوكه عديم المروءة جيدا.....لا يمكنه سحبكِ كالبعير حيث يشاء أمام عيني"

احتدت تعابيرها و ضغطت يدها على الكأس بخفة قبل أنا تقترب مجيبة بشدة و خشونة...

"سالم ليس عديم المروءة....بل لا معنى للمروءة إن لم تكن سالم لقمان يا قاسم!"

لاحت على وجهه أمارات الغيظ و التحدي برؤيتها تمتدح الرجل الذي يعتقد الجميع أنها تحبه و يحبها!! لا يعلم لمَ أصابته كلماتها و حدتها تلك بالغثيان و رغبة ملحة في الصراخ عليها كالذئب المجنون؟! لا يحبها لذا هو لا يغار بالتأكيد فما تلك المشاعر التي تضطرم بحرارة في رئتيه و حلقه؟!

أثار ريبتها بسكوته التام فهمت تحدثه إلا أن رائحة غريبة نغزتها بعنف جعلتها تقشعر و تتلفت حولها مجددا بحثا عنها....نعم ذلك هو ما كانت تبحث عنه حين تلفتت، إنها تنظر للعالم بحواسها الأخرى.

مدت يدها بحذر و تربص تجذب قاسم من عباءته فاستجاب لها بابتسامة خفيفة مستغربا تعاملها الاعتيادي معه...انحنى مسافة عشر سنتيمترات كما أشارت إليه و أنصت لها بانتباه..

"ألا تشعر بتلك الرائحة الغريبة؟! إنها رائحة ماء كيميائي"

نظر حوله باعتبار جسده ممتد من جسدها و عيناه عيناها بحثا عما تتحدث عنه فلم يجد له أثرا....

كاد يجيبها مطمئنا أنه لا رائحة كتلك في الهواء و أنها على الأغلب اختلطت روائح العطور الرجالية في أنفها لا أكثر لكن صوت الصراخ و الفزع من حوله جعله يلتفت تلقائيا ليرى أمامه أسوأ سيناريو للخطبة قد يحدث على الإطلاق!!!

نفيسة جبران الأم الثكلى أمام حليمة مباشرة و بيدها زجاجة مفتوحة تحوي سائلا شفافا حارقا رشتها باتجاهها هاتفة بحقد و غل لا مثيل لهما...

"الآن تكفين عن التباهي يا ابنة هالة و قاتلة ابني!!"


***********

فصل طويل و مليان إشارات لأحداث مستقبلية خطيرة

تفتكروا نفيسة هتقدر تئذي حليمة ولا في مفاجأة هتحصل؟

و لو حليمة بقى عندها تشوه إزاي هتمشي الأمور؟!

لا تنسوا الڤوت
+تعليقاتكم بآراءكم كلها تهمني♥️♥️

Continue Reading

You'll Also Like

7.8M 382K 73
" سَــتَتركينَ الـدِراسة مِــن الــغدِ.. لَــقد سَـحبتُ مـلفاتكِ مِــن الـجامعةِ بـالفعل ..! " " مـالذي تَــهذي به..!؟ " " هــذا مــا لَـدي... لاتَ...
1.2M 114K 35
في وسط دهليز معتم يولد شخصًا قاتم قوي جبارً بارد يوجد بداخل قلبهُ شرارةًُ مُنيرة هل ستصبح الشرارة نارًا تحرق الجميع أم ستبرد وتنطفئ ماذا لو تلون الأ...
2.1K 126 6
خُلقت لـ تعيش بـ حرية، وخَلق هو قوانين للحرية مردفًا بأستمرار أنه ملك كُل شيء، فـ هل تستطيع خرق قوانين حُريته وتصمد ثوانٍ أم سيضعها في القفص مرة أخرى...
896K 32.8K 39
فتيـات جميلات وليالــي حمـراء وموسيقـى صاخبة يتبعهـا آثار في الجسـد والـروح واجسـاد متهالكـة في النهـار! عـن رجـال تركوا خلفهم مبادئهم وكراماتهم وأنس...