لمحت كريستين مساحة صغيرة خلف الباب الخشبي، وحين اقتربت وجدت به جميع أنواع الوثائق. لم تكن تعرف ما هوية هذه الوثائق أو عن ماذا تتكلم، ولكن في نظر كريستين الشابة، بدت وكأنها وثائق في غاية الأهمية.
قفزت الطفلة من الفرح.
"يبدو أنها وثائق هامة، هاه؟ كريستين من وجدتها!"
امتدحها الدوق يانوس، الذي أخرج طلقات البنادق، بينما يؤمأ برأسه بلا مبالاة.
"نعم، عمل جيد."
حمل جميع أعضاء نقابة 'الكلب الأحمر' نفس النوع من البنادق. هذا لأن 'الكلب الأحمر' قدم البنادق لأعضائه بمبلغ مقطوع.
من بين كل الأشياء التي فعلتها الكلاب الحمراء، كان هذا هو الشيء الوحيد الذي أحبه الدوق يانوس. بفضل ذلك، لن يضطر للقلق بشأن الطلقات التي يحتاجها لبندقيته.
كلما سنحت له الفرصة، أخذ ما يقرب 30 طلقة من غيل وأعضاء عصابة آخرين. كانت البندقية التي يحملها هي من النوع الذي يمكنه حمل ست طلقات في المرة الواحدة.
يبدو أن هذا يكفي.
"لكن ، سيدي دوق ..... لماذا تضع تلك الطلقات؟"
ابتسم الدوق، الذي كان يومئ برأسه بشكل مرض، على السؤال الغبي لكريستين التي تحدق من الجانب.
لأن إطلاق النار العنيف للفخ الذي حدث للتو سيجمع رجال الكلب الأحمر معا في مكانٍ واحد، وهو هذا المكان.
وتأكيدا لتكهنات الصبي، سمع خُطى عاجلة من الخارج.
"من أنت!"
"من في الداخل! اخرج دون أي تمرد!"
"اخرج وضع يديك على رأسك واستلقِ!"
ارتجف كل من كريستين وبليك من الصوت المبحوح القادم من الردهة.
بالنظر لتعبير دوق يانوس، يبدو أنه الوحيد الذي سيموت من الحماس بالوضع القادم.
'حاولت ترك هذا العمل الشاق لاتباعي حتى أبدو لائقا كنبيل ..... لكن للأسف، القدر لا يستمع إلي.'
تمكن الصبي المتحمس بشكل غريب من تذكر نصيحة بيتي قبل الهجوم.
ولأنه قرر تغيير نفسه المضطربة، استذكر النصيحة التي قدمتها بيتي له، لكيفية قمع أعصابه العنيفة.
رغم هذا، لم يتذكر الصبي سوى أنها قدمت النصيحة. أمم، ماذا كانت تلك النصيحة؟
' قالت بيتي شيئا بهذا الخصوص.'
التقط الدوق البندقية تارة وهو يتتبع ذاكرته.
إنه في ذلك الوقت، بمجرد عودتي من الرحلة الاستكشافية. لأكون أكثر دقة، كان في اليوم الذي سجنت فيه الإخوة الثلاثة من نقابة 'امرأة بعد الظهر' .
أثنت عليَ بيتي لمحاولتي على ضبط نفسي، ولكن من ناحية وبختني لإطلاق النار بشكل عشوائي. وقالت إذا استخدمت البندقية في المستقبل .... قالت .…. ماذا كان؟
— " همم، عُد لعشر ثوانٍ قبل أن تطلق النار......"
أتعرف بيتي أنها في كل مرة تغمغم تظهر أسنانها الأمامية الكبيرة؟
'لا أعتقد أن لها علما.'
والعيون الخضراء الخفيفة التي تتحرك بذكاء، ولكن ينتهي بها المطاف بتجنب عيني.
وتلك الخدين المنمشة ممتلئة مثل الخبز الأبيض المغطى بالسكر البني من كثرة الدهون. لقد سمنت في الآونة الأخيرة.
— " عُد لعشر ثوان ...."
بلى، من الأفضل أن أذهب مع بيتي إلى الوادي قبل أن ينتهي الصيف.
ستعطي بيتي ردة فعل جادة لدرجة وضوح حقيقة أنها لا تستطيع السباحة. تريد إخفاء الأمر، لذلك ستعطي أعذار وتقول إنها لا تحب اللعب في الماء.
لطالما كانت بيتي شديدة السرية بشأن كل شيء. خاصة نقاط ضعفها.
تخفي دائما مشاعرها الحقيقية بشكل أعمق وتكون حذرة من كل شيء، ولن تظهر مشاعرها الحقيقية إلا إذا بقيت بمفردها في مكان تشعر بالأمان به.
استغرق الأمر وقتا مني لتحديد مشاعر الطفلة الحقيقية.
— " ..... عندها ستستطيع الحكم بشكل عقلاني."
نتيجة لأفكاره التافهة، لم يستطع الدوق يانوس أن يتذكر بالضبط ما قالته بيتي في ذلك الوقت.
'همم، ماذا أفعل حيال هذا؟ من المفترض أن أكون مختلفا الآن.'
لكن في كل مرة حاول فيها تذكر ما قالته، ينتهي به المطاف عالقا في خيال بيتي، مما جعله غير قادر على التركيز.
بعد احساس بليك أن الصبي المختل أُخذ تركيزه بما يفكر به، هرب وكسر أفكار الدوق يانوس.
"لا تطلق النار! أنا الباحث بليك! أنا رهينة، لذا لا تطلق النار!"
بانغ.
سقطت جثة بليك في غضون ثوان قليلة.
أنزل الصبي، الذي أظهر وجوده وراء ظهر بليك الساقط، بندقيته منبعثة الدخان أثر إطلاق النار وغمغم.
"واحد."
على كلٍ، لابد أن الأمر يتعلق بالعد حتى 10 ثوان، أليس كذلك؟
بعدها، سقط حتى الرجل الذي بدا وكأنه قائد المجموعة بثقب في رأسه.
"اثنان."
عندها فقط تمكن الرجال من إبصار دوق يانوس، الذي ظهر بفخر خارج الباب.
"سحقًا! إنه هو! أجلب المزيد من الدعم ....."
بانغ.
"ثلاثة."
اختبأ الصبي خلف التمثال الساقط في الغرفة فورا لتجنب أفراد العصابة المذهولين الذين يطلقون النار عليه بتهور. ثم أمسك عنق الرجل الذي كان يزحف ووضعه أمامه وأكمل بالعد ببرود.
"أربعة."
في الوقت ذاته، استخدم الدوق جسد الرجل كدرع وركض نحو الرجال الذين يطلقون النار من الجبهة.
"خمسة، ستة."
مات اثنان من أكثر أعضاء العصابة خبرة فورا، وكُسرت أعناق الرجال الذين ليس لديهم أسلحة بسبب خروجهم المتسارع.
بعد ذلك، لزم الدوق بندقيته وأخذ يضرب رأس أحد الرجال بعقب البندقية.
"أرغ! ابتعد!"
وهناك، فوجئ أحد الرجال بالمنظر الغريب لرجل بالغ قوي يتعرض للضرب حتى الموت بعقب البندقية، فسحب الزناد نحو يد الصبي، التي امتدت لإطلاق النار عليه.
"بانغ!" ثُقبت طلقة الرجل يد الصبي، فأخذها كفرصة ولاذ واحتمى خلف طاولة فاخرة بعيدا عنه.
أنتبه الصبي ليده الغريبة المثقوبة، وتحرك ليختبئ خلف تمثال قريب وغير الذخيرة. وبعدها ضغط الزناد موجها البندقية نحو الرجل الذي فعل هذا بيده الجميلة.
"سبعة."
تفادى الخصم بسرعة طلقة الدوق. يبدو أنه رجل متمرس في تبادل إطلاق النار العشوائي كهذا.
تجعدت حواجب الصبي باستياء قليل من إهدار طلقاته من أجل لا شيء.
"ثمانية، تسعة..... آه!"
ومع ذلك، فشلت الطلقة الثامنة والتاسعة أيضا في إصابة الخصم.
من ناحية أخرى، كانت إحدى الطلقات من الرجل، الذي يختبئ بهدوء خلف الطاولة ويطلق بينما فاه بندقيته فقط ظاهرة، محظوظةً بما يكفي لخدش خد الدوق. التأمت الندبة على خده بسرعة، لكن الماكياج الذي رسمته بيتي على وجهه لم يفعل.
في تلك اللحظة، رغب عقل الصبي فجأة في التخلص من كل شيء، سواءً كان تبادل لإطلاق النار أو القتال جسديًا، سأذهب لتمزيقه حيًا. أحس بالشك بنفسه في هذا الموقف، حيث يتعامل ببطء مع هؤلاء ببندقية مثل لعبة للأطفال.
صحيح، لما أفعل هذا؟
أنا الدوق يانوس صاحب قدرة 'الخلود' ، ألا يمكنني التخلص من البندقية واذهب لأحطمه وأمزقه حيا؟
لكن ... أليست طريقة وحشية؟ ألا بأس بفعلها حقا؟
'لا، كم من الوقت سأعيش هكذا، مثل غريب الأطوار؟'
من المريح إنهاء كل هذا بالذهاب وتمزيقه، لكن في النهاية سأقع في هذه العادة ولن ألحظ وحشية هذه التصرفات ثانية. إذا استمررت بفعلها فلن أحس بالغرابة إذا كررتها ..... سأتعود وأعود لنقطة البداية مثل السابق. لن أتغير ....
إذا لم أتغير، سيزيد ذلك من هواجس بيتي. أحتاج إلى تطوير ضبط النفس.
عليَّ الهدوء، كما قالت بيتي، 10 طلقات ستحل هذا الأمر.
لا أعرف لماذا يجب علي استخدام 10 طلقات فقط.
مهلا، لما نصحتني بيتي باستخدام عشر طلقات؟ في ذلك الوقت هي قالت عشر طلقات فقط، صحيح؟
أجل أجل، ما قد يكون غيره.
بعد لملم شتات أفكاره، أخذ نفسا عميقا ونظر إلى الأفخاخ في السقف.
كان لا يزال هناك كومة من الطعام فاتح للشهية على الطاولة حيث اختبأ شبل الفئران وراءه.
"عشرة."
أُطلقت الطلقة العاشرة من بندقية الصبي واخترقت الديك الرومي المشوي على الطاولة. في لحظة، تبعثر اللحم البني المتبل بالفلفل والأعشاب في كل مكان.
عندما طار الديك الرومي المشوي، الذي كان يزين منتصف الطاولة، بعيدا في لحظة، قامت المدافع الرشاشة المخبأة خلف الزخارف الموجودة على السقف، " تك تاك" ، وأصدرت صوت مشؤوم. تحول وجه الرجل المختبئ خلف الطاولة لوجه شاحب.
بعد ذلك، "دوووووووم—"، أصابته رصاصات منتشرة مثل ماء الاستحمام.
دوق يانوس، الذي هرب على مهل إلى النقطة العمياء للفخ، تحرك فقط بعد توقف الرصاص من جميع الاتجاهات.
كان الفأر المزعج، الذي اعتقد أنه كان سيموت بلا حراك خلف الطاولة، على قيد الحياة بشكل مدهش. أصيب بجروح خطيرة ولم يستطع رفع إصبعه، لكنه لا يزال حيا يرزق.
ربت الصبي على رأس الرجل ناظرًا إليه بعيون شفقة وقال، "صه، لا بأس." وطمأنه. ارتجف الرجل الذي كان على وشك أن يلفظ أنفاسه الأخيرة، ثم أراح جسده وكأنه استسلم للأمر الواقع.
وووك.
أرسل الدوق بدقة المخلوق العاجز في يدهِ، بكسر عظم رقبته بدقة شديدة لئلا تكون مؤلمة له.
كف يده اليسرى، الذي أصيب بها الطلقة، تجدد من العظام الرقيقة التي تحركت لربط كل إصبع، إلا أن اللحم لم يمتلئ بعد، فشعر بالألم في يده. لو كانت نفس شخصية الدوق السابقة، لكان قد عانى هذا الرجل ومات ببشاعة حتى يهدأ غيظ الصبي الدوق من وجع يده.
لكني مختلف، بدلاً من أن يسيطر عليّ الانتقام المتسرع، أظهرت التعاطف والتسامح.
' هذا بفضل بيتي.'
باتباع نصيحة بيتي، كان قادرًا على الحفاظ على رباطة جأشه وأظهر هذا التسامح. على الرغم من أن خصمي كان مجرد نذل وقح ثقب يدي اليسرى، إلا أنني شعرت بشعور رائع بعد مسامحته. شعرت أنني أصبحت شخصا أفضل.
في الواقع، لم أستطع أن أتذكر بالضبط ما نصحتني به بيتي، لكن هذا لم يكن الهدف.
الاحساس بأنه سوف يتغير بسبب بيتي، هذا الأحساس الغريب الذي ملأ صدره لدرجة الألم مهمًا بالنسبة له.
فحقيقة وجود أملا ضئيل لتغيره، أدخلت في قلبه البهجة والسرور.
لحد الآن، استخدمت 10 رصاصات فقط للتخلص من كل هؤلاء الرجال. أحتاج في حياتي لهذا النوع من التوفير.
نعم، في يوم من الأيام، عندما يحين الوقت، سأضطر إلى مغادرة القلعة بأكملها من أجل بيتي. لا بد أن بيتي ستتغير حتى ذلك الحين.
لأن بيتي ذكية جدا.
رغم كل هذا، لا تزال تفضل التزام الهدوء وعدم اعتباري. ربما لأنها تبلغ من العمر 10 سنوات فقط، فتبدو أنانية وقاسية عن قصد.
لذلك عرفت بيتي دائما متى وأين تبدأ وكيف تحل مشاكلها.
شيئا فشيئا بينما يُجر لهذا التفكير البعيد، تأمل بقدرتها على أخذ هذا الصبي الصغير لتنقذه من نفسه القبيحة، التي باتت فظيعة وعنيفة لدرجة كرهه لذاته.
الصبي، الذي وجد ناجي آخر يكافح بين الجثث، ضغط بحذائه على ظهره وتنهد طويلا. تجولت كل أنواع الأفكار في رأسي.
أين أنتِ الآن؟
لا بد أنها تتظاهر بالطيبة مع لوسيفر في الملجأ، ثم تعود إلى القصر وتنام. هل ستشعر بغيابي؟
ربما لن تفعل.
إذا سمعت أنني لن أتمكن من العودة لفترة، فسيكون ذلك جيدا بالنسبة لها، ستفكر في الأمر لفترة وجيزة ثم ستدفن نفسها في السرير وتنام.
وستتظاهر بالترحيب بي عندما أعود.
في الواقع، هذا كاف لي.
لم أستطع تحمل الانتظار للعودة إلى القصر، حيث ستكون بيتي.
...