Cockpit | Tk

By vatimvk

99.4K 7.7K 7.7K

قمرة القيادة cockpit أنا جيون جونغكوك و هدفي هو الوصولُ لقمرة القيادة.. " لم أكن أعلم أنَّ صعودي للسماء قد يج... More

+Cockpit+intro+
+Cockpit+1+
+Cockpit+2+
+Cockpit+3+
+Cockpit+4+
+Cockpit+5+
+Cockpit+6+
+Cockpit+7+
+Cockpit+8+
+Cockpit+9+
+Cockpit+10+
+Cockpit+11+
+Cockpit+12+
+Cockpit+13+
+Cockpit+14+
+Cockpit+16+
+Cockpit+About Persona+
+Cockpit+17+
+Cockpit+18+
+Cockpit+19+
+Cockpit+20+

+Cockpit+15+

3.2K 288 245
By vatimvk

تعاقبتْ الأيامُ تلو الأخرى حتى مضى قرابةَ الشهرِ و النصف، و كانَ على الإنسجامِ أنْ يفرضَ ذاتهُ على الطاقمِ كلهم ، كانَت الأجواءُ هادئةً كذلكَ بينهم ، لكنَّ العلاقةَ التي قُررتْ من قبلِ أندرو و شيلدون بخصوصِ جونغكوك اختلفتْ تمامًا معَ قرارِ تايهيونغ ، كلاهما اتخذَ من جونغكوك صديقًا و ليسَ زميلًا بالعملِ فقط ، أما عن تايهيونغ فلمْ يخططْ لأكثرَ من تقبلهِ كزميلٍ لأنَّهُ أيقنَ أنَّ هذا الواقعَ و هذا المفروض..

بالمقابلِ جونغوك كانَ متفهمًا، لم يعدْ يفتعلُ المتاعب أو يستهترُ بالأمورِ بشكلٍ عبثي ، لا تزالُ لديهِ تصرفاتٌ غريبةٌ نعم!، لكنها بعيدةٌ عن الكوارثِ كما دومًا ، إمالةُ الطائرةِ كانتْ آخرَ مصائبهِ و هذا تسببَ في تقييماتٍ سيئةٍ للرحلةِ و إصابةِ أغلبِ المسافرينَ برهابِ الطائرات ، و هنا حصلَ جونغكوك بالفعلِ على تحذيرٍ مجددًا من والدهِ الذي هددهُ بحلمهِ طبعًا..

لم ينسى حلمهُ هو الآخر ، لا يزالُ يريدُ الوصول لقمرةِ القيادةِ و أنْ يصبحَ طيارًا يملئهُ الشرفُ بفضلِ منصبه ، و كانَ ينوي بالفعلِ ضبطَ أفعالهِ و الإلتزام ، خاصةً من بعدِ الليلةِ التي قررَ فيها معاملةَ تايهيونغ بحذرٍ و مراعاةٍ أكثرَ من اللازم ، يعاملهُ بالتهذيبِ الذي أرادهُ تايهيونغ و بالطريقةِ التي شرحها لهُ أندرو..

لكنْ على صعيدِ تايهيونغ ، كانَ يبدو أنهُ محاطٌ بحالةٍ من الشكِّ و الإستغراب ، لا يفهمُ ماذا حدث أو ماذا تغير؟! ، في البدايةِ كانَ خائفًا كذلكَ أنْ يكونَ هذا إشارةً على كوارثٍ جديدةٍ يخططُ لها جونغكوك ، لكنهُ و مع مرورِ الوقتِ اقتنعَ أخيرًا بأنَّ جونغكوك يتصرفُ بعقلانيةٍ غيرِ معهودةٍ من أجلِ إبهاره ،و هوَ شاكرٌ لهذا من ناحيةِ أنهُ أصبحَ أقلَّ إزعاجًا و لا ينتهكُ خصوصياتهُ كما جرت العادة ، لكن بالنسبةِ عن محاولةِ نيلِ إعجابهِ فتايهيونغ لا يعطي لنفسهِ مجالًا للتفكيرِ بهِ أصلًا ، بل يرى أنَّ جونغكوك من المفترضِ أنْ يكونَ مدينًا لهُ فقد اعتبرهُ بعدَ عناءٍ و تحاملٍ على نفسهِ فردًا من الطاقم..

شيلدون و أندرو قدْ أحبا جونغكوك كثيرًا فالرحلاتُ معهُ كانتْ ممتعةً و الآخرُ لا يتوقفُ عن الحديثِ المضحك ، و اتضحَ لهمْ أنهُ ذو قلبٍ طيبٍ و طابعٍ لطيفٍ بالنهايةِ مهما استمرَّ في تهديدهم بالطرد، هما يعلمانِ أنهُ لن يفعلَ و الأمرُ أصبحَ معتادًا لأنهُ ببساطةٍ يمزح ، لربما لم يكنْ يفعلُ في بادئِ الأمرِ لكنهُ يبادلهما المحبةَ الآنَ فهما يعلمانِ كيفَ يسايرانهِ و أحاديثهم ممتعةٌ حينما يتحمسُ في الخطابِ معهم..

و وسطَ كلِّ هذهِ الأجواء ، كانَ تايهيونغ رغمَ هذا هادئًا و شخصًا مستمعًا فحسب ، مع أنَّ الجميعَ كانَ يحاولُ لفتَ انتباههِ للوئامِ معهم لكنهُ كانَ يُفضلُ الصمتَ بحضورِ جونغكوك ، لم يعدْ يصرخُ بهِ مثلما قبلٍ نعم! ، لكنهُ لا يحاورهُ أبدًا سوى بالأوامرِ إذا كانَ هناكَ ضرورة..

الشيئُ الوحيدُ الذي بدى ناقصًا بالنسبةِ لجونغكوك من كلِّ هذا ، هو أنهُ لم يشعر بالتقدمِ في علاقتهِ معَ تايهيونغ و لو بخطوةٍ ضيئلة، بلْ أحسَّ أنَّ المسافةَ بينهم قد ازدادت ، على الأقل عندما كانَ تايهيونغ يوبخهُ و يتشاجرُ معهُ كانَ يستمعُ إلى صوتهِ و هناكَ أحاديثًا و مواقفًا تدورُ بينهم ، أما الآنَ فهوَ هادئٌ و جونغكوك لا يضغطُ عليهِ بالتعاملِ الزائدِ معه..

جونغكوك اتخذَ من الصبرِ على هذا الحبِّ المتعبِ لهُ صديقًا ، سيستمرُ بالإحسانِ و محاولةِ كسبِ تايهيونغ لهُ بأرقِّ الطرقِ و ألطفها التي لا تجعلُ من تايهيونغ يراها حملًا عليهِ كما كانتْ تصرفاتهُ المتهورةُ سابقًا ، و الشكرُ لأندرو الذي يعينهُ على ذلكَ ، رغمَ شعورهِ بأنهُ يُخفي شيئًا ما يخصُّ تايهيونغ و في غالبِ الأمرِ أنَّ لهُ علاقةً بكريستوفر أيضًا ، جونغكوك لمْ يُخرجْ أمرَ كريستوفر من رأسهِ لكنهُ فضَّل تركَ الموضوعِ لوقتهِ المناسب ، كلُّ شيئٍ بالتأكيدِ سيتضحُ لهُ فيما بعد..

..

" لما تأخرت؟! ، لقدْ صعدنا على الطائرةِ و أجزمُ لكَ أنكَ لا تودُّ رؤيةَ ملامحِ تايهيونغ الغاضبةِ على تأخرك ! "

نظرَ أندرو بطرفِ عينيهِ إلى تايهيونغ الذي كانَ يكلِّمُ شيلدون بضجرٍ و قد رمى بجملةٍ وصلتْ إلى جونغوك بشكلٍ مشوشٍ فهو يحادثُ أندرو الذي يقفُ في زاويةٍ بعيدةٍ قليلًا عنهم على الهاتف..

" ماذا قال؟ "

سألهُ جونغكوك..

" لقد شتمك "

أجابهُ أندرو باندفاعٍ لكنَّ جونغكوك قلبَ عينيهِ من الجهةِ الأخرى و هوَ يدلفُ إلى بوابةِ الرحلةِ المقررةِ لهم اليوم..

" أقصدُ ما بعدَ ذلك "

" أوه ، لقد قالَ بأنهُ كانَ في حيرةٍ من أخلاقكِ المفرطةِ على غيرِ العادةِ الفترةَ الأخيرة و أحسَّ بأنكَ تحضرُ لمصيبة ، و تأخركَ عن الرحلةِ دونَ مبررٍ يثبتُ هذا ، لذا قالَ أن نتأهبَ لعزاءنا اليوم "

تنهدَ جونغكوك باستياءٍ و عبسَ ينظرُ إلى الكيسِ بينَ يدهِ اليسرى الذي جعلهُ يتأخرُ..

" لا أعلمُ كيفَ عليَّ أنْ أرضيهِ ؟، لا يعجبهُ أنْ أتمادى معهُ و أتدخلَ به ، و كذلكَ لا يريحهُ أن أُبقي بيننا الحدود الذي يريدها! "

صمتَ أندرو قليلًا و قد بادلَ جونغكوك تنهيدته..

" لا عليكَ يا صاح ! ، انظر إلي الجانبِ الإيجابي ، لقد قالَ أنهُ كانَ يفكرُ في أمرِ تغيرك ، هذا يعني أنكَ تشغلُ حيزًا من تفكيره! ، هذا تقدمٌ رائع! "

كانَ جونغكوك كما الطفلِ الذي يزالُ عبوسهُ بواسطةِ إعطاءهِ حلوى و كذلكَ الأملُ الذي يستمرُ أندرو بإعطائهِ له ، يزيلُ عنهُ الإستياءَ و الكدرَ من أمرهِ مع تايهيونغ..

ابتسمَ جونغكوك بوسعٍ و أومأَ معَ أنَّ أندرو لا يراه..

" معكَ حق ، أيضًا لقد اقتربتُ سأصعدُ الدرجَ للطائرةِ فقط ، إلى اللقاء "

أغلقَ معهُ و هوَ ينظرُ إلى الكيسِ بينَ يدهِ و يلعبُ بلسانهِ في خدِّهِ الأيمنِ مستنشقًا و كأنهُ يشهقُ بسعادة..

" سيحبها بالتأكيد! "

هتفَ لنفسهِ و هوَ يصعدُ الدرجَ بهرولةٍ و قوة ، لم يكنْ هناكَ غيرهُ و هذهِ إشارةٌ على أنَّهُ بالفعلِ قد تأخرَ كثيرًا فالطائرةُ على ما يبدو امتلأت بجميعِ الركابِ و تستعدُّ للإقلاعِ خلالَ الدقائقِ القادمة..

دخلَ و لمْ يكدْ يتقدمُ بخطوتهِ الثانيةِ حتى وجدَ نفسهُ مسحوبًا من قبلِ المضيفِ الوسيمِ الغاضبِ الذي أمسكَ معصمهُ الأيمنَ و سحبهُ بقوةٍ معهُ إلى ركنِ المضيفين ، ابتسمَ جونغكوك كالعادةِ و لكنْ بطريقةٍ مستنكرة ؟، لأنهُ لا يرى أنَّ من حقِّ تايهيونغ أنْ يغضبَ عليهِ الآنَ فتأخرهُ ليسَ مقرونًا بفعلٍ يضايقهُ على وجهِ التحديد ، و الطاقمُ لن يتعرضَ للتوبيخِ على افتراضِ أنَّهُ تأخرَ أكثرَ من ذلكَ لأنَّ الطاقمَ هذا و بالذاتِ معفيٌ من الملاماتِ لأنَّ والدهُ سيلقي باللومِ عليهِ في أيِّ مشكلةٍ حتى و لو لم يكن لهُ يدٌ بها..

فكَّ تايهيونغ أخيرًا معصمَ جونغكوك الذي تأملَ احمرارهُ بعبوسٍ لأنَّ معالمَ القسوةِ باديةٌ عليه ، و مهما حاولَ تفسيرَ الكرهِ الذي يغدقهُ بهِ تايهيونغ بسببٍ أو بدونِ سبب لا يقتنع، لأنهُ حاولَ التغييرَ للأفضلِ و لشخصٍ أكثرَ مسؤليةٍ و أقلَّ تدخلٍ بتايهيونغ ، لكنَّ الآخرَ يهدمُ كلَّ هذا و يجعلُ من مثابرتهِ مهبَّ الريح..

" أينَ العصابةُ التي اتفقتَ معها على سطوِ الطائرة؟! "

تحدثَ تايهيونغ بانفعالٍ و رفعَ سبابتهُ كتهديدٍ لجونغكوك الذي قطبَ حاجبيهِ باستغراب..

" عـ..عصابة؟! ، عن ماذا تتحدث؟! "

المضيفُ نفى برأسهِ منفعلًا حتى سقطتْ خصلاتٌ من شعرهِ على عينهِ اليسرى..

" لا لا ، لا تقنعني أنكَ تأخرتْ هكذا دونَ سببٍ و لمْ تفكر على الأقلِ في تفجيرِ الطائرة! "

كانَ تايهيونغ منفعلًا بشكلٍ غيرِ منطقي! ، وهذا جعلَ من جونغكوك يشعرُ بالظلمِ و المهانةِ لتفكيرِ تايهيونغ بهِ في أسوإِ صورةٍ دومًا..

التفتَ جونغكوك حيثُ أدراجُ التخزينِ بالركنِ و وضعَ بها الكيسَ الذي أحضرهُ متجاهلًا تايهيونغ الذي صُدمَ من بروده فاقتربَ يدبُّ في الأرضِ بخطواتٍ غاضبةٍ ناحيةَ جونغكوك الذي التفتَ له..

" أنا أتحدث معك! ، أجبني؟ "

رمقهُ جونغكوك باستياءً و لعقَ شفتيهِ و هوَ لا ينظرُ إليهِ و من ثمَّ عادَ بعينيهِ يتأملُ وجهَ الآخر..

" ما الذي سيفرقُ على أيِّ حالٍ إنْ أجبتك ؟ ، أنتَ تبغضني في كلِّ الأحوالِ و تضعُ كلَّ ما تبغضُ بي كذلك ؟! "

كانَ استنكارًا أقربَ من حقيقةٍ تقال ، كانَ اختبارًا من جونغكوك ليرى مدى صدقِ هذهِ الحقيقةِ التي تمنى و بشدةٍ أنْ ينكرها تايهيونغ و يقولَ أنهُ على الأقلِ لا يكرههُ و لا يحبه، لكنهُ لم يقل..

" المشكلةُ هنا يا تايهيونغ ، أنني لو أردتُ أنْ أكرهكَ فهوَ لنْ يدعني أفعلُ ذلك ، لذا أنا أثابر و أتمنى على الأقلِ أنْ تقدرَ هذا"

أشارَ إلى ما بعدَ المنتصفِ قليلًا من جهةِ اليسارِ في صدرهِ بالسبابة ، جاعلًا من المنفعلِ بغيرِ سببٍ يبتلعُ حديثهُ و يهتزُّ في داخلهِ للمرةِ التي لم تعدْ الأولى لكنهُ قدْ شعرَ بها تؤثرِ بهِ بشكلٍ آخرَ هذهِ الكرة..

" سأذهبُ لأرى الركاب "

قالَ جونغكوك و تجاوزَ تايهيونغ ليخرجَ من الركنِ لكنَّ تايهيونغ سرعانَ ما التفتَ لهُ يسألُ بعجرفةٍ و هوَ يحدقُ في ظهرهِ..

" لما عليَّ تقديرُ حبٍ لا أريده ؟! "

توقفَ جونغوك في مكانهِ و سكتَ قليلًا، و بعدها هزَّ رأسهُ و أدارهُ إلى الجانبِ مومئًا..

" ربما تكونُ محقًا بالفعل ، لستَ مجبرًا على تقديره "

أعادَ رأسهُ للأمامِ و همَّ بفتحِ الستارِ و قبلَ أنْ يخرج قالَ سؤالهُ الأخير..

" لكنْ هلْ أنتَ بكاملِ قناعتكَ أنكَ لا تريده ؟ "

و هنا قدْ لمسَ السؤالُ عمقَ تايهيونغ ، و جعلهُ عن الحديثِ حرفًا لا ينطق ، بلْ شعرَ بالألمِ لأنهُ مجبرٌ على كبتِ جميعِ رغباتهِ بأيِّ حبٍ و هذا ما لا يفهمهُ جونغكوك ، ترسختْ الكثيرُ من الأفكارِ بعقلِ تايهيونغ الذي بقي يحدقُ بظهرِ جونغكوك الذي تلاشى من أمامهِ و لم يشعرْ حتى بذلكَ لأنهُ بقيَ يبحثُ عن إجابةٍ يشبعُ بها سؤال جونغكوك و ذاتهُ التي و كأنها وعتْ على حقيقةٍ جديدةٍ مرتبطةٍ به..

هل حقًا هو لا يريدُ أنْ يكونَ محبوبًا من قبلِ رجلٍ يراهُ محطَّ كلِّ الاهتماماتِ و يهابُ منهُ إنْ غضبَ عليهِ و يعشقُ إغداقهُ بالحبِّ الذي يختصهُ بهِ فقط؟! ، هلْ حقًا لا يريدُ من رجلٍ أنْ يمسكَ بكلتا يداهُ برقةٍ و كأنهُ صبيٌ قدْ خرجَ من مهدهِ توًا و يتعلمُ المشيَ دونَ تعثرٍ و إنْ وجدَ عقبةً راحتْ كلتا اليدانِ التي تهديانهِ للطريقِ تحملاهُ برفقٍ ليتفادى العثرة؟! ، ألا يريدُ حقًا حبَّ رجلٍ يملأُ كينونتهُ و يهتمُّ بها أكثرَ من نفسهِ فيبادلهُ هو الآخرَ ذاتَ الهيام؟!..

كانَ يستمرُّ بالإنكار أنهُ لا يريدُ كلَّ هذا و أنهُ مسيرٌ و غيرُ مخيرٍ لرغباتِ من همْ أعلى منهُ و لهمْ سلطةٌ عليهِ ، يكرهُ أنهُ بهذا الإستسلامِ و الضعفِ لكنهُ لم يصلْ إلى هذا الجمودِ في يومٍ و ليلة ، لا أحدَ يعلمُ ما يمرُّ بهِ و كم هي حياتهُ كارثيةٌ و ثقيلةٌ عليه!..

لا أحدَ يرى الأمورَ بعينهِ فقطْ لأنهم لا يعلمون ، و لو علموا فالتعرضُ أسوأُ من العلمِ بالشيءِ..

لم يكنْ عليهِ أنْ يغضبَ من جونغكوك لأنَّ الأمرَ لا يستحقُ بل على العكسِ جونغكوك قد عتقهُ من تعاملهِ الدبقِ منذُ فترة، و لم يعدْ يتهاونُ في التصرفِ معهُ بل أصبحَ جديًا فيما يخصُّ العملَ و محترمًا في أفعاله..

تايهيونغ مجددًا علمَ أنهُ أخطأَ بحقِّ جونغكوك لكنهُ كذلكَ يوقنُ أنهُ سيجهلُ هذا الإعترافَ بذاتهِ كي لا يعطي نفسهُ الفرصةَ البسيطةَ حتى للإهتمامِ به..

شعرَ بشيءٍ يزحفُ على خديهِ و هذا جعلهُ مصدومًا عندما قامَ بمسحِ وجههِ بكلتا يداهُ و رأى الدموعَ بهما ، مسحها بعنفٍ حتى احمرَّ وجههُ و سريعًا قررَ الذهابَ لدورةِ المياهِ لغسلِ وجههِ كي لا يلاحظهُ أحد..

تايهيونغ لا حقَّ لهُ في أنْ يفرغَ غضبهُ من هذا الصباحِ على جونغكوك..

..

حطتْ يدٌ على كتفِ جونغكوك الشاردِ في المضيفِ الوسيمِ الذي يراقبهُ من بعيدٍ و هوَ يعملُ على ضيافةِ المسافرين ، كانَ يعقدُ ذراعاهُ إلى صدرهِ و يستندُ إلى جدارٍ قريبٍ من ركنِ الضيافة..

استفاقَ من تأملهِ الهادئِ و مالَ بوجههِ إلى شيلدون التي قابلتهُ بابتسامةٍ متواضعةٍ و مريحة ، و كانَ أندرو يقفُ بالقربِ منها يبادلهُ نفسَ ملامحِ الوجه..

كانا واثقانِ بأنَّ تايهيونغ قامَ يتوبيخهِ و نهرهِ كالمعتاد ، و مهما حاولا جعلَ تايهيونغ يكفُّ عن ذلكَ لا يُنصتُ لهما أبدًا بل يتركُ الحديثَ في منتصفهِ و ينهيهِ أحيانًا دونَ حتى أن يبدأ!..

و في كلِّ مرةٍ يتوقعانِ فيها شجارهُ مع جونغكوك يقررانِ عدمَ التدخلِ علَّ و عسى للأمورِ أنْ تنصلحَ بينهما و كلًا يتعاملُ معَ الوضعِ الموترِ بينهما بنفسه..

لكنهما كانَ يعلمانِ أنَّ تايهيونغ عنيدٌ و قاسي و لا يستطيعُ المواجهة ، حتى و لو علما موانعهُ جيدًا لكنَّها ليستْ تبريرًا من وجهةِ نظرهما و يتمنيانِ لو كانَ الحالُ غيرَ الحالِ فلربما كانا كلًا من جونغكوك و تايهيونغ معًا الآن أو على الأقلِ إنْ كانَ تايهيونغ لا يحبهُ فليتوقف عن معاملتهِ بسوءٍ و يعطيهِ فرصةً لأنْ يكونَ مثلهما بالنسبةِ له..

" لا تبتئس منه ، هوَ منذُ الصباحِ و مزاجهُ معكرٌ معنا جميعًا "

قالتْ شيلدون و في المقابلِ أعطاها جونغكوك ابتسامةً ساخرةً و قلبَ عينيه..

" متى لا يكونُ مزاجهُ معكرًا على أيِّ حال؟! "

تمتمَ و رأى أندرو يتقدمُ منهُ و يحيطُ بيدهِ كتفَ جونغكوك و يشيرُ لهُ برأسهِ إلى تايهيونغ..

" تايهيونغ هادئُ الطباع ، لذا إنْ رأيتهُ منفعلًا هذا يعني أنهُ يتعرضُ للضغطِ من شيءٍ ما "

وضعَ جونغكوك عيناهُ بعينِ أندرو..

" شيءٌ مثلَ ماذا ؟ "

ابتسمَ لهُ أندرو و أعادَ التحديقَ ناحيةَ تايهيونغ الذي يساعدُ أحدَ الركابِ في تعديلِ كرسيهِ بشكلٍ مريح..

" مثلَ أنهُ بدأَ يُفكرُ بشأنكَ بشكلٍ جديٍ و أفكارهُ الكثيرةُ حولكَ تضغطُ عليه ؟ "

عقدَ جونغكوك حاجبيهِ و عبسَ متسائلًا بحيرة..

" هل هذا أمرٌ جيدٌ أم سيء؟ "

وسعَ أندرو حدقتاهُ و قهقهَ بسعادة..

" بالطبعِ جيد! ، هذهِ البدايةُ حتى تتولدَ الشعلةُ بينكما و تصبحَ حريقًا ! "

سكنَ جونغكوك لعدةِ ثوانٍ ليفهمَ مقصدَ أندرو حتى رويدًا رويدًا اتسعتْ ابتسامتهُ بالتدريجِ و نظرَ إلى أندرو مومئًا بحماس..

" أنتَ محق ! "

لكنَّ شيلدون لم يعجبها كيفَ كانَ أندرو يرمي بجونغكوك إلى هاويةٍ ببضعٍ من كلماتهِ فقدْ كانَ لها رأيٌ آخر..

" يا رفاق! ، دعوني أريكم ما أحضرتهُ قبلَ صعوديَ إلى الطائرةِ و جعلني أتأخر "

هتفَ جونغكوك لأندرو و شيلدون و أشارَ لهما أن يتبعاهُ إلى الركنِ لكنَّ شيلدون أمسكتْ معصمَ أندرو توقفهُ و تهمسُ لهُ دونَ أن يلاحظَ جونغكوك..

" لما تزينُ الأمرَ لجونغكوك بهذا الشكل ؟ ، ماذا إنْ أصيبَ بالصدمةِ بعد ذلك و.."

لكنَّ أندرو قاطعها بذاتَ الهمس..

" ثقي بي ، تايهيونغ لنْ يصمدَ طويلًا و عندها سيتعاملُ جونغكوك معَ كلِّ شيءٍ بالشكلِ الصحيح "

و رغمَ نبرةِ الثقةِ في صوتهِ إلا أنها لم تكنْ تشعرُ بالإرتياحِ أبدًا ، لكنها تمنتْ أنْ يكونَ شعورها مجردَ هذاء..

..

" يا إلهي لذيذ ! "

تزامنْ شيلدون و أندرو في القولِ بعدما تذوقا قطعَ الفطائرِ المتنوعةِ التي أحضرها جونغكوك للطاقمِ جميعهم و بشكلٍ مخصوص ، و الفضلُ كلهُ يعودُ لتفضيلاتِ تايهيونغ التي استطاعَ معرفتها من خلالِ أندرو..

سابقًا و في وقتٍ ما كانَ جونغكوك يحاولُ التفكيرَ في الأشياءِ البسيطةِ و التي لن تضايقَ تايهيونغ كنوعٍ من إصلاحِ هذهٍِ العلاقةِ و المضيِّ قدمًا في جعلِ الآخرِ سعيدًا بفضله..

وجدَ جونغكوك أنهُ من المنطقيِّ جذبُ الأشخاصِ بالأشياءِ التي يحبونها بفيضٍ عارم ، مبدأٌ بمفهومِ جذبِ الحبِّ بالحبْ ، و اتباعُ هذهِ الطريقةِ في حالتهِ هو و تايهيونغ ستكونُ الأمثل و الأنسب ، تايهيونغ سيدركُ كم أنهُ رجلٌ يسعى لإسعادهِ بأبسطِ ما يحبُّ و أكثرَ ما يعشق..

و جديرٌ بالذكرِ أنَّ المثلَ القديمَ يقول : الوصولُ إلى قلبِ الرجلِ هو معدته! ، و هذا بالضبطِ الذي طبقهُ جونغكوك..

علمَ أنَّ تايهيونغ يعشقُ فطائرَ التفاحِ بشكلٍ خصوصي ، و فطائرَ الفراولةِ و توتِ العليقِ كدرجةٍ ثانية ، لذا استغلَّ فرصةَ وجودهم في عاصمةِ هولندا أمستردام ، و طلبَ من صديقٍ مقربٍ لهُ بضرورةِ إحضارهِ لطلبٍ مميزٍ من المقهى الأشهرِ و الأفضلِ على الإطلاقِ بصنعِ فطائرِ التفاحِ و فواكهٍ غيرِ ذلك..

و هذا كانَ سببُ تأخرهِ الحقيقيِّ عن الطائرةِ في وقتٍ لاحق ،لقد اضطرَّ لانتظارِ صديقهِ على بابِ المطارِ الذي مازالَ يمنعُ من عبورهِ لأنهم في فترةِ عملٍ صارمة ، و يعلمُ أنَّ صرامتها بأمرٍ من والده ، لذا كانَ طاقمُ المضيفينَ متورطونَ معهُ في ذاتِ الضغط..

كانَ جونغكوك شاكرًا لأنَّ لديهِ أصدقاءَ كثرٌ من دولٍ مختلفة ، هذا يساعدهُ بشكلٍ ما..

" من أينَ أحضرتها ! ، طعمها يفوقُ الخيال! "

تحدثتْ شيلدون معَ فمٍ ممتلئٍ و وضعتْ بهِ قضمةً أخرى ، أما أندرو فبعضٌ من دموعهِ نزلتْ بدراميةٍ معبرةً عن الطعمِ الذي لا يوصف!..

قهقهَ جونغكوك بقوةٍ و أسندَ ظهرهُ على جدارِ الطائرةِ بينما عيناهُ كانتْ تراقبُ سعادةَ صديقيهِ بلمعة، و هذا جعلهُ يتخيلُ مضيفهُ الوسيمَ و كيفَ إذا تناولَ الفطائرَ و هي من مفضلاته؟ ، سيكونُ مغبوطًا و مسرورًا ، سيقبلهُ لهذا إنْ كانَ يومَ سعده!..

" تأخرتُ من أجلها اليوم ، لقدْ أحضرها لي صديقيَ بطلبٍ مني "

قالَ و في ذاتِ الأثناءِ دخلَ تايهيونغْ الذي سمعَ حديثهُ و هذا جعلهُ يتجاهلُ جونغكوك و ينظرُ إلى صديقيهِ الشرهانِ و لما بينَ أيديهم ليفهمَ الأمر..

و بدلًا من أنْ يتركَ لأحدٍ فرصةَ منادتهِ للمشاركة، سريعًا قدْ لفّ جسدهُ بالكاملِ مواجهًا جونغكوك و الحدةُ في عينيهِ جعلتْ من الآخرِ يكشرُ عن حاجبيهِ فورًا باستغراب!..

" هل تأخرتْ عمدًا عن الطائرةِ من أجلِ تلكَ السخافة؟! "

قالَ و مدَّ سبابتهُ وراءهُ قاصدًا العلبةَ التي يمسكانِ بها أندرو و شيلدون بأفواهٍ ممتلئة..

ابتلعَ كلاهما اللقمةَ بغصةٍ و دهشة ،و فورًا أجابهُ أندرو من خلفهِ بدلًا من جونغكوك..

" كيفَ تصفُ تلكَ الفطائرَ بالسخافة! ، إنها..إنها غيرُ معقولة! ، تعالَ و جرِّبْ معنا! "

هتفَ أندرو بحماسٍ علهُ يمتصُّ غضبَ تايهيونغ الذي لا مبرر لهُ أبدًا منذُ بدايةِ الرحلةِ لكنْ بالطبعِ لا ! ، كانَ تايهيونغ ذو المزاجِ الحادَّ لئيمًا و صعبًا جدًا ليتذوقَ شيئًا أحضرهُ جونغكوك ، حتى بعدما التفتَ لأندرو و لاحظَ أنها حلواهُ المفضلة..

" لا تتخيلْ أنْ أتذوقَ شيئًا أتى بهِ هذا الشخصُ هنا!، إنْ أفشيتَ لهُ أمرَ أنني أحبُّ تلكَ الفطائرَ بشدةٍ فلا أمانعُ أنْ أكرهها منذُ هذهِ اللحظةِ و طوالَ حياتي فقط من أجلِ أنْ يعتقني من حبه فلستُ بحاجةٍ له! "

أشارَ إلى من خلفهُ بذراعهِ لكنهٌ شعرَ بها تُسحبُ بقوةٍ من قبلِ جونغكوك الذي تملكهُ الغضبُ و خيبةُ الأملِ رغمَ أنهُ لم يردْ سوى أنْ يُسعدَ المتمرد أمامهُ صاحبُ الكبرياءِ الذي لا يحكمُ سهامَ ثُغره!..

" ما مشكلتكَ معي و معَ تصرفاتيَ التي تتوددُ لك! ، إنْ عاملتكَ بشفافيةٍ و أظهرتُ كم أنني مغرمٌ بكَ تنهرني و تتمادى بكفكَ على وجهي ! ، و إنْ كبحتُ مشاعريِ و أظهرتها في صورةٍ بسيطةٍ لا تزالُ تؤذيني بكلامكِ و تسخرُ من مشاعري! ، أيُّ قلبٍ هذا الذي تمتلكه؟! "

معَ كلِّ كلمةٍ كانَ يقولها جونغكوك كانَ يقربُ رأسهُ من تايهيونغ أكثرَ و يجزُّ على أسنانهِ حتى هسسَ بجملتهِ الأخيرةِ معَ مسافةٍ لا تتجاوزُ علقتا اصبع!..

ضغطَ جونغكوك بقوةٍ حولَ معصمِ تايهيونغ دونَ أنْ ينتبهَ إلى تايهيونغ الذي تألمَ من هذا لكنهُ نسيَ ألمهُ معَ جملةِ جونغكوك الأخيرةِ و التي أفاضتْ وخزًا في داخلهِ و جعلتهُ يرتجفُ رجفةً أحسها جونغكوك..

أيُّ قلبٍ هذا الذي تمتلكه!..

ترددتْ مجددًا تصطدمُ بإدراكه! ، أحسَّ بالضيقِ و الإختناقِ منها..

لمعتْ عيناهُ ببريقٍ من الدموعِ لكنهُ كبحها و هذا جعلَ من جونغوك ينتبهُ ليدهِ التي تضغطُ معصمَ تايهيونغ و يبعدها سريعًا ، كانَ على وشكِ الاعتذارِ و سحبِ كلماته ، و قبلَ أن يفعل قاطعهُ تايهيونغ بغصةٍ و نبرةٍ توشكُ على البكاءِ لكنَّهُ بصعوبةٍ استطاعَ أنْ يخفيها..

" لا أريدُ توددك! ، و أنا بغيرِ قلبٍ إنْ كنتَ تتسائل "

ابتعدَ عن ركنِ الضيافةِ فورًا و دخلَ دورةَ المياهِ مباشرةً ليتهربَ من الجميعِ قبلَ أنْ تخونهُ دموعهُ للمرةِ الثانيةِ لهذا اليومِ الغريب..

هل هذا ما يشعرُ بهِ جونغكوك عندما يقومُ بجرحهِ الآخر ؟! ، أمْ أنهُ مازالَ لم يصلْ لتلكَ المرحلةِ من الألمِ الذي يهديهِ لجونغكوك على طبقٍ من ذهبٍ طوالَ الوقت؟!..

إذا أحبهُ تايهيونغ سيعرفُ الإجابةَ بالتأكيد..

" جونغكوك؟ "

همستْ شيلدونْ التي توقفتْ عن الأكلِ منذُ زمنٍ هيَ و أندرو ، المعنيُّ كانَ مذهولًا و يحدقُ في الأرضِ بكلِّ صمت..

" جونغكـ.."

أعادَ أندرو الهمسَ لكنَّ جونغكوك قاطعهُ أنْ قال..

" في كلِّ مرةٍ أخيلُ فيها أنني أتعاملُ معهُ بصوابٍ و أنني سأقتربُ لنيله ، سيكونُ هوَ ذاتهُ من يدمرُ القلبَ الذي يحبه "

صمتَ قليلًا و ضحكَ بسخريةٍ لكنهُ عادَ يقولُ بيأس..

" آنا على خطأٍ لأني همتُ بأكثرِ مخلوقٍ يستعدُّ لتأليفِ كتابٍ يتغنى بهِ عن مدى كرههِ لي؟! "

أعادَ يرسمُ ابتسامةً مستهزئةً و في ذاتِ اللحظةِ جاءهُ استدعاءٌ من أحدِ الركاب..

تحركَ على عجلٍ قبلَ أنْ يفعلَ صديقيه..

" مكانكما ، أكملا تناولَ الفطائرِ و أنا سأذهبُ و أرى "

..

مضتْ ساعةٌ أخرى من تلكَ الرحلةِ الطويلة ، كانَ ثلاثةٌ من الطاقمِ في انشغالٍ تامٍ بتوزيعِ بعضِ مستلزماتِ الرحلةِ و الإهتمام بالمسافرين ، تايهيونغ كانَ لا يجدُ شيئًا يفعلهُ فلقدْ انتهى من مهامه ، خطى بخطواتهِ إلى ركنِ المضيفينَ و برأسهِ كانَ يحاولُ محاربةَ تلكَ الجملةِ العالقة..

قد بكى لعشرةِ دقائقَ في دورةِ المياهِ و هذا أكثرُ من كافٍ ليتخطى الموضوعَ لكنهُ لا يعلمُ لما لا يفعل؟!..

دخلَ الركنَّ و سحبَ فورًا قنينةَ مياهٍ بعدما أحسَّ بالعطش..

استندَ بظهرهِ على جدارِ الطائرةِ يتجرعُ المياهَ على عجلٍ و يمررُ عيناهُ أنحاءَ الركن ، حتى سقطَ بصرهُ على علبةِ الفطائرِ المغلقةِ التي أحضرها جونغكوك..

نظرَ لها مطولًا و حاولَ التغاضي عنها و كأنها غيرُ موجودة ، لكنَّ الرغبةَ الملحةَ التي بداخلهِ لأن يخطو لها و يتذوقَ ما بها كانت أقوى من أنْ يقاوم..

أولًا فتحَ الستارَ بوسعٍ بسيطٍ يرى و يتأكدَ أنَّ الجميعَ مشغولٌ بعملهِ و لنْ يكشفهُ أحدٌ إنْ فتحها و تذوقها..

لا بل هو أقنعَ نفسهُ فقط بأنهُ سيلقي نظرةً عليها و منْ ثمَّ يغلقُ العلبةَ سريعًا لأنهُ يجزمُ أنها ليستْ لذيذة و لنْ تكونَ لأنَّ جونغكوك من اشتراها ، و لأنها لا يجبُ أنْ تكونَ كذلكَ كي لا يخسرَ كبرياءه!..

اقتربَ منها أخيرًا و أبعدَ غطاءَ عُلبتها و تزامنًا لمعتْ عيناهُ لما في الداخل ، لكنهُ سرعانَ ما عبسَ عندما عدَّ القطعَ الموجودة ، لقدْ كانتْ قطعةً واحدةً هي المتبقة ! ، و هذا أشعرهُ بالندمِ لأنهُ رفضَ تذوقها عندما دعاهُ أندرو و فضلَ الشجارَ مع جونغكوك..

" على أيِّ حالٍ لم و لنْ يحصلَ أنني سآكلها "

قالَ يناقشُ نفسهُ و أغلقَ عليها و ابتعدَ عنها قليلًا..

عيناهُ لازلتْ تحدقُ بالعلبة ، و عقلهُ يعيدُ تصويرَ شكلِ الفطيرةِ اللذيذةِ التي داخلَ الصندوقِ الورقي..

مرتْ ثانية ، ثانيتان ، و حتى العشرِ ثوانٍ..

تايهيونغْ استسلمَ لضعفِ إرادتهِ و فتحَ العلبةَ مجددًا على عجلٍ يمسكُ بقطعةِ الفطائرِ و يدخلها إلى ثغرهِ بكلِّ نهمٍ و جوع!..

كانتْ مذهلةً و تذوبُ في فمهِ بسلاسةٍ و كأنها قطعةُ ثلج..

كانتْ ألذَّ الفطائرِ التي تذوقها تايهيونغ في حياتهِ حتمًا و دونَ إنكار!، لا يعلمُ ما الذي وضعَ بها ليجعلها بتلكَ اللذة؟!..

ما حولَ فمهِ قد لُطِّخ ، و أصابعهُ ملأها الفتاتُ و عصارةُ الفطيرة..

" إنها كالنعيم! "

و في تلكَ اللحظة جاءهُ الردُّ بجانبِ أذنهِ بالضبطِ على تعليقه!..

" أنتَ كذلكَ كالنعيمِ بالنسبةِ لي "

فجعَ تايهيونغْ من الطريقةِ التي داهمهُ بها جونغكوك و تركَ الفطيرةَ تسقطُ في علبتها من يدهِ على الفورِ يحاولُ تنفيضَ يداهُ و مسحَ فمهِ لكنَّهُ رأىَ يدًا أتتْ من وراءهِ تلوحُ لهُ بمنديلٍ ورقي!..

سحبهُ تايهيونغ بسرعةٍ و بتوترٍ كانَ ينظفُ نفسهُ لكنهُ استوعبَ أنَّ جونغكوك يراقبهُ و أنَّ موقفهُ محرجٌ حدَّ الموتِ و ليسَ بيدهِ شيءٌ لإصلاحِ موقفه! ، جونغكوك وراءَ ظهرهِ بالضبط!..

" مستعدٌ أنْ تكرهها من أجلي ؟! ، همم؟ "

همسَ جونغكوك القريبِ من أذنهِ باستنكارٍ يغيظه ، و تايهيونغ كانَ متصنمًا يعطي لجونغكوك ظهرهُ و لا يجرأُ على الالتفات..

" تـ..تناولتها للمرةِ الأخيرةِ فقط كـ..كـوداع "

ما هذهِ الحجةُ التي هي أقبحُ من ذنبكَ يا تايهيونغ ، قد زدتَ الطينَ بله..

لامَ نفسهُ في داخلهِ و جونغكوك ضحكَ بغيرِ تصديقٍ لعذرِ الآخرِ السخيف! ، هو يسعى بكلِّ الطرقِ أن لا يخسرَ كبرياءه! ، لكنهُ لا يملكُ ذرةً من العلمِ عن كيفَ بدى لطيفًا و جذابًا جدًا بعينا جونغكوك؟!..

" حقًا ؟ ، ألا تريدُ إذًا العلبةَ الإضافيةَ التي أحضرتها بالكاملِ لكَ فقط؟! "

جونغكوك مستمرٌ بالهمسِ قربَ أذنهِ و ها هوَ يحاصرُ بيداهُ التي أسندها على منطدةِ الركنِ تايهيونغ الذي يعجزُ عنْ التصرفِ بآراحيةٍ في تلكَ المرة..

هو من ورطَ نفسهُ بشراهته!..

" لـ..لا أريدُ "

هذا يعجبُ جونغكوك الذي يتحكمُ بصعوبةٍ أنْ لا ينفجرَ ضاحكًا من تأتأةِ تايهيونغ و توتره..

تايهيونغ بدأَ يشعرُ بالدمِّ يتصاعدُ على خداهُ و بكلِّهِ يشتعلُ من الخجل!..

يريدُ إبعادَ تلكَ اليدانِ لكنْ بأيِّ جرأةٍ بعدَما خسرَ ماءَ وجهه؟!..

" كما تشاء ، سآخذها من الثلاجةِ و أجعلُ من شيلدون و أندرو يتقاسمانها ، و...آسفٌ لمعصمك ، آلمتهُ دونَ قصد "

قالَ متعمدًا أنْ يلمحَ لهُ بمكانِ العلبةِ الأخرى و يعتذرَ لشعورهِ بالذنبِ عندما أمسكَ يده بقوةٍ قبلًا..

تايهيونغ أغمضَ عيناهُ بشدةٍ و ارتباك ، تنفسَ بعمقٍ و التفتَ بعدما جمعَ شجاعتهُ ليردَّ على جونغكوك لكنهُ و عندما فتحَ عينيهِ لم يجدهُ في الركنِ و هذا جلعهُ ممتنًا و يهفُّ بيدهِ على وجههِ من الحياءِ الذي زادَ الحرارةَ بوجنتاه..

" لن أتجاوزَ هذا مطلقًا! ، يالَ الإحراج! "

نطقَ و أخفى وجههُ بكفاه..

عليهِ أنْ لا ينظرَ إلى جونغكوك وجهًا لوجهٍ باقي اليومَ أبدًا!..

..

هبطتْ الطائرةُ بسلامٍ و خرجَ منها جميعُ الركابِ و طاقمُ الطائرةِ سوى تايهيونغ الذي تأخرَ بالنزولِ لأنهُ تذكرَ فطائرهُ و انتظرَ من الجميعِ الرحيلَ حتى يتسنى لهُ وضعها في كيسٍ خفيٍ و أخذها..

جونغكوك فهمَ ذلكَ لذا سبقهُ و ادعى أنهُ لا يعلم ، و تايهيونغ أدركَ عندما وجدها كما هيَ أنَّ جونغكوك لم ينسها بل تركها لهُ عمدًا..

و هذا أعادهُ لخجلهِ و حمرةِ خديه ، لا يستطيعُ اقناعَ نفسهِ أكثرَ من ذلكَ أنهُ لا يريدها لأنهُ يفعل !، و لا بأسَ إنْ نسيَ سخطهُ مرةً على جونغكوك بسببها ، لأنَّ هذا لا يعني تقدمَ العلاقةِ أو إعطاءهُ فرصة..

هكذا فكر ، فصل الأمرانِ عن بعضهما تمامًا..

جونغكوك هذا اليوم علمَ أنهُ لمْ يفشلْ في اتخاذِ مبدأِ جذبِ الحبِّ بالحبِّ وسليتهُ للتقربِ من المضيفِ الوسيمِ الجافِ و الخشنِ التعامل..

بلْ استطاعَ بلوغَ إلى أينَ يصلُ بالمكابرةِ وفهمَ ايدولوجيةِ عقله..

و هذا تطورٌ يريده..

أما بالنسبةِ لتايهيونغ قد كانَ يفكر ، هل جونغكوك سيستمرُّ حقًا بالصمودِ على جميعِ رداتِ فعلهِ و تقلباته؟ ، هل سيبقى يحبهُ هكذا دونَ نهايةٍ و يتغاضى عن كلِّ جرحٍ بالكلامِ يقدمهُ له؟! ، هل لنْ ينتهيا من هذا الأمر؟!..

لا يعرفُ تايهيونغ الأجوبةَ الصحيحةَ و المؤكدةَ لأسئلتهِ لكنهُ يفطنُ تمامًا أنهُ رسمَ ابتسامةً على شفاههِ من أجلِ علبةِ الفطائرِ التي أحضرها له..

كانتْ و كأنها البداية..

.

.

.

_________________________________________

'3811كلمة'

الشروط : ملغية❤️..

كم لبثنا شباب ؟ ، كيفكم؟😭..
الأعذار ما بتحل الفراغ و فترة الغيبة إلي طولت ، و لكن اختصارًا كان عندي مشاكل و فقدان شغف و سويت عملية نظر و دراسة وووو..

أهم شي رجعت و أهم شي قرينا بارت جديد ، إن شاء الله هذا الخميس يكون في تحديث كمان..

أي تعليق؟ ، سردي ؟، سؤال؟، أرائكم؟..

و بس دمتم بخير💛..

Continue Reading

You'll Also Like

3.7M 55.5K 66
تتشابك أقدارنا ... سواء قبلنا بها أم رفضناها .. فهي حق وعلينا التسليم ‏هل أسلمك حصوني وقلاعي وأنت من فرضت عليا الخضوع والإذلال فلتكن حر...
252K 22K 11
في عالمٍ يملأهُ الزيف غيمةً صحراويةً حُبلى تلدُ رويدًا رويدًا و على قلقٍ تحتَ قمرٍ دمويْ ، ذئبا بشريًا ضخم قيلَ أنهُ سَيُحيى ملعونًا يفترسُ كلُ منْ ح...
244K 7.3K 28
مالك اكبر مصنع سيارات وصاحب اكبر شركه استيراد قطع غيار يقع فى حب السكرتيرة
1.5M 106K 78
هي عنيدة، متمردة، تُحب الظهور بشكل لائق يسر الناظرين، بشكل متبرج.. ! لاتعرف شيئـًا عن الله أو الإسلام، كل ماتعلمه هو أنها مسلمة فقط ! تحب نفسها جد...