نـيـران الـغـجـريـة

By FATOM7TR

132K 5.5K 335

تتقاطع طرقهما و تتصادف الأقدار لتجمعهما معا .... في ظروف غامضة و خارجة عن المألوف .. بين طرفين معاكسين لبعضهم... More

المقدمة
الشخصيات
إقتباس 1
إقتباس من الفصل الأول
الفصل الأول : على نسق الإيقاع.
الفصل الثاني : جرح من الماضي.
الفصل الثالث : عصيان لأول مرة !
الفصل الرابع : تمرد يخبو بسرعة.
الفصل الخامس و السادس
الفصل السابع : تعلق الروح.
إقتباس من الفصل الثامن
الفصل الثامن : أوبال.
الفصل التاسع : الخطر
الفصل التاسع جزء 2
الفصل العاشر : تهجم.
الفصل الحادي عشر : هوس قاتل.
الفصل الثاني عشر : إعترافات.
الفصل الثالث عشر : خيار واحد فقط.
الفصل الرابع عشر : إهتمام
الفصل الخامس عشر : لم يكن في الحسبان.
الفصل السادس عشر : قسوة.
الفصل السابع عشر : نوبة أشد
الفصل الثامن عشر : تقارب بدافع الهلوسة.
الفصل التاسع عشر : نزاع للعيش.
الفصل العشرون : غربة قلب
الفصل الواحد و العشرون : شائبة من الماضي
الفصل الثاني و العشرون : اليوم الموعود.
الفصل الثالث و العشرون : نيران الغجرية.
الفصل الرابع و العشرون : الوجه الجديد.
الفصل الخامس و العشرون : دمار شامل.
الفصل السادس و العشرون : التحدي
الفصل السابع والعشرون : صفقة للحفاظ على السر
الفصل الثامن و العشرون : حادثة إنتحار
الفصل التاسع و العشرون : زوجة صديقي
الفصل الثلاثون : العدو المتخفي.
الفصل الواحد والثلاثون : غيرة ليست في محلها.
الفصل الثاني والثلاثون
الفصل الثالث والثلاثون : مساعدة زائفة.
تنويه
الفصل الرابع و الثلاثون : إعدام الهوية.
الفصل الخامس و الثلاثون : الحياة العملية.
الفصل السادس والثلاثون : لطف مزيف.
الفصل السابع والثلاثون : إختطاف قانوني.
الفصل الثامن والثلاثون : المواجهة.
الفصل التاسع و الثلاثون : حرب صامتة.
الفصل الاربعون : تعرية الروح.
الفصل الواحد و الأربعون : معرفة مسبقة.
الفصل الثاني والأربعون : مشاركة نفس القدر
الفصل الثالث و الأربعون ( الجزء الأول ) : القرار لكِ.
الفصل الثالث و الأربعون ( الجزء الثاني ) : خطوة جريئة.
الفصل الرابع و الأربعون : خيانة من صديق ؟
الفصل الخامس و الأربعون ( القسم الأول ) : مواجهة الماضي.
الفصل الخامس والأربعون ( القسم الثاني ) : أول درجة فوق الصفر.
الفصل السادس و الأربعون : شريك السفر.
الفصل 47
الفصل الثامن والاربعون : حقائق مؤلمة.
الفصل التاسع و الأربعون ( القسم الأول ) : عاشق.
الفصل التاسع و الاربعون ( القسم الثاني ) : ما بعد الصدمة.
الفصل الخمسون ( الجزء الأول ) : فتيلة النار.
الفصل الخمسون ( القسم الثاني ) : خبث بريء.
الفصل الواحد والخمسون : إنشطار القلب
الفصل الثاني والخمسون
الفصل الثاني والخمسون ( القسم الثاني ) : سُكون.
الفصل الثالث و الخمسون : لا ينفع
الفصل 54
الفصل الخامس والخمسون : المواجهة.
الفصل السادس والخمسون ( القسم الأول
الفصل السادس والخمسون ( القسم الثاني ) : بداية حل العقدة.
الفصل السابع والخمسون ( القسم الاول ) : خطوة بدون حساب
الفصل السابع والخمسون (القسم الثاني)
الفصل الثامن والخمسون : جذور ...
الفصل التاسع و الخمسون : مفتاح الحقيقة
الفصل الستون ( القسم الأول ) : على نار هادئة.
الفصل الستون ( القسم الثاني )
الفصل الواحد و الستون ( القسم الأول ) : أسفل زخات المطر.
الفصل الواحد و الستون ( القسم الثاني )
الفصل الثاني والستون : أنى للماضي أن ينسى.
الفصل الثالث والستون : بوصلة ذات إتجاه واحد
الــفــصــل الأخــيــر : مخاطرة بقدر العشق.
الخاتمة ( القسم الثاني ) : طريق العشق.

الـــخـــاتـــمـــة ( القسم الأول )

1.3K 55 1
By FATOM7TR

الـــخـــاتـــمـــة ( القسم الأول )
💖💖💖
" لو كُنتُ أملكُ أن أهديكِ عيناي لوضعتهما بين يديكِ، ولو أملك أن أهديكِ قلبي لنزعته من صدري إليكِ، ولو أملك أن أهديكِ عمري لوضعت أيّامي تحت قدميكِ "

كانت فصول السنة لا تختلف لأنها متشابهة بالنسبة إليه ، و الليل لا يفرق عن النهار بشيء ، حتى جاءت هي و أضافت لونا مبهجا لحياته الرمادية جاعلة قلبه يمر بعدة فصول اِرتكنت في النهاية على موسم الربيع الذي لم يكتفِ هذه المرة بنثر بهجته و زهوره في المحيط فقط بل أزهر قلبه و جعله يخفق حبا بدل النبضات ... و هي كانت ربيعه ! 
تنهد بمزاج رائق ناظرا للجمع من حوله في أضخم حفل أقيم هذه السنة على شرف زواج إبن رجل الأعمال عمار البحيري ، حيث تم حجز أكبر قاعة لإقامة الزفاف ذات طابع كلاسيكي رومانسي مستوحى من ديكورات إسبانية تطل على البحر و تتسع لألفي شخص بزينة و تنظيم فاخرين يليقان بفخامة العائلة ، و رغم أن مريم كانت تود زفافا بسيطا يكفي لإعلان علاقتهما إلا أنه لم يرضى بهذا معللا بأنها تستحق ماهو أكثر بكثير.

نظر عمار إلى ساعة يده مدققا في الوقت بعدما جاءت سعاد و أخبرته بوجوب حضور العروس الآن فهز رأسه بإيجاب و صعد على درجات السلم بحماس تدفق في عروقه و نبضات مجنونة كادت تقلع قلبه من مكانه ، ما يزال لحد الآن لا يستوعب حقيقة أن القدر جمع بينهما مجددا بعد كل ما حدث.
منذ سنة ونصف عند إقتحام الغجرية لحفل زفافه كان يظن بأن الروابط التي جمعت بينهما في يوم من الأيام قد اِنتهت حيث كانت هي متأججة بالحقد و الكره أما هو فكان في صراع بين شوقه و غضبه و هواجسه التي لا تنتهي إضافة لعدة حواجز تفصل بينهما حينها كان مجرد تفاهمها فقط يعتبر من سابع المستحيلات ولكن هاهو اليوم يرتدي طقمه الأسود و يصعد لغجريته التي أصرت على ألا يراها فستان الزفاف الخاص بها قبل أن يقام الحفل.

و حان تلك اللحظة ، و توقف العالم من حوله عندما توقفت قدماه عن المشي و رآها تطل عليه وهي تتأبط ذراع عمها من يمينها و خالتها تسير بجانبها من الناحية الأخرى أما هالة و ثريا ابنة خالتها كانتا تسيران خلفها بخطوات مسترسلة و ترمين عليها الورود التي تأسر العين من شدة بياضها كجزء من عادات الغجر.
و لكن عمار لم ينتبه للذين من حولها ، و كأن الأرض بلعت سكانها فلم يبقى سِواها ..
راحت ترفل في فستانها ناصع البياض الذي كان يضيق من الأعلى بتصميم راقٍ و مزين بحبات اللؤلؤ و يتسع من الأسفل بتنورة متعددة الطبقات بينما اِسترسل شعرها المموج الذي ازداد طولا رهيبا في السنة السابقة فعاد يغطي ضهرها و ينزل حتى كاد يتجاوز ركبتيها متوجة إياه بتاج أبيض مزين بأحجار صغيرة من الألماس شبيه بالعقد الذي وضعت على عنقها ...

تقدمت مريم نحوه بإبتسامة سخية و عاطفة دغدغت حواسها حتى لسعت عيناها بالدموع !
كانت هي الأخرى تعيش لحظات بالكاد تخيلتها في أحلامها ، هنا حيث تتواجد وسط عائلتها الصغيرة و تستعد لوضع يديها بيدي حبيبها الذي تشهد كل ذرة منها على عشقها له.
في يوم تمنته كثيرا و جو تحكمه السعادة و الصفاء بعيدا عن الكره و الغضب ، و الخيانة و الشك ...
وقفت أمامه فاِتضحت له زينتها أكثر و ابتسم عمار وهو يرى عيناها المحددتان بكحلها الثقيل و وجنتيها الموردتين مع أحمر شفاهها كانت تقابله بشكلها الذي أحبها عليه أول مرة كفتاة غجرية ترقص على أنغام رنين خلاخيلها و لكنه رغم ذلك شعر ببعض الإنزعاج حينما أدرك بأن جمالها هذا ملفت للنظر أكثر من الازم.

احتضنها عمها بروية و نظر إليه مردفا بنبرة متحشرجة :
- انا من قبل غلطت و سلمتهالك بطريقة مبتليقش بمعزتها عندي بس دلوقتي لازم تعرف أنها أغلى انسانة ليا علشان كده خد بالك منها و عاملها بما يرضي الله.

اِدمعت عينا مريم و طالعته بتأثر وهي تتذكر كيف انهار باكيا عند ظهورها بعد اختفائها لمدة طويلة و ترجاها لكي تعود إليه قاطعا لها وعده بأنه سيعتني بها هذه المرة ولن يسمح لأحد بأذيتها خاصة حينما سمع عن طريق الصدفة زوجته وهي توبخ إبنهما عثمان و تخبره بأن مريم عادت و تسببت بفضيحة لزوجها ولا شك في أنها ستفعل نفس الشيء له و تخبر الجميع بأنه كان يتحرش بها ،  لقد طرد إبنه من شقته التي بناها له بالأموال التي قدمها عمار كمهر لزواجه بمريم و كان سيطلق زوجته إلا أنها هي الأخيرة طلبت منه ألا يفعل ذلك فعثمان لقي جزاءه بالفعل بعدما تعرض لحادث تسبب في شلل ذراعه و طرده من عمله أما والدته لا ذنب لها بما اقترفه طفلها و أي أم مكانها كانت ستخفي هذه الحقيقة ...

احتضنته مجددا و عانقت خالتها و ثريا ثم سلمت مقاليدها إلى عمار الذي ضم وجهها بين يديه طابعا قبلة عميقة على جبينها فتعالت التصفيقات بحرارة و همس هو بحرارة :
- أخيرا جه اليوم اللي استنيناه يا مريم ... انا مش عارف ازاي اوصفك مفيش كلمة قادرة تديلك حق جمالك ده بس اللي عايز اقوله انك أحلى و أجمل واحدة في الكون ... والوحيدة اللي خلتني مجنون بحبها.

ارتعشت مريم من جمال حروفه و لمعة عينيه التي تعبر عن صدقه التام في ما يقوله فتنهدت بلوعة و أجابته بهمس مماثل :
- و أنت أفضل حاجة حصلتلي في حياتي يا عمار انا بحمد ربنا مليون مرة لأنه خلاك من نصيبي بوعدك اني ابقى قد مشاعرك ديه و هعوضك ع كل اللي عشته سواء بسببي او لأ.

- وجودك معايا بفستانك الأبيض هو اكبر تعويض ليا ع اللي شوفته فحياتي يا مريم.
قبل عمار يدها بحب خالص ثم سار معها ينزل الى الطابق السفلي وسط التصفيقات و الموسيقى ، كانت الأجواء مليئة بالسعادة التي وجدت لنفسها مكانا كبيرا في وجوه أفراد عائلتيهما حتى والديه كانا مبتسمان لأن إبنهما حصل على فرحته أخيرا وقد أدرك رأفت بأنه لا داعي لأن يمشي طفله على طريقه من أجل أن ينجح في حياته و اِختلاف الطبقات الاجتماعية يُطمس عندما يكون الحب هو الغالب !

وصلا إلى المنصة فحضر واحد من طاقم المشرفين على تحضيرات الزفاف وهو يجر طاولة صغيرة مزينة بطريقة راقية و فوقها علبتان صغيرتان ، وقف بجانبهما فاِلتقطت مريم علبة القطيفة الحمراء و أخرجت منه الخاتم الذي اختارته بعناية مطلقة ثم ألبسته إياه برضا أنثوي لأنها وضعت في بنصره الأيسر ما يدل على أنه ملكها.
اِبتسم عمار و التقط العلبة الأخرى بينما يتمتم :
- فكرت كتير اجبلك ايه و لفيت على كل المحلات بس مقدرتش اخد قراري النهائي غير امبارح.

ابتسمت بفرحة اختلجتها بعض الحسرة التي اختفت سريعا عندما رأته يخرج خاتم الأوبال الذي وضعه في يدها قبل سنوات و رمته هي يوم أعلنت كرهها له ، شهقت بصدمة و طالعته بعينان متأثرتان و نفس متقطع :
- معقول انت لسه محتفظ بيه ؟ انا افتكرتك خلصت منه و زعلت لان قيمته بالنسبالي أغلى من الماس.

- انا عمري ما اتخليت عنه لانه كان رمز علاقتنا مع بعض مهما كانت طبيعتها و لأن الأوبال ده شبهك ... هو بيجمع اكتر من لون فجوهرة واحدة و انتي بتجمعي اكتر من صفة في شخصية واحدة و فكل حالاتك بتطلعي حلوة.
وضعه عمار في أصبعها البنصر بعدما أنهى كلماته فبدأ حجر الأوبال يطلق ألوانه إثر إنعكاس ضوء القاعة عليه لتضحك مريم بإنبهار و تطالع حبيبها بعينان لو نطقتا لسمع الجميع غزلا تنهار القلوب له.
بدأ الحفل الضخم و استقبل عمار و مريم التهاني من كل صوب حتى حان دور ندى فتقدمت مع يوسف الذي عانق صديقه بحفاوة أما هي فوقفت أمامهما متمتمة بتحفظ :
- congratulations ... بتمنالكم حياة سعيدة مع بعض.

أعطتها عقدا من الألماس كهدية الزفاف و ابتسمت عندما لاحظت أن الكاميرات مركزة عليهم فهي لا تريد خروج إشاعات تافهة عن كون ندى البحيري مستاءة من زواج خطيبها السابق ، صحيح أنها تفاجأت عندما أعلن عمار عن أنه سيقيم حفل زواج متأخر لكي يعلن علاقته بمريم رسميا لكن حدث هذا لأنهما تصالحا رغم ما حدث بينهما يعني حبهما تغلب على كل شيء و عاد مجددا.
حسنا على الأقل هذا يخفف تأنيب ضميرها ناحية مريم التي خسرت طفلها بسبب والدها عادل ، فبعد التفكير مليا وجدت أن ما فعلته مريم في عائلة البحيري قليل ولو كانت هي مكانها لفعلت أشياء أسوء من إفساد زواجها و فضح عائلتها.

أخذت مريم العلبة منها بإبتسامة دبلوماسية شابها بعض الحرج من الموقف برمته ثم تنحنحت بخفة هامسة :
- متشكرة اوي تعبتي نفسك ... ندى.

نادتها فجأة بعد صمت دام ثوان فإسترعت إنتباه الأخرى لتردف مريم بجدية :
- اليوم ده أحلى يوم بالنسبالي النهارده أنا هبدأ حياة جديدة مع الراجل اللي بحبه ومستعدة أضحي بعمري عشانه بس مش عايزة ابدا فيها و في غلطات من الماضي لسه بتلاحقني علشان كده انا ... انا بعتذر منك لتاني مرة صدقيني مكنش هدفي اؤذيكي بس هي جت كده مكنش عندي طريقة تانية.

كان إعتذارها بدون سابق إنذار فإندهشت ندى ووقفت بحيرة دارتها بثباتها المزعوم و حاولت إختيار كلماتها بعناية ثم نطقت أخيرا قائلة :
- اللي عملتيه غلط فعلا مكنش ينفع تدوسي عليا عشان تنتقمي من غيري.

ضغطت مريم على العلبة التي في يدها بشدة و تململت بإضطراب فنظرت الأخرى ليوسف و عمار وقد تعمدا الوقوف بعيدا عنهما لكب تكون لهما فرصة للتحدث ، ثم نظرت اليها و اِستطردت متابعة :
- بس اللي عملتيه كان سبب في اني اكبر و اشوف الأمور بنظرة تانية عرفت مين اللي يحبني بجد و مين اللي بيتخلى عني في اكتر وقت انا محتاجتله فيه و اتعلمت ازاي اقف على رجليا و مشحتش الحب من حد لأني إنسانة بتستاهل واحد يحبها هي لنفسها مش لانها طلبت منه يعمل كده.
و كمان ...  عرفت اللي حصلك بسبب بابا انتي خسرتي ابنك و كنتي هتموتي فكرهك لينا كان منطقي بالنسبالك علشان كده انا بعتذر منك و بتمنى ربنا يعوضك.

اِحتكمتها غصة مؤلمة في قلبها فجأة و ظهر الشرخ العميق في عينيها عند ذِكر ذلك الموضوع لكنها تمالكت نفسها و ابتسمت لها هامسة :
- ده مش غلطك انتي ملكيش ذنب في اللي حصل.

هزت رأسها بشكر و غادرت مع يوسف بعدما هنأهما فاِقترب عمار من مريم وحاوط خصرها مغمغما :
- مكنش في داعي تعتذري يا مريم انا كنت مستعد اعتذر منها نيابة عنك.

تنهدت مجيبة إياه ببساطة :
- مكنتش هرتاح غير بالطريقة ديه مش هكدب ع نفسي و اقول اني مغلطتش فحقها واني كنت موجوعة علشان كده انتقمت منها لأ الحقيقة اني غلطت ولو كنت مكانها صدقني كنت هدمر.

داعب وجنتها بلطافة وقبلها ثم رفع رأسه و ابتسم عند رؤيته لريماس قادمة نحوهما بفستانها الطويل الذي كان لونه شبيها بعينيها الخضراوتين ، وقفت أمامها و احتضنت مريم متمتمة :
- الف مبروك بتمنالكم حياة سعيدة.

عانقتها الأخرى بفرحة مدمدمة بكلمات الشكر ليقول عمار بضيق :
- والله شرفتينا أخيرا ليه جاية بدري كده كنتي اتأخري اكتر.

فهمت ريماس أنه يعاتبها على تأخيرها فضحكت بخفة مجيبة وهي تصافحه :
- كان عندي شغل والله مقدرتش الغي كل مواعيدي بس اهو جيت مبروك يا عمار صدقني انا مش عارفة اوصف مدى فرحتي لاني شايفاك مبسوط مع البنت اللي بتحبها.

ضغط على يدها بخفة و التمعت عيناه بإمتنان صادق :
- الفضل الكبير ليكي يا ريماس لولاكي محدش مننا كان هيعرف يتقدم بخطوة واحدة ... انتي صديقة طفولتي و دكتورتي و البنت اللي خلتني اعرف اعيش ومهما مدحتك مش هقدر انصفك.
- ديه شهادة بعتز بيها بس متنساش ان لولا قوتك و محاولاتك عشان تتحسن مكناش هننجح.

ردت عليه بلطافتها المعتادة و يبادلها هو بإبتسامته حتى لاحظ تجهم مريم فتنحنح و أفلت يدها طالبا من المساعدين أخذها إلى الطاولة المحجوزة لها هي بالذات و الإهتمام بها خصيصا فهنأتهم ريماس مجددا و ذهبت للطاولة ثم وقفت تطالعهم بحبور و تأثر.
لقد قابلت في حياتها العملية كثيرا من أمثال عمار الذين يعيشون إضطرابات تمنعهم من متابعة حياتهم بشكل طبيعي لكن كان هو بالذات مميزا عنهم جميعا.

ربما لأنها تعرفه من طفولته وكانت ترى مدى وحدته عندما يجلس في مكتبة المدرسة و يبدأ بقراءة كتاب تلوَ الآخر كي يمر الوقت عليه دون ملل ، أو ربما لأنها شاهدة على عشقه الكبير لمريم وكيف قاوم من أجلها.
لا تنكر ريماس بأنها في فترة ما تولد بداخلها الشعور بالاعجاب إتجاه عمار فهي أحبت حبه لزوجته و تمنت لو تجد شخصا مثله في حياتها لذلك كانت تفقد سيطرتها على مشاعرها أحيانا و تغوص في تأمله و التفكير به لكنها استطاعت إستجماع نفسها سريعا و ذكرتها بأنها طبيبة وهو مريضها و هذه ليس أول مرة تعالج شخصا لا يردد سوى إسم معشوقته على لسانه.

تنهدت ريماس بسلام بدّده ظهور رجل من العدم فأجفلت لوهلة ليبتسم هو مغمغما :
- انا شايف الكل متجمع ومبسوط حتى العريس الصنم قاعد بيضحك اهو بس مش فاهم ليه حضرة البرنسيسه قاعدة لوحدها كده.

رفعت ريماس حاجبها بتعجب :
- بتكلمني انا ؟

قضب وجهه و دار بعينيه في المكان قبل أن ينظر إليها بهمس مدعيا الاِستغراب :
- هو في واحدة غيرك جميلة زي الأميرات قاعدة معانا طبعا بكلمك انتي بس اذا بتقولي انك بضايقك بوجودي و عايزاني امشي هحترم رغبتك ... و افضل قاعد اتغزل بيكي لحد ما البرينسيس ترضى تكلم الفقير الغلبان اللي مستني نظرة واحدة منها.

نجح في سرقة ضحكة خفيفة منها وهي تعيد خصلة من شعرها الى الخلف ثم هتفت :
- ع كده انت قولت الكلام ده لكام واحدة قبلي يا ...

رد عليها سريعا وهو يمد يده لها :
- وائل ... انا من طرف العريس صاحب عمار المقرب يعني.

تذكرت ريماس على الفور حديث عمار عن صديقه المحقق وائل الذي كان يساعده في تفاصيل القضية و رجحت أنه نفس الشخص فإبتسمت و مدت يدها هي أيضا ليقبلها الآخر بنُبل بينما تردد :
- وانا ريماس صديقة عمار بردو.

- لا خلاص سحبت كلامي ده لا هو صاحبي ولا بعرفه ازاي يستخسر يعرفني على واحدة بجمالك ايه الصداقة الوحشة ديه.
قالها وائل بمزاح لترفع حاجبها :
- مش شايف انك جريء زيادة عن اللزوم و ممكن تقع في خطر لو فضلت تتعامل بالطريقة ديه.

أجابها بثقته المعتادة :
- شغلي كمحقق علمني ابقى جريء وخلاني بحب الخطر خاصة لو في اخره ست زيك بعيون خضرا و ابتسامة حلوة انتي بتأسري القلوب صدقيني.

- و عايز ايه بقى من دكتورة بسيطة زيي يا سيادة المحقق.
تمتمت  ريماسبتثاقل وقد بدأ يلفت إنتباهها فنظر وائل للمتجمعين على حلبة الرقص و قال بنبرة رجولية هادئة :
- رقصة مش هتاخد من وقتك خمس دقايق ... بس هتديني لحظات كفاية تعيشني مبسوط خمس سنين لقدام.

*** التفت اليها وطالعها مبتسما على عبوسها :
- مش هتبطلي غيرتك ديه يا غجرية ماانتي عارفة ان ريماس مجرد صديقة و ساعدتنا احنا الاتنين علشان نبقى مع بعض.

مطت شفتها بضيق مفسرة :
- والله انا مش بنكر مساعدتها وبحبها كمان بس يعني بغير شويا لما افتكر انك كنت بتخبي هويتها عني و بتكلمها دايما ولما بسألك بتقولي انها زميلة في الشغل وكمان يوم لما شفتك واقف وبتحضنها انا مش هقدر انسى كنت عاملة ازاي يومها.

ثم تذكرت شيئا ما فإستطردت بوجوم :
- وبعدين ايه لازمة مسكة الايد و الكلام الحلو ده انتي صديقة طفولتي ومهما مدحتك مش هقدر أنصفك.
- الله ده انتي بتغيري اوي يعني.
- لأ طبعا.

ضحك عمار بمزاج رائق وهو يرى عبوس الأطفال خاصتها لقد كانت تموت من الغيرة حرفيا مع أنه توقف عن التعامل مع النساء بأريحية أو معانقتهن كما كان يفعل في السابق ولكن يبدو أن مريم متملكة أكثر منه ، نظر للحضور و شاهد والده و السيدة سعاد مع صديقيه يوسف ووليد كل منهم يراقص زوجته ثم لمح وائل الذي اِستطاع جعل ريماس توافق على الرقص معه بعدما كادت عيناه تخرجان من مكانهما عند رؤيتها تدخل للقاعة.
فتنهد و مد يده منحنيا بعض الشيء مغمغما :
- تسمحيلي بالرقصة ديه يا بنت الغجر.

إبتسمت مريم بجذل وقد نست إنزعاجها فوضع يدا أسفل ظهرها يخاصرها بخفة كما لو كان يُطوِّق فراشة ، و مضى معها نحو حلبة الرقص لتحط بيدها على كتفه و تبدأ بالتمايل معه على أنغام الموسيقى الهادئة.
كانا عاشقان يرقصان في قاعة تتضاعف فيها خطاهما بعدد مراياها فيزدحم بهما الحب و الشغف نشوة ولو كان الزمن يتوقف لَقَبَضت على هذه اللحظات الباهرة في بذخها ، هي لا تريد إمتلاك المكان بل إمتلاكه هو بالكامل ، إذا كان الغرق قدرها فلا مانع إن غرقت في تأمل عينيه الزيتونيتين المشعتان حبا و إن كُتب عليها ألم العشق فستتقبله بصدر رحب !

أدارها عمار مرتين و عاد يجذبها اليه ويرقص على الإيقاع بخبرة جاعلا مريم مثل الفراشة التي تحوم في كل مكان مخلفة أثرا لا ينسى ، ثم أسند جبينه على خاصتها مرددا ببحة رجولية متثاقلة :
- أنا بحبك لدرجة اني مستعد أموت علشانك ممكن تحسي ان حبي معقد و متملك و هيبقى صعب عليكي تواجهيه لو كان اسمه هوس ف أيوة أنا مهووس بيكي يا مريم ومش هسمحلك تتنفسي فمكان انا مش موجود فيه.

- انا عندي القدرة أواجه كل حاجة مادامك معايا.
ردت عليه سريعا بثقة منقطعة النظير فقبَّل وجنتها لتنتهِ فقرة الرقص و يمُرّا على فقرات أخرى ضمن حفل الزفاف حتى وصلت اللحظة المنتظرة التي تتجمع فيها الفتيات العازبات كي تلقي عليهن العروسة باقة الورد ، دخلت ابنة خالتها ثريا بجسدها الصغير وسطهن و صاحت بحماس :
- انا هنا يا مريم ارميهالي.

صفر وليد بإنبهار و تحرك كي يذهب فأمسكته هالة متعجبة :
- انت رايح فين ؟
- هقرب عشان اشوف عروسة ااا اقصد علشان اعرف مين اللي هتتجوز من بعد مريم.

تجهمت تقاسيم وجهها فوكزت ذراعه متمتمة بحدة :
- وانا هجي معاك عشان اشوف عريس ااا اقصد عشان اشوف مين اللي هيتجوز من بعد عمار.

ضحك يوسف عليهما بخفة و نظر الى ندى التي كانت تبدو سعيدة حقا بأجواء الزفاف لولا أن أمها فريال عكرت جمال اللحظة بهمسها :
- يا بجاحتهم فرحانين بحبهم بعد كل اللي عملوه فينا وانتي نسيتي كل حاجة و سامحتيهم.

تنهدت ندى بيأس و أجابتها :
- مامي انا قررت انسى الماضي و اعيش مع الراجل اللي بحبه ومش مهتمة بمين اللي اتجوز و مين اللي اتطلق انا مرتاحة مع يوسف ومليش دعوة بغيره هو حضرتك مش عايزاني ابقى مبسوطة مع جوزي.

ردت عليها فريال بلهفة :
- لا طبعا انا امنيتي الوحيدة اني اشوفك انتي واختك مرتاحين ده انتو اللي طلعت بيكم من الدنياا يا حبيبتي.

إبتسمت ندى متمتمة :
- تمام يبقى ننسى اللي فات وانا لسه عند طلبي انك تسافري معانا بعد يوسف ما يخلص travel procedures.
- مبقدرش اسيب بيتي و بلدي يابنتي ده صعب عليا اوي.
- مش هنسيبهم هنبقى ننزل كل فترة حضرتك عارفة شغل يوسف محتاج منه يسافر وانا لازم ابقى معاه ومش هعرف اسيبك هنا لوحدك.

زفرت فريال بحيرة ثم طلبت منها وقتا للتفكير لتوافق الأخرى على أمل أن توافق والدتها و يتركا القصر الذي لم يجلب لهما سوى المشاكل و الطمع ، ثم نظرت ليوسف الذي كان يستمع لحديثهما برضا و قبل وجنتها معربا عن فخره بها :
- I'm proud of you ... و بحبك اوي.
- وانا بعشقك.

في تلك الأثناء كانت مريم تستعد لإلقاء باقة الورود بحماس تحت هتافاتهن حتى رمتها ووقعت على آخر فتاة توقعتها ... ريماس !
رفع عمار حاجباه بدهشة بينما صفر وائل متخليا عن هيبته المعتادة لتضحك الأخرى بغير تصديق مقلبة الباقة بين يديها فهي كانت تقف في موقع بعيد عن الفتيات عمدا :
- وقعت عليا منين ديه.

ردد وائل بمزاج رائق :
- هعتبرها إشارة ممكن يحصل فرح تاني قريبا.

من الناحية الأخرى زفرت ثريا بحنق وذهبت إلى مريم تختال بشعرها الغجري الطويل و تهتف :
- انا كنت واقفة من الناحية ديه غلطتي ومشوفتنيش ازاي.

ضحكت مريم تراضيها فإقتربت منهما خالتها ممسكة إياها بغيظ :
- انتي هتموتي نفسك عشان الورد ليه يابت عاوزة تتجوزي.
- ااه لا خالص بس كان نفسي اخد صورة وانا شايلاها.
- طيب تعالي ياختي مرات اخوكي قاعدة لوحدها هناك.

سحبتها معها و ظل العريسان يستقبلان التهاني و يلتقطان الصور حتى جاء أصدقاء عمار و طلبوا منه أن ينضم إلى الرقصة التي ستقام على شرفه الآن امتنع في البداية مبررا بأنه لا يحبذ الجو الصاخب لكن عندما لاحظ أن زوجته متحمسة وافق على مضص و دخل في الدائرة التي شكلها الرجال و انخرط معهم في الرقص ليرفعه يوسف و وليد عاليا و يطلقا الصفير هاتفان بإسمه أما مريم فكانت تقف بجانب هالة و زميلاتها تتابعه وتصفق بعفوية حقيقية ...
راقبهم رأفت بصمت و تأمل ملامح عمار السعيدة فلم يستطع منع عيناه من إظهار دموع التأثر غير أنه تمالك نفسه سريعا شاكرا ربه لأنه منحه الفرصة لكي يتدارك اخطاءه و يتصالح مع إبنه ، اقتربت منه سعاد ووضعت يدها على كتفه مهمهمة بهدوئها المعتاد :
- مفيش داعي تفكر في الماضي وتندم عليه كل مرة يا رأفت الحمد لله كل حاجة اتصلحت و ابننا فرحان مع البنت اللي بيحبها.

هز رأسه موافقا إياها و قال بحب خالص و إحترام :
- لولا وقفتك جنبي في الاوقات الصعبة مكنتش هقدر استحمل كل المشاكل اللي عدت علينا انتي نعمة ليا و لعمار يا سعاد مهما شكرتك هيفضل قليل في حقك.
- انا مش محتاجة شكر منك يا رأفت لأني مش غريبة عنكم كل اللي نفسي فيه هو انكو تفضلو مبسوطين ومرتاحين.

قبل رأفت يدها بحب و ضمها من كتفها ليلمحا عمار قادم ناحيتهما و يمسكهما :
- انتو واقفين لوحدكم هنا ليه احنا هناخد صورة عائلية يلا.

و كانت أول صورة تجمعهما كأسرة منذ سنوات طويلة !

💖💖💖
رايكم في الخاتمة 🥰
انتظروا القسم الثاني منها قريبا

Continue Reading

You'll Also Like

1M 40K 50
تقدمت عليه واني احس الخوف والرعب احتل كل جسدي وقلبي أحسه توقف واني اشوفه جالس گدامي مثني رجله وخال عليه ايده والايد الثاني ماسك رأسه متوجع قربت عليه...
1.2M 90.5K 62
تم تغير اسم الرواية من مجنوني الأنباري الى سجين الحب من بين الناس جميعاً، وفي شدة العتمه التي كانت في قلبي عندما غَدُرتُ من الحبيبه والصديق، ولم اعُد...
48.8K 3.5K 21
ثم مسحت دموعها وقالت انا حواء الذي شهد القرأن على كيدها فـ والله لأبكينك دماً ياأبن ادم....